الهداية
في شرح بداية المبتدي ج / 3 ص -99-
كتاب الحوالة
قال:
"وهي جائزة بالديون" قال عليه
الصلاة والسلام:
"من أحيل على مليء فليتبع"
ولأنه التزم ما يقدر على تسليمه فتصح
كالكفالة، وإنما اختصت بالديون لأنها تنبئ عن
النقل والتحويل، والتحويل في الدين لا في
العين.
قال:
"وتصح الحوالة برضا المحيل والمحتال والمحتال
عليه" أما المحتال فلأن الدين
حقه وهو الذي ينتقل بها والذمم متفاوتة فلا بد
من رضاه، وأما المحتال عليه فلأنه يلزمه الدين
ولا لزوم بدون التزامه، وأما المحيل فالحوالة
تصح بدون رضاه ذكره في الزيادات لأن التزام
الدين من المحتال عليه تصرف في حق نفسه وهو لا
يتضرر به بل فيه نفعه لأنه لا يرجع عليه إذا
لم يكن بأمره.
قال:
"وإذا تمت الحوالة برئ المحيل من الدين
بالقبول" وقال زفر: لا يبرأ
اعتبارا بالكفالة، إذ كل واحد منهما عقد توثق،
ولنا أن الحوالة للنقل لغة، ومنه حوالة الغراس
والدين متى انتقل عن الذمة لا يبقى فيها. أما
الكفالة فللضم والأحكام الشرعية على وفاق
المعاني اللغوية والتوثق باختيار الأملإ
والأحسن في القضاء، وإنما يجبر على القبول إذا
نقد المحيل لأنه يحتمل عود المطالبة إليه
بالتوى فلم يكن متبرعا.
قال:
"ولا يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوى
حقه" وقال الشافعي رحمه الله:
لا يرجع وإن توي لأن البراءة حصلت مطلقة فلا
تعود إلا بسبب جديد. ولنا أنها مقيدة بسلامة
حقه له إذ هو المقصود، أو تنفسخ الحوالة
لفواته لأنه قابل للفسخ فصار كوصف السلامة في
المبيع.
قال:
"والتوى عند أبي حنيفة رحمه الله أحد الأمرين:
إما أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له عليه،
أو يموت مفلسا" لأن العجز عن
الوصول يتحقق بكل واحد منهما وهو التوى في
الحقيقة
"وقالا هذان الوجهان. ووجه ثالث وهو أن يحكم
الحاكم بإفلاسه حال حياته"
ج / 3 ص -100-
وهذا
بناء على أن الإفلاس لا يتحقق بحكم القاضي
عنده خلافا لهما، لأن مال الله غاد ورائح.
قال:
"وإذا طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال
الحوالة فقال المحيل أحلت بدين لي عليك لك
يقبل قوله وكان عليه مثل الدين"
لأن سبب الرجوع قد تحقق وهو قضاء دينه بأمره
إلا أن المحيل يدعي عليه دينا وهو ينكر والقول
للمنكر، ولا تكون الحوالة إقرارا منه بالدين
عليه لأنها قد تكون بدونه.
قال:
"وإذا طالب المحيل المحتال بما أحاله به فقال
إنما أحلتك لتقبضه لي وقال المحتال لا بل
أحلتني بدين كان لي عليك فالقول قول المحيل"
لأن المحتال يدعي عليه الدين وهو ينكر ولفظة
الحوالة مستعملة في الوكالة فيكون القول قوله
مع يمينه.
قال:
"ومن أودع رجلا ألف درهم وأحال بها عليه آخر
فهو جائز لأنه أقدر على القضاء، فإن هلكت برئ"
لتقيدها بها، فإنه ما التزم الأداء إلا منها،
بخلاف ما إذا كانت مقيدة بالمغصوب لأن الفوات
إلى خلف كلا فوات، وقد تكون الحوالة مقيدة
بالدين أيضا، وحكم المقيدة في هذه الجملة أن
لا يملك المحيل مطالبة المحتال عليه لأنه تعلق
به حق المحتال على مثال الرهن وإن كان أسوة
للغرماء بعد موت المحيل، وهذا لأنه لو بقي له
مطالبته فيأخذه منه لبطلت الحوالة وهي حق
المحتال. بخلاف المطلقة لأنه لا تعلق لحقه به
بل بذمته فلا تبطل الحوالة بأخذ ما عليه أو
عنده.
قال:
"ويكره السفاتج وهي قرض استفاد به المقرض سقوط
خطر الطريق" وهذا نوع نفع
استفيد به وقد نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن قرض جر نفعا. |