النتف في الفتاوى

كتاب الْملك

اسباب استرقاق الانسان
اعْلَم ان الانسان لَا يدْخل فِي ملك الانسان الا بِأحد وُجُوه سَبْعَة
بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَالْمِيرَاث وَالْوَصِيَّة وَالْغنيمَة وَالسَّرِقَة من دَار الْكفَّار
وَلَا يخرج الْمَمْلُوك من ملك سَيّده الا بِأحد وُجُوه سَبْعَة
احدها ان يملك اُحْدُ رحما محرما فانه يعْتق عَلَيْهِ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَلَا سِعَايَة عَلَيْهِ فِي شَيْء من قِيمَته وَلَا ثمنه وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يعْتق عَلَيْهِ
وَالثَّانِي ان يَبِيع العَبْد من نَفسه بِثمن مَعْلُوم فان العَبْد يعْتق عَلَيْهِ

(1/413)


مَكَانَهُ وَيصير الثّمن دينا عَلَيْهِ
وَالثَّالِث ان تكاتبه على شَيْء من الدَّرَاهِم اَوْ الدَّنَانِير اَوْ شَيْء من المعدات الاربع فاذا اداه عتق
وَالرَّابِع ان يدبره من ثلث مَاله بعد قوته فَلَا يجوز بَيْعه وَلَا هِبته وَلَا ان يخرج من ملكه بِوَجْه من الْوُجُوه سوى ان يعتقهُ اَوْ يكاتبه وَلَا رُجُوع لَهُ عَن التَّدْبِير فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله واما فِي قَول الشَّافِعِي فَيجوز بَيْعه وَيجوز ان يرجع عَن التَّدْبِير لانه التَّدْبِير عِنْده كَالْوَصِيَّةِ
وَالْخَامِس ان يستولد الامة فانه يحرم عَلَيْهِ بيعهَا وهبتها واخراجها من ملكه بِوَجْه من الْوُجُوه سوى ان يعتقها اَوْ يكاتبها فاذا مَاتَ الْمولى عتقت من رَأس مَاله وَكَذَلِكَ اولادها
وَالسَّادِس ان يشْهد رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ على حريَّة اُحْدُ أما على حريَّة الاصل اَوْ حريَّة الْعتَاقَة من أحد فانه يعْتق اذا ادّعى العَبْد الْحُرِّيَّة بِلَا خوف
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على حريَّة عبد وَالْعَبْد وَالْمولى ينكران ذَلِك فَلَا تجوز شهادتها وَلَا يعْتق فِي قَول أبي حنيفَة وَيعتق فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَتقبل شَهَادَتهمَا
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على حريَّة امة والامة وَالْمولى ينكران ذَلِك فان شَهَادَتهمَا جَائِزَة وتعتق الامة فِي قَوْلهم جَمِيعًا لانها فرج لَا يستباح فرج الا بِشَهَادَة شَاهِدين على تَحْرِيمه
قَالَ وَلَو شهد شَاهِدَانِ على حريَّة صبي وَالصَّبِيّ لَا يعرف ذَلِك فان شَهَادَتهمَا جَائِزَة وَتقبل وَيعتق الصَّبِي

(1/414)


وَلَو ان رجلا قَالَ لرجل اشترني فَانِي عبد فَاشْتَرَاهُ ثمَّ ادّعى بعد ذَلِك الْحُرِّيَّة فَلَا يلْتَفت الى قَوْله فان جَاءَ بِشَاهِدين يَشْهَدَانِ على حُرِّيَّته تقبل شَهَادَتهمَا وَيعتق فان كَانَ البَائِع حَاضرا اخذ الثّمن مِنْهُ وان غَائِبا غيبَة قريبَة طَالبه بِالثّمن ايضا وان كَانَ غَائِبا غيبَة بعيدَة فان المُشْتَرِي يَأْخُذ العَبْد بِالثّمن لانه غره حَيْثُ قَالَ اني عبد
وَالسَّابِع ان يعْتق الْمولى عَبده عتقا باتا فانه يخرج من ملكه فِي هَذِه الْوُجُوه السَّبْعَة
الفاظ الْعتْق
واما الْعتْق فانه على وَجْهَيْن مفصح وَمَكني
فَأَما المفصح فعلى خَمْسَة اوجه
وَهِي لَا تحْتَاج الى نِيَّة وَهِي ان يَقُول
انت حر وانت عَتيق وحررتك واعتقتك وفككتك
وَأما المكنى فعلى خَمْسَة أوجه
ان يَقُول اخرجتك من ملكي واطلقتك من الرّقّ وَلَا ملك لي عَلَيْك وملكتك نَفسك وخليت سَبِيلك فَأن اراد بِهِ الْعتْق عتق وان لم يرد فَلَا يعْتق كالفاظ المكني من الطَّلَاق
وَلَو قَالَ هُوَ حر وَهُوَ عَتيق اَوْ هُوَ مولَايَ اَوْ قَالَ يَا حر يَا عَتيق اَوْ يَا مولَايَ فان أَرَادَ بِهِ الْعتْق عتق وَأَن لم يرد بِهِ الْعتْق فَيكون اقرارا بِالْعِتْقِ وان قَالَ لم أرد بِهِ الاقرار بِالْعِتْقِ فَلَا يصدق فِي الْقَضَاء

(1/415)


انواع التَّدْبِير
وَالتَّدْبِير على وَجْهَيْن
احدها قبل الْمَوْت
وَالثَّانِي بعد الْمَوْت
فَالَّذِي قبل الْمَوْت فعلى وَجْهَيْن
احدهما ان يَقُول انت حر قبل موتِي فانه يعْتق فِي السَّاعَة اذا لم تكن لَهُ نِيَّة
وَالثَّانِي ان يَقُول انت حر بعد موتِي بِشَهْر فَيكون كَمَا قَالَ فان مَاتَ الْمولى بعد هَذَا القَوْل بِأَقَلّ من شهر بَطل هَذَا القَوْل وَلم يعْمل شَيْئا وان مضى شهر وَالْمولى حَيّ ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك فان ابا حنيفَة كَانَ يَقُول يعْتق قبل مَوته بِشَهْر كَمَا قَالَ وان كَانَ الْمولى صَحِيحا كَانَ العَبْد حرا فِي جَمِيع مَاله وان كَانَ مَرِيضا وَمَات فِيهِ كَانَ حرا من ثلث مَاله
وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد يكون فِي هَذَا حرا بعد موت مَوْلَاهُ من ثلث مَال مَوْلَاهُ
وَلَو قَالَ انت حر قبل قدوم فلَان بِشَهْر فَقدم فلَان قبل شهر كَانَ عبدا وَبَطل هَذَا القَوْل فَلم يعْمل شَيْئا وان مضى شهر ثمَّ قدم بعد ذَلِك فانه يكون حرا بعد الْقدوم فِي قَوْلهم جَمِيعًا
واما الَّذِي بعد الْمَوْت فانه على وَجْهَيْن

(1/416)


احدها ان يَقُول انت حر بعد موتِي اَوْ انت مُدبر اَوْ اعتقتك بعد موتِي فانه يعْتق بعد مَوته من ثلث مَاله وَجَرت الْحُرِّيَّة فِيهِ
وَالثَّانِي ان يَقُول انت حر بعد موتِي وَمَوْت فلَان فَلَيْسَ بمدبر الا ان يَمُوت فلَان قبله فَيكون مُدبرا

انواع الِاسْتِيلَاد
وَالِاسْتِيلَاد على وَجْهَيْن
احدهما ان يكون قبل ملكه
الآخر ان يكون بعد ملكه
فَالَّذِي قبل ملكه ان يتَزَوَّج الرجل امة فتلد لَهُ ثمَّ يَشْتَرِيهَا فانها تصير أم ولد لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا تصير ام ولدك
وَالْآخر ان يَشْتَرِي امهِ فيطأها فتلد لَهُ ولدا استبان خلقه فانها تصير أم ولد لَهُ
كَيْفيَّة الْعتْق
وَالْعِتْق على وَجْهَيْن
احدها للنَّفس كلهَا والاخر لِلنِّصْفِ
فَالْكل على وَجْهَيْن
بتاتا وتدبيرا وَقد ذَكرنَاهَا
وَالنّصف على وَجْهَيْن
أَحدهمَا ان يعْتق الرجل نصف عَبده فانه لَا يعْتق مِنْهُ الا مَا اعْتِقْ وَيسْعَى لَهُ فِي بَقِيَّة قِيمَته فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد

(1/417)


عتق العَبْد كُله وَلَيْسَ عَلَيْهِ السّعَايَة فِي نصفه وَعَن ابي عبد الله فِيهِ قَولَانِ قَول كَمَا قَالَ ابو حنيفَة وَقَول كَمَا قَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد
وَالْآخر ان يعْتق عبدا بَينه وَبَين رجل آخر فان شَرِيكه مُخَيّر فِي ثَلَاثَة اشياء فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله انه شَاءَ اعْتِقْ نصفه كَمَا اعْتِقْ صَاحبه وَالْوَلَاء بَينهمَا
وان شَاءَ استسعى العَبْد وَالْوَلَاء بَينهمَا وان شَاءَ ضمن صَاحبه نصف قيمَة العَبْد اذا كَانَ مؤسرا وَالْوَلَاء كُله للْمُعْتق وان كَانَ غير مُوسر فَهُوَ يُخَيّر فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوليين فَقَط وَلَا يعْتق مِنْهُ الا مَا أعتق
وَأما فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد اذا اعْتِقْ بعض العَبْد عتق كُله وَلَيْسَ لشَرِيكه نصِيبه لانه صَار بِمَنْزِلَة الْحر الْمَدْيُون وشريكه مُخَيّر فِي أَمريْن ان شَاءَ استسعى العَبْد وَالْوَلَاء بَينهمَا وان شَاءَ ضمن شَرِيكه نصف قيمَة العَبْد ان كَانَ مُوسِرًا وان كَانَ مُعسرا فَلَيْسَ لَهُ الا الِاسْتِسْعَاء واذا ضمن لشَرِيكه فَلهُ ان يرجع بذلك عَليّ العَبْد فِي قَول ابي حنيفَة وَلَيْسَ لَهُ ان يرجع فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله وَمَالك وَالشَّافِعِيّ
واما فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ اذا اعْتِقْ الرجل نصف عبد بَينه وَبَين شَرِيكه فان العَبْد يعْتق كُله ان كَانَ مؤسرا وَضمن حِصَّة شَرِيكه وان كَانَ مُعسرا اعْتِقْ نصِيبه دون نصيب الآخر وَله ان يَبِيعهُ ان شَاءَ اَوْ يستخدمه وَينْتَفع بِهِ قبل الْعتْق

ولد الامة بَين رجلَيْنِ
قَالَ واذا كَانَت أمة بَين رجلَيْنِ فَولدت ولدا كَانَ حكمه على ثَلَاثَة أوجه

(1/418)


احدها ان ينفيا الْوَلَد فَيكون عبدا لَهما
وَالثَّانِي ان يَدعِيهِ احدهما دون الآخر فانه يضمن لشَرِيكه نصف قيمَة الامة وَنصف الصَّغِير وَتَكون الامة أم ولد لَهُ وَلَا غرم عَلَيْهِ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول الشَّافِعِي وابي عبد الله الْوَلَد لَهُ ونصيبه من الامة وَهِي أم ولد لَهُ وَعَلِيهِ نصف قيمَة الْوَلَد ان كَانَ مُوسِرًا لشَرِيكه وان كَانَ مُعسرا سعى الْوَلَد فِي ذَلِك وان شَاءَ اعْتِقْ
واما الامة فنصيب شَرِيكه امة كَمَا كَانَ وَعلي مدعي الْوَلَد نصف قيمتهَا لشَرِيكه وان شَاءَ تَركهَا بِحَالِهَا
وَالثَّالِث ان يدعياه جَمِيعًا مَعًا فِي قَول الشَّافِعِي لَا يكون ولدا لَهما وَلَكِن يَدْعُو لَهُ الْقَافة فان الحقوه بِأَحَدِهِمَا لحق وان الحقوه بهما وقف أَمر حَتَّى يدْرك فينتسب الى احدهما وَلَا يكون لَهما جَمِيعًا بِحَال
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله هُوَ لَهما جَمِيعًا يرثهما ويرثانه وَهُوَ للْبَاقِي مِنْهُمَا

مطلب وَطْء الرجل جَارِيَة ابْنه
قَالَ واذا وطأ رجل جَارِيَة ابْنه فَولدت لَهُ فان الْأمة تكون أم ولد لَهُ وَيغرم الْقيمَة للِابْن وَيغرم عقرهَا وَلَا يغرم قيمَة الْوَلَد فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول الشَّافِعِي وابي عبد الله لَا تكون ام ولد لَهُ وَلَا يغرمها لَهُ وَلَا يغرم وَلَدهَا وَلَكِن يغرم عقرهَا
قَالَ واذا اعْتِقْ الرجل ام ولد لَهُ وَلغيره وَهُوَ مُوسر لم يضمن لشَرِيكه شَيْئا من قيمتهَا وَلَا تسْعَى الْمُعتقَة لشَرِيكه ايضا فِي شَيْء من قيمتهَا فِي قَول ابي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُعسرا فِي قَوْله وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد ان كَانَ

(1/419)


مُعسرا سعت الْمُعتقَة لشَرِيكه فِي قيمَة نصِيبه مِنْهَا

عبد بَين رجلَيْنِ دبره احدهما
قَالَ واذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فدبره احدهما وَهُوَ مُوسر فللآخر الْخِيَار فِي خَمْسَة اشياء
احدهما ان يضمنهُ ان شَاءَ
اَوْ يدبره كَمَا دبره صَاحبه
اَوْ يتْركهُ كَمَا هُوَ
اَوْ يستخدمانه جَمِيعًا
وان شَاءَ استعاه فِي قيمَة نصِيبه مِنْهُ
وان شَاءَ اعتقه
فَأن ضمنه كَانَ العَبْد الَّذِي دبره نصفه مُدبر وَنصفه غير مُدبر فاذا مَاتَ عتق نصفه من الثُّلُث وسعى فِي نصفه للْوَرَثَة وَالْوَلَاء نصفه للمدبر وَنصفه للْوَرَثَة فَمَا كَانَ للمدبر فللذكور من عصبته وَمَا كَانَ للْوَرَثَة فالذكور والاناث فِيهِ سَوَاء وَأَن دبره فَيكون مُدبرا بَينهمَا فاذا مَاتَا عتق من ثلثهما وان تَركه كَمَا هُوَ يستخدمانه فاذا مَاتَ الْمُدبر عتق نصِيبه من ثلثه للْآخر فِي نصِيبه وَالْوَلَاء بَينهمَا وان اعْتِقْ نصِيبه كَانَ لشَرِيكه الْمُدبر ان يضمنهُ قيمَة نصِيبه مُدبرا وان استسعى العَبْد فِي قيمَة نصِيبه فأداها فَعتق فَأن لشَرِيكه الْمُدبر ان يستسعى العَبْد فِي قيمَة نصِيبه وَلَيْسَ لَهُ ان يضمن شَرِيكه فِي هَذَا الْوَجْه قيمَة نصِيبه من العَبْد وَهَذَا كُله فِي قَول ابي حنيفَة
واما فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد اذا دبره الاول صَار مُدبرا كُله بتدبيره وعَلى الَّذِي دبره لشَرِيكه ضَمَان نصِيبه مِنْهُ مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا

(1/420)


لانه قد أفسد عَلَيْهِ عبدا وَالْعِتْق وَالتَّدْبِير عِنْدهمَا سَوَاء لَا يَجْتَمِعَانِ فِي نفس وَاحِد