النتف في الفتاوى

كتاب الْعدة
وعدة النِّسَاء على عشْرين وَجها
احدها الْحيض وَهِي ثَلَاث حيض ان كَانَت حرَّة وحيضتان ان كَانَت امة
وَالثَّانِي الآيسة وَقد قدر بعض الْفُقَهَاء حد الاياس بستين سنة
وان رَأَتْ الْكَبِيرَة الدَّم فِي كبرها فَهُوَ حيض فِي قَول الْفُقَهَاء وان سَالَ وَلم يَنْقَطِع فانه اسْتِحَاضَة عِنْدهم وَحكمهَا حكم الْمُسْتَحَاضَة تجْلِس ايام اقرائها الى آخرهَا وَفِي قَول عَطاء وَغَيره دم الْكَبِيرَة فَاسد وَهُوَ بِمَنْزِلَة جرح سَائل
وَفِي قَول ابي عبد الله ان رَأَتْ الْكَبِيرَة دَمًا عَليّ عَادَتهَا فِي الْحيض وَالطُّهْر فَهُوَ حيض وان رَأَتْ عَليّ خلَافهَا فدمها فَاسد وعدتها ثَلَاثَة اشهر ان كَانَت حرَّة وَشهر وَنصف ان كَانَت امة
وَالثَّالِث الصَّغِيرَة الَّتِي لَا تحيض وعدتها ايضا ثَلَاثَة اشهر ان كَانَت

(1/329)


حرَّة وَشهر وَنصف ان كَانَت امة فَأن اعْتدت شهرا اَوْ شَهْرَيْن ثمَّ حَاضَت فانها تسْتَأْنف الْعدة بِالْحيضِ وَكَذَلِكَ ان اعْتدت ذَات الْحيض بِحَيْضَة أَو بحيضتين ثمَّ أَيِست فانها تسْتَأْنف الْعدة بالشهور
وَالرَّابِع عدَّة المتوفي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي أَرْبَعَة اشهر وَعشرَة ان كَانَت حرَّة وشهران وَخَمْسَة ايام ان كَانَت امة
وَالْخَامِس عدَّة الْحَامِل فحتي تضع حملهَا حرَّة كَانَت اَوْ أمة عدَّة الْوَفَاة كَانَت اَوْ عدَّة الطَّلَاق
وَالسَّادِس عدَّة الْمَرْأَة الفار عَنْهَا زَوجهَا وَهُوَ الَّذِي طلق امْرَأَته فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ طَلَاقا بَائِنا ثمَّ مَاتَ قبل انْقِضَاء الْعدة فان عدتهَا عدَّة الطَّلَاق فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول ابراهيم النَّخعِيّ عدتهَا عدَّة المتوفي عَنْهَا وَفِي قَول ابي حنيفَة عدتهَا ابعد الاحلين وَفِي قَول ابي عبد الله عدتهَا أقرب الاجلين
وَالسَّابِع عدَّة دخلت فِي عدَّة وَذَلِكَ ان رجلا طلق امْرَأَته فَتزوّجت فِي عدتهَا وَدخل بهَا فَفِي قَول ابي حنيفَة وابراهيم النَّخعِيّ انها تستكمل مَا بقى من عدتهَا من الزَّوْج الاول وتستأنف عدَّة أُخْرَى من زَوجهَا الآخر
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله عَلَيْهَا ان تَعْتَد من زَوجهَا ونتم مَا بقى من الزَّوْج الاول
وَالثَّامِن عدَّة امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا طَلَاقا بَائِنا ثمَّ تزَوجهَا فِي الْعدة ثمَّ طَلقهَا قبل ان يدْخل بهَا فعلَيْهَا ان تستكمل عدتهَا من طَلاقهَا الاول وَلَا عدَّة عَلَيْهَا فِي الطَّلَاق الثَّانِي فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَهُوَ قَول عَطاء ابْن ابي رَبَاح وَالْحسن

(1/330)


وَقَالَ ابو حنيفَة عَلَيْهَا ان تَعْتَد من طَلاقهَا الاخير
وَالتَّاسِع رجل لَهُ امْرَأَتَانِ فَطلق احداهما بَائِنا ثمَّ لم يخبر ايتهما هِيَ وَلم يبين فان على احداهما ان تَعْتَد بِثَلَاث حيض وعَلى الاخرى ان تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة فاذا اشْتبهَ الْأَمر يحْتَاط فِي ذَلِك فتعتدان عدَّة الْوَفَاة تتمان فِيهَا ثَلَاث حيض
والعاشر عدَّة امْرَأَة الرَّضِيع يتوفى عَنْهَا زَوجهَا وَبهَا اثر الْحمل فعدتها عدَّة الْحَامِل وان لم يكن يُمكن مِنْهُ الْحمل لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ}
وان لم يكن بهَا اثر الْحمل يَوْمًا مَاتَ الرَّضِيع ثمَّ تبين بعد ذَلِك فعلَيْهَا عدَّة الْوَفَاة فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي عبد الله وَمَالك وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهَا عدَّة الْوَفَاة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لانه لَا يتَوَهَّم مِنْهُ الاحبال
وَالْحَادِي عشر عدَّة النِّكَاح الْفَاسِد بوجوهها
وَالثَّانِي عشر عدَّة نِكَاح الشُّبْهَة بوجوهها
وَالثَّالِث عشر عدَّة الامة بوجوهها وَهِي عَليّ النّصْف من عدَّة الْحرَّة
وَالرَّابِع عشر عدَّة ام الْوَلَد اذا اعتقها سَيِّدهَا فعدتها ثَلَاث حيض مُتَّفقا وان مَاتَ عَنْهَا فعدتها كَذَلِك فِي قَول الْفُقَهَاء وَفِي قَول أبي عبد الله والاوزاعي عدتهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر فِي هَذِه الْوُجُوه
وَفِي قَول الشَّافِعِي عدتهَا من الْعتْق والوفاة جَمِيعًا حَيْضَة وَاحِدَة
وَالْخَامِس عشر عدَّة ام الْوَلَد اذا زَوجهَا مَوْلَاهَا فَحكمهَا حكم الامة فِي طَلَاق زَوجهَا ووفاته وَهِي عَليّ النّصْف من عدَّة الْحرَّة

(1/331)


وَالسَّادِس عشر عدَّة ام الْوَلَد اذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا ومولاها وَلم يدر ايهما مَاتَ قبل الآخر وَبَين موتيهما وَقت مَعْلُوم اَوْ مَجْهُول فانها تَعْتَد اربعة اشهر وَعشرا من آخرهما موتا فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه اذا كَانَت الْمدَّة بَين موتيهما أقل من شَهْرَيْن وَخَمْسَة أَيَّام اَوْ أَكثر فانها تَعْتَد بأَرْبعَة أشهر وَعشر وتتم فِي ذَلِك ثَلَاث حيض وَأَن كَانَت الْمدَّة مَجْهُولَة فانها تَعْتَد فِي قَول ابي حنيفَة بأَرْبعَة اشهر وَعشر وتتم فِيهَا ثَلَاث حيض
وَالسَّابِع عشر عدَّة الْمُدبرَة اذا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدهَا وَكَانَ يَطَأهَا فِي حَال حَيَاته فانها تَعْتَد باربعة اشهر وَعشر فِي قَول ابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه تستبرأ بِحَيْضَة
وَالثَّامِن عشر عدَّة الْمَرْأَة الراغبة فِي الاسلام اذا اسلمت فِي دَار الْحَرْب وَخرجت الى دَار الاسلام فَفِي قَول ابي حنيفَة تبين من زَوجهَا ساعتئذ وَلَا عدَّة عَلَيْهَا وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد تبين من زَوجهَا وَعَلَيْهَا الْعدة وَفِي قَول ابي عبد الله وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تبين من زَوجهَا حَتَّى تحيض عَلَيْهَا ثَلَاث حيض
وَالتَّاسِع عشر عدَّة الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا وَقد تزَوجهَا بِنِكَاح فَاسد فانها تتعد بِثَلَاث حيض وَفِي قَول الْفُقَهَاء وَفِي قَول ابي عبد الله تَعْتَد بأَرْبعَة اشهر وَعشر
وَالْعشْرُونَ عدَّة الامة اذا اعتقت فِي عدتهَا فان كَانَت تَعْتَد من طَلَاق رَجْعِيّ فانها تكمل عدَّة الْحَرَائِر وان كَانَت تَعْتَد من طَلَاق بَائِن اَوْ ثَلَاث اكملت عدَّة الْأمة

(1/332)


مَا يجب على الْمَرْأَة فِي الْعدة
قَالَ وَيجب على الْمَرْأَة فِي الْعدة سَبْعَة اشياء
احدها ترك الزِّينَة
وَالثَّانِي ترك اتِّخَاذ الْحلِيّ
وَالثَّالِث ان لَا تلبس الْمَصْبُوغ للزِّينَة
وَالرَّابِع أَن لَا تختضب
وَالْخَامِس ان لَا تكتحل
وَالسَّادِس ان لَا ندهن رَأسهَا
وان اوجعتها عَيناهَا داوتهما
وَالسَّابِع ان لَا تخرج من بَيتهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا ان كَانَت فِي عدَّة من طَلَاق وَتخرج بِالنَّهَارِ ان كَانَت فِي عدَّة من وَفَاة وَلَا تبيت الا فِي منزلهَا الَّذِي تَعْتَد فِيهِ وَلها ان تَعْتَد فِي منزل زَوجهَا وَلَيْسَ لَهَا النَّفَقَة

طَلَاق الْمَرْأَة فِي السّفر
قَالَ وان طلق الرجل امْرَأَته فِي السّفر فان حَال الْمَرْأَة على خَمْسَة أوجه
احدها ان كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا لم تفارق الزَّوْج اقام فِي السّفر ام ذهب
وَالثَّانِي ان كَانَ الطَّلَاق بَائِنا اَوْ ثَلَاثًا وَكَانَت فِي مصر اَوْ غير مصر وَمَعَهَا محرم لَهَا فلهَا ان تمْضِي مَعَه وان شَاءَت اقامت حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَلَيْسَ لَهَا ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة

(1/333)


اذا كَانَت فِي مصر اَوْ قَرْيَة
وَالثَّالِث اذا كَانَ الطَّلَاق بَائِنا اَوْ ثَلَاثًا وَلَا يكون مَعهَا محرم فانها تقيم فِي ذَلِك الْمصر حَتَّى تقضي عدتهَا اَوْ تَجِد محرما

لُحُوق الْوَلَد
قَالَ ولحوق الْوَلَد على اربعة اوجه
احدها رجل تزوج بأمرأة فَجَاءَت بِولد مُنْذُ تزَوجهَا لاقل من سِتَّة اشهر لم يلْحقهُ الْوَلَد لَان اقل مُدَّة الْحمل سِتَّة اشهر
وَالثَّانِي ان يتَزَوَّج امْرَأَة ثمَّ يطلقهَا بَعْدَمَا دخل بهَا اَوْ مَاتَ عَنْهَا فَجَاءَت بِولد لِسنتَيْنِ من وَقت الْفرْقَة وَلم تكن اقرت بِانْقِضَاء الْعدة فان الْوَلَد يلْزمه وتنقضي الْعدة بِهِ وَسَوَاء كَانَت الْمَرْأَة مِمَّن يحضن أَو كَانَت مِمَّن لَا يحضن قطّ اَوْ ايست من الْمَحِيض وان لم يكن دخل بهَا فان الْوَلَد يلْزمه فِي قَول بعض الْفُقَهَاء وَهُوَ قَول ابي حنيفَة الى اقل من سِتَّة اشهر وَفِي قَول ابي عبد الله وابي يُوسُف وَمُحَمّد يلْحقهُ الى حَيْثُ يَمْتَد اليه الْحَبل
والامة كَالْحرَّةِ فِي ذَلِك والكتابية كالمسلمة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الزَّوْج حرا أَو عبدا اَوْ مُدبرا اَوْ مكَاتبا اَوْ كَافِرًا اَوْ مُسلما
وَالثَّالِث اذا جَاءَت بِولد لاكثر من سنتَيْن وَكَانَ الطَّلَاق يملك فِيهِ الرّجْعَة لزمَه الْوَلَد وَكَانَت رَجْعَة لانه من وَطْء حَادث
وَالرَّابِع اذا جَاءَت بِهِ لاكثر من سنتَيْن وَكَانَ الطَّلَاق بَائِنا فانه لَا يلْحقهُ الا ان يكون الْحمل مَعْلُومَات بِدلَالَة كاقرار الرجل بِالْحملِ اَوْ بِالْوَلَدِ اَوْ يكون الْوَلَد قد نَبتَت اسنانه عِنْد وِلَادَته اَوْ يكون حملا ظَاهرا عَليّ مَا هُوَ الْمَعْهُود من انتفاخ الْبَطن وتحرك الْوَلَد لحقه فِي ذَلِك كُله وانتقضت بِهِ الْعدة

(1/334)


حد الفار
والفار لَا يكون فَارًّا الا بِخمْس شَرَائِط
احدها ان يُطلق امْرَأَته الْمَدْخُول بهَا
وَالثَّانِي ان يطلقهَا بَائِنا
وَالثَّالِث ان يطلقهَا فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ
وَالرَّابِع ان يَمُوت قبل انْقِضَاء عدتهَا
وَالْخَامِس ان لَا يكون فِيهِ فعل من الْمَرْأَة فاذا طلق الرجل امْرَأَته مَعَ هَذِه الْخِصَال الْخمس فان الْمَرْأَة تَرثه وَلَا يَنْفَعهُ مَا فعل
قَالَ واذا حلف الرجل فِي مَرضه عَليّ امْرَأَته بِطَلَاقِهَا فانه على أَرْبَعَة اوجه
احدها ان يحلف بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا ويقيده بِفِعْلِهِ ثمَّ يَحْنَث فانه فار وترثه
وَالثَّانِي ان يحلف بِطَلَاقِهَا ويقيده بِفعل اجنبي ثمَّ يَحْنَث فانه فان وترثه وَهُوَ ان يَقُول ان قدم فلَان من سَفَره اَوْ مَاتَ اَوْ مرض فانت طالقة ثَلَاثًا وَفِي قَول ابي عبد الله لَا تَرث وَلَيْسَ بفار
وَالثَّالِث ان يحلف بِطَلَاقِهَا ويقيده بِفعل سماوي ثمَّ يكون ذَلِك فَيحنث فانه فار وترثه وَهُوَ ان يَقُول ان غامت السَّمَاء اللَّيْلَة اَوْ امطرت اَوْ اثلجت وَنَحْوهَا فانت طالقة ثَلَاثًا وَفِي قَول ابي عبد الله لَا تَرث وَلَيْسَ بفار
وَالرَّابِع ان يحلف بِطَلَاقِهَا ويقيده بِفعل الْمَرْأَة فان ذَلِك يكون عَليّ وَجْهَيْن
احدها مَا يكون للْمَرْأَة مِنْهُ بُد وَهُوَ ان يَقُول ان خرجت من الدَّار اَوْ كلمت فلَانا الاجنبي اَوْ أكلت من طَعَام فلَان فانت طالقة ثَلَاثًا فَفعلت

(1/335)


الْمَرْأَة ذَلِك الْفِعْل لم تَرثه
وَالْوَجْه الآخر مَا لَيْسَ للْمَرْأَة مِنْهُ بُد وَهُوَ ان يَقُول ان صليت اَوْ صمت أَو أكلت أَو شربت أَو كلمت اخاك اَوْ اباك وَنَحْو هَذَا فانت طَالِق ثَلَاثًا فَفعلت الْمَرْأَة ذَلِك الْفِعْل فانه فار وترثه اذا مَاتَ الرجل قبل انْقِضَاء الْعدة وَلَا تَرثه اذا مَاتَ بعد انْقِضَاء الْعدة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا تَرث وان كَانَت فِي الْعدة وَفِي قَول مَالك تَرث وان انْقَضتْ الْعدة
وَلَو قَالَ لامْرَأَته وَهُوَ صَحِيح اذا صليت الظّهْر اَوْ كلمت أَخَاك اَوْ اباك فانت طَالِق ثَلَاثًا اَوْ نَحْو ذَلِك ففعلته وَهُوَ مَرِيض فانه تَرثه امْرَأَته فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَلَا تَرثه فِي قَول مُحَمَّد

عدد الطلقات
واما عدد الطلقات فانه عَليّ وَجْهَيْن
احدها فِي الْحرَّة
وَالثَّانِي فِي الامة
فاما الطَّلَاق الْحرَّة فَثَلَاث ان اكثرها وطلاقه للامة اثْنَتَانِ ان اكثرها حرا كَانَ الزَّوْج أَو عبدا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء
وَفِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء فاذا وَقع بَين الرجل وَامْرَأَته الْحرَّة ثَلَاث تَطْلِيقَات فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَلَا تحل لَهُ بِدُونِ ذَلِك
واذا وَقع بَين الرجل وَبَين امْرَأَته الْأمة تَطْلِيقَتَانِ فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَتحل لَهُ بِوَاحِدَة وَقد جَاءَ ايضا فِي الْخَبَر

(1/336)


طَلَاق الامة تَطْلِيقَتَانِ وعدتها حيضتان

الطَّلَاق فِي الْعدة
قَالَ وَالطَّلَاق فِي الْعدة على عشرَة اوجه
احدها ان يطلقهَا بِلَفْظ الاكثر
وَالثَّانِي بِلَفْظ الاقل
وَالثَّالِث مَقْرُونا بِمَا غَايَة لَهُ
وَالرَّابِع مَقْرُونا بالاداة
وَالْخَامِس مَقْرُونا بِالضَّرْبِ
وَالسَّادِس مَقْرُونا بِمَا لَا عدد لَهُ
وَالسَّابِع مَقْرُونا بِلَفْظ التّكْرَار
وَالثَّامِن مَقْرُونا بِالِاسْتِثْنَاءِ
وَالتَّاسِع مَقْرُونا باذا
والعاشر مَقْرُونا بكلما

لفظ الاكثر
اما لفظ الاكثر فانه عَليّ اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق اكثر الطَّلَاق فَيكون ثَلَاثًا للْحرَّة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق اكثر الثَّلَاث فَيكون ثِنْتَيْنِ للامة
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق اكثر من ثَلَاث فَيكون ثَلَاثًا للْحرَّة
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق اكثر من طَلَاق فَيكون ثِنْتَيْنِ للامة

(1/337)


لفظ الاقل
واما لفظ الاقل فانه على اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق أقل الطَّلَاق فَيكون وَاحِدَة
وَالثَّانِي ان يَقُول أَنْت طَالِق أقل من ثِنْتَيْنِ فَيكون وَاحِدَة ايضا
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق أقل من ثَلَاثَة فَيكون ثِنْتَيْنِ
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق اقل من وَاحِدَة فَيكون وَاحِدَة

المقرون بالاداة
واما اللَّفْظ المقرون بالاداة فعلى اربعة اوجه
احدها قَوْله انت طَالِق وَاحِدَة مَعهَا وَاحِدَة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق وَاحِدَة بعْدهَا وَاحِدَة فَتطلق الْمَرْأَة ثِنْتَيْنِ اذا كَانَ مَدْخُولا بهَا فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّالِث ان يَقُول أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبل وَاحِدَة
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق وَاحِدَة فَتطلق وَاحِدَة فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ
المقرون بالغاية
واما اللَّفْظ المقرون بالغاية فعلى اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق من وَاحِدَة الى وَاحِدَة طلقت وَاحِدَة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق من وَاحِدَة الى ثِنْتَيْنِ طلقت ثِنْتَيْنِ الا ان يزِيد وَاحِدَة فَتكون وَاحِدَة
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق من وَاحِدَة الى ثَلَاث طلقت ثَلَاثًا الا ان يزِيد وَاحِدَة اَوْ ثِنْتَيْنِ فَيكون كَمَا اراد فِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة تطلق تَطْلِيقَتَيْنِ

(1/338)


وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق من ثِنْتَيْنِ الى ثَلَاث فَيكون ثَلَاثًا الا ان يُرِيد اثْنَتَيْنِ

المقرون بِالضَّرْبِ
واما اللَّفْظ المقرون بِالضَّرْبِ فَهُوَ على اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق وَاحِدَة فِي وَاحِدَة فَتكون وَاحِدَة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق وَاحِدَة فِي ثِنْتَيْنِ فَتكون ثِنْتَيْنِ
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق وَاحِدَة فِي ثَلَاث فَيكون ثَلَاثًا
وَالرَّابِع أَن يَقُول أَنْت طَالِق اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ فَيكون ثَلَاثًا وَهَذَا كُله فِي قَول زفر وابي عبد الله واما فِي قَول الْفُقَهَاء اذا قَالَ أَنْت طَالِق اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ فان كَانَ نوى الضَّرْب والحساب كَانَت طَالقا اثْنَتَيْنِ وان نوى اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ كَانَت طَالقا ثَلَاثًا
المقرون بِمَا لَا عدد لَهُ
واما اللَّفْظ المقرون بالاعداد لَهُ فَهُوَ على اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق عدد التُّرَاب اَوْ عدد الْحَصَى اَوْ عدد النُّجُوم اَوْ عدد الْمَطَر فَيكون ثَلَاثًا

المقرون بالتكرار
واما اللَّفْظ المقرون بالتكرار فَهُوَ على اربعة اوجه
احدهما ان يَقُول انت طَالِق طَالِق طَالِق

(1/339)


وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق انت طَالِق انت طَالِق
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق ثمَّ طَالِق ثمَّ طَالِق فَأن كَانَت الْمَرْأَة مَدْخُولا بهَا فِي هَذِه الْوُجُوه طلقت ثَلَاثًا وان لم يكن مَدْخُولا بهَا طلقت وَاحِدَة فان أَرَادَ بالآخرين تكْرَار الطَّلَاق طلقت وَاحِدَة كَانَت الْمَرْأَة مَدْخُولا بهَا أم لم تكن
وَلَو قَالَ ان دخلت الدَّار فانت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق فَدخلت طلقت وَاحِدَة
وَلَو قَالَ انت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق ان دخلت الدَّار وَلم يكن دخل بهَا طلقت اثْنَتَيْنِ فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وهما سَوَاء فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَتطلق ثَلَاثًا اذا دخلت الدَّار

المقرون بِالِاسْتِثْنَاءِ
واما اللَّفْظ المقرون بِالِاسْتِثْنَاءِ فانه على سَبْعَة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق ثَلَاثًا الا وَاحِدَة طلقت ثِنْتَيْنِ
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق ثَلَاثًا الا ثِنْتَيْنِ طلقت وَاحِدَة
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق اربعا الا ثَلَاثًا طلقت ثَلَاثًا
وَالرَّابِع ان يَقُول طَالِق اربعا الا وَاحِدَة طلقت ثَلَاثًا
وَالْخَامِس ان يَقُول انت طَالِق اربعا الا ثَلَاثًا طلقت وَاحِدَة
وَالسَّادِس ان يَقُول انت طَالِق اربعا إِلَّا أَرْبعا طلقت ثَلَاثًا
وَالسَّابِع ان يَقُول انت طَالِق ثَلَاثًا الا وَاحِدَة وَوَاحِدَة فان قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد تطلق ثَلَاثًا وَفِي قَول زفر وابي عبد الله تطلق

(1/340)


وَاحِدَة لِأَن الِاسْتِثْنَاء لَا يَصح عَلَيْهَا وَيصِح على سائرها
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لاربع نسْوَة انتن طَوَالِق الا هَذِه طلقن جَمِيعًا فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي يُوسُف وَتطلق الاخرى وَحدهَا فِي قَول زفر وابي عبد الله

المقرون باذا
واما اللَّفْظ المقرون باذا فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يَقُول اذا طَلقتك فَأَنت طَالِق
وَالثَّانِي ان يَقُول اذا وَقع طَلَاقي عَلَيْك فانت طَالِق وَقد دخل بهَا فَطلقهَا وَاحِدَة اَوْ اثْنَتَيْنِ وَقعت أُخْرَى بِالْيَمِينِ فِي كلا الْوَجْهَيْنِ

المقرون بكلما
واما اللَّفْظ المقرون بكلما فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدها ان يَقُول
كلما طَلقتك فانت طَالِق فَطلقهَا وَاحِدَة اَوْ اثْنَتَيْنِ وَقعت أُخْرَى
وَالثَّانِي ان يَقُول كلما وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق ثمَّ طَلقهَا وَاحِدَة وَقعت أُخْرَى ثمَّ أُخْرَى فَتبين بِثَلَاث
واذا أَرَادَ بقوله كلما وَقع عَلَيْك ان يطلقهَا مبتديا كَانَ كَمَا نوى

التَّبْعِيض فِي الطَّلَاق
قَالَ والتبعيض فِي الطَّلَاق على ثَلَاثَة أوجه
احدها فِي عين الْمَرْأَة
وَالثَّانِي فِي يَمِين الطَّلَاق
وَالثَّالِث فِيمَا يخرج من الْمَرْأَة

(1/341)


فاما الَّذِي فِي الْوَجْه فَهُوَ على اربعة أوجه
احدها فِي لفظ الْكِفَايَة للنَّفس
وَالثَّانِي فِي عُضْو يُسمى بِهِ جَمِيع الْجَسَد
وَالثَّالِث فِي مشَاع من النَّفس
وَالرَّابِع فِي عُضْو من اعضاء النَّفس لَا يُسمى بِهِ النَّفس جَمِيعًا
فاما لفظ الْكِفَايَة فانه يَقُول لَهَا نَفسك طَالِق اَوْ جسمك طَالِق اَوْ جسدك طَالِق اَوْ صُورَتك طَالِق
واما الْعُضْو الَّذِي يُسمى بِهِ جَمِيع الْجَسَد فَهُوَ ان يَقُول رَأسك طَالِق أَو وَجهك طَالِق اَوْ عُنُقك طَالِق اَوْ رقبتك طَالِق أَو روحك اَوْ فرجك طَالِق
واما الْجُزْء الْمشَاع فِي جَمِيع النَّفس فَهُوَ ان يَقُول نصفك طَالِق اَوْ ثلثك اَوْ ربعك اَوْ خمسك اَوْ عشرك طَالِق اَوْ جُزْء مِنْك طَالِق فان فِي هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاث تطلق الْمَرْأَة مُتَّفقا
وَأما الْعُضْو الَّذِي لَا يُسمى بِهِ النَّفس جَمِيعًا فَهُوَ ان يَقُول
يدك طَالِق اَوْ رجلك اَوْ عَيْنك اَوْ انْفَكَّ طَالِق اَوْ فمك طَالِق اَوْ اصبعك طَالِق اَوْ شعرك طَالِق
فانها لَا تطلق فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَتطلق قَول زفر وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله
وَأما فِيمَا يخرج من الْمَرْأَة فَهُوَ ان يَقُول
دموعك طَالِق اَوْ دمك طَالِق اَوْ عرقك طَالِق اَوْ لبنك طَالِق اَوْ مخاطك طَالِق اَوْ بزاقك طَالِق وَنَحْوهَا فان الْمَرْأَة لَا تطلق بِهَذِهِ الاشياء مُتَّفقا

(1/342)


1 - واما فِي عين الطَّلَاق فانه على اربعة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق نصف تَطْلِيقَة اَوْ ثلث تَطْلِيقَة اَوْ ربع تَطْلِيقَة اَوْ خمس تَطْلِيقَة اَوْ سدس تَطْلِيقَة اَوْ سبع تَطْلِيقَة اَوْ جُزْء من الف تَطْلِيقَة فان الْمَرْأَة تطلق بِهَذَا وَاحِدَة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق تَطْلِيقَة اَوْ ثلثهَا اَوْ ربعهَا اَوْ خمسها فانها تطلق وَاحِدَة
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق نصف تَطْلِيقَة وَثلث تَطْلِيقَة وَربع تَطْلِيقَة وخمسها فانما تطلق وَاحِدَة
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق نصف تَطْلِيقَة وَثلث تَطْلِيقَة وَربع تَطْلِيقَة طلقت ثَلَاثًا الا ان ينوى بِالثُّلثِ وَالرّبع التطليقة الاولى فَتكون وَاحِدَة
قسم الطَّلَاق
قَالَ وَقسم الطَّلَاق على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يَقُول لاربع نسْوَة لَهُ فيكُن تَطْلِيقَة اَوْ تَطْلِيقَتَانِ اَوْ ثَلَاث تَطْلِيقَات اَوْ ارْبَعْ فَتطلق كَانَ امْرَأَة تَطْلِيقَة وَاحِدَة
وَلَو اراد بقوله بينكن طَلْقَتَانِ يكون لكل امْرَأَة نصف من كَانَ طَلَاق طلقهن فيبن وَكَذَلِكَ بقوله بينكن ثَلَاث تَطْلِيقَات
وَالثَّانِي ان يَقُول بينكن خمس تَطْلِيقَات اَوْ سِتّ تَطْلِيقَات اَوْ سبع تَطْلِيقَات اَوْ ثَمَان تَطْلِيقَات أَو ثَمَان تَطْلِيقَات كل وَاحِدَة ثِنْتَانِ ثِنْتَانِ
وَالثَّالِث ان يَقُول بينكن تسع تَطْلِيقَات اَوْ اكثر فَتبين وَاحِدَة بِثَلَاث وان قَالَ انتن طَوَالِق ثَلَاثًا طلقن ثَلَاثًا ثَلَاثًا

(1/343)


الطَّلَاق الْمُقَيد بِوَقْت
قَالَ وَالطَّلَاق اذا كَانَ مُقَيّدا بِوَقْت فانه على اربعة عشر وَجها
وَهُوَ بالدهر وَالسّنة والحين والشتاء والصيف والشهر وَالْجُمُعَة وَاللَّيْل وَالنَّهَار والخريف وَالربيع والامس والغد والساعة
فَلَو قَالَ الرجل لامْرَأَته انت طَالِق بعد دهر فَلَا تطلق حَتَّى يمْضِي من الْوَقْت مَا يكون دهرا فِي الْعرف عِنْد النَّاس
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد سنة فَلَا تطلق حَتَّى تمْضِي سنة فان قَالَ ذَلِك عِنْد غرَّة الشَّهْر فَهُوَ على اثنى عشر شهرا فاذا مضى ذَلِك طلقت
وان قَالَ ذَلِك فِي وسط الشَّهْر فاذا مضى من الشَّهْر الثَّالِث عشر تَمام ثَلَاثِينَ يَوْمًا مَعَ مَا كَانَ من الشَّهْر الاول تطلق عِنْد ذَلِك
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد حِين فان نوى وقتا فَهُوَ على مَا نوى وان لم ينْو شَيْئا فَهُوَ على سِتَّة اشهر عِنْد الْفُقَهَاء لتصديق قَوْله تَعَالَى {تؤتي أكلهَا كل حِين} وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بعد زمَان فالزمان والحين يتقاربان
وَلَو قَالَ انت طَالِق اذا كَانَ الشتَاء تطلق اذا يَبِسَتْ الاشجار وتناثرت الاوراق وَطلب النَّاس الْكن والوقود ولبسوا مَا يلبس فِي الشتَاء
وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق اذا كَانَ الصَّيف تطلق اذا اكمل النَّبَات وادرك الزَّرْع وَجَاء الْحر وتطلب النَّاس الظل
وَلَو قَالَ انت طَالِق اذا كَانَ الخريف تطلق اذا احْتَرَقَ الثِّمَار وامتزج الْهَوَاء وَاخْتلف الْحر وَالْبرد وَلَو قَالَ انت طَالِق اذا كَانَ الرّبيع تطلق اذا خرج الثِّمَار واوراق الشّجر وطاب الْهَوَاء
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد شهر فان كَانَ ذَلِك عِنْد غرَّة الشَّهْر والهلال

(1/344)


تطلق اذا تمّ الشَّهْر وان قَالَ فِي وسط الشَّهْر تطلق اذا مضى ثَلَاثُونَ يَوْمًا
وان قَالَ انت طَالِق بعد الشَّهْر فان نوى شَيْئا فَهُوَ على مَا نوى وان لم ينْو شَيْئا فَهُوَ على اثنى عشر شهرا عِنْد مُحَمَّد وابي يُوسُف لقَوْله تَعَالَى {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا}
وان قَالَ ذَلِك فِي يَوْم آخر تطلق اذا مَضَت سَبْعَة ايام على ذَلِك الْوَقْت
وان قَالَ انت طَالِق بعد جمع فان نوى شَيْئا فَهُوَ على ثَلَاثَة جمع
وَلَو قَالَ انت طالقة بعد يَوْم فان قَالَ ذَلِك عِنْد طُلُوع الشَّمْس فاذا غربت الشَّمْس طلقت وان قَالَ ذَلِك فِي بعض الْيَوْم فاذا كَانَ من الْغَد عِنْد ذَلِك الْوَقْت تطلق
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد ايام فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على مَا نوى وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ على ثَلَاثَة أَيَّام وَمن قَالَ انت طَالِق بعد أَيَّام كَثِيرَة فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على ايام الْجُمُعَة وَهُوَ سَبْعَة ايام لقَوْله تَعَالَى {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس}
وَلَو قَالَ انت طَالِق فِي يَوْم فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على مَا نوى وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَتطلق حِينَئِذٍ
وَلَو قَالَ انت طَالِق فِي الْيَوْم تطلق اذا فرغ من الْكَلَام
وَلَو قَالَ انت طالقة يَوْمًا طلقت ابدا
وَلَو قَالَ انت طالقة بعد لَيْلَة فان قَالَ ذَلِك عِنْد غرُوب الشَّمْس تطلق اذا انفجر الصُّبْح وان كَانَ ذَلِك فِي بعض اللَّيْل تطلق فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة عِنْد ذَلِك الْوَقْت

(1/345)


وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد لَيَال فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على مَا نوى وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ على سَبْعَة لَيَال وَهِي ليَالِي الْجُمُعَة
وَلَو قَالَ انت طَالِق فِي اللَّيْل تطلق اذا دخل اللَّيْل
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد سَاعَة تطلق اذا مَضَت سَاعَة
وَلَو قَالَ انت طَالِق بعد سَاعَات فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على مَا نوى وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ على ثَلَاث سَاعَات
وان قَالَ انت طَالِق بعد السَّاعَات فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على نِيَّته وان لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ على ارْبَعْ وَعشْرين سَاعَة وَهِي سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار
وَلَو قَالَ انت طَالِق فِي سَاعَة فان كَانَ لَهُ نِيَّة فَهُوَ على نِيَّته وان لم يكن لَهُ نِيَّة تطلق ساعتئذ
وَلَو قَالَ انت طَالِق فِي السَّاعَة تطلق اذا فرغ من الْكَلَام
وَلَو قَالَ انت طَالِق أمس وَقد تزَوجهَا أول أمس فَتطلق فِي قَول أبي حنيفَة واصحابه وَلَا تطلق عِنْد الْفُقَهَاء
وَلَو قَالَ انت طَالِق غَدا فاذا انفجر الصُّبْح تطلق
وَلَو قَالَ عنيت آخر النَّهَار فانه لَا يصدق وَكَذَلِكَ اذا قَالَ اذا جَاءَ غَد فَأَنت طَالِق وان قَالَ أَنْت طَالِق فِي الْغَد فاذا انفجر الصُّبْح تطلق وان قَالَ عنيت آخر النَّهَار فانه يصدق فِي قَول ابي حنيفَة وَزفر وَلَا يصدق فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَو قَالَ انت طَالِق الْيَوْم غَدا تطلق الْيَوْم وَغدا حَشْو
وَلَو قَالَ انت طَالِق غَدا الْيَوْم تطلق غَدا وَالْيَوْم حَشْو
وَلَو قَالَ انت طَالِق يَوْم يقدم فلَان اَوْ يَوْم ادخل دَار فلَان فَقدم فلَان لَيْلًا حنث فِي قَول م مُحَمَّد وَتطلق وَالْمعْنَى عِنْد الْقدوم مَا لم ينْو النَّهَار

(1/346)


وان قَالَ انت طَالِق لَيْلَة يقدم فلَان اَوْ لَيْلَة ادخل دَار فلَان فَقدم نَهَارا اَوْ دخل الدَّار نَهَارا فَلَا تطلق فِي قَوْلهم جَمِيعًا

مطلب من لَا يَقع طَلَاقه وان طلق
قَالَ وَمن لَا يَقع طَلَاقه وان طلق عشرَة انفس عِنْد ابي عبد الله خمس لَا اخْتِلَاف فِيهَا وَخمْس مُخْتَلف فِيهَا
فالخمسة الْمُتَّفق عَلَيْهَا
احدها طَلَاق الصَّبِي
وَالثَّانِي طَلَاق الْمَجْنُون
وَالثَّالِث طَلَاق الْمَعْتُوه فِي حَال عتهه
وَالرَّابِع طَلَاق المبرسم
وَالْخَامِس طَلَاق النَّائِم
وَأما الْخَمْسَة الَّذين فِي طلاقهم اخْتِلَاف
احدهم طَلَاق الْمُكْره فانه لَا يَقع الْبَتَّةَ فِي قَول الشَّافِعِي وابي عبد الله وَهُوَ قَول خَمْسَة من الصَّحَابَة عمر وَعلي وَعبد الله بن عَبَّاس وَابْن عمر وَابْن الزبير وَالْحسن وَعَطَاء وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَكَذَلِكَ روى عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام انه قَالَ لَا طَلَاق فِي غلابة يَعْنِي فِي الاكراه
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه طَلَاق الْمُكْره طَلَاق لَان الاكراه يكون من السُّلْطَان عِنْد ابي حنيفَة وَعند ابي يُوسُف وَمُحَمّد يكون من السُّلْطَان

(1/347)


وَمن غَيره
وَالثَّانِي الطَّلَاق قبل النِّكَاح وَفِيه ثَلَاثَة أَقْوَال
فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه يَقع ان خص اَوْ عَم وَهُوَ قَول ابْن مَسْعُود من الصَّحَابَة
وَفِي قَول مَالك ان خص يَقع وان عَم لَا يَقع وَهُوَ قَول ابي عمرَان ابْن حُصَيْن
وَالثَّالِث طَلَاق الْبَائِن من امْرَأَته فانه يَقع فِي قَول ابي حنيفَة وَلَا يَقع فِي قَول ابي عبد الله وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمن ذَلِك ان يخلع الرجل امْرَأَته بمهرها اَوْ بِغَيْر مهرهَا ثمَّ يطلقهَا ثمَّ طَلقهَا قبل ان تمْضِي عدتهَا فالخلع طَلَاق بَائِن وَالطَّلَاق خلع رَجْعِيّ وَلَا يدْخل الرَّجْعِيّ على الْبَائِن من ذَلِك فِي قَوْلهمَا
وَمن ذَلِك ان يَقُول الرجل لامْرَأَته ان دخلت دَار فلَان فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ ابانها بتطليقه ثمَّ دخلت الدَّار قبل مُضِيّ عدتهَا فانه الثَّلَاث لَا تقع عَلَيْهَا فِي قَوْلهم وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه تقع الثَّلَاث عَلَيْهَا مَا دَامَت فِي الْعدة وَدخلت الدَّار

طَلَاق النَّاسِي
وَأما طَلَاق النَّاسِي فَلَيْسَ بِطَلَاق عِنْد الشّعبِيّ وَعَطَاء وابي عبد الله وَهُوَ ان يحلف الرجل بِطَلَاق امْرَأَته ان لَا يدْخل دَار فلَان اَوْ لَا يَأْكُل من طَعَامه اَوْ لَا يكلم فلَانا وَنَحْوه ثمَّ نسي فَدخل دَاره فانه لَا يَحْنَث وَلَا تطلق امْرَأَته وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه يَحْنَث وَتطلق امْرَأَته

(1/348)


4
- طَلَاق الغالط
وَالْخَامِس طَلَاق الغالط والخاطئ لَيْسَ بِطَلَاق عِنْد الشّعبِيّ ووكيع وابي عبد الله وَهُوَ ان يتَكَلَّم الرجل فليفظ فَيَقُول امْرَأَته طَالِق فانه لَيْسَ بِطَلَاق
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه هُوَ طَلَاق

من يُقَاس طلاقهم على طَلَاق الْمَجْنُون
وَخَمْسَة من الرِّجَال حَالهم كَحال الْمَجْنُون وَالنَّاسِي وطلاقهم طَلَاق عِنْد الْفُقَهَاء جَمِيعًا
احدهم السَّكْرَان فان طَلَاقه طَلَاق وَكَذَلِكَ سَائِر احكامه الا الرِّدَّة فانه اذا ارْتَدَّ فِي سكره لَا تطلق امْرَأَته حَتَّى يصحو فَيُقَال لَهُ انك قد كفرت فِي سكرك فان ثَبت على ذَلِك تطلق امْرَأَته وان ابى فَلَا تطلق وَفِي قَول الشّعبِيّ والمزني والطَّحَاوِي وابي عبد الله الْبَصْرِيّ وَعُثْمَان بن عَفَّان طَلَاق السَّكْرَان لَيْسَ بِطَلَاق وَعند الشَّافِعِي وَمَالك طَلَاق السَّكْرَان طَلَاق
وَالثَّانِي طَلَاق الْمَعْتُوه طَلَاق اذا طلق فِي حَال افاقته

(1/349)


وَالثَّالِث طَلَاق الظَّان طَلَاق وَهُوَ ان الرجل يرى امْرَأَته فيظنها اجنبيه فَيَقُول لَهَا انت طَالِق نكح أمْرَأَة ثمَّ اَوْ نسي نِكَاحهَا فَقَالَ بعد ذَلِك كل امْرَأَة لَهُ طَالِق فانها لَا تطلق قَالَ الله تَعَالَى {إِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا}
وَالرَّابِع طَلَاق اللاغي وَهُوَ ان يحلف الرجل بِطَلَاق امْرَأَته انه لم يفعل كَذَا وَكَذَا وَهُوَ يرى انه لم يفعل ثمَّ علم انه فعل ذَلِك الْفِعْل فان امْرَأَته تطلق وَكَذَلِكَ الْعتْق واما الْيَمين بِاللَّه فِيهِ فَلَا يلْزمه فِيهَا كَفَّارَة
وَالْخَامِس طَلَاق العابث والهازل طَلَاق لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَربع جدهن جد وهزلهن جد الطَّلَاق والعناق وَالرَّجْعَة

(1/350)


الِاسْتِثْنَاء فِي الطَّلَاق
قَالَ وَالِاسْتِثْنَاء فِي الطَّلَاق على أَرْبَعَة أوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق أَن شَاءَ الله
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق لَو شَاءَ الله
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق الا ان يَشَاء الله
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق الا مَا شَاءَ الله ووقوعه على وَجْهَيْن
احدهما اذا كَانَ قبل الطَّلَاق
وَالثَّانِي اذا كَانَ بعد الطَّلَاق
تَعْلِيق الطَّلَاق
واما اذا علق الطَّلَاق فانه على اربعة اوجه
احدها ان يَقُول ان شَاءَ الله فانت طَالِق
وَالثَّانِي ان يَقُول ان شَاءَ الله طَالِق ثمَّ انت طالقة
فانها لَا تطلق مُتَّفقا فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّالِث ان يَقُول ان شَاءَ الله وانت طَالِق فانها تطلق مُتَّفقا

(1/351)


وَالرَّابِع ان يَقُول ان شَاءَ الله انت طَالِق فانها تطلق فِي قَول الْفُقَهَاء وَلَا تطلق فِي قَول ابي عبد الله

التَّعْلِيق بعد لَفْظَة الطَّلَاق
واذا كَانَ بعد لَفْظَة الطَّلَاق فَهُوَ على خَمْسَة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق ان شَاءَ الله دخل بهَا اَوْ لم يدْخل
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق فطالق فطالق ان شَاءَ الله
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق ثمَّ طَالِق ثمَّ طَالِق ان شَاءَ الله فانها لَا تطلق مُتَّفقا
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق طَالِق طَالِق ان شَاءَ الله فَفِي قَول أبي حنيفَة وابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد ان نوى الِاسْتِثْنَاء على الْجمع فَهُوَ على مَا نوى فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يصدق فِي الْقَضَاء فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ

طَلَاق المحصور عِنْد ذكر الِاسْتِثْنَاء
وَلَو قَالَ انت طَالِق فَأَرَادَ ان يَقُول ان شَاءَ الله فدهش اَوْ منع اَوْ حصر فَلم يصل الى ان يَقُول ان شَاءَ الله تطلق
وَلَو قَالَ انت طَالِق ثَلَاثًا لَا بل وَاحِدَة فانها ثَلَاث فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وَلَا بل لَيْسَ بأستثناء عِنْدهم وَعند ابي عبد الله تطلق وَاحِدَة

من اخفى اسْتثِْنَاء فِي الطَّلَاق
وَلَو اسْتثْنى فأخفى حَتَّى لم تسمع اذناه فانه لَيْسَ باستثناء عِنْد الْفُقَهَاء وَتطلق امْرَأَته

(1/352)


الِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل والمنفصل
قَالَ وَالِاسْتِثْنَاء اذا كَانَ مُتَّصِلا بِالطَّلَاق فَالْحكم فِيهِ للاستثناء مُتَقَدما كَانَ اَوْ مُتَأَخِّرًا فِي قَول الْفُقَهَاء
وان كَانَ مُنْفَصِلا فَالْحكم فِيهِ للطَّلَاق تقدم الِاسْتِثْنَاء اَوْ تَأَخّر
وَفِي قَول الْحسن وَابْن سِيرِين وَمَالك الحكم للطَّلَاق فِي كل حَال
وَفِي قَول اهل الحَدِيث الحكم للاستثناء فِي كل حَال
وَقَالَ بَعضهم الحكم لَهُ مَا كَانَ جَالِسا فِي مَكَانَهُ ذَلِك
وَقَالَ بَعضهم الحكم لَهُ مَا لم يدْخل اللَّيْل وَقَالَ بَعضهم الحكم لَهُ الى سنة

مَا لَا يَقع من الطَّلَاق
وَمَا لَا يَقع من الطَّلَاق فان طلق بِهِ فَإِنَّهُ على ثَلَاثِينَ وَجها هُوَ ان يَقُول
انت طَالِق قبل ان اخلق اَوْ قبل اَوْ اولد اَوْ قبل ان تخلقي اَوْ قبل ان تولدي
اَوْ انت طَالِق وانا صبي
اَوْ انت طَالِق طَلَاقا لَا يجوز عَلَيْك اَوْ لَا يَقع عَلَيْك طَلَاقي اَوْ طَلَاقا بَاطِلا اَوْ طَلَاقا مُخَالفا أَو طَلَاقا لَا شَيْء اَوْ يَقُول اذا مت فَأَنت طَالِق اَوْ اذا خالعتك فَأَنت

(1/353)


طَالِق واذا ابْنَتك فَأَنت طَالِق
وانت طَالِق عدد مَا فِي يَدي من الدَّرَاهِم فاذا لَيْسَ فِي يَده شَيْء لم تطلق فِي قَول بعض الْفُقَهَاء وابي عبد الله
أَو يَقُول انت طَالِق قبل قدوم فلَان فَقدم لم تطلق اَوْ قبل موت فلَان شهر فَمَاتَ بعد شهر اَوْ قبله فَذَلِك سَوَاء اَوْ قبل موتِي بشهرين فَمَاتَ بعد شهر أَو قَالَ قبل موتك بِشَهْر فَمَاتَ بعد شهر اَوْ قَالَ قبل موت فلَان بِشَهْر فَمَاتَ بعد شهر فَفِي قَول ابي حنيفَة وسُفْيَان تطلق وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا تطلق
أَو قَالَ قبيل موتِي بِشَهْر اَوْ قَالَ قبيل موتك بِشَهْر اَوْ قَالَ قبيل موت فلَان بِشَهْر اَوْ قَالَ قبيل موتِي بِقَلِيل اَوْ قَالَ قبيل موت فلَان وَفُلَان بِشَهْر فَمضى شهر ثمَّ مَاتَ احدهما لم يَقع شَيْء
أَو قَالَ قبل قدوم فلَان وَفُلَان بِشَهْر اَوْ لم يقل بِشَهْر فَقدم احدهما اَوْ قدما جَمِيعًا اَوْ قدم احدهما قبل الاخر اَوْ قدما مَعًا لم يَقع شَيْء
اَوْ قَالَ لاجنبية اذا جَاءَ غَد فانت طَالِق فَتَزَوجهَا الْيَوْم فجَاء غَد فانها لَا تطلق
واذا قَالَ انت طَالِق قبل موتِي اَوْ قبل موتك اَوْ قبل موت فلَان اَوْ قبل موت فلَان وَفُلَان وَلم يقل بِشَهْر اَوْ بِقَلِيل اَوْ بِكَثِير اَوْ بساعة طلقت من سَاعَته

الْفرق بِغَيْر طَلَاق
قَالَ والفرقة بِغَيْر طَلَاق على سِتَّة عشر وَجها
احدها اذا نكح الرجل أم امْرَأَته فأصابها وَهُوَ يعلم اَوْ لَا يعلم فان امْرَأَته تحرم عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالثَّانِي لَو وَطْء أَمر امْرَأَته بِشُبْهَة ملك فان امْرَأَته تحرم عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق

(1/354)


وَالثَّالِث لَو قبل اَوْ بَاشر اَوْ عانق ام امْرَأَته اَوْ نظر الى فرجهَا بِشُبْهَة نِكَاح حرمت عَلَيْهِ امْرَأَته
وَالرَّابِع لَو فعل شَيْئا من هَذِه الاشياء بِأم امْرَأَته على شُبْهَة ملك فان امْرَأَته تحرم عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالْخَامِس لَو فعل شَيْئا من هَذِه الاشياء بِأم امْرَأَته على شُبْهَة نِكَاح اَوْ شُبْهَة ملك فان امْرَأَته تحرم عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالسَّادِس لَو فعل شَيْئا من هَذِه الاشياء بأمرأة ابْنه على شُبْهَة نِكَاح اَوْ ملك حرمت عَلَيْهِ امْرَأَة ابْنه وَلَيْسَ بِطَلَاق وَالسَّابِع لَو فعل شَيْئا من هَذِه الْأَشْيَاء بِامْرَأَة لابيه على شُبْهَة نِكَاح اَوْ شُبْهَة ملك فان امْرَأَة الاب تحرم عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالثَّامِن اذا اعتقت الامة اَوْ الْمُدبرَة اَوْ الْمُكَاتبَة اَوْ ام الْوَلَد فأختارت نَفسهَا وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالتَّاسِع الصبية اذا زَوجهَا وَليهَا غير الاب فأدركت فأختارت نَفسهَا وَفرق القَاضِي بَينهمَا وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وَلَيْسَ بِطَلَاق
والعاشر امْرَأَة نكحت رجلا على انه قرشي اَوْ عَرَبِيّ فاذا هُوَ من الموَالِي فأختارت نَفسهَا وَفرق القَاضِي وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالْحَادِي عشر اذا ارْتَدَّت الْمَرْأَة عَن الْإِسْلَام بَطل النِّكَاح وَلَيْسَ بطلَان
وَالثَّانِي عشر اذا أسلم الرجل وأبت الْمَرْأَة وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالثَّالِث عشر الْمُسلم اذا كَانَ تَحْتَهُ كِتَابِيَّة فتمجست كَانَت فرقة وَلَيْسَ بِطَلَاق

(1/355)


وَالرَّابِع عشر اذا ملك اُحْدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحبه اَوْ شِقْصا مِنْهُ فان النِّكَاح يفْسد وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَالْخَامِس عشر الرجل لَهُ امْرَأَة كَبِيرَة واخرى صَغِيرَة رضيعة فأرضعت الْكَبِيرَة الصَّغِيرَة حرمت عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِطَلَاق

فرقة اللّعان وَمَا اليها
واما فرقة اللّعان والعنين والايلاء فَكلهَا طَلَاق عِنْد الْفُقَهَاء

كِتَابَة الطَّلَاق
قَالَ وَكِتَابَة الطَّلَاق على وَجْهَيْن
احدهما على وَجه الرسَالَة
وَالْآخر على غير الرسَالَة
فَأَما الرسَالَة فعلى وَجْهَيْن
احدهما ان يكْتب لامْرَأَته اذا جَاءَك كتابي هَذَا فَأَنت طَالِق ثمَّ هُوَ على خَمْسَة اوجه
احدهما ان يبلغ الْكتاب اليها على حَاله فَتطلق
وَالثَّانِي ان يفقد الْكتاب فِي الطَّرِيق وَلَا يبلغ اليها فانها لَا تطلق

(1/356)


وَالثَّالِث ان يمحو مَوضِع الطَّلَاق ثمَّ يبلغهَا الْكتاب فالاولى فِي قَول ابي عبد الله انها لَا تطلق لانه جعل الْكتاب بِمَنْزِلَة الْخطاب
واما ابو حنيفَة فأوقع الطَّلَاق اذا جاءها الْكتاب وَقد ترك مَا يكون كتابا مَعَه
وَالرَّابِع ان يمحو الصَّدْر اَوْ مَا سوى الصَّدْر وَيتْرك مَا لَا يكون كتابا فِي الْعرف لم تطلق بذلك
وَالْخَامِس ان يكْتب فِيهِ
اذا جَاءَك كتابي هَذَا فَأَنت طَالِق ومحى سائره حَتَّى خرج من ان يكون كتابا فِي الْعرف على مَا يكْتب النَّاس ثمَّ وصل الْكتاب لم تطلق فِي قَوْلهم
وَالْوَجْه الآخر ان يكْتب اليها
اما بعد فَأَنت طَالِق فانها تطلق سَاعَة كتب الْكتاب فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وان أَرَادَ ان يَقع الطَّلَاق حِين كتب الْكتاب فانه يَقع فِي قَوْلهم جَمِيعًا
واما الَّتِي هِيَ غير الرسَالَة فَهِيَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يكْتب على صحيفَة اَوْ على لوح اَوْ على الارض ان امْرَأَته طَالِق كتابا يستبين خطه وَقَالَ أردْت بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وان لم يرد بِهِ الطَّلَاق فَلَا يكون طَلَاقا وَيصدق فِي قَول عُلَمَائِنَا واما فِي الرسَالَة فَلَا

(1/357)


يصدق اذا قَالَ لم أرد بِهِ الطَّلَاق
وَالْوَجْه الآخر ان يكْتب كتابا لَا يستبين خطه فَلَا يكون طَلَاقا وان أَرَادَ بِهِ الطَّلَاق

طَلَاق الاخرس
قَالَ وَطَلَاق الاخرس على ثَلَاثَة اوجه
بالاشارة والايماء وَالْكِتَابَة فبأيها طلق تطلق امْرَأَته
واما اشارة الصَّحِيح وايماؤه فِي حكم لَهَا دون الْكَلَام
واما كِتَابه الصَّحِيح فَلهُ حكم كِتَابَة الاخرس وَتطلق بهَا الْمَرْأَة اذا أَرَادَ بهَا الطَّلَاق
تَعْلِيق الطَّلَاق على مَشِيئَة الْمَرْأَة ورغبتها اَوْ على ميلها القلبي
قَالَ وَتَعْلِيق الطَّلَاق على شَيْء فِي قلب الْمَرْأَة على سِتَّة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق ان شِئْت
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق ان أردْت
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق ان هويت
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق ان تمنيت
وَالْخَامِس ان يَقُول انت طَالِق ان رضيت
وَالسَّادِس ان يَقُول انت طَالِق إِن احببت
وَحكم هَذِه الاشياء كلهَا مَا تجيب بلسانها دون مَا تخفي فِي ضميرها
وان قَالَ ان كنت تجينني اَوْ تكرهينني فانت طَالِق فان هذَيْن على مَا فِي الْقلب من الْحبّ والبغض دون مَا تظهر بلسانها فان كَانَ فِي قَلبهَا لَهُ حبه اَوْ بغضه تطلق والا فَلَا تطلق هَذَا وَجه الْقيَاس وَفِي الِاسْتِحْسَان طَلاقهَا مُتَعَلق بِجَوَاب لسانها

(1/358)


حكم الْمَشِيئَة
ثمَّ حكم الْمَشِيئَة على سِتَّة أوجه
احدها ان يعلق الطَّلَاق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى فَيَقُول انت طَالِق ان شَاءَ الله وَقد تقدم ذكرهَا فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء
وَالثَّانِي ان يعلق الطَّلَاق بِمَشِيئَة نَفسه فَيَقُول انت طَالِق ان شِئْت فان قَالَ شِئْت فِي ذَلِك الْمَكَان تطلق الْمَرْأَة وان قَامَ اَوْ نَام اَوْ اشْتغل بِشَيْء بطلت هَذِه الْمَشِيئَة
وَالثَّالِث ان يعلق الطَّلَاق بِمَشِيئَة الْمَرْأَة فَيَقُول انت طَالِق ان شِئْت فان شَاءَت فِي ذَلِك الْمَكَان طلقت وان قَامَت من ذَلِك الْمَكَان اَوْ نَامَتْ اَوْ اشتغلت بِشَيْء فَلَا مَشِيئَة لَهَا بعد ذَلِك
وَلَو قَالَ انت طَالِق ان شِئْت
فَقَالَت شِئْت ان شِئْت فَلَا تطلق لخُرُوج الامر من يَدهَا وَكَذَلِكَ لَو قَالَت شِئْت ان شَاءَ فلَان
وَالرَّابِع ان يعلق الطَّلَاق بِمَشِيئَة اجنبي فَيَقُول انت طَالِق ان شَاءَ فلَان فَفِي اي مجْلِس بلغ اليه الْخَبَر اولا فشاء تطلق وان قَامَ من الْمجْلس اَوْ نَام اَوْ اشْتغل بِشَيْء خرج الامر من يَده
وان قَالَ انت طَالِق ان شَاءَ فلَان وَفُلَان ميت سَوَاء علم بذلك اَوْ لم يعلم فانها لَا تطلق
وَالْخَامِس ان يعلق الطَّلَاق بِمَشِيئَة اُحْدُ من الْحَيَوَان الَّذِي لَا نطق لَهُ وَهُوَ ان يَقُول انت طَالِق ان شَاءَت هَذِه الْبَقَرَة اَوْ هَذِه الشَّاة اَوْ هَذِه الْفرس وَنَحْو ذَلِك فانها لَا تطلق

(1/359)


وَالسَّادِس ان يعلق الطَّلَاق على مَشِيئَة شَيْء من الجماد وَهُوَ ان يَقُول انت طَالِق ان شَاءَ هَذَا الْحجر اَوْ هَذَا الْمدر اَوْ هَذَا الْحَائِط فانها لَا تطلق
التَّعْلِيق على مَشِيئَة مَوْصُوفَة
ثمَّ ان وصف الْمَشِيئَة على سِتَّة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق مَتى شِئْت اَوْ مَتى مَا شِئْت فان الطَّلَاق بِيَدِهَا فِي الْمجْلس وَبعد الْمجْلس لَا يَقع على الاوقات والازمنة فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي اي زمَان شِئْت اَوْ حِين شِئْت فان شَاءَت مرّة طلقت ثمَّ شَاءَت بعد ذَلِك لم تطلق ايضا وانما هُوَ على تطليقه وَاحِدَة
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ طَلِّقِي نَفسه مَتى شِئْت
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق مَتى شِئْت اَوْ اذا شِئْت فَحكم هَذَا القَوْل كَحكم الاول بِعَيْنِه
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق كلما شِئْت اَوْ طَلِّقِي نَفسك كلما شِئْت فلهَا ان تطلق نَفسهَا وَاحِدَة بعد وَاحِدَة فِي الْمجْلس وبعدالمجلس حَتَّى تبين بِثَلَاثَة وان نهاها فَهُوَ نهى وَلَيْسَ لَهَا أَمر بعد ذَلِك فِي قَول زفر وابي عبد الله
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق كَيفَ شِئْت فان هَذَا يَقع على الْبَائِن والرجعي الا ان يُرِيد الْعدَد فان قَالَ الزَّوْج اردت الرَّجْعِيّ وَقَالَت الْمَرْأَة أردْت الْبَائِن فَهُوَ كَمَا قَالَت الْمَرْأَة
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الزَّوْج بَائِن قَالَت الْمَرْأَة رَجْعِيّ فَهُوَ رَجْعِيّ
وَكَذَلِكَ فِي الْعدَد فان الْعبْرَة بِالْعدَدِ الَّذِي ارادته دون مَا أَرَادَ

(1/360)


الرجل
وَلَا يَقع شَيْء حَتَّى تشَاء ذَلِك فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول ابي حنيفَة وَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا وَهِي وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَلها ان تجْعَل الطَّلَاق ثَلَاثًا وان تَجْعَلهُ بَائِنا
وَالْخَامِس ان يَقُول انت طَالِق كم شِئْت فان هَذَا يَقع على الْعدَد وَتطلق مَا شَاءَت من الْعدَد فان قَالَ الرجل اردت ثَلَاثًا وَقَالَت وَاحِدَة فَهُوَ وَاحِدَة وان قَالَ الرجل اردت وَاحِدَة وَقَالَت ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاث وان قَامَت من الْمجْلس قبل ان تشَاء بَطل ذَلِك كُله
وَالسَّادِس ان يَقُول انت طَالِق ايْنَ شِئْت وَحَيْثُ شِئْت فَهَذَا يَقع على الامكنة فلهَا ان تشَاء مَكَانهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ وَفِي اي مَكَان صَارَت اليه وقيامها لَا يخرج الامر من يَدهَا فِي قِيَاس قَول ابي عبد الله
وَلَو قَالَ لَهَا انت طَالِق ان شِئْت فَقَالَت قد احببته وهويته لم يَقع شَيْء فِي قَول فقهائنا وَلَو قَالَ انت طَالِق ان احببت اَوْ هويت فَقَالَت شِئْت وَقع الطَّلَاق فِي قَوْلهم وَقَالَ الشَّيْخ وَالَّذِي عِنْدِي انهما سَوَاء وَلَا يَقع شَيْء لَان الْمَشِيئَة غير الْمحبَّة
قَالَ واذا طلق الرجل بعض نِسَائِهِ وَلَا يدْرِي ايهن طلق فان ذَلِك على ثَلَاثَة أوجه
احدها ان يَقُول احدى نسَائِي طَالِق لَا يَنْوِي احداهن بِعَينهَا فَلهُ ان يُوقع ذَلِك على ايهن شَاءَ وَسَوَاء طلق ثَلَاثًا اَوْ وَاحِدَة
وَكَذَلِكَ لَو طلق ثِنْتَيْنِ من نِسَائِهِ اَوْ ثَلَاثًا لَا ينوى باعيانهن فانه يُخَيّر فِيهِنَّ

(1/361)


وَالثَّانِي ان يُطلق وَاحِدَة بِعَينهَا ثمَّ ينسى وَلَا يدْرِي ايتهن هِيَ فَهِيَ ثَلَاثَة أوجه
احدها ان يطلقهَا وَاحِدَة اَوْ تنتين وَقد دخل بِهن فانه يراجعهن كُلهنَّ
وَالثَّانِي اذا لم يكن دخل بِهن فانه يُعِيد التَّزَوُّج بِهن
وَالثَّالِث اذا طلق ثَلَاثًا فانه يعتزلهن كُلهنَّ وَيَنْبَغِي لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى ان يُطلق كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَاحِدَة ثمَّ يتركهن حَتَّى تَنْقَضِي عدتهن وَلَا يتَزَوَّج وَاحِدَة مِنْهُنَّ حَتَّى يعلم صَاحِبَة الثَّلَاث فان تزوج وَاحِدَة مِنْهُنَّ اَوْ ثِنْتَيْنِ اَوْ ثَلَاثًا كن لَهُ ذَلِك وَلَا يمْنَع مِنْهُنَّ فان تزوج الرَّابِعَة منع مِنْهُنَّ حَتَّى يبين وايتهن عَادَتْ اليه بعد زوج فانها تحل لَهُ فان ابان ان يعتزلهن وَيُطلق احداهن ثَلَاثًا فانه يحلف على وَاحِدَة مِنْهُنَّ فأيتهن حلف لَهَا تركت مَعَه وايتهن ابا فِيهَا الْيَمين فرق بَينه وَبَينهَا فان حلف لَهُنَّ كُلهنَّ لم يَنْفَعهُ ذَلِك بعد أَن أقرّ وَيحبس حَتَّى يبين وان ابا الْيَمين عَلَيْهِنَّ فرق بَينه وبينهن
وَالثَّالِث ان يُطلق احدى نِسَائِهِ بِعَينهَا وَلم يبين حَتَّى مَاتَ وَلم يعلم ايتهن الْمُطلقَة فان كَانَ الطَّلَاق ثَلَاثًا اَوْ وَاحِدَة بَائِنَة فان مِيرَاث النسْوَة بَينهُنَّ سَوَاء الرّبع كَانَ اَوْ الثّمن وَكَذَلِكَ ان كَانَت وَاحِدَة يملك الرّجْعَة اَوْ ثِنْتَيْنِ وَقد انْقَضتْ عدتهن جَمِيعًا اَوْ لم تنقض عدتهن وَلَا عدَّة شَيْء مِنْهُنَّ فَهُوَ سَوَاء وان انْقَضتْ عدَّة وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَلم يكن رَاجع فانه للمنقضية الْعدة ثمن مِيرَاث النِّسَاء وَنصف ثمن وَالْبَاقِي للثلاث الاخريات بِالسَّوِيَّةِ ولهن مهورهن اذا كَانَ دخل بِهن وان انْقَضتْ عدَّة اثْنَتَيْنِ والمسئلة بِحَالِهَا فللتي انْقَضتْ عدتهَا ربع الْمِيرَاث وسدسه بَينهَا سَوَاء وللباقيتين مَا بَقِي بَينهمَا سَوَاء

(1/362)


وان انْقَضتْ عدَّة ثَلَاث مِنْهُنَّ فللتي لم تنقض عدتهَا ثمن الْمِيرَاث وَنصف الْمِيرَاث وَمَا بَقِي بَين الْبَوَاقِي سَوَاء ولهن مهورهن وعليهن عدَّة المتوفي عَنْهُن أَزوَاجهنَّ وَذَلِكَ لَان كل وَاحِدَة من اللائي انْقَضتْ عدتهن تَرث فِي ثَلَاثَة أَحْوَال وَلَا تَرث فِي حَال شلها ربع مَالهَا فِي الأجوال

تمْلِيك الْمَرْأَة الطَّلَاق
واما تمْلِيك الْمَرْأَة الطَّلَاق فَهُوَ على عشرَة اوجه
احدها ان يَقُول الرجل لامْرَأَته انت طَالِق ان شِئْت
وَالثَّانِي ان يَقُول انت طَالِق ان اردت
وَالثَّالِث ان يَقُول انت طَالِق ان تمنيت
وَالرَّابِع ان يَقُول انت طَالِق ان هويت
وَالْخَامِس ان يَقُول انت طَالِق ان رضيت
وَالسَّادِس ان يَقُول انت طَالِق انت اجبت
وَقد ذكرنَا أَحْكَامهَا فِي بَاب الْمَشِيئَة
وَالسَّابِع ان يَقُول ان طَالِق ان فعلت كَذَا
وَالثَّامِن ان يَقُول طَلِّقِي نَفسك ان شِئْت
وَالتَّاسِع ان يَقُول اخْتَارِي
والعاشر ان يَقُول أَمرك بِيَدِك
تَعْلِيق الطَّلَاق على فعلهَا شَيْئا
واذا قَالَ الرجل لامْرَأَته ان فعلت كَذَا فَأَنت طَالِق فانه على ثَلَاثَة أوجه
احدها ان تَفْعَلهُ عمدا طَوْعًا فانها تطلق

(1/363)


وَالثَّانِي ان تَفْعَلهُ مَجْنُونَة اَوْ نَائِمَة فانها تطلق
وَالثَّالِث ان تَفْعَلهُ ناسية أَو مُكْرَهَة فانها تطلق فِي قَول الْفُقَهَاء
وَلَا تطلق فِي قَول ابي عبد الله
واذا قَالَ طَلِّقِي نَفسك ان شِئْت فَطلقت نَفسهَا فِي الْمجْلس تطلق وان قَامَت واشغلت بِأَمْر حَتَّى يعرف انها تركت الامر فَلَا تطلق اذن واذا طلقت نَفسهَا فَهِيَ تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة
وان قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَت اخْتَرْت نَفسِي فِي ذَلِك الْمجْلس طلقت طَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة فِي قَول ابي عبد الله وَهُوَ قَول عمر وَابْن مَسْعُود وَعَائِشَة وابراهيم وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وروى ذَلِك ايضا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت واما فِي اقوال الْفُقَهَاء فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة
وان قَالَت اخْتَرْت اهلي اَوْ ابي اَوْ امي فَكَذَلِك تطلق
وان قَالَت اخْتَرْتُك لَا يَقع شَيْء
وَكَذَلِكَ ان قَالَت اخْتَرْت اخي اَوْ اختي اَوْ احدا سوى الْأَهْل وَالْأَب والام
وَلَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَت اخْتَرْت نَفسِي اَوْ طلقت نَفسِي اَوْ خليت نَفسِي اَوْ ابنت نَفسِي فَهُوَ سَوَاء وَهِي تَطْلِيقَة وَيملك الرّجْعَة فِي قِيَاس قَول ابي عبد الله
واذا قَالَ لَهَا أَمرك بِيَدِك فحكمة كَحكم قَوْله اخْتَارِي فِي قَول ابراهيم ومسروق وَالشعْبِيّ وَهُوَ قَول ابي عبد الله
واما الْخِيَار فَلَا يكون الا وَاحِدَة وان نوى ثَلَاثًا بِلَا اخْتِلَاف بَين الْفُقَهَاء وان كَانَت هِيَ البائنة عِنْدهم

(1/364)


وَلَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي ثَلَاثًا فأختارت هِيَ وَاحِدَة فَهِيَ وَاحِدَة
وان قَالَ لَهَا اخْتَارِي وَاحِدَة فَاخْتَارَتْ ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَة عِنْد ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول ابي حنيفَة لَا يَقع شَيْء
واذا خَيرهَا فَقَالَت اخْتَرْت نَفسِي لَا بل زَوجي لَا تطلق فِي قَول ابي عبد الله وَلَا بل عِنْده اسْتثِْنَاء وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه تطلق وَلَا بل عِنْدهم اسْتِدْرَاك
وَلَو نزع الامر من يَدهَا قبل ان تخْتَار نَفسهَا وَقبل ان تطلق فقد خرج الامر من يَدهَا فِي قَول الشَّيْخ وَلَيْسَ نَهْيه بِشَيْء فِي قَول الْفُقَهَاء
وان شربت مَاء اَوْ اكلت لقْمَة اَوْ عملت شَيْئا لم يخرج الامر من يَدهَا
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ طَلِّقِي نَفسك ان شِئْت فَلهُ ان يَنْهَاهَا عَن ذَلِك
وَلَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك ان شِئْت اَوْ اردت اَوْ تمنيت اَوْ احببت أَو هويت اَوْ رضيت ثمَّ نهاها قبل ان تشَاء فَلَيْسَ نَهْيه بِشَيْء لانه علق الطَّلَاق بمشيئتها
الْخلْع
قَالَ الْخلْع على وَجْهَيْن
خلع على جعل وخلع على غير جعل

(1/365)


فَالَّذِي على غير جعل هُوَ ان يَقُول الرجل لامْرَأَته خلعتك وَيُرِيد بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق بَائِن فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول الشَّافِعِي وَأحمد بن حَنْبَل الْخلْع لَيْسَ بِطَلَاق بل هُوَ فسخ النِّكَاح وَالَّذِي يكون على جعل فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يكون الْجعل معينا
وَالْآخر ان يكون الْجعل غير معِين
فَأَما الْمعِين فَيَأْخذهُ بِعَيْنِه وَلَيْسَ لَهُ غير ذَلِك وَالَّذِي هُوَ غير معِين فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما مَعْلُوم
وَالْآخر غير مَعْلُوم
فالمعلوم يَأْخُذهُ وسطا
والمجهول يرجع عَلَيْهَا بمهرها

الفاظ الْخلْع
والفاظ الْخلْع خَمْسَة
احدها ان تَقول الْمَرْأَة لزَوجهَا طَلقنِي على الف دِرْهَم فَطلقهَا
وَالثَّانِي اخلعني على الف دِرْهَم فخلعها
وَالثَّالِث ان تَقول بارئني على الف دِرْهَم فَقَالَ بارئتك
وَالرَّابِع ان تَقول بعنى طَلَاقي على ألف دِرْهَم فَبَاعَهُ مِنْهَا
وَالْخَامِس ان تَقول اشْتريت مِنْك طَلَاقي بِأَلف دِرْهَم
فاذا اجابها فِي الْمجْلس فِي جَمِيع مَا ذكر تطلق وَيلْزم الْمَرْأَة الالف

الْخلْع بالجعل
قَالَ وَالْخلْع بالجعل على سِتَّة اوجه

(1/366)


احدها ان يخلعها بِمَال يَأْخُذهُ مِنْهَا سوى الْمهْر
وَالثَّانِي ان يخلعها بِنَفَقَة عدتهَا
وَالثَّالِث ان يخلعها بمهرها
وَالرَّابِع ان يخلعها برضاع وَلَدهَا مِنْهُ الى الْحَوْلَيْنِ وَالْخَامِس أَن يخلعها بِنَفَقَة وَلَدهَا مِنْهُ إِلَى سنة والى سنتَيْن اَوْ اكثر وان مَاتَ الْوَلَد فِي بعض السّنة اخذ مِنْهَا نَفَقَة الْبَاقِي وكل هَذَا جَائِز
وَيحل للزَّوْج مَا يَأْخُذ مِنْهَا اذا كَانَ النُّشُوز من قبلهَا
والافضل ان لَا يَأْخُذ الا مَا اعطاها من الْمهْر اذا كَانَ النُّشُوز من قبله وَلَا يحل لَهُ شَيْء من ذَلِك
فاذا خلعها بِالسُّكْنَى فالخلع جَائِز وَالسُّكْنَى ثَابت لَهَا وَلَا يبطل

النِّسَاء فِي الْخلْع
قَالَ وَالنِّسَاء فِي الْخلْع سبع
احداهن الْكَبِيرَة وَهِي مَا ذكرنَا على قَلِيل اَوْ كثير
وَالثَّانيَِة الصَّغِيرَة اذا اخْتلعت بمهرها فانها تبين وَالْمهْر على الزَّوْج لَازم وَلَو كَانَ طَلقهَا على مهرهَا طلقت وَكَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا وَكَانَ الْمهْر على الزَّوْج اذا دخل بهَا وَنصف الْمهْر ان لم يدْخل بهَا
وَلَو ولي الْخلْع ابوها اَوْ اُحْدُ اقربائها اَوْ رجل اجنبي فانه ينْصَرف الى أَرْبَعَة أوجه
احدها ان يَقُول لزَوجهَا اخْلَعْهَا فَقَالَ خلعتها بَانَتْ وَعَلِيهِ الْمهْر
وَالثَّانِي ان يَقُول اخْلَعْهَا بمهرها وَلَا يضمن ذَلِك فخلعها بَانَتْ مِنْهُ وَلَا يبرأ من الْمهْر أَيْضا

(1/367)


وَالثَّالِث ان يَقُول اخْلَعْهَا بمهرها وَيضمن الْمهْر فاذا خلعها بَانَتْ فاذا بلغت وابرأت الزَّوْج برأَ الاب وان طلبته فلهَا ذَلِك وَيرجع الزَّوْج بذلك على الاب
وَالرَّابِع ان يخلعها يَجْعَل من عِنْد ابيها فَهُوَ جَائِز ومهرها على الزَّوْج
وَالثَّالِثَة المعتوهة وَحكمهَا كَحكم الصَّغِيرَة سَوَاء
وَالرَّابِعَة الامة اذا اخْتلعت من زَوجهَا بمهرها اَوْ بِمَال آخر اَوْ طلقت على ذَلِك فالطلاق بَائِن فِي ذَلِك كُله وَعَلَيْهَا المَال فاذا اعتقت يَأْخُذهَا بذلك كُله اذا اخْتلعت بِغَيْر اذن سَيِّدهَا واذا اخْتلعت بأذن سَيِّدهَا لزَوجهَا ذَلِك وبيعت فِيهِ
وَالْخَامِسَة الْمُدبرَة
وَالسَّادِسَة ام الْوَلَد وحكمهما حكم الامة فِي ذَلِك الا انهما اذا اختلعتا بأذن الْمولى فانهما تسعيان فِي ذَلِك
وَالسَّابِعَة الْمُكَاتبَة فان أَمر مَوْلَاهَا وَغير أمره سَوَاء وَتُؤْخَذ بِهِ اذا عتقت
وَالطَّلَاق بَائِن فِي ذَلِك كُله

الايلاء
قَالَ والايلاء من طَلَاق الْجَاهِلِيَّة وَحكمه فِي الاسلام كَمَا سنرى

(1/368)


الفاظ الايلاء
والفاظ الايلاء على وَجْهَيْن مفصح وَمَكني
فالمفصح أَرْبَعَة وَهُوَ ان يَقُول
وَالله لَا اجامعك اَوْ لَا اباضعك اَوْ لَا اقربك اَوْ لاغتسل مِنْك من الْجَنَابَة
والمكنى ان يَقُول
وَالله لَا أَتَيْتُك اَوْ لَا يجْتَمع رَأْسِي ورأسك على وسَادَة اَوْ لَا اضاجعك اَوْ لَا اناومك
فَأن قَالَ لم اعن فِيهَا الْجِمَاع صدق فِي قَوْلهم جَمِيعًا
قَالَ والايلاء كل يَمِين يمْنَع الرجل عَن مُبَاشرَة امْرَأَته اربعة أشهر فَصَاعِدا حَتَّى لَا يقدر ان يُجَامِعهَا الا ان يَحْنَث

انواع الايلاء
والايلاء على ثَلَاثَة اوجه
احدها مؤبد
وَالثَّانِي مَجْهُول
وَالثَّالِث موقت
الايلاء المؤبد
فَأَما المؤبد فَهُوَ ان يَقُول لامْرَأَته
وَالله لَا اقربك ابدا اَوْ نَحوه
فَأن قربهَا قبل مُضِيّ اربعة أشهر فقد حنث وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة ان كَانَت يَمِينه بِاللَّه وان كَانَت بِشَيْء آخر فقد وَقع ذَلِك عتقا اَوْ طَلَاقا اَوْ غَيرهمَا وان لم يقربهَا بَانَتْ مِنْهُ بتطليقه ثمَّ لَو تزَوجهَا بعد ذَلِك وقربها حنث فِي

(1/369)


يَمِينه وان لم يقربهَا حَتَّى مَضَت أَرْبَعَة اشهر بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّانِيَةِ ثمَّ لَو تزَوجهَا بالثالثة وقربها حنث فِي يَمِينه وان لم يقربهَا حَتَّى مَضَت اربعة أشهر بَانَتْ مِنْهُ بالثالثة وَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَيدخل بهَا

الايلاء الْمَجْهُول
واما الايلاء الْمَجْهُول فَهُوَ ان يَقُول
وَالله لَا أقْربك وَلم يُقَيِّدهُ بالابد فَحكمه حكم الابد سَوَاء بِسَوَاء كَمَا ذكرنَا
الايلاء الموقت
واما الموقت فَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يُوَقت بِأَكْثَرَ من أَرْبَعَة اشهر
وَالثَّانِي ان يُوَقت الى اربعة اشهر
وَالثَّالِث ان يُوَقت دون اربعة اشهر فان قربهَا كفر عَن يَمِينه وان لم يقربهَا حَتَّى مَضَت تِلْكَ الْمدَّة فان الْمَرْأَة لَا تطلق كَمَا الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ شهرا وَلم يقربهن
وَمَا كَانَ اربعة اشهر فَصَاعِدا فان قربهَا قبل مُضِيّ تِلْكَ الاشهر حنث فِي يَمِينه وان لم يقربهَا حَتَّى مَضَت اربعة اشهر بَانَتْ بتطليقه
الفى
قَالَ والفيء على وَجْهَيْن

(1/370)


احدهما بِالْجِمَاعِ
وَالثَّانِي بِاللِّسَانِ
اما الْفَيْء بِالْجِمَاعِ فَهُوَ لمن يقدر عَلَيْهِ
واما الْفَيْء بِاللِّسَانِ فَهُوَ لمن لم يقدر على الْجِمَاع وَهُوَ لعشرة اصناف
احدهم إِذا كَانَ الرجل مَرِيضا وَلَا يَسْتَطِيع ان يُجَامع
وَالثَّانِي ان تكون الْمَرْأَة مَرِيضَة مجامعتها لَا تستطاع
فان قدر الْمَرِيض اَوْ زَوجته على الْقرب مِنْهَا فِي الاربعة الاشهر بعد فيئه بِلِسَانِهِ اَوْ قبل فيئه بِلِسَانِهِ لم يكن فيئه بِلِسَانِهِ فَيْئا وفيئه كفيء الصَّحِيح الَّذِي لَا مَانع لَهُ وَهَذَا قَول الْفُقَهَاء
وَفِي قَول الشَّافِعِي ان ابى وَهُوَ صَحِيح ثمَّ مرض ففاء بِلِسَانِهِ ففيئه فَيْء وَهُوَ قَول النَّخعِيّ والاوزاعي
وَالثَّالِث اذا كَانَ الرجل مَحْبُوسًا لَا يُمكنهُ الْقرب من امْرَأَته
وَالرَّابِع اذا كَانَ الرجل مَجْنُونا اَوْ لَا يكون مِنْهُ الْجِمَاع
وَالْخَامِس ان يكون بَينه وَبَين الْمَرْأَة اربعة اشهر فَصَاعِدا
وَالسَّادِس اذا كَانَت الْمَرْأَة رتقاء
وَالسَّابِع إِذا كَانَت الْمَرْأَة قرناء اَوْ عفلاء
وَالثَّامِن اذا كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة لَا تحمل الْجِمَاع
وَالتَّاسِع كل مَا يمْنَع الرجل عَن مُبَاشرَة امْرَأَته وكل مَا كَانَ بِالْمَرْأَةِ فَمنع الرجل عَن اتيانها فِي الاربعة الاشهر حَتَّى مَضَت الاربعة الاشهر بَانَتْ الْمَرْأَة اذا لم يفِيء اليها لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِاللِّسَانِ عِنْد ابي حنيفَة واصحابه
وَقَالَ وعزيمة الطَّلَاق عِنْدهم انْقِضَاء الاربعة الاشهر وَقَالَ الشَّافِعِي

(1/371)


وَمَالك يُوقف الرجل بعد الاربعة الاشهر فَأَما ان يفِيء واما ان يُطلق وَلَا يمهله الْحَاكِم فِي ذَلِك اكثر من يَوْم وَلَيْلَة وَهُوَ قَول عُثْمَان وَعَائِشَة وَابْن عمر وَعلي رض الله عَنْهُم
قَالَ وَلَو آلى مِنْهَا العَبْد فان ايلاءه ايلاء الْحر فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك واما فِي قَول الْفُقَهَاء فايلاء العَبْد اربعة اشهر اذا كَانَت امْرَأَته حرَّة وان كَانَت امة فشهران
قَالَ وَلَو ان الذِّمِّيّ آلي من امْرَأَته فان ايلاءه كايلاء الْمُسلم فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله الكرامي ايلاؤه لَيْسَ بأيلاء الا ان يكون يَمِينه بِطَلَاق اَوْ عتق فَيكون ايلاء حنث لِأَن الذِّمِّيّ اذا حنث فِي يَمِينه بِاللَّه لَا تلْزمهُ كَفَّارَة وَالطَّلَاق وَالْعِتْق يلْزمه كَذَلِك لَا يكون ايلاؤه ايلاء اذا كَانَ يَمِينا بِاللَّه اَوْ مَا يكون بِغَيْر الطَّلَاق وَالْعِتْق

الظِّهَار
وَالظِّهَار كَانَ ايضا من طَلَاق الْجَاهِلِيَّة فَجعل الله تَعَالَى حكمه فِي الاسلام خلاف ذَلِك
انواع الظِّهَار
وَعقد الظِّهَار على ثَلَاثَة اوجه

(1/372)


احدها ان يذكر شَيْئا من امْرَأَته مِمَّا يُسمى بِهِ جَمِيع جَسدهَا وَهُوَ عشرَة اشياء
احدها ن يَقُول نَفسك عَليّ كَظهر آمي اَوْ شخصك اَوْ بدنك اَوْ جسدك اَوْ جسمك اَوْ رَأسك أَو وَجهك اَوْ رقبتك اَوْ فرجك اَوْ روحك فَهَذِهِ كلهَا الفاظ الظِّهَار بِلَا خلاف
وَالْوَجْه الثَّانِي اذا ذكر بَعْضًا من نَفسهَا مشَاعا وَهُوَ ان يَقُول بعضك عَليّ كَظهر امي اَوْ ثلثك اَوْ ربعك اَوْ خمسك اَوْ سدسك اَوْ سبعك اَوْ تسعك اَوْ عشرك فانها كلهَا الفاظ الظِّهَار ايضا
وَالثَّالِث ان يذكر جارحه مِنْهَا غير مشاعة وَهُوَ ان يَقُول يدك عَليّ كَظهر امي اَوْ رجلك اَوْ عَيْنك اَوْ انْفَكَّ اَوْ فمك اَوْ اذنك اَوْ شعرك فانها كلهَا الفاظ الظِّهَار ايضا فِي قَول الشَّافِعِي وَزفر وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ بظهار وَلَا يكون لفظ من هَذِه الالفاظ ظِهَارًا حَتَّى يصفه ويشبهه بِأحد الالفاظ السِّتَّة من مُحرمَة من نسب اَوْ صهر أَو رضَاع والستة هِيَ
الظّهْر والبطن والفرج والدبر وَالْعجز والفخذ وَهُوَ ان يَقُول انت عَليّ كَظهر أُمِّي اَوْ بطن امي أَو كفرج امي اَوْ كدبر امي اَوْ كعجز أُمِّي وَكَذَلِكَ من الصهرية وَالرّضَاع
فان ذكر عضوا يحل النّظر اليه لَا يكون ظِهَارًا مثل الرَّأْس والعنق وَالْوَجْه وَغَيرهَا
وَلَو قَالَ انت عَليّ كأمي فان أَرَادَ بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وان أَرَادَ بِهِ الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وان لم ينْو بِهِ شَيْئا فَلَيْسَ بِشَيْء
وَلَو قَالَ انت عَليّ حرَام كأمي فان نوى بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وان

(1/373)


يُوصف بِهِ الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وان لم ينْو شَيْئا فَهُوَ ظِهَار لانه اقل الحرمتين
وَلَو قَالَ انت عَليّ حرَام كَظهر امي فَهُوَ ظِهَار لَا غير
وَلَو قَالَ انت عَليّ كَظهر امي فَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه ان اراد بِهِ التوكيد والتغليط اَوْ لم يكن لَهُ نِيَّة فَعَلَيهِ ثَلَاث كَفَّارَات وان أَرَادَ بِهِ التّكْرَار فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يكون مُظَاهرا حَتَّى يكون ظِهَاره مكررا تعلقا بقوله تَعَالَى {ثمَّ يعودون لما قَالُوا} المجادلة 3
مَعْنَاهُ الى تكْرَار مَا قَالُوا وَقَالَ فقهائنا بل مَعْنَاهُ ثمَّ يعودون الى تَحْلِيل مَا حرمُوا على انفسهم وَقَالَ ابو سهل ثمَّ يعودون فِي الاسلام الى مَا قَالُوا
وَلَو قَالَ لاربع نسْوَة انتن عَليّ كَظهر أُمِّي فَعَلَيهِ ارْبَعْ كَفَّارَات لاربع نسْوَة
وَنَحْو ذَلِك لَو ظَاهر الى مُدَّة فَقَالَ انتن عَليّ كَظهر أُمِّي الى شهر اَوْ شَهْرَيْن وَنَحْوه فانه لَا بُد لَهُ من الْكَفَّارَة وان مَضَت الْمدَّة فِي قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله اذا مَضَت الْمدَّة بَطل التَّحْرِيم
وَلَو ظَاهر من أمته فَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَقَالَ ابو حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ وابو عبد الله لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة وَلَا ظِهَار من ملك الْيَمين وَلَو ظَاهر الرجل فَلَا يحل لَهُ ان يطَأ امْرَأَته وَلَا يتلذذ بِشَيْء مِنْهَا حَتَّى يكفر فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالتَّابِعِينَ وَفِي قَول الشَّافِعِي لَهُ من المظاهرة مَا سوى الْجِمَاع من الْمُبَاشرَة والمعانقة والقبلة وَغَيرهَا من تَوَابِع الْوَطْء
قَالَ وَالْكفَّار عتق رَقَبَة فان لم يسْتَطع فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين فان لم يسْتَطع فأطعام سِتِّينَ مِسْكينا وَقد سبق الِاخْتِلَاف فِي الْكَفَّارَة

(1/374)


قَالَ وجماع الصّيام فِي كَفَّارَة الظِّهَار على وَجْهَيْن
احدهما ان يُجَامع امْرَأَته الَّتِي ظَاهر مِنْهَا
والاخر يُجَامع امْرَأَة اخرى لَهُ
ثمَّ كل وَاحِد مِنْهُمَا على وَجْهَيْن
فَأَما ان يُجَامع امْرَأَة أُخْرَى لَهُ عمدا نَهَارا اسْتَأْنف الصَّوْم مُتَّفقا وان جَامع نَهَارا نَاسِيا اَوْ لَيْلًا عَامِدًا يسْتَقْبل الصَّوْم
وان جَامعهَا نَاسِيا بِالنَّهَارِ اَوْ عَامِدًا بِاللَّيْلِ فَفِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَالنَّخَعِيّ يسْتَقْبل الصَّوْم وَفِي قَول ابي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله يتم مَا بقى وَلَا يسْتَقْبل الصَّوْم لانه ان جَاءَ بِالْكَفَّارَةِ بَعْضهَا قبل الْمَسِيس وَبَعضهَا بعد الْمَسِيس اولى من ان يكون كلهَا بعد الْمَسِيس
وَكَذَلِكَ القَوْل فِي كَفَّارَة الْعتْق اذا اعْتِقْ بعضه وجامع امْرَأَته فِي قَول ابي حنيفَة لَان عِنْده اذا اعْتِقْ بعض العَبْد لم يعْتق كُله واما فِي قَول مُحَمَّد اذا اعْتِقْ بعضه عتق كُله فَكَأَنَّهُ اعْتِقْ العَبْد كُله قبل الْمَسِيس
وَلَو كَانَت الْكَفَّارَة بالاطعام فجامع بَعْدَمَا اطعم ثَلَاثِينَ نفسا اَوْ اقل اَوْ اكثر فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يسْتَأْنف مُتَّفقا لِأَن الله تَعَالَى لم يشْتَرط فِي الاطعام ترك الْمَسِيس كَمَا شَرط فِي الْعتْق وَالصِّيَام
وَكَذَلِكَ فِي سَائِر الْكَفَّارَات
قَالُوا وَلَو ظَاهر الرجل امْرَأَته وَهِي امة لغيره يكون مُظَاهرا مِنْهَا وَكَذَلِكَ العَبْد لَو ظَاهر من امْرَأَته كَانَ مُظَاهرا حرَّة كَانَت أَو أمة وَتَكون كَفَّارَته الصّيام

(1/375)


اللّعان
واما اللّعان فَأَنَّهُ يجب بَين المتناكحين اذا قذف الْمَرْأَة وَالْقَذْف على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يرميها بِالزِّنَا وَهُوَ ان يَقُول يَا زَانِيَة اَوْ انت زَانِيَة اَوْ انت مَعْرُوفَة بِالزِّنَا اَوْ يَقُول رَأَيْتُك تزنين فان لم يَأْتِ بأَرْبعَة شُهَدَاء يلاعنها اذا رفعت الى الْحَاكِم
وَالثَّانِي ان ينفى وَلَدهَا فَيَقُول لَيْسَ لي هَذَا الْوَلَد الَّذِي جِئْت بِهِ فَأن الْوَلَد لَا ينتفى مِنْهُ دون اللّعان فان لاعنها والا فَيكون الْوَلَد ثَابت النّسَب مِنْهُ
وَالثَّالِث ان يَنْفِي حملهَا وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقْوَال
قَالَ الشَّافِعِي اذا نفى الْحمل يُلَاعن فِي تِلْكَ السَّاعَة
وَقَالَ ابو حنيفَة لَا يُلَاعن الْبَتَّةَ وَرُبمَا عظم الْبَطن من الانتفاخ
وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد وابو عبد الله يُوقف اللّعان فان جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة اشهر مُنْذُ نفى الْحمل لاعنها وان جَاءَ بِهِ لاكثر لم يلاعنها

شَرَائِط اللّعان
وشرائط اللّعان سَبْعَة عِنْد الْفُقَهَاء
احدها الاسلام

(1/376)


وَالثَّانِي الْحُرِّيَّة
وَالثَّالِث الْعقل
وَالرَّابِع الْبلُوغ
وَالْخَامِس النُّطْق
وَالسَّادِس ان لَا يكون للْمَرْأَة وَطْء حرَام بِوَجْه من الْوُجُوه
وَالسَّابِع ان لَا تكون محدودة فِي الْقَذْف
وَكَذَلِكَ هَذِه الشَّرَائِط فِي الرجل وَفِي قَول ابي عبد الله الْمَحْدُود فِي الْقَذْف يُلَاعن وَكَذَلِكَ المحدودة فِي الْقَذْف تلاعن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
فاذا اجْتمع ذَلِك فِي الرجل وَالْمَرْأَة يتلاعنان

اقتران الْقَذْف بِالطَّلَاق
قَالَ واذا قرن الرجل الْقَذْف مَعَ الطَّلَاق فانه على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يَقُول انت طَالِق ثَلَاثًا يَا زَانِيَة فان الرجل يحد ويلاعن
وَالثَّانِي ان يَقُول يَا زَانِيَة انت طَالِق ثَلَاثًا فَلَا حد وَلَا لعان
وَالثَّالِثَة ان يَقُول يَا زَانِيَة انت طَالِق وانت طَالِق يَا زَانِيَة فانه يُلَاعن لَان الطَّلَاق رَجْعِيّ وَالنِّكَاح فائم بَينهمَا بعد

صُورَة اللّعان
قَالَ وَصُورَة اللّعان ان يُقيم الرجل حَتَّى يحلف بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ ارْبَعْ مَرَّات انه لمن الصَّادِقين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا اَوْ من نفي الْوَلَد وَالْخَامِس ان يَقُول ان لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من

(1/377)


الْكَاذِبين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا أَو من نفى الْوَلَد
ثمَّ يُقيم الْمَرْأَة فتحلف الْمَرْأَة بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ ان زَوجهَا من الْكَاذِبين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا اَوْ من نفى الْوَلَد وَالْخَامِسَة ان غضب الله عَلَيْهَا ان كَانَ من الصَّادِقين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا اَوْ نفى الْوَلَد
فاذا حلف فرق القَاضِي بَينهمَا وَالْحق الْوَلَد بِأُمِّهِ
قَالَ وَلَو حلفا الْكل اَوْ حلفا الاكثر وَفرق القَاضِي بَينهمَا وَقعت الْفرْقَة وان فرق القَاضِي بَينهمَا قبل اللّعان اَوْ كَانَ حلف كل مِنْهُمَا حلفا اَوْ حلفين اَوْ حلف الرجل وَلم تحلف الْمَرْأَة لم تقع الْفرْقَة بَينهمَا فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَفِي قَول زفر اذا فرغ كِلَاهُمَا من اللّعان وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وان لم يفرق القَاضِي وَفِي قَول الشَّافِعِي اذا فرغ من اللّعان وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا تقع الْفرْقَة بَينهمَا حَتَّى يفرق القَاضِي بَينهمَا فَيَقُول فرقت بَيْنكُمَا
قَالَ وَفرْقَة اللّعان طَلَاق فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَلَيْسَ بِطَلَاق فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك
وَيجوز ان يكذب الرجل نَفسه وَيحد
وَالثَّانِي ان يقذف احدا وَيحد
وَالثَّالِث ان يقذف الْمَرْأَة اُحْدُ فتحد فَعِنْدَ ذَلِك يجوز الِاجْتِمَاع بَينهمَا فِي قَوْلهَا لَان احدهما قد خرج من حد الشَّهَادَة
وَفِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز بَينهمَا على حَال لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام المتلاعنان لَا يَجْتَمِعَانِ ابدا

(1/378)