النتف في الفتاوى

كتاب الاجارة
وَاعْلَم ان الاجارة انما تجوز فِي الاشياء الَّتِي تتهيأ وَيُمكن لمستأجرها استجلاب مَنَافِعهَا مَعَ سَلامَة اعيانها بمكانها لما لكهأ
وَلَا تجوز الاجارة على اسْتِهْلَاك الاعيان
وَاعْلَم ان صِحَة الاجارة مُتَعَلقَة بشيئين
اعلام الاجر واعلام الْعَمَل
فاذا كَانَ احدهما مَجْهُولا فالاجارة فَاسِدَة لما روى عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام انه قَالَ
من اسْتَأْجر اجيرا فليعلمه اجره
والاجارة اذا فَسدتْ فانها يجب فِيهَا اجْرِ الْمثل لَا التَّسْمِيَة الا ان تكون أقل من أجر الْمثل لَان الاجير قد رَضِي بذلك

معلومية الْوَقْت وَالْعَمَل
والاجارة لاتخلو من وَجْهَيْن
اما ان تقع على وَقت مَعْلُوم
اَوْ على عمل مَعْلُوم

(2/558)


فان وَقعت على عمل مَعْلُوم فَلَا تجب الاجرة الا باتمام الْعَمَل اذا كَانَ الْعَمَل مِمَّا لَا يصلح اوله إِلَّا بِآخِرهِ وان كَانَ يصلح اوله دون آخِره فَتجب الاجرة بِمِقْدَار مَا عمل
واذا وَقعت على وَقت مَعْلُوم فَتجب الاجرة بِمُضِيِّ الْوَقْت ان هُوَ اسْتَعْملهُ اَوْ لم يَسْتَعْمِلهُ وبمقدار مَا مضى من الْوَقْت تجب الاجرة
واذا وَقعت على عمل مَعْلُوم فِي وَقت مَعْلُوم كَقَوْلِه خطّ لي هَذَا الثَّوْب الى طُلُوع الشَّمْس اَوْ الى غرُوب الشَّمْس اَوْ صَلَاة الظّهْر وَنَحْوهَا فانها فَاسِدَة فِي قَول ابي حنيفَة لانه لَا يدْرِي ايهما يسْبق
وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد الاجارة جَائِزَة لانها وَقعت على الْعَمَل وَالْوَقْت للتعجيل
مَا يجوز وَلَا يجوز فِي الاجارة من الاحكام
والاجارة لَا تجوز فِيهَا اربعة احكام وَتجوز اربعة أُخْرَى
أما الاربعة الاولى فالاجارة لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا ترهن وَلَا يتَصَدَّق بهَا
واما الاربعة الْجَائِزَة فانها تودع وتعار وتستعمل وتؤجر اذا كَانَت مُرْسلَة فِي مثل مَا اسْتَأْجرهَا فِيهِ واذا اجرها بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجرهَا فانه جَائِز فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه لَا يجوز ذَلِك إِلَّا ان يزِيد شَيْئا من عِنْده فان زَاد شَيْئا من عِنْده وَلَو كَانَ قَلِيلا جَازَ استزادة الاجرة وَقَالَ مُحَمَّد بن صَاحب لَا تجوز استزادة الاجرة إِلَّا بِقدر مَا زَاد فِي ذَلِك الشَّيْء

(2/559)


وَلَو اسْتَأْجرهَا بِالدَّرَاهِمِ ثمَّ اجرها بِالدَّنَانِيرِ اَوْ بالكيلى اَوْ بالوزني وَكَانَ اكثر قيمَة من الدَّرَاهِم جَازَ مُتَّفقا
وَكَذَلِكَ مَا سوى ذَلِك
الشَّرْط فِي الاجارة
وَالشّرط فِي الاجارة على ثَلَاثَة اوجه
احدها الْوَقْت
وَالثَّانِي الْعَمَل
وَالثَّالِث الْمَكَان
فاذا قَالَ الْخياط ان خطت الْيَوْم فلك دِرْهَم وان خطت غَدا فلك نصف دِرْهَم قَالَ ابو حنيفَة الشَّرْط الاول جَائِز وَالشّرط الثَّانِي بَاطِل
وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد الشرطان جائزان
وَقَالَ الشَّيْخ الشرطان جائزان الا ان يَقع على التَّغْرِير فيبطلان اَوْ يَقع احدهما على التَّغْرِير فَهُوَ بَاطِل والتغرير ان يَقُول ان خطت الْيَوْم فلك دِرْهَم وان خطت غَدا فلك حَيَّة اَوْ فلس اَوْ نَحْوهَا اَوْ يَقُول ان خطته الْيَوْم فلك دِرْهَم وَنَحْوه مِمَّا يخرج عَن عَادَة النَّاس وَكَذَلِكَ لَو قَالَ للمكارى ان سرت بِي الْيَوْم فلك خَمْسَة دَرَاهِم وان سرت غَدا بمَكَان كَذَا فلك دِرْهَمَانِ وَنَحْوهمَا
واما الْعَمَل فان قَالَ ان خطته خياطَة رُومِية فلك دِرْهَمَانِ وان خطته خياطَة فارسية فلك دِرْهَم وَاحِد فَهِيَ جَائِزَة مُتَّفقا وَمَا اشبهها
واما الْمَكَان ان يَقُول ان جَلَست فِي هَذَا الْحَانُوت اَوْ فِي هَذَا الدَّار خياطا فبدرهم وان جَلَست حدادا فبدرهمين

(2/560)


قَالَ ابو حنيفَة هَذَا جَائِز كَمَا جَازَ بِالْعَمَلِ وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَلَا تشبه هَذِه بالخياطة الا ترى انه لَو لم يجلس حَتَّى تمّ الشَّهْر فَلَا يدْرِي بِمَاذَا يُطَالِبهُ من الاجر
انواع الاجراء
قَالَ والاجراء اربعة
الاجير الْخَاص
والاجير الْمُشْتَرك
وَالْجمال
والمكاري
فَأَما الْأَجِير الْخَاص فَهُوَ الَّذِي يعْمل لَك وَحدك دون غَيْرك وَيُقَال لَهُ اجير الوحد وَهُوَ لَا يضمن مَا يهْلك على يَدَيْهِ الا فِي ثَلَاثَة اوجه
اذا خَالف اَوْ تعدى اَوْ تعمد
وَلَو كَانَ للاجير الْمُشْتَرك اجير خَاص فَهَلَك على يَدَيْهِ شَيْء فَالضَّمَان على الاستاذ دون الاجير اذا لم يُخَالف وَلم يَتَعَدَّ وَلم يتَعَمَّد
واما الاجير الْمُشْتَرك فَهُوَ الَّذِي يتَقَبَّل الاعمال من النَّاس مثل الصّباغ والقصار والنساج والاسكاف والحداد والراعي للْقَوْم اَوْ للقرية وَنَحْوهم
وَمَا يهْلك على ايديهم فعلى ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يكون هَلَاكه من جِنَايَة يَده فانه يضمن مُتَّفقا عَلَيْهِ مثل الصّباغ يفْسد الثَّوْب فِي صباغته والقصار يفْسد الثَّوْب فِي قصارته والنساج يفْسد لثوب فِي حياكته وَنَحْوهَا

(2/561)


وَالثَّانِي ان يكون هَلَاكه من أَمر غَالب فانه لَا يضمن مثل ان وَقع حريق اَوْ غريق اَوْ جَيش عَظِيم فاغاروا عَلَيْهِ فانه لَا يضمن مُتَّفقا الا فِي قَول الشَّافِعِي
وَالثَّالِث ان يكون هَلَاكه من أَمر سماوي اَوْ من جِنَايَة شَيْء مثل الفارة تفرض الثَّوْب اَوْ الْهِرَّة اَوْ الْكَلْب يفسدان الشَّيْء اَوْ السَّارِق يذهب بالمتاع اَوْ الذِّئْب يشق بطن الشَّاة وَنَحْوهَا فانه فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد يضمن وَلَا يضمن فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وَهُوَ مثل الامر الْغَالِب عِنْدهمَا
واما الْجمال والمكارى فان صورتهما صُورَة الاجيرالخاص وحكمهما حكم الاجير الْمُشْتَرك
وَلَو ان جمالا بعثر الحمولة ففسد الْمَتَاع فانه ضَامِن
واما الاجير الْمُشْتَرك فانه على وَجْهَيْن
احدهما لَهُ حق الامساك حَتَّى يقبض الْأجر
وَالْآخر لَيْسَ لَهُ حق الامساك
فَأَما الَّذِي لَهُ حق الامساك فَهُوَ الَّذِي يكون عمله قَائِما اَوْ اثر مَاله قَائِما فِي عمله فان لَهُ حق الامساك مثل الْخياط يخيط الثَّوْب والنساج والصباغ وامثالهم
واما الَّذِي لَيْسَ لَهُ حق الامساك فَهُوَ الَّذِي لَا يكون عمله قَائِما فِي ملك وَلَا اثر عمله قَائِما وَلَا اثر مَاله قَائِما فِي عمله وَهُوَ مثل المكارى وَالْجمال

(2/562)


فَأن أَمْسكُوا الْمَتَاع لاجل الْكِرَاء فَهَلَك فَعَلَيْهِم الضَّمَان وَلَيْسَ على غَيرهم الضَّمَان اذا مسكوا لاجل الاجرة اذا هلك
انواع الْأُجْرَة
قَالَ والاجرة على اربعة أوجه
أما ان تكون مُعجلَة
أَو مُؤَجّلَة
أَو منجمة
أَو مسكوتا عَنْهَا
الْأُجْرَة المعجلة
فان كَانَت مُعجلَة فَلَيْسَ للْمُسْتَأْجر أَن يؤجلها
الْأُجْرَة المعجلة
فان كَانَت مُعجلَة فَلَيْسَ للْمُسْتَأْجر ان يؤجلها
الْأُجْرَة المؤجلة
واذا كَانَت مستأجلة فَلَيْسَ للاجير ان يستعجلها
الْأُجْرَة المنجمة
فاذا كَانَت منجمة فَلَيْسَ لاحدهما ان يُؤَخر اَوْ يقدم من نجمها
الْأُجْرَة الْمَسْكُوت عَنْهَا
واما اذا كَانَ مسكوتا عَنْهَا فانها تكون على أَرْبَعَة أوجه
احدها ان تكون الاجارة وَاقعَة على الْمسير فمقدار مَا سَار وَجَبت الاجرة

(2/563)


وَالثَّانِي ان تكون الاجارة وَاقعَة على الْوَقْت فبمقدار مَا يمْضِي من لوقت تجب الاجرة
وَالثَّالِث ان تكون وَاقعَة على عمل يصلح اوله دون آخِره فَيجب لَهُ من الاجرة بِمِقْدَار مَا عمل
وَالرَّابِع ان تكون وَاقعَة على عمل لَا يصلح اوله دون آخِره وَلَا ينْتَفع من أَوله بِدُونِ آخِره فانه لَا يجب لَهُ الاجر حَتَّى يتم الْعَمَل ويفرغ مِنْهُ
أَنْوَاع الاجرة
قَالَ والاجرة لَا تخرج عَن عشرَة اوجه
الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والكيلي والوزني والمزروع والمعدود الَّذِي لَا تفَاوت فِيهِ والمعدود الَّذِي فِيهِ تفَاوت وَالْحَيَوَان وَالْمَتَاع وَالْعَقار وَالِانْتِفَاع فاذا كَانَت الاجرة دَرَاهِم اَوْ دَنَانِير فَيَنْبَغِي ان يبين الْمِقْدَار فَحسب ويكفيه ذَلِك وَهُوَ جَائِز ان كَانَ معجلا اَوْ مُؤَجّلا بَين الاجل
وان كَانَ كيليا اَوْ وزنيا يَنْبَغِي ان يبين الْمِقْدَار وَالْجِنْس وَالصّفة وَالْأَجَل فِي قَول الْفُقَهَاء وَفِي قَول الشَّيْخ يجوز وان يبين الاجل
وان كَانَ من الْمَعْدُود الَّذِي لَا تفَاوت فِيهِ يَنْبَغِي ان بِعَين الْجِنْس والمقدار وَالصّفة

(2/564)


وان كَانَ من الْمَعْدُود الَّذِي فِيهِ تفَاوت فَلَا يجوز الا ان يكون معينا وَكَذَلِكَ ان كَانَ شَيْئا من الْحَيَوَان فَلَا يجوز الا ان يكون معينا وَكَذَلِكَ ان كَانَ شَيْئا من الْمَتَاع أَو الْعقار يَنْبَغِي ان يكون معينا واذا كَانَ على الِانْتِفَاع يَنْبَغِي ان يكون معينا مُتَّفقا بِهِ
وان وَقعت الاجارة على شَيْء من هَذِه الاشياء بِعَيْنِه سوى الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ثمَّ هلك فِي يَدي الْمُسْتَأْجر فَسدتْ الاجارة
وان اسْتحق من يَدي الْمُسْتَأْجر بعد مَا قَبضه فَسدتْ الاجارة فِيمَا بَقِي وَله اجْرِ الْمثل فِيمَا مضى
وان اسْتحق بعد مَا مضى وَقت الاجارة فللمواجر أجر مثله
أَنْوَاع الاجارة من حَيْثُ الصِّحَّة
قَالَ والاجارة على وَجْهَيْن صَحِيحَة وفاسدة
الاجارة الصَّحِيحَة
فِي بني آدم وَالدَّوَاب والارض والحلي والآنية والألبسة والامتعة والسفن والخيام والاسلحة
أما اسْتِئْجَار بني آدم فَهُوَ على وَجْهَيْن
مَكْرُوه وَغير مَكْرُوه
فَأَما الْمَكْرُوه فَهُوَ على سِتَّة اوجه
احدها ان يسْتَأْجر امْرَأَة لخدمته فيخلوا بهَا
وَالثَّانِي ان تستأجر الْمَرْأَة رجلا حرا اَوْ عبدا فتخلو بِهِ

(2/565)


فان فعلا فالاجر لَازم على مَا سميا
وَالثَّالِث ان يسْتَأْجر الرجل امْرَأَته فتخدمه بالاجرة فان فعلت فَلَا اجْرِ لَهَا فِي قَول الْفُقَهَاء لانها فِي نَفَقَة زَوجهَا وَلها الاجر فِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب
وَالرَّابِع ان تستأجر الام ابْنهَا فيخدمها بِالْأَجْرِ فان فعل فَلَا اجْرِ لَهُ لَان خدمتها عَلَيْهِ وَاجِبَة فَلَيْسَ لَهُ ان يَأْخُذ الْأجر
وَالْخَامِس ان يسْتَأْجر الابْن اباه اَوْ امهِ فانه ذَلِك مَكْرُوه وَلَا يتْرك الْوَالِدَان يخدمان الْوَلَد فان فعلا لزم الاجر سَوَاء أكانا حُرَّيْنِ اَوْ عَبْدَيْنِ مُسلمين اَوْ كَافِرين
وَلَو اسْتَأْجر الرجل ابْنه اَوْ عبد رجل جَازَت الاجارة فان خدمه وَجب الْأجر
وَالسَّادِس يكره للرجل ان يكون اجيرا للْكَافِرِ يَخْدمه وَيقوم بَين يَدَيْهِ فان خدمه وَجَبت الاجرة
واما الَّذِي هُوَ غير مَكْرُوه فَهُوَ على سِتَّة أوجه
احدها اسْتِئْجَار الْقرَابَات سوى مَا ذكرنَا من الاخوه والاعمام والاخوال وَغَيرهم
وَالثَّانِي اسْتِئْجَار الْكفَّار للْخدمَة والصناعة من اي دين كَانُوا
وَالثَّالِث اسْتِئْجَار العبيد المدبرين والمكاتبين
وَالرَّابِع اسْتِئْجَار الاحرار من كل جنس
وَالْخَامِس اسْتِئْجَار الصّبيان احرارا كَانُوا اَوْ عبيدا ليقوموا عَلَيْهِ فِي

(2/566)


خدمته أَو صناعته مسانهة اَوْ مشاهرة اَوْ مياومة على ان يعطيهم اجرا مَعْلُوما اَوْ على ان يَأْخُذ اجرا مَعْلُوما فَهُوَ جَائِز وان اشْترط الاجير فِي شَيْء من ذَلِك طَعَامه اَوْ كسوته فالاجارة بَاطِلَة وَيكون للاجير اجْرِ الْمثل فَأن اطعمه اَوْ كَسَاه تحاسبا بذلك وترادا الْفضل
اسْتِئْجَار الظِّئْر
وَالسَّادِس اسْتِئْجَار النسار للرضاعة يجوز ذَلِك اذا كَانَ بِأَجْر مَعْلُوم فِي وَقت مَعْلُوم وَلَو اسْتَأْجرهَا بطعامها وكسوتها جَازَ ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا يجوز ذَلِك فِي قَول مَالك وَمُحَمّد بن صَاحب
وَلَو اسْتَأْجر امْرَأَة لترضع وَلَده ثمَّ ارادت ان تفسخ الاجارة اَوْ ارادها اهلها فَلَيْسَ لَهُم ذَلِك سَوَاء أَكَانَت تعرف بذلك الْعَمَل اَوْ لم تعرف فِي قَول الشَّافِعِي وَمُحَمّد بن صَاحب
وَلَهُم ذَلِك اذا لم تعرف بذلك فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وان اشْترط على الظِّئْر ان ترْضع الصَّبِي فِي منزلهم اَوْ فِي منزلهَا جَازَ ذَلِك
وان أَرَادَ اهل الصَّبِي ان يخرجُوا الى سفر فَلَيْسَ للظئر ان تمنع الصَّبِي عَنْهُم وَلَا لَهُم ان يخرجُوا بالظئر
اسْتِئْجَار الدَّابَّة
واما اسْتِئْجَار الدَّابَّة فعلى وَجْهَيْن
احدهما ان يكترى دَابَّة ويقيدها بركوب نَفسه خَاصَّة
وَالْآخر ان يكتريها مُرْسلَة وَلَا يقيدها بركوب نَفسه ثمَّ اركبها غَيره وعطبت الدَّابَّة فَعَلَيهِ الضَّمَان وان ركبهَا واركب مَعَه آخر فعطبت الدَّابَّة

(2/567)


فَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه يضمن بِمِقْدَار الآخر وَفِي قَول الشَّيْخ وَالشَّافِعِيّ يضمن الدَّابَّة جَمِيعًا
وَلَو اسْتَأْجرهَا الى مَكَان فتجاوزه ثمَّ ردهَا الى ذَلِك الْمَكَان فعطبت الدَّابَّة قبل ان يُسَلِّمهَا الى صَاحبهَا فَعَلَيهِ الضَّمَان وَلَا يخرج من الضَّمَان بِرُجُوعِهِ الى ذَلِك الْمَكَان فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَفِي قَول زفر يخرج من الضَّمَان
واذا اسْتَأْجرهَا للْحَمْل فانه على وَجْهَيْن
احدهما ان يبين مَا يحمل عَلَيْهَا فانه جَائِز وان لم يبين فَهُوَ فَاسد ولان الاجارة تكون مَجْهُولَة
وَالْآخر ان يبين مَا يحمل عَلَيْهَا ثمَّ يحمل عَلَيْهَا غَيره فان كَانَ اكثر ضَرَرا فَعَلَيهِ الضَّمَان ان عطبت الدَّابَّة وان لم يكن اكثر ضَرَرا اَوْ كَانَ اخف من الآخر فَلَا يضمن وَهُوَ أَنه اسْتَأْجرهَا ليحمل عَلَيْهَا حِنْطَة فَحمل شَعِيرًا اَوْ حملهَا مَا هُوَ اخف من الشّعير فَلَا يضمن
وَلَو اسْتَأْجرهَا ليحمل عَلَيْهَا خمسين قَفِيزا من الْحِنْطَة ثمَّ حمل عَلَيْهَا سِتِّينَ قَفِيزا فاذا كَانَت الدَّابَّة مُحْتَملَة للزِّيَادَة ضمن بِقدر الزِّيَادَة وَعَلِيهِ من الاجرة بِقدر مَا شَرط وان كَانَت غير مُحْتَملَة لتِلْك الزِّيَادَة ضمن الدَّابَّة كلهَا وَلَا اجْرِ لَهُ وان سلمت الدابلة فَعَلَيهِ الاجر وَلَو اسْتَأْجرهَا ثمَّ لم يحمل عَلَيْهَا حَتَّى مضى الْيَوْم فان عَلَيْهِ الاجر كَامِلا وَكَذَا الامتعة كلهَا وَلَو اسْتَأْجرهَا الى مَكَان مَعْلُوم فَخَالف بهَا إِلَى غير ذَلِك الْمَكَان فَهُوَ ضَامِن فان سلمت فَلَا اجْرِ عَلَيْهِ عَن الزِّيَادَة وَلَيْسَ هَذَا كالاول لَان الاجر فِي هَذَا للمسير وَفِي الاول للمدة وهما مُخْتَلِفَانِ

(2/568)


وَلَو اسْتَأْجرهَا ليرْكبَهَا فَحمل عَلَيْهَا اَوْ على ان يحملهَا فركبها فَهُوَ ضَامِن على مَا ذكرنَا وَهُوَ اذا اسْتَأْجر دَابَّة للرُّكُوب اَوْ الْحمل فان كل وَاحِد مِنْهَا على وَجْهَيْن
احدها ان يكتري دَابَّة ليرْكبَهَا الى موقع اَوْ ليحمل عَلَيْهَا ثمَّ هَلَكت الدَّابَّة فِي الطَّرِيق فَلَيْسَ على المكاري ان يَأْتِي بِدَابَّة اخرى لَان الاجارة وَقعت على عين تِلْكَ الدَّابَّة فاذا هَلَكت بطلت الاجارة وَله الاجر بِقدر مَا سَار
وَالْآخر ان يسْتَأْجر المكارى ليحمله الى مَكَان اَوْ يحمل مَتَاعا لَهُ فاذا هَلَكت دَابَّته فَعَلَيهِ ان يَأْتِي بِدَابَّة اخرى وَيحمل مَتَاعه
اسْتِئْجَار الارضين
واما اسْتِئْجَار الارضين فَهُوَ على وَجْهَيْن
احدهما ان كَانَت الارض بيضاءجازت الاجارة فِيهَا وَهِي على وَجْهَيْن اما ان يَزْرَعهَا واما ان يَبْنِي عَلَيْهَا
فَأن زَرعهَا فِي مُدَّة الاجارة اَوْ لم يَزْرَعهَا فَعَلَيهِ الاجرة فاذا مَضَت مُدَّة الاجارة وَلم يبلغ الزَّرْع فان حصده كَانَ فِي ذَلِك هَلَاك زرع

(2/569)


الْمُسْتَأْجر فللمستأجر ان يمْسِكهَا الى ان يدْرك الزَّرْع وَيُعْطِي لصَاحِبهَا اجْرِ مثلهَا
وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر دَابَّة شهرا فانقضت مُدَّة الاجارة وَهُوَ فِي طَرِيق مخوف اَوْ بَريَّة من البراري اَوْ كَانَت سفينة فانقضت مُدَّة الاجارة وَهُوَ فِي الْبَحْر فَلهُ ان يمْسِكهَا حَتَّى تخرج من الْبَحْر اَوْ الْخَوْف وَيُعْطِي لصَاحِبهَا اجْرِ الْمثل وَلَيْسَ لَهُ ان يضيع مَتَاعه فِي شَيْء من ذَلِك وان بِنَا عَلَيْهَا بِنَاء وَانْقَضَت مُدَّة الاجارة فَلصَاحِب الارض ان يُخرجهُ من الارض وَلَا يضمن لَهُ قيمَة الْبناء وَلَيْسَ لَهُ ان يُخرجهُ مِنْهَا قبل مُضِيّ مُدَّة الاجارة وان طَالَتْ واذا كَانَت الارض مشجرة اَوْ مكرمَة فالاجارة فَاسِدَة
اجارة الْحلِيّ
قَالَ واجارة الْحلِيّ جَائِزَة للرِّجَال كَانَت اَوْ النِّسَاء اذا اسْتَأْجرهَا فِي مُدَّة مَعْلُومَة بِأَجْر مَعْلُوم فاذا مَضَت الْمدَّة لزمَه الاجر سَوَاء استعملها اَوْ لم يستعملها
وان هَلَكت فَلَا ضَمَان فِيهَا الا ان يستعملها خلاف مَا يستعملها النَّاس
اجارة الدّور
قَالَ واجارة الدّور على وَجْهَيْن

(2/570)


احدهما ان يبين لماذا يستأجرها
وَله ان يعْمل فِيهَا مَا قَالَ
وَالْآخر ان لَا يبين وَلَيْسَ لَهُ ان يقْعد فِيهَا حدادا وَلَا قصارا وَلَا صباغا وَلَا ان يَجْعَلهَا اسطبلا اَوْ حبسا وَنَحْوهَا
وَكَذَلِكَ الْبيُوت والحوانيت
انواع اجارة الدّور
واستئجارها على خَمْسَة أوجه
احدها ان يستأجرها يَوْمًا وَاحِدًا اَوْ اياما مَعْدُودَة اَوْ شهرا وَاحِدًا اَوْ أشهرا مَعْدُودَة اَوْ سنة وَاحِدَة اَوْ سِنِين مَعْدُودَة فَهُوَ جَائِز
وَالْآخر ان يستأجرها كل يَوْم بِكَذَا اَوْ كل شهر بِكَذَا فَهُوَ جَائِز أَيْضا فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد
والاجارة تقع على يَوْم وَاحِد اَوْ على شهر وَاحِد اَوْ سنة وَاحِدَة فاذا مضى ذَلِك فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا ان يفْسخ الاجارة
فان سكنها اكثر من ذَلِك فَعَلَيهِ لكل شهر وَلكُل يَوْم وَلكُل سنة بِحِسَاب ذَلِك وَهِي مَكْرُوهَة فِي قَول الشَّيْخ
وَالثَّالِث ان يستأجرها سنة كل شهر بِكَذَا اَوْ اسْتَأْجرهَا شهرا كل يَوْم بِكَذَا اجاز ذَلِك والاجارة على سنة وَاحِدَة اَوْ شهر وَاحِد
وَالرَّابِع ان يستأجرها شهررمضان بِكَذَا من الاجر وَعقد الاجارة فِي شهر شعْبَان اَوْ شهر رَجَب فانه لَا يجوز فِي قَول بعض الْفُقَهَاء
وَجَاز ذَلِك فِي قَول مُحَمَّد بن صَاحب الا ترى انه لَو اسْتَأْجرهَا شهر رَجَب وَشَعْبَان ورمضان كَانَ جَائِزا فَكَذَلِك الاول
وَالْخَامِس ان يَقُول فِي شهر رَجَب اذا كَانَ رَمَضَان فقد استأجرتها

(2/571)


مِنْك بِكَذَا فَهَذَا بَاطِل لَا يجوز بِلَا خلاف
خِيَار الرُّؤْيَة فِي الاجارة
وَلَو اسْتَأْجرهَا وَلم يرهَا فَلهُ البخار حِين يَرَاهَا ان شَاءَ رضى بهَا وان شَاءَ ردهَا
خِيَار الشَّرْط فى الاجارة
واذا اسْتَأْجرهَا عَليّ أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام اَوْ اكثر اَوْ اقل جَازَ ذَلِك فان سكنها فى مُدَّة الْخِيَار اَوْ كَانَت دَابَّة فركبها اَوْ عبدا فاستخدمه لَزِمته الاجارة
خِيَار الْعَيْب
وان وجد بهَا عَيْبا فان كَانَ ذَلِك الْعَيْب يضر بالسكن اَوْ بالركوب اَوْ بِالْخدمَةِ ان كَانَ عبدا اَوْ دَابَّة فَلهُ الرَّد وان شَاءَ رضى وان كَانَ لايضر فالاجارة جَائِزَة لَازِمَة
اجارة اللبَاس
قَالَ واجارة اللبَاس جَائِزَة وهى على وَجْهَيْن احدهما ان يشْتَرط اللّبْس لنَفسِهِ وَالْآخر ان لَا يشْتَرط فاذا اشْترط لبسه لنَفسِهِ فَلَا يجوز ان يلْبسهُ غَيره لَان لبس النَّاس مُخْتَلف واذا لم يشْتَرط جَازَ ان يلْبسهُ غَيره
اجارة الامتعة
قَالَ واجارة الْأَمْتِعَة جَائِزَة اذا كَانَت فى مُدَّة مَعْلُومَة بِأَجْر مَعْلُوم

(2/572)


وَله ان يستعملها فِيمَا يسْتَعْمل مثلهَا فى ذَلِك وَله ان يؤاجرها فى مثل مَا اسْتَأْجرهَا فِيهِ وَله ان يعيرها مالم يكن شَرط عَلَيْهِ ان يستعملها بِنَفسِهِ وَكَذَلِكَ كل تِجَارَة تكون على الْمدَّة
اجارة السفن
قَالَ واجارة السفن جَائِزَة
وهى على وَجْهَيْن
احدها ان يستأجرها الى مُدَّة مَعْلُومَة
وَالْآخر ان يستأجرها الى مَكَان مَعْلُوم وَكِلَاهُمَا جَائِز
وان مَضَت الْمدَّة وَهِي فى الْبَحْر فَلهُ ان يمْسِكهَا حَتَّى تخرج من الْبَحْر وَيُعْطِيه اجْرِ مثلهَا
اجارة الْخيام
قَالَ واجارة الْخيام جَائِزَة وَكَذَلِكَ الْفسْطَاط وَغَيرهَا وهى على وَجْهَيْن فى السّفر والحضر
وَله ان ينصب ذَلِك كَمَا ينصب النَّاس ويوقد فِيهِ ويسرج اذا كَانَ مِمَّا يفعل ذَلِك فِيهِ فان احْتَرَقَ فى الشَّمْس أَو فسد فى السّفر من الْمَطَر والثلج اَوْ تحرق من غير عنف اَوْ خلاف فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
اجارة الاسلحة
قَالَ واجارة الاسلحة جَائِزَة
وَله ان يُقَاتل بهَا وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ اذا هَلَكت اَوْ فسد شئ مِنْهَا وان تعدى فى شَيْء من ذَلِك فَهَلَك فَعَلَيهِ الضَّمَان وَلَا أجر عَلَيْهِ لِأَن الاجر وَالضَّمان لايجتمعان

(2/573)


الاجارة الْفَاسِدَة
قَالَ والاجارة الْفَاسِدَة على اُحْدُ عشر وَجها
احدها الاجارة على الْمعاصِي وَهُوَ ان يسْتَأْجر الرجل الرجل ليقْتل رجلا اَوْ يضْربهُ اَوْ يشتمه اَوْ يسْتَأْجر النائحه اَوْ الْمُغنيَة لتنوح عَليّ ميتَة اَوْ لتغني لَهُ اَوْ يسْتَأْجر حمالا ليحمل لَهُ خمرًا اَوْ غَيره فان اسْتَأْجرهَا على ان يطْرَح عَنهُ ميتَة أَو يصب خمرًا فَهُوَ جَائِز وَله الاجرة وَلَا أُجْرَة على الْمعاصِي لَا الْمُسَمَّاة وَلَا الْمثل
الثَّانِي الاجارة على الطَّاعَات لاتجوز مثل تَعْلِيم الْقُرْآن وَالسّنة وَالصَّوْم وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْعمْرَة وَغَيرهَا فى قَول ابي حنيفَة واصحابه وَتجوز فِي قَول الشَّافِعِي الاجارة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَلَا يجوز ذَلِك فى قَول الْفُقَهَاء وابى عبد الله
الاجارة فى الْحَج وَالْعمْرَة
وَتجوز الاجارة فى الْحَج وَالْعمْرَة فى قَول ابي عبد الله واهل الحَدِيث
اجارة الْمَصَاحِف الخ
وَيجوز فِي قَول الشَّيْخ الاجارة فِي مصاحف الْقُرْآن وَالْفِقْه ليقْرَأ فِيهَا اَوْ لينسخها اذا احْتَاجَ الى ذَلِك وَلَا احب اجْرِ ذَلِك
اجارة الْحجام والبيطار الخ
وَالثَّالِث اجارة الْحجام والبيطار والفصاد فان اعطاه على ذَلِك شَيْئا فرضيه جَازَ
اجارة الْحمام
وَالرَّابِع اجارة الْحمام لاتجوز وَلَو سرق ثَوْبه فَلَا ضَمَان على رب

(2/574)


الْحمام لانه لم يُعْطه اجرا على حفظ الثَّوْب
اجارة السمسار
وَالْخَامِس اجارة السمسار لايجوز ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِعْ هَذَا الثَّوْب بِعشْرَة دَرَاهِم فَمَا زَاد فَهُوَ لَك وان فعل فَلهُ اجْرِ الْمثل
وَلَو اسْتَأْجر السمسار شهرا ليبيع لَهُ أَو ليَشْتَرِي بِكَذَا من الاجر جَازَ ذَلِك
وَالسَّادِس اجارة الكروم والاشجار لاتجوز
وَالسَّابِع اجارة الاغنام بصوفها ولبنها ونتاجها لايجوز فَأن فعل ذَلِك لصَاحب الْغنم فللذى قَامَ عَلَيْهِ اجْرِ مثله
وَالثَّامِن اجارة المراعي لاتجوز وَإِن شَاءَ اجْرِ مِقْدَارًا مِنْهُ ويبيعه اليه ويبيحه سائرها
اجارة الشّرْب والآبار الخ
وَالتَّاسِع اجارة الشّرْب والآبار والقنوات ليستقى مِنْهَا اَوْ يسْقِي مِنْهَا مَاشِيَته أَو أرضه فان فعل لم تجب الاجرة
اجارة الشَّرِيك شَرِيكه والعاشر لَو كَانَ طَعَام بَين رجلَيْنِ فَقَالَ احدهما لصَاحبه احمله الى مَوضِع كَذَا وَلَك فِي نَصِيبي من الاجر كَذَا اَوْ قَالَ اطحنه وَلَك فِي نَصِيبي كَذَا من الاجر جَازَ ذَلِك فِي قَول زفر وَمُحَمّد بن صَاحب ولايجوز ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد
اجارة الْفَحْل
وَالْحَادِي عشر اجارة النَّحْل لينزيه لاتجوز وَلَا اجرة لَهُ

(2/575)


فِي ذَلِك
فسخ الاجارة
قَالَ والاجارة تفسخ بالعذر فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه
وَلَا تفسخ فِي قَول الشَّافِعِي وَمُحَمّد بن صَاحب
وَهُوَ أَن يسأجر حانوتا سنة بِأَجْر مَعْلُوم ثمَّ أَرَادَ أَن يقوم عَن السُّوق وان يتْرك التِّجَارَة وَكَذَلِكَ الدَّار اسْتَأْجرهَا ثمَّ اراد ان ينْتَقل الى بلد آخر أَو يُسَافر فَهُوَ كَذَلِك وَفِي قَول الشَّيْخ ان للْمُسْتَأْجر ان يُؤَاجر الْحَانُوت اَوْ يسكنهُ انسانا حَتَّى تنقضى الاجارة
وَأما المؤاجر اذا اجْرِ حانوتا ثمَّ رَكبه دين فادح وَلَا وَفَاء لَهُ الا من ثمن الدَّار فَإِن القَاضِي يفْسخ الاجارة فِي هَذِه وَيبِيع الْحَانُوت فِي الدّين
وَمَتى مَاتَ المؤاجر اَوْ الْمُسْتَأْجر انْقَضتْ الاجارة فِي جَمِيع مَا ذكرنَا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَلَا تَنْفَسِخ فِي قَول الشَّافِعِي
الاستصناع
واذا استصنع الرجل خُفَّيْنِ أَو آنِية نُحَاس أَو شبه ذَلِك فيصف لَهُ

(2/576)


الْمِقْدَار مِنْهُ وَالنَّوْع وَالصّفة فعمله على ماقال فَهُوَ للمستصنع اذا رَآهُ فرضيه
وَلَيْسَ للصانع ان يَأْتِي ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة اصحابه وَفِي قَول الشَّافِعِي وسُفْيَان وَمُحَمّد بن صَاحب للصانع ان يَأْتِي ذَلِك وَلَهُمَا جَمِيعًا الْخِيَار
انواع الاستصناع
قَالَ والاستصناع على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يكون السّير وَالْجَلد من قبل الصَّانِع
والثانى ان يكون كِلَاهُمَا من قبل المستصنع
وَالثَّالِث ان يكون السّير من قبل المستصنع
والصرمة الصرم من قبل الصَّانِع
فَأَما اذا كَانَ السّير وَالْجَلد من قبل الصَّانِع فللمستصنع الْخِيَار اذا رَآهُ ان شَاءَ اخذه وان شَاءَ تَركه لانه قد اشْترى شَيْئا لم يره فَلذَلِك كَانَ لَهُ الْخِيَار والصانع ايضا بِالْخِيَارِ ان شَاءَ دَفعه اليه وان شَاءَ بَاعه من غير المستصنع مالم يره المستصنع فى قَول الْفُقَهَاء وَهَذَا اسْتِحْسَان وَلَيْسَ بِقِيَاس وَذَلِكَ لانه التَّعَامُل قد جرى بذلك بَين النَّاس والتعامل اصل من الاصول واخذه الاصاغر عَن الاكابر والأكابر عَن الاصاغر
وَوجه الْقيَاس فِيهِ انه لايجوز من قبل انه بَاعَ شَيْئا لَيْسَ عِنْده وَنهى

(2/577)


رَسُول الله صلى الله وَسلم عَن بيع ماليس عِنْده
وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول اذا بَين المستصنع لَهُ اجلا معوما فَهُوَ سلم وَكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَقُولَانِ الاستصناع لَا يكون سلما بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا أَن السّلم لَا يكون استصناعا وَأما اذا كَانَ كِلَاهُمَا من قبل المستصنع فاذا فرغ مِنْهُ الصَّانِع وَلم يفْسد فَلَيْسَ للمستصنع الْخِيَار وان افسده اَوْ خَالف فِيمَا امْرَهْ فالمستصنع بِالْخِيَارِ ان شَاءَ أَخذه واعطاه اجْرِ مثله وان شَاءَ تَركه وَضَمنَهُ قيمَة الشَّيْء
وَأما اذا كَانَ الْخُف من قبل المستصنع وَالْفِعْل والصرم والشرك من قبل الصَّانِع فان انعله بنعل لَا ينعل ذَلِك فَهُوَ بِالْخِيَارِ وان شَاءَ اخذه واعطاء الصَّانِع قيمَة صرمته واخذ قيمَة شراكه واجر مثل عمله وان شَاءَ ضمن الصَّانِع قيمَة خفه وَنَعله يَوْم دَفعه اليه وَترك الْخُف عَلَيْهِ