اللباب
في شرح الكتاب كتاب الحوالة.
- الحوالة جائزةٌ بالديون، وتصح برضا المحيل والمحتال له والمحال عليه وإذا
تمت الحوالة برئ المحيل من الدين،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصدر الشريعة وأبو الفضل الموصلي وغيرهم. اهـ. قيد بكونه لم يترك شيئاً
لأنه لو ترك ما يفي ببعض الدين صح بقدره كما في ابن ملك.
كتاب الحوالة
مناسبتها للكفالة من حيث إن كلا منهما التزام بما على الأصيل، ويستعمل كل
منهما موضع الآخر، كما مر.
(الحوالة) لغة: النقل، وشرعاً: نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال
عليه.
وهي (جائزة بالديون) دون الأعيان؛ لأنها تنبئ عن النقل، والتحويل في الدين
لا في العين. هداية (وتصح) الحوالة (برضا المحيل) وهو المديون؛ لأن ذوي
المروءات قد يستنكفون عن تحمل ما عليهم من الدين (والمحتال له) وهو الدائن؛
لأن فيه انتقال حقه إلى ذمة أخرى، والذمم متفاوتة (والمحال عليه) وهو من
يقبل الحوالة؛ لأن فيها إلزام الدين، ولا إلزام بلا التزام. ولا خلاف إلا
في الأول، قال في الزيادات: الحوالة تصح بلا رضا المحيل؛ لأن التزام الدين
من المحتال عليه تصرف في حق نفسه، والمحيل لا يتضرر، بل فيه منفعة؛ لأن
المحتال عليه لا يرجع إذا لم يكن بأمره. درر.
(وإذا تمت الحوالة) باستيفاء ما ذكر (برئ المحيل من الدين) على المختار
وقال زفر: لا يبرأ، اعتباراً بالكفالة؛ لأن كل واحد منهما عقد توثق،
ولأئمتنا أن الحوالة للنقل لغةً، والدين متى انتقل من الذمة لا يبقى فيها،
بخلاف الكفالة فإنها للضم، والأحكام الشرعية وفاق المعاني اللغوية؛ والتوثق
باختيار الأملأ
(2/160)
ولم يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوى
حقه، والتوى عند أبي حنيفة حد أمرين: إما أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة
عليه، أو يموت مفلساً. وقال أبو يوسف ومحمدٌ: هذان ووجهٌ ثالثٌ، وهو أن
يحكم الحاكم بإفلاسه في حال حياته،
وإذا طالب المحال عليه المحيل بمثل مال الحوالة فقال المحيل "أحلت بدين لي
عليك" لم يقبل قوله، وكان عليه مثل الدين، وإن طالب المحيل المحتال بما
أحاله به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأحسن قضاء (ولم يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوى) بالقصر - يهلك
(حقه) ؛ لأن براءته مقيدة بسلامة حقه؛ إذ هو المقصود (والتوى عند أبي حنيفة
أحد أمرين) فقط: (إما أن يجحد) المحال عليه (الحوالة ويحلف) على ذلك (ولا
بينة) للمحتال ولا للمحيل لإثباتها (عليه، أو) بأن (يموت مفلساً) ؛ لأن
العجز عن الوصول إلى حقه يتحقق بكل منهما، وهو التوى حقيقة (وقالا: هذان)
الأمران (ووجه ثالث، وهو: أن يحكم الحاكم بإفلاسه حال حياته) لعجزه عن
الأخذ منه وقطعه عن ملازمته، ولأبي حنيفة أن الدين ثابت في ذمته، وتعذر
الاستيفاء لا يوجب الرجوع، كما لو تعذر بغيبته، بخلاف موته؛ لخراب الذمة
قال في التصحيح: ومشى على قوله النسفي ورجح دليله. اهـ. قال شيخنا: وظاهر
كلامهم متوناً وشروحاً تصحيح قول الإمام، ولم أر من صحح قولهما. اهـ.
(وإذا طالب المحال عليه المحيل بمثل مال الحوالة) الذي أحال به عليه ودفعه
إلى المحتال (فقال المحيل) : إنما (أحلت بدين) كان (لي عليك؛ لم يقبل قوله)
: أي قول المحيل في دعوى الدين السابق (وكان عليه مثل الدين) الذي كان أحال
به؛ لأن سبب الرجوع قد تحقق - وهو قضاء دينه بأمره - والحوالة ليست بإقرار
بالدين نصحتها بدونه، غير أن المحيل يدعي عليه ديناً وهو منكر، والقول قول
المنكر (وإن طالب المحيل المحتال بما) كان (أحاله به) مدعياً وكالته بقبضه
(2/161)
فقال: إنما أحلتك لتقبضه لي، وقال المحتال: بل أحلتني بدين لي عليك، فالقول
قول المحيل.
ويكره السفاتج، وهو: قرضٌ استفاد به المقرض أمن خطر الطريق. |