النتف في
الفتاوى كتاب الْمَنَاسِك
أَنْوَاع الْحَج
اعْلَم ان الْحَج على وَجْهَيْن
1 - الْحَج الاكبر وَالْحج الاصغر
فَأَما الْحَج الاكبر فَهُوَ حجَّة الاسلام
(1/200)
واما الاصغر فَهُوَ الْعمرَة
وَلَا اخْتِلَاف فِي وجوب الْحَج الاكبر على من اسْتَطَاعَ اليه سَبِيلا
واما الْعمرَة فَهِيَ سنة وَلَيْسَت بواجبة الا ان يدخلهَا اُحْدُ
فَحِينَئِذٍ يلْزمه اتمامها فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول أبي
عبد الله لَا تلْزمهُ الْبَتَّةَ الا ان يُوجِبهَا على نَفسه بنذره
أَسبَاب وجوب الْحَج
وَأما اسباب وجوب الْحَج فسبعة أَشْيَاء
وثامنها بِالشّرطِ وتاسعها بالاختلاف
فَأَما السَّبْعَة
فأولها الاسلام
وَالثَّانِي الْبلُوغ
وَالثَّالِث الْحُرِّيَّة
وَالرَّابِع الْعقل
فان حج هَؤُلَاءِ الاصناف من الاربعة فِي هَذِه الاحوال الاربعة ثمَّ
صَارُوا الى غَيرهَا فَعَلَيْهِم ان يحجوا ثَانِيًا
وان احرموا ثمَّ عتق العَبْد وادرك الصَّبِي واسلم الْكَافِر وافاق
الْمَجْنُون وجددوا الاحرام ومضوا جزاهم
وَالْخَامِس صِحَة الْبدن وَصَاحب الْعذر فِي هَذِه المسئلة على أَرْبَعَة
أوجه
احدها ان لَا يقدر على الثُّبُوت عَليّ الْمحمل وعَلى الدَّابَّة
وَالثَّانِي ان يقدر على الثُّبُوت عَليّ الْمحمل الا انه لَا يقدر عَليّ
الرّكُوب وَالنُّزُول
(1/201)
وَالثَّالِث ان يكون مَرِيضا ضانيا لَا
يُمكنهُ السّفر والحركات فانه لَا حج على هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة
وَالرَّابِع الاعمى فَهُوَ كالبصير فِي قَول مُحَمَّد بن الْحسن وروى
الْمُعَلَّى ابْن مَنْصُور عَن ابي يُوسُف عَن ابي حنيفَة انه قَالَ هُوَ
كالمعقد فِي سُقُوط الْغَرَض عَنهُ فِي الْحَج وَهَذَا اشبه بقول ابي عبد
الله وَلَو ان هَذَا الرجل وجد المَال فِي هَذِه الْحَالة فَلَيْسَ
عَلَيْهِ الْحَج وَلَو انه وجد المَال فِي حَال صِحَّته فَلم يحجّ حَتَّى
عرضت لَهُ هَذِه الْحَالة فَلَا يسْقط عَنهُ الْحَج وَعَلِيهِ ان يحجّ رجلا
عَن نَفسه فان احج ثمَّ صَحَّ قبل مَوته فان عَلَيْهِ ان يحجّ بِنَفسِهِ
فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد الله لَيْسَ عَلَيْهِ ان
يُعِيد
وَالسَّادِس من اسباب وجوب الْحَج أَمن الطَّرِيق وجلاؤه فان كَانَ
الطَّرِيق مخوفا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يحجّ
وَالسَّابِع وجود الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَخَمْسَة من الَّذين وجدوا
الزَّاد وَالرَّاحِلَة لَيْسَ عَلَيْهِم ان يحجوا احدهم ان يكون لَهُ
الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَلَكِن لَا يكون لِعِيَالِهِ النَّفَقَة فَلَيْسَ
عَلَيْهِ ان يحجّ
(1/202)
وَالثَّانِي الَّذِي كَانَ لَهُ زَاد
وراحلة وَعَلِيهِ دين بِقدر ذَلِك اَوْ اكثر أَو اقل فَلَيْسَ عَلَيْهِ
الْحَج
وَالثَّالِث من وجد الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَلم يخرج الى الْحَج حَتَّى ذهب
زَاده وراحلته قبل ان يحجّ النَّاس فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحَج
وَالرَّابِع صَاحب الضَّيْعَة وَتَكون قيمَة الضَّيْعَة مثل الزَّاد
وَالرَّاحِلَة أَو اكثر الا انه يحْتَاج الى غَلَّتهَا اَوْ يحْتَاج
عِيَاله فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحَج
وَلَو ان غلَّة بعض الضَّيْعَة تكفيه وَعِيَاله وَقِيمَة بعض الْبَاقِي
يَكْفِيهِ عَن الزَّاد وَالرَّاحِلَة فان عَلَيْهِ ان يحجّ وان فضل شَيْء
من ذَلِك وَكَانَت قِيمَته زادا وراحلة فان عَلَيْهِ الْحَج
وجوب الْحَج بِالشّرطِ
فَأَما الَّذِي هُوَ بِالشّرطِ فَهُوَ حج الْمَرْأَة اذا وجدت محرما بعد
هَذِه الاسباب السَّبْعَة فَيكون عَلَيْهَا الْحَج وان لم تَجِد محرما
فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْحَج فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله
وَفِي قَول الشَّافِعِي عَلَيْهَا ان تخرج بِنَفسِهَا
وَأما الَّذِي هُوَ بالاختلاف فنفقة الْمحرم فان حج بهَا الْمحرم بزاده
وَنَفَقَته فعلَيْهَا الْحَج وان لم يحجّ فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْحَج فِي
قَول الْفُقَهَاء وَفِي قَول ابي عبد الله وسُفْيَان وَرِوَايَة عَن ابي
حنيفَة وَمُحَمّد ان طلب الْمحرم النَّفَقَة وَلها ذَلِك فعلَيْهَا الْحَج
(1/203)
الْفرق بَين حج الْمَرْأَة وَحج الرجل
وَالْفرق بَين حج الْمَرْأَة وَالرجل اُحْدُ عشر شَيْئا
احدها لَيْسَ عَليّ الْمَرْأَة الْحَج بِغَيْر محرم
وَالثَّانِي لَيْسَ عَلَيْهَا الْحَج بِغَيْر وجود نَفَقَة الْمحرم اذا طلب
وَالثَّالِث احرام الرجل فِي رَأسه واحرام الْمَرْأَة فِي وَجههَا
وَالرَّابِع تخفي الْمَرْأَة التَّلْبِيَة ويجهر بهَا الرجل
وَالْخَامِس الرجل لَا يلبس الثَّوْب الْمخيط فِي قَول ابي حنيفَة
وَأَصْحَابه وابي عبد الله وَفِي قَول احْمَد بن حَنْبَل يلبس واما
الْمَرْأَة فلهَا ان تلبس المخيطات
وَالسَّادِس لَيْسَ عَليّ الْمَرْأَة تَقْبِيل الْحجر الاسود واستلامه الا
ان تَجِد خلْوَة من الرِّجَال وعَلى الرجل ان يقبله ويستلمه
وَالسَّابِع عَليّ الرجل ان يُهَرْوِل فِي الطّواف فِي المرات الثَّلَاث
وَيَمْشي على هَيْئَة فِي المرات الاربع وَلَيْسَ على الْمَرْأَة ان تهرول
وَالثَّامِن عَليّ الرِّجَال ان يصعدوا عَليّ الصفاة والمروة وَالنِّسَاء
لَيْسَ عَلَيْهِنَّ صعودهما الا ان يجدن خلْوَة من الرِّجَال
وَالتَّاسِع عَليّ الرجل ان يسْعَى بَين العلمين وَلَيْسَ عَليّ الْمَرْأَة
ذَلِك
والعاشر الرجل اذا ترك طواف الْوَدَاع وَرجع فَعَلَيهِ دم وَالْمَرْأَة اذا
حَاضَت فَرَجَعت وَتركت هَذَا الطّواف فَلَيْسَ عَلَيْهَا دم
وَالْحَادِي عشر على الرجل الْحلق وَالتَّقْصِير وَلَيْسَ على الْمَرْأَة
الْحلق
(1/204)
مَوَاقِيت الْحَج
قَالَ مَوَاقِيت الْحَج خَمْسَة
فلاهل الْعرَاق ذَات عرق
ولاهل الْيمن يَلَمْلَم
ولاهل نجد قرن
ولاهل الشَّام الْجحْفَة
ولاهل الْمَدِينَة ذُو الحليفة
النَّاس بحذاء الْمِيقَات
وَالنَّاس بحذاء الْمِيقَات على ثَلَاثَة اصناف
احدهم من هُوَ وَطنه خَارج الْمِيقَات من أهل الآخاق
وَالثَّانِي من هُوَ وَطنه مَا بَين الْمِيقَات وَالْحرم
وَالثَّالِث من هُوَ وَطنه فِي الْحرم
الاحرام من ايْنَ هُوَ
قَالَ وَفِي الاحرام من ايْنَ هُوَ ثَلَاثَة اقاويل
قَالَ بَعضهم لَا يجوز الاحرام دون الْمِيقَات
(1/205)
وَقَالَ بَعضهم يجوز الا انه لَا يجب دون
الْمِيقَات فاذا بلغ الْمِيقَات وَجب الاحرام من ثمَّة وَهَذَا هُوَ قَول
ابي حنيفَة واصحابه
وَقَالَ بَعضهم وجوب الاحرام عِنْد طرف الْحرم وَهَذَا هُوَ قَول ابي عبد
الله فَلَو ان رجلا جَاوز الْمِيقَات من غير احرام ثمَّ احرم فان عَلَيْهِ
دَمًا فان رَجَعَ الى الْمِيقَات ولبى سقط عَنهُ الدَّم فِي قَول ابي
حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد اذا رَجَعَ الى الْمِيقَات سقط
عَنهُ الدَّم لبّى اَوْ لم يلب وَفِي قَول زفر لم يسْقط عَنهُ الدَّم
رَجَعَ اَوْ لم يرجع لبّى اَوْ لم يلب
وَفِي قَول ابي عبد الله عَلَيْهِ دم رَجَعَ اَوْ لم يرجع لبّى اَوْ لم يلب
الا انه اذا دخل الْحرم بِغَيْر احرام فَعَلَيهِ دم فان رَجَعَ الى طرف
الْمحرم ولبى سقط عَنهُ الدَّم
وَأما الَّذِي وَطنه مَا بَين الْمِيقَات وَالْحرم فانه يحرم من وَطنه
وَلَا يدْخل الْحرم الا باحرام
واما الَّذِي وَطنه فِي الْحرم فانه يحرم من وَطنه فِي الْحرم فان خرج ثمَّ
احرم فَعَلَيهِ دم وَذَلِكَ إِذا احرم لِلْحَجِّ وان احرم للْعُمْرَة فانه
يخرج من الْحرم وَيحرم لَهَا فان احرم فِي الْحرم فَعَلَيهِ دم وَذَلِكَ
لَان السّنة جَاءَت بذلك
فَرَائض الْحَج
قَالَ وفرائض الْحَج ثَلَاثَة اشياء فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد
الله
1 - الاحرام
2 - وَالْوُقُوف بِعَرَفَة
3 - وَطواف الزِّيَارَة
وَفِي قَول الشَّافِعِي السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة ايضا فَرِيضَة
وَفِي قَول بَعضهم الْوُقُوف بِجمع فَرِيضَة
وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ
(1/206)
الاحرام
فَأَما الاحرام فَهُوَ التَّلْبِيَة مَعَ وجود النِّيَّة وَهُوَ على
ثَلَاثَة اوجه
احدها اذا نوى وَلم يلب فَلَيْسَ بِمحرم بِالنِّيَّةِ وَحدهَا
وَالثَّانِي ان لبّى وَلم ينْو فَلَيْسَ بِمحرم ايضا فِي قَول ابي حنيفَة
واصحابه وَهُوَ محرم فِي قَول ابي عبد الله على نِيَّته الْقَدِيمَة
وَالثَّالِث ان لبّى وَنوى فَهُوَ محرم مُتَّفقا
سنة الاحرام
قَالَ وَسنة الاحرام ثَلَاثَة اشياء
احدها الِاغْتِسَال وَالْوُضُوء والاغتسال افضل
وَالثَّانِي ان يلبس ثَوْبَيْنِ جديدين اَوْ غسيلين
وَالثَّالِث ان يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يُلَبِّي على دبر الصَّلَاة وان
كَانَ وَقت الْفَرِيضَة جَازَت عَنْهُمَا
اوقات التَّلْبِيَة
قَالَ ويلبي فِي سِتَّة اوقات بعد الاحرام
احدها عِنْد ادبار الصَّلَاة الموقوته
وَالثَّانِي اذا انبعثت بِهِ رَاحِلَته
وَالثَّالِث عِنْد الاسحار
وَالرَّابِع اذا رأى ركبا
وَالْخَامِس اذا علا شرفا
وَالسَّادِس اذا هَبَط وَاديا
صِيغَة التَّلْبِيَة
قَالَ والتلبية ان تَقول
(1/207)
لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك
لَا شريك لَك لبيْك
ان الْحَمد وَالنعْمَة لَك
وَالْملك لَا شريك لَك
مطلب كَيْفيَّة الاحرام
قَالَ والاحرام عَليّ ثَلَاثَة أوجه
احدها الْعمرَة مُفردا
وَالثَّانِي الْحَج مُفردا
وَالثَّالِث الْحَج وَالْعمْرَة جَمِيعًا
صِيغَة الاحرام للْعُمْرَة وَالْحج
فاذا أَرَادَ ان يحرم للْعُمْرَة يَقُول عِنْد ذَلِك اللَّهُمَّ ان اريد
مِنْك عمْرَة فيسرها لي وتقبلها مني
واذا أَرَادَ ان يحرم لِلْحَجِّ فَيَقُول
اللَّهُمَّ اني أُرِيد مِنْك حجا فيسره لي وتقبله مني
واذا أَرَادَ ان يحرم لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا فَيَقُول
اللَّهُمَّ اني أُرِيد مِنْك حجا وَعمرَة فيسرهما لي وتقبلهما مني
ثمَّ يُلَبِّي على اثر ذَلِك ثمَّ يُلَبِّي للْعُمْرَة الى ان يسْتَلم
الْحجر ثمَّ يقطع ويلبي لِلْحَجِّ الي ان يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة اَوْ
حَصَاة ثمَّ يرميها ثمَّ يقطع
والاحرام لَا يُرِيد الْوَقْت وَلَكِن يُرِيد الْمَكَان وَالْمَكَان هُوَ
الْمِيقَات فِي قَول ابي حنيفَة واصاحبه
وَفِي قَول ابي عبد الله هُوَ طرف الْحرم كَمَا ذكرنَا بديا
(1/208)
الْوُقُوف
واما الْوُقُوف فانه يُرِيد الْوَقْت وَالْمَكَان
الْوَقْت
واما الْوَقْت فانه من زَوَال الشَّمْس الى انفجار الصُّبْح من يَوْم
الاضحى
الْمَكَان
وَأما الْمَكَان فانه عَرَفَات كلهَا الا بطن عَرَفَة والمزدلفة كلهَا الا
محسر فَمن بلغَهَا فِي هَذَا الْوَقْت عَالما اَوْ جَاهِلا مارا اَوْ
وَاقِفًا لَيْلًا اَوْ نَهَارا فقد حصل لَهُ الْوُقُوف وَمن لم يبلغ فقد
فَاتَهُ الْحَج
سنة الْوُقُوف
قَالَ وَسنة الْوُقُوف ثَلَاثَة اشياء
احدها صعُود الْموقف
وَالثَّانيَِة الدَّعْوَات بِهِ
وَالثَّالِثَة الرُّجُوع بعد ان تغرب الشَّمْس
الطّواف
أَنْوَاع الطّواف
أما الطّواف فان الطّواف على ثَلَاثَة أوجه
طواف التَّحِيَّة
أَحدهَا طواف التَّحِيَّة وَيُقَال لَهُ طواف الدُّخُول وَهُوَ نَافِلَة
طواف الزِّيَارَة
وَالثَّانِي طواف الزِّيَارَة وَيُقَال لَهُ طواف الْوَاجِب وَهُوَ
فَرِيضَة
(1/209)
طواف الْوَدَاع
وَالثَّالِث طواف الْوَدَاع وَيُقَال لَهُ طواف الصَّدْر وَهُوَ سنة
فَأَما طواف التَّحِيَّة فَهُوَ أول مَا يدْخل مَكَّة يطوف بِالْبَيْتِ
سَبْعَة اطواف يرمل فِي الثَّالِثَة مِنْهَا واذا خَتمهَا يُصَلِّي فِي
رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يخرج من بَاب الصَّفَا اَوْ مِمَّا تيَسّر عَلَيْهِ ثمَّ
يسْعَى بَين الصَّفَا والمروة سبع مَرَّات يبْدَأ بالصفا وَيخْتم بالمروة
ويسعي بَين العلمين
كَيْفيَّة طواف الزِّيَارَة
وَأما طواف الزِّيَارَة فانه يكون يَوْم النَّحْر فَيَأْتِي مَكَّة من منى
فيطوف بِالْبَيْتِ سبعا بِلَا رمل ان كَانَ رمل فِي طواف التَّحِيَّة
وَكَذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة ان كَانَ سعي
بَينهمَا فِي الطّواف الاول ثمَّ يرجع الي منى وَلَا يبيت بِمَكَّة فان أخر
الطّواف الي الْغَد اَوْ الى بعد الْغَد فَلَا شيئ عَلَيْهِ وان أخر الى
اكثر من ذَلِك فَعَلَيهِ دم فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وَفِي قَول
ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ عَلَيْهِ شيئ
كَيْفيَّة طواف الْوَدَاع
واما طواف الْوَدَاع فَهُوَ عِنْد النَّفر فيطوف بِالْبَيْتِ سبعا بِلَا
رمل وَيخرج وَلَا يلبث فان ترك طواف الزِّيَارَة وَطَاف للوداع فانه يقوم
مقَام طواف الزِّيَارَة وَعَلِيهِ دمان دم لتأخيره طواف الزِّيَارَة وَدم
لفَوَات طواف الْوَدَاع فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف
وَمُحَمّد عَلَيْهِ دم وَاحِد لفَوَات طواف الْوَدَاع وَلَيْسَ عَلَيْهِ
شَيْء لتأخير طواف الزِّيَارَة
(1/210)
قَالَ وَلَو انه ترك طواف الزِّيَارَة
وَترك طواف الْوَدَاع وَطَاف اولا للتحية فان ذَلِك الطّواف لَا يجْزِيه من
طواف الزِّيَارَة وَهُوَ محرم بعد وَلَا يجوز اتيان النِّسَاء حَتَّى يطوف
بِالْبَيْتِ وَلَو الى قَابل وَفِي قَول ابي عبد الله يقوم طواف
التَّحِيَّة مقَام طواف الزِّيَارَة اذا نَوَاه اَوْ لم ينْو شَيْئا وَقد
قَامَ مِنْهُ فرضا لَا نفلا وان نَوَاه نفلا لم يجز عَن طواف الزِّيَارَة
سنة الطّواف
قَالَ وَسنة الطّواف ثَلَاثَة أَشْيَاء
احدها التَّيَامُن فِي الطّواف
وَالثَّانِي تَقْبِيل الْحجر الاسود
وَالثَّالِث رَكْعَتَانِ بعد الْفَرَاغ من الطّواف وَيُقَال الرمل فِي
الاشواط الثَّلَاثَة سنة ايضا
أَنْوَاع الْحَج
قَالَ وَالْحج عَليّ ثَلَاثَة أوجه
1 - مُفْرد 2 وقران 3 وتمتع
الْمُفْرد
فَأَما الْمُفْرد فانه افضل عِنْد أهل الحَدِيث وَله طواف وَاحِد وبسعي
وَاحِد بِلَا خلاف
حج الْقرَان
واما حج الْقرَان فان بَينه وَبَين الْحَج الْمُفْرد فرقا من خَمْسَة اشياء
احدها يَقُول فِي اول الاحرام
(1/211)
اللَّهُمَّ ان اريد مِنْك حجا وَعمرَة
كَمَا وَصفنَا بديا
وَالثَّانِي على الْقَارِن طوافان
وَالثَّالِث عَليّ الْقَارِن سعيان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد
الله وَفِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك عَلَيْهِ طواف وسعي وَاحِد كَمَا ان
احرامه وحلقه يقوم لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة فَكَذَلِك الطّواف وَالسَّعْي
وَالرَّابِع عَليّ الْقَارِن دم الْقرَان وَلَيْسَ عَليّ الْمُفْرد دم
وَالْخَامِس كل شَيْء يَفْعَله الْقَارِن مِمَّا فِيهِ الْجَزَاء وَالدَّم
فَعَلَيهِ اثْنَان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد الله
وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ وَاحِد لَان الاحرام وَاحِد
قَالَ وَحج الْقرَان افضل عِنْد ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله لَان
الْخيرَات فِيهِ اكثر
حج التَّمَتُّع
وَأما حج التَّمَتُّع فان شَرَائِطه اربعة اشياء
احدها ان يكون الرجل من أهل الافاق وَلَا يكون من أهل الْحرم
وَالثَّانِي ان يكون احرامه فِي اشهر الْحَج واشهر الْحَج شَوَّال وَذُو
الْقعدَة وَعشرَة من ذِي الْحجَّة
وَالثَّالِث ان يتم عمرته الَّتِي احرم بهَا ثمَّ يخرج من احرامه ويتمتع
الى ايام الْحَج وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى
الْحَج} يَعْنِي فَمن تمتّع بِخُرُوجِهِ من الْعمرَة الى ايام الْحَج
وَالرَّابِع ان يحجّ من عَامه ذَلِك وَلَا يرجع الى أَهله ثمَّ عَلَيْهِ دم
الْمُتْعَة
(1/212)
فان لم يجد الْقَارِن اَوْ الْمُتَمَتّع
الْهدى يَصُوم عشرَة ايام فِي الْحَج آخرهَا يَوْم عَرَفَة وَسَبْعَة اذا
رَجَعَ الى اهله وان شَاءَ فِي الطَّرِيق
وَعند أهل مَكَّة التَّمَتُّع افضل
صِحَة الْحَج وفساده
قَالَ وَالرجل اذا أحرم فَلَا يخرج من أَرْبَعَة أوجه
احدها ان يتم حجه من أَوله الى آخِره
وَالثَّانِي ان يفوتهُ الْحَج فَيخرج مِنْهُ بِعُمْرَة وَعَلِيهِ حجَّة
الاسلام
وَالثَّالِث ان يفْسد حجَّة وَفَسَاد الْحَج بِالْجِمَاعِ فِي الْفرج قبل
الْوُقُوف بِعَرَفَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله فاذا جَامع
قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فعلية هدى ويحج من قَابل وَفِي قَول الشَّافِعِي
بَدَنَة ويحج من قَابل
واذا جَامع بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة فَعَلَيهِ بَدَنَة وحجه جَائِز فِي
قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله
قَالَ وَعمد الْحَج ونسيانه سَوَاء
وَكَذَلِكَ لَو ذهب عقله فجامع
وَفِي قَول الشَّافِعِي ان جَامع قبل رمي الْجمار يفْسد حجه واذا فسد حجه
مضى على الْحجَّة الْفَاسِدَة ثمَّ يفعل مَا قُلْنَا
قَالَ وَلَو جومعت الْمَرْأَة وَهِي نَائِمَة اَوْ ذَاهِبَة الْعقل فانه
يفْسد حَجهَا
الاحصار
وَالرَّابِع ان يحصر والاحصار على اربعة اوجه
(1/213)
احدها بِالْمرضِ
وَالثَّانِي بالعدو
وَالثَّالِث بذهاب النَّفَقَة
وَالرَّابِع ان حَبسه ظَالِم
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يكون الاحصار الا بالعدو
مسَائِل الاحصار
وَفِي الاحصار سبع مسَائِل فِي كل وَاحِدَة اخْتِلَاف
احدها ان الشَّافِعِي قَالَ الاحصار بالعدو وَفِي قَول الْفُقَهَاء وابي
عبد الله بالعدو وَغَيره
وَالثَّانيَِة قَالَ الشَّافِعِي يذبح الْمحصر حَيْثُ شَاءَ وَيحل وَقَالَت
الْفُقَهَاء وابو عبد الله لَا يجوز الا فِي الاحرام
وَالثَّالِث قَالَ مَالك اذا احصر الرجل حل من احرامه وَالذّبْح عَلَيْهِ
دين وَفِي قَول الْفُقَهَاء لَا يجوز ان يحل الا بعد ان يذبح عَنهُ
وَالرَّابِع قَالَ بعض النَّاس لَا يجوز لَهُ ان يحل الا ان يكون قد اشْترط
وَعند الْفُقَهَاء هِيَ جَائِزَة
وَالْخَامِسَة قَالَ ابو حنيفَة يجوز ان يذبح الْهدى فِي اي يَوْم يكون فِي
الْحرم وَبِه اخذ ابو عبد الله وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز
الا فِي يَوْم النَّحْر
وَالسَّادِس اذا ذبح لأَجله يجوز لَهُ ان يرجع وَلَا يحلق فِي قَول ابي
حنيفَة وَمُحَمّد وَفِي قَول ابي يُوسُف يَنْبَغِي ان يحلق اسْتِحْبَابا
وَلَو لم يحلق جَازَ
وَالسَّابِعَة اذا لم يقدر على الْهدى بَقِي على احرامه فِي قَول
الْفُقَهَاء وَفِي قَول عَطاء بن ابي رَبَاح يَصُوم عشرَة أَيَّام وَيحل
(1/214)
مطلب الْحَج على اوجه
قَالَ وَالرجل إِذا حج لَا يخرج من ثَلَاثَة أوجه
اما ان يحجّ عَن نَفسه
واما ان يحجّ عَن حَيّ عَاجز
واما ان يحجّ عَن ميت
فان حج عَن نَفسه فَهُوَ على وَجْهَيْن اما ان يكون فرضا واما ان يكون نفلا
وَقد تقدم ذكره
واما ان حج عَن حَيّ عَاجز فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يكون الْعَاجِز على عَجزه الى الْمَوْت فَتجوز عَنهُ مُتَّفقا
وَالثَّانِي ان يبرأ الْعَاجِز من عَجزه قبل الْمَوْت فَعَلَيهِ ان يُعِيد
الْحَج فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد واما فِي قَول ابي عبد الله لَيْسَ
عَلَيْهِ ان يُعِيد
واما اذا حج عَن ميت فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يحجّ عَن رجل
وَالثَّانِي ان يحجّ عَن امْرَأَة وَكِلَاهُمَا جائزان غير مكروهين
قَالَ وَلَو ان الْمَرْأَة حجت عَن رجل فَهُوَ مَكْرُوه لما يُصِيبهَا
فِيهِ من الْحيض ثمَّ ايضا هُوَ على وَجْهَيْن
اما ان يكون هُوَ نَفسه قد حج وَلَا اخْتِلَاف فِي حجه عَن الْمَيِّت انه
جَائِز واما ان يكون لم يحجّ فَهُوَ ايضا جَائِز فِي قَول ابي حنيفَة
واصحابه وابي عبد الله وَلَا يجوز فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك ثمَّ هُوَ
ايضا على وَجْهَيْن
اما ان يحجّ بِالنَّفَقَةِ واما ان يحجّ بالاستئجار
فبالنفقة جَائِز بِلَا خلاف وبالاستئجار لَا يجوز عِنْد ابي حنيفَة واصحابه
وَيجوز فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك وابي عبد الله
قَالَ فاذا حج بِالنَّفَقَةِ فَمَا فضل يردهُ على الْوَرَثَة وان طيبوه
لَهُ فَهُوَ جَائِز
(1/215)
قَالَ واذا حج على الِاسْتِئْجَار فَهُوَ
لَهُ فضل اَوْ لم يفضل
وان حبس تِلْكَ الاجرة وَحج من مَاله جَازَ ايضا
مَحْظُورَات الاحرام
قَالَ وَمَا لَا يجوز للْمحرمِ ان يَفْعَله فِي احرامه فَهُوَ على ثَلَاثَة
أوجه احدها فِي نَفسه وَالثَّانِي فِي لبسه وَالثَّالِث فِي غَيره
مَا لَا يَفْعَله الْمحرم فِي نَفسه
اما الَّتِي فِي نَفسه فانها على عشرَة أوجه
احدها لَا يسرح رَأسه
وَالثَّانِي لَا يسرح لحيته لاجل مَخَافَة قتل الدَّوَابّ ونتف الشّعْر
وَلَو فعل فَقتل قملة اَوْ سَقَطت شَعْرَة يتَصَدَّق بِشَيْء
وَالثَّالِث لَا يدهن رَأسه
وَالرَّابِع لَا يدهن لحيته وَلَو فعل فَعَلَيهِ دم وان كَانَ مِمَّا لَا
يدهن بِهِ مثل السّمن والشحم تصدق بِشَيْء وَلَو ادهن بالزيت فَعَلَيهِ دم
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله تصدق بِشَيْء
وَالْخَامِس لَا يقرب طيبا وان مس طيبا فَعَلَيهِ دم
وَالسَّادِس لَا يحلق رَأسه وَفِيه خمس مقالات فَفِي قَول الشَّافِعِي اذا
حلق ثَلَاث شَعرَات فَعَلَيهِ دم وَفِي قَول ابي حنيفَة اذا حلق ثَلَاثًا
اَوْ أَرْبعا فَعَلَيهِ دم وَفِي قَول ابي يُوسُف اذا حلق اكثر الرَّأْس
فَعَلَيهِ دم وَفِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب اذا حلق الرَّأْس فَعَلَيهِ دم
والا فَعَلَيهِ صَدَقَة وَفِي قَول أبي عبد الله اذا حلق جَمِيع الرَّأْس
فَعَلَيهِ دم والا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَالسَّابِع لَا يحلق ابطه
وَالثَّامِن لَا يحلق عانته
(1/216)
وَالتَّاسِع لَا يحلق شَاربه
والعاشر لَا يقلم اظافره فان فعل فَعَلَيهِ دم اذا كَانَ بِغَيْر عذر وَأَن
كَانَ بِعُذْر وان تَركه سَاعَة أَو أقل أَو أَكثر فَعَلَيهِ دم كَذَا
وَفِي قَول الْفُقَهَاء ان لبس عمدا يَوْمًا فَعَلَيهِ دم وَلَا يجْزِيه
غير ذَلِك فان لبس اقل من يَوْم فَعَلَيهِ اطعام وان لبسه لضَرُورَة
يَوْمًا تَاما كفر اي الْكَفَّارَات الثَّلَاث ان شَاءَ ذبح وان شَاءَ
صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام وان شَاءَ تصدق بِثَلَاثَة اصيع على سِتَّة
مَسَاكِين
قَالَ وَيجوز لَهُ ان يلبس سَبْعَة من الاثواب
احدها الرِّدَاء وَالثَّانِي الازار وَالثَّالِث الطيلسان وَالرَّابِع
الكساء وَالْخَامِس النَّعْلَيْنِ وَالسَّادِس الْهِمْيَان وَالسَّابِع
المعضده تكون فِيهَا نَفَقَته وَلَو كَانَ فِي أحد هَذِه الاثواب زعفران
اَوْ ورس أَو عصفر أَو خلوق أَو شَيْء من الطّيب فَلَا يجوز لَهُ ان
يلْبسهُ
(1/217)
مَا لَا يَفْعَله الْمحرم فِي غَيره
واما الَّذِي فِي غَيره فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدها فِي الصَّيْد وَالثَّانِي فِي الْمَرْأَة
تَحْرِيم قتل الصَّيْد على الْمحرم
فَأَما الَّذِي فِي الصَّيْد فَهُوَ على سَبْعَة أوجه
احدها لَا يقتل الصَّيْد فان قَتله فَعَلَيهِ ان يكفر احدى الْكَفَّارَات
الثَّلَاث ان شَاءَ يشترى عدل مَا ذكر ويذبحه وان شَاءَ قومه وَيَشْتَرِي
بِقِيمَتِه الطَّعَام وَيتَصَدَّق بِهِ على الْمَسَاكِين لكل مِسْكين نصف
صَاع من بر اَوْ صياما فيصوم بدل كل نصف صَاع يَوْمًا وان فضل مد اَوْ نصف
مد صَامَ لَهُ يَوْمًا اَوْ تصدق بِهِ على الْمَسَاكِين
فَأَما الْهدى فبمكة واما الصّيام والاطعام فَحَيْثُ شَاءَ
قَالَ والخاطئ والعامد فِي قتل الصَّيْد سَوَاء فِي قَول ابي حنيفَة
واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول دَاوُد لَا شَيْء على الخاطئ
والقارن كالمفرد فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي عَلَيْهِ
كَفَّارَة وَاحِدَة وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه على الْقَارِن جزاءان
وَالثَّانِي لَا يعين على قتل الصَّيْد
وَالثَّالِث لَا يُشِير الى الصَّيْد
وَالرَّابِع لَا يدل عَلَيْهِ فان دلّ اَوْ اشار فَعَلَيهِ مَا على
الْقَاتِل من الْكَفَّارَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد
الله وَالشَّافِعِيّ وَمَالك لَيْسَ على الدَّال والمشير شَيْء
وَالْخَامِس لَا يَشْتَرِي الصَّيْد
وَالسَّادِس لَا يقبل الصَّيْد هَدِيَّة
(1/218)
وَالسَّابِع لَا يقبل الصَّيْد صَدَقَة فان
فعل فَعَلَيهِ ان يُطلق الصَّيْد
قَالَ وَلَو اجْتمع المحرمون على قتل صيد فَفِي قَول الشَّافِعِي عَلَيْهِم
كَفَّارَة وَاحِدَة وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله على كل
وَاحِد كَفَّارَة
مَالا يَفْعَله الْمحرم فِي امْرَأَته
وَأما الَّذِي لَا يجوز للْمحرمِ ان يَفْعَله فِي امْرَأَته فانه على
سَبْعَة اوجه
احدهما لَا يُجَامع فِي الْفرج فان فعل فقد افسد حجه وان كَانَ قبل وُقُوفه
فِي عَرَفَات
وَالثَّانِي لَا يُجَامع دون الْفرج
وَالثَّالِث لَا يُبَاشِرهَا بالشهوة
وَالرَّابِع لَا يعانقها بالشهوة
وَالْخَامِس لَا يَمَسهَا بالشهوة
وَالسَّادِس لَا يقبلهَا بالشهوة
وَالسَّابِع لَا يديم النّظر اليها بالشهوة
فَأن فعل احدها فَعَلَيهِ دم امني ام لم يمن
مَالا يجوز للْمحرمِ فعله
قَالَ وَلَا يجوز للْمحرمِ ان يفعل عشرَة اشياء فِي احرامه
احدها صيد الْبَحْر
وَالثَّانِي قتل الاهلي من الْبَهَائِم الابل وَالْبَقَرَة وَالشَّاة
(1/219)
وَالثَّالِث قتل السبَاع العادية وَالْكَلب
الْعَقُور مِنْهَا عدا عَلَيْهِ اَوْ لم يعد فِي قَول ابي عبد الله وَمَالك
وَالشَّافِعِيّ وَفِي قَول ابي حنيفَة لَا يقتل حَتَّى يعدو عَلَيْهِ
وَالرَّابِع قتل الحشرات الضارة بِالنَّاسِ مثل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب
والعضاية والفار واشباهها
قَالَ وَلَا يقتل مَا لَا يعدو على الانسان من السبَاع فان قَتله فَعَلَيهِ
الاقل من قِيمَته وَمن قيمَة شَاة
وَالْخَامِس ان يشم الرياحين
وَالسَّادِس ان يدْخل الْحمام
وَالسَّابِع ان يغتمس فِي المَاء
وَالثَّامِن ان يغسل رَأسه بالخطمي
(1/220)
وَالتَّاسِع ان يَأْكُل الخشكنانج الاصفر
والخبيص
فان اصفر فَمه تصدق بِشَيْء
والعاشر ان يكتحل بِمَا لَا طيب فِيهِ
مَا لَا يفعل فِي الْحرم
قَالَ وَلَا يجوز ان يفعل فِي الْحرم سَبْعَة اشياء ان كَانَ محرما اَوْ
غير محرم
احدها قتل الصَّيْد فان قتل فِي الْحرم فان عَلَيْهِ قِيمَته يتَصَدَّق
بهَا وان بلغت هَديا فذبحه وَتصدق بِهِ اجزاه وان نَقصه الذّبْح تصدق
بِتمَام الْقيمَة وان شَاءَ اشْترى بِقِيمَتِه طَعَاما وَتصدق بِهِ على
الْمَسَاكِين وَلَا بجزيه غير هذَيْن فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف
وَمُحَمّد وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي يجوز لَهُ ايضا ان يَصُوم
بدل كل نصف صَاع يَوْمًا كجزا قتل الصَّيْد خَارج الْحرم
(1/221)
وَالثَّانِي لَا يجوز قطع اشجار الْحرم فان
قطعهَا فَعَلَيهِ قيمتهَا وَيجوز ان يَشْتَرِي بهَا هَديا فيذبحه وَيجوز ان
يَشْتَرِي بهَا طَعَاما يتَصَدَّق بِهِ على الْمَسَاكِين وَلَا يجْزِيه
الصَّوْم أَيْضا كَمَا ذَكرْنَاهُ
وَالثَّالِث لَا يجوز ان يحش حشيش الْحرم الَّذِي بنيت بِنَفسِهِ الا
الاذخر وَمَا انبت فِي الْحرم من شجر أَو بقل اَوْ حشيش فَلَا بَأْس
بِقطعِهِ وَكَذَلِكَ كل مَا ينْبت بِنَفسِهِ مِمَّا يستنبته النَّاس فَمَا
يَنْبَغِي ان ينْتَفع بِشَيْء سوى ذَلِك وان انْتفع بِهِ بعد مَا يقوم
قِيمَته لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يَنْبَغِي ان يرْعَى دوابه فِي قَول
ابي حنيفَة وَمُحَمّد واما قَول ابي يُوسُف فَلَا بَأْس ان يرعاه دوابه
وَلَكِن لَا يجوز ان يحتشه
وَالرَّابِع لَا يجوز ان يَأْخُذ من كسْوَة الْكَعْبَة شَيْئا فان اخذه رده
اليها واما مَا سقط مِنْهَا فَيعْطى الْفُقَرَاء وَلَا بَأْس بعد ذَلِك ان
يَشْتَرِي مِنْهُم اَوْ يقبله هَدِيَّة
(1/222)
وَالْخَامِس لَا يجوز ان يَبِيع شَيْئا من
أَرض الْحرم واما الْبناء والخشب فَيجوز بيعهَا
وَالسَّادِس لَا يجوز لَاحَدَّ اجور بيُوت مَكَّة فِي ايام الْمَوْسِم
وَفِي غير أَيَّام الْمَوْسِم يجوز
وَالسَّابِع من قتل أحدا أَو جنى جِنَايَة ثمَّ لَجأ الى مَكَّة فانه لَا
يحل أَخذه وَلَا قصاصه وَلَكِن لَا يطعم وَلَا يسقى وَلَا يُؤدى وَلَا يضع
عَلَيْهِ الرصد فاذا خرج اقيم عَلَيْهِ الْحَد الا ان يكون ارْتَدَّ عَن
الاسلام ثمَّ لَجأ الى مَكَّة فانه يعرض عَلَيْهِ الاسلام فان ابى قتل واما
من قتل نفسا اَوْ جنى جِنَايَة فِي الْحرم فانه يقبض عَلَيْهِ ويقام
عَلَيْهِ الْحَد
وَأما تأليف الْحَج فان الْحَاج إِذا دخل مَكَّة فانه يطوف بِالْبَيْتِ
سبعا ثمَّ يسْعَى بَين الصَّفَا والمروة سبعا ثمَّ ينفر الى منا فَيصَلي
بهَا خمس صلوَات أخر هِيَ الْفجْر من يَوْم عَرَفَة ثمَّ ينفر الى عَرَفَات
فَيكون بهَا فاذا زَالَت الشَّمْس صلى مَعَ الامام الظّهْر وَالْعصر
بأقامتين ثمَّ يذهب الى الْموقف فيقف عَلَيْهِ الى ان تغرب الشَّمْس
فَيدْفَع مَعَ الامام الى الْمزْدَلِفَة وَلَا يدْفع قبل الْغُرُوب فاذا
اتى مُزْدَلِفَة صلى الْمغرب وَالْعشَاء مَعَ الامام باذان واقامة وَاحِدَة
وَلَا يقطع بَينهَا فاذا فرغ من الصَّلَاة فان شَاءَ اضْطجع وان شَاءَ
اجْتهد فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الصَّلَاة وَالدُّعَاء وَهُوَ افضل فاذا
انفجر الصُّبْح فِي أول الْوَقْت ثمَّ وقف الامام عِنْد الْمشعر الْحَرَام
وَهَلل وَكبر وَصلى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اذا
كَانَ قبل الطُّلُوع دفع مَعَ الامام الى منا وَيَأْخُذ الْحَصَا من
مُزْدَلِفَة اَوْ من الطَّرِيق سبع حَصَيَات فاذا اتى بِهِ جَمْرَة
الْعقبَة فيرميها من بطن الْوَادي بِسبع حَصَيَات وَمن كَانَ مَرِيضا رمي
عَنهُ ثمَّ أَتَى رَحْله ويذبح هَدْيه ثمَّ يحلق رَأسه اَوْ يقصر وَتَأْخُذ
الْمَرْأَة من جَوَانِب رَأسهَا قدر الانملة وَلَا يُؤَخر الْحلق عَن ايام
النَّحْر
(1/223)
وَلَا يحلق خَارج الْحرم فان فعل فَعَلَيهِ
دم فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي
قَول ابي يُوسُف وان اخطأ فَقدم الْحلق اَوْ قدمهما على الرَّمْي اَوْ نسي
اَوْ جهل لم يكن عَلَيْهِ شَيْء فاذا فعل ذَلِك حل لَهُ كل شَيْء الا
النِّسَاء ثمَّ يَأْتِي مَكَّة لطواف الزِّيَارَة فيطوف بِالْبَيْتِ سبعا
وَلَا يلبث بِمَكَّة الا من عذر حَتَّى يرجع الى منا وان لم يَجِيء الى
مَكَّة الى الْغَد اَوْ الى بعد الْغَد لم يكن بذلك بَأْس فان اخره الى
اكثر من ذَلِك فَعَلَيهِ دم للتأخير فِي قَول أبي حنيفَة ابي عبد الله
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد بن صَاحب لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
قَالَ ولارمل فِي هَذَا الطّواف وَلَا سعي بَين الصَّفَا والمروة الا ان
يكون طَاف اَوْ لَا فاذا فعل حل لَهُ النِّسَاء ايضا ثمَّ يعود الى منا
والافضل ان لَا يبرح مِنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي ايام منا فاذا زَالَت
الشَّمْس من الْغَد وَهُوَ أول يَوْم من ايام التَّشْرِيق اتى الجمرات
فَيَرْمِي كل جَمْرَة بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة وَيرْفَع
يَدَيْهِ ثمَّ يرجع الى رَحْله فاذا زَالَت الشَّمْس من الْغَد اتى الجمرات
فيرميها كَمَا رمى بالامس ثمَّ حل لَهُ السّفر وان أَقَامَ الى الْغَد
وَهُوَ آخر ايام التَّشْرِيق فَيَرْمِي الجمرات فَهُوَ أفضل وَلَو رمى قبل
الزَّوَال لم يجزه وَعَلِيهِ ان يُعِيد اذا زَالَت الشَّمْس وان فَاتَهُ
الرَّمْي فِي يَوْم النَّحْر الى الْغَد أَو الى ايام التَّشْرِيق فَلَا
شَيْء عَلَيْهِ فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد فان لم يرم بهَا حَتَّى غربت
الشَّمْس من آخر أَيَّام التَّشْرِيق بَطل الرَّمْي وَعَلِيهِ دم ثمَّ
يَأْتِي مَكَّة وَينزل بالابطح فاذا أَرَادَ النَّفر اتى الْبَيْت ليطوف
بِهِ وَلَا رمل فِي ذَلِك وَلَا سعى ثمَّ يُصَلِّي خلف الْمقَام
رَكْعَتَيْنِ فاذا فرغ اتى الْمُلْتَزم وَهُوَ مَا بَين الرُّكْن
وَالْمقَام فيلتزم الْبَيْت ويثنى على الله وَيُصلي على رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم ويحمد الله اذ وَفقه لِلْحَجِّ فقضا نُسكه ويسأله
الْمَغْفِرَة والعصمة وان يؤتيه فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة
حَسَنَة وَيَدْعُو بِمَا احب ثمَّ يَأْتِي الى زَمْزَم وَيشْرب من مَائِهَا
ان شَاءَ ثمَّ لَا يلبث حَتَّى يخرج فان ذَلِك مِمَّا يسْتَحبّ
(1/224)
الْخطب فِي الْمَنَاسِك
قَالَ والخطب فِي الْمَنَاسِك احدها قبل التَّرويَة بِيَوْم يعلمهُمْ
فِيهَا يصنعون الى يَوْم عَرَفَة
وَالثَّانيَِة يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَات بعد الزَّوَال
وَالثَّالِثَة يَوْم النَّحْر بمنى يعلمهُمْ مَا بَقِي من الْمَنَاسِك
الْهدى
قَالَ وَالْهَدْي سنة يجوز الاكل من ثَلَاثَة مِنْهَا وَلَا يجوز الاكل من
الثَّلَاثَة الاخر
أما الَّتِي يجوز الاكل مِنْهَا
الاضحية وهدي الْقرَان وهدي الْمُتْعَة واما الَّتِي لَا يجوز الاكل
مِنْهَا
هدي الْجَزَاء وهدي الْكَفَّارَة وَهدى النّذر |