اللباب في شرح الكتاب

كتاب المساقاة.
- قال أبو حنيفة: المساقاة بجزء من الثمرة باطلةٌ. وقال أبو يوسف ومحمدٌ: جائزةٌ إذا ذكرا مدةً معلومةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي تمييز حبه من تبنه، وكذا أجرة الحفظ ونحوه (عليهما بالحصص) سواء انقضت المدة أو لا؛ لأن العقد تناهى بتناهي الزرع لحصول المقصود، وصار مالاً مشتركا بينهما؛ فتجب المؤنة عليهما (فإن شرطاه) أي العمل المذكور الذي يكون بعد انتهاء الزرع من الحصاد ونحوه (على العامل) وحده (فسدت) المزارعة، لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وفيه منفعة لأحدهما، قال في التصحيح: وهذا ظاهر الرواية، وأفتى به الحسام الشهيد في الكبرى، وقال: وعن الحسن عن أبي حنيفة أنه جائز، وهكذا عن أبي يوسف، قال في الهداية: وعن أبي يوسف أنه يجوز إذا شرط ذلك على العامل؛ للتعامل اعتباراً بالاستصناع، وهو اختيار مشايخ بلخ، قال شمس الأئمة السرخسي: هذا هو الأصح في ديارنا، قال الخاصي: ومثله عن الفضل، وفي الينابيع وهو اختيار مشايخ خراسان، قال الفقيه: وبه نأخذ، وقال الإسبيجاني: وهو اختيار مشايخ العراق اتباعا للتعامل، وقال في مختارات النوازل: وهو اختيار مشايخ بلخ وبخارى للعرف بينهم، اهـ.
كتاب المساقاة
المناسبة بينهما ظاهرة، وتسمى المعاملة.
وهي لغةً: مفاعلة من السقي، وشرعاً دفع الشجر إلى من يصلحه بجزء من ثمره.
وهي كالمزارعة حكما وخلافا وشروطا، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (قال أبو حنيفة: المساقاة بجزء من الثمرة باطلة، وقالا: جائزة) والفتوى على قولهما كما تقدم في المزارعة (إذا ذكرا) في العقد (مدة معلومة) متعارفة، قال في الهداية: وشرط المدة قياس فيه؛ لأنه إجارة معنى كما في المزارعة، وفي الاستحسان إذا لم يبين المدة يجوز ويقع على أول ثمرة تخرج، لأن الثمرة لإدراكها وقت معلوم

(2/233)


وسميا جزءاً من الثمرة مشاعاً. وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان، فإن دفع نخلاً فيه ثمرةٌ مساقاةً والثمرة تزيد بالعمل جاز، وإن كانت قد انتهت لم يجز، وإذا فسدت المساقاة فللعامل أجر مثله، وتبطل المساقاة بالموت، وتفسخ بالأعذار كما تفسخ الإجارة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقل ما يتفاوت. اهـ. قيدنا بالمتعارفة لما مر في المزارعة (وسميا جزءاً) معلوماً (من الثمرة مشاعاً) تحقيقا للشركة، إذ شرط جزء معين يقطع الشركة (وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب) بكسر الراء، كقصاع: جمع رطبة بالفتح كقصعة - القضيب ما دام رطبا كما في الصحاح، وهي المسماة في بلادنا بالقصة، والمراد هنا جميع البقول كما في الدر (وأصول الباذنجان) ، لأن الجواز للحاجة وهي تعم الجميع (فإن دفع) المالك (نخلا فيه ثمرة مساقاةً، و) كانت (الثمرة) بحيث (نزيد بالعمل) أو زرعا وهو بقل (جاز) لاحتياجه للعمل (وإن كانت) الثمرة (قد انتهت) والزرع قد استحصد (لم يجز) لأن العامل إنما يستحق بالعمل، ولا أثر للعمل بعد التناهي والإدراك (وإذا فسدت المساقاة فللعامل أجر مثله) ، لأنها في معنى الإجارة الفاسدة (وتبطل المساقاة بالموت) لأحد المتعاقدين، لأنها في معنى الإجارة، ثم إن مات صاحب الأرض فللعامل القيام عليه وإن أبى ورثة صاحب الأرض، وإن مات العامل فلورثه القيام عليه وإن أبى صاحب الأرض، وإن ماتا فالخيار لورثة العامل، لقيامهم مقامه، وتمامه في الدرر (وتفسخ) المساقاة والمزارعة (بالأعذار) المارة في الإجارة (كما تفسخ الإجارة) قال في الهداية: ومن جملتها أن يكون العامل سارقا يخاف عليه سرقة السعف والثمر قبل الإدراك، لأنه يلزم صاحب الأرض ضرر لم يلتزمه، فيفسخ فيه، ومنها مرض العامل إذا كان يضعفه عن العمل، لأن في إلزامه استئجار الأجراء زيادة ضرر عليه ولم يلتزمه، فيجعل عذراً، وفيها: ومن دفع أرضاً بيضاء إلى رجل سنين معلومةً يغرس فيها شجراً على أن تكون الأرض والشجر بين رب الأرض والغارس نصفين لم يجز ذلك؛ لاشتراطه الشركة فيما كان حاصلا قبل الشركة لا بعمله، وجميع الثمر والغرس لرب الأرض، وللغارس قيمة غرسه وأجرة مثله فيما عمل. اه

(2/234)