الهداية في شرح بداية المبتدي

ج / 3 ص -87-         كتاب الكفالة
الكفالة: هي الضم لغة، قال الله تعالى:
{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران:37] ثم قيل: هي ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة، وقيل في الدين، والأول أصح.
قال: "الكفالة ضربان: كفالة بالنفس، وكفالة بالمال. فالكفالة بالنفس جائزة والمضمون بها إحضار المكفول به" وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز لأنه كفل بما لا يقدر على تسليمه، إذ لا قدرة له على نفس المكفول به، بخلاف الكفالة بالمال لأن له ولاية على مال نفسه. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:
"الزعيم غارم" وهذا يفيد مشروعية الكفالة بنوعيه، ولأنه يقدر على تسليمه بطريقه بأن يعلم الطالب مكانه فيخلي بينه وبينه أو يستعين بأعوان القاضي في ذلك والحاجة ماسة إليه، وقد أمكن تحقق معنى الكفالة وهو الضم في المطالبة فيه.
قال: "وتنعقد إذا قال تكفلت بنفس فلان أو برقبته أو بروحه أو بجسده أو برأسه وكذا ببدنه وبوجهه" لأن هذه الألفاظ يعبر بها عن البدن إما حقيقة أو عرفا على ما مر في الطلاق، كذا إذا قال بنصفه أو بثلثه أو بجزء منه لأن النفس الواحدة في حق الكفالة لا تتجزأ فكان ذكر بعضها شائعا كذكر كلها، بخلاف ما إذا قال تكفلت بيد فلان أو برجله لأنه لا يعبر بهما عن البدن حتى لا تصح إضافة الطلاق إليهما وفيما تقدم تصح "وكذا إذا قال ضمنته" لأنه تصريح بموجبه "أو قال" هو "علي" لأنه صيغة الالتزام "أو قال إلي" لأنه في معنى علي في هذا المقام. قال عليه الصلاة والسلام:
"ومن ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلا أو عيالا فإلي" "وكذا إذا قال أنا زعيم به أو قبيل به" لأن الزعامة هي الكفالة وقد روينا فيه. والقبيل هو الكفيل، ولهذا سمي الصك قبالة، بخلاف ما إذا قال أنا ضامن لمعرفته لأنه التزم المعرفة دون المطالبة.
قال: "فإن شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه إحضاره إذا طالبه في ذلك الوقت" وفاء بما التزمه، "فإن أحضره وإلا حبسه الحاكم", لامتناعه عن إيفاء حق مستحق عليه، ولكن لا يحبسه أول مرة لعله ما درى لماذا يدعي. ولو غاب المكفول

 

ج / 3 ص -88-         بنفسه أمهله الحاكم مدة ذهابه ومجيئه، فإن مضت ولم يحضره يحبسه لتحقق امتناعه عن إيفاء الحق.
قال: "وكذا إذا ارتد والعياذ بالله ولحق بدار الحرب" وهذا لأنه عاجز في المدة فينظر كالذي أعسر، ولو سلمه قبل ذلك برئ لأن الأجل حقه فيملك إسقاطه كما في الدين المؤجل.
قال: "وإذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه مثل أن يكون في مصر برئ الكفيل من الكفالة" لأنه أتى بما التزمه وحصل المقصود به، وهذا لأنه ما التزم التسليم إلا مرة.
قال: "وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ" لحصول المقصود، وقيل في زماننا: لا يبرأ لأن الظاهر المعاونة على الامتناع لا على الإحضار فكان التقييد مفيدا "وإن سلمه في برية لم يبرأ" لأنه لا يقدر على المخاصمة فيها فلم يحصل المقصود، وكذا إذا سلمه في سواد لعدم قاض يفصل الحكم فيه، ولو سلم في مصر آخر غير المصر الذي كفل فيه برئ عند أبي حنيفة للقدرة على المخاصمة فيه. وعندهما لا يبرأ لأنه قد تكون شهوده فيما عينه. ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ لأنه لا يقدر على المخاصمة فيه.
قال: "وإذا مات المكفول به برئ الكفيل بالنفس من الكفالة" لأنه عجز عن إحضاره، ولأنه سقط الحضور عن الأصيل فيسقط الإحضار عن الكفيل، وكذا إذا مات الكفيل لأنه لم يبق قادرا على تسليم المكفول بنفسه وماله لا يصلح لإيفاء هذا الواجب بخلاف الكفيل بالمال. ولو مات المكفول له فللوصي أن يطالب الكفيل، فإن لم يكن فلوارثه لقيامه مقام الميت.
قال: "ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء" لأنه موجب التصرف فيثبت بدون التنصيص عليه، ولا يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين، ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح لأنه مطالب بالخصومة فكان له ولاية الدفع، وكذا إذا سلمه إليه وكيل الكفيل أو رسوله لقيامهما مقامه.
قال: "فإن تكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه وهو ألف فلم يحضره إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال" لأن الكفالة بالمال معلقة بشرط عدم الموافاة، وهذا التعليق صحيح، فإذا وجد الشرط لزمه المال "ولا يبرأ عن الكفالة بالنفس" لأن

 

ج / 3 ص -89-         وجوب المال عليه بالكفالة لا ينافي الكفالة بنفسه إذ كل واحد منهما للتوثق. وقال الشافعي: لا تصح هذه الكفالة لأنه تعليق سبب وجوب المال بالخطر فأشبه البيع. ولنا أنه يشبه البيع ويشبه النذر من حيث إنه التزام. فقلنا: لا يصح تعليقه بمطلق الشرط كهبوب الريح ونحوه. ويصح بشرط متعارف عملا بالشبهين والتعليق بعدم الموافاة متعارف.
قال: "ومن كفل بنفس رجل وقال إن لم يواف به غدا فعليه المال، فإن مات المكفول عنه ضمن المال" لتحقق الشرط وهو عدم الموافاة.
قال: "ومن ادعى على آخر مائة دينار بينها أو لم يبينها حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وقال محمد رحمه الله: إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثم ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه" لأنه علق مالا مطلقا بخطر؛ ألا يرى أنه لم ينسبه إلى ما عليه، ولا تصح الكفالة على هذا الوجه وإن بينها ولأنه لم تصح الدعوى من غير بيان فلا يجب إحضار النفس، وإذا لم يجب لا تصح الكفالة بالنفس فلا تصح بالمال لأنه بناء عليه، بخلاف ما إذا بين. ولهما أن المال ذكر معرفا فينصرف إلى ما عليه، والعادة جرت بالإجمال في الدعاوى فتصح الدعوى على اعتبار البيان، فإذا بين التحق البيان بأصل الدعوى فتبين صحة الكفالة الأولى فيترتب عليها الثانية.
قال: "ولا تجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة رحمه الله" معناه: لا يجبر عليها عنده، وقالا: يجبر في حد القذف لأن فيه حق العبد وفي القصاص لأنه خالص حق العبد فيليق بهما الاستيثاق كما في التعزير، بخلاف الحدود الخالصة لله تعالى. ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام:
"لا كفالة في حد من غير فصل" ولأن مبنى الكل على الدرء فلا يجب فيها الاستيثاق، بخلاف سائر الحقوق لأنها لا تندرئ بالشبهات فيليق بها الاستيثاق كما في التعزير "ولو سمحت نفسه به يصح بالإجماع" لأنه أمكن ترتيب موجبه عليه لأن تسليم النفس فيها واجب فيطالب به الكفيل فيتحقق الضم.
قال: "ولا يحبس فيها حتى يشهد شاهدان مستوران أو شاهد عدل يعرفه القاضي" لأن الحبس للتهمة هاهنا، والتهمة تثبت بأحد شطري الشهادة: إما العدد أو العدالة، بخلاف الحبس في باب الأموال لأنه أقصى عقوبة فيه فلا يثبت إلا بحجة كاملة. وذكر في كتاب

 

ج / 3 ص -90-         أدب القاضي أن على قولهما لا يحبس في الحدود والقصاص بشهادة الواحد لحصول الاستيثاق بالكفالة.
قال: "والرهن والكفالة جائزان في الخراج" لأنه دين مطالب به ممكن الاستيفاء فيمكن ترتيب موجب العقد عليه فيهما.
قال: "ومن أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخر فهما كفيلان" لأن موجبه التزام المطالبة وهي متعددة والمقصود التوثق، وبالثانية يزداد التوثق فلا يتنافيان "وأما الكفالة بالمال فجائزة معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا مثل أن يقول تكفلت عنه بألف أو بما لك عليه أو بما يدركك في هذا البيع" لأن مبنى الكفالة على التوسع فيتحمل فيها الجهالة، وعلى الكفالة بالدرك إجماع وكفى به حجة، وصار كما إذا كفل لشجة صحت الكفالة وإن احتملت السراية والاقتصار، وشرط أن يكون دينا صحيحا ومراده أن لا يكون بدل الكتابة، وسيأتيك في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال: "والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل وإن شاء طالب كفيله" لأن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة وذلك يقتضي قيام الأول لا البراءة عنه، إلا إذا شرط فيه البراءة فحينئذ تنعقد حوالة اعتبارا للمعنى، كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل تكون كفالة "ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر وله أن يطالبهما" لأن مقتضاه الضم، بخلاف المالك إذا اختار تضمين أحد الغاصبين لأن اختياره أحدهما يتضمن التمليك منه فلا يمكنه التمليك من الثاني، أما المطالبة بالكفالة لا تتضمن التمليك فوضح الفرق.
قال: "ويجوز تعليق الكفالة بالشروط" مثل أن يقول ما بايعت فلانا فعلي أو ما ذاب لك عليه فعلي أو ما غصبك فعلي. والأصل فيه قوله تعالى:
{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:72] والإجماع منعقد على صحة ضمان الدرك، ثم الأصل أنه يصح تعليقها بشرط ملائم لها مثل أن يكون شرطا لوجوب الحق كقوله إذا استحق المبيع، أو لإمكان الاستيفاء مثل قوله إذا قدم زيد وهو مكفول عنه، أو لتعذر الاستيفاء مثل قوله إذا غاب عن البلدة، وما ذكر من الشروط في معنى ما ذكرناه، فأما لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر وكذا إذا جعل واحد منهما أجلا، إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق. "فإن قال تكفلت بما لك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمنه الكفيل" لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينة فيتحقق ما عليه فيصح الضمان به "وإن لم تقم البينة فالقول قول

 

ج / 3 ص -91-         الكفيل مع يمينه في مقدار ما يعترف به" لأنه منكر للزيادة "فإن اعترف المكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله" لأنه إقرار على الغير ولا ولاية له عليه "ويصدق في حق نفسه" لولايته عليها.
قال: "وتجوز الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره" لإطلاق ما روينا ولأنه التزام المطالبة وهو تصرف في حق نفسه وفيه نفع للطالب ولا ضرر فيه على المطلوب بثبوت الرجوع إذ هو عند أمره وقد رضي به "فإن كفل بأمره رجع بما أدى عليه" لأنه قضى دينه بأمره "وإن كفل بغير أمره لم يرجع بما يؤديه" لأنه متبرع بأدائه، وقوله رجع بما أدى معناه إذا أدى ما ضمنه، أما إذا أدى خلافه رجع بما ضمن لأنه ملك الدين بالأداء فنزل منزلة الطالب، كما إذا ملكه بالهبة أو بالإرث، وكما إذا ملكه المحتال عليه بما ذكرنا في الحوالة، بخلاف المأمور بقضاء الدين حيث يرجع بما أدى؛ لأنه لم يجب عليه شيء حتى يملك الدين بالأداء، وبخلاف ما إذا صالح الكفيل الطالب عن الألف على خمسمائة لأنه إسقاط فصار كما إذا أبرأ الكفيل.
قال: "وليس للكفيل أن يطالب المكفول عنه بالمال قبل أن يؤدي عنه" لأنه لا يملكه قبل الأداء، بخلاف الوكيل بالشراء حيث يرجع قبل الأداء لأنه انعقد بينهما مبادلة حكمية.
قال: "فإن لوزم بالمال كان له أن يلازم المكفول عنه حتى يخلصه" وكذا إذا حبس كان له أن يحبسه لأنه لحقه ما لحقه من جهته فيعامله بمثله "وإذا أبرأ الطالب المكفول عنه أو استوفى منه برئ الكفيل" لأن براءة الأصيل توجب براءة الكفيل لأن الدين عليه في الصحيح "وإن أبرأ الكفيل لم يبرأ الأصيل عنه" لأنه تبع، ولأن عليه المطالبة وبقاء الدين على الأصيل بدونه جائز "وكذا إذا أخر الطالب عن الأصيل فهو تأخير عن الكفيل، ولو أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الذي عليه الأصل" لأن التأخير إبراء موقت فيعتبر بالإبراء المؤبد، بخلاف ما إذا كفل بالمال الحال مؤجلا إلى شهر فإنه يتأجل عن الأصيل لأنه لا حق له إلا الدين حال وجود الكفالة فصار الأجل داخلا فيه، أما هاهنا فبخلافه.
قال: "فإن صالح الكفيل رب المال عن الألف على خمسمائة فقد برئ الكفيل والذي عليه الأصل" لأنه أضاف الصلح إلى الألف الدين وهي على الأصيل فبرئ عن خمسمائة لأنه إسقاط وبراءته توجب براءة الكفيل، ثم برئا جميعا عن خمسمائة بأداء الكفيل، ويرجع الكفيل على الأصيل بخمسمائة إن كانت الكفالة بأمره، بخلاف ما إذا صالح على جنس آخر لأنه مبادلة حكمية فملكه فيرجع بجميع الألف، ولو كان صالحه عما استوجب بالكفالة

 

ج / 3 ص -92-         لا يبرأ الأصيل؛ لأن هذا إبراء الكفيل عن المطالبة.
قال: "ومن قال لكفيل ضمن له مالا قد برئت إلي من المال رجع الكفيل على المكفول عنه" معناه بما ضمن له بأمره لأن البراءة التي ابتداؤها من المطلوب وانتهاؤها إلى الطالب لا تكون إلا بالإيفاء، فيكون هذا إقرارا بالأداء فيرجع "وإن قال أبرأتك لم يرجع الكفيل على المكفول عنه" لأنه براءة لا تنتهي إلى غيره وذلك بالإسقاط فلم يكن إقرارا بالإيفاء. ولو قال برئت قال محمد رحمه الله هو مثل الثاني لأنه يحتمل البراءة بالأداء إليه والإبراء فيثبت الأدنى إذ لا يرجع الكفيل بالشك. وقال أبو يوسف رحمه الله: هو مثل الأول لأنه أقر ببراءة ابتداؤها من المطلوب وإليه الإيفاء دون الإبراء. وقيل في جميع ما ذكرنا إذا كان الطالب حاضرا يرجع في البيان إليه لأنه هو المجمل.
قال: "ولا يجوز تعليق البراءة من الكفالة بالشرط" لما فيه من معنى التمليك كما في سائر البراءات. ويروى أنه يصح لأن عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطلاق، ولهذا لا يرتد الإبراء عن الكفيل بالرد بخلاف إبراء الأصيل.
قال: "وكل حق لا يمكن استيفاؤه من الكفيل لا تصح الكفالة به كالحدود والقصاص" معناه بنفس الحد لا بنفس من عليه الحد لأنه يتعذر إيجابه عليه، وهذا لأن العقوبة لا تجري فيها النيابة.
قال: "وإذا تكفل عن المشتري بالثمن جاز" لأنه دين كسائر الديون "وإن تكفل عن البائع بالمبيع لم تصح" لأنه عين مضمون بغيره وهو الثمن والكفالة بالأعيان المضمونة وإن كانت تصح عندنا خلافا للشافعي رحمه الله، لكن بالأعيان المضمونة بنفسها كالمبيع بيعا فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمغصوب، لا بما كان مضمونا بغيره كالمبيع والمرهون، ولا بما كان أمانة كالوديعة والمستعار والمستأجر ومال المضاربة والشركة. ولو كفل بتسليم المبيع قبل القبض أو بتسليم الرهن بعد القبض إلى الراهن أو بتسليم المستأجر إلى المستأجر جاز لأنه التزم فعلا واجبا.
قال: "ومن استأجر دابة للحمل عليها، فإن كانت بعينها لا تصح الكفالة بالحمل" لأنه عاجز عنه "وإن كانت بغير عينها جازت الكفالة" لأنه يمكنه الحمل على دابة نفسه والحمل هو المستحق "وكذا من استأجر عبدا للخدمة فكفل له رجل بخدمته فهو باطل" لما بينا.
قال: "ولا تصح الكفالة إلا بقبول المكفول له في المجلس" وهذا عند أبي حنيفة

 

ج / 3 ص -93-         ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله آخرا: يجوز إذا بلغه أجاز، ولم يشترط في بعض النسخ الإجازة، والخلاف في الكفالة بالنفس والمال جميعا. له أنه تصرف التزام فيستبد به الملتزم، وهذا وجه هذه الرواية عنه. ووجه التوقف ما ذكرناه في الفضولي في النكاح. ولهما أن فيه معنى التمليك وهو تمليك المطالبة منه فيقوم بهما جميعا والموجود شطره فلا يتوقف على ما وراء المجلس "إلا في مسألة واحدة وهي أن يقول المريض لوارثه تكفل عني بما علي من الدين فكفل به مع غيبة الغرماء جاز" لأن ذلك وصية في الحقيقة ولهذا تصح وإن لم يسم المكفول لهم، ولهذا قالوا: إنما تصح إذا كان له مال أو يقال إنه قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغا لذمته وفيه نفع الطالب فصار كما إذا حضر بنفسه، وإنما يصح بهذا اللفظ، ولا يشترط القبول لأنه يراد به التحقيق دون المساومة ظاهرا في هذه الحالة فصار كالأمر بالنكاح، ولو قال المريض ذلك لأجنبي اختلف المشايخ فيه.
قال: "وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: تصح" لأنه كفل بدين ثابت لأنه وجب لحق الطالب، ولم يوجد المسقط ولهذا يبقى في حق أحكام الآخرة، ولو تبرع به إنسان يصح، وكذا يبقى إذا كان به كفيل أو مال. وله أنه كفل بدين ساقط لأن الدين هو الفعل حقيقة ولهذا يوصف بالوجوب. لكنه في الحكم مال لأنه يئول إليه في المآل وقد عجز بنفسه وبخلفه ففات عاقبة الاستيفاء فيسقط ضرورة، والتبرع لا يعتمد قيام الدين، وإذا كان به كفيل أو له مال فخلفه أو الإفضاء إلى الأداء باق.
قال: "ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطيه صاحب المال فليس له أن يرجع فيها" لأنه تعلق به حق القابض على احتمال قضائه الدين فلا يجوز المطالبة ما بقي هذا الاحتمال، كمن عجل زكاته ودفعها إلى الساعي، ولأنه ملكه بالقبض على ما نذكر، بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة لأنه تمحض أمانة في يده "وإن ربح الكفيل فيه فهو لا يتصدق به" لأنه ملكه حين قبضه، أما إذا قضى الدين فظاهر، وكذا إذا قضى المطلوب بنفسه وثبت له حق الاسترداد لأنه وجب له على المكفول عنه مثل ما وجب للطالب عليه، إلا أنه أخرت المطالبة إلى وقت الأداء فنزل منزلة الدين المؤجل، ولهذا لو أبرأ الكفيل المطلوب قبل أدائه يصح، فكذا إذا قبضه يملكه إلا أن فيه نوع خبث نبينه فلا يعمل مع الملك فيما لا يتعين وقد قررناه في البيوع "ولو كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها الكفيل فباعها وربح فيها فالربح له في الحكم" لما بينا أنه ملكه.
"وأحب إلي أن يرده على الذي قضاه الكر ولا يجب عليه في الحكم" وهذا عند

 

ج / 3 ص -94-         أبي حنيفة رحمه الله في رواية الجامع الصغير، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: هو له ولا يرده على الذي قضاه وهو رواية عنه، وعنه أنه يتصدق به. لهما أنه ربح في ملكه على الوجه الذي بيناه فيسلم له. وله أنه تمكن الخبث مع الملك، إما لأنه بسبيل من الاسترداد بأن يقضيه بنفسه، أو لأنه رضي به على اعتبار قضاء الكفيل، فإذا قضاه بنفسه لم يكن راضيا به وهذا الخبث يعمل فيما يتعين فيكون سبيله التصدق في رواية، ويرده عليه في رواية لأن الخبث لحقه، وهذا أصح لكنه استحباب لا جبر لأن الحق له.
قال: "ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فأمره الأصيل أن يتعين عليه حريرا ففعل فالشراء للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه" ومعناه الأمر ببيع العينة مثل أن يستقرض من تاجر عشرة فيتأبى عليه ويبيع منه ثوبا يساوي عشرة بخمسة عشر مثلا رغبة في نيل الزيادة ليبيعه المستقرض بعشرة ويتحمل عليه خمسة؛ سمي به لما فيه من الإعراض عن الدين إلى العين، وهو مكروه لما فيه من الإعراض عن مبرة الإقراض مطاوعة لمذموم البخل. ثم قيل: هذا ضمان لما يخسر المشتري نظرا إلى قوله علي وهو فاسد وليس بتوكيل وقيل هو توكيل فاسد؛ لأن الحرير غير متعين، وكذا الثمن غير متعين لجهالة ما زاد على الدين، وكيفما كان فالشراء للمشتري وهو الكفيل والربح: أي الزيادة عليه لأنه العاقد.
قال: "ومن كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقام المدعي البينة على الكفيل بأن له على المكفول عنه ألف درهم لم تقبل بينته" لأن المكفول به مال مقضي به وهذا في لفظة القضاء ظاهر، وكذا في الأخرى لأن معنى ذاب تقرر وهو بالقضاء أو مال يقضى به وهذا ماض أريد به المستأنف كقوله: أطال الله بقاءك فالدعوى مطلق عن ذلك فلا تصح. "ومن أقام البينة أن له على فلان كذا وأن هذا كفيل عنه بأمره فإنه يقضى به على الكفيل وعلى المكفول عنه، وإن كانت الكفالة بغير أمره يقضى على الكفيل خاصة" وإنما تقبل لأن المكفول به مال مطلق، بخلاف ما تقدم، وإنما يختلف بالأمر وعدمه لأنهما يتغايران، لأن الكفالة بأمر تبرع ابتداء ومعاوضة انتهاء، وبغير أمر تبرع ابتداء وانتهاء، فبدعواه أحدهما لا يقضى له بالآخر، وإذا قضي بها بالأمر ثبت أمره، وهو يتضمن الإقرار بالمال فيصير مقضيا عليه، والكفالة بغير أمره لا تمس جانبه لأنه تعتمد صحتها قيام الدين في زعم الكفيل فلا يتعدى إليه، وفي الكفالة بأمره يرجع الكفيل بما أدى على الآمر. وقال زفر رحمه الله: لا يرجع؛ لأنه لما أنكر فقد ظلم في زعمه فلا يظلم غيره ونحن نقول صار مكذبا شرعا فبطل ما زعمه.
قال: "ومن باع دارا وكفل رجل عنه بالدرك فهو تسليم" لأن الكفالة لو كانت مشروطة

 

ج / 3 ص -95-         في البيع فتمامه بقبوله، ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم من جهته، وإن لم تكن مشروطة فيه فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فيه إذ لا يرغب فيه دون الكفالة فنزل منزلة الإقرار بملك البائع.
قال: "ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه" لأن الشهادة لا تكون مشروطة في البيع ولا هي بإقرار بالملك لأن البيع مرة يوجد من المالك وتارة من غيره، ولعله كتب الشهادة ليحفظ الحادثة بخلاف ما تقدم، قالوا: إذا كتب في الصك باع وهو يملكه أو بيعا باتا نافذا وهو كتب شهد بذلك فهو تسليم، إلا إذا كتب الشهادة على إقرار المتعاقدين.

فصل: في الضمان
قال: "ومن باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن أو مضارب ضمن ثمن متاع رب المال فالضمان باطل" لأن الكفالة التزام المطالبة وهي إليهما فيصير كل واحد منهما ضامنا لنفسه، ولأن المال أمانة في أيديهما والضمان تغيير لحكم الشرع فيرد عليه كاشتراطه على المودع والمستعير "وكذا رجلان باعا عبدا صفقة واحدة وضمن أحدهما لصاحبه حصته من الثمن" لأنه لو صح الضمان مع الشركة يصير ضامنا لنفسه، ولو صح في نصيب صاحبه خاصة يؤدي إلى قسمة الدين قبل قبضه ولا يجوز ذلك، بخلاف ما إذا باعا بصفقتين لأنه لا شركة؛ ألا ترى أن للمشتري أن يقبل نصيب أحدهما ويقبض إذا نقد ثمن حصته وإن قبل الكل.
قال: "ومن ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز. أما الخراج فقد ذكرناه وهو" يخالف الزكاة، لأنها مجرد فعل ولهذا لا تؤدى بعد موته من تركته إلا بوصية. وأما النوائب، فإن أريد بها ما يكون بحق ككري النهر المشترك وأجر الحارس والموظف لتجهيز الجيش وفداء الأسارى وغيرها جازت الكفالة بها على الاتفاق، وإن أريد بها ما ليس بحق كالجبايات في زماننا ففيه اختلاف المشايخ رحمهم الله، وممن يميل إلى الصحة الإمام علي البزدوي، وأما القسمة فقد قيل: هي النوائب بعينها أو حصة منها والرواية بأو، وقيل هي النائبة الموظفة الراتبة، والمراد بالنوائب ما ينوبه غير راتب والحكم ما بيناه.
"ومن قال لآخر لك علي مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة"، فالقول قول المدعي، ومن قال ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول الضامن". ووجه الفرق أن المقر أقر بالدين. ثم ادعى حقا لنفسه وهو تأخير المطالبة إلى أجل وفي الكفالة ما أقر

 

ج / 3 ص -96-         بالدين لأنه لا دين عليه في الصحيح، وإنما أقر بمجرد المطالبة بعد الشهر، ولأن الأجل في الديون عارض حتى لا يثبت إلا بشرط فكان القول قول من أنكر الشرط كما في الخيار، أما الأجل في الكفالة فنوع منها حتى يثبت من غير شرط بأن كان مؤجلا على الأصيل، والشافعي رحمه الله ألحق الثاني بالأول، وأبو يوسف رحمه الله فيما يروى عنه ألحق الأول بالثاني والفرق قد أوضحناه.
قال: "ومن اشترى جارية فكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يأخذ الكفيل حتى يقضى له بالثمن على البائع" لأن بمجرد الاستحقاق لا ينتقض البيع على ظاهر الرواية ما لم يقض له بالثمن على البائع فلم يجب له على الأصيل رد الثمن فلا يجب على الكفيل، بخلاف القضاء بالحرية لأن البيع يبطل بها لعدم المحلية فيرجع على البائع والكفيل. وعن أبي يوسف أنه يبطل البيع بالاستحقاق، فعلى قياس قوله يرجع بمجرد الاستحقاق وموضعه أوائل الزيادات في ترتيب الأصل. "ومن اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة فالضمان باطل" لأن هذه اللفظة مشتبهة قد تقع على الصك القديم وهو ملك البائع فلا يصح ضمانه، وقد تقع على العقد وعلى حقوقه وعلى الدرك وعلى الخيار، ولكل ذلك وجه فتعذر العمل بها، بخلاف الدرك لأنه استعمل في ضمان الاستحقاق عرفا، ولو ضمن الخلاص لا يصح عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه عبارة عن تخليص المبيع وتسليمه لا محالة وهو غير قادر عليه، وعندهما هو بمنزلة الدرك وهو تسليم البيع أو قيمته فصح.

باب كفالة الرجلين
"وإذا كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه كما إذا اشتريا عبدا بألف درهم وكفل كل واحد منهما عن صاحبه فما أدى أحدهما لم يرجع على شريكه حتى يزيد ما يؤديه على النصف فيرجع بالزيادة" لأن كل واحد منهما في النصف أصيل وفي النصف الآخر كفيل، ولا معارضة بين ما عليه بحق الأصالة وبحق الكفالة، لأن الأول دين والثاني مطالبة، ثم هو تابع للأول فيقع عن الأول، وفي الزيادة لا معارضة فيقع عن الكفالة، ولأنه لو وقع في النصف عن صاحبه فيرجع عليه فلصاحبه أن يرجع لأن أداء نائبه كأدائه فيؤدي إلى الدور "وإذا كفل رجلان عن رجل بمال على أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على شريكه بنصفه قليلا كان أو كثيرا" ومعنى المسألة في الصحيح أن تكون الكفالة بالكل عن الأصيل وبالكل عن الشريك والمطالبة متعددة فتجتمع الكفالتان على ما مر وموجبها التزام المطالبة فتصح الكفالة عن الكفيل كما تصح

 

ج / 3 ص -97-         الكفالة عن الأصيل وكما تصح الحوالة من المحتال عليه. وإذا عرف هذا فما أداه أحدهما وقع شائعا عنهما إذ الكل كفالة فلا ترجيح للبعض على البعض بخلاف ما تقدم فيرجع على شريكه بنصفه ولا يؤدي إلى الدور لأن قضيته الاستواء، وقد حصل برجوع أحدهما بنصف ما أدى فلا ينتقض برجوع الآخر عليه، بخلاف ما تقدم، ثم يرجعان على الأصيل لأنهما أديا عنه أحدهما بنفسه والآخر بنائبه "وإن شاء رجع بالجميع على المكفول عنه" لأنه كفل بجميع المال عنه بأمره.
قال: "وإذا أبرأ رب المال أحدهما أخذ الآخر بالجميع لأن إبراء الكفيل لا يوجب" براءة الأصيل فبقي المال كله على الأصيل والآخر كفيل عنه بكله على ما بيناه ولهذا يأخذه به.
قال: "وإذا افترق المتفاوضان فلأصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاءوا بجميع الدين" لأن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه على ما عرف في الشركة "ولا يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف" لما مر من الوجهين في كفالة الرجلين.
قال: "وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه" ووجهه أن هذا العقد جائز استحسانا، وطريقه أن يجعل كل واحد منهما أصيلا في حق وجوب الألف عليه فيكون عتقهما معلقا بأدائه ويجعل كفيلا بالألف في حق صاحبه، وسنذكره في المكاتب إن شاء الله تعالى، وإذا عرف ذلك فما أداه أحدهما رجع بنصفه على صاحبه لاستوائهما، ولو رجع بالكل لا تتحقق المساواة.
قال: "ولو لم يؤديا شيئا حتى أعتق المولى أحدهما جاز العتق" لمصادفته ملكه وبرئ عن النصف لأنه ما رضي بالتزام المال إلا ليكون المال وسيلة إلى العتق وما بقي وسيلة فيسقط ويبقى النصف على الآخر؛ لأن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما. وإنما جعل على كل واحد منهما احتيالا لتصحيح الضمان، وإذا جاء العتق استغنى عنه فاعتبر مقابلا برقبتهما فلهذا يتنصف، وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما شاء المعتق بالكفالة وصاحبه بالأصالة، وإن أخذ الذي أعتق رجع على صاحبه بما يؤدي لأنه مؤد عنه بأمره، وإن أخذ الآخر لم يرجع على المعتق بشيء لأنه أدى عن نفسه والله أعلم.

باب كفالة العبد وعنه
"ومن ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق ولم يسم حالا ولا غيره فهو حال"

 

ج / 3 ص -98-         لأن المال حال عليه لوجود السبب وقبول الذمة، إلا أنه لا يطالب لعسرته، إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض بتعلقه به والكفيل غير معسر، فصار كما إذا كفل عن غائب أو مفلس، بخلاف الدين المؤجل لأنه متأخر بمؤخر، ثم إذا أدى رجع على العبد بعد العتق لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق، فكذا الكفيل لقيامه مقامه. "ومن ادعى على عبد مالا وكفل له رجل بنفسه فمات العبد برئ الكفيل" لبراءة الأصيل كما إذا كان المكفول عنه بنفسه حرا.
قال: "فإن ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته" لأن على المولى ردها على وجه يخلفها قيمتها، وقد التزم الكفيل ذلك وبعد الموت تبقى القيمة واجبة على الأصيل فكذا على الكفيل، بخلاف الأول.
قال: "وإذا كفل العبد عن مولاه بأمره فعتق فأداه أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه" وقال زفر: يرجع، ومعنى الوجه الأول أن لا يكون على العبد دين حتى تصح كفالته بالمال عن المولى إذا كان بأمره، أما كفالته عن العبد فتصح على كل حال. له أنه تحقق الموجب للرجوع وهو الكفالة بأمره والمانع وهو الرق قد زال. ولنا أنها وقعت غير موجبة للرجوع لأن المولى لا يستوجب على عبده دينا وكذا العبد على مولاه، فلا تنقلب موجبة أبدا كمن كفل عن غيره بغير أمره فأجازه. "ولا تجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به أو عبد" لأنه دين ثبت مع المنافي فلا يظهر في حق صحة الكفالة، ولأنه لو عجز نفسه سقط، ولا يمكن إثباته على هذا الوجه في ذمة الكفيل، وإثباته مطلقا ينافي معنى الضم لأن من شرطه الاتحاد، وبدل السعاية كمال الكتابة في قول أبي حنيفة لأنه كالمكاتب عنده.