النتف في الفتاوى

كتاب الصَّوْم
تَعْرِيف
اعْلَم ان الصَّوْم هُوَ ترك الطَّعَام وَالشرَاب وَالْجِمَاع مَعَ وجود النِّيَّة وَلَا يَصح الصَّوْم الا بِالنِّيَّةِ

انواع الصَّوْم
وَالصَّوْم على نَوْعَيْنِ
1 - صَوْم عين 2 وَصَوْم دين

(1/141)


فالعين على ثَلَاثَة اوجه وَالدّين على ثَلَاثَة

صَوْم الْعين
فاما الْعين فاحدها صَوْم رَمَضَان وَالثَّانِي صَوْم النَّافِلَة وَالثَّالِث النّذر الْمعِين وَهُوَ ان ينذر ان يَصُوم كل جُمُعَة اَوْ كل خَمِيس اَوْ نَحوه

صَوْم الدّين
واما الدّين وَاحِدهَا قَضَاء شهر رَمَضَان وَالثَّانِي صَوْم الْكَفَّارَات وَالثَّالِث النّذر الَّذِي هُوَ غير معِين وَهُوَ ان ينذر ان يَصُوم شهرا أَو عشرَة ايام وَلم يبين
فاما الصَّوْم الدّين فانه لَا يجوز الا ان ينويه بِاللَّيْلِ مُتَّفقا وَلَو نَوَاه بِالنَّهَارِ لَا يَصح
واما الصَّوْم الْعين فَكَذَلِك لَا يجوز الا ان ينويه فِي اللَّيْل فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَيجوز عِنْد ابي حنيفَة واصحابه ان ينويه بِالنَّهَارِ قبل الزَّوَال وَلَا يجوز بعد الزَّوَال النِّيَّة وَفِي قَول ابي عبد الله يجْزِيه اذا نَوَاه قبل الْغُرُوب وَلم يكن اكل فِي يَوْمه ذَلِك وَهُوَ قَول حُذَيْفَة بن الْيَمَان من الصَّحَابَة

(1/142)


الْكَفَّارَات

انواع الْكَفَّارَات
قَالَ وَالْكَفَّارَات على خَمْسَة اوجه

كَفَّارَة شهر رَمَضَان
احدها كَفَّارَة شهر رَمَضَان وَهُوَ ان يفْطر يَوْمًا عمدا بِالْجِمَاعِ من غير عذر فَعَلَيهِ ان يعْتق رَقَبَة اَوْ يَصُوم شَهْرَيْن متتالين اَوْ يطعم سِتِّينَ مِسْكينا أَي ذَلِك شَاءَ فعل فِي قَول ابي عبد الله وَهُوَ فِيهَا وَهُوَ قَول مَالك وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ فَهِيَ مرتبَة تَرْتِيب كَفَّارَة الظِّهَار وَلَيْسَ فِيهَا تَخْيِير
قَالَ وَلَو انه افطر بِالطَّعَامِ اَوْ بِالشرابِ وَنَحْوهمَا دون الْجِمَاع فَعَلَيهِ الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله عَلَيْهِ بِالْكَفَّارَةِ فِيهَا كالافطار بِالْجِمَاعِ
قَالَ وَلَو انه افطر فِي رَمَضَان عَامِدًا ثمَّ اصابه عذر فِي يَوْمه من مرض اَوْ غَيره مِمَّا اباح الله بِهِ الافطار فان الْكَفَّارَة تسْقط عَنهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الا الْقَضَاء فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا تسْقط عَنهُ الْكَفَّارَة فِي قَول الشَّافِعِي وَالْحسن بن صَالح وابي عبد الله
قَالَ وَلَو انه عزم على الافطار من اللَّيْل ثمَّ اكل من الْغَد اَوْ جَامع فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول مُحَمَّد وابي يُوسُف ان اكل

(1/143)


قبل الزَّوَال فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة ان اكل بعد الزَّوَال فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ بِحَال

كَفَّارَة الْقَتْل الْخَطَأ
وَالثَّانِي كَفَّارَة الْقَتْل الْخَطَأ وَهُوَ ان يقتل احدا مُؤمنا خطأ فَعَلَيهِ ان يعْتق رَقَبَة مُؤمنَة فان لم يسْتَطع فصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين وان افطر من غير عذر يسْتَأْنف وَلَا يجْزِيه غير ذَلِك فان اسْتَطَاعَ الاول فَلَا يجوز لَهُ الآخر بعد اداء الدِّيَة الى اولياء الْمَقْتُول

كَفَّارَة الظِّهَار
وَالثَّالِث كَفَّارَة الظِّهَار وَهُوَ ان يَقُول الرجل لامْرَأَته انت على كَظهر امي اَوْ مَا اشبه ذَلِك فَعَلَيهِ ان يعْتق رَقَبَة اية رَقَبَة كَانَت مُؤمنَة اَوْ كَافِرَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَلَا يجوز فِي قَول الشَّافِعِي واصحابه الا مُؤمنَة مثل كَفَّارَة الْقَتْل الْخَطَأ فان لم يسْتَطع فيصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فان لم يسْتَطع فيطعم سِتِّينَ مِسْكينا من قبل ان يمس امْرَأَته فِي كَفَّارَة الرَّقَبَة وَالصَّوْم يجوز فِي الاطعام وَمعنى الْمَسِيس الْجِمَاع

كَفَّارَة الْيَمين
وَالرَّابِع كَفَّارَة الْيَمين وَهُوَ ان يحلف الرجل على شَيْء فَيحنث فَعَلَيهِ ان يعْتق رَقَبَة اَوْ يطعم عشرَة مَسَاكِين اَوْ يكسوهم أَي ذَلِك فعل اجزاه فان لم يجد شَيْئا من ذَلِك فَعَلَيهِ ان يَصُوم ثَلَاثَة ايام تباعا
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَيجوز غير تبَاع عِنْد أهل الحَدِيث

(1/144)


وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَيجوز غير تبَاع عِنْد أهل الحَدِيث

كَفَّارَة جَزَاء الصَّيْد
وَالْخَامِس كَفَّارَة جَزَاء الصَّيْد وَهُوَ ان يقتل محرم صيدا فَعَلَيهِ ان يقومه
وَالسَّادِس اسْتِقْبَال يَوْم الاضحى وايام التَّشْرِيق
وَالسَّابِع لَو ضربه ظَالِم حَتَّى لم يطق ان يَصُوم من شدَّة الوجع
وَالثَّامِن اذا اضل الطَّرِيق فِي مفازة حَتَّى كل وعطش فأجتهد وافطر
وَالتَّاسِع النّفاس
والعاشر الْحيض
فَفِي جَمِيع هَذِه الْوُجُوه يفْطر وَيَبْنِي على صَوْمه واذا زَالَ الْعذر فِي قَول ابي عبد الله وَأما فِي قَول الْفُقَهَاء الْحَائِض تفطر وتبني على صَوْم الْكَفَّارَة اذا طهرت فَحسب لانها لَا يُمكنهَا ان تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَلَا تحيض فِيمَا بَين ذَلِك
قَالَ وَلَو كَانَ الصَّوْم لكفارة الْيَمين فَحَاضَت فانها تسْتَأْنف صَومهَا اذا طهرت لانها تقدر ان تَصُوم ثَلَاثَة ايام من غير حيض واما غير الْحَائِض من الْأَصْنَاف التِّسْعَة فانهن يستأنفن الصَّوْم اذا ارْتَفَعت الاعذار فِي قَوْلهم

مطلب فِي أَنْوَاع الصَّوْم
وَاعْلَم ان الصَّوْم على وَجْهَيْن
1 - صَوْم مخطور عَليّ العَبْد وَصَوْم مَنْدُوب اليه العَبْد

(1/145)


الصَّوْم الْمَحْظُور
فَأَما الْمَحْظُور على العَبْد فَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه
1 - صَوْم نفي 2 وَصَوْم نهي 3 وَصَوْم كَرَاهِيَة
فَأَما صَوْم النَّفْي فَهُوَ على وَجْهَيْن
أَصوم الْحَائِض ب وَصَوْم النُّفَسَاء فَلَا يكون لَهما انه تصوما ابدا
وَأما صَوْم النَّهْي فعلى ثَلَاثَة أوجه
أَصوم الْفطر ب وَصَوْم الاضحى ج وَصَوْم يَوْم الشَّك فَلَا يَنْبَغِي ان يَصُوم فِيهِ وَلَو صَامَ يكون صوما واما الْمَكْرُوه فعلى خَمْسَة أوجه
احدها صَوْم ليَالِي التَّشْرِيق
وَالثَّانِي صَوْم الْمَرِيض اذا تعذر عَلَيْهِ
وَالثَّالِث صَوْم الْمُسَافِر اذا لم يقدر عَلَيْهِ
وَالرَّابِع الْوِصَال الَّذِي لَا يفْطر بِاللَّيْلِ
وَالْخَامِس صَوْم الدَّهْر الَّذِي لَا يفْطر الْعِيدَيْنِ
واما صِيَام يَوْم الشَّك نفلا فَيجوز عِنْد الْفُقَهَاء وَلَا يكرهونه وَعند ابي عبد الله لَا يَنْبَغِي ان يَصُوم نفلا على حَال فَأَما اذا صَامَهُ عَن كَفَّارَة أَو نذر فَهُوَ جَائِز بِغَيْر كَرَاهِيَة مُتَّفقا
واما صِيَام ايام التَّشْرِيق فان فِي قَول ابي عبد الله ان صامها من نذر أَو كَفَّارَة اجزت عَنهُ وَلَا يَنْبَغِي ان يفعل ذَلِك
واما يَوْم الْفطر والاضحى فانه لَا يصومها وان صامها لم يجزيا عَنهُ وَقَالَ زفر لَا يلْزم صَوْم النَّحْر وَيَوْم الْفطر بِالنذرِ وَلَا بِالْمُبَاشرَةِ وَهُوَ قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَمُحَمّد يلْزمه بِالنذرِ وَلَا يلْزم بِالْمُبَاشرَةِ وَفِي قَول ابي يُوسُف يلْزمه فِي الامرين جَمِيعًا

(1/146)


الصَّوْم الْمُسْتَحبّ
واما الْمُسْتَحبّ فانه على ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا صَوْم يَوْم عَاشُورَاء
وَالثَّانِي صَوْم يَوْم عَرَفَة
وَالثَّالِث صَوْم الايام الغر وَهِي ثَلَاثَة عشر واربعة عشر وَخَمْسَة عشر من الشَّهْر
وروى عَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ صَوْم عَاشُورَاء كَفَّارَة سنة وَصَوْم عَرَفَة كَفَّارَة سنتَيْن سنة مَاضِيَة وَسنة مُسْتَقْبلَة
وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ من صَامَ من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْر وَعَلِيهِ بالغر

من يجوز لَهُم الافطار فِي رَمَضَان
قَالَ وَمن يجوز لَهُم الافطار فِي رَمَضَان سَبْعَة نفر فَأَرْبَعَة مِنْهُم من أهل الْقَضَاء وَثَلَاثَة من أهل الْكَفَّارَة

أهل الْقَضَاء
فَأَما أهل الْقَضَاء فأحدهم الْمُسَافِر يفْطر فِي سَفَره اذا كَانَ سَفَره طَاعَة أَو سفر رخصَة وَفِي الْمعْصِيَة لَا يجوز ان يفْطر فِي قَول ابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ وَيجوز فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وَالثَّانِي يفْطر الْمَرِيض اذا أضره الصّيام وخشى زِيَادَة اي مرض كَانَ
وَالثَّالِث الْحَامِل اذا خَافت على حملهَا تفطر
وَالرَّابِع الْمُرضعَة اذا خَافت على وَلَدهَا وَلَا تقدر ان تسترضع لولدها ظِئْرًا

(1/147)


فَأن افطر هَؤُلَاءِ الاربعة وَلم يَجدوا من الْوَقْت مَا يقضون فِيهِ وماتوا فَلَيْسَ عَلَيْهِم كَفَّارَة وان وجدوا بعض الْوَقْت فَعَلَيْهِم بِقدر مَا وجدوا وَلم يفضوا ان يكفر عَنْهُم أحد لكل يَوْم منوين من الْحِنْطَة فان صَامُوا لاجلهم جَازَ على قَول ابي عبد الله وَأحمد بن حَنْبَل واسحق بن رَاهْوَيْةِ وَلَا يجوز فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ

أهل الْكَفَّارَة
أما أهل الْكَفَّارَة
فأحدهم صَاحب الْعَطش الَّذِي لَا يصبر عَن المَاء
وَالثَّانِي الْمُسْتَحَاضَة الَّتِي لَا تصبر عَن الطَّعَام
وَالثَّالِث الْكَبِير والكبيرة فان هَؤُلَاءِ يفطرون ويكفرون لكل يَوْم منوين من الطَّعَام

الاذن فِي صَوْم النَّفْل
قَالَ وَمن لَا يجوز لَهُم ان يَصُومُوا نفلا الا بأذن سَبْعَة نفر
احدهم الْمَرْأَة لَا يجوز لَهَا ان تَصُوم التَّطَوُّع الا بأذن زَوجهَا اذا كَانَ الزَّوْج حَاضرا
وَالثَّانِي الامة لَا تَصُوم تَطَوّعا الا باذن سَيِّدهَا
وَالثَّالِث ام الْوَلَد لَا تَصُوم الا باذن سَيِّدهَا
وَالرَّابِع الْمُدبر لَا يَصُوم الا باذن سَيّده
وَالْخَامِس العَبْد لَا يَصُوم الا باذن سَيّده

(1/148)


وَالسَّادِس الاجير لَا يَصُوم الا بِإِذن استاذه اذا اضره صَوْمه
وَالسَّابِع الشَّرِيك لَا يَصُوم الا باذن شَرِيكه اذا اضره وَكَانَت شركتهما شركَة ابدان يعملان جَمِيعًا

من لَا يجوز لَهُم ان يَأْكُلُوا وَلَيْسوا بصائمين
قَالَ وَمن لَا يجوز لَهُم ان يَأْكُلُوا وَلَيْسوا بصائمين عشرَة اصناف
احدهم الْمُسَافِر اذا اكل أول يَوْمه ثمَّ أَقَامَ فانه لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْسَ هُوَ بصائم
وَالثَّانِي الْمَرِيض اذا اكل اول يَوْمه ثمَّ صَحَّ فانه لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه
وَالثَّالِث الْحَائِض اذا طهرت فِي أول يَوْمهَا فانها لَا تَأْكُل فِي بَقِيَّة يَوْمهَا
وَالرَّابِع النُّفَسَاء اذا رَأَتْ الْبيَاض فانها لَا تَأْكُل بَقِيَّة يَوْمهَا
وَالْخَامِس الْكَافِر اذا اسْلَمْ فانه لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه
وَالسَّادِس اذا اِدَّرَكَ الصَّبِي لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه
وَالسَّابِع الْمَجْنُون اذا أَفَاق فانه لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه
قَالَ وَلَو ان كَافِرًا اسْلَمْ فِي بعض رَمَضَان أَو صَبيا اِدَّرَكَ أَو جَارِيَة حَاضَت فأنهم يَصُومُونَ مَا ادركوا وَلَيْسَ عَلَيْهِم صِيَام مَا لم يدركوا مُتَّفقا وَلَو ان مَجْنُونا افاق فِي بعض رَمَضَان فانه يَصُوم مَا اِدَّرَكَ وَيَقْضِي مَا فَاتَ عَنهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَأَصْحَابه وَفِي قَول ابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء مَا فَاتَ عَنهُ قِيَاسا على الْكَافِر وَالصَّبِيّ وَالْجَارِيَة
وَالثَّامِن الْحَامِل اذا أكلت أول نَهَارهَا ثمَّ امنت على وَلَدهَا فانها لَا تَأْكُل بَقِيَّة يَوْمهَا وَالْحَامِل والمرضعة يقضيان مَا افطرتا ويكفران ايضا لكل يَوْم

(1/149)


نصف صَاع من بر فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لَيْسَ عَلَيْهِم الْكَفَّارَة
والعاشر من افطر يَوْمًا على وَجه من الشُّبْهَة ثمَّ ارْتَفَعت عَنهُ الشُّبْهَة فانه لَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه فان اكل هَؤُلَاءِ الاصناف لَا تلزمهم كَفَّارَة وَقد اساؤا

مطلب اكل الشُّبْهَة
واما اكل الشُّبْهَة فَهُوَ على عشرَة أوجه
احدها رجل ظن ان يَوْمه آخر يَوْم من شعْبَان فَأكل
وَالثَّانِي رجل ظن ان يَوْمه أول يَوْم من شَوَّال فَأكل
وَالثَّالِث رجل كَانَ اسيرا فِي ايدي الْكفَّار فِي دَار الْحَرْب فالتبست عَلَيْهِ الشُّهُور فَلَا يعرف رَمَضَان من غَيره فَأكل فِي شهر رَمَضَان
وَالرَّابِع امْرَأَة رَأَتْ دَمًا فظنت انه دم حيض فافطرت ثمَّ انْقَطع دون ثَلَاثَة أَيَّام
وَالْخَامِس رجل سَافر دون ثَلَاثَة ايام فافطر على ظن انه جَائِز
وَالسَّادِس رجل احْتجم فَظن ان صَوْمه فسد فَأكل
وَالسَّابِع رجل قاء فَظن انه فطره فَأكل
وَالثَّامِن رجل اغتاب فَظن انه فطره فَأكل
وَالتَّاسِع رجل اكل نَاسِيا فَظن انه فطره فَأكل
فان صَوْم هَؤُلَاءِ يفْسد وَعَلَيْهِم الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة وَعَلَيْهِم ان يمتنعوا بَقِيَّة يومهم عَن الاكل اذا علمُوا وَلَيْسوا بصائمين

(1/150)


مطلب حكم من التبست عَلَيْهِ الشُّهُور
قَالَ وَمن التبست عَلَيْهِ الشُّهُور فان حكمه على خَمْسَة أوجه
احدها ان يقْصد شهرا فصامه فَكَانَ من ذَلِك الشَّهْر شهر رَمَضَان فَيجوز لَهُ
وَالثَّانِي ان يكون ذَلِك الشَّهْر قبل رَمَضَان فانه لَا يجوز لَهُ عَن رَمَضَان
وَالثَّالِث ان يكون الشَّهْر شهرا بعد رَمَضَان فانه يجوز لَهُ قَضَاء عَن رَمَضَان
وَالرَّابِع ان يَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَانَ نصفهَا من شهر رَمَضَان وَنِصْفهَا من شهر شَوَّال فان ذَلِك يجوز لَهُ أَيْضا فَيكون نصف شَوَّال قَضَاء من نصف رَمَضَان
وَالْخَامِس ان يكون نصفهَا من رَمَضَان وَنِصْفهَا من شعْبَان فان نصف رَمَضَان جَازَ لَهُ وَنصف شعْبَان لَا يجوز

مَا يكره فِي الصَّوْم
قَالَ وَعِشْرُونَ شَيْئا مَكْرُوهَة فِي الصَّوْم
احدها المعانقة بالشهوة
وَالثَّانِي الْمُبَاشرَة بالشهوة
وَالثَّالِث المماسة بالشهوة
وَالرَّابِع الْقبْلَة بالشهوة للشباب والشيوخ وَفِي قَول بعض الْفُقَهَاء يكره للشباب وَلَا يكره للشيوخ
وَالْخَامِس النّظر الى فرج الْمَرْأَة
وَالسَّادِس الْحجامَة اذا خشى الضعْف

(1/151)


وَالسَّابِع الْقَصْد اذا خشى الضعْف
وَالثَّامِن دُخُول الْحمام اذا اخشى الضعْف بِهِ
وَالتَّاسِع الاستقاء فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ يفطره
والعاشر ادخال النَّفس فِي عمل يخْشَى مِنْهُ الضعْف عَليّ نَفسه
وَالْحَادِي عشر السِّوَاك فِي آخر النَّهَار
وَالثَّالِث عشر الْمَضْمَضَة عِنْد الافطار
وَالثَّانِي عشر الْمَضْمَضَة بِغَيْر وضوء
وَالرَّابِع عشر مضغ العلك
وَالْخَامِس عشر مضغ الطَّعَام للصَّبِيّ
وَالسَّادِس عشر أكل السّحُور بعد مَا شكّ فِي الصُّبْح
وَالسَّابِع عشر بل الثَّوْب للتبريد
وَالثَّامِن عشر التقطير فِي الاحليل فِي قَول ابي عبد الله
وَالتَّاسِع عشر مداواة الامة فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله
وَالْعشْرُونَ صب المَاء على الرَّأْس عِنْد الْعَطش

مطلب مَا يفْسد الصَّوْم
قَالَ وَمَا يفْسد الصَّوْم ثَلَاثُونَ خصْلَة وَهِي عَليّ أَرْبَعَة أَقسَام
1 - قسم من الْفَم
2 - وَقسم من الانف
3 - وَقسم من الْفرج
4 - وَقسم غير مشار اليه
فَأَما الْفَم فَهُوَ على عشرَة اشياء

(1/152)


احدها الْكفْر بِاللَّه فَأن العَبْد اذا اكفر فَكَأَنَّهُ لم يزل كَافِرًا وَلم يصم الْبَتَّةَ
وَالثَّانِي اذا تمضمض من غير وضوء فَدخل المَاء جَوْفه وَهُوَ ذَاكر لصومه
وَالثَّالِث اذا تمضمض فِي الْوضُوء فَوق ثَلَاث مَرَّات فَدخل المَاء جَوْفه وَهُوَ ذَاكر الصَّوْم
وَالرَّابِع الْقَيْء اذا رده عمدا
وَالْخَامِس اذا ذاق شَيْئا فَدخل مِنْهُ شَيْء فِي جَوْفه
وَالسَّادِس الاكل على الشهية
وَالسَّابِع الاكل قبل اللَّيْل على ظن اللَّيْل
وَالثَّامِن اذا أكل طينا لَا يُؤْكَل مثله
وَالتَّاسِع من اكل وَرقا لَا يُؤْكَل مثله فان صومهما يفْسد فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا وَلَو أكل طينا يُؤْكَل مثله مثل الطين الارمني والنيسابوري أَو اكل وَرقا مثل ورق الْكَرم وَنَحْوه فَأن عَلَيْهِمَا الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة
والعاشر اذا اكل اَوْ شرب عمدا فان عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة
واما الَّتِي من الانف فَهِيَ على ثَلَاثَة أوجه
احدها اذا استنشق من غير وضوء حَتَّى دخل المَاء جَوْفه
وَالثَّانِي اذا استنشق فِي الْوضُوء ثَلَاث مَرَّات
وَالثَّالِث السعوط اذا دخل جَوْفه
واما الَّتِي من الْفرج فَهِيَ خَمْسَة عشر شَيْئا
احدها الْحيض
وَالثَّانِي النّفاس

(1/153)


وَالثَّالِث نزُول الْمَنِيّ عِنْد جماع الْمَرْأَة بِدُونِ الْفرج
وَالرَّابِع نزُول الْمَنِيّ من جماع الْمَرْأَة فِي الْفرج
وَالْخَامِس نزُول الْمَنِيّ من المعانقة
وَالسَّادِس نزُول الْمَنِيّ من الْمُبَاشرَة
وَالسَّابِع نزُول الْمَنِيّ عِنْد الْمُلَامسَة
وَالثَّامِن نزُول الْمَنِيّ عِنْد الْقبْلَة
وَالتَّاسِع نزُول الْمَنِيّ عِنْد النظرة فِي قَوْله ابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ وَلَا نفسد بذلك عِنْد ابي حنيفَة واصحابه وَقَالُوا هِيَ كالكفارة
والعاشر نزُول الْمَنِيّ عِنْد دلك الْفرج
وَالْحَادِي عشر بتواري الْحَشَفَة فِي فرج انسان
وَالثَّانِي عشر بتواري الْحَشَفَة فِي دبر إِنْسَان وَالثَّالِث عشر بتواري الْحَشَفَة فِي فرج بَهِيمَة وان لم ينزل فِي قَول ابي عبد الله
وَالرَّابِع عشر بتواري الْحَشَفَة فِي دبر بَهِيمَة فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول الْفُقَهَاء لَا يفْسد الصَّوْم مَا لم ينزل
وَأما الَّذِي هُوَ غير مشار اليه فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدها الْجُنُون وَالثَّانِي الغثيان وَهُوَ الاغماء
فَأَما الْجُنُون اذا لحق الصَّائِم فبقى فِيهِ يَوْمًا اَوْ يَوْمَيْنِ وَنَحْوه فانه يفْسد الصَّوْم وَيسْقط الاحكام وَيرد الى حكم الصَّبِي على قِيَاس قَول ابي عبد الله فَذا افاق فَلَا اعادة عَلَيْهِ للايام الَّتِي كَانَ مَجْنُونا فِيهَا وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا

(1/154)


واما الاغماء اذا لحق الصَّائِم فَأن صَوْمه فِي الْيَوْم الَّذِي صَامَ مغمى عَلَيْهِ جَازَ لانه قد نوى الصَّوْم فان افاق فِي الْغَد قبل الزَّوَال وَنوى الصَّوْم جَازَ لَهُ ايضا وان أَفَاق بعد الزَّوَال فَلَا يجْزِيه صَوْم ذَلِك الْيَوْم عِنْد ابي حنيفَة وَمُحَمّد ويجزيه عِنْد ابي يُوسُف وابي عبد الله
وَلَو بَقِي كَذَلِك اياما ثمَّ افاق فان عَلَيْهِ ان يقْضِي صَوْم تِلْكَ الايام لانه لم ينْو لَهَا صوما فِي قَول ابي حنيفَة لِأَن حكم الْمغمى عَلَيْهِ حكم الْمَرِيض وَفِي قَول ابي عبد الله وَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه
ان كَانَت نِيَّته على ان لَا يَصُوم فِي مَرضه البته فَهُوَ غير صَائِم فِي تِلْكَ الايام وَعَلِيهِ قَضَاؤُهَا
وان كَانَت نِيَّته على ان يَصُوم فِي مَرضه البته فَهُوَ صَائِم فِي تِلْكَ الايام لنيته الْقَدِيمَة

وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَلَيْسَ بصائم ايضا وَعَلِيهِ قَضَاؤُهَا
مطلب مَا لَا يفْسد الصَّوْم
قَالَ واربعو خصْلَة لَا تفْسد الصَّوْم وَهِي على عشرَة اقسام
1 - قسم من الرَّأْس
2 - وَقسم من الانف
3 - وَقسم من الْعين
4 - وَقسم من الاذن
2 - وَقسم من الْفَم
6 - وَقسم من الْجنب
7 - وَقسم من الدبر
8 - وَقسم من الْفرج
9 - وَقسم من الْقلب
10 - وَقسم من سَائِر الْبدن

(1/155)


فَأَما من الرَّأْس فاثنان
احدهما التدهن وَلَا خلاف فِي ذَلِك
وَالثَّانِي مداواة الآمة فان داواها بدواء رطب يفْسد مِنْهُ الصَّوْم وان داواها بدواء يَابِس لَا يفْسد وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأبي عبد الله لَا يفْسد الصَّوْم فِي كلا الْوَجْهَيْنِ
واما من الْعين فالاكتحال ومداواة الْعين فَلَا يفْسد بهما مُتَّفقا
وَإِمَّا من الاذن فالتقطير فِيهِ من الادوية وَدخُول المَاء فِيهِ وَهُوَ ذَاكر لصومه فان فِي قَول الْفُقَهَاء يفْسد مِنْهُمَا الصَّوْم وَفِي قَول ابي عبد الله لَا يفْسد
واما من الانف فالاستنشاق والسقوط
فَأَما الِاسْتِنْشَاق فَحكمه حكم المضمضمة كَمَا ذكره على الِاخْتِلَاف واما السُّقُوط اذا وصل الى دماغه يفْسد صَوْمه وَعَلِيهِ الْقَضَاء فِي قَول الْفُقَهَاء وَلَا يفْسد فِي قَول ابي عبد الله
وَأما من الْفَم فثمان عشرَة خصْلَة
احدها دُخُول المَاء فِي الْحلق عِنْد وضوءه اذا كَانَ فِي المرات الثَّلَاث فِي قَول ابي عبد الله وَيفْسد مِنْهَا الصَّوْم فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه اذا كَانَ ذَاكِرًا لصومه
وَالثَّانِي من بلع مَا بَين الاسنان عمدا اذا كَانَ مِقْدَار الحمصة فَأن الصَّوْم لَا يفْسد مِنْهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَهُوَ أشبه بقول ابي عبد الله وَفِي

(1/156)


قَول ابي يُوسُف يُفْسِدهُ وَعَلِيهِ الْقَضَاء وَفِي قَول زفر يفْسد وَعَلِيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة
وَالثَّالِث السِّوَاك بِالْغَدَاةِ والعشى رطبا كَانَ السِّوَاك اَوْ يَابسا
وَالرَّابِع ذوق الطَّعَام
وَالسَّادِس مضغ الطَّعَام للصبيان
وَالسَّابِع دُخُول الدُّخان فِي الْحلق
وَالثَّامِن دُخُول الْغُبَار فِي الْحلق
وَالتَّاسِع دُخُول غُبَار الدَّقِيق فِي الْحلق عِنْد الغربلة وَفِي الطاحونة ايضا
والعاشر دُخُول الذُّبَاب فِي الْحلق
وَالْحَادِي عشر لَو قاء اَوْ استقاء فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ الاستقاء يفْسد الصَّوْم
وَالثَّانِي عشر اذا ابتلع شَيْئا يكون خُرُوجه من الْبَطن على مثل دُخُوله مثل الْحجر وَالدِّرْهَم وَالدِّينَار والفلس والفستق والجوزة الْيَابِسَة وَنَحْوهَا فِي قَول أبي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ
وَالثَّالِث عشر إِذا أكل نَاسِيا لصومه عِنْد أبي حنيفَة واصحابه وَأبي عبد الله وَفِي قَول مَالك يفْسد مِنْهُ الصَّوْم وَيَقْضِي
وَالرَّابِع عشر اذا تسحر وَهُوَ يرى انه ليل بعد وَقد انفجر الصُّبْح فِي قَول ابي عبد الله وَيفْسد مِنْهُ الصَّوْم فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ
وَالْخَامِس عشر اذا فعل فعلا من تَوَابِع الْجِمَاع من الْقبْلَة وَغَيرهَا
وَالسَّادِس عشر اذا اقْتَرَف شَيْئا من الْغَيْبَة والطعنة والنميمة وأشكالها
وَالسَّابِع عشر الْقَيْء اذا رَجَعَ وَدخل حلقه قهرا

(1/157)


وَالثَّامِن عشر من يُصِيب فِي حلقه الما وَهُوَ كَارِه لَهُ فَلَا يفْسد مِنْهُ الصَّوْم فِي قَول ابي عبد الله وَزفر وَيفْسد فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف
واما من الْجنب فَوَاحِدَة وَهِي مداواة الْجَائِفَة فَأن داواها بدواء رطب يفْسد مِنْهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَلَا يفْسد فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وان داواها بدواء يَابِس فَلَا يفْسد مِنْهُ فِي قَوْلهم جَمِيعًا
وَأما من الدبر فَوَاحِدَة وَهِي الاحتقان فَلَا يفْسد مِنْهُ الصَّوْم فِي قَول ابي عبد الله وَيفْسد فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
واما من الْفرج فسبعة أَشْيَاء
احدها الِاحْتِلَام بِالنَّهَارِ
وَالثَّانِي نزُول الْمُنكر عِنْد الْبكر
وَالثَّالِث التقطير فِي الاحليل فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله وَفِي قَول ابي يُوسُف يفْسد
وَالرَّابِع اذا جَامع نَاسِيا
وَالْخَامِس اذا جومعت الْمَرْأَة فِي نومها فِي قَول زفر وَالْحسن بن زِيَاد وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف يفْسد
وَالسَّادِس اذا جومعت الْمَرْأَة فِي غثيانها
وَالسَّابِع اذا اصبح جنبا
واما من سَائِر الْبدن فَهِيَ خَمْسَة اوجه
احدها الْحجامَة
وَالثَّانِي الفصد
وَالثَّالِث دُخُول الْحمام
وَالرَّابِع الاغتماس فِي المَاء
وَالْخَامِس الاغماء اذا افاق فِي يَوْمه أَو بعد يَوْمه

(1/158)


الْكَفَّارَة فِي الصّيام
قَالَ وَوُجُوب الْكَفَّارَة من ثَلَاثَة أوجه
1 - من الاكل وَالشرب 2 وَالْجِمَاع وَهُوَ التقاء الختانين امنى اَوْ لم يمن والاكل وَالشرب يقدر بِقدر مَا تغتدى بِهِ النَّفس اَوْ يَقع موقع التَّدَاوِي فاذا فعل اُحْدُ هَذِه الثَّلَاث مُتَعَمدا تلْزمهُ الْكَفَّارَة

مَا يكفر بِهِ
قَالَ وَالْكَفَّارَة من ثَلَاثَة اشياء
1 - اما عتق رقبه 2 أَو صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين
3 - واما اطعام سِتِّينَ مِسْكينا
وَهُوَ مُخَيّر فِي هَذِه الثَّلَاثَة ايها شَاءَ فعل فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه هُوَ على التَّرْتِيب لَا على التَّخْيِير
فان اخْتَار الْعتْق تجزيه نسمَة صَغِيرَة اَوْ كَبِيرَة مُؤمنَة اَوْ كَافِرَة ذكرا كَانَ اَوْ انثى اعور كَانَ أَو اعمى شَيخا كَانَ أَو شَابًّا اشل كَانَ أَو أقطع وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَقْطُوع الْيَدَيْنِ اَوْ الرجلَيْن اَوْ اشلهما وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُدبرا اَوْ ام ولد أَو مكَاتبا اذا لم يؤد شَيْئا من كِتَابَته كل هَذَا فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لَا يجوز من هَذِه الْعشْرَة الاعمى وَلَا مَقْطُوع الْيَدَيْنِ واشلهما ومقطوع الرجلَيْن واشلهما ومقطوع يَد وَرجل من الْجَانِب الايمن ومقطوع يَد وَرجل من الْجَانِب الايسر ومقطوع الايدي والارجل وام الْوَلَد الْمُدبر وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يجوز الْكَافِر فِي الْكَفَّارَة قِيَاسا على قتل الْخَطَأ وَيَقُول ايضا لَا تجب الْكَفَّارَة الا بِالْجِمَاعِ

(1/159)


قَالَ وان اخْتَار الصَّوْم فيصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فان افطر يَوْمًا من غير عذر اسْتقْبل الصَّوْم وان كَانَ عذر فَلَا يسْتَقْبل فِي قَول ابي عبد الله والعذر مَا ذَكرْنَاهُ فَوق ذَلِك وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لَا عذر لَاحَدَّ فِي ترك الِاسْتِقْبَال اذا افطر يَوْمًا الا الْمَرْأَة تحيض فانها تبني على الصَّوْم اذا طهرت فَحسب لانها لَا يُمكنهَا ان تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين من غير حيض
قَالَ فان صَامَ بالاهلة يجْزِيه نقص الشَّهْر اَوْ كمل وَلَو صَامَ من غير الاهلة فَيتم الشَّهْر ثَلَاثِينَ يَوْمًا
قَالَ وان اخْتَار الاطعام يطعم سِتِّينَ مِسْكينا لكل مِسْكين نصف صَاع من بر اَوْ صَاع من شعير اَوْ تمر فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي يعْطى لكل مِسْكين منا وَاحِدًا من بر
قَالَ والاطعام على وَجْهَيْن اباحة وتمليك وَيجوز كِلَاهُمَا فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله وَفِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجوز الاباحة بل تمْلِيك ذَلِك
قَالَ وَلَو اعطى ذَلِك مسكنا وَاحِدًا فِي سِتِّينَ يَوْمًا جَازَ فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله لَان تفريد الْأَيَّام كتفريد الابدان وَفِي قَول سَائِر النَّاس لَا يجوز

مطلب فِي الِاعْتِكَاف
واما الِاعْتِكَاف فانه لَا يجوز عِنْد الْفُقَهَاء وابي عبد الله الا بِثَلَاثَة شُرُوط

(1/160)


احدهما ان يكون اقله يَوْم وَاحِدًا وَلَا يجوز أقل من يَوْم كَمَا ان الصّيام لَا يكون أقل من يَوْم وَاحِد
وَالثَّانِي ان يكون مَعَ الصّيام وَلَا يكون الِاعْتِكَاف بِغَيْر صَوْم وَيجوز عِنْد الشَّافِعِي بِغَيْر الصَّوْم
وَالثَّالِث ان يكون فِي مَسْجِد تصلى فِيهِ الصَّلَوَات الْخمس فِي الْجَمَاعَة
وَلَو ان الْمَرْأَة اعتكفت فِي مَسْجِد بَيتهَا يكون اعتكافا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا يكون اعتكافا فِي قَول ابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ الا انه يكون لَهَا فضل بذلك وَيكرهُ لَهَا ان تعتكف فِي مَسْجِد الْعَامَّة
قَالَ وَفَسَاد الِاعْتِكَاف من ثَلَاثَة اوجه
الاول ترك الصّيام فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله
وَالثَّانِي الْجِمَاع فِي لياليه
وَالثَّالِث الْخُرُوج من الْمَسْجِد بِغَيْر عذر اذا بَقِي سَاعَة وَاحِدَة فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله لَا يفْسد حَتَّى لَا يبْقى اكثر من نصف يَوْم
قَالَ وَيجوز للمعتكف ان يخرج من الْمَسْجِد فِي سَبْعَة اشياء
احدهما الْبَوْل وَالثَّانِي الْغَائِط وَالثَّالِث الْوضُوء وَالرَّابِع الِاغْتِسَال وَالْخَامِس الْجُمُعَة اذا اخشي ان تفوت فَحِينَئِذٍ يجوز ان يخرج اليها وَيُصلي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ اربعا وَيرجع وَالسَّادِس لاجابة السُّلْطَان وَالسَّابِع لامر لَا بُد مِنْهُ ثمَّ يرجع اذا فرغ سَرِيعا
قَالَ وَيجوز لَهُ ان يخرج الى ثَلَاثَة اشياء اذا اشْترط فِي عقدَة الِاعْتِكَاف

(1/161)


احدها عِيَادَة الْمَرِيض
وَالثَّانِي اتِّبَاع الْجِنَازَة
وَالثَّالِث حُضُور مجْلِس الْعلم
وروى عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ يجوز لَهُ ان يعود الْمَرِيض وَيتبع الْجِنَازَة وَيَأْمُر أَهله بِالْحَاجةِ وَهُوَ قَائِم وَلَا يجلس وان لم يشْتَرط
قَالَ وَيجوز للمعتكف ان يتَحَوَّل من مَسْجِد الى مَسْجِد اخر فِي خَمْسَة أَشْيَاء
احدهما اذا انْهَدم ذَلِك الْمَسْجِد
وَالثَّانِي ان يتفرق اهله فَلَا يَجْتَمعُونَ فِيهِ
وَالثَّالِث اذا اخرجه من ذَلِك الْمَسْجِد السُّلْطَان
وَالرَّابِع اذا اخرجه ظَالِم دون السُّلْطَان
وَالْخَامِس اذا خَافَ فِيهِ على نَفسه وَمَاله من المكابرين
قَالَ وَالِاعْتِكَاف مسنون وَلَيْسَ بِوَاجِب الا ان يُوجِبهُ على نَفسه اُحْدُ بِنذر اَوْ بِالشُّرُوعِ
ثمَّ هُوَ على سِتَّة اوجه
احدهما ان يُوجب يَوْمًا وَاحِدًا فَيدْخل الْمَسْجِد قبل الصُّبْح وَيخرج مِنْهُ بعد الْغُرُوب
وَالثَّانِي ان يُوجب يَوْمًا وَلَيْلَة اَوْ اياما وليالي فَيدْخل الْمَسْجِد قبل غرُوب الشَّمْس وَيخرج مِنْهُ بعد غرُوب الشَّمْس من آخر ايام اعْتِكَافه

(1/162)


وَالثَّالِث ان يُوجب اياما متتابعة فَيلْزمهُ مُتَتَابِعًا وَلَا يجْزِيه ان يفرق بَينهَا
وَالرَّابِع ان يُوجِبهُ مُتَفَرقًا فَيلْزمهُ ان شَاءَ تَابع وان شَاءَ فرق
وَالْخَامِس ان يُوجب شهرا وينويه مُتَفَرقًا وَلَا يَقُول بِلِسَانِهِ فان فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا تَفْرِقَة بَينه لِأَن الشَّهْر اسْم الايام والليالي جَمِيعًا وَلَا يكون مستثنيا مِنْهُ شَيْئا الا ان يتَبَيَّن بِاللِّسَانِ وَفِي قَول زفر وابي عبد الله بل يفرقه بِالنِّيَّةِ دون اللِّسَان

صَدَقَة الْفطر
واما صَدَقَة الْفطر فانها وَاجِبَة عِنْد الْفُقَهَاء وَسنة عِنْد ابي عبد الله
وَهِي من ثَلَاثَة اشياء
نصف صَاع من بر
أَو صَاع من بر
اَوْ صَاع من شعير اَوْ تمر
وان اعطى زبيبا يعْطى اربعة امناء فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة وان اعطى منوين جَازَ وان اعطى بِقِيمَتِهَا جَازَ
وَيجب على الرجل ان يُعْطي عَن سِتَّة انفس
احدها من أجل نَفسه
وَالثَّانِي من أجل اولاده الصغار وان كَانَ لَهُم مَال ادى من مَالهم فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَفِي قَول مُحَمَّد وابي عبد الله يُؤَدِّيهَا من مَال نَفسه

(1/163)


وَالثَّالِث عَن مماليكه الَّذين يستخدمهم واما المماليك الَّذين اشتراهم للتِّجَارَة فَلَا صَدَقَة فيهم فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي وَمُحَمّد بن صَاحب فيهم الصَّدَقَة وان كَانَ بعض مماليكه صغَارًا فَلَا صَدَقَة فيهم فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله فيهم الصَّدَقَة لعُمُوم الْأَثر
وَالرَّابِع عَن مدبرية
وَالْخَامِس من امهات اولاده
وَالسَّادِس عَن من هُوَ فِي نَفَقَته من الاولاد الْكِبَار وَالزَّوْجَة وَغَيرهم وَلَا مَال لَهُم وان كَانَ لَهُم مَال يؤدونها من مَالهم وان ادى عَنْهُم بأمرهم فَهُوَ حسن
وَأما وَقت وُجُوبهَا فَهُوَ اذا غربت الشَّمْس من آخر يَوْم من رَمَضَان فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله اذا انفجر الصُّبْح من يَوْم الْفطر فَمن كَانَ ولد قبل الصُّبْح فَفِيهِ الصَّدَقَة مَاتَ بعد ذَلِك اَوْ عَاشَ وَمن ولد بعد الصُّبْح فَلَا صَدَقَة عَلَيْهِ مَاتَ اَوْ عَاشَ
قَالَ وَلَا صَدَقَة على الرجل فِي ثَلَاثَة اشياء من عبيده
احدهم الابق
وَالثَّانِي الْمَغْصُوب مِنْهُ
وَالثَّالِث الْمُعْتق بعضه وَكَذَلِكَ فِي العَبْد بَينه وَبَين رجل آخر لَان الصَّدَقَة انما تجب فِي عبد وَاحِد وَلَيْسَ لَهُ عبد وَاحِد
قَالَ وَلَيْسَ على الْفَقِير صَدَقَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي عَلَيْهِ الصَّدَقَة اذا فضل من قوت يَوْمه

(1/164)


فِي الْفِقْه الْعَام