اللباب في شرح الكتاب

كتاب الحضانة
- وإذا وقعت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بالولد، فإن لم تكن الأم فأم الأم أولى من أم الأب، فإن لم تكن فأم الأب أولى من الأخوات، فإن لم تكن جدةٌ فالأخوات أولى من العمات والخالات وتقدم الأخت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المتبرعة بالحضانة أولى منها إذا طلبته بأجر المثل، نعم تبرعت العمة بحضانته من غير أن تمنع الأم عنه والأب معسر، فالصحيح أن يقال للأم: إما أن تمسكيه بلا أجر أو تدفعيه إليها، قال شيخنا: وبه ظهر الفرق بين الحضانة والإرضاع، وهو أن الإرضاع إلى غير الأم لا يتوقف على طلب الأم أكثر من أجر المثل، ولا بإعسار الأب ولا بكون المتبرعة عمة أو نحوها من الأقارب. اهـ.
(ونفقة الصغير واجبة على أبيه وإن خالفه في دينه) ؛ لإطلاق قوله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن} ولأنه جزؤه، فيكون في معنى نفسه. هداية (كما تجب نفقة الزوجة على الزوج وإن خالفته في دينه) ؛ لأن نفقتها بمقابلة الاحتباس الثابت بالعقد، وقد صح العقد بين المسلم والكافرة، فوجبت النفقة.
كتاب الحضانة
(وإذا وقعت الفرقة بين الزوجين فالأم) ولو كتابية (أحق بالولد) لما مر أنها أشفق عليه وأعرف بتربيته (فإن لم تكن أم فأم الأم) وإن بعدت (أولى من أم الأب) ؛ لأن هذه الولاية تستفاد من قبل الأمهات (فإن لم تكن) أم الأم (فأم الأب وإن بعدت أيضاً (أولى من الأخوات) مطلقاً لأنها أكثر شفقة منهن لأن قرابتها قرابة ولاد (فإن لم تكن جدة) مطلقا (فالأخوات) مطلقاً أولى (من العمات والخالات) مطلقا لأنهن أقرب، ولأنهن أولاد الأبوين، ولهذا قدمن في الميراث (وتقدم الأخت

(3/101)


من الأم والأب، ثم الأخت من الأم، ثم الأخت من الأب، ثم الخالات أولى من العمات، وينزلن كذلك، ثم العمات ينزلن كذلك، وكل من تزوجت من هؤلاء سقط حقها إلا الجدة إذا كان زوجها الجد، وإن لم تكن للصبي امرأةٌ من أهله واختصم فيه الرجال فأولاهم به أقربهم تعصيباً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الأب والأم) لأنها ذات قرابتين (ثم الأخت من الأم) ، لأن الحق من قبلها (ثم الأخت من الأب) ثم بنات الأخت لأبوين، ثم لأم (ثم الخالات أولى من العمات) ومن بنات الأخت لأب، ترجيحاً لقرابة الأم، و (ينزلن كما ينزلن الأخوات) فترجح ذات القرابتين، ثم قرابة الأم، ثم بنت الأخت لأب، قال في الخانية: اختلفت الرواية في بنت الأخت لأب مع الخالة، والصحيح أن الخالة أولى. اهـ (ثم العمات) و (ينزلن كذلك) ثم خالة الأم كذلك، ثم خالة الأب كذلك، ثم عمة الأم كذلك، ثم عمة الأب كذلك، بهذا الترتيب (وكل من تزوجت من هؤلاء) المذكورات بأجنبي من الصغير (سقط حقها) من الحضانة، لأن الأجنبي يعطيه نزراً، وينظر إليه شزراً، فر نظر في ذلك للصغير، بخلاف ما إذا كان الزوج ذا رحم محرم من الصغير كما يصرح بذلك بقوله: (إلا الجدة إذا كان زوجها الجد) أي فلا يسقط حقها، لأنه قام مقام أبيه فينظر إليه، وكذا كل زوج هو ذو رحم محرم منه، لقيام الشفقة نظراً إلى القرابة القريبة، هداية. وتعود الحضانة بالفرقة، لزوال المانع، والقول لها في نفي الزوج وكذا في تطليقه أن أبهمته لا إن عينته كما في الدر (فإن لم تكن للصبي امرأة من أهله) تستحق الحضانة (فاختصم فيها الرجال فأولاهم به أقربهم تعصيبا) لأن الولاية للأقرب، وقد عرف الترتيب في موضعه، غير أن الصغيرة لا تدفع عصبة غير محرم كمولى العتاقة وابن العم تحرزا عن الفتنة. هداية. ثم إذا لم يكن عصبة فلذوي الأرحام، فإن استووا فأصلحهم، ثم أورعهم، ثم أكبرهم ولا حق لولد عم وعمة وخال وخالة، لعدم المحرمية كما في الدر]

(3/102)


والأم والجدة أحق بالغلام حتى يأكل وحده ويلبس وحده ويستنجي وحده، وبالجارية حتى تحيض، ومن سوى الأم والجدة أحق بالجارية حتى تبلغ حداً تشتهى.
والأمة إذا أعتقها مولاها وأم الولد إذا أعتقت في الولد كالحرة، وليس للأمة وأم الولد قبل العتق حقٌ في الولد، والذمية أحق بولدها المسلم مالم يعقل الأديان ويخاف أن يألف الكفر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والأم والجدة أحق بالغلام حتى) يستغني، بأن (يأكل وحده) ويشرب وحده (ويلبس وحده، ويستنجي وحده) ، لأن تمام الاستغناء بالقدرة على الاستنجاء، قال في الهداية: ووجهه أنه إذا استغنى يحتاج إلى التأديب والتخلق بآداب الرجال وأخلاقهم والأب أقدر على التأديب والتثقيف. والخصاف قدر الاستغناء بسبع سنين اعتباراً للغالب. اهـ. (و) هما أحق (بالجارية حتى تحيض) أي تبلغ، لأن بعد الاستغناء تحتاج إلى معرفة
آداب النساء، والمرأة على ذلك أقدر، وبعد البلوغ تحتاج إلى التحصين والحفظ، والأب فيه أقوى وأهدى. هداية (ومن سوى الأم والجدة) ممن لها الحصانة (أحق بالجارية حتى تبلغ حداً تشتهى) وقدر بتسع، وبه يفتى كما في الدر، وفي التنوير: وعن محمد أن الحكم في الأم والجدة كذلك، وبه يفتى. اهـ. وفي المنح قال مولانا صاحب البحر: والحاصل أن الفتوى على خلاف ظاهر الرواية؛ فقد صرح في التجنيس بأن ظاهر الرواية أنها أحق بها حتى تحيض، واختلف في حد الشهوة، فقدره أبو الليث بتسع سنين، وعليه الفتوى، كذا في تبيين الكنز اهـ.
(والأم إذا أعتقها مولاها وأم الولد إذا أعتقت في) ثبوت حق حضانة (الولد كالحرة) ، لأنهما حرتان أو أن ثبوت الحق (وليس للأمة وأم الولد قبل العتق حق في الولد) لعجزهما عن الحضانة بالاشتغال بخدمة المولى (والذمية أحق بولدها المسلم سواء كان ذكراً أو أنثى (ما لم يعقل الأديان ويخاف عليه أن يألف الكفر) للنظر قبل ذلك، واحتمال الضرر بعده. هداية

(3/103)


وإذا أرادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر فليس لها ذلك إلا أن تخرجه إلى وطنها وقد كان الزوج قد تزوجها فيه.
وعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته إذا كانوا فقراء وإن خالفوه في دينه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا أرادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر) إلى مصر آخر، وبينهما تفاوت بحيث لا يمكنه أن يبصر ولده ثم يرجع في نهاره (فليس لها ذلك) لما فيه من الإضرار بالأب، لعجزه عن مطالعة ولده (إلا أن تخرجه إلى وطنها وقد كان الزوج تزوجها) أي عقد عليها (فيه) أي وطنها ولو قرية في الأصح كما في الدر؛ لأنه التزم ذلك عادة، لأن من تزوج في بلد يقصد المقام به غالبا. قال في الهداية: وإذا أرادت الخروج إلى مصر غير وطنها وقد كان التزويج فيه أشار في الكتب إلى أنه ليس لها ذلك، وذكر في الجامع الصغير أن لها ذلك. وجه الأول أن التزوج في دار الغربة ليس الزاماً للمكث فيه عرفاً، وهذا أصح.
فالحاصل أنه لابد من الأمرين جميعاً: الوطن، ووجود النكاح، وهذا كله إذا كان بين المصرين تفاوت، أما إذا تقاربا بحيث يمكن للوالد أن يطالع ولده ويبيت في بيته فلا بأس، وكذا الجواب في القريتين، ولو انتقلت من قرية المصر إلى المصر لا بأس به، لأن فيه نظراً للصغير حيث يتخلق بأخلاق أهل المصر، وليس فيه ضرر بالأب، وفي عكسه ضرر بالصغير لتخلقه بأخلاق بأخلاق أهل السواد، فليس لها ذلك (و) يجب (على الرجل) الموسر يسار القطرة (أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته) سواء كانوا من قبل الأب أو الأم (إذا كانوا فقراء) ولو قادرين على الكسب، والقول لمنكر اليسار، والبينة لمدعيه كما في الدر، وفي الخلاصة المختار أن الكسوب يدخل أبويه في نفقته. اهـ، وعليه الفتوى (وإن خالفوه في دينه) أما الأبوان فلقوله تعالى {وصاحبهما في الدنيا معروفاً} نزلت في الأبوين الكافرين، وليس من المعروف أن يعيش في نعم الله تعالى ويتركهما

(3/104)


ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين والأجداد والجدات والولد وولد الولد، ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحدٌ.
والنفقة لكل ذي رحمٍ محرمٍ إذا كان صغيراً فقيراً، أو كانت امرأةً بالغةً فقيرةً، أو كان ذكراً زمناً أو أعمى فقيراً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يموتان جوعاً، وأما الأجداد والجدات فلأنهم من الآباء والأمهات، ولهذا يقوم الجد مقام الأب عند عدمه. هداية.
(ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين والأجداد والجدات والولد وولد الولد) لما مر أن نفقة الزوجة بمقابلة الاحتباس، وأما غيرها فلثبوت الجزئية، وجزء المرء في معنى نفسه، فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفر لا تمتنع نفقة جزئه، إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم، ولو مستأمنين، لنهينا عن بر من يقاتلنا في الدين كما في الهداية (ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد) ، لأن لهما تأويلاً في مال الولد بالنص، ولأنه أقرب الناس إليهما. بحر. وهي على الذكور والإناث بالسوية في ظاهر الرواية، وهو الصحيح، لأن المعنى يشملهما، هداية. قال في التصحيح: وهو أظهر الروايتين عن أبي حنيفة، وبه أخذ الفقيه أبو الليث، وبه يفتي، واحترز به عن رواية الحسن عن أبي حنيفة أنها بين الذكور والإناث ثلاثا. اهـ.
(والنفقة) تجب (لكل ذي رحم محرم) منه (إذا كان صغيراً فقيراً، أو كانت امرأة) ولو (بالغة) إذا كانت (فقيرة أو كان) ذو الرحم (ذكراً زمناً أو أعمى) وكان (فقيراً) لأن الصلة في القرابة القريبة واجبة دون البعيدة، والفاصل أن يكون ذا رحم محرم، وقد قال اللهتعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} وفي قراءة ابن مسعود (وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) ثم لابد من الحاجة والصغر والأنوثة، والزمانة والعمى أمارة الحاجة لنحقق العجز، فإن القادر على الكسب غني بكسبه، بخلاف الأبوين لأنهما يلحقهما تعب الكسب والولد مأمور بدفع الضرر

(3/105)


ويجب ذلك على مقدار الميراث.
وتجب نفقة الابنة البالغة والابن الزمن على أبويه أثلاثاً: على الأب الثلثان، وعلى الأم الثلث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عنهما، فتجب نفقتهما مع قدرتهما على الكسب. هداية. قيد بالمحرم لأن الرحم غير المحرم لا تجب نفقته كابن العم، وإن كان وارثاً، ولابد أن تكون المحرمية بجهة القرابة، ولذا قيدنا بالمحرمية بقولنا (منه) أي الرحم، فلو كان قريباً محرماً من غير جهة الرحم كابن العم إذا كان أخاً من الرضاع فإنه لا نفقة له كما في البحر عن شرح الطحاوي، (ويجب ذلك) عليهم (على قدر الميراث) لأن التنصيص على الوارث تنبيه على اعتبار المقدار، ولأن الغرم بالغنم. هداية.
(وتجب نفقة الابنة البالغة والابن الزمن) والأعمى، إذا كانوا فقراء (على أبويه أثلاثاً) على قدر ميراثهما (على الأب الثلثان، وعلى الأم الثلث) ، لأن الميراث لهما على هذا، قال في الهداية: وهذا الذي ذكره رواية الخصاف والحسن، وفي ظاهر الرواية كل النفقة على الأب، قال المحبوبي: وبه يفتي، ومشى عليه صدر الشريعة والنسفي. تصحيح.
واعلم أن مسائل هذا الباب مما تحير فيه أولو الألباب، وقد اقتحم شيخنا له ضابطا لم يسبق إليه، ولم يحم أحد قبله عليه، مأخوذ من كلامهم تصريحاً أو تلويحاً، جامعا لفروعهم جمعا صحيحا، بحيث لا يخرج عنه شاذة، ولا يغادر منها فاذة.
وحاصله أنه لا يخلو: إما أن يكون الموجود من قرابة الولاد واحدا أو أكثر والأول ظاهر، وهو أنه تجب النفقة عليه، والثاني: إما أن يكونوا فروعا فقط، أو فروعا وحواشي، أو فروعا وأصولا، أو فروعا وأصولا وحواشي، أو أصولا فقط، أو أصولا وحواشي، فهذه ستة أقسام؛ وبقي قسم سابع تتمة الأقسام العقلية وهو الحواشي فقط نذكره تتميما للأقسام وإن لم يكن من قرابة الولاد

(3/106)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القسم الأول والثاني: الفروع فقط والفروع مع الحواشي، والمعتبر فيهم القرب والجزئية دون الميراث، ففي ولدين لمسلم - ولو أحدهما نصرانيا أو أنثى - عليهما سوية، وفي بنت وابن ابن على البنت فقط، وفي بنت وأخت شقيقة على البنت فقط، وفي ابن نصراني وأخ مسلم على الابن فقط، وفي ولد بنت وأخ شقيق على ولد البنت؛ لترجحها بالجزئية مع التساوي في القرب، لإدلاء كل منهما بواسطة.
القسم الثالث والرابع: الفروع مع الأصول، والفروع مع الأصول والحواشي، والمعتبر فيهم الأقرب جزئية، فإن لم يوجد فالترجيح، فإن لم يوجد فالإرث، ففي أب وابن على الابن لترجحه بأنت ومالك لأبيك، وكذا الأم مع الابن. وفي جد وابن وابن على قدر الميراث أسداساً، للتساوي وعدم المرجح، والحواشي تسقط بالفروع لترجحهم بالقرب والجزئية، فكأنه لم يوجد سوى الفروع والأصول.
القسم الخامس: الأصول فقط، فإن كان فيهم أب فعليه فقط، وإلا فإما أن يكون البعض وارثا والبعض غير وارث، أو كلهم وارثين، ففي الأول يعتبر الأقرب جزئية، فإن تساووا في القرب ترجح الوارث، ففي جد لأم وجد لأب على الجد لأب فقط، لترجحه بالإرث، وفي الثاني - أعني لو كان الكل وارثين - فكلا إرث، ففي أم وجد لأب عليهما أثلاثاً في ظاهر الرواية. خانية.
القسم السادس: الأصول مع الحواشي، فإن كان أحد الصنفين غير وارث اعتبر الأصول وحدهم، فيقدم الأصل وإن كان غير الوارث، ففي جد لأم وعم على الجد، وإن كان كل منهما وارثاً اعتبر الإرث، ففي أم وأخ عصبي على الأم الثلث وعلى الأخ الثلثان، وإذا تعددت الأصول في هذا القسم بنوعيه يعتبر فيهم ما اعتبر في القسم الخامس.
القسم السابع: الحواشي فقط، والمعتبر فيهم الإرث بعد كونه ذا رحم محرم وتمامه في رسالته في النفقات

(3/107)


ولا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين، ولا تجب على الفقير.
وإذا كان للابن الغائب مالٌ قضي عيه بنفقة أبويه، وإن باع أبوه متاعه في نفقته جاز عند أبي حنيفة، وإن باع العقار لم يجز.
وإن كان للابن الغائب مالٌ في يد أبويه فأنفقا منه لم يضمنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا تجب نفقتهم) أي ذوي الأرحام (مع اختلاف الدين) ؛ لبطلان أهلية الإرث (ولا تجب) النفقة (على الفقير) ، لأنها تجب صلة، وهو يستحقها على غيره، فكيف تستحق عليه؟ بخلاف نفقة الزوجة وولده الصغير، لأنه التزمها بالإقدام على العقد إذ المقاصد لا تنتظم دونها، ولا يعمل في مثلها الإعسار، هداية.
قال في مختارات النوازل: إن حد اليسار هنا مقدر بالنصاب الذي تجب به صدقة الفطر، وعن محمد ما يفضل عن نفسه ونفقة عياله شهراً، والفتوى على الأول، وهكذا في الهداية، وفي الصغرى: أنه الصحيح، وبه يفتي، وعليه مشى المحبوبي. اهـ. تصحيح.
(وإذا كان للابن الغائب مال) عند مودعٍ أو مضارب أو مديون كما مر (قضي عليه) بالبناء للمجهول (بنفقة أبويه) وولده الصغير وزوجته كما مر قريباً، وبينا وجهه. (وإن باع أبوه متاعه في نفقته جاز عند أبي حنيفة) استحسانا (وإن باع العقار لم يجز) والقياس أن لا يجوز له بيع شيء، وهو قولهما، لأنه لا ولاية له، لانقطاعها بالبلوغ، ولهذا لا يملك حال حضرته، ولا يملك البيع في دين له سوى النفقة، ولأبي حنيفة أن للأب ولاية الحفظ في مال الغائب، وبيع المنقول من باب الحفظ، ولا كذلك العقار، لأنها محصنة بنفسها، قيد بالأب لأن الأم وسائر الأقارب ليس لهم بيع شيء اتفاقا، لأنهم لا ولاية لهم أصل في التصرف حالة الصغر، ولا في الحفظ بعد الكبر كما في الهداية.
(وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويع فأنفقا منه) على أنفسهما (لم يضمنا) ما أنفقاه، لأنهما استوفيا حقهما، لأن نفقتهما واجبة قبل القضاء على ما مر، وقد أخذا جنس الحق. هداية

(3/108)


وإن كان له مالٌ في يد أجنبي فأنفق عليهما بغير إذن القاضي ضمن.
وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدةٌ سقطت، إلا أن يأذن القاضي في الاستدانة عليه.
وعلى المولى أن ينفق على عبده وأمته، فإن امتنع وكان لهما كسبٌ اكتسبا وأنفقات على أنفسهما،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإن كان له) : أي للابن (مال في يد أجنبي فأنفق) الأجنبي (عليهما) : أي الأبوين (بغير إذن القاضي ضمن) ، لأنه تصرف في مال الغير بغير ولاية، لأنه نائب في الحفظ لا غير، بخلاف ما إذا أمره القاضي، لأن أمره ملزم لعموم ولايته، وإذا ضمن لا يرجع على القابض، لأنه ملكه بالضمان، فظهر أنه كان متبرعا فيه. هداية.
(وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة) وطالت شهراً فأكثر (سقطت) نفقة تلك المدة، لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة، حتى لا تجب مع اليسار، وقد حصلت الكفاية بمضي المدة، بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي، لأنها تجب مع يسارها، فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى. هداية. قيدنا المدة بشهر فأكثر لما في الفتح: هذا حيث طالت المدة، فأما إذا قصرت فلا تسقط، وما دون الشهر قصيرة، فلا تسقط، قيل: وكيف لا تصير القصيرة ديناً والقاضي مأمور بالقضاء، ولو لم تصر دينا لم يكن للأمر بالقضاء بالنفقة فائدة؟ لأن كل ما مضى يسقط، فلا يمكن استيفاء شيء، اهـ (إلا أن يأذن القاضي) بعد فرض النفقة (في الاستدانة عليه) أي: على المفروض عليه؛ لأن القاضي له ولاية عامة، فصار إذنه كأمر الغائب فيصير دينا في ذمته، فلا يسقط بمضي المدة. هداية.
(و) يجب (على المولى أن ينفق على عبده وأمته) سواء في ذلك القن والمدبر وأم الولد والصغير والكبير (فإن امتنع) المولى من الإنفاق (وكان لهما كسب اكتسبا وأنفقا على أنفسهما) لأن فيه نظراً للجانبين: ببقاء حياة المملوك، وبقاء ملك المالك،

(3/109)


وإن لم يكن لهما كسبٌ أجبر المولى على بيعهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإن لم يكن لهما كسب) بأن كانا عبدا زمناً أو جارية لا يؤاجر مثلها (أجبر المولى على بيعهما) إن كانا محلا للبيع، لأنهما من أهل الاستحقاق، وفي البيع إيفاء حقهما وإيفاء حق المولى بالخلف، بخلاف نفقة الزوجة، لأنها تصير ديناً، فكان تأخيراً على ما ذكرناه، ونفقة المملوك لا تصير ديناً، فيكون إبطالا، وبخلاف سائر الحيوانات، لأنها ليست من أهل الاستحقاق، فلا يجبر على نفقتها، إلا أنه يؤمر فيما بينه وبين اللهتعالى، هداية. قيدنا بكونهما محلا للبيع، لأنهما إذا لم يكونا محلا له كمدبر وأم ولد ألزم بالإنفاق لا غير، كما في الدر

(3/110)