النتف في الفتاوى

كتاب السّرقَة
اعْلَم ان الْحَد فى الزِّنَا انما يدْرَأ بعلل ثَلَاث
اما بِشُبْهَة نِكَاح واما بِشُبْهَة ملك واما بِشُبْهَة تَحْلِيل وَقد تقدم ذكرهَا فى كتاب الْحُدُود وَالْقطع فى السّرقَة انما يدْرَأ يُعلل ثَلَاث
اما لوهن حرز
واما لوهن ملك
واما لوهن نفس
وَهن الْحِرْز
فَأَما وَهن الْحِرْز فَيَنْصَرِف على خَمْسَة وَعشْرين وَجها
أَحدهمَا أَن يسرق من الْحمام فانه لايقطع فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف لانه مَأْذُون فى الدُّخُول فِيهِ وفى قَول مُحَمَّد بن الْحسن وَمَالك والاوزاعي يقطع ان كَانَ عِنْده من يحفظه
وَالثَّانِي ان يسرق من رحم محرم فانه لايقطع فى قَول ابي حنيفَة

(2/647)


وَأَصْحَابه وابي عبد الله كَمَا يَأْكُل بَعضهم من بَيت بعض وَتجب نَفَقَة بَعضهم على بعض وفى قَول الشَّافِعِي يقطع جَمِيعًا الا ان يسرق الْوَالِد من مَال وَلَده فانه لَا يقطع كَمَا لَا يقتل اذا قتل وَلَده اَوْ ولد وَلَده وَيقطع اذا سرق الْوَلَد من مَال وَالِده كَمَا انه يقتل اذا قتل وَالِده
وَالثَّالِث اذا سرق الزَّوْج من امْرَأَته وَالْمَرْأَة من زَوجهَا فانه لَا قطع فِي ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وابي عبد الله وَالشَّافِعِيّ وفى قَول اصحابه يقطع الا ان يسرق من الْبَيْت الذى يسكنهُ لم يقطع مُتَّفقا
وَلَو سرق عبد الزَّوْج من امْرَأَته اَوْ عبد الْمَرْأَة من زَوجهَا فانه يقطع اذا لم يكن من خدمه وَلَا مِمَّن يأتمنه على بَيته
وَكَذَلِكَ الامة فى قَول اصحاب ابى حنيفَة وفى قَول آخر لاتقطع
وَالرَّابِع الطرار يطر الْكمّ وَغَيره فَفِي قَول ابي حنيفَة ان قطع من دَاخل الْكمّ قطع وان قطع من خَارج لَا يقطع وفى قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَزفر والاوزاعي يقطع
وَالْخَامِس النباش لايقطع فى قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله لِأَن الْكَفَن يوضع ليبلى
وَيقطع فى قَول ابي يُوسُف لَان الْقَبْر حرز
وَالسَّادِس اذا سرق عبدا صَغِيرا اَوْ حرا صَغِيرا فَقَالَ ابو حنيفَة وَمُحَمّد وابو عبد الله لايقطع فى الصَّبِي وَالْحر وَيقطع فى العَبْد اذا كَانَ لايتكلم

(2/648)


وَقَالَ الشَّافِعِي اذا كَانَ لايعقل اَوْ كَانَ عجميا يقطع وان كَانَ يعقل وَيتَكَلَّم لايقطع
وَقَالَ ابو يُوسُف لايقطع فيهمَا جَمِيعًا
وَالسَّابِع اذا سرق شَيْئا ثمَّ قَالَ ارسلني رب الْمَتَاع واذن لي فِي اخذه فانه لايقطع فِي قَول ابي حنيفَة وصاحبيه وَالشَّافِعِيّ وابي عبد الله وَفِي قَول مَالك يقطع ولايصدق
وَالثَّامِن سرق من الْحَانُوت فانه لايقطع لانه مَأْذُون بِالدُّخُولِ فِيهِ
وَالتَّاسِع من سرق من بَيت المَال فانه لايقطع
والعاشر اذا سرق من الْفُسَّاق شَيْئا يكون فى منديل لَهُ وَنَحْوه
والحادى عشر الخائن لايقطع
والثانى عشر المختلس لايقطع
وَالثَّالِث عشر النقاف لايقطع
وَالرَّابِع عشر الطفاف لايقطع
وَالْخَامِس عشر الْمُتَّهب لايقطع
وَالسَّادِس عشر من سرق من السَّرْح شَاة اَوْ بقرة اَوْ جملا فانه لَا يقطع فان آواها الى حرز فَسرق يقطع
وَالسَّابِع عشر من سرق من الْغَنَائِم شَيْئا فانه لايقطع اذا لم تقسم بعد
وَالثَّامِن عشر من سرق قردا اَوْ كَلْبا عَلَيْهِ حلى فانه لَا يقطع
وَالتَّاسِع عشر من سرق من رُؤْس الاشجار فانه لايقطع فى قَول ابي حنيفَة وصاحبيه وابي عبد الله وَيقطع فى قَول الشَّافِعِي
وَالْعشْرُونَ اذا سرق مصحف الْقُرْآن اَوْ مصاحف الْعلم فَإِنَّهُ لَا

(2/649)


يقطع فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله واما فِي قَول ابي يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فَيقطع
وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ اذا سرق شَيْئا مِمَّن قد سَرقه فَلَا قطع عَلَيْهِ فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله
واما فِي قَول بعض الْفُقَهَاء فَيقطع
وَالثَّانِي وَالْعشْرُونَ من اذا سرق مرّة فَقطعت يَمِينه ثمَّ سرق ثَانِيَة فَقطعت رجله الْيُسْرَى ثمَّ سرق ثَالِثا فانه لايقطع فِي قَول ابي حنيفَة وصاحبيه وابي عبد الله واما فِي قَول الشَّافِعِي فَيقطع حَتَّى يُؤْتى على الْأَرْبَع
وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ اذا سرق شَيْئا ثمَّ أفْسدهُ فِي الدَّار قبل ان يُخرجهُ مثل الثَّوْب فشقه نِصْفَيْنِ اَوْ شَاة فذبحها قبل الاخراج على قَول ابي حنيفَة وصاحبيه وابي عبد الله لَا قطع عَلَيْهِ فِيهَا جَمِيعًا
وَقَالَ الشَّافِعِي يقطع فِي الثَّوْب وَلَا يقطع فِي الشَّاة
وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ لَا قطع فِي الزروع فِي الصَّحرَاء فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابى عبد الله وَفِيه الْقطع فِي قَول الشَّافِعِي
وَهن الْملك
واما وَهن الْملك فانه ينْصَرف الي خَمْسَة عشر وَجها
احدها لَا قطع فى صيد الْبر وَالْبَحْر كلهَا فى قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِيه الْقطع فى قَول الشَّافِعِي وَمَالك فانها من المملوكات
وَالثَّانِي لَا قطع فِي مَا اصله مُبَاح مثل الْحَشِيش والحطب والقصب والاشنان والزرنيخ والكبريت والجص والنورة والمغرة واشباهها فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله

(2/650)


وفيهَا الْقطع فى قَول الشَّافِعِي وَمَالك
وَالثَّالِث فِي الاطعمة المهيأة مثل الْخبز وَاللَّحم والقديد وَنَحْوهَا لاقطع فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله
وفيهَا الْقطع فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَالرَّابِع فِي الْفَوَاكِه الرّطبَة كلهَا فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وفيهَا الْقطع فِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَالْخَامِس لاقطع فِي الآت الملاهي كلهَا مثل الطنبور والدهل والطبل والدف والمزمار وَنَحْوهَا
وَالسَّادِس فِي عِظَام الْميتَة
وَالسَّابِع فِي الْمُضْطَر اذا سرق فَأكل وَشرب اَوْ لَيْسَ وَنَحْوه
وَالثَّامِن لاقطع فِي الْخشب كُله فى قَول الْفُقَهَاء وابي عبد الله فاذا نحت مِنْهَا أبوابا اَوْ نحوتا اَوْ كراسي فَفِيهَا الْقطع لانه قد تمّ الْملك فِيهَا واما الساج والأبنوس فَفِيهَا الْقطع هَكَذَا روى مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن ابي حنيفَة
وَقد روى اصحاب الامالي عَن ابي يُوسُف عَن ابي حنيفَة ان القنا فِي ذَلِك كالساج وَفِيه الْقطع
وروى عَن أَصْحَاب الأملاء عَن ابي يُوسُف ايضا انه قد خَالف ابا حنيفَة فِي ذَلِك فَقَالَ لايقطع فِي الْخشب كُله اذا بلغ مَا يقطع فِيهِ
وَالتَّاسِع اذا رد الْمَتَاع الى صَاحبه قبل ان يقطع فانه لايقطع
والعاشر اذا وهب السّرقَة للسارق بَعْدَمَا رفع الى الْحَاكِم فانه لايقطع فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله
وَيقطع فِي قَول الشَّافِعِي

(2/651)


وَالْحَادِي عشر فِي سَرقَة مصاحف الْقُرْآن وَالْعلم لَا قطع فِيهَا فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وابي عبد الله وفيهَا الْقطع فِي قَول ابي يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ
وَالثَّانِي عشر فِيمَا سَرقه السَّارِق من السَّارِق فَلَا قطع فِيهِ ثمَّ سَرقه مرّة أَحْرَى فانه لايقطع فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَيقطع فِي قَول زفر
وَالثَّالِث عشر اذا سرق مرّة فَقطعت يَمِينه ثمَّ سرق فَقطعت رجله ثمَّ سرق ثَالِثَة فَلَا يقطع بعد ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَيقطع فِي قَول الشَّافِعِي حَتَّى يُؤْتى على أَطْرَافه الاربع
وَالرَّابِع عشر اذا سرق شَيْئا ثمَّ افسده فِي الدَّار قبل ان يُخرجهُ مِنْهَا مثل الثَّوْب فشقه نِصْفَيْنِ اَوْ كَانَت شَاة فذبحها ثمَّ اخرجها فانه لاقطع فِيهِ وَنَحْوه فِي قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَفِي قَول الشَّافِعِي يقطع فِي الثَّوْب وَلَا يقطع فِي الشَّاة
وَهن النَّفس
واما وَهن النَّفس فانه على ثَلَاثَة أوجه ثمَّ يصير على سنة أوجه
احدها ان تكون شِمَاله مَقْطُوعَة اَوْ شلاء فان يَمِينه لاتقطع وان كَانَت يَمِينه شلاء قطعت يَمِينه فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول مَالك تقطع شِمَاله الصَّحِيحَة بَدَلا من الْيَمين لانه لايمين لَهُ
وَالثَّانِي لَو كَانَت رجله الْيُمْنَى شلاء اَوْ مَقْطُوعَة فان يَمِينه لَا تقطع

(2/652)


وَالثَّالِث اذا لم يكن ليساره ابهام اَوْ اصبع سوى الابهام اَوْ كَانَت شلاء فان يَمِينه لَا تقطع
اخراج الْمَتَاع من الْحِرْز
واما اخراج الْمَتَاع من الْحِرْز فانه على خَمْسَة اوجه
احدها ان يدْخل الدَّار بِنَفسِهِ وَيخرج الْمَتَاع مِنْهَا بِنَفسِهِ فانه يقطع
وَالثَّانِي ان يدْخل الدَّار بِنَفسِهِ فَيَأْخُذ الْمَتَاع فيرميه خَارج الدَّار ثمَّ يتبعهُ وَيَأْخُذهُ فانه يقطع فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَا يقطع فِي قَول زفر
وَالثَّالِث ان يدْخل الدَّار وَيَأْخُذ الْمَتَاع فَلَمَّا انْتهى بِهِ الى الْبَاب اَوْ النقب رَمَاه الى غير وَاحِد واخذه الْغَيْر ثمَّ خرج فذهبا بِهِ جَمِيعًا فَلَا قطع عَلَيْهِمَا
وَالرَّابِع ان لَا يدْخل الدَّار وَلَكِن يدْخل يَده فِيهَا وَيخرج الْمَتَاع مِنْهَا فانه يقطع فِي قَول ابي يُوسُف وَمَالك ولايقطع فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّيْخ
وَكَذَلِكَ حكم الْخَيْمَة والفسطاط وَمَا اشبه
وَالْخَامِس ان يدْخل يَده فِي جراب اَوْ جوالق اَوْ كم اَوْ جيب وَيخرج مِنْهُ مَتَاعا فانه يقطع وَكَذَلِكَ لَو شقّ الجوالق واخرج الْمَتَاع قطع
شَرَائِط الْقطع
وشرائط الْقطع بعد مَا ذكرنَا خَمْسَة اشياء
احدها ان تكون السّرقَة عشرَة دَرَاهِم اَوْ قيمتهَا من الْمَتَاع وَغَيره فِي

(2/653)


قَول ابي حنيفَة واصحابه وابي عبد الله وَفِي قَول الشَّافِعِي ربع دِينَار وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَنصف دِرْهَم فَصَاعِدا
وَالثَّانِي ان يُخرجهَا من حرز
وَالثَّالِث ان يشْهد بِهِ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ اَوْ يقر مرَّتَيْنِ فِي مجلسين فِي قَول أبي يُوسُف وابي عبد الله وَفِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد يقطع اذا اقر مرّة وَاحِدَة
وَالرَّابِع ان يكون الْمَسْرُوق مِنْهُ شَاهدا يَدعِي ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول مَالك يقطع وان كَانَ الْمَسْرُوق مِنْهُ غَائِبا فِي قَول زفر لايقطع بالشهود دون حُضُوره وَيقطع بالاقرار
وَالْخَامِس ان يكون السَّارِق بَالغا عَاقِلا وَالرجل وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد فِي الْقطع سَوَاء
ولايقطع فِي الْحر الشَّديد وَلَا فِي الْبرد الشَّديد وَلَا اذا كَانَ مَرِيضا حَتَّى يبرأ ويحسم اذا قطع
قَاطع الطَّرِيق
وَحكم قَاطع الطَّرِيق عَليّ ثَمَانِيَة اوجه
احدها ان اخذ المَال وَقتل فَإِنَّهُ يصلب
وَالثَّانِي اذا قتل وَلم يَأْخُذ المَال فانه يقتل

(2/654)


وَالثَّالِث اذا اخذ المَال وَلم يقتل فانه يقطع يَده وَرجله من خلاف
وَالرَّابِع ان يخيف الطَّرِيق وَلَا يقتل وَلَا يَأْخُذ المَال فانه يحبس حَتَّى يَتُوب أَو يَمُوت أَو يحدث خيرا فَهَذِهِ الاحكام الاربعة مَذْكُورَة فِي الْكتاب
وَالْخَامِس ان يجرح وَلَا يَأْخُذ المَال وَلَا يقتل فَإِنَّهُ يقْتَصّ مِنْهُ فِيمَا يُسْتَطَاع الْقصاص والزم الارض فِيمَا لايستطاع الْقصاص
وَالسَّادِس ان يجرح وَيَأْخُذ المَال
وَالسَّابِع ان يجرح وَيقتل
وَالثَّامِن ان يجرح وَيقتل وَيَأْخُذ المَال
فِي كل هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاث يقْتَصّ مِنْهُ للجراح ثمَّ يُقَام عَلَيْهِ الْحَد فِيمَا سوى ذَلِك
وَهَذَا فِي قَول الشَّيْخ وَفِي قَول الْفُقَهَاء اذا وَجب الْقطع اَوْ الْقَتْل اَوْ الصلب بطلت الْجِرَاحَات وان لم يقدروا عَليّ الْقطع فانهم يطلبونهم فَيكون نفيا لَهُم
وَمَتى جئ بهم وَقد لَزِمَهُم الْقطع اَوْ الْقَتْل اَوْ الصلب فان الامام يُقيم عَلَيْهِم ذَلِك
وَسَوَاء حضر الَّذين قطعُوا عَلَيْهِم اَوْ لم يحضروا واختصموا أَو لم يختصموا عفوا اَوْ لم يعفوا بعد ان يثبت ذَلِك عَلَيْهِم باقرارهم اَوْ شَهَادَة الشُّهُود وَهَذَا هُوَ قَول مَالك وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن صَاحب
وَفِي قَول زفر وَالْحسن بن زِيَاد اذا اشْهَدْ فانه لايقام الا بِمحضر من الْخصم
فان اقروا مرَّتَيْنِ اقيم عَلَيْهِم

(2/655)


وَفِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد لايقام فِي الْوَجْهَيْنِ الا بِمحضر من الْخصم كَمَا ذكرنَا فِي السّرقَة
من يقطع عَلَيْهِم
وَمن يقطع عَلَيْهِم ثَلَاثَة اصناف 1 الْمُسلمُونَ 2 والذميون 3 والمستأمنون فِي دَار الاسلام
اما الْمُسلمُونَ والذميون اذا قطع عَلَيْهِم فانه يقطع لَهُم
واما المستأمنون فَلَا يقطعون لاجلهم وَلَيْسَ فيهم قصاص وَلَا دِيَة الا انهم يضمنُون الاموال لاجلهم
انواع القطاع والقطاع ثَلَاثَة اصناف احدهم الَّذين يتولون الْقَتْل والاخر الَّذين اخذوا المَال
وَالثَّالِث الَّذين هم وقُوف ردأ لَهُم فَأخذُوا كلهم
قَالَ الشَّافِعِي يجازي كل امْرِئ مِنْهُم فِي نَفسه بِمَنْزِلَة مَا لَو كَانَ وَحده فَفعل ذَلِك بِنَفسِهِ

(2/656)


فَيُؤْخَذ بذلك ويجازى وَلَا يُؤْخَذ بِمَا فعل غَيره
وَفِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَمَالك الحكم فِيهِ سَوَاء فان تَابُوا وردوا الْأَمْوَال ثمَّ اتى بهم الامام دفع الى الاولياء وَيبْطل حكم الْمُحَاربَة وَرجع الْحَال الى اسْتِيفَاء الْحُقُوق ويقتص مِمَّن ذَلِك عَلَيْهِ مِنْهُم من نفس أَو جِرَاحَة وَيُؤْخَذ الْأَرْش فِيمَا لاقصاص فِيهِ من ذَلِك وَيغرم من اخذ مِنْهُم مَالا فَيُؤْخَذ كل وَاحِد بِمَا كَانَ مِنْهُ لنَفسِهِ وَلَا ينظر الى غَيره
أَنْوَاع قطع الطَّرِيق
وَقطع الطَّرِيق على اوجه فَفِي اثْنَيْنِ مِنْهَا يُقَام الْحَد وَفِي اثْنَيْنِ لايقام الْحَد
أما اللَّذَان يُقَام فيهمَا الْحَد
فأحدهما ان يقطع الطَّرِيق فِي مفازة
والاخر ان يقطع على قَرْيَة نائية من الْمصر فَلَا يقدرُونَ ان يمنعوا القطاع من انفسهم فَلَا يُمكنهُم الاستغائة
واما اللَّذَان لايقام فيهمَا الْحَد فأحدهما ان يقطع الطَّرِيق فِي مصر أَو مَدِينَة
والاخر ان يقطع الطَّرِيق خَارج الْمصر من حَيْثُ يُمكنهُم الاستغائة فانهم لَا يقطعون فِي قَول ابي حنيفَة واصحابه وَلَا يُقَام عَلَيْهِم الْحَد وَلَكِن يدْفَعُونَ

(2/657)


الى اولياء الدَّم فَيكون الامر اليهم فِيمَا قتلوا وَفِيمَا جرحوا وَفِيمَا أخذُوا من الْأَمْوَال
وَفِي قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن ابي ليلى وَالْحسن بن صَالح يُقَام عَلَيْهِم الْحَد
كَيْفيَّة مَجِيء القطاع الى الامام
ومجيء القطاع الى الامام على ثَلَاثَة اوجه
احدها ان يَأْتُوا بهم غير تَائِبين فانه يُقيم عَلَيْهِم الْحَد
وَالثَّانِي ان يَأْتُوا بهم الى الامام وَقد تقادم ذَلِك فانه لايقام عَلَيْهِم الْحَد وَلَكِن يدفعهم الى من قطعُوا عَلَيْهِم فيقتصون مِنْهُم
وَالثَّالِث ان يَأْتُوا بهم تَائِبين فَالْحكم فيهم كَالْحكمِ فِيمَن تقادم امرهم وَلَا يقطع قطاع الطّرق فِيمَا اخذوا حَتَّى يكون نصيب كل وَاحِد مِنْهُم من الْمَأْخُوذ عشرَة دَرَاهِم فَصَاعِدا سَوَاء قتلوا بِحجر اَوْ عَصا اوسيف وَنَحْوهَا
وَالله اعْلَم