النتف في الفتاوى

كتاب الاشربة
اعْلَم ان الاشربة كلهَا على ثَلَاثَة أوجه

(1/245)


احدها شراب النَّبِيذ لَا بُد من غليه الى الثُّلُث وَذَهَاب الثُّلثَيْنِ مِنْهُ وَهُوَ الْعصير فاذا ذهب ثُلُثَاهُ ثمَّ اسكر بعد ذَلِك فَفِي قَول ابي حنيفَة هُوَ حَلَال حَتَّى يصير الى آخر قدح مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يسكره فان ذَلِك الْقدح الاخير حرَام وَفِي قَول ابي يُوسُف كُله حَلَال الا الْقدح الاخير فانه مَكْرُوه وَهُوَ على ذَلِك الْقدح مَمْنُوع وان كَانَ حَلَالا وَالسكر من ذَلِك حرَام فَحسب وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كل مُسكر مَكْرُوه وَلم يتَلَفَّظ بالحرام

(1/246)


وَفِي قَول ابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ وَمَالك كُله حرَام
وَالشرَاب الثَّانِي لَا بُد من غليه الا انهم لم يقدروا فِي غليه واذا أسكر قبل الغلي فَهُوَ حرَام وان اسكر بعد الغلي فعلى هَذَا الِاخْتِلَاف الَّذِي ذكرنَا هُوَ نَقِيع التَّمْر وَالزَّبِيب
وَالشرَاب الثَّالِث لَا حكم فِيهِ ان اسكر قبل الغلي اَوْ بعد الغلي فَكل ذَلِك سَوَاء عِنْدهم وَهُوَ على الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ شراب التِّين والفرصاد وَالْحِنْطَة وَالشعِير والأرز
والذرة وَغَيرهَا وَفِي قَول ابي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك مَا اسكر من شراب قَلِيله وَكَثِيره فَهُوَ حرَام لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا اسكر كَثِيره فقليله حرَام وَقَالَ ايضا مَا اسكر الْعرف فالحسوة مِنْهُ حرَام

(1/247)


وَالشرب فِي كل آنِية وَفِي كل ظرف حَلَال الا فِي ثَلَاثَة اوان آنِية الذَّهَب وانية الْفضة وآنية الْميتَة وَلَا خلاف فِي ذَلِك
قَالَ فان كَانَت انية قد ضببت فان الشّرْب مِنْهَا لَا يحل على النَّصِيب وَكَذَلِكَ الاكل فِي هَذِه الاواني الثَّلَاثَة المضببة والمفضضة وَاحِد فِي الذَّهَب وَالْفضل

الألبسة
فَأَما الالبسة فعلى ثَلَاثَة اوجه
احدها الْحَرَام وَالثَّانِي الْمَكْرُوه وَالثَّالِث الْمُسْتَحبّ اما اللبَاس الْحَرَام فانه على ثَلَاثَة وَجه احدها الْحَرِير وَالثَّانِي الديباج وَالثَّالِث الْميتَة
فاما الْحَرِير والديباج فهما محرمان على الرِّجَال دون النِّسَاء وَالتَّحْرِيم فِيهَا من ثلَاثه اوجه
اللّبْس والتفريش والتوسد فانهما جائزان فِي قَول ابي عبد الله وَفِي

(1/248)


قَول الْفُقَهَاء اللّبْس حرَام أما التفريش والتوسد فجائزان
وَأما الْمَيِّت فَحَرَام على الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة واما البيع وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة والاجارة فجائزة فِي الْحَرِير والديباج وَغير جَائِزَة فِي الْمَيِّت وَكَذَلِكَ لبس الذَّهَب من جَمِيع الْحلِيّ حرَام على الرِّجَال لَا على النِّسَاء فِي هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة
وَأما اللبَاس الَّذِي يكون سداه قطنا اَوْ كتانا وَلحمَته ابريسم فانه لَا يحل للرِّجَال واما الْخَزّ فانه حَلَال على الرِّجَال وَالنِّسَاء وَهُوَ صوف دَابَّة تخرج من الْبَحْر فَيُؤْخَذ ويجز صوفها
قَالَ وَلَو ان رجلا صلى فِي الْحَرِير اَوْ الديباج فَصلَاته جَائِزَة اذا كَانَ طَاهِرا غير ان لبسه حرَام
وَأما الْميتَة ان صلى فِيهَا فان صلَاته لَا تجوز اذا كَانَ لَهُ ثوب غَيره

اللبَاس الْمَكْرُوه
وَأما اللبَاس الْمَكْرُوه فعلى ثَلَاثَة أوجه
احدها جُلُود السبَاع كلهَا
وَالثَّانِي لِبَاس الرقَاق الَّذِي يبين مِنْهُ الْبدن لانه لِبَاس أهل التكبر وَالْخُيَلَاء والاشر وَمن لَا اهتمام لَهُ بِأَمْر الْآخِرَة وروى الْحسن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ
ان الارض لتصيح الى الله من الَّذين يتكبرون ويفتخرون فِي

(1/249)


السابري والكتان بطونهم كأمثال الخوابي مَلأ من الْحَرَام
وَالثَّالِث كل لِبَاس يكون على خلاف السّنة يكون لبسه مَكْرُوها وَهُوَ مثل أَثوَاب الْكفَّار واثواب الْفسق والفجور وَأهل الاشر والبطر مثل القرطق واسبال الازار وَتَطْوِيل الْكمّ وتوسيعه والجيب على الْجَانِب الاعلى للصدر وَنَحْوه

(1/250)


وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن ابيه عَن جده قَالَ
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فضل الْقَمِيص على القرطق كفضلي عَلَيْكُم وكفضل الجنه على النَّار وكفضل الْمُسلم على الْكَافِر
وَأما الْمُسْتَحبّ فَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه
احدها من الْقطن
وَالثَّانِي من الْكَتَّان
وَالثَّالِث من الصُّوف اذا كَانَ على وفَاق السّنَن وعَلى وفَاق مَا جَاءَ فِي الْخَبَر وَهُوَ ان يكون ذيل الْقَمِيص الى انصاف السَّاق ومنتهى الْكمّ الى مُنْتَهى رُؤُوس الاصابع وَيكون فَم الْكمّ على قدر شبر وان يكون الجيب على الصَّدْر وَفِي جَمِيع ذَلِك جَاءَت الْآثَار