النتف في
الفتاوى كتاب الْجَنَائِز
اعْلَم ان كتاب الْجَنَائِز يَدُور على عشر مسَائِل
1 - احدها مسئلة الْمَرِيض
2 - وَالثَّانِي مسئلة الْحُضُور
3 - وَالثَّالِث مسئلة الْغسْل
4 - وَالرَّابِع مسئلة الحنوط
5 - وَالْخَامِس مسئلة التَّكْفِين
6 - وَالسَّادِس مسئلة حمل الْجِنَازَة
7 - وَالسَّابِع مسئلة الصَّلَاة على الْمَيِّت
8 - وَالثَّامِن مسئلة الدّفن
9 - وَالتَّاسِع مسئلة مَا يصنع بالقبر
10 - والعاشر مسئلة التَّعْرِيض
مسئلة الْمَرِيض
فَأَما الْمَرِيض اذا مرض فَعَلَيهِ ان يُوصي
وَالْوَصِيَّة على وَجْهَيْن فَرِيضَة وفضيلة
(1/114)
فَأَما الْفَرِيضَة على وَجْهَيْن
احداها لاجل حُقُوق الله تَعَالَى
وَالثَّانِي لأجل حُقُوق النَّاس
فاما حُقُوق النَّاس فَمن رَأس المَال مُتَّفقا
واما حُقُوق الله تَعَالَى فَمن الثُّلُث فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد
الله وَعند أهل الحَدِيث فائضا من رَأس المَال
وَأما الْفَضِيلَة فعلى وَجْهَيْن
احدهما من المَال
فَأَما الَّذِي فِي المَال فعلى وَجْهَيْن احدهما ان كَانَ فِي المَال
قلَّة وَفِي الْوَرَثَة كَثْرَة لَا يوصى بِشَيْء من الثُّلُث لَان
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ
لَان يدع احدكم وَارثه غَنِيا خير من ان يَدعه يَتَكَفَّف النَّاس
(1/115)
وان كَانَ فِي الْوَرَثَة قلَّة وَفِي
المَال كَثْرَة فَلهُ ان يُوصي الى الثُّلُث
وَالثَّانِي ان يَجْعَل نَصِيبا فِي الْوَصِيَّة لقراباته وَالَّذين لَا
يَرِثُونَ مِنْهُ
واما الَّذِي فِي التَّقْوَى فانه على وَجْهَيْن
احدهما فِي التحضيض وَالتَّرْغِيب على طَاعَة الله تَعَالَى وَطلب الْجنَّة
وَالثَّانِي فِي التَّرْهِيب والتخويف عَن مَعْصِيَته وناره وَهَذِه
وَصِيَّة الله تَعَالَى فِي عباده وَوَصِيَّة انبيائه وأوليائه الصَّالِحين
مسئلة الْحُضُور
وَأما الْحُضُور فَهُوَ ان يبلغ العَبْد الى النزع وازف الى الْخُرُوج من
الدُّنْيَا فَأن على من حَضَره أَن يصنع بِهِ عشرَة اشياء
احدها ان يوجهه الى الْقبْلَة اما على قَفاهُ اَوْ على يَمِينه
وَالثَّانِي ان يمد اعضاءه
وَالثَّالِث ان يغمض عَيْنَيْهِ
وَالرَّابِع ان يقْرَأ عِنْد رَأسه سُورَة يس
وَالْخَامِس ان يحضرهُ بِشَيْء من الطّيب
وَالسَّادِس ان يلقنه لَا اله الا الله
وَالسَّابِع ان يشد ذقنه لِئَلَّا يسترخي
وَالثَّامِن ان يخرج من عِنْده النِّسَاء الْحَائِض وَالنُّفَسَاء وَالْجنب
وَالتَّاسِع ان يضع شَيْئا على بَطْنه لِئَلَّا ينتفخ
والعاشر ان يقْرَأ عِنْده الْقُرْآن الى ان يرفع
(1/116)
مسئلة الْغسْل
وَأما الْغسْل فانه كالغسل من الْجَنَابَة بِعَيْنِه الا فِي خصْلَة
وَاحِدَة عِنْد الْفُقَهَاء وَهُوَ ان لَا مضمضة وَلَا استنشاق فِي غسل
الْمَيِّت وهما فِي غسل الْجَنَابَة واجبتان
وَعند ابي عبد الله غسل الْمَيِّت يُوَافق الْغسْل من الْجَنَابَة الا فِي
ثَلَاث خِصَال
احدها أَن الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق مستويان فِي غسل الْجَنَابَة
وَغير مستويين فِي غسل الْمَيِّت
وَالثَّانيَِة ان الْمَيِّت يستنجا حِين يغسل اعلا بدنه
وَالثَّالِثَة ان الْمَيِّت يغسل بِثَلَاثَة مياه ثَلَاث مَرَّات لَان لكل
مَاء حكما كَالْحكمِ فِي الْجَنَابَة
عدد مَرَّات غسل الْمَيِّت
وَأما أَقْوَال الْفُقَهَاء فِي عدد مَرَّات غسل الْمَيِّت فَأَرْبَعَة
فَفِي قَول مَالك لَا حد لَهُ وانما يغسل حَتَّى ينقى
وَفِي قَول الشَّافِعِي يغسل ثَلَاثًا والا خمْسا وَنَحْوه
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه يغسل ثَلَاثًا لَا غير ذَلِك
وَقَول ابي عبد الله يغسل بِثَلَاث مياه وَبِكُل مَاء ثَلَاث مَرَّات
واما الْغسْل الاول فبالماء القراح
(1/117)
وَالثَّانِي فبالسدر أَو مَا يقوم مقَام
السدر مثل الحرض والطين وَنَحْوهمَا
وَالثَّالِث بِمَاء الكافور أَو مَا يقوم مقَام كافور من الطّيب
قَالَ وَالنَّاس بحذاء الْغسْل على صنفين
صنف يغسل وصنف لَا يغسل
الصِّنْف الَّذِي لَا يغسل
فَأَما الصِّنْف الَّذِي لَا يغسل فهم سَبْعَة اصناف
احدها الْمَرْأَة تَمُوت بَين الرِّجَال فان الرجل ييمها وَيجوز للرجل ان
يغسل امْرَأَته فِي قَول ابي عبد الله وَالنَّخَعِيّ وَكَذَلِكَ السَّيِّد
لامته كَمَا ان عليا غسل فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا وَلَا يجوز عِنْد
الْفُقَهَاء لانه يجوز لَهُ ان يتَزَوَّج بأختها واربعا سواهَا واذا كَانَ
يتَزَوَّج بأختها وأربعا سواهَا فانه لَا يغسلهَا فِي قَول ابي عبد الله
وَالثَّانِي رجل يَمُوت بَين النِّسَاء فان النِّسَاء ييممنه وَيجوز
للْمَرْأَة أَن تغسل زَوجهَا فِي قَول الْفُقَهَاء وَقَول ابي عبد الله
وَلَا يجوز لَام الْوَلَد ان تغسل سَيِّدهَا فِي قَول الْفُقَهَاء زَعَمُوا
انها فِي عدَّة من الوطئ لَا من النِّكَاح وَفِي قَول ابي عبد الله يجوز
لَان عدتهَا كعدة الْحرَّة وَهِي أَرْبَعَة أشهر وَعشر
وَالثَّالِث الْخُنْثَى الْمُشكل امْرَهْ يَمُوت بَين النِّسَاء فانه ييمم
وَلَا تغسله النِّسَاء وَلَا الرِّجَال
وَالرَّابِع صَاحب الجدري والقروح الَّذِي لَا يقدر على غسله فانه ييمم
(1/118)
وَالْخَامِس السقط وَهُوَ على ثَلَاثَة
أوجه
احدها ولد فِي نَفسه وَولد فِي غَيره وَهُوَ الَّذِي يُولد من أمه حَيا
فانه يُوجب عشرا من الاحكام ثَلَاثَة فِي امهِ وَسَبْعَة فِي نَفسه
فَأَما الَّتِي فِي امهِ
تصير أمه أم ولد
وَتصير امهِ بِهِ نفسَاء
وَتخرج الام بِهِ من الْعدة
واما الَّتِي فِي نَفسه
فانه يَرث وَيُورث مِنْهُ ويحجب وَيغسل ويكفن وَيصلى عَلَيْهِ ويدفن
وَالثَّانِي ولد فِي غَيره وَلَا ولد فِي نَفسه وَهُوَ الَّذِي يُولد من
امهِ مَيتا قد تبين اعضاءه فانه يُوجب سِتَّة اشياء فَمن الاحكام ثَلَاثَة
فِي نَفسه وَثَلَاثَة فِي أمه
فَأَما الَّتِي فِي امهِ فَمَا ذَكرنَاهَا فِي الاولى
واما الَّتِي فِي نَفسه فانه يغسل ويكفن ويدفن وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء لَا
يغسل
وَالثَّالِث ولد فِي نَفسه وَلَا ولد فِي غَيره وَهُوَ الَّذِي يسْقط من
امهِ لَا يتَبَيَّن شَيْء من اعضائه فَأن رَأَتْ الْمَرْأَة الدَّم
ثَلَاثَة أَيَّام اَوْ فَوْقهَا الى عشرَة أَيَّام فانها حيض وان رَأَتْ
دون الثَّلَاث وَفَوق الْعشْرَة فانها اسْتِحَاضَة
وَالسَّادِس مُسلم وَكَافِر مَاتَا بَين الْكفَّار وَلَا يعْرفُونَ فانه
يغسل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَكِن يصلونَ عَلَيْهِمَا وينوون بذلك الصَّلَاة
على الْمُسلم وَحده
(1/119)
واذا مَاتَ مُسلم وَكَافِر بَين الْمُسلمين
فانهم يغسلون اذا لم يعرف الْكَافِر وَيصلونَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا
غسل الشَّهِيد
الشَّهِيد على وَجْهَيْن
احدهما يغسل
وَالثَّانِي لَا يغسل
فَأَما الشَّهِيد الَّذِي يغسل فانهم اثْنَا عشر صنفا
1 - الْمَحْبُوس 2 والمظلوم 3 وَالنُّفَسَاء 4 والمبطون 5 والمطعون 6
والغريق 7 المهدوم 8 والحريق 9 والمتردي 10 واللديغ 11 والصريع 12
وَالَّذِي يقْتله القولنج 12 والغريب اذا كَانَ فِي سَبِيل الْخَيْر
وَأما الَّذِي لَا يغسل فانهم عشرَة اصناف
احدهم الَّذِي قتل فِي حَرْب الْكفَّار بِالسِّلَاحِ
وَالثَّانِي الَّذِي قتل فِي حَرْب الْكفَّار بِغَيْر السِّلَاح
وَالثَّالِث الَّذِي قتل فِي حَرْب الْخَوَارِج بِالسِّلَاحِ
وَالرَّابِع الَّذِي قتل فِي حَرْب الْخَوَارِج بِغَيْر سلَاح
وَالْخَامِس الَّذِي قَتله القطاع بِالسِّلَاحِ
وَالسَّادِس الَّذِي قَتله القطاع بِغَيْر سلَاح
(1/120)
وَالثَّامِن الَّذِي قتل مَظْلُوما
بِاللَّيْلِ من غير سلَاح
والعاشر الَّذِي قتل بِالنَّهَارِ مَظْلُوما بِغَيْر سلَاح
وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء انه يغسل
وَيغسل الشَّهِيد اذا كَانَ فِيهِ خصْلَة من هَذِه الْخِصَال الثَّمَانِية
احدها اذا رفع من المعركة حَيا ثمَّ مَاتَ على ايدي الرِّجَال اَوْ أكل
اَوْ شرب اَوْ بَاعَ اَوْ اشْترى اَوْ طلق اَوْ نكح اَوْ بَقِي على
مَكَانَهُ يَوْم مَاتَ وَلَو اوصى ثمَّ مَاتَ فانه لَا يغسل
قَالَ وَلَو نسي غسل الْمَيِّت حَتَّى صلوا عَلَيْهِ فانه يغسل وتعاد
الصَّلَاة عَلَيْهِ
واذا نسي غسله حَتَّى دفن فان ذكر قبل ان يسوى عَلَيْهِ التُّرَاب فانه
يخرج وَيغسل وتعاد عَلَيْهِ الصَّلَاة وان ذكر بَعْدَمَا سوى عَلَيْهِ
اللَّبن فانه يتْرك وَلَا يخرج
مسئلة الحنوط
وَأما الحنوط فانه مسنون وَيجوز ذَلِك من كل طيب الا الزَّعْفَرَان
(1/121)
والورس لَان فِيهَا لون الصُّفْرَة وَأفضل
الحنوط اذا كَانَ من مسك أَو كافور عِنْد الْفُقَهَاء وابي عبد الله وَعند
أهل الحَدِيث لَا يجوز الْمسك فِي الحنوط
والحنوط على سِتَّة أوجه
احدها ان يَجْعَل فِي اثناء اكفانه وَهُوَ الذريرة
(1/122)
وَالثَّانِي ان يَجْعَل على مساجده وَهُوَ
الْمسك والكافور والغالية وَنَحْوهَا والمساجد ثَمَانِيَة مَوَاضِع
الْجَبْهَة والانف وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالرجلَانِ اللَّذَان
يَقع عَلَيْهَا السُّجُود
وَالثَّالِث تجمر اكفانه وترا وَهُوَ الْعود والمعجون وَنَحْوهمَا
والحنوط من رَأس المَال اذا كَانَ حنوط مثله وَكَذَلِكَ المَاء لغسله اذا
احْتِيجَ الى شِرَائِهِ اذا كَانَ يُبَاع بِسعْر النَّاحِيَة
مسئلة التَّكْفِين
وَأما التَّكْفِين فان الْكَفَن من رَأس المَال وَهُوَ فَرِيضَة وَهُوَ
مبدى على الدّين
وكفن الرجل ثَلَاثَة أَثوَاب ازار وقميص ولفافة
وكفن الْمَرْأَة خَمْسَة أَثوَاب ازار وقميص ولفافة ومقنعة تلف فِي رَأسهَا
ووجها وخرقة ترْبط بهَا اكفانها من الْخَارِج فِي قَول الْفُقَهَاء وَفِي
قَول ابي عبد الله وسُفْيَان وَالشَّافِعِيّ يلف بهَا رجلاها من دَاخل
الْكَفَن وتعلقوا بقول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ قَالَ للنسوة
اشعرنها وَقَالُوا ان
(1/123)
الشعار بِمَا يَلِي الْجَسَد وَقَالَت
الْفُقَهَاء بل الشعار الْعَلامَة على ظَاهر الشَّيْء
وَفِي قَول زفر وابي عبد الله الافضل ان يكون كفن الرجل ثَلَاثَة لفائف
وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة قَالَ وَلَو كفن الْمَيِّت فِي ثوب وَاحِد يوارى
جسده كُله جَازَ
وَقَالَ وَلَا يغطى رَأس الْمحرم وَلَا وَجهه فِي قَول ابي عبد الله
وَالشَّافِعِيّ وَفِي قَول الْفُقَهَاء جَمِيعًا
مسئلة حمل الْمَيِّت
وَأما مسئلة حمل الْجِنَازَة وَالْمَشْي بهَا فانها على خَمْسَة اوجه
احدها لمن يمشي بالجنازة فَيَنْبَغِي ان يمشي فَوق البطئ وَدون الخبب مشيا
بَين المشيتين
وَالثَّانِي لمن يتبعهَا يَنْبَغِي ان يمشي خلفهَا لَان الْجِنَازَة متبوعة
لَيست بتابعة وَلَو تقدمها اُحْدُ لِكَثْرَة الزحام ومضايقة الطَّرِيق
جَازَ
وَالثَّالِث لمن يَأْخُذ بالجنازة فَيَنْبَغِي ان يَأْخُذهَا بالجوانب
الاربعة لَان السّنة فِيهَا كَذَلِك وَيبدأ بميامن الْمَيِّت فيأخذها على
مَنْكِبه الايمن من مقدمه الى مؤخره ثمَّ يعْطف من خلفهَا الى يسَار
الْمُقدم وَهُوَ يَمِين الْجِنَازَة فيأخذها على مَنْكِبه الايسر الى مُؤخر
الْيُسْرَى فاذا فعل ذَلِك فقد قضي مَا هُوَ السّنة
(1/124)
وَالرَّابِع لمن يرى الْجِنَازَة فان كَانَ
من رَأْيه اتباعها يقوم لَهَا وان لم يكن فَلَا يقوم لَهَا
وَالْخَامِس لمن تقدمها أَو تأخرها ان لَا يعْقد من قِيَامه حَتَّى تُوضَع
الْجِنَازَة على الارض كَأَنَّهُ لَعَلَّ الْجِنَازَة تحْتَاج الى الْحمل
والاخذ
مطلب الصَّلَاة على الْجِنَازَة
وَأما الصَّلَاة على الْجِنَازَة فانها على سَبْعَة أوجه
احدها كَيْفيَّة قيام الْقَوْم على الْجِنَازَة
وَالثَّانِي كَيْفيَّة قيام الامام على الْجِنَازَة
وَالثَّالِث كَيْفيَّة وضع الْجِنَازَة على الارض
وَالرَّابِع كَيْفيَّة التَّكْبِيرَات على الْجِنَازَة
وَالْخَامِس من أولى بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة
وَالسَّادِس هَل تجوز اعادة الصَّلَاة على الْجِنَازَة
وَالسَّابِع صَلَاة الْجِنَازَة صَلَاة على الْحَقِيقَة أم لَا
فَأَما الْقَوْم اذا قَامُوا على الْجِنَازَة يَنْبَغِي ان يقومُوا
ثَلَاثَة صُفُوف وان قلوا لَان ذَلِك أفضل وَقد جَاءَت الاثار بذلك وان
قَامُوا بِخِلَاف ذَلِك جَازَ
قيام الامام على الْجِنَازَة
وَأما قيام الامام فان الامام يقوم عِنْد صدر الْمَيِّت لانه مَعْدن الْقلب
وَالْقلب ملك الْجَسَد لَان الصَّدْر قطب الانسان وَسَائِر الْبدن اطراف
وَلِأَن الْقلب مَعْدن الْمعرفَة واشكالها
وروى عَن ابي يُوسُف انه قَالَ يقوم عِنْد الرَّأْس
(1/125)
وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء يقوم عِنْد وسط
الرجل وَصدر الْمَرْأَة
وَيَنْبَغِي ان يكون بَين الامام وَبَين الْجِنَازَة فُرْجَة واما وضع
الْجِنَازَة على الارض اذا زَادَت وَاحِدَة فانه على وَجْهَيْن
احدهما اذا اجْتمعت الْجَنَائِز فَكيف تُوضَع
وَالثَّانِي اذا تَتَابَعَت بَعْضهَا على أثر بعض
فَأَما إِذا اجْتمعت الْجَنَائِز فانه يقدم سبعا على سبع الى الامام
احدهما الرِّجَال على النِّسَاء وَالرِّجَال على الصّبيان وَالنِّسَاء على
الْجَوَارِي والاحرار على العبيد والفحول على الخصيان والشيوخ على الشبَّان
وَالْعُلَمَاء على الْجُهَّال وَكَذَلِكَ يوضع فِي الْقَبْر اذا وضع اكثر
من وَاحِد
وَأما الْجَنَائِز اذا تَتَابَعَت فان فِيهَا ثَلَاثَة أقاويل
فَفِي قَول الْفُقَهَاء لَو وضعت جَنَازَة وَكبر الامام عَلَيْهَا
تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ثمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَأن الامام يتم على الاولى
أَربع تَكْبِيرَات وَيسلم ثمَّ يسْتَأْنف الصَّلَاة على الاخرى
وَكَذَلِكَ فِيمَا وَرَاء ذَلِك وَلَا يجوز غير ذَلِك لانه يُوجب ان تكون
تَكْبِيرَة وَاحِدَة افتتاحا من جِهَة وَغير افْتِتَاح من جِهَة وَفِي قَول
الشَّافِعِي يجوز مَا لم تزد الْجِنَازَة الاولى على سبع تَكْبِيرَات
وَهِي تكون من أَربع جنائز وَبِه اخذ اسحق بن رَاهَوَيْه
وَفِي قَول ابي عبد الله يجوز الى سبع جنائز وَقد روى فِي الشاذ ان
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام صلى على قَتْلَى أحد سبعا سبعا وايضا للاسباع
خَصَائِص فِي أَشْيَاء
(1/126)
مطلب التَّكْبِير على الْجِنَازَة
واما التَّكْبِيرَات على الْجَنَائِز فانه على أَرْبَعَة أوجه
أَحدهَا فِي الْعدَد قَالَ ابْن ابي ليلى يكبر خمْسا
وَفِي قَول أبي حنيفَة واصحابه وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله يكبر
أَرْبعا
وَالثَّانِي فِيمَن اِدَّرَكَ الامام وَقد كبر قَالَ ابو حنيفَة وَمُحَمّد
لَا يكبر حَتَّى يكبر الامام وَقَالَ ابو يُوسُف وابو عبد الله بل يكبر اذا
اِدَّرَكَ الامام فاذا فرغ الامام قضى مَا فَاتَهُ مَعَ الامام فِي
الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا تباعا
وَالثَّالِث ان الامام اذا زَاد على ارْبَعْ تَكْبِيرَات يقطع من خَلفه ام
لَا قَالَ ابو حنيفَة وَمُحَمّد وسُفْيَان يقطع الْمُؤْتَم وَلَا يُتَابِعه
فِي هَذَا وَقَالَ الْحسن بن صَالح بن حَيّ بل يمسك لَا يكبر وَلَا يقطع
وَقَالَ ابو يُوسُف وابو عبد الله بل يكبر مَعَ الامام
وَالرَّابِع فِي رفع الْيَدَيْنِ على الْجِنَازَة فَفِي قَول الشَّافِعِي
يرفع الْيَدَيْنِ عِنْد التَّكْبِيرَات وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وسُفْيَان وابي عبد الله لَا يرفع الا عِنْد التَّكْبِيرَة الاولى
واما من هُوَ اولى بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة فَفِي قَول ابي حنيفَة
الْوَالِي فان لم يكن فامام الْحَيّ فان لم يكن فالولي اولى
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله الْوَلِيّ
اولى من الْوَالِي واولى الاولياء الاب ثمَّ الْجد أَب الاب ثمَّ الابْن
ثمَّ ابْن الابْن فَمن سفل ثمَّ الاخ الى آخر الْعَصَبَات
الصَّلَاة على الْمَرْأَة
واما الصَّلَاة على الْمَرْأَة فَفِي قَول الْفُقَهَاء الاب اولى
بِالصَّلَاةِ من الزَّوْج
(1/127)
وَفِي قَول ابي عبد الله الزَّوْج اولى من
الاب
إِعَادَة الصَّلَاة على الْجِنَازَة وَأما اعادة الصَّلَاة على الْجِنَازَة
فان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله تُعَاد عَلَيْهَا لِأَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على قَتْلَى اُحْدُ وعَلى حَمْزَة
سبعين مرّة بعد كل وَاحِد مِنْهُم
الصَّلَاة على الْجِنَازَة دُعَاء ام صَلَاة
واما الصَّلَاة على الْجِنَازَة هَل هِيَ صَلَاة على الْحَقِيقَة أم لَا
فان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه هِيَ دُعَاء على الْحَقِيقَة وَلَيْسَت
بِصَلَاة لانه لَا قِرَاءَة فِيهَا وَلَا رُكُوع وَلَا سُجُود وَفِي قَول
ابي عبد الله هِيَ صَلَاة على الْحَقِيقَة معشر علل فِيهَا لاجل
التَّكْبِير وَالتَّسْلِيم واستقبال الْقبْلَة وَتقدم الامام واصطفاف
الْقَوْم خَلفه والهارة والامتناع عَن الْكَلَام ومتابعة الامام وَرفع
الْيَدَيْنِ عِنْد التَّكْبِيرَة الاولى وتعارف النَّاس اياها بِالصَّلَاةِ
واوكد من ذَلِك كُله قَوْله تَعَالَى {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ
أبدا}
القهقه فِي صَلَاة الْجِنَازَة
وَلَو ضحك فِيهَا اُحْدُ حَتَّى قهقه فان فِي قَول الْفُقَهَاء لَا يفْسد
وضوءه وَلَكِن يُعِيدهَا وَفِي قَول ابي عبد الله يفْسد وضوءه ايضا
حلف ان لَا يُصَلِّي
وَقَالُوا ايضا لَو ان رجلا حلف ان لَا يُصَلِّي ثمَّ صلى على الْجِنَازَة
(1/128)
فانه لَا يَحْنَث وَفِي قَول ابي عبد الله
يَحْنَث وايضا قَالُوا لَو ان امْرَأَة قَامَت فِيهَا بِجنب رجل لَا تفْسد
الصَّلَاة على الرجل على اصلهم
مطلب فِي الدّفن
واما الدّفن فَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه
احدها فِي الْبَحْر
وَالثَّانِي فِي الْبر
وَالثَّالِث فِي الْقَبْر
الدّفن فِي الْبَحْر
فاما فِي الْبَحْر فانهم يكفنون الْمَيِّت ويحنطونه وَيصلونَ عَلَيْهِ ثمَّ
يسيبونه فِي المَاء
الدّفن فِي الْبر
واما الْبر اذا مَاتَ فِيهِ اُحْدُ فانهم يَفْعَلُونَ بِهِ مَا يفعل
بِالْمَيتِ ثمَّ يجمعُونَ عَلَيْهِ الْحجر والرمل ان امكنهم وان لم
يُمكنهُم يخطون عَلَيْهِ خطة ويتركونه
الدّفن فِي الْقَبْر
واما الْقَبْر فالمستحب فِيهِ خمس خِصَال وَالْمَكْرُوه فِيهِ عشر خِصَال
واحوال الْمَيِّت فِيهِ على سِتَّة اوجه
اما الْمُسْتَحبّ فِيهِ فاولها ان يحْفر الْقَبْر الى مبلغ السُّرَّة
وَالثَّانِي ان
(1/129)
يحْفر فِيهِ لحد وَالثَّالِث ان يحْفر
اللَّحْد نَحْو الْقبْلَة وروى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
انه قَالَ اللَّحْد لنا والشق للْيَهُود وَالرَّابِع لَا يُزَاد على
التُّرَاب الَّذِي قد يخرج مِنْهُ وَالْخَامِس ان يتم الْقَبْر
وَلَو الْحَد فِي الْجَانِب الاخر جَازَ وَلَو كَانَ الْمَكَان ضيقا
والحدوا فِيهِ لحدين واسعين فَيُوضَع فِي كل لحد ثَلَاثَة من الاموات جَازَ
واما الْمَكْرُوه فأولها تربيع الْقَبْر وَالثَّانِي ان يطين وَالثَّالِث
ان يجصص وَالرَّابِع ان ينقش عَلَيْهِ وَالْخَامِس ان يكْتب عَلَيْهِ اسْم
صَاحبه وَالسَّادِس ان يَجْعَل عَلَيْهِ عَلامَة وَالسَّابِع ان يبْنى
عَلَيْهِ وَالثَّامِن ان يبْنى عَلَيْهِ مَسْجِد وَالتَّاسِع ان يصْبغ
والعاشر ان يَجْعَل فِيهِ الْآجر لاصابة النَّار لَهُ ولانه من الزِّينَة
ولانه يوضع لاجل الْبَقَاء وَالْمَيِّت يوضع للبلى
احوال الْمَيِّت
واما احوال الْمَيِّت فعلى سِتَّة اوجه
احدها وضع الْجِنَازَة على الْقَبْر فانه يوضع من تِلْقَاء الْقبْلَة فِي
قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله وَعند اهل الحَدِيث يوضع نَحْو رَأس
الْقَبْر
وَالثَّانِي ادخال الْمَيِّت فِي الْقَبْر فانه يدْخل من قبل الْقبْلَة
بأَرْبعَة من الرِّجَال اَوْ ثَلَاثَة فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله
وَعند اهل الحَدِيث يسل سلا من قبل رَأس الْقَبْر وان يستر بملحفة عِنْد
ادخال الْمَرْأَة فِي الْقَبْر
(1/130)
وَالثَّالِث اضجاع الْمَيِّت فِي الْقَبْر فانه يوضع على شقَّه الايمن
وَوَجهه الى الْقبْلَة وَيفتح عَنهُ كل مَا عقد عَلَيْهِ
وَالرَّابِع ان يسد اللَّحْد عَلَيْهِ بِاللَّبنِ
وَالْخَامِس ان يهال التُّرَاب عَلَيْهِ بالايدي ثمَّ يهال بِالْمَسَاحِي
وَالسَّادِس ان يرش الْقَبْر بعد مَا يفرغ من اهالة التُّرَاب عَلَيْهِ
بِالْمَاءِ وَهُوَ تَمام الدّفن
التَّعْزِيَة
واما التَّعْزِيَة فانها سنة وَهِي مرّة وَاحِدَة فاذا فعل فقد ادى
الْوَاجِب وَيكرهُ ان يقوم الرجل على رَأس الْقَبْر حَتَّى يعزى وَلَكِن
فِي الطَّرِيق اذا رَجَعَ وَفِي الْبَيْت
اطعام اولياء الْمَيِّت
وَيسْتَحب ان يَجْعَل شَيْء من الطَّعَام لاولياء الْمَيِّت وَيبْعَث بِهِ
اليهم لانهم قد شغلوا عَن ذَلِك |