اللباب في شرح الكتاب

كتاب الغصب.
- ومن غصب شيئاً مما له مثلٌ فهلك في يده فعليه ضمان مثله، وإن كان مما لا مثل له فعليه قيمته يوم الغصب، وعلى الغاصب رد العين المغصوبة؛ فإن ادعى هلاكها حبسه الحاكم حتى يعلم أنها لو كانت باقية لأظهرها، ثم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الغصب
مناسبته للوقف من حيث إن في كل منهما رفع يد المالك وحبس الملك، إلا أن الأول شرعي فقدم، والثاني غير شرعي فأخر.
وهو لغة: أخذ الشيء من الغير على سبيل التغلب، وشرعا: أخذ مال متقوم محترم بغير إذا المالك على وجه يزيل يده، حتى كان استخدام العبد وحمل الدابة غصباً، دون الجلوس على البساط، هداية.
(ومن عصب شيئاً مما له مثل فهلك في يده فعليه ضمان مثله) ؛ لما فيه من مراعاة الصورة بالجنس والمعنى بالمالية؛ فكان أدفع للضرر، وإن انقطع المثل بأن لا يوجد في السوق الذي يباع فيه فعليه قيمته: يوم الخصومة عند الإمام، ويوم الغصب عند أبي يوسف، ويوم الانقطاع عند محمد، والأصح قول الإمام، لأن النقل لا يثبت بمجرد الانقطاع، ولذا لو صبر إلى أن يوجد جنسه له ذلك، وإنما ينتقل بقضاء القاضي فتعتبر قيمته حينئذ (وإن كان) المغصوب (مما لا مثل له فعليه قيمته) يوم الغصب اتفاقا لأنه لما تعذر مراعاة الصورة بتفاوت الآحاد وجب مراعاة المعنى فقط - وهو المالية - دفعاً للضرر بقدر الإمكان، والمثلى المخلوط بخلاف جنسه كبر مخلوط بشعير قيمي لأنه لا مثل له (و) الواجب (على الغاصب رد العين المغصوبة) في مكان غصبها ما دامت قائمة، سواء كانت مثلية أو قيمية (فإن ادعى) الغاصب (هلاكها) أي العين المغصوبة لم يصدق بمجرد قوله، بل (حبسه الحاكم حتى يعلم) صدقه ويغلب على ظنه (أنها لو كانت باقية) عنده لكان (أظهرها) مبالغة في الاحتيال إلى إيصال الحق إلى المستحق (ثم) بعد

(2/188)


قضى عليه ببدلها.
والغصب فيما ينقل ويحول، وإذا غصب عقاراً فهلك في يده لم يضمنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمدٌ: يضمنه،
ومن نقص منه بفعله كهدمه وسكناه ضمنه في قولهم جميعاً.
وإذا هلك المغصوب في يد الغاصب بفعله أو بغير فعله فعليه ضمانه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك (قضى عليه ببدلها) من مثل أو قيمة؛ لتعذر رد العين.
(والغصب) إنما يتحقق (فيما ينقل ويحول) ؛ لأن الغصب إنما يتحقق فيه دون غيره؛ لأن إزالة اليد بالنقل (وإذا غصب عقاراً فهلك في يده) بآفة سماوية كغلبة سيلٍ (لم يضمنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف) ؛ لعدم تحقق الغصب بإزالة اليد؛ لأن العقار في محله بلا نقل، والتبعيد للمالك عنه فعل فيه لا في العقار؛ فكان كما إذا بعد المالك عن المواشي (وقال محمد: يضمنه) ؛ لتحقق إثبات اليد، ومن ضرورته زوال يد المالك؛ لاستحالة اجتماع اليدين على محل واحد في حالة واحدة، قال في التصحيح: والصحيح قولهما، واعتمده النسفي والمحبوبي وصدر الشريعة والموصلي، اهـ. لكن في القهستاني: والصحيح الأول في غير الوقف، والثاني في الوقف كما في العمادي وغيره، وفي الدر: وبه يفتى في الوقف، ذكره العيني، اهـ قيدنا كون الهلاك بآفة سماوية لأنه لو كان بفعله يضمن اتفاقا، كما يشير لذلك قوله (وما نقص منه) أي العقار (بفعله) أي الغاصب (كهدمه) لبنائه (وسكناه) الموهنة لبنائه (ضمنه في قولهم جميعاً) ؛ لأنه إتلاف، والعقار يضمن به، كما إذا نقل ترابه؛ لأنه فعلٌ في العين، ويدخل فيما قاله إذا انهدمت الدار بسكناه وعمله، هداية.
(وإذا هلك المغصوب) النقلي (في يد الغاصب بفعله أو بغير فعله فعليه ضمانه) ؛ لدخوله في ضمانه بالغصب السابق، وعند العجز عن رده تجب قيمته، ثم إن كان بفعل غيره رجع عليه بما ضمن، لأنه قرر عليه ضمانا كان يمكنه أن يتخلص منه

(2/189)


وإن نص في يده فعليه ضمان النقصان.
ومن ذبح شاة غيره فمالكها بالخيار: إن شاء ضمنه وسلمها إليه، وإن شاء ضمنه نقصانها، ومن خرق ثوب غيره خرقاً يسيراً ضمن نقصانه، وإن خرقه خرقاً كثيراً يبطل عامة منفعته فلمالكه أن يضمنه جميع قيمته،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
برد العين. جوهرة (وإن نقص في يده فعليه ضمان النقصان) ؛ لدخوله في ضمانه بجميع أجزائه، فما تعذر رد عينه منها يجب رد قيمته. قيد بالنقصان لأنه لو تراجع السعر لا يضمن، لأنه عبارة عن فتور الرغبات دون فوت الجزء، وإذا وجب ضمان النقصان قومت العين صحيحة يوم غصبها ثم تقوم ناقصة فيغرم ما بينهما،
قال في الهداية: ومراده غير الربوى، أما في الربويات لا يمكنه تضمين النقصان مع استرداد الأصل؛ لأنه يؤدي إلى الربا، اهـ.
(ومن ذبح شاة غيره) أو بقرته ونحوها من كل دابة مأكولة اللحم (فمالكها بالخيار: إن شاء ضمنه قيمتها وسلمها إليه) ؛ لأن ذلك إتلاف من وجه باعتبار فوت بعض الأغراض من الحمل والدر والنسل (وإن شاء ضمنه نقصانها) لبقاء بعضها - وهو اللحم - ولو كانت الدابة غير مأكولة اللحم فذبحها الغاصب أو قطع طرفها ضمن جميع قيمتها، لوجود الاستهلاك من كل وجه، بخلاف قطع طرف المملوك حيث يأخذه مع الأرش، لأن الآدمي يبقى منتفعاً به بعد القطع (ومن خرق ثوب غيره خرقاً يسيراً ضمن نقصانه) والثوب لمالكه، لقيام العين من كل وجه، وإنما دخله عيب قيضمنه (وإن خرق) الثوب (خرقاً كثيراً) بحيث (يبطل عامة منفعته فلمالكه أن يضمنه جميع قيمته (لأنه استهلاك من هذا الوجه، وله أخذه وتضمينه النقصان، لأنه تعيب من وجه، لبقاء اتلعين وبعض المنافع. قال في الهداية: ثم إشارة الكتاب إلى أن الفاحش ما يبطل به عامة المنافع، والصحيح أن الفاحش ما يفوت بعض العين وجنس المنفعة ويبقى بعض

(2/190)


وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وأعظم منافعها زال ملك المغصوب منه عنها، وملكها الغاصب، وضمنها، ولم يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها، وهذا كمن غصب شاةً فذبحها وشواها أو طبخها، أو غصب حنطةً فطحنها، أو حديداً فاتخذه سيفاً، أو صفراً فعمله آنيةً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العين وبعض المنفعة، واليسير ما لا يفوت به شيء من المنفعة، وإنما يدخل فيه النقصان، لأن محمدا جعل في الأصل قطع الثوب نقصانا فاحشا والفائت بعض المنافع، اهـ.
(وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب) احترز به عما إذا تغيرت بنفسها كأن صار العنب زبيباً بنفسه أو الرطب تمراً فإن المالك فيه بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء تركه وضمنه (حتى زال اسمها وأعظم منافعها) أي: أكثر مقاصدها، احترز عن الدراهم إذا سبكها بلا ضرب، فإنه وإن زال اسمها لكن بقي أعظم منافعها، ولذا لا ينقطع حق المالك عنها كما في المحيط (زال ملك المغصوب منه عنها) : أي العين المغصوبة (وملكها الغاصب وضمنها) : أي ضمن بدلها لمالكها (و) لكن (لم يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها) استحساناً، لأن في إباحة الانتفاع قبل أداء البدل فتح باب الغصب، فيحرم الانتفاع قبل إرضاء المالك بأداء البدل أو إبرائه، حسماً لمادة الفساد (وهذا) : أي زوال اسمها وأعظم منافعها مثاله (كمن غصب شاة فذبحها وشواها أو طبخها أو) غصب (حنطة فطحنها، أو) غصب (حديداً فاتخذه سيفاً، أو) عصب (صفراً) بالضم - ما يعمل منه الأواني (فعمله آنية) لحدوث صنعة متقومة صيرت حق المالك هالكا من وجه بحيث تبدل الاسم وفات معظم المقاصد، وحق الغاصب في الصنعة قائم من كل وجه، فيترجح على الأصل الذي هو فائت من وجه، ولا نجعله سبباً للملك من حيث إنه محظور، بل من حيث إنه إحداث صنعة، بخلاف الشاة لأن اسمها باق بعد الذبح والسلخ. هداية

(2/191)


وإن غصب فضةً أو ذهباً فضربها دنانير أو دراهم أو آنيةً لم يزل ملك مالكها عنها ولزم الغاصب قيمتها.
ومن غصب أرضاً فغرس فيها أو بنى، قيل له: اقلع الغرس والبناء وردها فارغةً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإن غصب فضة) نقرة (أو ذهباً) تبراً (فضربها دراهم أو دنانير، أو) عملها (آنية لم يزل ملك مالكها عنها عند أبي حنيفة) قال في الهداية: فيأخذهما ولا شيء للغاصب؛ وقالا: يملكها الغاصب وعليه مثلهما، وأخر دليل الإمام وضمنه جواب دليلهما، واختاره المحبوبي والنسفي وأبو الفضل الموصلي وصدر الشريعة، كذا في التصحيح (ومن غصب ساجة) بالجيم - شجر عظيم جداً، ولا ينبت إلا ببلاد الهند (فبنى عليها) بناء قيمته أكثر من قيمتها (زال ملك مالكها عنها، ولزم الغاصب قيمتها) لصيرورتها شيئاً آخر، وفي القلع ضرر ظاهر لصاحب البناء من غير فائدة تعود للمالك، وضرر المالك ينجبر بالضمان. قال في الهداية: ثم قال الكرخي والفقيه أبو جعفر: إنما لا ينقض إذا بنى حول الساجة، أما إذا بنى على نفس الساجة ينقض. وجواب الكتاب يرد ذلك وهو الأصح، اهـ.
(ومن غصب أرضاً فغرس فيها أو بنى قيل له) أي الغاصب: (اقلع الغرس والبناء وردها) إلى صاحبها (فارغة) كما كانت؛ لأن الأرض لا تغصب حقيقة فيبقى فيها حق المالك كما كان، والغاصب جعلها مشغولة فيؤمر بتفريغها. درر.
وقيد ذلك في المنح بما إذا كانت قيمة الأرض أكثر، ثم قال: وإن كانت قيمة البناء أكثر فللغاصب أن يضمن له قيمة الأرض ويأخذها، ذكره في النهاية، وفي القهستاني عند قول الماتن "أمر بالقلع والرد" ما نصه: أي رد الأرض فارغة إلى المالك ولو كانت القيمة أكثر من قيمة الأرض، وقال الكرخي: إنه لا يؤمر حينئذ ويضمن القيمة، وهذا أوفق لمسائل الباب كما في النهاية، وبه أفتى بعض

(2/192)


فإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء والغرس مقلوعاً فيكون له.
ومن غصب ثوباً فصبغه أحمر أو سويقاً فلته بسمنٍ فصاحبه بالخيار: إن شاء ضمنه قيمة ثوبه أبيض ومثل السويق وسلمهما للغاصب، وإن شاء أخذهما وضمن ما زاد الصبغ والسمن فيهما.
ومن غصب عيناً فغيبها فضمنه المالك قيمتها ملكها الغاصب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المتأخرين كصدر الإسلام، وإنه حسن، ولكن نحن نفتي بجواب الكتاب اتباعا لأشياخنا كما في العمادي، اهـ (فإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك) منها (فللمالك أن يضمن له) أي للغاصب (قيمة البناء والغرس مقلوعاً فيكون) ذلك مع الأرض (له) أي للمالك؛ لأن في ذلك نظراً لهما ودفع الضرر عنهما. قال في الهداية: وقوله "قيمته مقلوعاً" معناه قيمة بناء أو شجر يؤمر بقلعه؛ لأن حقه فيه إذا لا قرار له؛ فتقوم الأرض بدون الشجر والبناء، وتقوم وبها شجر وبناء لصاحب الأرض أن يأمره بقلعه؛ فيضمن فضل ما بينهما، اهـ.
(ومن غصب ثوباً فصبغه أحمر) أو غيره مما تزيد به قيمة الثوب، فلا عبرة للألوان، بل لحقيقة الزيادة والنقصان (أو) غصب (سويقاً) : أي دقيقاً (فلته) أي خلطه (بسمن، فصاحبه بالخيار: إن شاء ضمنه) أي ضمن الغاصب (قيمة ثوب أبيض) ؛ لأن الثوب قيميٌ (ومثل السويق) لأنه مثلي (وسلمهما) أي الثوب والسويق (للغاصب، وإن شاء أخذهما) المالك (وضمن) للغاصب (ما زاد الصبغ والسمن فيهما) ؛ لأن في ذلك رعاية للجانبين، والخيرة لصاحب الثوب؛ لكونه صاحب الأصل، بخلاف الساجة يبنى فيها؛ لأن النقض له بعد النقض (1) فيتلاشى، هداية.
(ومن غصب عيناً فغيبها) بالمعجمة: أي أخفاها (فضمنه المالك قيمتها ملكها الغاصب) ؛ لأن المالك ملك البدل بكماله، والمبدل قابل للنقل فيملكه
_________
(1) النقض - بكسر النون وسكون القاف - أي الأشياء المنقوضة، ونظيره "طحن" بمعنى مطحون، و "هدم" أي مهدوم، و "قطف" أي مقطوف

(2/193)


والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه، إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك، فإن ظهرت العين وقيمتها أكثر مما ضمن وقد ضمنها بقول المالك أو ببينةٍ أقامها أو بنكول الغاصب عن اليمين فلا خيار للمالك، وإن كان ضمنها بقول الغاصب مع يمينه فالمالك بالخيار: إن شاء أمضى الضمان، وإن شاء أخذ العين ورد العوض.
وولد المغصوبة ونماؤها وثمرة البستان المغصوب أمانةٌ في يد الغاصب، فإن هلك فلا ضمان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الغاصب؛ لئلا يجتمع البدلان في ملك شخص واحد.
(والقول في القيمة) إذا اختلفا فيها (قول الغاصب) ؛ لإنكاره الزيادة، والقول قول المنكر (مع يمينه) كما مر (إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك) لإثباته بالحجة (فإن ظهرت العين) بعد ذلك (وقيمتها أكثر مما) كان (ضمن وقد) كان (ضمنها بقول المالك أو ببينة أقامها) المالك (أو بنكول الغاصب عن اليمين فلا خيار للمالك) وهي للغاصب؛ لأنه تم له الملك بسببٍ اتصل به رضا المالك حيث ادعى هذا المقدار (وإن كان ضمنها بقول الغاصب مع يمينه فالمالك بالخيار: إن شاء أمضى الضمان) ولا خيار للغاصب ولو قيمته أقل؛ للزومه بإقراره (وإن شاء أخذ العين ورد العوض) ؛ لأنه لم يتم رضاه بهذا المقدار حيث يدعى الزيادة، وأخذه دونها لعدم الحجة، ولو ظهرت العين وقيمتها مثل ما ضمنه أو دونه في هذا الفصل الأخير فكذا الجواب في ظاهر الرواية، وهو الأصح، خلافا لما قال الكرخي؛ لأنه لم يتم رضاه حيث لم يعط ما يدعيه، والخيار لفوت الرضا. هداية.
(وولد) العين (المغصوبة ونماؤها) المتصل كالسمن والحسن والمنفصل كالدر (وثمرة البستان المغصوب) قبل بدو الثمرة (أمانة في يد الغاصب) ؛ لأن الغصب إثبات اليد على مال الغير على وجه يزيل يد المالك كما مر، ويد المالك ما كانت ثابتة على هذه الزيادة حتى يزيلها الغاصب (فإن هلك) : أي الولد وما عطف عليه (فلا ضمان

(2/194)


عليه، إلا أن يتعدى فيها؛ أو يطلبها مالكها فيمنعها إياه، وما نقصت الجارية بالولادة في ضمان الغاصب، فإن كان في قيمة الولد وفاءٌ به جبر النقصان بالولد، وسقط ضمانه عن الغاصب، ولا يضمن الغاصب منافع ما غصبه إلا أن ينقص باستعماله فيغرم النقصان.
وإذا استهلك المسلم خمر الذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليه) أي الغاصب (إلا أن يتعدى فيها) أي الزيادة - بأن أتلفها، أو أكلها، أو باعها - (أو) أن (يطلبها) : أي الزيادة (مالكها فيمنعها إياه) ؛ لأنه بالمنع والتعدي صار غاصباً.
(ما نقصت الجارية) أي انتقصت؛ لأن نقص يجئ لازما ومتعديا، وهو هنا لازم كما في ابن ملك (بالولادة) فهو (في ضمان الغاصب) ؛ لأنه حصل في ضمانه (فإن كان في قيمة الولد وفاء به) : أي بالنقصان (جبر النقصان بالولد، وسقط ضمانه عن الغاصب) ؛ لأن سبب الزيادة والنقصان واحد، وهو الولادة، وإن لم يكن فيه وفاء سقط بحسابه، ولو ماتت وبالولد وفاء كفى، هو الصحيح. اختيار.
(ولا يضمن الغاصب منافع ما غصبه) من ركوب الدابة، وسكنى الدار، وخدمة العبد؛ لأنها حصلت على ملك الغاصب؛ لحدوثها في يده، والإنسان لا يضمن ما حدث في ملكه، سواء استوفاها أو عطلها، وهذا فيما عدا ثلاثة مواضع فيجب فيها أجر المثل على اختيار المتأخرين وعليه الفتوى، وهي: أن يكون وقفاً، أو ليتيم، أو معداً للاستغلال بأن بناه أو اشتراه لذلك؛ إلا إذا سكن المعد للاستغلال بتأويل ملك كسكنى أحد الشريكين أو عقدٍ كسكنى المرتهن (إلا أن ينقص) المغصوب (باستعماله) : أي الغاصب (فيغرم النقصان) لاستهلاكه بعض أجزاء العين.
(وإذا استهلك المسلم خمر الذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما) ؛ لأنهما مال في حقه؛ إذا الخمر عند أهل الذمة كالخل عندنا، والخنزير عندهم كالشاة عندنا،

(2/195)


وإن استهلكهما المسلم على المسلم لم يضمن.