النتف في الفتاوى

كتاب الرَّضَاع
اعْلَم ان الرَّضَاع يَدُور عَليّ خَمْسَة مسَائِل
احدها مَسْأَلَة مَاهِيَّة الرَّضَاع
وَالثَّانِي مَسْأَلَة مِقْدَار الرَّضَاع
وَالثَّالِث مَسْأَلَة مُدَّة الرَّضَاع
وَالرَّابِع مَسْأَلَة مَوضِع الرَّضَاع

مَاهِيَّة الرَّضَاع
اما مَاهِيَّة الرَّضَاع فَفِيهَا ثَلَاثَة اقاويل
احدها قَول الشَّافِعِي انه اللَّبن يشربه الصَّبِي اَوْ يَأْكُلهُ فِي الطَّعَام اَوْ دَوَاء غلب عَلَيْهِ الطَّعَام اَوْ غَلبه هُوَ اَوْ كَانَ قد اوجر فَحصل فِي الْمعدة

(1/315)


كَيفَ مَا كَانَ اَوْ اسعط اَوْ احتقن فَهُوَ محرم كُله
وَالثَّانِي عَن ابي حنيفَة انه قَالَ الرَّضَاع لَيْسَ برضاع حَتَّى يشربه كَمَا هُوَ لَيْسَ ممزوجا بِشَيْء
وَالثَّالِث قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله قَالُوا اذا غلب اللَّبن الطَّعَام اَوْ الدَّوَاء حرم وان غَلبه الطَّعَام اَوْ الدَّوَاء لم يحرم واذا جبن واوجر فَلَيْسَ برضاع

مِقْدَار الرَّضَاع
واما مِقْدَار الرَّضَاع فَفِيهِ ثَلَاثَة اقاويل
قَول الشَّافِعِي لَا يكون محرما حَتَّى ترْضِعه خمس رَضعَات مُتَفَرِّقَة
وَقَالَ ابو ثَوْر لَا يحرم الا ثَلَاث مصات
وَقَالَ ابو حنيفَة واصحابه قَلِيل الرَّضَاع وَكثير سَوَاء

مُدَّة الرَّضَاع
واما مُدَّة الرَّضَاع فَفِيهَا خَمْسَة اقاويل
قَالَ الاوزاعي لَا وَقت فِي ذَلِك فَمَا دَامَ يحْتَاج الى اللَّبن فَهُوَ رضَاع فاذا استغني عَنهُ فَلَا رضَاع
وَقَالَ زفر هِيَ ثَلَاث سِنِين
وَقَالَ ابو حنيفَة هِيَ سنتَانِ وَنصف
وَقَالَ مَالك سنتَانِ وَشَيْء وقدروا ذَلِك بِشَهْر اَوْ نَحوه
قَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد وابو عبد الله لَا رضَاع الا فِي سنتَيْن الا ان يفطم دون ذَلِك

(1/316)


مَوضِع الرَّضَاع
واما مَوضِع الرَّضَاع فَفِيهِ ثَلَاثَة اقاويل
قَالَ الشَّافِعِي الشّرْب والسعوط والاحتقان سَوَاء يحرم كلهَا
وَقَالَ ابو حنيفَة واصحابه الشّرْب والسعوط يحرمان وَلَا يحرم الاحتقان
وَقَالَ ابو عبد الله الشّرْب يحرم وَلَا يحرم السعوط وَلَا الاحتقان

فعل الرَّضَاع
واما فعل الرَّضَاع فانه يحرم من قبل الْفَحْل كَمَا يحرم من قبل الْمَرْأَة لَان اللَّبن للرِّجَال وان كَانَ فِي ضرع الْمَرْأَة الا ترى انه لَا يجوز لَهَا ان ترْضع صَبيا الا بأذنه وَهُوَ قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد الله لَا يحرم من قبل الْفَحْل شَيْئا
قَالَ وَلَو ان امْرَأتَيْنِ خلطتا لبنهما وارضعتا صَبيا
قَالَ ابو حنيفَة وابو يُوسُف أَي اللَّبن كَانَت الْغَايَة لَهُ فالتحريم لَهُ دون الْأُخَر
وَقَالَ مُحَمَّد وابو عبد الله التَّحْرِيم لَهَا جَمِيعًا لَان الشَّيْء يكثر من جنسه
قَالَ وَلَو ان امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا وَكَانَ لَهَا لبن مِنْهُ ثمَّ تزوجت بِرَجُل آخر وحبلت مِنْهُ قدر لَبنهَا فارضعت صَبيا قَالَ ابو يُوسُف الرَّضَاع للثَّانِي

(1/317)


وَقَالَ مُحَمَّد الرَّضَاع لَهما جَمِيعًا وَقَالَ ابو حنيفَة وابو عبد الله الرَّضَاع للاول حتي تضع ثمَّ يكون للثَّانِي
قَالَ وَلَو ان الْمَرْأَة ارضعت جَارِيَة صَغِيرَة كَانَت تَحت رجل فَحرمت على زَوجهَا فان الزَّوْج يغرم نصف صَدَاقهَا وَيرجع بذلك عَليّ الْمُرضعَة تَعَمّدت الْفساد ام لَا فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه ان تَعَمّدت الْفساد غرمت وان لم تتعمد لم تغرم