النتف في الفتاوى

كتاب الزَّكَاة

تمهيد فِي الْحُقُوق الَّتِي تجب فِي المَال
اعْلَم ان الْحُقُوق الَّتِي تجب فِي المَال تَنْصَرِف إِلَى عشرَة اوجه
احدها الزَّكَاة
وَالثَّانِي الصَّدقَات
وَالثَّالِث الْخمس
وَالرَّابِع العشور
وَالْخَامِس الْخراج
وَالسَّادِس الْجِزْيَة
وَالسَّابِع صَدَقَة الْفطر
وَالثَّامِن كَفَّارَات الايمان
وَالتَّاسِع النذور
والعاشر الْوَاجِبَات وكل وَجه من هَذِه الْوُجُوه على ثَلَاثَة اوجه

(1/165)


مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة
اما الزَّكَاة فَفِي ثَلَاثَة اشياء
الذَّهَب وَالْفِضَّة ومتاع التِّجَارَة وَهُوَ ربع الْعشْر قَالَ وشرائط وُجُوبهَا واسباب لُزُومهَا ثَمَانِيَة اشياء
اربعة فِي النَّفس واربعة فِي المَال فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله

شُرُوطهَا فِي النَّفس
فاما الَّتِي فِي النَّفس فاحدها الاسلام
وَالثَّانِي الْحُرِّيَّة
وَالثَّالِث الْعقل
وَالرَّابِع الْبلُوغ
وَفِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك فِي مَال الصَّغِير زَكَاة كَمَا فِي ارضه الْعشْر
وَفِي قَول الْفُقَهَاء لَيْسَ فِي مَاله الزَّكَاة كَمَا انه لَيْسَ عَلَيْهِ الصَّلَاة
فالشافعي اخد بقول عَائِشَة وَابْن عمر وَالْفُقَهَاء اخذوا بقول ابْن مَسْعُود
وَفِي قَول سُفْيَان على الْوَصِيّ ان يحفظ السنين على مَال الْيَتِيم فاذا اِدَّرَكَ أمره باداء الزَّكَاة لتِلْك السنين

شُرُوطهَا فِي المَال
النّصاب
واما الَّتِي فِي المَال احدها النّصاب الْكَامِل ونصاب الذَّهَب عشرُون

(1/166)


مِثْقَالا
ونصاب الْفضة مِائَتَا دِرْهَم
ونصاب مَتَاع التِّجَارَة اذا بلغ قِيمَته مِائَتي دِرْهَم اَوْ عشرُون مِثْقَالا من الذَّهَب فاذا زَادَت على النّصاب فَلَا يجب فِي الزِّيَادَة حَتَّى يبلغ الذَّهَب الى اربعة عشر مِثْقَالا أَو الْفضة إِلَى مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين درهما ثمَّ يكون فِي الذَّهَب نصف مِثْقَال وَخمْس نصف مِثْقَال وَفِي الْفضة سِتَّة دَرَاهِم وَهُوَ قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وَمن الصَّحَابَة قَول عمر وابي مُوسَى الاشعري
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي الزِّيَادَة بِحِسَاب ذَلِك وَمن الصَّحَابَة هُوَ قَول عَليّ بن ابي طَالب وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم اجمعين
المَال بحذاء النّصاب
قَالَ وَالْمَال على ثَلَاثَة اوجه بحذاء النّصاب
احدها مَال دون النّصاب فَفِي الزِّيَادَة اخْتِلَاف هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ

(1/167)


وَالثَّانِي حولان الْحول
وَاعْلَم ان المَال على وَجْهَيْن اصل وَمَال مُسْتَفَاد
فالاصل مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْفَصْل الاول
والمستفاد على اربعة اوجه
احدها رجل لَهُ مَال دون النّصاب فاتى عَلَيْهِ مَا اتى فَوجدَ مستفادا فانه يبتدي الْحول من ذَلِك اذا اكمل النّصاب من ذَلِك الْمُسْتَفَاد
وَالثَّانِي رجل لَهُ مَال كَامِل النّصاب فَوجدَ مستفادا عِنْد تَمام الْحول على المَال الأول الْأَصْلِيّ فَأَنَّهُ يبتدى حول الْمُسْتَفَاد من عِنْد وجوده وَالثَّالِث رجل لَهُ مَال كَامِل النّصاب فَوجدَ مَالا من جنسه قبل حولان الْحول على مَاله الاصلي فانه لَا يضمه مَعَ خلاف جنسه
وَلَا خلاف فِي هَذِه الْوُجُود الثَّلَاثَة
وَالرَّابِع رجل لَهُ مَال كَامِل النّصاب فَوجدَ مَالا مستفادا من جنسه قبل حولان الْحول على المَال الاصلي فانه يضم الْمُسْتَفَاد الى المَال الاصلي ويزكي من كِلَاهُمَا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وسُفْيَان وقاسوه بنتاج النسائمة وَربح الدّور وَالْجَارِيَة الَّتِي يشق عَلَيْهِ تَقْدِير حِسَابهَا وعد ايامها فانها تضم مَعَ الاصل
وَلَا يضم ذَلِك الْمُسْتَفَاد مَعَ الاصل فِي قَول الشَّافِعِي وَابْن ابي ليلى وابي عبد الله كَمَا لَا تضم سَائِر الاشياء
واما الذَّهَب وَالْفِضَّة اذا وجدهَا الرجل فانه يضم احدها الى الآخر فِي قَول الْفُقَهَاء

(1/168)


وَقَالُوا ان الذَّهَب وَالْفِضَّة كالمشمش وَالزَّبِيب وَالشَّاة والعنز يضمان لانهما اثمان الاشياء الا ابا يُوسُف وَمُحَمّد فانهما قَالَا كلما ضحا يُزكي مِنْهُمَا على تَكَامل الاجزاء وَقَالَ ابو حنيفَة بِخِلَافِهِ وَذَلِكَ لَو ان رجلا لَهُ مائَة وَخَمْسُونَ درهما وديناران يساويان خمسين درهما قَالَ ابو حنيفَة فِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ صَاحِبَاه لَا زَكَاة فِيهِ لانه ثَلَاثَة ارباع نِصَاب الْفضة وَعشر نِصَاب الذَّهَب فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى تكون خَمْسَة دَنَانِير على تَكَامل الاجزاء بِوَجْه الْقيمَة الَّتِي كَانَت لَهَا فِي الْيَوْم الَّذِي وضع فِيهِ الزَّكَاة على كل دِينَار بِعشْرَة دَرَاهِم
وَفِي قَول زفر اذا حَال الْحول على مائَة دِرْهَم وَعشرَة دَنَانِير يزكّى من كل مِنْهُمَا على حِدة

الْخُلُو عَن الدّين
وَالثَّالِث من اسباب وجوب الزَّكَاة الَّذِي هُوَ فِي المَال خلوه عَن الدّين

المَال الْحَاضِر وَالْغَائِب
وَاعْلَم ان المَال على وَجْهَيْن مَال حَاضر وَمَال غَائِب
فاما الْحَاضِر فعلى ثلَاثه اوجه
الاول مثل الْحُبُوب لمَنْفَعَة الْبَيْت اَوْ المماليك للْخدمَة وَالدَّوَاب للرُّكُوب والمنازل للمسكن والاثواب للبس والامتعة للْحَاجة وَنَحْوهَا فَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا زَكَاة وان كثرت وعظمت قيمتهَا
وَالْوَجْه الثَّانِي مَال التِّجَارَة فَفِيهِ الزَّكَاة وَمَا اشْتَرَاهُ للتِّجَارَة من شَيْء فَفِي قِيمَته الزَّكَاة الا مَا كَانَ من أَرض الْخراج وَالْعشر لَان الزَّكَاة وَالْعشر لَا يَجْتَمِعَانِ وَكَذَلِكَ الْخراج وَالزَّكَاة لَا يَجْتَمِعَانِ وَمَا اسْتَفَادَ

(1/169)


من الاموال من غير شَيْء وبذل فَلَيْسَتْ للتِّجَارَة مثل الْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَالْمِيرَاث وَنَحْوهَا وان اتخذها بنية التِّجَارَة الا مَا اوصي لَهُ بِهِ فَيَأْخذهُ على نِيَّة التِّجَارَة فانه يصير للتِّجَارَة فِي قَول ابي يُوسُف وَفِي قَول مُحَمَّد كَغَيْرِهِ من الْمُسْتَفَاد
وَالْوَجْه الثَّالِث الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وفيهَا الزَّكَاة
واما المَال الْغَائِب فعلى ثَلَاثَة اوجه
احدها مَا يكون على بعد الْمسَافَة مِنْهُ وَلَا تصل يَده اليه الْبَتَّةَ فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ حتي يصل اليه مَاله ثمَّ يزكّى لما مضى وَلَا يجوز لهَذَا اخذ الزَّكَاة اذا احْتَاجَ اليها
وَالثَّانِي الدّين
وَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه عِنْد ابي حنيفَة
1 - دين قوي
2 - دين وسيط
3 - دين ضَعِيف
فاما الدّين الْقوي فَهُوَ مَال بدل مَال اصله للتِّجَارَة كأصل النّصاب فَهَذَا كلما خرج اربعون درهما واربعة دَنَانِير فانه يُزكي لما مضى مِنْهُ
واما الْوسط فَهُوَ مَال بدل عَن مَال واصله لغير التِّجَارَة
فَهَذَا لَا تلْزمهُ زَكَاته الا ان يخرج مِنْهُ مَا يكون نِصَابا كَامِلا فَحِينَئِذٍ يُزكي لما بقى
واما الضَّعِيف فَهُوَ مَال غير بدل عَن مَال مثل مهر الْمَرْأَة وَالصُّلْح من دم الْعمد والسعاية وَالْمِيرَاث وَالْوَصِيَّة وَنَحْوهَا فَهَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة

(1/170)


مَا مضى فاذا خرج مِنْهُ مَا يكون نِصَابا ثمَّ حَال عَلَيْهِ الْحول فَعَلَيهِ الزَّكَاة وَهِي سَوَاء كلهَا عِنْد ابي حنيفَة وَمُحَمّد فَإِذا خرج مِنْهُ شَيْء فانه يُزكي لما مضى بعد ان يكون الدّين نِصَابا كَامِلا وَحَال عَلَيْهِ الْحول
وَعند ابي يُوسُف وَمُحَمّد الدّين على ثَلَاثَة أوجه
من الْغُرَمَاء عَليّ الْمُفلس وَالْمُنكر وَالْمقر الملئ الثِّقَة
فاذا خرج مَا على الْمُفلس فانه يُزكي لما مضى فِي قَول ابي يُوسُف وَلَا يُزكي فِي قَول مُحَمَّد
واذا خرج مَا على الْمُنكر فانه يُزكي من يَوْم عوده الى الاقرار
واذا خرج مَا على الملئ الْمقر الثِّقَة فانه يُزكي لما مضى
وَقَالا مَا على الْمُنكر مثل الْمَغْصُوب مِنْهُ والمسروق مِنْهُ وَالْعَبْد الْآبِق وَالْمَال المدفون فِي غير ملكه وخفى عَلَيْهِ مَكَانَهُ اَوْ ضل مِنْهُ فِي بر اَوْ بَحر ثمَّ وجده زَكَّاهُ
وَعند الْحداد الدّين على أَرْبَعَة أوجه
1 - دين على ملئ ثِقَة مَتى طَالبه وجده فَعَلَيهِ زَكَاته وان لم يقبض
2 - وَدين على ثِقَة غير ملئ احيانا فيزكيه اذا قبض لما قضى
3 - وَدين على الْمُفلس
4 - وَدين على مُنكر فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ الا بعد الْقَبْض وحولان الْحول
وَلَيْسَ فِي الْغَصْب وَالسَّرِقَة زَكَاة فِي قَول الْفُقَهَاء

المَال الْغَائِب الذَّاهِب
وَالْوَجْه الثَّالِث المَال الْغَائِب الَّذِي ذهب مِنْهُ وَهُوَ عَليّ خَمْسَة أوجه
احدها الْمَغْصُوب وَالثَّانِي الْمَسْرُوق وَالثَّالِث الْآبِق فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهَا وَالرَّابِع الَّذِي أضلّهُ

(1/171)


وَالْخَامِس الَّذِي اخفاه ونسيه فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما يكون اخفاه فِي ملكه مثل دَاره وصندوقه وَنَحْوهَا فاذا وجده فَعَلَيهِ زكاتهن لما مضى وَالْوَجْه الثَّانِي ان يكون قد اخفاه فِي غير ملكه مثل خربة أَو بَريَّة وَنَحْوهَا فان وجده فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ لما مضى
وَأما الَّذِي اضله فَحكمه كَحكم الَّذِي اخفاه ونسيه بِعَيْنِه

السَّبَب الرَّابِع من اسباب وجوب الزَّكَاة
وَالرَّابِع من أَسبَاب وجوب الزَّكَاة هُوَ ان يكون المَال حَلَالا لِأَن المَال اذا كَانَ حَرَامًا لَا يَخْلُو من وَجْهَيْن اما ان يكون لَهُ خصم حَاضر فَيردهُ عَلَيْهِ
واما أَن لَا يكون لَهُ خصم حَاضر فيعطيه للْفُقَرَاء كُله وَلَا يحل لَهُ مِنْهُ قَلِيل وَلَا كثير وَالزَّكَاة انما تكون فِي المَال الْحَلَال

الدّين الَّذِي يمْنَع وجوب الزَّكَاة
قَالَ وَالدّين يمْنَع وجوب الزَّكَاة وَهُوَ الَّذِي على صَاحب المَال وَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما دين الله تَعَالَى مثل الْكَفَّارَات وَالنُّذُور وَوُجُوب الْحَج وَغير ذَلِك فانه لَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة مُتَّفقا
وَالثَّانِي دين الْعباد وَهُوَ يمْنَع وجوب الزَّكَاة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَلَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة فِي قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ الْفُقَهَاء هما لَا يستويان لَان فِي حُقُوق النَّاس تخاصما وترافعا وتجادلا وَلَيْسَ فِي حُقُوق الله تَعَالَى شَيْء من ذَلِك

(1/172)


الصَّدقَات
وَأما الصَّدقَات فَأن اسباب وُجُوبهَا كأسباب وجوب الزَّكَاة وَزِيَادَة ان تكون سليمَة وَهِي تجب فِي ثَلَاثَة اشياء
فِي الابل وَالْبَقر وَالشَّاة مُتَّفقا
وَلَا تجب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء مُتَّفقا فِي البغال وَالْحمير والثيران وَهِي العوامل

زَكَاة الْخَيل
وَفِي الْخَيل اخْتِلَاف فِي قَول ابي حنيفَة وسُفْيَان فِيهَا الزَّكَاة فِي كل فرس دِينَار اَوْ عشرَة دَرَاهِم أَو يقومها فيعطي من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاة فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
عَفَوْت عَن امتي فِي صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق وَقَالَ ايضا عَفَوْت لكم عَن الْخَيل فهاتوا مَا سوى ذَلِك

(1/173)


زَكَاة الابل
واما زَكَاة الابل فانها تَدور على فُصُول أَرْبَعَة
احدهما على الْخمس
وَالثَّانِي عَليّ الْعشْر
وَالثَّالِث على خَمْسَة عشر
وَالرَّابِع على الثَّلَاثِينَ فِي قَول الْفُقَهَاء وَالشَّافِعِيّ وعَلى الاربعين فِي قَول ابي عبد الله وابي عُبَيْدَة وَتَفْسِير ذَلِك
لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة من الابل صَدَقَة فاذا بلغت خَمْسَة وَهِي سَائِمَة فَفِيهَا شَاة الى عشر فَفِيهَا شَاتَان الى خَمْسَة عشر فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه الى عشْرين فَفِيهَا أَربع شِيَاه الى خَمْسَة وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض فَهَذَا دون الْخمس
ثمَّ إِلَى سِتَّة وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بنت لبون الى سِتَّة واربعين فَفِيهَا حقة وَهَذَا دون الْعشْر
ثمَّ الى احدى وَسِتِّينَ فَفِيهَا حقتان وَهَذَا دون خَمْسَة عشر
ثمَّ الى مائَة وَعشْرين ثمَّ تسْتَأْنف الْفَرِيضَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَهُوَ انه اذا زَادَت خمْسا على مائَة وَعشْرين فَفِيهَا حقتان وشَاة فاذا زَادَت عشرا فَفِيهَا حقتان وشاتان فاذا زَادَت خَمْسَة عشر فَفِيهَا حقتان وَثَلَاثَة شِيَاه فاذا زَادَت خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض وحقتان وَإِذا زَادَت إِلَى ثَلَاثِينَ يضمها إِلَى مائَة وَعشْرين فَتَصِير مائَة وَخمسين فَفِيهَا ثَلَاث حقاق ثمَّ يسْتَأْنف كَذَلِك بَالغا مَا بلغ وَهُوَ قَول ابْن مَسْعُود
وَفِي قَول الشَّافِعِي اذا زَادَت وَاحِدَة على مائَة وَعشْرين فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون

(1/174)


زَكَاة الْبَقر
واما زَكَاة الْبَقر فَلَا صَدَقَة فِيهَا حَتَّى تبلغ ثَلَاثِينَ فاذا بلغت ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تبيع اَوْ تبيعة الى أَرْبَعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّة الى سِتِّينَ فَفِيهَا تبيعان
وَلَيْسَ فِي الْخمسين شَيْء فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول ابي حنيفَة فِيهَا مُسِنَّة وايضا عَنهُ فانه قَالَ اذا بلغ اربعين فَفِيهَا مُسِنَّة وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ خمسين فاذا بلغت خمسين فَفِيهَا مُسِنَّة وَربع اَوْ ثلث تبيع ثمَّ لَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ سِتِّينَ فَفِيهَا تبيعان
وايضا عَنهُ قَالَ لَيْسَ فِي الزِّيَادَة على الاربعين شَيْء حَتَّى تبلغ

(1/175)


خمسين فاذا بلغت خمسين فَفِيهَا مُسِنَّة وَربع مُسِنَّة أَو ثلث تبيع ثمَّ لَيْسَ فِي الزِّيَادَة على السِّتين شَيْء حَتَّى تبلغ سبعين فَفِيهَا تبيع ومسنة ثمَّ بعد ذَلِك فِي كل اربعين مُسِنَّة وَفِي كل ثَلَاثِينَ تبيع وَهُوَ حِسَاب لَا يَنْقَطِع

مطلب زَكَاة الشَّاة
واما زَكَاة الشَّاة فَلَيْسَ فِيمَا دون أَرْبَعِينَ شَاة صَدَقَة
فاذا بلغت اربعين فَفِيهَا شَاة الى مائَة وَعشْرين
فاذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا شَاتَان الى مِائَتي شَاة
فاذا بلغت احدى وَمِائَتَيْنِ شَاة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه الى ارْبَعْ مائَة ثمَّ فِي كل مائَة شَاة
وَهُوَ حِسَاب لَا يَنْقَطِع
قَالَ وَلَو ابدل كل سَائِمَة بجنسها فِي الْحول فانه لَا يَنْقَطِع فِي الْحول فِي قَول مَالك وَزفر وابي عبد الله وَيقطع ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد
واذا ابدلها بِجِنْس آخر فانه يقطع الْحول فِي قَوْلهم جَمِيعًا
قَالَ واذا كَانَ لرجل تسع من الابل فحال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ هلك مِنْهَا ارْبَعْ فان عَلَيْهِ فِيمَا بَقِي خَمْسَة اتساع شَاة فِي قَول زفر وَمُحَمّد وابي عبد الله
وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف يَأْخُذ مِمَّا بَقِي شَاة لانها وَاجِبَة فِي الْخمس وَمَا بَين الْخمس الى الْعشْرَة وَقس على هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْبَقر وَالْغنم وَكَذَلِكَ فِيمَا دون التسع الى الْخمس فاعرفه
واذا وَجب فِي الابل شَيْء وَلَا يُوجد الْوَاجِب وَيُوجد فَوْقهَا اَوْ تحتهَا فان الْمُصدق يتَخَيَّر فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء
ان شَاءَ أَخذ الْفرق وَيرد على صَاحب السَّائِمَة مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ

(1/176)


وَإِن شَاءَ اخذ التحت وَيَأْخُذ مِنْهُ مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ
وان شَاءَ أَخذ قيمَة الْوَاجِب وَلَا يفْرض لَهُ سوى ذَلِك

الْخمس
واما الْخمس فانه على ثَلَاثَة أوجه
احدها خمس الْغَنِيمَة
وَالثَّانِي خمس الْقِسْمَة
وَالثَّالِث خمس الْكَنْز وَقد سمى الْمَعْدن والكنز كِلَاهُمَا ركازا الا ان اسْم الْمَعْدن للركاز حَقِيقَة وللكنز مجَاز

خمس الْغَنِيمَة
واما الْغَنِيمَة فَأَرْبَعَة اخماسها للمقاتلة
وخمسها لثَلَاثَة اصناف وهم الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي كِتَابه {واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فيوزع الْخمس فيهم ان شَاءَ تَخْصِيصًا وان شَاءَ نعميما وان شَاءَ تَفْصِيلًا

خمس الْمَعْدن
واما الْمَعْدن فَهُوَ عَليّ وَجْهَيْن
فِي احدها الْخمس
وَلَا خمس فِي الاخر
واما الَّذِي فِيهِ الْخمس فَهُوَ على سَبْعَة أوجه

(1/177)


احدها الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والصفر والنحاس والانك والرصاص
واما الَّذِي لَا خمس فِيهِ فَهُوَ أَيْضا عَليّ سَبْعَة أوجه النفط والقير وَالْملح وَمَا يُوجد فِي الْجبَال من الْجَوَاهِر والفيروز والساج والياقوت واشباهها
وَأما يُوجد فِي بطن الأَرْض من الزاج والمغرة والكحل والزجاج وأشباهها
واما يسْتَخْرج من البحور من الصَّيْد واجناس مَا فِيهِ من اللُّؤْلُؤ والعنبر وأنواع خرزاتها
فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وابي يُوسُف فِي العنبر واللؤلؤ الْخمس لانهما مالان نفيسان
وَالسَّابِع صيد الْبر من الطُّيُور والوحوش
واما الزئبق فَفِيهِ اخْتِلَاف فان فِي قَول ابي يُوسُف فِيهِ الْخمس وَفِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد لَيْسَ فِيهِ الْخمس
وَكَذَلِكَ كل شَيْء يسْتَخْرج من الأَرْض بِلَا علاج نَار فَلَا خمس فِيهِ سَوَاء كَانَ مَا وجده من الْمَعْدن قَلِيلا أم كثيرا وَسَوَاء وجده رجل أَو امْرَأَة حر اَوْ عبد صَغِيرا اَوْ كَبِير كَافِر اَوْ مُسلم فَفِيهِ الْخمس
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَيْسَ فِي الْمَعْدن شَيْء الا مَعْدن الذَّهَب وَالْفِضَّة وَيَقُول فِيمَا يسْتَخْرج ربع الْعشْر

(1/178)


كَزَكَاة المَال
قَالَ وَوُجُود الْمَعْدن على ثَلَاثَة أوجه
احدها ان يجده فِي دَاره
وَالثَّانِي فِي دَار غَيره
وَالثَّالِث ان يجده فِي أَرض لَا ملك لَاحَدَّ فِيهَا
فَأَما اذا وجده فِي دَاره فَفِي قَول ابي حنيفَة لَا شَيْء فِيهِ وَمَا يجده فَهُوَ لَهُ لانه ملكه ولان الامام لَا حق لَهُ فِي دَاره وَلَا للْمُسلمين
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله عَلَيْهِ الْخمس لعُمُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الرِّكَاز الْخمس
واما اذا وجده فِي دَار غَيره فان فِيهِ الْخمس واربعة اخماس للواجد فِي قَول ابي يُوسُف ويحتج بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الرِّكَاز لمن وجده وَالصَّيْد لمن أَخذه وَالطَّلَاق بيد من يَأْخُذ بالساق وَفِي قَول بعض الْفُقَهَاء وابي عبد الله هُوَ لصَاحب الدَّار وَلَيْسَ للواجد شَيْء
فَأَما اذا وجده فِي أَرض موَات فَفِيهِ الْخمس واربعة اخماسه للواجد

الْكَنْز
قَالَ وَوُجُود الْكَنْز على خَمْسَة اوجه
احدها ان يجده فِي دَاره
وَالثَّانِي ان يجده فِي دَار غَيره
وَالثَّالِث ان يجده فِي أَرض لَا ملك لَاحَدَّ فِيهَا
وَالرَّابِع ان يجده فِي دَار الْحَرْب فِي الصَّحرَاء
وَالْخَامِس ان يجده فِي دَار الْحَرْب فِي دَار اُحْدُ

(1/179)


فَأَما اذا وجده فِي دَاره فَهُوَ لَهُ ويخمس وان وجده فِي دَار غَيره فَهُوَ للواجد فِي قَول ابي يُوسُف ويخمس وَفِي قَول ابي عبد الله لرب الدَّار ويخمس وَلَا شَيْء للواجد وَفِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد هُوَ لصَاحب الخطة وَفِيه الْخمس

(1/180)


وان وجده فِي أَرض لَا ملك لَاحَدَّ فِيهَا فَهُوَ لَهُ ويخمس وان وجده فِي دَار الْحَرْب فِي الصَّحرَاء فَهُوَ لَهُ وَلَا يُخَمّس وان وجده فِي دَار الْحَرْب فِي دَار اُحْدُ فَهُوَ عَليّ وَجْهَيْن
فان دخل فِي دَار الْحَرْب بِأَمَان فَهُوَ لصَاحب الدَّار وَلَيْسَ لَهُ ان يخوفهم فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله وَفِي قَول ابي يُوسُف هُوَ للواجد على اصله
وان دَخلهَا بِغَيْر امان فَهُوَ لَهُ وَلَا يُخَمّس

الرِّكَاز
قَالَ والركاز عَليّ وَجْهَيْن
احدهما من دفن الاسلام فَهُوَ بِمَنْزِلَة اللّقطَة يعرفهَا حولا ثمَّ يَدْفَعهَا للْفُقَرَاء

(1/181)


وَالثَّانِي من دفن الْجَاهِلِيَّة
فان لم يتَبَيَّن اهو من دفن الْجَاهِلِيَّة اَوْ من دفن الاسلام ينظر الى الارض فان وجد فِي أَرض الاسلام فَهُوَ من دفن الاسلام وان وجد فِي أَرض الْكفْر فَهُوَ من دفن الْكفْر

زَكَاة الْعشْر
واما الْعشْر فَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه
احدها عشر الارضين
وَالثَّانِي عشر الاموال الَّتِي يمر بهَا على عَاشر الْمُسلمين
وَالثَّالِث عشر نَصَارَى بني تغلب

(1/182)


عشر الارضين
فَأَما عشر الارضين فان الارض على ثَلَاثَة أوجه
احدها أَرض عشرِيَّة
الثَّانِي أَرض صلحية
الثَّالِث أَرض خَرَاجِيَّة

الارض العشرية
فَأَما الارض العشرية فعلى أَرْبَعَة أوجه
احدها مَا اسْلَمْ عَلَيْهَا أَهلهَا طَوْعًا بِلَا قتال وَلَا دَعْوَة الى الاسلام
وَالثَّانِي أَرض افتتحها الامام عنْوَة فَلهُ فِيهَا أَرْبَعَة أَحْكَام
ان شَاءَ من عَلَيْهِم وردهَا اليهم وَيَأْخُذ خراجها مِنْهُم
وان شَاءَ نفاهم ونزلها قوما آخَرين وَيَضَع عَلَيْهِم الْخراج اذا كَانُوا من أهل الْكفْر وان شَاءَ يخمسها وَيدْفَع أَرْبَعَة اخماسها الى الْعَسْكَر وَيَضَع عَلَيْهَا الْعشْر وان شَاءَ ردهَا الى أَرْبَابهَا بعد مَا اسلموا فَيكون ايضا عَلَيْهَا الْعشْر كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَهْل مَكَّة وَهِي الثَّالِثَة وَالرَّابِع أَرض موَات يُحْيِيهَا رجل بِمَاء عشرى فَمن احياها من الْمُسلمين فَعَلَيهِ فِيهَا الْعشْر اذا لم تكن الارض فنَاء لقوم وَلَا متطبا وَلَا مرعى لقوم وَلم يكن لَهَا مَالك من الْمُسلمين
ثمَّ لَا يُحْيِيهَا الا بأذن الامام فِي قَول ابي حنيفَة ويحييها بِغَيْر اذنه فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من

(1/183)


احيي أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ فان سَقَاهَا السَّمَاء واسقى سيحا فَفِيهَا الْعشْر وان كَانَ منبع المَاء الَّذِي يسقيها مِنْهُ فِي أَرض الْخراج فَهُوَ كَذَلِك فِي قَول ابي يُوسُف وَفِي قَول مُحَمَّد عَلَيْهَا الْخراج وان سقى بالسواني والدلاء فعلَيْهَا نصف الْعشْر ثمَّ مَا اخرجت هَذِه الارض فَفِيهِ الْعشْر أَو نصف الْعشْر قل ذَلِك أَو كثر الا فِي ثَلَاثَة اشياء الْحَطب والكلأ والقصب فِي قَول ابي حنيفَة وَزفر واحتجا بقوله تَعَالَى {وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض} وَبقول أبي عَبَّاس فِي عشر باقات من البقل باقة وَاحِدَة
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله انما الْعشْر فِي كل شَيْء لَهُ نمرة بَاقِيَة تقتن أَو يقتات ويعاش بهَا زمَان الجدب مثل الْحِنْطَة وَالشعِير والذرة والفول ولارز وَالتَّمْر وَالزَّبِيب وَنَحْوهَا
وايضا اذا بلغ نِصَابا وَهُوَ خَمْسَة اوسق والوسق صَاع والصاع ثَمَانِيَة أَرْطَال وَثلث رَطْل وَهُوَ صَاع عمر الَّذِي يُسمى حجاجيا وَهُوَ ربع من القفيز الْهَاشِمِي السِّت عشر منا

الارض الصلحية
وَأما الارض الصلحية فَهِيَ عَليّ وَجْهَيْن
احدها مَا صَالح عَلَيْهَا اربابها من أهل الْحَرْب عَليّ شَيْء يعطونه الى سُلْطَان الْمُسلمين فاذا سلمُوا تصير عشرِيَّة فَحِينَئِذٍ يَأْخُذ الامام مِنْهُم مَا صَالحهمْ عَلَيْهِ وهم يؤدونه فان فضل شَيْء من الْعشْر بعد ادائهم مَا صَالحُوا عَلَيْهِ اعطوه الى الْفُقَرَاء

(1/184)


الارض الخراجية
وَأما الارض الخراجية فَهِيَ عَليّ أَرْبَعَة أوجه
احدها أَرض اخذها الامام عنْوَة ثمَّ من بهَا على ملاكها بِالْعِتْقِ ورد اليهم أراضيهم بِمَا ضرب عَلَيْهَا من الْخراج وَيَضَع الْجِزْيَة ايضا عَليّ رقابهم فيقرهم وَلَا يقسمها بَين الْمُقَاتلَة كَمَا فعل عمر بِالسَّوَادِ فان على هَذِه الارض الْخراج فاذا اسلموا سقط الْخراج عَن رقابهم وَلَا يسْقط عَن أراضيهم
وَالثَّانيَِة ان يخرج أَرْبَابهَا ويدفعها الى قوم آخَرين من أهل الْعَهْد بِمَا حمل عَلَيْهَا من الْخراج فَحكم هَذِه الارض حكم الاولى
وَالثَّالِثَة أَرض موَات يُحْيِيهَا أحد ويسقيها من المَاء الخراجي فان على هَذِه الارض الْعشْر
وَالرَّابِعَة أَرض يَبِيعهَا مُسلم من ذمِّي من أَرض الْعشْر فَأن تِلْكَ الارض تصير خَرَاجِيَّة ابدا فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله فان اسْلَمْ صَاحبهَا فَلَا تصير عشرِيَّة لَان العشرية تصير خَرَاجِيَّة والخراجية لَا تصير عشرِيَّة لَان الْعشْر كَرَامَة للْمُؤْمِنين وَفِي قَول مُحَمَّد تكون عشرِيَّة عَليّ حَالهَا ابدا
وَفِي قَول ابي حنيفَة يُضَاعف عَلَيْهَا الْعشْر كأرض التغلبي
فَهَذِهِ الارضون الاربعة لَا يجْتَمع الْعشْر فِيهَا مَعَ الْخراج فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه ويجتمع فِي قَول الشَّافِعِي لَان الْخراج كِرَاء الأَرْض وَالْعشر حق الله تَعَالَى اوجبه للْفُقَرَاء وَالْخَرَاج انما وَضعه عمر بن الْخطاب
فَأَما قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد ان صَاحب هَذِه الاراضي يُعْطي خراجها فَحسب وَفِي قَول ابْن الْمُبَارك يُعْطي خراجها من دَخلهَا ثمَّ بِعشر لما بَقِي وَفِي قَول الشَّافِعِي وَعبد الله يرفع عشرهَا جَمِيعًا ثمَّ يُعْطي الْخراج مِمَّا بقى

(1/185)


أوجه الْخراج
قَالَ وَالْخَرَاج على الارض على ثَلَاثَة أوجه
الاول أَرض بَيْضَاء تصلح للزِّرَاعَة فَفِي كل جريب دِرْهَم وقفيز حِنْطَة
وَالثَّانِي أَرض فِيهَا كرم واشجار ملتفه فَفِيهَا عشرَة دَرَاهِم من كل جريب
وَالثَّالِث أَرض فِيهَا رطاب فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم وعَلى كل نَخْلَة دِرْهَم وَذَلِكَ وَضعه عُثْمَان بن حنيف لما بَعثه عمر بن الْخطاب الى سَواد الْكُوفَة

(1/186)


قَالَ وَلَا يُؤْخَذ الْخراج فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة
وان اجتاحت جَائِحَة ثَمَرهَا وزرعها فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهَا
وان ترك زراعتها وَكَانَ يقدر على ذَلِك فَعَلَيهِ الْخراج
فان عطلها فَلَا مَانع ان يؤجرها وَيَأْخُذ خراجها من اجرتها وَيرد الْفضل الى أَرْبَابهَا ان فضل وَيجوز ذَلِك لمن يَأْخُذهَا

الْمُعَامَلَة فِي الارض العشرية
قَالَ والمعاملة فِي الارض العشرية عَليّ خَمْسَة أوجه
احدها ان يَزْرَعهَا صَاحبهَا بِنَفسِهِ فان عشرهَا عَلَيْهِ على الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ
وَالثَّانِي ان تكون بَين شَرِيكَيْنِ فيزرعها جَمِيعًا ببذرهما وآلاتهما فعشرها عَلَيْهِمَا
وَالثَّالِث ان يَدْفَعهَا مُزَارعَة فَفِي قَول ابي حنيفَة الْمُزَارعَة فَاسِدَة الا انه يَقُول ان عشرهَا على رب الارض
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله الْعشْر عَلَيْهِمَا جَمِيعًا اذا بلغ نصيب كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يجب فِيهِ الْعشْر
وَالرَّابِع ان يَدْفَعهَا مؤاجرة فان عشرهَا فِي قَول ابي حنيفَة على رب الارض من اجرتها فِي قَول الآخرين الْعشْر على الْمُسْتَأْجر لَان الزَّرْع إِنَّمَا يخرج لَهُ دون رب الارض
وَالْخَامِس ان يَدْفَعهَا عَارِية فالعشر عَليّ الْمُسْتَعِير مُتَّفقا

(1/187)


عشر التغلبي
وَأما عشر التغلبي فانه يُؤْخَذ من أرضه ضعف مَا يُؤْخَذ من أَرض الْمُسلمين وَيُؤْخَذ من نِسَائِهِم وصبياهم اذا كَانُوا أَرْبَاب الضّيَاع كَمَا يُؤْخَذ من صبيان الْمُسلمين وَنِسَائِهِمْ جَمِيعًا

عشر الاموال الَّتِي يمر بهَا على الْعَاشِر
وَأما عشر الْأَمْوَال الَّتِي يَأْخُذهَا عَاشر الْمُسلمين فانه عَليّ ثَلَاثَة أوجه
احدها مَا يَأْخُذ من الْمُسلمين وَهُوَ ربع الْعشْر
وَالثَّانِي مَا يَأْخُذ من الذِّمِّيّ وَهُوَ نصف الْعشْر
وَالثَّالِث مَا يَأْخُذهُ من الْحَرْبِيّ اذا دخل دَار الاسلام مستأمنا للتِّجَارَة وَهُوَ الْعشْر الْكَامِل وَذَلِكَ لما روى عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ لزيد بن خَبِير لما بَعثه الى عين التَّمْر أمره ان يَأْخُذ من الْمُسلمين ربع الْعشْر وَمن أهل الذِّمَّة نصف الْعشْر وَمن الْحَرْبِيّ الْعشْر
قَالَ وَلَا يُؤْخَذ الْعشْر من الْمُسلم وَلَا من الذِّمِّيّ وَلَا من الْحَرْبِيّ حَتَّى يكون مَا لكل وَاحِد مِائَتَا دِرْهَم فَصَاعِدا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وروى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ انه قَالَ
يَأْخُذ من الْمُسلم اذا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَمن الذِّمِّيّ اذا كَانَ لَهُ مائَة دِرْهَم وَمن الْحَرْب اذا كَانَ لَهُ خَمْسُونَ درهما

(1/188)


وَالْفرق بَين عشر الْمُسلمين وَعشر الذميين الْحَرْبِيين عشرَة اشياء
احدها لَا يَأْخُذ من الْمُسلم وَالذِّمِّيّ حَتَّى يحول الْحول على ماليهما وَيَأْخُذ من الْحَرْبِيّ حَال الْحول على مَاله اَوْ لم يحل
وَالثَّانِي لَا يَأْخُذ من الْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي السّنة الْوَاحِدَة الا مرّة وَاحِدَة وَيَأْخُذ من الْحَرْبِيّ فِي كل مرّة يخرج وان كَانَ يخرج عشر مَرَّات فِي سنة وَاحِدَة
وَالثَّالِث الْمُسلم وَالذِّمِّيّ يصدقهما فِي كل شَيْء مَعَ يمينهما الا فِي قَوْلهمَا قد ادينا زَكَاة مالنا وَالْحَرْبِيّ لَا يصدق فِي كل شَيْء الا فِي قَوْله فِي غُلَام انه ابْنه وَفِي الْجَوَارِي امهات أَوْلَاده
وَالرَّابِع لَا يَأْخُذ من صبيان الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة الْعشْر وَيَأْخُذ من صبيان أهل الْحَرْب
وَالْخَامِس لَا يَأْخُذ من عبيدهم
وَالسَّادِس لَا يَأْخُذ من مكاتبهم
وَالسَّابِع لَا يَأْخُذ من العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة
وَالثَّامِن لَا يَأْخُذ من الْمضَارب
وَالتَّاسِع لَا يَأْخُذ من المتبضع وَيَأْخُذ من الْحَرْبِيّ فِي جَمِيع هَذِه الْوُجُوه
والعاشر يُعَامل الْحَرْبِيّ فِي أَخذ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَالتَّشْدِيد والتسهيل مثل مَا يعاملون تجارنا وَلَو مر الْحَرْبِيّ بالعاشر بِخَمْر وخنزير فانه يَأْخُذ من الْخمر وَلَا يَأْخُذ من الْخِنْزِير فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَيَأْخُذ من كِلَاهُمَا فِي قَول معَاذ وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يَأْخُذ من كِلَاهُمَا

(1/189)


وَأما الْخراج فقد ذَكرْنَاهُ فِي مسئلة مُقَارنًا مَعَه اذا لم يُمكن تفريد احدهما من الآخر كَمَا بَينا فِي أول المسئلة الى آخرهَا فاعرفها

جِزْيَة الرؤس
وَأما الرؤس فانها على ثَلَاثَة أوجه
احدها على المؤسرين من أهل الذِّمَّة
وَالثَّانِي على المعسرين فَيَأْخُذ مِنْهُم اثنى عشر درهما
وَأما الْوسط فَيَأْخُذ مِنْهُم أَرْبَعَة وَعشْرين وَلَا يَأْخُذ مِنْهُم فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة وَهَذَا قَول ابي حنيفَة واصحابه
وَفِي قَول الشَّافِعِي على كل محتلم مِنْهُم دِينَار لَا يزَال كَذَلِك
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا تقبل الْجِزْيَة الا من أهل الْكتاب وَالْمَجُوس عَبدة النَّار من أهل الْكتاب
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله يقبل من جَمِيع أهل الاديان الا مُشْركي الْعَرَب والمرتدين
قَالَ وَلَو أَن ذِمِّيا لم تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة حَتَّى حَال عَلَيْهِ الْحول وَأسلم فِي قَول الشَّافِعِي يُؤْخَذ مِنْهُ لما مضى وَهُوَ كالاجرة عِنْده
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله لَا يُؤْخَذ مِنْهُ لما مضى

من لَا تُؤْخَذ مِنْهُم الْجِزْيَة
قَالَ وَلَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة من عشرَة اصناف
احدهم الصّبيان
وَالثَّانِي النِّسَاء
وَالثَّالِث المجانين

(1/190)


وَالرَّابِع العبيد
وَالْخَامِس الرهبان
وَالسَّادِس القسيسون
وَالسَّابِع الشُّيُوخ المقعدون
وَالتَّاسِع الزمني
والعاشر الْمَقْطُوع ايديهم وارجلهم وَقد تكلم الْفُقَهَاء فِي موسري أهل الذِّمَّة ومعسريهم واوساطهم فَقَالَ عِيسَى بن ابان الموسرون عشرَة الاف فَمَا فَوْقهَا والمعسرون اصحاب مَا دون مِائَتي دِرْهَم والاوساط اصحاب مِائَتي دِرْهَم فَمَا فَوْقهَا الى عشرَة الاف
وَقَالَ بشر المريسي
الموسرون من كَانَ لَهُم قوتهم وقوت عِيَالهمْ وَزِيَادَة والاوساط من كَانَ لَهُم قوتهم وقوت عِيَالهمْ
وَلَا يكون لَهُم زِيَادَة والمعسرون من لم يكن لَهُم قوتهم وقوت عِيَالهمْ
وَقَالَ ابو جَعْفَر الهندواني هُوَ على عَادَة الْبلدَانِ ومعرفتهم بذلك

(1/191)


صَدَقَة الْفطر
وَأما صَدَقَة الْفطر فعلى وَجْهَيْن
على العبيد وعَلى الاحرار على ثَلَاثَة اصناف
الرِّجَال الاغنياء وَالصبيان الاغيناء وَالصبيان الْفُقَرَاء
فَأَما الرِّجَال الاغنياء فالصدقة عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم
فَأَما الصّبيان الْفُقَرَاء فالصدقة فيهم فِي أَمْوَال آبَائِهِم
وَأما الصّبيان الاغنياء فالصدقة عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله فِيهِ الصَّدَقَة
وَالثَّانِي العَبْد الْكَامِل وَهُوَ على وَجْهَيْن
للْخدمَة وللتجارة فعبد التِّجَارَة لَيْسَ فِيهِ صَدَقَة فِي قَول ابي حنيفَة وَأَصْحَابه وَفِي قَول الشَّافِعِي فِيهِ الصَّدَقَة وَعبد الْخدمَة فِيهِ الصَّدَقَة مُتَّفقا
وَالثَّالِث العَبْد النَّاقِص وَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه
احدها العَبْد بَين اثْنَيْنِ اَوْ اكثر فَلَا صَدَقَة فِيهِ لَان الصَّدَقَة فِي عبد تَامّ
وَالثَّانِي الْمكَاتب لَيْسَ عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَلَا على مَوْلَاهُ
وَالثَّالِث العَبْد المستسعي فَفِيهِ الصَّدَقَة فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لانه حر وَفِي قَول ابي حنيفَة لَيْسَ عَلَيْهِ الصَّدَقَة لَان بعضه حر وَبَعضه عبد

كَفَّارَة الْأَيْمَان
وَأما كَفَّارَة الْأَيْمَان فعلى ثَلَاثَة أوجه
عتق رَقَبَة أَو اطعام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم

(1/192)


وَهُوَ مُخَيّر فِيهَا فان كفر بِالْعِتْقِ فَيجوز بالصغير وَالْكَبِير وَالْمُؤمن وَالْكَافِر كَمَا فِي كَفَّارَة الصَّوْم
وان كفر بالكسوة فَيجوز بِأَيّ ثوب كَانَ اذا جَازَت فِيهِ الصَّلَاة فِي قَول الْفُقَهَاء وَقَالَ بَعضهم بِثَوْب سابغ وَقَالَ بَعضهم ثوب يواري بِهِ جسده وَفِي قَول ابي عبد الله ثوب يَكْفِيهِ فِي الشتَاء والصيف وان كفر بِالطَّعَامِ فَهُوَ على وَجْهَيْن
اباحة وتمليك
فالتمليك على ثَلَاثَة أوجه ان اعطاهم منوين من بر ودقيقه أَو سويقه أَو خبزه فَيجوز وان شَاءَ اعطاهم اربعة امنان من الشّعير اَوْ دقيقه أَو سويقه أَو خبزه وَكَذَلِكَ فِي التَّمْر وَالزَّبِيب أَرْبَعَة امنان فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله
وَفِي قَول ابي حنيفَة الزَّبِيب يعْطى منوين وان شَاءَ اعطى ثمن منوين من بر اَوْ ثمن اربعة امنان من شعير اَوْ تمر
وَلَا يجوز ان يعْطى منا من وَاحِد ثمنا لاخر لَان كل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة مَذْكُور فِي الْخَبَر
وَأما الاباحة فعلى ثَلَاثَة أوجه
ان شَاءَ غداهم غدائين
وان شَاءَ عشاهم عشاوين
وَهَذَا كُله فِي قَول الْفُقَهَاء
وَفِي قَول الشَّافِعِي الاباحة لَا تجوز وَلَا يجوز الا التَّمْلِيك
وَقَالُوا لكل مِسْكين من وَاحِد وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَابْن عمر

(1/193)


النذور

أَنْوَاع النذور
وَأما النذور فعلى وَجْهَيْن
1 - نذر فِي الطَّاعَة
2 - وَنذر فِي الْمعْصِيَة

النذور فِي الطَّاعَة
فَأَما النذور فِي الطَّاعَة فعلى ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا يَقُول ان شفاني الله من هَذَا الْمَرَض اَوْ رد عني هَذَا الْبلَاء على كَذَا من الصَّوْم اَوْ الصَّلَاة اَوْ الصَّدَقَة فاذا فعل الله تَعَالَى ذَلِك لزمَه مَا قَالَ مُتَّفقا
وَالثَّانِي ان يَقُول لله تَعَالَى على ان اصوم كل جُمُعَة اَوْ كل خَمِيس
أَو قَالَ لله تَعَالَى على ان اصلي فِي كل لَيْلَة كَذَا اَوْ اعطي الْفُقَرَاء فِي كل يَوْم كَذَا من الدَّرَاهِم أَو الدَّنَانِير فَهُوَ وَاجِب ايضا كالاول عِنْد الْفُقَهَاء وَهُوَ غير وَاجِب فِي قَول ابي عبد الله ووفاؤه افضل
وَالثَّالِث ان يَقُول ان فعلت كَذَا فَللَّه على ان اصوم اَوْ اصلي كَذَا اَوْ مَالِي للْمَسَاكِين فاذا فعل ذَلِك الْفِعْل يلْزمه ذَلِك الصَّوْم اَوْ الصَّلَاة فِي قَول الْفُقَهَاء

(1/194)


وَفِي قَول الشَّافِعِي تلْزمهُ كَفَّارَة وَاحِدَة وان شَاءَ فعل الصَّوْم وَالصَّلَاة

النذور فِي الْمعْصِيَة
فَأَما النّذر فِي الْمعْصِيَة فعلى ثَلَاثَة أوجه
احدها ان يَقُول ان رَزَقَنِي الله قتل فَللَّه عَليّ ان اضْرِب فلَانا من السَّوْط كَذَا وَنَحْوه فَإِن رزقه قتل فلَان فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَاحِدَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ ضرب فلَان
وَالثَّانِي أَن يَقُول ان رَزَقَنِي الله غزَاة اَوْ حجا اَوْ طَاعَة من الطَّاعَات أَو رخصَة من الرُّخص فَللَّه على ان أَصوم أَو اتصدق بِكَذَا فرزقه الله لَا يلْزمه مَا قَالَ من الصَّوْم وَالصَّلَاة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا لَا يطيقه فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين

(1/195)


الْوَاجِبَات

النَّفَقَات
وَأما الْوَاجِبَات فانها على سَبْعَة اوجه
احدها نَفَقَة الزَّوْجَات
وَالثَّانِي نَفَقَة المماليك
وَالثَّالِث نَفَقَة الاولاد
وَالرَّابِع نَفَقَة الْوَالِدين
وَالْخَامِس نَفَقَة الرَّحِم الْمحرم
وَالسَّادِس نَفَقَة الرَّحِم غير الْمحرم
وَالسَّابِع نَفَقَة الاجانب

نَفَقَة الزَّوْجَات والمماليك
فَأَما نَفَقَة الزَّوْجَات والمماليك فَهِيَ على الرِّجَال سَوَاء كَانَ الزَّوْجَات والمماليك اغنياء اَوْ فُقَرَاء

نَفَقَة الاولاد
وَأما الاولاد فهم صنفان ذُكُور واناث
فان كَانُوا اغنياء فنفقتهم فِي أَمْوَالهم وان كَانُوا فُقَرَاء فعلى ابائهم مَا داموا صغَارًا فاذا كبروا سَقَطت نَفَقَة الابناء الا أَن يَكُونُوا زمنى لَا يقدرُونَ على الْعَمَل
وَأما الْبَنَات فان نفقتهن عَلَيْهِ مَا لم يزوجن

نَفَقَة الْوَالِدين
واما نَفَقَة الْوَالِدين فانها وَاجِبَة عَليّ الْوَلَد خَاصَّة لَا يُشَارك فِيهَا أحد

(1/196)


من الذُّرِّيَّة كَمَا ان نَفَقَة الْوَلَد على الْوَالِد لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أحد اذا لم يكن لَهما مَال
وَالْخلاف فِي ذَلِك

نَفَقَة الرَّحِم الْمحرم
واما نَفَقَة الرَّحِم الْمحرم فانها وَاجِبَة على الرجل فِي مَاله فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا نَفَقَة لَاحَدَّ من الاقرباء الا للوالد والا نَفَقَة الْوَلَد على الْوَالِد فَحسب

نَفَقَة الرَّحِم غير الْمحرم
واما نَفَقَة الرَّحِم غير الْمحرم فانها وَاجِبَة عَلَيْهِ أَيْضا كَنَفَقَة الرَّحِم الْمحرم وَفِي قَول عبد الرَّحْمَن ابْن ابي ليلى وابي عبد الله وَفِي قَول الْفُقَهَاء غير وَاجِبَة
وَعَن أبي عبد الله فِي هَذِه رِوَايَتَانِ احدى الرِّوَايَتَيْنِ نَفَقَة الرجل اذا عجز على بَيت مَال الْمُسلمين ثمَّ على الرَّحِم الْمحرم ثمَّ على غير الْمحرم ثمَّ على الْمُسلمين
وَفِي الرِّوَايَة الاخرى نَفَقَة الرجل عَليّ الرَّحِم الْمحرم ثمَّ على الرَّحِم غير الْمحرم ثمَّ على بَيت مَال الْمُسلمين ثمَّ على الْمُسلمين

نَفَقَة الاجانب
وَأما نَفَقَة الاجانب اذا عجزوا فَهِيَ على بَيت المَال ثمَّ على اغنياء النَّاس فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول الْفُقَهَاء لَيست هِيَ بواجبة

وُجُوه الْحُقُوق
وَاعْلَم ان هَذِه الْحُقُوق على وَجْهَيْن
وَجه للْفُقَرَاء دون غَيرهم من نَوَائِب الْمُسلمين وَهِي عشرَة اشياء اولها

(1/197)


الزَّكَاة وَالثَّانِي الصَّدقَات وَالثَّالِث العشور وَالرَّابِع خمس الْغَنَائِم وَالْخَامِس الْمَعَادِن وَالسَّادِس خمس الرِّكَاز وَالسَّابِع مَا يَأْخُذهُ الْعَاشِر من تجار الْمُسلمين وَالثَّامِن صَدَقَة الْفطر وَالتَّاسِع الْكَفَّارَات والعاشر النذور
وَوجه فِيهَا لنوائب الْمُسلمين من بِنَاء الرباطات والمساجد والخانقاه واصلاح القناطر وَيُعْطى مِنْهَا ارزاق الْقُرَّاء وارزاق الْقُضَاة والمفتين وَغَيرهم وَهِي خَمْسَة اشياء
احدها الْجِزْيَة
وَالثَّانِي الْخراج
وَالثَّالِث مَا يَأْخُذهُ الْعَاشِر من تجار أهل الذِّمَّة
وَالرَّابِع مَا يَأْخُذهُ الْعَاشِر من تجار أهل الْحَرْب
وَالْخَامِس صدقَات بني تغلب المضعفة

(1/198)


وَهَذَا قَول أبي عبد الله وَقَول الْفُقَهَاء
وَفِي قَول الشَّافِعِي يضع الصَّدقَات كلهَا فِي ثَمَانِيَة اصناف
وهم الَّذين ذكرهم الله فِي هَذِه الاية {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} الا الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم فانهم ساقطون وتقسم على ثَمَانِيَة اقسام

من لَا تُعْطى لَهُم الزَّكَاة
قَالَ وَلَا يجوز اعطاء الزَّكَاة الى اثنى عشر صنفا
احدها الى الْوَالِدين فَمن فَوْقهم وان بعدوا
وَالثَّانِي الى الاولاد وان سفلوا
وَالثَّالِث الاغنياء
وَالرَّابِع الى الْكفَّار
وَالْخَامِس الى بني هَاشم فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَيجوز فِي قَول ابي حنيفَة
وَالسَّادِس الى عبيد هَؤُلَاءِ الَّذين عددناهم
وَالسَّابِع الى عبيد نَفسه
وَالثَّامِن الى أُمَّهَات اولاد
وَالتَّاسِع الى مدبريه
والعاشر الى مكاتبيه
وَالْحَادِي عشر الى الزَّوْجَة
وَالثَّانِي عشر الى الزَّوْج فِي قَول ابي حنيفَة وَيجوز عطاؤها اليه فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله
وَلَو اعطى الزَّكَاة الى الاصناف السِّتَّة الاولى وَلم يعلمهُمْ ثمَّ علمهمْ فان عَلَيْهِ ان يُعِيد فِي قَول ابي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَهُوَ كمن تَوَضَّأ بِمَاء نجس

(1/199)


وَصلى ثمَّ علم فان عَلَيْهِ أَن يتَوَضَّأ بِمَاء طَاهِر وَيُعِيد الصَّلَاة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد فِي قَول ابي عبد الله وابي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ كمن صلى على التَّحَرِّي ثمَّ تبين لَهُ انه صلى الى غير الْقبْلَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُعِيد الصَّلَاة
وَلَو انه دفع الزَّكَاة الى اُحْدُ من الاصناف السِّتَّة الاخرى وَلم يعلمهُمْ ثمَّ علمهمْ فَعَلَيهِ ان يُعِيد مُتَّفقا لانه لم يُخرجهُ من ملكه بعد دون الزَّوْج وَالْمَرْأَة فان حكم الْمَرْأَة كَحكم السِّتَّة الاولى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة واما الزَّوْج فَهُوَ على اخْتِلَاف مَا ذكرنَا

تَعْجِيل الزَّكَاة
قَالَ وَيجوز ان يعجل الزَّكَاة قبل وُجُوبهَا لسنة أَو أَكثر فِي قَول الْفُقَهَاء وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله وَلَا يجوز فِي قَول مَالك

زَكَاة الْحلِيّ
وَأما الْحلِيّ فَفِيهَا الزَّكَاة فِي الصَّامِت فِي قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي لَيْسَ فِيهَا الزَّكَاة