النتف في الفتاوى

كتاب الْوَلَاء
انواع الْوَلَاء
وَالْوَلَاء على وَجْهَيْن
احدهما وَلَاء الْمُوَالَاة
وَالثَّانِي وَلَاء الْعتْق

(1/430)


وَلَاء الْمُوَالَاة
فولاء الْمُوَالَاة على ثَمَانِيَة اوجه
احدهما ان يسلم الرجل على يَد رجل ويواليه
وَالثَّانِي ان يسلم عل يَد رجل ويوالي غَيره
وَالثَّالِث ان يسلم على يَد اُحْدُ ثمَّ يوالي رجلا اَوْ امْرَأَة اَوْ الْمَرْأَة اسلمت فوالت رجلا اَوْ امْرَأَة على الْوُجُوه الثَّلَاثَة فَكلهَا جَائِز
والموالاة ان يَقُول لَهُ واليتك وعاقدتك فان جنيت جِنَايَة فَعَلَيْك ارشها وان مت فلك ميراثي فَيكون على مَا وَالَاهُ وعاقده

(1/431)


وَله ان يحول ولاءه الى غَيره مَا لم يجن جِنَايَة فيعقل عَنهُ فاذا عقل فَلَيْسَ لَهُ ان يحول وَهُوَ كَالْهِبَةِ فِيهَا الرُّجُوع مَا لم يعوضه عَلَيْهَا فاذا عوضه عَلَيْهَا فَلَا رُجُوع فِيهَا
وَالرَّابِع وَلَاء اللَّقِيط اذا التقطه رجل فوالاه اَوْ وَالَاهُ غَيره فَهُوَ كَمَا ذكرنَا
وَالْخَامِس رجل مُسلم لَا قرَابَة لَهُ فوالى رجلا جَائِز على مَا ذكرنَا فاذا مَاتَ الموالى وَلم يتْرك وَارِثا من عصبَة اَوْ رحما فَأن مَاله للَّذي وَالَاهُ وان لم يوال فولاؤه للْمُسلمين وَمَاله لبيت المَال وديته على بَيت مَال الْمُسلمين
وَالسَّادِس مُوالَاة الذِّمِّيّ للذِّمِّيّ جَائِزَة وَهِي كَمَا وَصفنَا من مُوالَاة الْمُسلم للْمُسلمِ
وَالسَّابِع مُوالَاة الذِّمِّيّ للْمُسلمِ
وَالثَّامِن مُوالَاة الْمُسلم للذِّمِّيّ فَهِيَ مُوالَاة يكون مولى لَهُ الا ان الْمُسلم لَا يَرث من الذِّمِّيّ وَلَا الذِّمِّيّ من الْمُسلم لَان اهل الملتين لَا يتوارثان
وَهَذَا كُله فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه ابي عبد الله
وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك الْمُوَالَاة لَيست بِشَيْء وَلَا يُورث بهَا وَلَا يصير مولى لَهُ
مطلب اوجه وَلَاء الْعتْق
قَالَ وَوَلَاء الْعتْق على وَجْهَيْن
احدهما وَلَاء الْمَرْأَة
وَالثَّانِي وَلَاء الرجل

(1/432)


فاما وَلَاء الْمَرْأَة فَلَا وَلَاء للنِّسَاء الا مِمَّن اعتقن اَوْ اعْتِقْ مِمَّن اعتقن اَوْ كاتبن اَوْ كَاتبه من كاتبن وَهُوَ ان تعْتق امْرَأَة عبدا لَهَا فلهَا وَلَاء العَبْد فاذا مَاتَ يكون وَلَاء العَبْد وَوَلَاء عقبَة عتقه للذكور من اولاد الْمَرْأَة دون الاناث اَوْ لعصبتها
واما اولاء الرجل فَهُوَ على وَجْهَيْن ايضا
احدهما ان يعْتق عَن نَفسه
والاخر ان يعْتق عَن غَيره
فَالَّذِي اعْتِقْ عَن نَفسه فولاؤه وَوَلَاء عقبه لَهُ لَازم وَلَا يجوز ان يَبِيعهُ اَوْ يَهبهُ وَلَا ان يرهنه اَوْ يتَصَدَّق بِهِ فاذا مَاتَ وَرثهُ بنوه دون بَنَاته اَوْ عصبته من الرِّجَال دون غَيرهم فَلَو انه مَاتَ وَترك ابناء وابا فَالْولَاء بَينهمَا للاب سدسه وللابن خمسه اسداسه فِي قَول ابي يُوسُف واما فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ الْوَلَاء كُله للِابْن دون الاب لِأَنَّهُ أقرب الْعصبَة وَلَو انه ترك اخا وجدا فَالْولَاء للاخ دون الْجد فِي قَول مَالك وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله الْوَلَاء للْجدّ دون الاخ لانه بِمَنْزِلَة الاب

الْعتْق عَن غَيره
واما اذا اعْتِقْ عَن غَيره فانه على وَجْهَيْن
احدهما عَن الْمَيِّت
والاخر عَن الْحَيّ
فان اعْتِقْ عَن الْمَيِّت فانه لَا ولَايَة للْمَيت فِي قَول مَالك كالصدقة وَالْحج يكونَانِ عَنهُ وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه الْوَلَاء للَّذي اعْتِقْ

(1/433)


واما الْعتْق عَن الْحَيّ فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان يعْتق على وَجه التَّبَرُّع
والاخر ان يعْتق بِأَمْر اُحْدُ
فان اعْتِقْ على وَجه التَّبَرُّع كَانَ وَلَاؤُه للْمُسلمين سياسة كَذَا فِي قَول مَالك وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَالشَّافِعِيّ وَأبي عبد الله يكون وَلَاؤُه لَهُ
واما الَّذِي اعْتِقْ عَن اُحْدُ بأَمْره فالعتق يكون عَن الْمُعْتق وَيكون الْوَلَاء لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَفِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله يكون الْعتْق عَن الْأَمر وَيكون الْوَلَاء لَهُ
وروى عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام انه قَالَ
الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب لَا يُبَاع وَلَا يُورث
قَالَ وان كَانَ الزَّوْجَانِ معتقين فولاء اولادهما لمولى ابيهما
وان كَانَت امهم امة وابوهم حرا فالاولاد عبيد لموالى الامة فَكل من اعتقهم فهم موَالِيه
واذا اعْتِقْ الامة مولاهما فولاؤها لَهُ وَلَا يعْتق الاولاد بِعِتْق امهم الا ان يكون الْوَلَد فِي بَطنهَا فَعِنْدَ ذَلِك هُوَ بِمَنْزِلَة عُضْو مِنْهَا

جر الْوَلَاء
وان كَانَ الْأَب عبدا والام حرَّة مُعتقة فولاء اولادهما لموَالِي الام لَان الْجد لَا يكون عصبَة فاذا اعْتِقْ العَبْد بعد ذَلِك انْتقل ولاؤهم الى موالى الاب وجروا الْوَلَاء الى انفسهم فِي قَول مَالك وابي عبد الله لِأَن الْوَلَاء كالنسب

(1/434)


عِنْدهمَا وَلم يجروه فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه كَمَا لَا يجرونَ الاسلام فِي قَوْلهم جَمِيعًا

الْعُقُود الْمُسَمَّاة
عُقُود التَّمْلِيك
اعْلَم ان الله تَعَالَى احل البيع واباحه وَحرم الرِّبَا وَنهى عَنهُ فَقَالَ عز وَجل {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} وَقَالَ عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} النِّسَاء 29

انواع التَّمْلِيك
وَاعْلَم انه البيع تمْلِيك وَالتَّمْلِيك على وَجْهَيْن
احدهما تمْلِيك مَنَافِع الاشياء
وَالثَّانِي تمْلِيك اعيان الاشياء
وتمليك اعيان الاشياء على وَجْهَيْن
تمْلِيك بِبَدَل مثل الثّمن وَالْهِبَة على شَرط الْعِوَض بعد الْقَبْض وتمليك من غير بدل مثل الْهِبَة وَالصَّدَََقَة لَا بِشَرْط الْعِوَض

تمْلِيك الْمَنَافِع
وتمليك مَنَافِع الاشياء على وَجْهَيْن
تمْلِيك بِبَدَل مثل الاجارة وتمليك من غير بدل مثل الْعَارِية

(1/435)


عقد البيع
انْعِقَاد البيع
وَاعْلَم ان البيع لَا ينْعَقد الا باجتماع خَمْسَة اشياء
احدها اجْتِمَاع الْمُتَعَاقدين
وَالثَّانِي اعلام الثّمن
وَالثَّالِث اعلام الْمَبِيع
وَالرَّابِع اعلام الشَّيْء الَّذِي لَهُ قيمَة
وَالْخَامِس الْقَبْض
اجْتِمَاع الْمُتَعَاقدين
اما اجْتِمَاع الْمُتَعَاقدين فيفسره ان البيع لَا يكون الا بَين اثْنَيْنِ وايضا لَا يجوز ان يكون الرجل الْوَاحِد بَائِعا ومشتريا الا فِي مَكَان وَاحِد وَهُوَ ان يَشْتَرِي مَال ابْنه من نَفسه اَوْ يَبِيعهُ اذا كَانَ بِالْقيمَةِ اَوْ بِمَا يتَغَابَن النَّاس فِي مثله فِي قَول عُلَمَائِنَا
واما الْوَصِيّ فانه لَا يجوز ان يَبِيع من الْيَتِيم شَيْئا من مَاله وان اشْتَرَاهُ مِنْهُ لنَفسِهِ فَكَانَ خيرا للْيَتِيم جَازَ فِي قَول ابي عبد الله وروى مثله عَن ابي يُوسُف وَهُوَ طَرِيق الِاسْتِحْسَان فِي المسئلتين جَمِيعًا وَلَا يجوز فِي قَول زفر وَهُوَ الْقيَاس
اعلام الثّمن
واما اعلام الثّمن فان جَهَالَة الثّمن نَفسه تفْسد البيع

(1/436)


اعلام البيع
واما اعلام البيع فَلِأَن جَهَالَة الْمَبِيع ايضا تفْسد البيع

مَا لَهُ قيمَة
واما الشَّيْء الَّذِي لَهُ قيمَة فَيَقَع بِهِ البيع لَان بعض الاشياء لَا يَقع عَلَيْهَا البيع مثل الْخمر وَالْخِنْزِير وَالْميتَة وَالدَّم وَنَحْوهَا
قَالَ وكل عقد مَخْصُوص بِشَيْء مثل عقد النِّكَاح مَخْصُوص بالشاهدين المجتمعين فِي مَكَان وَاحِد وَالْهِبَة مَخْصُوصَة بِالْقَبْضِ والايجار مَخْصُوص باعلام الاجرة وَالْبيع مَخْصُوص باعلام الثّمن واعلام البيع

احوال الْمَبِيع
واحوال الْمَبِيع على سَبْعَة اوجه
اولها ان يكون الْمَبِيع حَاضرا معينا لَهما فَالْبيع فِيهِ جَائِز بِلَا خلاف
وَالثَّانِي ان يكون الْمَبِيع غَائِبا وَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما يقدر البَائِع على تَسْلِيمه وَلَا يحْتَاج اخذه الى معالجة مثل الامتعة والحيوانات وَغَيرهَا
وَالْآخر ان يقدر على تَسْلِيمه وَلَكِن يحْتَاج اخذه إِلَى معالجة مثل الثِّمَار فِي رُؤْس الاشجار والاغصان وَنَحْو ذَلِك وَالْبيع فِي كِلَاهُمَا جَائِز
وَالثَّالِث ان لَا يقدر البَائِع على التَّسْلِيم مثل الصُّوف على ظهر الْغنم والاولاد فِي الْبُطُون وَالْعَبْد الْآبِق وَنَحْو ذَلِك فَالْبيع فَاسد فِيهَا
وَالرَّابِع ان يكون الْمَبِيع مفقودا فَالْبيع فَاسد فِيهِ لَان النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة

(1/437)


وَالسَّلَام نهى عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْده
وَالْخَامِس ان يكون الْمَبِيع دينا على اُحْدُ فان بَاعَ الدّين من الَّذِي عَلَيْهِ الدّين فَالْبيع جَائِز وان بَاعَ الى غَيره فَالْبيع فَاسد
وَالسَّادِس ان يكون الْمَبِيع وَدِيعَة اَوْ عَارِية اَوْ اجارة اَوْ رهن بضَاعَة اَوْ مَا يكون فِيهِ امينا فَبَاعَهُ الى من كَانَ عِنْده فان هَذَا البيع جَائِز الا انه يحْتَاج الى قبض جَدِيد لَان الْقَبْض الاول قبض اماتة وَالْقَبْض الثَّانِي قبض ضَمَان وَقبض الامانة لَا يقوم مقَام قبض الضَّمَان وان هلك الْمَبِيع قبل قبض المُشْتَرِي ثَانِيًا فَأَنَّهُ يهْلك على البَائِع وان هلك بعد الْقَبْض الْجَدِيد هلك على المُشْتَرِي
وَالسَّابِع ان يكون الْمَبِيع غصبا عِنْد المُشْتَرِي اَوْ سَرقَة اَوْ خِيَانَة امانة وَنَحْوهَا مِمَّا يكون فِيهِ ضَمَان فَبَاعَهُ الى من كَانَ عِنْده فان البيع فِيهِ جَائِز وَلَا يحْتَاج الى قبض جَدِيد لَان الْقَبْض الاول قبض ضَمَان وَالْقَبْض الثَّانِي ايضا قبض ضَمَان وَقبض الضَّمَان يقوم مقَام قبض الضَّمَان وان هلك الْمَبِيع قبل الْقَبْض الثَّانِي فانه يهْلك على المُشْتَرِي

انواع البيع
قَالَ وَالْبيع على ثَلَاثَة اوجه
احدها ثمنان وَهَذَا هُوَ الصّرْف
وَالثَّانِي عوضان وَهَذِه هِيَ المقايضة
وَالثَّالِث عوض وَثمن وَهَذَا هُوَ البيع الْمُطلق

(1/438)


انواع الثّمن
وَالثمن على ثَمَانِيَة اوجه
اولها الْفضة وَيجوز ان يَشْتَرِي نَقْدا اَوْ نَسِيئَة وَهُوَ ان يَشْتَرِي بِالْفِضَّةِ شَيْئا اَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَيجوز ان تكون الدَّرَاهِم وَالْفِضَّة نَقْدا اَوْ نَسِيئَة الى وَقت
وَالثَّانِي الذَّهَب وَالدَّنَانِير وَهِي كَمَا ذكرنَا من حَال الْفضة وَالدَّرَاهِم
الثَّالِث الْمكيل يجوز ان يشترى بِهِ شَيْئا نَقْدا اَوْ نَسِيئَة اذا كَانَ بَين جنسه ومقداره وَصفته
وَالرَّابِع الْمَوْزُون وَحكمه كَمَا ذكرنَا من حكم الْمكيل
وَالْخَامِس المذروع وَيجوز ان يشترى بِهِ شَيْئا نَقْدا اَوْ نَسِيئَة اذا بَين جنسه ومقداره وَصفته واجله عِنْدهم وَعند الشَّيْخ يجوز وان لم يبين الاجل
وَالسَّادِس الْحَيَوَان يجوز ان يَشْتَرِي بِهِ نَقْدا وَلَا يجوز ان يَشْتَرِي بِهِ نَسِيئَة فِي قَوْلهم جَمِيعًا
وَالسَّابِع المعدودات يجوز ان يَشْتَرِي بهَا نَقْدا اَوْ نَسِيئَة اذا لم يكن بَينهمَا تفَاوت
وَالثَّامِن الْعقار يجوز ان يَشْتَرِي بِهِ نَقْدا وَلَا يجوز ان يَشْتَرِي بِهِ نَسِيئَة لَان الْعقار والعواري لَا يحْتَاج الى الاجل
وَكَذَلِكَ سَائِر الاشياء اذا كَانَت مُعينَة وَالْمَبِيع ايضا على هَذِه الْوُجُوه الثَّمَانِية الى اخرها كَمَا فسرنا فِي الثّمن

(1/439)


انواع الْبيُوع الْجَائِزَة والفاسدة
وَاعْلَم ان البيع على عشْرين وَجها اقل اَوْ اكثر مَا هُوَ جَائِز
وَالْفَاسِد ايضا على ثَلَاثِينَ وَجها اقل اَوْ اكثر

الْبيُوت الْجَائِزَة
فَأَما الْجَائِز فاولها بيع المساومة وَهُوَ الْمُطَالبَة بالسلعة بِالثّمن والمعلوم وَلَا خلاف فِيهَا بَين عُلَمَاء الْمُسلمين
وَالثَّانِي بيع التَّوْلِيَة وَهُوَ ان يَقُول البَائِع وليتك بِمَا اشْتَرَيْته
وَالثَّالِث بيع الْمُرَابَحَة وَهُوَ بيع امانة مَحْض من الْكَذِب والخيانة وَهُوَ ان يَقُول بِعْتُك هَذَا بِرِبْح اُحْدُ عشر اَوْ اثنى عشر وَهُوَ على ان يذكر الثّمن فان لم يذكر الثّمن لَا يكون مُرَابحَة
وَالرَّابِع المخاسرة وَهُوَ ان يَقُول بِعْتُك هَذَا بوضيعة عشر اَوْ اُحْدُ عشر اَوْ اثْنَي عشر
وَالْخَامِس بيع الشّركَة وَهَذَا يَصح بعد الْقَبْض لَان النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن بيع مَا لم يقبض وَهُوَ ان يَقُول اشركتك فِيمَا اشْتريت

(1/440)


فان سمى فَهُوَ على مَا سمى وان لم يسم فَيكون شركَة فِي نصفه
وَالسَّادِس بيع الاقالة وَهُوَ ان يَقُول البَائِع للْمُشْتَرِي اقلني بيعي فَيَقُول فعلت فان كَانَ قبل الْقَبْض فَهُوَ فسخ للْبيع فِي قَول الْفُقَهَاء جَمِيعًا وان كَانَ بعد الْقَبْض فَكَذَلِك هُوَ فسخ فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله هُوَ بيع مُسْتَأْنف حَادث يُسمى فِيهِ الثّمن وَيجوز فِيهِ ان يزِيد الثّمن اَوْ النَّقْص وللشفيع فِيهِ شُفْعَة وَفِي قَول ابي حنيفَة لَا يجوز من هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة شَيْء
وَالسَّابِع بيع الصّرْف وَهُوَ جَائِز وَلَا تجوز فِيهِ النَّسِيئَة الْبَتَّةَ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَتجوز عِنْد اهل الحَدِيث
وَالثَّامِن بيع الْهِبَة اذا كَانَ على شَرط الْعِوَض وَيكون مَقْبُوضا وللشفيع فِيهِ شُفْعَة
وَالتَّاسِع بيع الصُّلْح اذا كَانَ الصُّلْح على الاقرار وللشفيع فِيهِ الشُّفْعَة وَمَا جَازَ فِي البيع جَازَ فِي الصُّلْح
والعاشر بيع الْمُبَادلَة المقايضة وَهُوَ ان يملك اُحْدُ احدا مَتَاعه بمتاعه وللشفيع فِيهِ شُفْعَة
وَالْحَادِي عشر البيع الْمَوْقُوف وَهُوَ ان يَبِيع اُحْدُ مَتَاع اُحْدُ بِغَيْر اذنه فان ذَلِك البيع مَوْقُوف على اجازة صَاحبه فان اجازه جَازَ وان فَسخه انْفَسَخ
وَالثَّانِي عشر النَّسِيئَة وَهُوَ ان يَبِيعهُ شَيْئا بِمِائَة دِرْهَم الى اجل مَعْلُوم فَإِن لم يكن الْأَجَل مَعْلُوما كَانَ البيع فَاسِدا
وَالثَّالِث عشر بيع من يزِيد وَيجوز لكل أحد أَن يدْخل فِيهِ وَيزِيد على ثمن صَاحبه وَيَأْخُذهُ بِهِ
وَالرَّابِع عشر بيع التَّرَاضِي والتعاطي وَهُوَ ان يساوم الرجل الرجل على سلْعَته فَيَقُول بِمِائَة دِرْهَم فَيَقُول بِثَمَانِينَ فَيَقُول البَائِع لَا ادْفَعْ فيزيد المُشْتَرِي عشرَة دَرَاهِم اخرى فيرضى بذلك البَائِع فَيدْفَع اليه السّلْعَة وَيَأْخُذ

(1/441)


مِنْهُ التسعين ويفترقان من غير ان يَقُول البَائِع بعث بذلك وَمن غير ان يَقُول المُشْتَرِي اشْتريت بذلك وعَلى هَذَا عَامَّة بُيُوع الْمُسلمين

(1/442)


انواع الْخِيَار
وَالْخَامِس عشر بيع الْخِيَار
وَالْخيَار على ثَمَانِيَة اوجه

خِيَار العقد
احدها خِيَار العقد وَهُوَ ان يَقُول البَائِع للْمُشْتَرِي بِعْتُك هَذَا الْمَتَاع بِمِائَة دِرْهَم فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ان شَاءَ قَالَ اشْتريت وان شَاءَ قَالَ لَا اريد اَوْ يَقُول المُشْتَرِي للْبَائِع اشْتريت مِنْك هَذَا الْمَتَاع بِكَذَا فالبائع بِالْخِيَارِ ان شَاءَ قَالَ بِعْت وان شَاءَ قَالَ لَا ابيع
وَرُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام انه قَالَ البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا فَهَذَا على فرقة الاقوال عِنْد ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَعند الشَّافِعِي هُوَ على فرقة الابدان

خِيَار الرُّؤْيَة
وَالثَّانِي خِيَار الرُّؤْيَة وَفِي قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام من اشْترِي سلْعَة

(1/443)


لم ينظر اليها فَهُوَ بِالْخِيَارِ حِين ينظر اليها رَوَاهُ الْحسن عَنهُ
وَفِي قَول الشَّافِعِي لَا يجوز البيع لَان فِيهِ غررا
قَالَ وَخيَار الرُّؤْيَة على سَبْعَة اوجه
احدها فِي الْعقار فاذا اراى الظَّاهِر مِنْهُ بَطل خِيَار فِي قَول الْفُقَهَاء وَقَالَ زفر وابو عبد الله لَا يبطل حَتَّى يدْخل فِيهِ وَيرى دَاخله وَكَذَلِكَ قَوْلهم فِي الاعدال المنطوية
وَالثَّانِي خِيَار الرَّقِيق وَهُوَ فِي الْوَجْه فاذا رأى وَجهه بَطل خِيَاره وَالثَّالِث خِيَار الْحَيَوَان وَهُوَ فِي جَمِيع نَفسه

(1/444)


وَالرَّابِع خِيَار العدديات المتفاوتة وَهُوَ فِي رُؤْيَة كل وَاحِد مِنْهَا
وَالْخَامِس خِيَار العدديات الَّتِي لَا تفَاوت فِيهَا فاذا رأى بَعْضهَا ورضيه لَزِمته كلهَا
وَالسَّادِس خِيَار رُؤْيَة الوزنى
وَالسَّابِع خِيَار رُؤْيَة الكيلى فان رأى بَعْضًا مِنْهَا ورضيه لَزِمته جَمِيعهَا وَبَطل خِيَاره

اوجه بطلَان خِيَار الرُّؤْيَة
قَالَ وَبطلَان خِيَار الرُّؤْيَة على خَمْسَة اوجه
احدها اذا كَانَ رَآهَا قبل ذَلِك وَكَانَت كَمَا رأها اَوْ خيرا مِنْهَا
وَالثَّانِي ان يحدث فِيهَا نُقْصَان سماوي اَوْ من جِنَايَة اُحْدُ اذا كَانَ بعد قبض الثّمن
وَالثَّالِث ان يهْلك مِنْهَا بَعْضهَا بعد الْقَبْض
وَالرَّابِع اذا اسْتحق مِنْهَا بَعْضهَا بِوَجْه من الْوُجُوه
وَالْخَامِس ان يعْمل فِيهَا شَيْئا يدل على تنازله عَن خِيَاره وَرضَاهُ بِهِ
وَخيَار الرُّؤْيَة بِالنِّسْبَةِ للاعمى فِي جسها وَفِيمَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ الجس ان يُوقف مقَام الْبَصِير فيرضى اَوْ يرد

(1/445)


خِيَار الشَّرْط
وَالثَّالِث خِيَار الشَّرْط لَا يجوز فَوق ثَلَاثَة ايام فِي قَول ابي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله يجوز الى مَا كَانَ وَالْفرق بَين الشَّافِعِي وابي حنيفَة هُوَ ان الشَّافِعِي قَالَ اذا كَانَ الشَّرْط فَوق ثَلَاثَة ايام كَانَ البيع فَاسِدا وَلَا يكون العقد عِنْده مَوْقُوفا وَقَالَ ابو حنيفَة البيع يفْسد ان لم يجز قبل مُضِيّ ثَلَاثَة ايام

(1/446)


انواع خِيَار الشَّرْط
قَالَ وَخيَار الشَّرْط عَليّ سِتَّة اوجه
احدها ان يشْتَرط البَائِع لنَفسِهِ
وَالثَّانِي ان يَشْتَرِطه البَائِع لغيره
وَالثَّالِث ان يَشْتَرِطه المُشْتَرِي لنَفسِهِ
وَالرَّابِع ان يَشْتَرِطه المُشْتَرِي لغيره
وَالْخَامِس ان يشترطاه لانفسها جَمِيعًا المُشْتَرِي وَالْبَائِع
وَالسَّادِس ان يشترطاه لغَيْرِهِمَا جَمِيعًا
فان كَانَ الْخِيَار للْبَائِع اَوْ للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا فَالْمُشْتَرِي امين فِي السّلْعَة فان تلفت فِي يَده فِي مُدَّة الْخِيَار فَلَا شَيْء عَلَيْهِ من قِيمَته وَلَا ثمن فِي قَول سُفْيَان وَمَالك وابي عبد الله وَمُحَمّد بن صَاحب واما فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه عَليّ المُشْتَرِي قيمَة ذَلِك
واذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فان تلف الْمَبِيع فِي يَده فَعَلَيهِ الثّمن مُتَّفقا
وان كَانَ الْخِيَار للاجنبي ان كَانَ من قبل البَائِع اَوْ من قبل المُشْتَرِي

(1/447)


فَالْخِيَار للاجنبي وَحده دون البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه الْخِيَار للاجنبي وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِع جَمِيعًا
واذا اراد صَاحب الْخِيَار البيع بِغَيْر محْضر من صَاحبه لَا يكون ردا فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ رد فِي قَول ابي يُوسُف

بطلَان خِيَار المُشْتَرِي
قَالَ وَيبْطل خِيَار المُشْتَرِي بِسبع خِصَال
بِعَيْب يحدث فِيهِ عِنْده
اَوْ بِأَن يهْلك بعضه
اَوْ يملك بعضه
اَوْ تمْضِي مُدَّة الْخِيَار وَهُوَ سَاكِت
اَوْ يَمُوت المُشْتَرِي
اَوْ يُجِيزهُ ويتصرف فِيهِ تصرف المالكين

مَا لَا يُورث من الرُّخص
وَسَبْعَة اشياء لَا تورث

(1/448)


1 - الْخِيَار
2 - وَالشُّفْعَة
3 - والاجل
4 - والاجازة
5 - وَالْحُدُود
6 - وَالرُّجُوع فِي الْهِبَة
7 - وَالْوَلَاء لَا يُورث من عصبَة الْمُعْتق وَهُوَ ان يكون للْمُعْتق ابْنَانِ ومعتق وَيَمُوت الرجل الْمُعْتق فَيكون وَلَاء الْمُعْتق بَين الِابْنَيْنِ فاذا مَاتَ أحد الِابْنَيْنِ وَترك ابْنا فَلَا يكون لهَذَا الابْن شَيْء من الْوَلَاء بل يكون جَمِيع الْوَلَاء للِابْن الْبَاقِي فاذا مَاتَ الْبَاقِي وَترك ابْنَيْنِ فَيكون الْوَلَاء بَين ابنيه هذَيْن وَبَين ابْن الاخ الاول اثلاثا كَأَنَّهُمْ ورثوا من جدهم لَا من ابيهم

مصير ملكية الْمَبِيع بِشَرْط الْخِيَار
قَالَ وَفِي الْجُمْلَة اذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع لم يتم ملك المُشْتَرِي فِيهِ واذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فقد تمّ ملك المُشْتَرِي فِيهِ

خِيَار الْعَيْب
وَالرَّابِع خِيَار وجود الْعَيْب وَاعْلَم ان كل شَيْء ينقص الثّمن فَهُوَ عيب

اقسام الْعُيُوب
والعيوب على ثَلَاثَة اقسام
احدها فِي خلقَة الشَّيْء كالجنون والبرص والاصبع الزَّائِدَة فِي

(1/449)


الانسان وكالحرن والجمح فِي الدَّوَابّ والجدع الْمُنكر والحائط الهاوي فِي العقارات
وَالثَّانِي ان يكون فِي الاخلاق كالرق والاباق وَالزِّنَا والتخنث وَمَا اشبه ذَلِك
وَالثَّالِث ان يكون فِي الْعَارِض من مرض اَوْ جِرَاحَة اَوْ غير ذَلِك من أَنْوَاع الْعِلَل
فاذا وجد المُشْتَرِي عَيْبا فِي السّلْعَة كَانَ قبل الْقَبْض اَوْ بعده فَلهُ ان يردهُ قَلِيلا كَانَ الْعَيْب اَوْ كثيرا فان حدث فِيهَا عيب آخر ثمَّ علم بِالْعَيْبِ الاول فَلَيْسَ لَهُ ان يردهُ وَله ان يرجع على البَائِع بِنُقْصَان الْعَيْب
وَكَذَلِكَ ان اشْترى جَارِيَة فوطأها ثمَّ وجد بهَا عَيْبا فَلَيْسَ لَهُ ان يردهَا وَلَكِن يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لانه لَو رَجَعَ بِالْعَيْبِ حصل لَهُ وَطْء بِلَا مهر وَلَا حد وَفِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ لَهُ ان يردهَا عَليّ البَائِع لَان الْوَطْء عِنْدهمَا كالاستخدام
وَلَو قَالَ البَائِع اني آخذ الْجَارِيَة وَلَا ابغي للْوَطْء عقرا وَلَا للعيب ارشا فَلهُ ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب لَيْسَ لَهُ ذَلِك بل عَلَيْهِ يدْفع قيمَة نُقْصَان الْعَيْب
قَالَ وَلَو ان المُشْتَرِي بَاعَ السّلْعَة اَوْ وَهبهَا ثمَّ علم بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ ان يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب عَليّ البَائِع حِينَئِذٍ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول مُحَمَّد لَهُ ان يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب
قَالَ وان كَانَ الْمَبِيع شَيْئَيْنِ مثل عَبْدَيْنِ اَوْ ثَوْبَيْنِ اَوْ اكثر فان وجد بِأَحَدِهِمَا عَيْبا قبل الْقَبْض اَوْ بعد الْقَبْض فانه ايضا بِالْخِيَارِ فان شَاءَ اخذهما بِجَمِيعِ الثّمن وان شَاءَ ردهما فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك وسُفْيَان وَمُحَمّد بن صَاحب

(1/450)


واما فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد ان كَانَ قبل الْقَبْض فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان شَاءَ رد اُحْدُ المبيعين وَحفظ الاخر بِحِصَّتِهِ من الثّمن وان شَاءَ رد الْكل وان وجد بهما الْعَيْب بعد الْقَبْض فَلهُ الْخِيَار فِي الْمَعِيب خَاصَّة وَلَا خِيَار لَهُ مِمَّا سوى ذَلِك
وان اخذهما جَمِيعًا اَوْ بعضهما فان يلْزم عَلَيْهِ غير الْمَعِيب بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَهُوَ ان يقسم الثّمن على الْمَعِيب وَغير الْمَعِيب فَمَا اصاب غير الْمَعِيب يُؤَدِّي الى البَائِع وَلَيْسَ لَهُ ان يردهُ وَهُوَ فِي الْخِيَار فِي الْمَعِيب ان شَاءَ رده وان شَاءَ امسكه

مطلب اوجه الرَّد
قَالَ وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ على ثَلَاثَة اوجه عِنْد الْفُقَهَاء
احدها ان يرد المُشْتَرِي السّلْعَة على البَائِع وَيَأْخُذ مِنْهُ الثّمن كُله وَهُوَ مَا اذا كَانَت السّلْعَة على حَالهَا وَلم يحدث فِيهَا عيب عِنْد المُشْتَرِي وَلم يرض بِالْعَيْبِ
وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ان يردهَا وَلَكِن لَهُ ان يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَهُوَ مَا اذا حدث فِيهَا عيب اخر عِنْده
وَالثَّالِث مَا لَيْسَ لَهُ ان يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَهُوَ اذا كَانَ لَهُ علم بِالْعَيْبِ فِي وَقت شِرَائِهِ اَوْ علم بعد ذَلِك بِهِ ورضيه
قَالَ واذا اراد رد السّلْعَة على البَائِع فَلَيْسَ لَهُ ان يردهَا الا ان يحلف بِاللَّه انه اشْتَرَاهَا وَمَا علم بذلك الْعَيْب وَلم يرض بِهِ حِين علم وَلَا عرضه على بيع

(1/451)


شَرط الْبَرَاءَة من كل عيب
وَلَو بَاعه البَائِع على انه برِئ من كل عيب فانه يبرأ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي ان يردهُ بِعَيْب وَفِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ يبرأ مِمَّا لَا يعلم من الْعُيُوب وَلَا يبرأ مِمَّا يعلم وَفِي قَول ابْن ابي ليلى لَا يبرأ فِي كلا الْوَجْهَيْنِ الا فِي عيب سَمَّاهُ
خِيَار الِاسْتِحْقَاق
وَالْخَامِس خِيَار الِاسْتِحْقَاق وَهُوَ على وَجْهَيْن

(1/452)


احدهما قبل الْقَبْض
والاخر بعد الْقَبْض
اما الَّذِي قبل الْقَبْض فاذا اشْترى سلْعَة فَاسْتحقَّ بَعْضهَا قبل الْقَبْض فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِي وان كَانَ بعد الْقَبْض فانه يسْتَردّ حِصَّة مَا اسْتَحَقَّه مِنْهُ من الثّمن وَلَا خِيَار فِيمَا سواهُ
خِيَار الثّمن
وَالسَّادِس خِيَار الثّمن وَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه
احدها من البَائِع
وَالْآخر من المُشْتَرِي
وَالثَّالِث من قبل الرقم
فاما الَّذِي كَانَ من البَائِع فَهُوَ ان يَشْتَرِي سلْعَة بِعشْرَة دَرَاهِم ثمَّ يَقُول للْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا بِعشْرين درهما فَبَاعَهَا مِنْهُ على ربح ثمَّ تبين المُشْتَرِي ذَلِك
قَالَ ابو يُوسُف يحط عَنهُ الْخِيَانَة من الثّمن ويعطيها لَهُ بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ وحصته من الرِّبْح وَهَذَا فِي بيع الامانة وَقَالَ ابو حنيفَة وَمُحَمّد المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذه بِمَا سمى لَهُ من الثّمن وان شَاءَ ترك وان كَانَ تَالِفا فَعَلَيهِ مَا سمى لَهُ وَقَالَ الشَّيْخ مثل ذَلِك الا ان يكون الَّذِي سمى لَهُ اكثر من قِيمَته وخدعه فان كَانَ ذَلِك فان شَاءَ اخذه بِمَا سمى لَهُ وان شَاءَ ترك وان كَانَ تَالِفا فَعَلَيهِ قِيمَته
واما الَّذِي كَانَ من المُشْتَرِي فَهُوَ ان يلقى البَائِع فِي سلْعَته فيكذبه فِي السّعر ويشتريها مِنْهُ بِأَقَلّ من سعر النَّاحِيَة ثمَّ يعلم البَائِع فانه لَيْسَ لَهُ خِيَار فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لانه بَاعَ غرُورًا على غير خِيَار وَفِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب لَهُ الْخِيَار لانه غره

(1/453)


واما الَّذِي يكون على الرقم فَهُوَ ان يَبِيعهُ شَيْئا بِالرَّقْمِ فَلَا يبين لَهُ الرقم فِي ذَلِك الْمجْلس فَلهُ الْخِيَار وَكَذَلِكَ لَو اشْترى عبدا بِثمن اخر بَاعه قبله بِثمن قبله من غَيره فَلَمَّا تبين لَهُ فِي ذَلِك الْمجْلس فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَمَا اشبه ذَلِك

(1/454)


خِيَار البيع
وَالسَّابِع خِيَار البيع وَهُوَ على خَمْسَة اوجه
احدها ان يَشْتَرِي رجل ثوبا على انه عشرَة اذرع على ثمن كَذَا فَأن وجده زَائِدا فالزائد لَهُ طيبا وان وجده نَاقِصا فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذه بِجَمِيعِ الثّمن وان شَاءَ رده
وَالثَّانِي ان يَشْتَرِي ثوبا على انه على عشرَة اذرع كل ذِرَاع بدرهم فَوَجَدَهُ نَاقِصا اَوْ زَائِدا فانه بِالْخِيَارِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ان شَاءَ اخذ كل ذِرَاع مِنْهُ بدرهم وان شَاءَ تَركه وَكَذَلِكَ مَا اشبههما
وَالثَّالِث لَو اشْترى عدل ثِيَاب على انه فِيهِ خمسين ثوبا بِكَذَا من الثّمن فَوجدَ فِيهِ وَاحِدًا وَخمسين ثوبا فَالْبيع فَاسد لَان البيع مَجْهُول وان وجده نَاقِصا فَكَذَلِك لَان الثّمن مَجْهُول بِحِصَّتِهِ
وَالرَّابِع ان يَشْتَرِي عدل ثِيَاب على ان فِيهِ خمسين ثوبا وَيُسمى لكل ثوب كَذَا من الثّمن فَوَجَدَهُ زَائِدا فَالْبيع فَاسد لَان الْمَرْدُود مَجْهُول وان وجده نَاقِصا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذه بِحِصَّتِهِ من الثّمن وان شَاءَ رده
وَالْخَامِس ان يَشْتَرِي من رجل نصِيبه من دَار وَلم يبين اَوْ من عبد اَوْ من ثوب ثمَّ بَين لَهُ قبل الِافْتِرَاق فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذه بِالثّمن وان شَاءَ تَركه

خِيَار الْخِيَانَة
وَالثَّامِن خِيَار الْخِيَانَة وَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يَبِيع شَيْئا على انه تَوْلِيَة اَوْ مُرَابحَة اَوْ مخاسرة فَوَجَدَهُ بِخِلَاف ذَلِك فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان شَاءَ رده وان شَاءَ امسك

(1/455)


وَالثَّانِي ان يَبِيع على انه تَيْس كَبْش فاذا هُوَ ضَأْن اَوْ على انه بعير فَلَمَّا هُوَ نَاقَة اَوْ بَاعَ بقرة على انها حَامِل فاذا هُوَ لَيْسَ بحامل اَوْ بَاعَ غُلَاما على ان تركي فاذا هُوَ صقلابي اَوْ على انه هندي فاذا هُوَ افغاني اَوْ على انه زنجي فاذا هُوَ نوبي وَنَحْوهَا فَالْبيع جَائِز وَله الْخِيَار فِي ذَلِك كُله
وَالثَّالِث ان يَبِيعهُ على انه عبدا فاذا هُوَ امة اَوْ على انه حمَار فاذا هُوَ بغل اَوْ على ان هَذَا الفص ياقوت فاذا هُوَ زجاج وَنَحْوهَا فان البيع فِي هَذَا بَاطِل لَا يجوز وَلَا خِيَار لَهُ

بيع السّلم
وَالسَّادِس عشر بيع السّلم وَالسّلم يجوز فِي اربعة اشياء فِي المكيلات والموزونات والمذروعات والمعدودات اذا لم يكن بَينهمَا تفَاوت كثير مثل الْبيض والجوز والقلس واشباهها
وبلفظ آخر كل شَيْء عرفت صفته وَقرب تفاوته يجوز فِيهِ السّلم وكل شَيْء جهلت صفته وَبعد تفاوته لَا يجوز فِيهِ السّلم
وبلفظ آخر كل مَوْجُود مَقْدُور عَلَيْهِ من حِين عقده الى حِين حلّه يجوز فِيهِ السّلم وكل شَيْء لم يكن مَوْجُودا وَلَا مَقْدُورًا من حَيْثُ عقده الى حِين حلّه لَا يجوز فِيهِ السّلم
وبلفظ آخر اذا كَانَت العلتان موجودتين لَا يجوز فِيهِ التَّفَاضُل والنسيئة واذا كَانَت احدى العلتين مَوْجُودَة يجوز فِيهِ التَّفَاضُل واذا كَانَت العلتان مفقودتين يجوز فِيهِ التَّفَاضُل والنسيئة

(1/456)


وبلفظ آخر بِوُجُود العلتين وجود الحرمتين وبزوال احدى العلتين زَوَال احدى الحرمتين وبزوال كلتا العلتين زَوَال كلتا الحرمتين فَجَمِيع هَذِه الالفاظ مُخْتَلفَة فِي اللَّفْظ متفقة فِي الْمَعْنى

مَا لَا يجوز فِيهِ السّلم
قَالَ وَالسّلم لَا يجوز فِي ثَلَاثَة عشرَة شَيْئا
احدها المكيلات فِي المكيلات
وَالثَّانِي الموزونات فِي الموزونات
وَالثَّالِث المذروعات فِي المذروعات اذا كَانَ الْجِنْس وَاحِدًا ملبوسا أَو غير ملبوس كَذَا
قَالَ وَالثَّوْب فِي الثَّوْب والكرباس فِي الكرباس جَائِز اذا اخْتلف الجنسان
وَفِي الجنسين اخْتِلَاف اما عِنْد الْفُقَهَاء فاختلاف النَّاس اخْتِلَاف الْبلدَانِ والصنائع واما عِنْد ابي عبد الله فاختلاف الاجناس اخْتِلَاف الانواع مثل الْقطن والكتان وَالصُّوف والابريسم والخز وَاخْتِلَاف الْبلدَانِ لَيْسَ باخْتلَاف عِنْد ابي عبد الله
وَالرَّابِع فِي المعدودات المتفاوته
وَالْخَامِس الذَّهَب فِي الذَّهَب وَفِي الْفضة
وَالسَّادِس الْفضة فِي الْفضة وَفِي الذَّهَب إِلَّا أَنَّهَا أَثمَان الْأَشْيَاء وَالسَّابِع الْجِنْس فِي الْجِنْس وان خرج احدهما من المعيار مثل السَّيْف

(1/457)


وَالْحَدِيد والسكين وَنَحْوهَا
وَالتَّاسِع فِي الْحَيَوَان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَيجوز ذَلِك فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ
والعاشر فِي الاشياء المجهولة وَهُوَ الْمَجْهُول فِي الْمَجْهُول لَا يجوز مُتَّفقا
وَالْحَادِي عشر الْمَجْهُول فِي الْمَعْلُوم لَا يجوز فِي قَول ابي حنيفَة وَهُوَ ان يكون رَأس المَال مَجْهُولا وَهُوَ جَائِز فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله
وَالثَّانِي عشر فِي اللَّحْم لَا يجوز السّلم فِي قَول ابي حنيفَة وَيجوز فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَأبي عبد الله اذا بَين وَوصف لحم الْغنم من الضان اَوْ الْمعز أَو الابل أَو الْبَقر الراعية مِنْهَا والمعلوفة أَو الْفَحْل اَوْ الْخصي وَالثَّالِث عشر فِي الْفَاكِهَة فِي غير حينها

السّلم فِي الْفَاكِهَة
قَالَ وَالسّلم فِي الْفَاكِهَة على اربعة اوجه
احدها ان يكون العقد قبل أوانها والحل بعد مُضِيّ أوانها
وَالثَّانِي ان يكون العقد فِي أوانها والحل بعد مُضِيّ أوانها
وَالثَّالِث ان يكون العقد قبل أوانها والحل فِي أوانها فَهَذِهِ الاوجه الثَّلَاثَة فَاسِدَة لَا تجوز
وَالرَّابِع ان يكون العقد فِي أوانها والحل ايضا فِي أوانها فَهَذَا الْوَجْه جَائِز
مَا لَا يُكَال وَلَا يُوزن
قَالَ واذا كَانَ الشَّيْء مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس وَاحِد بِاثْنَيْنِ

(1/458)


يدا بيد وَلَا خير فِي النَّسِيئَة مثل عبد بعبدين وشَاة بشاتين وثوب بثوبين اَوْ أَكثر
وَكره بَعضهم بَيْضَة ببيضتين وَجوزهُ بجوزتين وَالْقِيَاس عدنا ان لَا يجوز وَلَا يسْتَحبّ ذَلِك
وَلَا بَأْس بِبيع رمانة برمانتين وبطيخة ببطيختين اَوْ كاغد بكاغدين فان ذَلِك لَيْسَ بمكيل وَلَا مَوْزُون
وَأما ثَمَرَة بثمرتين وكف حِنْطَة بكفي حِنْطَة فانه جَائِز فِي قَول ابو حنيفَة واصحابه وَلَا يجوز فِي قَول زفر وابي عبد الله وسُفْيَان وَمُحَمّد بن صَاحب لِأَن ذَلِك من الْمكيل وَكَذَلِكَ فلس بفلسين كَمَا ذكرنَا
شَرَائِط السّلم
قَالَ وشرائط السّلم ثَمَانِيَة اشياء فِي قَول ابي حنيفَة أَولهَا ان يعين الْجِنْس حِنْطَة اَوْ شَعِيرًا
وَالثَّانِي أَن يعين الْمِقْدَار كَيْلا اَوْ وزنا
وَالثَّالِث ان يبين الشّرْب سهليا اَوْ جبليا تَمرا كرمانيا اَوْ سجزيا
وَالرَّابِع ان يبين الصّفة جيدا اَوْ رديئا اَوْ وسطا
وَالْخَامِس ان يبين الاجل سنة اَوْ شهرا اَوْ اياما واقله ثَلَاثَة ايام
وَالسَّادِس ان يبين الْمَكَان الَّذِي يُوجد فِيهِ ان كَانَ للسلم حمل وَمؤنَة
وَالسَّابِع ان يكون رَأس المَال مَعْلُوما
وَالثَّامِن ان يكون رَأس المَال مدفوعا قبل الِافْتِرَاق وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وابي عبد الله شَرَائِطه سِتَّة اشياء وَهِي مَا قَالَ ابو حنيفَة الا اثْنَيْنِ وهما ان يكون رَأس المَال غير مقوم جَازَ وانه لم يبين الْمَكَان جَازَ

(1/459)


فاذا اتفقَا على مَكَان يُوفيه اليه فِيهِ جَازَ وان اخْتلفَا فيوفيه اليه فِي الْمَكَان الَّذِي اخذ رَأس المَال فِيهِ
وان دفع رَأس المَال اليه فِي مغارة اَوْ بَريَّة يُوفيه فِي الْعمرَان فِي الْموضع الَّذِي يكون اقْربْ الى مَوضِع الدّفع
قَالَ وبلفظ آخر شَرَائِط السّلم عِنْد ابي حنيفَة خَمْسَة اشياء
اعلام السّلم وتعجيله واعلام رَأس المَال وتسليمه واعلام الْمَكَان الَّذِي يُوجد فِيهِ وَالْجِنْس والمقدار وَالضَّرْب وَالصّفة يدْخل فِي قَوْله اعلام السّلم
وَعند ابي يُوسُف وَمُحَمّد بِثَلَاثَة اشياء
اعلام السّلم وتأجيله وَتَسْلِيم رَأس المَال وَهُوَ قَول ابي عبد الله وَعند الشَّافِعِي شَرَائِط السّلم اثْنَان اعلام السّلم وَتَسْلِيم رَأس المَال والتأجيل عِنْده لَيْسَ من شَرَائِطه

(1/460)


البيع مَعَ الْبَرَاءَة من الْعَيْب
وَالسَّابِع عشر البيع مَعَ الْبَرَاءَة من الْعَيْب وَفِيه ثَلَاثَة أقاويل
قَالَ ابو حنيفَة واصحابه اذا بَاعه على انه بَرِيء من كل عيب برِئ وَلَا يرد ذَلِك بِعَيْب
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يبرأ مِمَّا لَا يعلم وَلَا يبرأ مِمَّا يعلم
وَفِي قَول ابْن ابي ليلى وابي عبد الله لَا يبرأ من عيب الا مَا يُسَمِّيه لَهُ

بيع الْمُخْتَلف فِيهِ
وَالثَّامِن عشر بيع الْمُخْتَلف فِيهِ

البيع الْمُسْتَحبّ
وَالتَّاسِع عشر البيع الْمُسْتَحبّ وَهُوَ مَا لَا اخْتِلَاف فِيهِ وَيكون بالاشهاد على مبايعته مَا قَالَ الله تَعَالَى {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم}

البيع الْفَاسِد
وَالْعشْرُونَ البيع الْفَاسِد وَمَتى كَانَ البيع فَاسِدا ثمَّ تلفت البضاعة على يَد المُشْتَرِي فَعَلَيهِ الْقيمَة لَا الثّمن
وَلَو بَاعه المُشْتَرِي اَوْ وهبه وَسلمهُ اَوْ اعتقه اَوْ كَانَت جَارِيَة فاستولدها أَو دبرهَا اَوْ كاتبها فَذَلِك كُله جَائِز وَعَلِيهِ الْقيمَة اذا كَانَ بيعا يخْتَلف فِيهِ الْمُسلمُونَ لَان ذَلِك على الْجَوَاز مَا لم يفْسخ وَيحكم بفساده فاذا حكم بفساده ورده على بَائِعه فَلم يردهُ المُشْتَرِي حَتَّى بَاعه اَوْ اعتقه فَذَلِك بَاطِل كُله
انواع الْبيُوع الْفَاسِدَة
واما الْبيُوع الْفَاسِدَة فَهِيَ على ثَلَاثِينَ وَجها

(1/461)


أَولهمَا بيع المحاقلة وَهُوَ بيع الْبر بِالْبرِّ فِي النسبلة وَيُقَال هُوَ

(1/462)


بيع الزَّرْع بِالْحِنْطَةِ وَيُقَال هُوَ بيع اكتراء الارض بِالْحِنْطَةِ وَيُقَال هُوَ الْمُزَارعَة

(1/463)


بِالثُّلثِ وَالرّبع وَنَحْوهَا
وَالثَّانِي بيع الْمُزَابَنَة هُوَ بيع الثَّمر على الشَّجَرَة

(1/464)


وَالثَّالِث بيع المخاطرة وَهُوَ ان يَقُول رجل لرجل بِعْت مِنْك هَذَا الْمَتَاع بِكَذَا وَكَذَا ان قدم فلَان من سَفَره وَنَحْوه
وَالرَّابِع بيع الْمُلَامسَة وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة اذا مس المُشْتَرِي السّلْعَة

(1/465)


كَانَت لَهُ بِمَا أَرَادَ من الثّمن عِنْد المساومة
وَالْخَامِس بيع الْمُنَابذَة وَهُوَ ايضا كَانَ بيع جَاهِلِيَّة وَصورته اذا نبذ البَائِع السّلْعَة الى المُشْتَرِي وَقع البيع بِمَا أَرَادَ البَائِع عِنْد المساومة
وَالسَّادِس بيع الملاقيح وَهُوَ بيع مَا فِي ظُهُور الذُّكُور من الْبَهَائِم

(1/466)


وَالْعَبِيد من كل جنس
وَالسَّابِع بيع المضامين وَهُوَ بيع مَا تضمنه الاناث فِي بطونها من كل جنس
وَالثَّامِن بيع حَبل الحبلة وَهُوَ بيع مَا تحمل الحبلى اذا ولد وَكبر
وَالتَّاسِع بيع المخاضرة وَهُوَ بيع الثِّمَار على الاشجار قبل ان يَبْدُو صَلَاحه
والعاشر بيع ضَرْبَة الغائص وَهُوَ ان يَقُول الغائص لرجل بِعْت مِنْك ضَرْبَة بِكَذَا من الثّمن ثمَّ يغوص فَمَا اخْرُج من شَيْء من قَعْر الْبَحْر فَيكون لَهُ بذلك الثّمن
وَالْحَادِي عشر بيع الْغرَر وَهُوَ ان يَبِيع الرجل من الرجل مَا تحمل نخله من هَذِه السّنة اَوْ مَا تخرج أرضه من الزَّرْع فِي هَذِه السّنة وَنَحْوه

(1/467)


وَالثَّانِي عشر بيع الْمُضْطَر وَهُوَ ان يضْطَر الرجل الى طَعَام اَوْ شراب اَوْ لِبَاس اَوْ غَيره وَلَا يَبِيعهُ البَائِع الا بِأَكْثَرَ من ثمنه بِكَثِير وَكَذَلِكَ فِي الشِّرَاء مِنْهُ
وَالثَّالِث عشر بيع الكالئ وَهُوَ بيع النَّسِيئَة من كل شَيْء

(1/468)


وَالرَّابِع عشر بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نسيئها وَهُوَ ان يَبِيع الْفرس بِالْعَبدِ وَالْعَبْد عائب وَنَحْو ذَلِك
وَالْخَامِس عشر بيع المعاومة وَهُوَ ان يَقُول بِعْت مِنْك مَا يخرج من ارضي اَوْ شجري كَذَا عَاما بِكَذَا درهما
وَالسَّادِس عشر بيع مَا لم يقبض قَالَ مَالك مَعْنَاهُ فِي الطَّعَام دون غَيره وَقَالَ ابو حنيفَة وابو يُوسُف هُوَ على الطَّعَام والمنقولات دون الْعقار وَقَالَ مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ وابو عبد الله على الْجَمِيع

(1/469)


وَعَن ربح مَا لم يضمن وَهُوَ ان يكون المُشْتَرِي اشْترى السّلْعَة وَتَكون فِي يَد البَائِع فجنى عَلَيْهَا نسان فَاتبع المُشْتَرِي الْجَانِي فاخذ مِنْهُ اكثر مِمَّا اعطى فِي ثمنهَا فانه لَا يحل لَهُ الاكثر
وَالسَّابِع عشر بيع وَسلف وَهُوَ ان يَقُول الرجل ابيعك هَذَا الشَّيْء

(1/470)


على ان تقرضني كَذَا اَوْ اقرضك كَذَا
وَالثَّامِن عشر بيعان فِي بيع وَاحِد وَهُوَ ان يَقُول ابيعك هَذِه الْجَارِيَة بِكَذَا درهما على ان ابيعك هَذَا الْغُلَام بِكَذَا اَوْ على ان تبيعني عَبدك بِكَذَا
وَالتَّاسِع عشر شَرْطَانِ فِي بيع وَهُوَ ان يَقُول ابيعك هَذَا الشَّيْء بِعشْرَة دَرَاهِم ان نقدتني وبخمسة عشر ان اعطيتني فِي شهر
وَالْعشْرُونَ بيع الثنيا وَهُوَ ان يَقُول الرجل ابيعك هَذِه الْحِنْطَة

(1/471)


جزَافا بِكَذَا درهما غير عشرَة افقرة مِنْهَا وَنَحْوه
وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ بيع المواصفة وَهُوَ ان يَبِيع شَيْئا لم يكن عِنْده
وَالثَّانِي وَالْعشْرُونَ بيع العربان وَيُقَال الاربان وَهُوَ ان يَشْتَرِي

(1/472)


الرجل السّلْعَة فَيدْفَع الى البَائِع دَرَاهِم على انه ان اخذ السّلْعَة كَانَت تِلْكَ الدَّرَاهِم من الثّمن وان لم يَأْخُذ فيسترد الدَّرَاهِم
وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ بيع المَاء وَالنَّار والكلأ
فَأَما المَاء اذا احرزه فِي وعَاء فقد ملكه وَجَاز بَيْعه فَأن جعل حوضا وجصصه ثمَّ أجْرى المَاء فِيهِ فَيجوز بَيْعه عِنْد الْفُقَهَاء وَقد ملكه وَفِي قَول أبي عبد الله لَا يجوز الا اذا صب المَاء فِيهِ بالقلل اَوْ الدلاء اَوْ الْقرب واما النَّار اذا صَارَت فحما قَالَ بعض الْفُقَهَاء يجوز بيعهَا واما الْكلأ اذا احرزه جَازَ بَيْعه وَقد صَار ملكا لَهُ وَسَوَاء نبت الْكلأ فِي أرضه اَوْ فِي أَرض غَيره

(1/473)


وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ بيع الصَّيْد فِي الأجام الا ان يحرزه وَيقدر على اخذه من غير صيد
وَالثَّلَاثُونَ بيع الطير فِي الْهَوَاء وَبيع السّمك فِي المَاء الا ان يَجعله فِي مَكَان يقدر على ان يَأْخُذهُ بِالْيَدِ

مَا يفْسد البيع
قَالَ وَيفْسد البيع سَبْعَة اشياء
أَجدهَا جَهَالَة الثّمن وَالثَّانِي جَهَالَة الاجل
وَرُبمَا يردان الى الصِّحَّة لانها من تَوَابِع العقد
وَالثَّالِث جَهَالَة الْمَبِيع وَهَذَا لَا يرد الى الصِّحَّة بل يسْتَقْبل البيع الا ان يجده انقص مِمَّا سمى كَمَا وَصفه فَلَا يكون البيع بيعا اذا كَانَ الْمَبِيع مَجْهُولا
وَالرَّابِع شَرط الْخِيَار اذا كَانَ اكثر من ثَلَاثَة ايام فِي قَول ابي حنيفَة
وَالْخَامِس ان يشْتَرط فِي البيع شَرط تكون فِيهِ مَنْفَعَة للْبَائِع وَهُوَ ان يَقُول بِعْتُك هَذَا الشَّيْء على ان تبيعه مني اذا اردت ان تبيعه اَوْ تقْرض لي قرضا اَوْ تهب لي شَيْئا اَوْ تدفع الى رَأسهَا اذا كَانَت شَاة اَوْ كرشها اَوْ جلدهَا وَنَحْو ذَلِك
وَالسَّادِس ان يشْتَرط فِيهِ مَنْفَعَة للْمُشْتَرِي وَهُوَ ان يَقُول المُشْتَرِي اشْتريت مِنْك على ان تحمله الى دَاري اَوْ تشتري مني كَذَا اَوْ تبيع مني كَذَا وَكَذَا اَوْ تهب لي كَذَا اَوْ تستأجره مني وَنَحْو ذَلِك
وَالسَّابِع ان يشترطا شرطا يكون فِيهِ مَنْفَعَة للْمُبْتَاع وَهُوَ ان يَقُول

(1/474)


وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ عَن ابْن عَبَّاس انه نهى عَن بيع الالبان فِي الضروع
وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ عَن بيع الدّين بِالدّينِ وَهُوَ ان يكون لرجل دين من ثمن مَتَاع بَاعه مِنْهُ اَوْ قرض من حِنْطَة اَوْ شعير اَوْ شَيْء من الْوَزْن فيبيعه من رجل اخر اَوْ من ذَلِك الرجل نسيئا فَأن ذَلِك لَا يجوز
وَالسَّادِس وَالْعشْرُونَ عَن بيع الصَّدَقَة قبل ان تقبض وَهِي صَدَقَة الْوَالِي يُعْطِيهَا لاهلها وَأَهْلهَا من ذكرهم الله تَعَالَى فِي آيَة {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} الْآيَة
وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ عَن بيع الْغَنَائِم ثمَّ قبل ان تقسم وَهِي مَا غنم الْمُسلمُونَ من الْكفَّار
وَالثَّامِن وَالْعشْرُونَ بيع مَا على ظُهُور الْغنم

(1/475)


ابيعك هَذَا العَبْد على ان تعتقه اَوْ تدبره اَوْ ابيعك هَذِه الامة على ان تستولدها اَوْ هَذِه الارض على ان سقفها اَوْ تبنيها مَسْجِدا اَوْ رِبَاطًا وَنَحْو ذَلِك

الشَّرْط فِي البيع
وَاعْلَم ان الشَّرْط فِي البيع على وَجْهَيْن
شَرط يُوجِبهُ عقد البيع وَالْملك
وَشرط لَا يُوجِبهُ عقد البيع وَالْملك
اما الشَّرْط الَّذِي يُوجِبهُ عقد البيع وَالْملك فانه لَا يفْسد البيع مثل قَوْلك بِعْتُك هَذَا الشَّيْء على شَرط ان تنقد الثّمن اَوْ تقبله مني اَوْ تطعمه اَوْ تكسوه اَوْ لَا تظلمه ان كَانَ عبدا اَوْ تعلفه ان كَانَ دَابَّة فَهَذِهِ الشُّرُوط لَا تفْسد البيع
واما الشَّرْط الَّذِي لَا يُوجِبهُ عقد البيع فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما لَا يفْسد البيع وَالْآخر يُفْسِدهُ
اما الَّذِي لَا يفْسد البيع فَهُوَ على سِتَّة أوجه

(1/476)


اويهما شَرط الْخِيَار وَقد تقدم ذكره
وَالثَّانِي نقد الْجِنْس وَهُوَ ان يَقُول بِعْتُك هَذَا الشَّيْء على ان تنقدني من ثمنه ذَهَبا اَوْ فضَّة اَوْ نقد الْبَلَد وَنَحْو ذَلِك
وَالثَّالِث شَرط الرَّهْن مثل قَوْلك بِعْتُك هَذَا الشَّيْء على ان ترهن لي قِيمَته رهنا مُسَمّى فان لم يكن الرَّهْن مُسَمّى فَالْبيع لَا يجوز لَان الرَّهْن بِمَنْزِلَة الثّمن فاذا لم يكن مَعْلُوما لَا يجوز
وَالرَّابِع شَرط الاجل وَيَنْبَغِي ان يكون الاجل مَعْلُوما
وَالْخَامِس شَرط الْكفَالَة وَيَنْبَغِي ان يكون الْكَفِيل مَعْلُوما مُسَمّى حَاضرا فاذا كَانَ مُسَمّى وَلم يكن حَاضرا فَلَا يجوز لانه لَا يدْرِي ايكفل الْكَفِيل ام لَا
وَالسَّادِس شَرط الرُّؤْيَة وَقد تقدم ذكره وَمَا يرد عَلَيْك من مثل هَذَا فانه لَا يفْسد البيع

مَا لَا يُوجِبهُ عقد البيع من الشُّرُوط وَيفْسد بِهِ البيع
واما الشَّرْط الَّذِي لَا يُوجِبهُ عقد البيع وَالْملك وَيفْسد بِهِ البيع فَهُوَ على ثَلَاثَة اوجه

(1/477)


ان يكون فِيهِ مَنْفَعَة للْبَائِع اَوْ المُشْتَرِي اَوْ للْمُبْتَاع وَقد تقدم ذكره
حكم الصَّفْقَة
قَالَ وَحكم الصَّفْقَة على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يكون بدؤها من البَائِع
وَالثَّانِي ان يكون من المُشْتَرِي
وَالثَّالِث ان لَا يكون من البَائِع وَلَا من المُشْتَرِي الا انه يكون برضاهما وَكلهَا جَائِزَة

(1/478)


فاما الَّذِي يكون من البَائِع فَهُوَ ان يَقُول للْمُشْتَرِي بِعْت مِنْك هَذِه السّلْعَة بِكَذَا فَيَقُول قبلت اَوْ قَالَ اشْتريت
واما الَّذِي يكون من المُشْتَرِي فانه يَقُول للْبَائِع اشْتريت بِكَذَا من الثّمن فَيَقُول البَائِع رضيت أَو قَالَ بِعْت فاذا كَانَ كَذَلِك فقد ملك المُشْتَرِي السّلْعَة تفَرقا اَوْ لم يَتَفَرَّقَا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَقَالَ الشَّافِعِي تملك بافتراق الابدان
وَلَو قَالَ المُشْتَرِي بِعني هَذِه السّلْعَة بِكَذَا فَيَقُول البَائِع بِعْت فَلَيْسَ بِبيع حَتَّى يَقُول الاخر اشْتريت اَوْ قَالَ قبلت
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ البَائِع ابيع بِكَذَا فَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت لم يكن

(1/479)


بيعا حَتَّى يَقُول البَائِع رضيت اَوْ قَالَ بِعْت
واما الثَّالِث فَهُوَ ان يتساوما على خبز اَوْ لحم اَوْ شَيْء مِمَّا يتَسَامَح النَّاس فِي شِرَائِهِ فَلَمَّا وَقفا على الثّمن دَفعه اليه وَقبض الثّمن فَهُوَ بيع وان لم يتلكما بِالْبيعِ وَكَذَلِكَ لَو دَفعه على مَا رَضِيا بِهِ وَقَبضه الآخر فَذهب بِهِ فَهُوَ بيع
شِرَاء الدَّار والارض
قَالَ واذا اشْترى دَارا اَوْ ارضا اَوْ قناة فان صفته على ثَلَاثَة اوجه
احدهما ان يَقُول بعتها بحدودها فَفِي هَذِه الْحَالة يدْخل فِيهَا الْجِدَار وَالْبناء والارض وَالشَّجر دون الطَّرِيق وَالشرب وَالزَّرْع وَالثِّمَار
وَالثَّانِي ان يَقُول بِعْت بحدودها ومرافقها اَوْ قَالَ بِكُل حق هُوَ لَهَا دخل فِيهِ الطَّرِيق وَالشرب ايضا
وَالثَّالِث ان يَقُول بحدودها ومرافقها وَبِكُل حق هُوَ لَهَا وَمِنْهَا دَاخل فِيهَا وخارج مِنْهَا دخل فِيهِ الثَّمر وَالزَّرْع ايضا
انواع الْقَبْض
قَالَ وَالْقَبْض على خَمْسَة اوجه
احدها قبض الْكَرم وَالدَّار وَمَا لَهُ غلق وَبَاب فِيمَا لم يسلم البَائِع الْمِفْتَاح

(1/480)


الى المُشْتَرِي اَوْ يقبض المُشْتَرِي بأذن البَائِع فَلَيْسَ بِقَبض واذا كَانَ فِي وسط الْكَرم وَالدَّار وَقَالَ البَائِع سلمت اليك فَلَا يحْتَاج حِينَئِذٍ الى قبض الْمِفْتَاح
وَالثَّانِي قبض الارض فَمَا لم يدْخل فِيهَا اَوْ يمر على حد من حُدُودهَا وَيَرَاهُ فَلَا يكون قيضا فاذا دخل فِيهَا وَمر على حد من حُدُودهَا فَيكون قبضا عِنْد ذَلِك

مطلب فِي قبض الْحَيَوَان
وَالثَّالِث قبض الْحَيَوَان وَهُوَ ان يكون فِي مَوضِع يصل اليه بِيَدِهِ أَو الى لجامه أَو مقوده فَيكون قبضا

مطلب قبض الكيلى
وَالرَّابِع قبض الكيلى فانه اكتاله المُشْتَرِي فِي وعائه اَوْ كاله البَائِع فِي وعائه بِمحضر مِنْهُ اَوْ من وَكيله فَيكون قبضا وَلَو دفع الْوِعَاء الى البَائِع فكاله فِيهِ بِغَيْر محْضر مِنْهُ يكون قبضا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا يكون قبضا فِي قَول الشَّافِعِي وَمَالك وَمُحَمّد بن صَاحب حَتَّى يُسلمهُ الى المُشْتَرِي واما اذا كَانَ سلما اَوْ قرضا فيكال فِي وعَاء رب السّلم اَوْ صَاحب الدّين بِغَيْر محْضر مِنْهُ فَلَا يكون قبضا مُتَّفقا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي قبض الوزنى بِعَيْنِه

(1/481)


وَالْخَامِس قبض الْعرُوض وَهُوَ ان يُسَلِّمهَا الى المُشْتَرِي بِحَيْثُ تتناولها يَد المُشْتَرِي وخلى بَينه وَبَينهَا من غير حاجز ومانع

قبض الحكم والرقبة
قَالَ وَالْقَبْض قبضان
قبض حكم وَقبض رَقَبَة قبض حَقِيقِيّ
فَقبض الحكم مِثَاله ان يَشْتَرِي عبدا ثمَّ يقْتله اَوْ يقفأ عينه اَوْ يكسر رجله وَنَحْو هَذَا فقد صَار قَابِضا للْعَبد بِهَذِهِ الْجِنَايَة
وَقبض الرَّقَبَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْوُجُوه الْخَمْسَة
الْقَبْض فِي الْمَضْمُون
قَالَ وَمن كَانَ عِنْده مَضْمُون فَاشْتَرَاهُ من صَاحبه فَلَا يحْتَاج الى قبض آخر مثل الْغَصْب وَالرَّهْن وَالسَّرِقَة وَنَحْوهَا

الْقَبْض فِي الامانة
وَمن كَانَ عِنْده شَيْء امانة فَاشْتَرَاهُ من صَاحبه فَلَا يكون قبضا حَتَّى يرجع اليه وينظره فِيهِ اَوْ يَأْخُذهُ

بيع مَا ينْبت
قَالَ وَبيع مَا نبت فِي الارض على سَبْعَة اوجه
احدها الكلاء وَلَا يجوز بَيْعه مَا دَامَ قَائِما فِي الارض فاذا جزه فقد

(1/482)


ملكه وَيجوز حِينَئِذٍ بَيْعه
وَالثَّانِي المباطخ والمقائيء فَيجوز بيعهَا وشراؤها اذا لم يكن على شَرط ان يَتْرُكهَا فِيهَا وَيَقُول المُشْتَرِي اشْتريت مِنْك مَا خرج وَمَا يخرج فان البيع عِنْد ذَلِك فَاسد واذا اشْتَرَاهَا على ان يقلعها اَوْ يكون البيع على سكُوت فَهُوَ جَائِز فان تَركهَا بعد ذَلِك فِي الارض بِغَيْر اذن صَاحب الارض فَلَا تحل لَهُ الزِّيَادَة وان تَركهَا بأذنه طابت الزِّيَادَة فان اسْتَأْجر الارض من البَائِع الى مُدَّة ادراكه فَهُوَ جَائِز وَهُوَ احسن
وَالثَّالِث الثَّمَرَة على رُؤْس الاشجار دون اصولها فَهُوَ جَائِز ابدا وَهُوَ ان يبْتَاع الثَّمَرَة بعد ادراكها أَو اتِّبَاع الحصرم والبلح قبل ان يدْرك على ان يجذه فان اشْتَرَاهُ على ان يتْركهُ فِي الشَّجَرَة حَتَّى يدْرك فسد البيع فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد بن صَاحب وَفِي قَول مُحَمَّد بن الْحسن ان كَانَ صَلَاحهَا لم يبد فَالْبيع فَاسد وان كَانَ قد بدا فَالْبيع جَائِز وَالشّرط جَائِز وَبِه اخذ الطَّحَاوِيّ
وَالرَّابِع بيع القوائم على الشَّجَرَة فَهُوَ جَائِز ايضا لَان مَوضِع الْقطع مَعْلُوم ايضا مِنْهَا اذا كَانَ على شَرط الْقطع وان كَانَ على شَرط التّرْك فَهُوَ فَاسد ايضا كَمَا ذَكرْنَاهُ
وَالْخَامِس بيع الشَّجَرَة باصلها دون الثَّمَرَة فَهُوَ جَائِز أَيْضا واذا بَاعَ الرجل شَجرا اَوْ نخلا فِيهَا ثَمَر قد بدا مِنْهَا فالثمرة للْبَائِع وَعَلِيهِ قطعهَا من شَجَرَة المُشْتَرِي وَمن نخله وَلَيْسَ للْبَائِع تَركهَا الى الْجذاذ وَلَا الى غَيره وان تَركهَا باذن المُشْتَرِي فَهُوَ جَائِز

(1/483)


وَالسَّادِس بيع مَا تَحت الارض مثل البصل والثوم والجزر والسلجم والفجل وَغَيره فَهُوَ جَائِز وعَلى المُشْتَرِي قلعه فان قلعه ثمَّ قَالَ لَا ارضاه لم يكن لَهُ رده فان وجد بِهِ عَيْبا رَجَعَ بِنُقْصَان الْعَيْب من الثّمن فان قَالَ المُشْتَرِي لَا اقلعه لاني لم ار ذَلِك فان قلعته لزمني لم يجْبر على ذَلِك وَقيل للْبَائِع اقلعه ان شِئْت فان قلعه فَرضِي بِهِ المُشْتَرِي جَازَ ذَلِك وَلَو قَالَ المُشْتَرِي لَا ارضي انْفَسَخ البيع
وَالسَّابِع بيع الرطاب الْقَائِمَة فِي الارض جَائِز بيعهَا اذا كَانَ على شَرط الْجذاذ اَوْ على السُّكُوت وَكَانَ عَلَيْهِ جذاذها وان كَانَ على شَرط التّرْك فِي ارضه كَانَ البيع فَاسِدا وان اشْتَرَاهَا على ان يجذها ثمَّ تَركهَا فزادت لم تطب لَهُ الزِّيَادَة وان تَركهَا باذنه طابت لَهُ الزِّيَادَة

انواع الرِّبَا
واما الرِّبَا فَهُوَ ثَلَاثَة اوجه
احدها فِي القروض
وَالثَّانِي فِي الدُّيُون
وَالثَّالِث فِي الرهون
الرِّبَا فِي القروض
فاما فِي القروض فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدها ان يقْرض عشرَة دَرَاهِم باحد عشر درهما اَوْ بِاثْنَيْ عشر وَنَحْوهَا

(1/484)


وَالْآخر ان يجر الى نَفسه مَنْفَعَة بذلك الْقَرْض اَوْ تجر اليه وَهُوَ ان يَبِيعهُ الْمُسْتَقْرض شَيْئا بارخص مِمَّا يُبَاع اَوْ يؤجره اَوْ يَهبهُ اَوْ يضيفه اَوْ يتَصَدَّق عَلَيْهِ بِصَدقَة اَوْ يعْمل لَهُ عملا يُعينهُ على اموره اَوْ يعيره عَارِية أَو يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئا بأغلى مِمَّا يَشْتَرِي اَوْ يسْتَأْجر اجارة باكثر مِمَّا يسْتَأْجر وَنَحْوهَا وَلَو لم يكن سَبَب ذَلِك هَذَا الْقَرْض لما كَانَ ذَلِك الْفِعْل فان ذَلِك رَبًّا وعَلى ذَلِك قَول ابراهيم النَّخعِيّ كل دين جر مَنْفَعَة لَا خير فِيهِ
الرِّبَا فِي الدّين
واما الرِّبَا فِي الدّين فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدها ان يَبِيع رجلا مَتَاعا بِالنَّسِيئَةِ فَلَمَّا حل الاجل طَالبه رب الدّين فَقَالَ الْمَدْيُون زِدْنِي فِي الاجل ازدك فِي الدَّرَاهِم فَفعل فان ذَلِك رَبًّا
وَالثَّانِي ان يَقُول رب الدّين للمديون قبل مَحل الاجل اعطني مَالِي فاحط عَنْك بَعْضًا من ديني فَفعل فان ذَلِك رَبًّا للمديون وَلَا يحل لَهُ ذَلِك

(1/485)


الرِّبَا فِي الرَّهْن
واما الرِّبَا فِي الرَّهْن فان ذَلِك على وَجْهَيْن
احدهما فِي الِانْتِفَاع بِالرَّهْنِ
والاخر باستهلاك مَا يخرج من الرَّهْن
فاما الِانْتِفَاع بِالرَّهْنِ مثل العَبْد يستخدمه وَالدَّابَّة يركبهَا والارض يَزْرَعهَا وَالثَّوْب يلْبسهُ والفرش يبسطه وَنَحْوهَا
فاما الِاسْتِهْلَاك مَا يخرج مِنْهُ فَمثل الْأمة يسترضعها الصبية وَالْبَقر يشرب من لَبنهَا وَالْغنم يجز صوفها وَالشَّجر يَأْكُل ثمارها فان ذَلِك كُله رَبًّا وَلَا يحل ذَلِك لانه لَيْسَ للْمُرْتَهن فِي الرَّهْن حق سوى الْحِفْظ
مطلب فِي الاحتكار
واما الاحتكار فَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه هُوَ ان يَشْتَرِي من مصره الطَّعَام فيحتكره عَلَيْهِم وَلَهُم اليه حَاجَة

(1/486)


فاما مَا يجلبه من مصر أخر اَوْ من نَاحيَة اخرى اَوْ يُصِيبهُ من ارضه فَلهُ ان يمسِكهُ حَتَّى يُصِيب من الثّمن مَا يُرِيد سَوَاء أَكَانَت بِأَهْل مصر

(1/487)


اَوْ يَقُول ان فعل كَذَلِك فأمرأته طَالِق وان فعل كَذَا فعبده حر وان فعل كَذَا فأمته مُدبرَة ثمَّ فعل فان امْرَأَته تطلق وَعَبده يعْتق وامته تصير مُدبرَة مُتَّفقا
وَالثَّالِث ان يَقُول ان فعل كَذَا فَعَلَيهِ حجَّة وَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة وَعَلِيهِ صَوْم سنة اَوْ يَقُول عَلَيْهِ حجَّة وَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة وَعَلِيهِ صَوْم سنة ان فعل كَذَا اَوْ يَقُول ان فعل كَذَا فَعَلَيهِ حجَّة وان فعله فَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة وان فعله فَعَلَيهِ صَوْم سنة ثمَّ يَفْعَله فان عَلَيْهِ حجَّة وَصَوْم سنة وَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد الله عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَمَالك
وَالرَّابِع ان يَقُول ان فعل كَذَا فأمرأته طَالِق وان فعله فعبده حر وان فعله فَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة اَوْ يَقُول امْرَأَته طَالِق وَعَبده حر وَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة ان فعل كَذَا اَوْ يَقُول ان فعل كَذَا فأمرأته طَالِق وَعَبده حر وَمَاله فِي الْمَسَاكِين صَدَقَة ثمَّ يفعل ذَلِك الْفِعْل فان امْرَأَته تطلق وَمَاله صَدَقَة وَعَبده حر وَعَلِيهِ حجَّة فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول ابي عبد الله وَاحْمَدْ بن حَنْبَل امْرَأَته طَالِق وَعَبده حر وَعَلِيهِ كَفَّارَة يَمِين
تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْيَمين على النِّكَاح
قَالَ واذا حلف الرجل على يَمِين وقيدها بِالنِّكَاحِ فانه على سِتَّة اوجه
احدها ان يَقُول ان تزوجت امْرَأَة فَهِيَ طَالِق ثمَّ تزوج امْرَأَته فانها تطلق فِي قَول ابي حنيفَة وَأَصْحَابه وَلَا تطلق فِي قَول ابي عبد الله

(1/488)


وَفِي قَول ابي عبد الله سَوَاء كُله فَمَا احْتَاجَ اليه اهل الْمصر فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْع وللسلطان ان يجْبرهُ على البيع
وَالرجل اذا بَاعَ بيعا ثمَّ اشْترى بِهِ بَاقِل مِمَّا بَاعه اَوْ اكثر قبل ان ينْتَقد الثّمن اَوْ بَعْدَمَا انتقد فانه جَائِز كُله فِي قَول الشَّافِعِي
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه هُوَ جَائِز الا ان يَشْتَرِيهِ بَاقِل مِمَّا بَاعه قبل ان ينْتَقد الثّمن فان ذَلِك لَا يجوز
وَفِي قَول ابي عبد الله وَالشَّيْخ هُوَ جَائِز كُله مَا لم يكن حِيلَة للربا فان كَانَ ذَلِك لم يحل شَيْء من ذَلِك وَلَا يجوز

بيع السّمن وَقعت فِيهِ الفارة
قَالَ واذا وَقعت الفارة فِي السّمن اَوْ الزَّيْت اَوْ اللَّبن وَنَحْوهَا وَمَاتَتْ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز ان ينْتَفع بِهِ فِي شَيْء وان بَاعه فَالْبيع بَاطِل

(1/489)


وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله يجوز ان ينْتَفع بِهِ مثل ان يُوقد بِهِ سراج اَوْ يدبغ بِهِ جلد وان بَاعه وَبَين فَالْبيع جَائِز وَقَالَ الْفُقَهَاء الْحُرْمَة اذا كَانَت قَوِيَّة لَا يحل فِيهَا العقد
والمباشرة كَذَا مثل الْخمر وَالْميتَة وَالدَّم لَا يجوز بيعهَا وَلَا اكلها وَلَا شربهَا
وَالْحُرْمَة اذا كَانَت ضَعِيفَة يحل فِيهَا العقد وَلَا تحل فِيهَا الْمُبَاشرَة مثل الدّهن اذا وَقعت فِيهِ الفارة يحل بَيْعه وَلَا يحل اكله وشربه وَكَذَلِكَ مَا اشبه ذَلِك

بيع الْعصير مِمَّن يَجعله خمرًا
قَالَ وَبيع الْعصير مِمَّن يَجعله خمرًا فان ابا حنيفَة واصحابه لايرون بِهِ باسا وَفِي قَول ابي عبد الله لَا يجوز لانه عون على الْمعْصِيَة

(1/490)


واما البيع مِمَّن لَا يَجعله خمرًا فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ بيع الْحَطب للمجوسي فيوقدون بِهِ النَّار الَّتِي يعبدونها

بيع الْكَلْب
وَبيع الْكَلْب حرَام فِي قَول الشَّافِعِي
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله لَا بَأْس بذلك اذا كَانَ الْكَلْب صيادا اَوْ حارسا كَثمن الْهِرَّة وَهِي من السبَاع بِلَا خلاف