النتف في الفتاوى

الامانات

كتاب الشّركَة
اعْلَم ان الامناء سِتَّة عشر صنفا
1 - الشَّرِيك 2 وَالْمُضَارب 3 والمزارع 4 والمستودع 5 والمستبضع 6 وَالْمُسْتَعِير 7 والأجير الْخَاص 8 والأجير الْمُشْتَرك فِي قَول ابي حنيفَة وأبب عبد الله 9 وَالْوَكِيل 10 وَالْوَصِيّ 11 والمعامل 12 والملتقط 13 وواجد اللَّقِيط 14 وواجد الضَّالة 15 وآخذ الابق فِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَلَيْسوا بامناء فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد اعني وَاجِد اللّقطَة وآخذ الضَّالة وآخذ الابق الا اذا قَالُوا اخذنا لردها على أَرْبَابهَا وَعَلَيْهِم الْبَيِّنَة فِي قَوْلهم

(1/529)


قَالَ وَالشَّرِكَة سنة من لدن نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام الى زَمَاننَا هَذَا وَهِي مَأْخُوذَة من ثَلَاثَة اصول
الْمُضَاربَة وَالْكَفَالَة وَالْوكَالَة
وكل شَيْء لَا تجوز فِيهِ الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْمُضَاربَة لَا تجوز فِيهِ الشّركَة والشريكان كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل عَن صَاحبه ووكيل عَنهُ ايضا
فاما الْوكَالَة وَالْكَفَالَة فعلى معنى انهما لَا يكونَانِ فِيمَا يكون اصله مُبَاحا كالاحتشاش والاحتطاب واخذ السَّمَكَة وَمَا اشبه ذَلِك
وَالشَّرِكَة ايضا لَا تجوز فِيمَا اصله مُبَاح
فَأَما الْمُضَاربَة فعلى معنى ان الْمُضَاربَة لَا تجوز الا فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والفلوس وَكَذَا الشّركَة لَا تجوز الا بِهَذِهِ الثَّلَاث

انواع الشّركَة
وَاعْلَم ان الشّركَة على وَجْهَيْن
شركَة اموال
وَشركَة ابدان

شركَة الابدان
فَأَما شركَة الابدان فعلى خَمْسَة اوجه
أَحدهَا شركَة الْمُفَاوضَة وَسميت مُفَاوَضَة لَان كل وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ فوض امْرَهْ الى صَاحبه ولانها مَأْخُوذَة من الفوضى وَهُوَ الاسْتوَاء

(1/530)


فِي الْعَرَبيَّة

شَرَائِط الْمُفَاوضَة
وَيَنْبَغِي لَهَا خمس شَرَائِط
يَنْبَغِي ان يَكُونَا حُرَّيْنِ بالغين مُسلمين مستويين فِي رَأس المَال مستويين فِي الرِّبْح والوضيعة اما الحران من معنى ان تِجَارَة الْحر اعم من تِجَارَة العَبْد وَيجوز للْحرّ شِرَاء كل شَيْء مِمَّا لَا يجوز للْعَبد
واما ان يَكُونَا مُسلمين لانه يجوز للذِّمِّيّ شِرَاء مَا لَا يجوز للْمُسلمِ مثل الْخمر وَالْخِنْزِير وَنَحْوهَا
واما ان يَكُونَا بالغين لانه يجوز للبالغ الشِّرَاء وَالْبيع وَلَا يجوز للصَّبِيّ ان يتجر الا بأذن الْوَلِيّ
واما ان يَكُونَا مستويين فِي رَأس المَال وَهُوَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَيجوز ان لَا يَكُونَا مستويين فِي الْعقار وَالْعرُوض لَان التِّجَارَة انما تكون فِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَهُوَ رَأس المَال
واما ان يَكُونَا مستويين فِي الرِّبْح والوضيعة لانه لَا يجوز ان يكون مَال احدهما اكثر من مَال الآخر من قبل الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ولان عقد

(1/531)


الشّركَة وَقع بَينهمَا على التَّسَاوِي وَفِي ان لكل وَاحِد مِنْهُمَا ان يعْمل اَوْ لَا يعْمل بِيَدِهِ وَيَنْبَغِي لَهما ان يعقدا على هَذَا
وَالنَّفقَة على التَّسَاوِي
ولواحد مِنْهُمَا ان يَبِيع المَال جَمِيعًا
وَللْآخر ان يتقاضاه
واذا وَقع لَهما دين على ذَلِك فانكر فاستحلفه احدهما فَلَيْسَ للْآخر ان يستحلفه
وان وَقع عَلَيْهِمَا دين لرجل فَلهُ ان يحلفهما الا ان الَّذِي اعطاه المَال يحلفهُ على الْبَتَات وَالثَّانِي على الْعلم
وان اقر احدهما بدين على نَفسه لزم الآخر
وكل شَيْء وَجب على اُحْدُ الْمُتَفَاوضين فانه يجب على صَاحبه ايضا الا ثَلَاثَة اشياء
اقراره بِمهْر امْرَأَته
وارش الْجِنَايَة
وَعتق الرَّحِم الْمحرم
وَمَتى فَسدتْ الْمُفَاوضَة فَصَارَت شركَة عنان فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا ان يحلف وَاحِدًا بِفعل صَاحبه حلفا وَاحِدًا فان حلفه فَلَيْسَ لصَاحبه ان يحلفهُ

(1/532)


وان كفل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَال ثَبت على الآخر فِي قَول أبي حنينة وللمكفول لَهُ ان يُطَالب ايهما شَاءَ بِمَا لَهُ
وَلَا يجوز فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد
والمفاوضة لَيست بِشَيْء عِنْد الشَّيْخ وَهِي والعنان سَوَاء عِنْده وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وابي ثَوْر

شركَة الْعَنَان
واما شركَة الْعَنَان فالعنان هُوَ الِاعْتِرَاض وَذَلِكَ لانه اعْترض لَهَا نوع من التِّجَارَة وَهُوَ ان يُسمى كل وَاحِد مِنْهَا شَيْئا من مَاله فيتساويان فِي ماليهما فَأن كَانَ مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا كَمَال صَاحبه جَازَ أَيْضا
وَيجوز تَفْضِيل الرِّبْح فِيهِ فِي قَول الْفُقَهَاء لَعَلَّ احدهما ان يكون اكيس فِي الْعلم وَأعلم بِالتِّجَارَة وَلَا يجوز تَفْضِيل الوضيعة
وَلَا يُؤْخَذ احدهما بِمَا يجب على الثَّانِي من اقرار أَو حلف أَو مَال خلافًا للمفاوضة
وَكره زفر وَالشَّافِعِيّ وابو عبد الله وَمُحَمّد بن صَاحب تَفْضِيل الرِّبْح ان كَانَ المالان سَوَاء وتسوية الرِّبْح اذا كَانَ مَال احدهما اكثر من مَال الاخر
اما تَفْضِيل الوضعية فَلَا يجوز مُتَّفقا

شركَة الْخَاص اَوْ الْخَيْر
وَالثَّالِث شركَة الْخَاص وَتسَمى ايضا شركَة الْخَيْر وَهِي ان يرثا

(1/533)


مِيرَاثا اَوْ يقبلا وَصِيَّة اَوْ توهب لَهما هبة مُتَسَاوِيَة بَينهمَا اَوْ اشتريا مَالا عبدا اَوْ دَابَّة اَوْ غَيرهمَا بصفقة وَاحِدَة وَهَذِه شركَة وَقعت لَهما فِيمَا ذكرنَا لَيست بشركة عقد يعقدان عَلَيْهَا فَالرِّبْح والوضعية على رَأس المَال لَا يجوز تَفْضِيل الرِّبْح وَلَا الوضيعة فِي هَذِه الشّركَة

شركَة الْوُجُوه
وَالرَّابِع شركَة الْوُجُوه وَهُوَ ان لَا يكون لِرجلَيْنِ مَال فذهبا واشتريا مَالا نَسِيئَة يتجران فِيهِ وَلَا يجوز ايضا فِي هَذِه الشّركَة تَفْضِيل الرّيح وَلَا الوضعية
وَلَو بَاعَ اُحْدُ بِغَيْر حَضْرَة من صَاحبه فَهُوَ جَائِز لانهما تَرَاضيا بفعلهما
وَلَا يجوز فِي شركَة الْخَاص ان يَبِيع احدهما بِغَيْر محْضر من صَاحبه وَجَاز البيع عَلَيْهِ فِي حِصَّته

الشّركَة المشاعة
وَالْخَامِس الشّركَة المساعة وَهُوَ ان يكون لِرجلَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا مَتَاع فقوما المتاعين فَكَانَت القيمتان سَوَاء فَبَاعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف مَتَاعه بِنصْف مَتَاع صَاحبه مشَاعا غير مقسوم ثمَّ اشْتَركَا على ان يشتريا ويبيعا جَمِيعًا وشتى فَأن ربحا فبينهما نِصْفَانِ وان وضعا فعلَيْهِمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ لَو احضر كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة مختوم من حِنْطَة جَيِّدَة فخلطاها ثمَّ باعا واشتريا كَمَا ذكرنَا فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ جَمِيع الكيلي والوزني

(1/534)


شركَة الابدان
واما شركَة الابدان فعلى خَمْسَة اوجه
ان يشْتَرك الخياطان اَوْ الساجان اَوْ الاسكافيان على ان يتقبلا الاعمال ويعملا على ان يكون النَّفْع بَينهمَا نِصْفَيْنِ جَازَ ذَلِك
وان اشْترطَا ان يكون لاحدهما الثُّلُث وَللْآخر الثُّلُثَانِ جَازَ ذَلِك عِنْد الْفُقَهَاء وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الشَّيْخ وَيكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ
وَكَذَلِكَ اشْترطَا ان تكون الوضيعة بَينهمَا اثلاثا فَلَا يجوز ذَلِك مُتَّفقا
وَيجوز ان يكون احدهما اقل عملا من الاخر اَوْ لَا يعْمل احدهما وَيعْمل الاخر اذا لم يعقدا على ذَلِك

شركَة التقبل والتضمن
وَيجوز ان يَقُول احدهما اني اتقبل الْعَمَل وَارِد وَيعْمل الاخر وَهَذِه يُقَال لَهَا شركَة التقبل والتضمن
وَالثَّانِي ان يشْتَرك خياط ونساج اَوْ خياط واسكاف اَوْ خياط وصباغ أَو صباغ وقصار على ان يتقبلا الاعمال ويعملا ويردا فَمَا وجد فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِز ايضا عِنْد الْفُقَهَاء ومكروه عِنْد الشَّيْخ ويجيز ذَلِك اذا كَانَت الشّركَة فِي صناعَة وَاحِدَة وَعمل وَاحِد وَيُقَال لهَذِهِ ايضا شركَة التقبل والتضمن

شركَة الصَّانِع مَعَ الغلمان بِالنِّصْفِ وَالثلث الخ
وَالثَّالِث ان يَأْخُذ الصَّانِع غلمانا يعْملُونَ لَهُ ويطرح عَلَيْهِم الْعَمَل بِالنِّصْفِ وَالثلث وَالرّبع جَازَ ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا يجوز

(1/535)


ذَلِك فِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب اذا كَانُوا يعْملُونَ لَهُ ذَلِك ولاجل حانوته والالة الَّتِي يعلمُونَ بهَا لَهُ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَلَهُم اجْرِ الْمثل فِيمَا يعْملُونَ فِي قَوْلهمَا

اسْتِئْجَار الغلمان
وَالرَّابِع لَو اسْتَأْجر رجل غلمانا يعْملُونَ لَهُ مسابهة اَوْ مشاهرة أَو مياومة ويتقبل الرجل الاعمال من النَّاس ويطرحها عَلَيْهِم جَازَ ذَلِك
وَكَذَلِكَ لَو اشْترط الاجر على الْغُلَام فِي تَعْلِيمه ذَلِك فَهُوَ جَائِز وان لم يشْتَرط نظر فان كَانَ مثله يسْتَأْجر فَلهُ اجْرِ مثله على الاستاذ وان كَانَ مثله يعْطى الاجر فَعَلَيهِ الأجر

الشّركَة الْفَاسِدَة
وَالْخَامِس الشّركَة الْفَاسِدَة وَهُوَ ان يشْتَرك الحجامان على انهما يعملان لما اصابا من شَيْء فبينهما نِصْفَانِ لم يجز ذَلِك وَكَذَلِكَ البيطاران والسمساران والخياطان والحشاشان
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَركَا على ان ينقلا الطحين وَالْحِجَارَة من الْجَبَل والبراري اَوْ ينقلا الْمغرَة والجص اَوْ النورة
وَكَذَلِكَ الصيادان والغواصان وكل شَيْء يكون اصله مُبَاحا لَا تجوز الشّركَة فِيهِ

(1/536)


وكل مَا أصَاب كل وَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ لَهُ دون صَاحبه فِيمَا ذكرنَا كُله
قَالَ وَشركَة الابدان بَاطِلَة فِي قَول الشَّافِعِي

مَا يَفْعَله الشَّرِيك فِي مَال الشّركَة
وَيجوز للشَّرِيك ان يفعل فِي مَال الشّركَة سِتَّة عشر شَيْئا
احدهما ان يَبِيع وَيَشْتَرِي
وَالثَّانِي ان يرْهن ويرتهن
وَالثَّالِث ان يُؤجر ويستأجر
وَالرَّابِع ان يقبل البيع وَالشِّرَاء
وَالْخَامِس ان يُولى انسانا السّلْعَة بِمَا اشْتَرَاهُ
وَالسَّادِس ان يُشْرك انسانا فِيمَا اشْترى
وَالسَّابِع ان يودع المَال من الشّركَة
وَالثَّامِن ان يعير شَيْئا من مَال التِّجَارَة
وَالتَّاسِع ان يستبضع مَالا من مَال الشّركَة
والعاشر ان يَبِيع بِالنَّقْدِ والنسيئة
وَالْحَادِي عشر ان يَبِيع بالاثمان وَالْعرُوض
وَالثَّانِي عشر ان يَأْذَن للْعَبد من مَال الشّركَة فِي التِّجَارَة
وَالثَّالِث عشر ان يُوكل فِي البيع وَالشِّرَاء
وَالرَّابِع عشر ان يَدْعُو احدا الى الطَّعَام
وَالْخَامِس عشر ان يهدي الشَّيْء الْيَسِير
وَالسَّادِس عشر ان يتَصَدَّق بِشَيْء يسير

مَا لَا يجوز للشَّرِيك فعله فِي مَال الشّركَة
وَلَا بجوز للشَّرِيك ان يفعل فِي مَال الشّركَة اثْنَي عشر شَيْئا
احدها ان لَا يُشَارك فِيهِ انسانا

(1/537)


وَالثَّانِي ان لَا يَدْفَعهُ الى آخر مُضَارَبَة
وَالثَّالِث ان لَا يقْرض مِنْهُ احدا
وَالرَّابِع ان لَا يخلطه مَعَ مَاله
وَالْخَامِس ان لَا يحابي فِيهِ احدا
وَالسَّادِس ان لَا يحط شَيْئا من الثّمن الا من عيب
وَالسَّابِع ان لَا يُكَاتب عبدا من مَال الشّركَة
وَالثَّامِن ان لَا يعْتق عبدا على مَال الشّركَة
وَالتَّاسِع ان لَا يطَأ جَارِيَة عَن مَال الشّركَة
والعاشر ان لَا يشترى شَيْئا لَا يقدر على بَيْعه مثل الرَّحِم الْمحرم لشَرِيكه وَنَحْوه
وَالْحَادِي عشر ان لَا يُزَوّج امة
وَالثَّانِي عشر ان لَا يُزَوّج عبدا
وَالله اعْلَم