النتف في
الفتاوى كتاب الْجِنَايَات
وَالْجِنَايَة على وَجْهَيْن
جِنَايَة الْحر على العَبْد
وَجِنَايَة العَبْد على الْحر
وكل وَاحِد مِنْهُمَا على ثَلَاثَة اوجه
فَأَما جِنَايَة الْحر على العَبْد فأحدهما فى النَّفس عمدا فَفِيهِ
الْقصاص لَان الْقصاص ثَابت فى حق الاحرار وَالْعَبِيد فى الانفس
وَالثَّانِي جِنَايَة الْحر على العَبْد بالْخَطَأ اَوْ شبه الْعمد فعلى
الْحر قيمَة العَبْد على عَاقِلَته فى قَول الْفُقَهَاء وَهُوَ قَول
مُحَمَّد وابي حنيفَة وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن صَاحب
وفى قَول ابي يُوسُف وَمَالك وَابْن ابي ليلى سُفْيَان وَالْحسن بن صَالح
وَعُثْمَان البتي هُوَ فى مَاله لَا على الْعَاقِلَة
وَقَالَ الشَّافِعِي وَاللَّيْث بن سعد هُوَ على الْعَاقِلَة سَوَاء كَانَ
فى النَّفس اَوْ دون النَّفس
وَالثَّالِث جِنَايَة الْحر على العَبْد فِيمَا دون النَّفس فَهُوَ على
وَجْهَيْن
احدها مَا بلغ قِيمَته
وَالثَّانِي مَالا يبلغ قِيمَته
فان كَانَت الْجِنَايَة دون قِيمَته فَفِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد
وابراهيم
(2/683)
وابي عبد الله يُؤْخَذ ارشها من قِيمَته
عَليّ قِيَاس ارش الْحر من دِيَته وَلَا تجَاوز تجَاوز قيمَة العَبْد دِيَة
الْحر على حَال
واذا اسْتَويَا فيلقي من قيمَة العَبْد عشرَة دَرَاهِم
وفى قَول ابي يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ والاوزاعي وَابْن ابي ليلى
يبلغ بهَا مَا بلغت
وَفِي قَول سُفْيَان ينقص من الدِّيَة دِرْهَم وَنَحْوه وان كَانَت
الْجِنَايَة ابلغ من قِيمَته فسيده بِالْخِيَارِ ان شَاءَ دَفعه الى
الْجَانِي وغرمه قِيمَته واخذها وان شَاءَ امسكه وَغرم عَلَيْهِ مَا نقص من
قِيمَته فى قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأبي عبد الله
وَفِي قَول ابي حنيفَة ان شَاءَ دفع الْجَانِي واخذ قِيمَته وان شَاءَ امسك
العَبْد وَلَيْسَ لَهُ ان يغرم الْجَانِي نُقْصَان العَبْد
واما جِنَايَة العَبْد على الْحر
فأحدها فى النَّفس عمدا فَفِيهِ الْقصاص وان عفى عَنهُ فَهُوَ لسَيِّده
وَالثَّانِي فى النَّفس خطأ اَوْ شبه عمد فسيده بِالْخِيَارِ
ان شَاءَ دفع العَبْد الى اولياء الْمَقْتُول قَليلَة كَانَت قِيمَته أم
كَثِيرَة
وان شَاءَ امسك العَبْد وفداه بدية الْمَقْتُول كَامِلا
وَالثَّالِث فِيمَا دون النَّفس فانه عَليّ وَجْهَيْن
احدهما ان يكون ارشها اقل من قِيمَته
وَالْآخر ان يكون ارشها اكثر من قِيمَته
فان كَانَ ارش الْجِنَايَة اقل من قيمَة العَبْد فعلى السَّيِّد ارش
الْجِنَايَة من سَبِيل الحكم فان اخْتَار دفع العَبْد جَازَ لَهُ
(2/684)
وان كَانَ ارش الْجِنَايَة اكثر من قيمَة
العَبْد فعلى السَّيِّد ان يدْفع العَبْد من سَبِيل الحكم وان اخْتَار ارش
الْجِنَايَة دون دفع العَبْد جَازَ لَهُ ايضا
واما جِنَايَة الْمكَاتب وَالْمُدبر والمدبرة وام الْوَلَد فى الْعمد فيقتص
مِنْهُم
واما غَيره فجناية الْمكَاتب عَلَيْهِ فى مَاله لَان كَسبه لَهُ لَا
لسَيِّده
وَجِنَايَة الْمُدبر والمدبرة وام الْوَلَد فى مَال السَّيِّد لَان كسبهم
لَهُ
وَلَيْسَ فى هَذِه الثَّلَاثَة دفع وَلَا لَهُم عَاقِلَة فاعرفه
جِنَايَة الدَّابَّة
وَجِنَايَة الدَّابَّة على ثَمَانِيَة اوجه
1 - الرَّاكِب 2 والقائد 3 والسائق 4 والمرتدف 5 والناخس 6 والمرسلة 7
والمنفلتة 8 والمسيبة
فَأَما الرَّاكِب اذا سَار عَليّ الدَّابَّة فوطئت الدَّابَّة انسانا اَوْ
غير اسنان اَوْ كدمته اَوْ خبطته بيد اَوْ بِرَجُل اَوْ صدمته اورمحت
بحافرها حِجَارَة فَعَطب بذلك انسان اَوْ غير انسان اَوْ مَال فعلى
الرَّاكِب الضَّمَان
فان كَانَت الْجِنَايَة على انسان فعلى عَاقِلَته وان كَانَت على غير انسان
فَفِي مَاله وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فى شئ من ذَلِك ماخلا خصْلَة
وَاحِدَة وَهُوَ ان تكون وطِئت انسانا وَهُوَ رَاكب فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة
وَلَو نفحت الدَّابَّة برجلها اَوْ بذنبها وَهِي تسير فاعطيت انسانا اَوْ
مَالا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فى ذَلِك وَكَذَلِكَ الْمهْر والفصيل يتبع
امهِ فيجئ على ماذكرنا من الْجِنَايَة فانه لايضمن
وَحكم الْقَائِد والسائق والمرتدف كَحكم الرَّاكِب الا ان الْكَفَّارَة
تكون
(2/685)
على الرَّاكِب وَلَيْسَ على غَيره
الْكَفَّارَة فِيمَن هلك
وَلَو رائت الدَّابَّة اَوْ بَالَتْ اَوْ اثارت غبارا فأفسدت مَتَاعا فَلَا
ضَمَان عَلَيْهِ
واما الناخس اذا نخس دَابَّة عَلَيْهَا رَاكب فنفخت رجلا وقتلته دون
الرَّاكِب وَكَذَلِكَ مَا اعطيت من تِلْكَ النخسة من رمى الدَّابَّة راكبها
وَمن وثوبها على غَيره كَانَ ضمامنا لذَلِك كُله
وَمن قاد قطارا اَوْ سَاقه فَمَا اعطب اول القطار اَوْ آخر بيد اَوْ رجل
أَو صدم انسانا فَمَاتَ كَانَ الضَّمَان على السَّائِق والقائد وَلَا
كَفَّارَة عَلَيْهِ
واما الْمُرْسل اذا ارسل دَابَّة فِي طَرِيق اَوْ سكَّة فَمَا اصابته فِي
نفورها ذَلِك من شَيْء فَالضَّمَان على الْمُرْسل وان طَال ذَلِك وَلم يكن
هُوَ خلفهَا بعد مَا مشت بذلك الارسال
وان عدلت عَن الطَّرِيق الذى امامها الى مَا سواهُ فقد خرجت من ارساله
وَلَا يكون ضمانا لما اعطيت بعد ذَلِك
واما المنفلتة فَهِيَ الدَّابَّة الَّتِي تخرج من مربطها وَتذهب فَمَا
اعطيت من شئ فَلَا ضَمَان على أحد
(2/686)
واما المسيبة فَهِيَ الَّتِي يسيبها
صَاحبهَا فِي المرعى فأصابت شَيْئا فاهلكته فَلَا ضَمَان فى شَيْء من ذَلِك
وَحكمهَا حكم المنفلته بِعَينهَا عملا بِحَدِيث العجماء جَبَّار
جِنَايَة الْبِئْر
قَالَ وَجِنَايَة الْبِئْر على وَجْهَيْن
احدهما ان يحْفر بِئْرا لنَفسِهِ فَسقط عَلَيْهَا وَمَات قديته هدر
والاخر ان يحْفر لغيره اجيرا كَانَ اَوْ مُتَبَرعا فَسقط عَلَيْهِ فَمَاتَ
فدمه هدر ايضا عملا بِحَدِيث الْقلب جَبَّار
كَيْفيَّة حفر الْبِئْر
قَالَ وحفر الْبِئْر على ثَلَاثَة اوجه
أَحدهَا ان يحفرها فى ملك نَفسه اَوْ فى مفازة اَوْ فى طَرِيق الْمُسلمين
فَمَا وَقع فِي الْبِئْر الَّتِي حفرهَا فِي ملكه اَوْ فِي الْمَفَازَة
وَنَحْوهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَمَا وَقع فِي الْبِئْر الَّتِي حفرهَا فى طَرِيق الْمُسلمين فَالضَّمَان
عَلَيْهِ
(2/687)
وَلَو حفر رجلَانِ بِئْرا فَوَقع
عَلَيْهِمَا فماتا فان على عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة الاخر
لوَرثَته لَو مَاتَ احدهما وَلم يمت الآخر فعلى عَاقِلَة الْحَيّ نصف دِيَة
الْمَيِّت لوَرثَته وبهدر نصفه الاخر وان كَانُوا ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة
اَوْ أَكثر فعلى هَذَا الْقيَاس الذى ذكرنَا
(2/688)
|