المعتصر من المختصر من مشكل الآثار

كتاب ليلة القدر
روى عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحروها لعشر يبقين من شهر رمضان" فيه ذكر الباقي من الشهر في طلب ليلة القدر في ليلة من ليالي الشهر المطلوبة فيه وكان قوم من أهل العلم لا يؤرخون بالباقي من الشهر وإن كان قد مضى أكثره لأنهم لا يعلمون مقدار الباقي منه ويحتجون بما روى أن ابن عمر سمع رجلا يقول اليوم نصف الشهر أو الليلة نصف الشهر فقال ويحك وما يدريك قال الرجل اليوم خمسة عشرا والليلة خمس عشرة فقال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهر هكذا وهكذا" وقبض في الثالثة واحدا كأنه يعقد تسعة وهو من عند عبد الله بن عمر استخراج حسن من حديث عائشة الذي بدأنا بذكره لأنه قد يحتمل أن

(1/155)


يكون الرسول أعلمه الله تعالى قبل ذلك الباقي من الشهر كم هو فقال ذلك القول على التماسها في شهر بعينه الباقي منه ذلك المقدار وقد دل على ذلك سؤال الصحابة عن ليلة القدر فقال صلى الله عليه وسلم: "التمسوها لمضى ثلاث وعشرون" فقال رجل: فهي أولى ثمان, فقال: "إنها ليست أولى ثمان ولكنها أولى سبع" ما تريد بشهر لا يتم فكان في هذا الحديث ما قد دل على أنه أراد شهرا بعينه كان منه فيه ذلك القول الذي دل على نقصانه فإن قيل فقد روى عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر تسعا يبقين وسبعا يبقين" فدل ذلك على أن تلك الليلة مطلوبة بذكر ما بقي من الشهر ذلك يدفع ما ذكرت قيل يحتمل أن يكون قصد به إلى شهر بعينه قد وقف على حقيقة عدده واحتمل أن يكون مطلوبه في سائر الدهر سواه فيما قد يحتمل أن يكون تسعا يبقين وسبعا يبقين وخمسا يبقين حتى يكون جميع من طلبها في ذلك مصيبا لحقيقتها في بعضها والله نسأله التوفيق.

(1/156)