المعتصر من المختصر من مشكل الآثار

كتاب النذور والأيمان
ما جاء في الاستثناء باليمين
...
كتاب النذور والإيمان
فيه اثنا عشر حديثا
ما جاء في الاستثناء باليمين
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بيمين فقال إن شاء الله فقد استثنى" يعني إذا وصل الاستثناء باليمين كان يقول ابن عمر لا حنث في يمين موصول آخرها بأن شاء الله وعليه مدار هذا الحديث ولا يظن به مع كمال فضله وورعه تخصيص ما عمه النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما يجب له تخصيصه به وما روى عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} إذا قلت شيئا فلم تقل إن شاء الله فقل إن شاء الله إذا ذكرت لا يخالف ما ذكرنا عن ابن عمر إنما هو في الأشياء التي يقول الرجل أنه يفعلها في المستقبل فعسى لا يتيسر له فعلها فيذم فإذا الحق بكلامه إن شاء الله يتخلص من الذم لا في الإيمان إذ لو استطاع أن يلحق الاستثناء بيمينه لما احتاج إلى الكفارة حالف إذن يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليأت

(1/255)


الذي هو خير وليكفر عن يمينه أو ليكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خيره" فلو كان إلحاق الاستثناء منفصلا ممكنا لعاد بذلك إلى حكم من قالها موصولة فلم يحتج إلى الكفارة وما روى مسعر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: "والله لأغزون قريشا" قال: "إن شاء الله" ثم قال: "والله لأغزون قريشا" ثم قال: "إن شاء الله" ثم قال: "والله لا غزون قريشا" ثم قال: "إن شاء الله"
وفي رواية شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس "والله لأغزون قريشا" ثلاث مرات ثم قال: في الثالثة "إن شاء الله" فإن كان الحديث كما روى مسعر فهو مفتوح المعنى ومكشوف المراد وإن كان كما روى شريك فيكون قوله: "إن شاء الله" راجعا على جميع الإيمان لا على الآخرة منها وحدها فالمعنى فيه إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} إذ يجوز أن يقطعه قاطع عن فعله ثم فيه ترك الدخول منه عليه في غيبه وإن كان ذلك القول مما أجرى الله على لسانه فإن استعمال الإخلاص وترك الدخول منه عليه في ذلك أولى كما قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} وإن كان ذلك لابد من كونه فعلم أن وصل الشيئة فيما يقال في الأشياء المستقيلات سواء كان من الأمور الكائنة البتة أو المترددة من اللوازم إخلاصا لله وتسليما للأمور إليه وكذلك الإيمان كلها إذا كانت على الأشياء المستأنفات.
لا يقال كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيلاء من نسائه بغير قول منه فيه إن شاء الله لأنه يحتمل أن يكون ذلك منه قبل نزول هذه الآية.
قال الطحاوي: ذهب شريح إلى أنه إن قدم الطلاق على الاستثناء بأن قال امرأتي طالق إن دخلت الدار أن الطلاق لازم بخلاف ما إذا قدم الاستثناء فقال: إن دخلت الدار فامرأتي طالق فإنها لا تطلق حتى يدخل الدار وهو مخالف لما عليه جميع أهل العلم من عدم الفرق بين التقديم والتاخير في أعمال الاستثناء قال تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} فبدأ بذكر وعده إياه بما وعده

(1/256)


به ثم استثنى منه من هو خارج من ذلك الوعد ومثل ذلك من السنة ما روته عائشة قالت لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعل يشير إليها لا تلدوني فقلنا كراهة المريض للدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني الحديث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى منكم أحد إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم" وما روى عن العباس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة فاحتجبن مني إلا ميمونة فأخذن متكأ فدققنه ثم لددنه فقال: "لا يبقى في البيت أحد يشهد 1 لدي إلا لدالا أن يمين لم تصب عمى العباس" فجعل يلد بعضهن بعضا وفي رواية فقالت امرأة منا: والله إني لصائمة قالوا: بئس ما ظننت أن نبرك2 وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدوها والله وإنها لصائمة ففي هذه الآثار عزيمة رسول صلى اله عليه وسلم بالالداد لمن في البيت ثم أخرج العباس أما لأنه لم يحضر وأما لا عظامه لعمه غير أنه قد كانت العزيمة وهو في البيت وأخرج منها بالاستثناء المؤخر عنها وفيه ما دل على فساد مقالة شريح.
اللدود ما يسقى الإنسان من أحد شقى الفم وهو مأخوذ من لديدي الوادي وهما جانباه وفي الحديث عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب يسعط من العذرة ويلد من ذات الجنب فوقفنا بذلك على إباحة اللدود في العلاج من العلة التي هو علاجها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لدو ما كان علاجه وكان طبهم فيه خطأ وكان ما أخر به من الداد من حضر على وجه التأديب حتى لا يعدن إلى مثله وليس على سبيل القصاص لأنه لم يأمر أن يلدوا بمقدار مالدوه به لا بأكثر منه.
__________
1 هكذا والظاهر شهد -.
2 كذا.

(1/257)


في الإدام
روى جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم الادام الخل" وروى عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1/257)


"ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة".
كان أبو حنيفة وأبو يوسف يقولان الادام ما يصطبغ به كالزيت والخل وما أشبههما والشواء ليس بادام وكذا اللحم وقال محمد هذه الأشياء كلها ادامات وكل ما يؤكل به الخبز فهو ادام وروى عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة فيكفئها الجبار بيده كما يكفئ أحد خبزته من السفر 1 نزلا لأهل الجنة" فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: تكون الأرض خبزة واحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا أخبرك بإدامها؟ قال: بلى, قال: "إدامها بالأم ونون" قالوا: وما هذه, قال: "ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا".
ففيه أن الثور والنون إدام لأهل الجنة يأكلون به ما يأكلون من الخبزة المذكورة وروى عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة فقال: "هذه إدام هذه فأكلها".
وفي الديثين ما يدل على أن ما لم يصطبغ به الخبز ادام كالذي يصطبغ به من غير فرق وكلام العرب يدل عليه يقال أدم الله بينهما يعني جعل بينهما المحبة والتفاق روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمغيرة بن شعبة لما أخبره أنه خطب امرأة: "هل نظرت إليها؟ " فقال: لا, فقال: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" فيكون ما يطيب به الطعام ليؤكل اداما له كما قاله محمد بن الحسن.
__________
1 كذا في الظاهر – السفرة.

(1/258)


في اليمين بغير الله تعالى
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح

(1/258)


وأبيه إن صدق" لما جاءه أعرابي يسأل عن الإسلام فأخبره بشرائع الإسلام وقال الأعرابي: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فإنه كان مباحا وانتسخ بالنهي ويؤيده ما روى أن حبرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون, فقال: "سبحان الله", قال: إنكم تقولون إذا حلفتم: والكعبة قال فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة".
ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "من حلف بغير الله فقد أشرك" يعني جعل ما حلف به محلوفا به كما أن الله تعالى محلوف به وذلك ذنب ولكن لا يريد به الشرك الذي يكون به خارجا عنالإسلام نظير ما روى من قوله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل" في أن المراد به أن شيئا تولى الله فعله قيل فيه إن سبب فعله كذا وكذا مما يتطير به فمثل ذلك الشرك المذكور في الحلف بغير الله إلا الشرك الذي يوجب الكفر.
ومنه ما روى عن سعد بن أبي وقاص أنه قال حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا قال: "قلت: هجرا أتفل عن يسارك ثلاثا وقل لا إله إلا الله وحده واستغفر الله ولا تعد".
فيه ما يدل على أن سعدا لم يخلف الأعلى ما اعتاده لسانه ساهيا عن تحريم الله ذلك عليه بإسلامه وذلك من اللغو وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تعد" معناه والله أعلم أن يتحفظ من نفسه والأخذ بالحزم لئلا يقع في مثله وأمره بالاستغفرا مخافة أن يكون قد قصر في التحفظ.
ومنه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف بملة سوى ملة الإسلام كاذبا فهو كما قال".
فيه معنى لطيف من الفقه وهو أن من حلف فقال هو يهودي إن كان

(1/259)


كذا وكذا لما يعلم أنه قد كان فقد علق قوله: هو يهودي بما لا معنى له فكان بمنزلة قوله: هو يهودي من غير تعليق يصير به مرتدا فإن التعليق بالكائن تنجيز كالرجل يقول امرأته طالق إن كان كذا لما هو عالم أنه قد كان بخلاف التعليق بالمستقبل فإنه لا يصير مرتد أو لا يقع الطلاق لما لم يكن بعد فالحديث إنما هو في الحلف على الأشياء المستدبرة لأعلى المستقبلة.

(1/260)


في النذر
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنه لا يؤخر شيئا ولكن يستخرج به من البخيل" وزاد بعض وأمر بالوفاء به.
ليس النذر بمعصية فينهى عنه وإنما المنهي اعتقادهم أنه يؤخر ما يحبون تأخيره أو يعجل ما يحبون تعجيله ولذلك أمر بالوفاء به ومدح من يوفيه في قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً} الآية أي إن لم يوفوا به.
ومنه ما روي عن أنس بن مالك قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رجل من الكفار أشد الناس على المسلمين فقال رجل من الصحابة لئن أمكنه الله منه ليضربن عنقه قال: فأظفر الله المسلمين بهم فكانوا يجيئون بهم أسارى فيبا عهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئ بذلك الرجل فكف صلى الله عليه وسلم عن بيعته ليفي الرجل بنذره وكره الرجل أن يضرب عنقه قدام الرسول صلى الله عليه وسلم فلما رآه لا يصنع شيئا بايعه فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أصنع يا رسول الله بنذري؟ قال: "قد كففت عنه لتفي بنذرك فلم تصنع شيئا" فقال: يا رسول الله لولا أومضت إلي؟ قال: "ما كان لنبي أن يومض" فيه إنه نذر بالقتل وإن الوفاء به فاته بإسلامه لأن المنع بالشريعة كالمنع بالعدم وعيه فارة لما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" وزاد بعض في الحديث ويكفر يمينه لأن الشرع أعجزه عن الوفاء بالمعصية فيكون كالنذر.

(1/260)


الذي عجز عن الوفاء به فيجب فيه الكفارة وما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة اليمين بالله" وإن كان غير قائم الإسناد لكنه يستظهر به على صحة زيادة بعض الرواة في الحديث المذكور وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين" ولو صح فمعناه في غضب الله فيعود إلى معنى النذر في المعصية ولو كان النذر مما يصح فعله شرعا فعجز عن ذلك لضعفه يجب عليه الكفارة كما يؤمر الحالف بالكفارة إذا حنث فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة اليمين" على ما روى ابن عباس قال جاء رجل فقال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية فقال: "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا لتحج راكبة وتكفر يمينها" وروى زيادة تفسير فيه بيان الموجب للكفارة وهو ما روى عن عقبة بن عامر الجهني أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية غير متخمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام" وكان كشفها وجهها حراما فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة لمنع الشريعة إياها منه وهو على ما زاده بعض الرواة من قوله: "ويكفر يمينه فيمن نذر أن يعصي الله" وعليها مع ذلك الهدى لركوبها فيما نذرت من المشي يبين ذلك أن الحديث قد روى من رواية ابن عباس عن عقبة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "مرها فلتركب وتخمر رأسها ولتهد هديا" فأوجب عليها الهدي لمكان المشي الذي نذرته وهو من الطاعات فعحزت عنه كما يؤمر به من قصر في شيء من حجه وسكت فيه عن الكفارة لما نذرته من المعصية في كشف رأسها وأوجب عليها في الحديث الأول الكفارة لما نذرته من المعصية في كشف رأسها وسكت عن وجوب الهي عليها لعجزها عن المشي فبان معنى الأحاديث وأنه لا تعارض في شيء منها.
فإن قيل: روى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1/261)


نظر إلى أبي إسرائيل فقال: "ما باله؟ " قالوا: إنه نذر أن يصوم ويقوم في الشمس ولا يتكلم قال: "مروه فليتم صومه وليجلس وليستظل ويتكلم" ولم يذكر في ذلك كفارة قيل له يحتمل أنه أمر بالكفارة فقصر الراوي عن نقله كما قصر الراوي في المفطر بجماع أهله عن نقل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من قضاء يوم مكان ذلك اليوم ويحتمل أن تكون الكفارة لم تكن حينئذ واجبة ثم وجبت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها في حال ما وجب التمسك بها1 حتى يعلم نسخها.
ومنه ما روي أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام قال: "ف بنذرك". لا حجة لمن استدل في لزوم نذر حال الكفر بعد الإسلام به لأن لفظة ف لا تستعمل إلا فيما ليس بواتجب يقال ف لفلان بوعدك وفي الواجب يقال أوف قال تعالى: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} يقال أوفي يوفي إيفاء ووفى يفي وفاء فقوله صلى الله عليه وسلم لعمر "ف بنذرك" معناه فهو أحسن لا أنه واجب ولكنه وجد في بعض الآثار أوف بنذرك فتعارض اللفظان فسقط أن يكون حجة لبعض المختلفين على بعض مع أن الإيفاء قد يستعمل في غير الواجب وإن كان الأفصح ما قلنا ولما كان كذلك نظرنا هل نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حقيقة الأمر فيه فوجدنا حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال قلت: يا رسول الله والله ما أتيتك حتى حلفت عددا وجمع بين أصابع يديه أن لا آتيك ولا آتي دينك وإني قد جئتك امرءا لا أعقل شيئا إلا ما علمني الله ورسوله الحديث ولم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفارات عما كان من إيمانه التي قد حنث فيها فدل ذلك أنه لم يكن عليه فيها كفارات وإن حلفه بها في حال شركه كلا حلف وإذا كان في حلفه كذلك فنذره أحرى يؤيده ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما النذر فيما ابتغى به وجه الله عز وجل"
__________
1 كذا.

(1/262)


والمشرك لا يبتغي وجه الله فلا نذر له والذي أمر عمر بن الخطاب إنما هو أن يفي له بطاعة يطيعه بها في الإسلام مكان النذر الذي لم يكن منه طاعة حتى يستعمل حسنة مكان النذر الذي لو عمله في حال شركه لم يكن كذلك يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".

(1/263)