متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الطَّلَاق
بَاب طَلَاق السّنة
الطَّلَاق على ثَلَاثَة أوجه حسن وَأحسن وبدعي فَالْأَحْسَن ان يُطلق الرجل امْرَأَته تَطْلِيقَة وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامِعهَا فِيهِ وَيَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَالْحسن هُوَ طَلَاق السّنة وَهُوَ أَن يُطلق الْمَدْخُول بهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَة أطهار وَطَلَاق الْبِدْعَة أَن يطلقهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَة وَاحِدَة أَو ثَلَاثًا فِي طهر وَاحِد فَإِذا فعل ذَلِك وَقع الطَّلَاق وَكَانَ عَاصِيا وَالسّنة فِي الطَّلَاق من وَجْهَيْن سنة فِي الْوَقْت وَسنة فِي الْعدَد فَالسنة فِي الْعدَد يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُول بهَا وَغير الْمَدْخُول بهَا وَالسّنة فِي الْوَقْت تثبت فِي الْمَدْخُول بهَا خَاصَّة وَهُوَ أَن يطلقهَا فِي طهر لم يُجَامِعهَا فِيهِ وَغير الْمَدْخُول بهَا يطلقهَا فِي حَالَة الطُّهْر وَالْحيض وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة لَا تحيض من صغر أَو كبر فَأَرَادَ أَن يطلقهَا ثَلَاثًا للسّنة طَلقهَا وَاحِدَة فَإِذا مضى شهر طَلقهَا أُخْرَى فَإِذا مضى شهر طَلقهَا أُخْرَى وَيجوز أَن يطلقهَا وَلَا يفصل بَين وَطئهَا وطلاقها بِزَمَان وَطَلَاق الْحَامِل يجوز عقيب الْجِمَاع ويطلقها للسّنة ثَلَاثًا يفصل بَين كل تَطْلِيقَتَيْنِ بِشَهْر عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر لَا يطلقهَا للسّنة إِلَّا وَاحِدَة وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي حَالَة الْحيض وَقع الطَّلَاق وَيسْتَحب لَهُ أَن يُرَاجِعهَا فَإِذا طهرت وحاضت ثمَّ طهرت فَإِن شَاءَ طَلقهَا وَإِن شَاءَ أمْسكهَا وَمن قَالَ لامْرَأَته وَهِي من ذَوَات الْحيض وَقد دخل بهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وَلَا نِيَّة لَهُ فَهِيَ طَالِق عِنْد كل طهر تَطْلِيقَة وَإِن نوى أَن تقع الثَّلَاث السَّاعَة أَو عِنْد رَأس كل شهر وَاحِدَة فَهُوَ على مَا نوى وَإِن كَانَت آيسة أَو من ذَوَات الْأَشْهر وَقعت السَّاعَة وَاحِدَة وَبعد شهر أُخْرَى وَبعد شهر أُخْرَى وَإِن نوى أَن يَقع الثَّلَاث السَّاعَة وقعن عندنَا خلافًا لزفَر
فصل وَيَقَع طَلَاق كل زوج إِذا كَانَ عَاقِلا بَالغا وَلَا يَقع طَلَاق الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم وَطَلَاق الْمُكْره وَاقع وَطَلَاق السَّكْرَان وَاقع وَطَلَاق

(1/68)


الْأَخْرَس وَاقع بِالْإِشَارَةِ وَطَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا وَطَلَاق الْحرَّة ثَلَاث حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا وَإِذا تزوج العَبْد امْرَأَة بِإِذن مَوْلَاهُ وَطَلقهَا وَقع طَلَاقه وَلَا يَقع طَلَاق مَوْلَاهُ على امْرَأَته
بَاب أيقاع الطَّلَاق
الطَّلَاق على ضَرْبَيْنِ صَرِيح وكناية فالصريح قَوْله أَنْت طَالِق ومطلقة وطلقتك فَهَذَا يَقع بِهِ الطَّلَاق الرَّجْعِيّ وَلَا يفْتَقر إِلَى النِّيَّة وَكَذَا إِذا نوى الْإِبَانَة وَلَو نوى الطَّلَاق عَن وثاق لم يدين فِي الْقَضَاء ويدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو نوى بِهِ الطَّلَاق عَن الْعَمَل لم يدين فِي الْقَضَاء وَلَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو قَالَ أَنْت مُطلقَة لَا يكون طَلَاقا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَقع بِهِ إِلَّا وَاحِدَة وَإِن نوى أَكثر من ذَلِك وَلَو قَالَ أَنْت الطَّلَاق أَو أَنْت طَالِق الطَّلَاق أَو أَنْت طَلَاقا فَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة أَو نوى وَاحِدَة أَو ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن نوى ثَلَاثًا فَثَلَاث وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق الطَّلَاق وَقَالَ أردْت بِقَوْلِي طَالِق وَاحِدَة وبقولي الطَّلَاق أُخْرَى يصدق وَإِذا أضَاف الطَّلَاق إِلَى جُمْلَتهَا أَو إِلَى مَا يعبر بِهِ عَن الْجُمْلَة وَقع الطَّلَاق وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول أَنْت طَالِق أَو رقبتك طَالِق أَو عُنُقك أَو روحك أَو بدنك أَو جسدك أَو فرجك أَو وَجهك وَكَذَلِكَ إِن طلق جُزْءا شَائِعا مِنْهَا مثل أَن يَقُول نصفك أَو ثلثك طَالِق وَلَو قَالَ يدك طَالِق أَو رجلك طَالِق لم يَقع الطَّلَاق وَإِن طَلقهَا نصف تَطْلِيقَة أَو ثلث تَطْلِيقَة كَانَت طَالقا تَطْلِيقَة وَاحِدَة وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثَة أَنْصَاف تَطْلِيقَتَيْنِ فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثَة أَنْصَاف تَطْلِيقَة قيل يَقع تَطْلِيقَتَانِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق من وَاحِدَة إِلَى ثِنْتَيْنِ أَو مَا بَين وَاحِدَة إِلَى ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة وَإِن قَالَ من وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث أَو مَا بَين وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث فَهِيَ ثِنْتَانِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا فِي الأولى هِيَ ثِنْتَانِ وَفِي الثَّانِيَة ثَلَاث وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي ثِنْتَيْنِ وَنوى الضَّرْب والحساب أَو

(1/69)


لم تكن لَهُ نِيَّة فَهِيَ وَاحِدَة فَإِن نوى وَاحِدَة وسنتين فَهِيَ ثَلَاث وَلَو نوى الظّرْف تقع وَاحِدَة وَلَو قَالَ اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ وَنوى الضَّرْب والحساب فَهِيَ ثِنْتَانِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق من هَهُنَا إِلَى الشَّام فَهِيَ وَاحِدَة وَيملك الرّجْعَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق بِمَكَّة أَو فِي مَكَّة فَهِيَ طَالِق فِي الْحَال فِي كل الْبِلَاد وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أَنْت طَالِق فِي الدَّار وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِذا دخلت مَكَّة لم تطلق حَتَّى تدخل مَكَّة
فصل فِي إِضَافَة الطَّلَاق إِلَى الزَّمَان
وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق غَدا وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق بِطُلُوع الْفجْر وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق الْيَوْم غَدا أَو غَدا الْيَوْم فَإِنَّهُ يُؤْخَذ بِأول الْوَقْتَيْنِ الَّذِي تفوه بِهِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق فِي غَد وَقَالَ نَوَيْت آخر النَّهَار دين فِي الْقَضَاء عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يدين فِي الْقَضَاء خَاصَّة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق أمس وَقد تزَوجهَا الْيَوْم لم يَقع شَيْء وَلَو تزَوجهَا أول من أمس وَقع السَّاعَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق قبل أَن أتزوجك لم يَقع شَيْء وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق مالم أطلقك أَو مَتى لم أطلقك أَو مَتى لم أطلقك وَسكت طلقت وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن لم أطلقك لم تطلق حَتَّى يَمُوت ولوقال أَنْت طَالِق إِذا لم أطلقك أَو إِذا مالم أطلقك لم تطلق حَتَّى يَمُوت عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تطلق حِين سكت وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق مالم أطلقك أَنْت طَالِق فَهِيَ طَالِق بِهَذِهِ التطليقة وَمن قَالَ لامْرَأَة يَوْم أتزوجك فَأَنت طَالِق فَتَزَوجهَا لَيْلًا طلقت
فصل
وَمن قَالَ لامْرَأَة أَنا مِنْك طَالِق فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِن نوى طَلَاقا وَلَو قَالَ أَنا مِنْك بَائِن أَو أَنا عَلَيْك حرَام يَنْوِي الطَّلَاق فَهِيَ طَالِق وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة أَولا فَلَيْسَ بِشَيْء وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق مَعَ موتِي أَو مَعَ موتك فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِذا ملك الزَّوْج امْرَأَته أَو شِقْصا مِنْهَا أَو ملكت الْمَرْأَة زَوجهَا أَو شِقْصا مِنْهُ وَقعت الْفرْقَة وَلَو اشْتَرَاهَا ثمَّ طَلقهَا لم يَقع شَيْء وَإِن قَالَ لَهَا وَهِي أمة لغيره أَنْت طَالِق ثِنْتَيْنِ مَعَ عتق مَوْلَاك إياك فَأعْتقهَا مَوْلَاهَا ملك الزَّوْج الرّجْعَة وَلَو قَالَ إِذا جَاءَ غَد فَأَنت طَالِق ثِنْتَيْنِ وَقَالَ

(1/70)


الْمولى إِذا جَاءَ غَد فَأَنت حرَّة فجَاء الْغَد لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وعدتها ثَلَاث حيض وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد زَوجهَا يملك الرّجْعَة
فصل فِي تَشْبِيه الطَّلَاق وَوَصفه
وَمن قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق هَكَذَا يُشِير بالإبهام والسبابة وَالْوُسْطَى فَهِيَ ثَلَاث وَإِذا وصف الطَّلَاق بِضَرْب من الزِّيَادَة أَو الشدَّة كَانَ بَائِنا مثل أَن يَقُول أَنْت طَالِق بَائِن أَو الْبَتَّةَ وَكَذَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق أفحش الطَّلَاق وَكَذَا إِذا قَالَ أَخبث الطَّلَاق أَو أسوأه وَكَذَا إِذا قَالَ طَلَاق الشَّيْطَان أَو طَلَاق الْبِدْعَة وَكَذَا إِذا قَالَ كالجبل وَلَو قَالَ لَهَا انت طَالِق أَشد الطَّلَاق أَو كألف أَو ملْء الْبَيْت فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق تَطْلِيقَة شَدِيدَة أَو عريضة أَو طَوِيلَة فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة
فصل فِي الطَّلَاق قبل الدُّخُول
وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا قبل الدُّخُول بهَا وقعن عَلَيْهَا فَإِن فرق الطَّلَاق بَانَتْ بِالْأولَى وَلم تقع الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَكَذَا إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة وَوَاحِدَة وَقعت وَاحِدَة وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة فَمَاتَتْ قبل قَوْله وَاحِدَة كَانَ بَاطِلا وَكَذَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثِنْتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبل وَاحِدَة أَو بعْدهَا وَاحِدَة وَقعت وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبلهَا وَاحِدَة تقع ثِنْتَانِ وَكَذَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة بعد وَاحِدَة يَقع ثِنْتَانِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة مَعَ وَاحِدَة أَو مَعهَا وَاحِدَة تقع ثِنْتَانِ وَفِي الْمَدْخُول بهَا تقع ثِنْتَانِ فِي الْوُجُوه كلهَا وَلَو قَالَ لَهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَاحِدَة وَوَاحِدَة فَدخلت وَقعت عَلَيْهَا وَاحِدَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تقع ثِنْتَانِ وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة وَوَاحِدَة إِن دخلت الدَّار فَدخلت طلقت ثِنْتَيْنِ وَأما الضَّرْب الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَات لَا يَقع بهَا الطَّلَاق إِلَّا بِالنِّيَّةِ أَو بِدلَالَة الْحَال وَهِي على ضَرْبَيْنِ مِنْهَا ثَلَاثَة أَلْفَاظ يَقع بهَا طَلَاق رَجْعِيّ وَلَا يَقع بهَا إِلَّا وَاحِدَة وَهِي قَوْله اعْتدي واستبرئي رَحِمك وَأَنت وَاحِدَة وَبَقِيَّة الْكِنَايَات

(1/71)


إِذا نوى بهَا الطَّلَاق كَانَت وَاحِدَة بَائِنَة وَإِن نوى ثَلَاثًا كَانَت ثَلَاثًا وَإِن نوى ثِنْتَيْنِ كَانَت وَاحِدَة بَائِنَة وَهَذَا مثل قَوْله أَنْت بَائِن وبتة وبتلة وَحرَام وحبلك على غاربك والحقي بأهلك وخلية وبرية ووهبتك لأهْلك وسرحتك وفارقتك وأمرك بِيَدِك واختاري وَأَنت حرَّة وتقنعي وتخمري واستتري واغربي واخرجي واذهبي وقومي وابتغي الْأزْوَاج إِلَّا أَن يكون فِي حَال مذاكرة الطَّلَاق فَيَقَع بهَا الطَّلَاق فِي الْقَضَاء وَلَا يَقع فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى إِلَّا أَن ينويه وَهَذَا فِيمَا لَا يصلح ردا وَلَا تصح نِيَّة الثِّنْتَيْنِ عندنَا خلافًا لزفَر وَإِن قَالَ لَهَا اعْتدي اعْتدي اعْتدي وَقَالَ نَوَيْت بِالْأولَى طَلَاقا وبالباقي حيضا دين فِي الْقَضَاء وَإِن قَالَ لم أنو بِالْبَاقِي شَيْئا فَهِيَ ثَلَاث
بَاب تَفْوِيض الطَّلَاق
فصل فِي الِاخْتِيَار
وَإِذا قَالَ لامْرَأَته اخْتَارِي يَنْوِي بذلك الطَّلَاق أَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك فلهَا أَن تطلق نَفسهَا مَا دَامَت فِي مجلسها ذَلِك فَإِن قَامَت مِنْهُ أَو أخذت فِي عمل آخر خرج الْأَمر من يَدهَا وَيبْطل خِيَارهَا بِمُجَرَّد الْقيام فَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فِي قَوْله اخْتَارِي كَانَت وَاحِدَة بَائِنَة وَلَا يكون ثَلَاثًا وَإِن نوى الزَّوْج ذَلِك وَلَا بُد من ذكر النَّفس فِي كَلَامه أَو فِي كَلَامهَا حَتَّى لَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَت قد اخْتَرْت فَهُوَ بَاطِل وَلَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفسك فَقَالَت اخْتَرْت تقع وَاحِدَة بَائِنَة وَكَذَا لَو قَالَ اخْتَارِي اختيارة فَقَالَت اخْتَرْت وَلَو قَالَ اخْتَارِي فَقَالَت قد اخْتَرْت نَفسِي يَقع الطَّلَاق إِذا نوى الزَّوْج وَلَو قَالَ اخْتَارِي فَقَالَت أَنا أخْتَار نَفسِي فَهِيَ طَالِق وَلَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَقَالَت قد اخْتَرْت الأولى أَو الْوُسْطَى أَو الْأَخِيرَة طلقت ثَلَاثًا فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة الزَّوْج وَقَالا تطلق وَاحِدَة وَلَو قَالَت اخْتَرْت اختيارة فَهِيَ ثَلَاث فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَلَو قَالَت قد طلقت نَفسِي أَو اخْتَرْت نَفسِي بتطليقة فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَإِن قَالَ لَهَا أَمرك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَة أَو اخْتَارِي تَطْلِيقَة فَاخْتَارَتْ نَفسهَا فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة

(1/72)


فصل فِي الْأَمر بِالْيَدِ
وَإِن قَالَ لَهَا أَمرك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَت قد اخْتَرْت نَفسِي بواحده فَهِيَ ثَلَاث وَلَو قَالَت قد طلقت نَفسِي بتطليقة فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة وَلَو قَالَ لَهَا أَمرك بِيَدِك الْيَوْم وَبعد غَد لم يدْخل فِيهِ اللَّيْل وَإِن ردَّتْ الْأَمر فِي يَوْمهَا بَطل أَمر ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ الْأَمر بِيَدِهَا بعد غَد وَلَو قَالَ أَمرك بِيَدِك الْيَوْم وَغدا يدْخل اللَّيْل فِي ذَلِك فَإِن ردَّتْ الْأَمر فِي يَوْمهَا لَا يبْقى الْأَمر فِي يَدهَا فِي غَد وَإِن قَالَ أَمرك بِيَدِك يَوْم يقدم فلَان فَقدم فلَان وَلم تعلم بقدومه حَتَّى جن اللَّيْل فَلَا خِيَار لَهَا وَإِذا جعل أمرهَا بِيَدِهَا أَو خَيرهَا فَمَكثت يَوْمًا لم تقم فَالْأَمْر فِي يَدهَا مالم تَأْخُذ عي عمل آخر ثمَّ إِذا كَانَت تسمع يعْتَبر مجلسها ذَلِك وَإِن كَانَت لَا تسمع فمجلس علمهَا وبلوغ الْخَبَر إِلَيْهَا وَلَو كَانَت قَائِمَة فَجَلَست فَهِيَ على خِيَارهَا وَكَذَا إِذا كَانَت قَاعِدَة فاتكأت أَو متكئة فَقَعَدت وَلَو قَالَت ادْع أبي أَسْتَشِيرهُ أَو شُهُودًا أشهدهم فَهِيَ على خِيَارهَا وَإِن كَانَت تسير على دَابَّة أَو فِي محمل فوقفت فَهِيَ على خِيَارهَا وَإِن سَارَتْ بَطل خِيَارهَا والسفينة بِمَنْزِلَة الْبَيْت
فصل فِي الْمَشِيئَة
وَمن قَالَ لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك وَلَا نِيَّة لَهُ أَو نوى وَاحِدَة فَقَالَت طلقت نَفسِي فَهِيَ وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن طلقت نَفسهَا ثَلَاثًا وَقد أَرَادَ الزَّوْج ذَلِك وقعن عَلَيْهَا وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك فَقَالَت أبنت نَفسِي طلقت وَلَو قَالَت قد اخْتَرْت نَفسِي لم تطلق وَلَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع عَنهُ وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك مَتى شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا فِي الْمجْلس وَبعده وَإِذا قَالَ لرجل طلق امْرَأَتي فَلهُ أَن يطلقهَا فِي الْمجْلس وَبعده وَلَو قَالَ لرجل طَلقهَا إِن شِئْت فَلهُ أَن يطلقهَا فِي الْمجْلس خَاصَّة وَلَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا فَطلقت وَاحِدَة فَهِيَ وَاحِدَة وَلَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك وَاحِدَة فَطلقت نَفسهَا ثَلَاثًا لم يَقع شَيْء عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تقع وَاحِدَة وَإِن أمرهَا بِطَلَاق يملك الرّجْعَة فَطلقت بَائِنَة أَو أمرهَا بالبائن فَطلقت رَجْعِيَّة وَقع مَا أَمر بِهِ الزَّوْج وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا إِن شِئْت فَطلقت نَفسهَا وَاحِدَة لم يَقع

(1/73)


وَلَو قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك وَاحِدَة إِن شِئْت فَطلقت ثَلَاثًا فَكَذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تقع وَاحِدَة وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق إِن شِئْت فَقَالَت شِئْت إِن شِئْت فَقَالَ الزَّوْج شِئْت يَنْوِي الطَّلَاق بَطل الْأَمر وَكَذَا إِذا قَالَت شِئْت أَن شَاءَ أبي أَو شِئْت إِن كَانَ كَذَا الْأَمر لم يجىء بعد وَإِن قَالَت قد شِئْت إِن كَانَ كَذَا الْأَمر قد مضى طلقت وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق إذاشئت أَو إِذا مَا شِئْت أَو مَتى مَا شِئْت فَردَّتْ الْأَمر لم يكن ردا وَلَا يقْتَصر على الْمجْلس وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق كلما شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا وَاحِدَة بعد وَاحِدَة حَتَّى تطلق نَفسهَا ثَلَاثًا حَتَّى لَو عَادَتْ إِلَيْهِ بعد زوج آخر فَطلقت نَفسهَا لم يَقع شَيْء وَلَيْسَ لَهَا أَن تطلق نَفسهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَة وَاحِدَة وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق حَيْثُ شِئْت أَو أَيْن شِئْت لم تطلق حَتَّى تشَاء وَإِن قَامَت من مجلسها فَلَا مَشِيئَة لَهَا وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت طلقت تَطْلِيقَة يملك الرّجْعَة قَالَ فِي الأَصْل هَذَا قَول أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا لَا يَقع مالم توقع الْمَرْأَة فتشاء رَجْعِيَّة أَو بَائِنَة أَو ثَلَاثًا وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق كم شِئْت أَو مَا شِئْت طلقت نَفسهَا مَا شَاءَت فَإِن قَامَت من الْمجْلس بَطل وَإِن ردَّتْ الْأَمر كَانَ ردا وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك من ثَلَاث مَا شِئْت فلهَا ان تطلق نَفسهَا وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ وَلَا تطلق ثَلَاثًا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تطلق ثَلَاثًا إِن شَاءَت
بَاب الْإِيمَان فِي الطَّلَاق
وَإِذا أضَاف الطَّلَاق إِلَى النِّكَاح وَقع عقيب النِّكَاح مثل أَن يَقُول لامْرَأَة إِن تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق أَو كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق وَإِذا أَضَافَهُ إِلَى شَرط وَقع عقيب الشَّرْط مثل أَن يَقُول لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَلَا تصح أضافة الطَّلَاق إِلَّا أَن يكون الْحَالِف مَالِكًا أَو يضيفه إِلَى ملك فَإِن قَالَ لأجنبية إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ تزَوجهَا فَدخلت الدَّار لم تطلق وألفاظ الشَّرْط إِن وَإِذا وإذاما وكل وَكلما وَمَتى وَمَتى مَا فَفِي هَذِه الألفاط إِذا وجد الشَّرْط انْحَلَّت وانتهت الْيَمين

(1/74)


إِلَّا فِي كلمة كلما فَإِنَّهَا تَقْتَضِي تَعْمِيم الْأَفْعَال فَإِن تزَوجهَا بعد ذَلِك وتكرر الشَّرْط لم يَقع شَيْء وَلَو دخلت على نفس التَّزَوُّج بِأَن قَالَ كلما تزوجت امْرَأَة فَهِيَ طَالِق يَحْنَث بِكُل مرّة وَإِن كَانَ بعد زوج آخر وَزَوَال الْملك بعد الْيَمين لَا يُبْطِلهَا ثمَّ إِن وجد الشَّرْط فِي ملكه انْحَلَّت الْيَمين وَوَقع الطَّلَاق وَإِن وجد فِي غير الْملك انْحَلَّت الْيَمين وَلم يَقع شَيْء وَإِن اخْتلفَا فِي وجود الشَّرْط قالقول قَول الزَّوْج إِلَّا أَن تقيم الْمَرْأَة الْبَيِّنَة فَإِن كَانَ الشَّرْط لَا يعلم إِلَّا من جِهَتهَا فَالْقَوْل قَوْلهَا فِي حق نَفسهَا مثل أَن يَقُول إِن حِضْت فَأَنت طَالِق وفلانة فَقَالَت قد حِضْت طلقت هِيَ وَلم تطلق فُلَانَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِن كنت تحبين أَن يعذبك الله فِي نَار جَهَنَّم فَأَنت طَالِق وعبدي حر فَقَالَت أحبه أَو قَالَ إِن كنت تحبيني فَأَنت طَالِق وَهَذِه مَعَك فَقَالَت أحبك طلقت هِيَ وَلم يعْتق العَبْد وَلَا تطلق صاحبتها وَإِذا قَالَ لَهَا إِذا حِضْت فَأَنت طَالِق فرأت الدَّم لم يَقع الطَّلَاق حَتَّى يستمربها ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا تمت ثَلَاثَة أَيَّام حكمنَا بِالطَّلَاق من حِين حَاضَت وَلَو قَالَ لَهَا إِذا حِضْت حَيْضَة فَأَنت طَالِق لم تطلق حَتَّى تطهر من حَيْضَتهَا وَإِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِذا صمت يَوْمًا طلقت حِين تغيب الشَّمْس فِي الْيَوْم الَّذِي تَصُوم فِيهِ وَمن قَالَ لامْرَأَته إِذا ولدت غُلَاما فَأَنت طَالِق وَاحِدَة وَإِذا ولدت جَارِيَة فَأَنت طَالِق ثِنْتَيْنِ فَولدت غُلَاما وَجَارِيَة وَلَا يدْرِي أَيهمَا أول لزمَه فِي الْقَضَاء تَطْلِيقَة وَفِي التَّنَزُّه تَطْلِيقَتَانِ وَانْقَضَت الْعدة بِوَضْع الْحمل وَإِن قَالَ لَهَا إِن كلمت أَبَا عَمْرو وَأَبا يُوسُف فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا وَاحِدَة فَبَانَت وَانْقَضَت عدتهَا فكلمت أَبَا عَمْرو ثمَّ تزَوجهَا فكلمت أَبَا يُوسُف فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا مَعَ الْوَاحِدَة الأولى وَقَالَ زفر لَا يَقع وَإِن قا لَهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَطلقهَا ثِنْتَيْنِ وَتَزَوَّجت زوجا آخر وَدخل بهَا ثمَّ عَادَتْ إِلَى الأول فَدخلت الدَّار طلقت ثَلَاثًا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد هِيَ طَالِق مَا بَقِي من الطلقات وَإِن قَالَ لَهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا فَتزوّجت غَيره وَدخل بهَا ثمَّ رجعت إِلَى الأول فَدخلت الدَّار لم يَقع شَيْء وَلَو قَالَ لامْرَأَته إِذا جامعتك فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فجامعها فَلَمَّا التقى الختانان

(1/75)


طلقت ثَلَاثًا وَإِن لبث سَاعَة لم يجب عَلَيْهِ الْمهْر وَإِن أخرجه ثمَّ أدخلهُ وَجب عَلَيْهِ الْمهْر وَعَن أبي يُوسُف أَنه أوجب الْمهْر فِي الْفَصْل الأول أَيْضا لوُجُود الْجِمَاع بالدوام عَلَيْهِ إِلَّا أَنه لَا يجب عَلَيْهِ الْحَد للاتحاد
فصل فِي الِاسْتِثْنَاء
وَإِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى مُتَّصِلا لم يَقع الطَّلَاق وَلَو سكت يثبت حكم الْكَلَام الأول وَكَذَا إِذا مَاتَت قبل قَوْله إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَة طلقت ثِنْتَيْنِ وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثِنْتَيْنِ طلقت وَاحِدَة
بَاب طَلَاق الْمَرِيض
وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي مرض مَوته طَلَاقا بَائِنا فَمَاتَ وَهِي فِي الْعدة ورثته وَإِن مَاتَ بعد انْقِضَاء الْعدة فَلَا مِيرَاث لَهَا وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا بأمرها أَو قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفسهَا أَو اخْتلعت مِنْهُ ثمَّ مَاتَ وَهِي فِي الْعدة لم تَرثه وَإِن قَالَ لَهَا فِي مرض مَوته كنت طَلقتك ثَلَاثًا فِي صحتي وانتقضت عدتك فصدقته ثمَّ أقرّ لَهَا بدين أَو أوصى لَهَا بِوَصِيَّة فلهَا الْأَقَل من ذَلِك وَمن الْمِيرَاث عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز إِقْرَاره ووصيته وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فِي مَرضه بأمرها ثمَّ أقرّ لَهَا بدين أَو أوصى لَهَا بِوَصِيَّة فلهَا الْأَقَل من ذَلِك وَمن الْمِيرَاث فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَمن كَانَ محصورا أَو فِي صف الْقِتَال فَطلق امْرَأَته ثَلَاثًا لم تَرثه وَإِن كَانَ قد بارز رجلا أَو قدم ليقْتل فِي قصاص أَو رجم ورثت إِن مَاتَ فِي ذَلِك الْوَجْه أَو قتل وَإِذا قَالَ الرجل لامداته وَهُوَ صَحِيح إِذا جاءرأس الشَّهْر أَو إِذا دخلت الدَّار أَو إِذا صلى فلَان الظّهْر أَو إِذا دخل فلَان الدَّار فَأَنت طَالِق فَكَانَت هَذِه الْأَشْيَاء وَالزَّوْج مَرِيض لم تَرث وَإِن كَانَ القَوْل فِي الْمَرَض ورثت إِلَّا فِي قَوْله إِذا دخلت الدَّار وَمن قذف امْرَأَته وَهُوَ صَحِيح ولاعن فِي الْمَرَض ورثت وَقَالَ مُحَمَّد لَا تَرث وَإِن كَانَ الْقَذْف فِي الْمَرَض ورثته فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن آلى من

(1/76)


امْرَأَته وَهُوَ صَحِيح ثمَّ بَانَتْ بالإيلاء وَهُوَ مَرِيض لم تَرث وَإِن كَانَ الْإِيلَاء أَيْضا فِي الْمَرَض ورثت وَالطَّلَاق الَّذِي يملك فِيهِ الرّجْعَة تَرث بِهِ فِي جَمِيع الْوُجُوه وكل مَا ذكرنَا أَنَّهَا تَرث إِنَّمَا تَرث إِذا مَاتَ وَهِي فِي الْعدة
بَاب الرّجْعَة
وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة أَو تطلقتين فَلهُ أَو يُرَاجِعهَا فِي عدتهَا رضيت بذلك أَو لم ترض وَالرَّجْعَة أَن يَقُول رَاجَعتك أَو راجعت امْرَأَتي أَو يَطَأهَا أَو يقبلهَا أَو يلمسها بِشَهْوَة أَو ينظر إِلَى فرجهَا بِشَهْوَة وَيسْتَحب أَن يشْهد على الرّجْعَة شَاهِدين فَإِن لم يشْهد صحت الرّجْعَة وَإِذا انْقَضتْ الْعدة فَقَالَ كنت راجعتها فِي الْعدة فصدقته فَهِيَ رَجْعَة وَإِن كَذبته فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِذا قَالَ الزَّوْج قد رَاجَعتك فَقَالَت مجيبة لَهُ قد انْقَضتْ عدتي لم تصح الرّجْعَة عِنْد أبي حنيفَة وَإِذا قَالَ زوج الْأمة بعد انْقِضَاء عدتهَا قد كنت راجعتها وَصدقه الْمولى وكذبته الْأمة فَالْقَوْل قَوْلهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا القَوْل فول الْمولى وَإِن قَالَت قد انْقَضتْ عدتي وَقَالَ الزَّوْج وَالْمولى لم تنقض عدتك فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِذا انْقَطع الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة لعشرة أَيَّام انْقَطَعت الرّجْعَة وَإِن لم تَغْتَسِل وَإِن انْقَطع لأَقل من عشرَة أَيَّام لم تَنْقَطِع الرّجْعَة حَتَّى تَغْتَسِل أَو يمْضِي عَلَيْهَا وَقت صَلَاة كَامِل وَإِذا اغْتَسَلت ونسيت شَيْئا من بدنهَا لم يصبهُ المَاء فَإِن كَانَ عضوا فَمَا فَوْقه لم تَنْقَطِع الرّجْعَة وَإِن كَانَ أقل من عُضْو انْقَطَعت وَمن طلق امْرَأَته وَهِي حَامِل أَو ولدت مِنْهُ وَقَالَ لم أجامعها فَلهُ الرّجْعَة فَإِن خلا بهَا وأغلق بَابا أَو أرْخى سترا وَقَالَ لم أجامعها ثمَّ طَلقهَا لم يملك الرّجْعَة فَإِن رَاجعهَا ثمَّ جَاءَت بِولد لأَقل من سنتَيْن بِيَوْم صحت تِلْكَ الرّجْعَة فَإِن قَالَ لَهَا إِذا ولدت فَأَنت طَالِق فَولدت ثمَّ أَتَت بِولد آخر فَهِيَ رَجْعَة وَإِن قَالَ كلما ولدت ولدا فَأَنت طَالِق فَولدت ثَلَاثَة أَوْلَاد فِي بطُون مُخْتَلفَة فَالْوَلَد الأول طَلَاق وَالْولد الثَّانِي رَجْعَة وَكَذَا الثَّالِث والمطلقة الرَّجْعِيَّة تتشوف وتتزين وَيسْتَحب لزَوجهَا أَن لَا يدْخل عَلَيْهَا حَتَّى يؤذنها أَو يسْمعهَا خَفق

(1/77)


نَعْلَيْه وَلَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بهَا حَتَّى يشْهد عَن رَجعتهَا وَالطَّلَاق الرَّجْعِيّ لَا يحرم الْوَطْء
فصل فِيمَا تحل بِهِ الْمُطلقَة
وَإِذا كَانَ الطَّلَاق بَائِنا دون الثَّلَاث فَلهُ أَن يَتَزَوَّجهَا فِي الْعدة وَبعد انْقِضَائِهَا وَإِن كَانَ الطَّلَاق ثَلَاثًا فِي الْحرَّة أَو ثِنْتَيْنِ فِي الآمة لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره نِكَاحا صَحِيحا وَيدخل بهَا ثمَّ يطلقهَا أَو يَمُوت عَنْهَا وَالصَّبِيّ الْمُرَاهق فِي التَّحْلِيل كَالْبَالِغِ وَوَطْء الْمولى أمته لَا يحلهَا وَإِذا تزوج بِشَرْط التَّحْلِيل فَالنِّكَاح مَكْرُوه فَإِن طَلقهَا بعد مَا وَطئهَا حلت للْأولِ وَإِذا طلق الْحرَّة تَطْلِيقَة أَو تَطْلِيقَتَيْنِ وَانْقَضَت عدتهَا وَتَزَوَّجت بِزَوْج آخر ثمَّ عَادَتْ إِلَى الزَّوْج الأول عَادَتْ بِثَلَاث تَطْلِيقَات ويهدم الزَّوْج الثَّانِي مَا دون الثَّلَاث كَمَا يهدم الثَّلَاث وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يهدم مَا دون الثَّلَاث وَإِذا طَلقهَا ثَلَاثًا فَقَالَت قد انْقَضتْ عدتي وَتَزَوَّجت وَدخل بِي الزَّوْج وطلقني وَانْقَضَت عدتي والمدة تحْتَمل ذَلِك جَازَ للزَّوْج أَن يصدقها إِذا كَانَ فِي غَالب ظَنّه أَنَّهَا صَادِقَة
بَاب الْإِيلَاء
وَإِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته وَالله لَا أقْربك أَو قَالَ وَالله لَا أقْربك أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ مول فَإِن وَطئهَا فِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر حنث فِي يَمِينه وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة وَسقط الْإِيلَاء وَإِن لم يقربهَا حَتَّى مَضَت أَرْبَعَة أشهر بَانَتْ مِنْهُ بتطليقة فَإِن كَانَ حلف على أَرْبَعَة أشهر فقد سَقَطت الْيَمين وَإِن كَانَ حلف على الْأَبَد فاليمين بَاقِيَة فَإِن عَاد فَتَزَوجهَا عَاد الْإِيلَاء فَإِن وَطئهَا وَإِلَّا وَقعت بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر تَطْلِيقَة أُخْرَى فَإِن تزَوجهَا ثَالِثا عَاد الْإِيلَاء وَوَقعت بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر أُخْرَى إِن لم يقربهَا فَإِن تزَوجهَا بعد زوج آخر لم يَقع بذلك الْإِيلَاء طَلَاق وَالْيَمِين بَاقِيَة فَإِن وَطئهَا كفر عَن يَمِينه فَإِن حلف على أقل من أَرْبَعَة أشهر لم يكن موليا وَلَو قَالَ وَالله لَا أقْربك شَهْرَيْن وشهرين بعد هذَيْن الشَّهْرَيْنِ فَهُوَ مول وَلَو مكث يَوْمًا

(1/78)


ثمَّ قَالَ وَالله لَا أقْربك شَهْرَيْن بعد الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلين لم يكن موليا وَلَو قَالَ وَالله لَا أقْربك سنة إِلَّا يَوْمًا لم يكن موليا وَلَو قربهَا فِي يَوْم وَالْبَاقِي أَرْبَعَة أشهر أَو أَكثر صَار موليا وَلَو قَالَ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ وَالله لَا أَدخل الْكُوفَة وَامْرَأَته بهَا لم يكن موليا وَلَو حلف بِحَجّ أَو بِصَوْم أَو صَدَقَة أَو عتق أَو طَلَاق فَهُوَ مول وَإِن آلى من الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة كَانَ موليا وَمن البائنة لم يكن موليا وَلَو قَالَ لأجنبية وَالله لَا أقْربك أَو أَنْت على كَظهر أُمِّي ثمَّ تزَوجهَا لم يكن موليا وَلَا مُظَاهرا وَإِن قربهَا كفر وَمُدَّة إِيلَاء الْأمة شَهْرَان وَإِن كَانَ الْمولى مَرِيضا لَا يقدر على الْجِمَاع أَو كَانَت مَرِيضَة أَو رتقاء أَو صَغِيرَة لَا تجامع أَو كَانَت بَينهمَا مَسَافَة لَا يقدر أَن يصل إِلَيْهَا فِي مُدَّة الْإِيلَاء ففيؤه أَن يَقُول بِلِسَانِهِ فئت إِلَيْهَا فِي مُدَّة الْإِيلَاء فَإِن قَالَ ذَلِك سقط الْإِيلَاء وَلَو قدر على الْجِمَاع فِي الْمدَّة بَطل ذَلِك الْفَيْء وَصَارَ فيؤه بِالْجِمَاعِ وَإِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت عَليّ حرَام سُئِلَ عَن نِيَّته فَإِن قَالَ أردْت الْكَذِب فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن قَالَ أردْت الطَّلَاق فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة إِلَّا أَن يَنْوِي الثَّلَاث وَإِن قَالَ أردْت الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وَإِن قَالَ أردْت التَّحْرِيم أَو لم أرد بِهِ شَيْئا فَهُوَ يَمِين يصير بِهِ موليا
بَاب الْخلْع
وَإِذا تشاق الزَّوْجَانِ وخافا أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا بَأْس بِأَن تَفْتَدِي نَفسهَا مِنْهُ بِمَال يخلعها بِهِ فَإِذا فعل ذَلِك وَقع بِالْخلْعِ تَطْلِيقَة بَائِنَة ولزمها المَال وَإِن كَانَ النُّشُوز من قبله يكره لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهَا عوضا وَإِن كَانَ النُّشُوز مِنْهَا كرهنا لَهُ أَن يَأْخُذ أَكثر مِمَّا أَعْطَاهَا وَلَو أَخذ الزِّيَادَة جَازَ فِي الْقَضَاء وَإِن طَلقهَا على مَال فَقبلت وَقع الطَّلَاق ولزمها المَال وَكَانَ الطَّلَاق بَائِنا وَأَن بَطل الْعِوَض فِي الْخلْع مثل أَن يخالع الْمُسلم على خمر أَو خِنْزِير أَو ميتَة فَلَا شَيْء للزَّوْج والفرقة بَائِنَة وَإِن بَطل الْعِوَض فِي الطَّلَاق كَانَ رَجْعِيًا وَمَا جَازَ أَن يكون مهْرا جَازَ أَن يكون بَدَلا فِي الْخلْع فَإِن قَالَت لَهُ خالعني على مَا فِي يَدي فخالعها وَلم يكن فِي يَدهَا شَيْء فَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْهَا وَإِن قَالَت خالعني

(1/79)


على مَا فِي يَدي من مَال فخالعها فَلم يكن فِي يَدهَا شَيْء ردَّتْ عَلَيْهِ مهرهَا وَلَو قَالَت خالعني على مَا فِي يَدي من دَرَاهِم أَو من الدَّرَاهِم فَفعل فَلم يكن فِي يَدهَا شَيْء فعلَيْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم وَإِن اخْتلعت على عبد لَهَا أبق على أَنَّهَا بريئة من ضَمَانه لم تَبرأ وَعَلَيْهَا تَسْلِيم عيته إِن قدرت وَتَسْلِيم قِيمَته إِن عجزت وَإِذا قَالَت طَلقنِي ثَلَاثًا بِأَلف فَطلقهَا وَاحِدَة فعلَيْهَا ثلث الْألف وَإِن قَالَت طَلقنِي ثَلَاثًا على ألف فَطلقهَا وَاحِدَة فَلَا شَيْء عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَيملك الرّجْعَة وَقَالا هِيَ وَاحِدَة بَائِنَة بِثلث الْألف وَلَو قَالَ الزَّوْج طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا بِأَلف أَو على ألف فَطلقت نَفسهَا وَاحِدَة لم يَقع شَيْء وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق على ألف فَقبلت طلقت وَعَلَيْهَا الْألف وَهُوَ كَقَوْلِه أَنْت طَالِق بِأَلف وَلَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق وَعَلَيْك ألف فَقبلت أَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر وَعَلَيْك ألف فَقبل عتق العَبْد وَطلقت الْمَرْأَة وَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا على كل وَاحِد مِنْهُمَا الْألف إِذا قبل وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق على ألف على أَنِّي بِالْخِيَارِ أَو على أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَقبلت فَالْخِيَار بَاطِل إِذا كَانَ للزَّوْج وَهُوَ جَائِز إِذا كَانَ للمراة فَإِن ردَّتْ الْخِيَار فِي الثَّلَاث بَطل وَإِن لم ترد طلقت ولزمها الْألف عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا الْخِيَار بَاطِل فِي الْوَجْهَيْنِ وَالطَّلَاق وَاقع وَعَلَيْهَا ألف دِرْهَم وَمن قَالَ لامْرَأَته طَلقتك أمس على ألف دِرْهَم فَلم تقبلي فَقَالَت قبلت قالقول قَول الزَّوْج وَمن قَالَ لغيره بِعْت مِنْك هَذَا العَبْد بِأَلف دِرْهَم أمس فَلم تقبل فَقَالَ قبلت فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي والمبارأة كالخلع كِلَاهُمَا يسقطان كل حق لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الآخر مِمَّا يتَعَلَّق بِالنِّكَاحِ عِنْد أبي حنيفَة وَمن خلع ابْنَته وَهِي صَغِيرَة بمالها لم يجز عَلَيْهَا وَإِن خلعها على ألف على أَنه ضَامِن فالخلع وَاقع وَالْألف على الْأَب وَإِن شَرط الْألف عَلَيْهَا توقف على قبُولهَا إِن كَانَت من أهل الْقبُول فَإِن قبلت وَقع الطَّلَاق وَلَا يجب المَال وَكَذَا إِن خَالعهَا على مهرهَا وَلم يضمن الْأَب الْمهْر توقف على قبُولهَا فَإِن قبلت طلقت وَلَا يسْقط الْمهْر وَإِن ضمن الْأَب الْمهْر وَهُوَ ألف دِرْهَم طلقت

(1/80)


بَاب الظِّهَار
وَإِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فقد حرمت عَلَيْهِ لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا مَسهَا وَلَا تقبيلها حَتَّى يكفر عَن ظِهَاره فَإِن وَطئهَا قبل أَن يكفر اسْتغْفر الله تَعَالَى وَلَا شَيْء عَلَيْهِ غير الْكَفَّارَة الأولى وَلَا يعود حَتَّى يكفر وَلَو نوى بِهِ الطَّلَاق لَا يَصح وَإِذا قَالَ أَنْت عَليّ كبطن أُمِّي أَو كفخذها أَو كفرجها فَهُوَ مظَاهر وَكَذَا إِذا شبهها بِمن لَا يحل لَهُ النّظر إِلَيْهَا على التأييد من مَحَارمه مثل أُخْته أَو عمته أَو أمه من الرضَاعَة وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ رَأسك عَليّ كَظهر أُمِّي أَو فرجك أَو وَجهك أَو رقبتك أَو نصفك أَو ثلثك أَو بدنك وَلَو قَالَ أَنْت عَليّ مثل أُمِّي أَو كأمي يرجع إِلَى نِيَّته فَإِن قَالَ أردْت الْكَرَامَة فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن قَالَ أردْت الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وَإِن قَالَ أردْت الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق بَائِن وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَلَيْسَ بِشَيْء وَلَو قَالَ أَنْت عَليّ حرَام كأمي وَنوى ظِهَارًا أَو طَلَاقا فَهُوَ على مانوى وَإِن قَالَ أَنْت عَليّ حرَام كَظهر أُمِّي وَنوى بِهِ طَلَاقا أَو إِيلَاء لم يكن إِلَّا ظِهَارًا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ على مَا نوى وَلَا يكون الظِّهَار إِلَّا من الزَّوْجَة حَتَّى لَو ظَاهر من أمته لم يكن مُظَاهرا فَإِن تزوج امْرَأَة بِغَيْر أمرهَا ثمَّ ظَاهر مِنْهَا ثمَّ أجازت النِّكَاح فالظهار بَاطِل وَمن قَالَ لنسائه أنتن على كَظهر أُمِّي كَانَ مُظَاهرا مِنْهُنَّ جَمِيعًا وَعَلِيهِ لكل وَاحِدَة كَفَّارَة
فصل فِي الْكَفَّارَة
وَكَفَّارَة الظِّهَار عتق رَقَبَة فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَإِن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا وكل ذَلِك قبل الْمَسِيس وتجزى فِي الْعتْق الرَّقَبَة الْكَافِرَة والمسلمة وَالذكر وَالْأُنْثَى وَالْكَبِير وَالصَّغِير وَلَا تجزىء العمياء وَلَا المقطوعة الْيَدَيْنِ أَو الرجلَيْن وَلَا يجوز مَقْطُوع إبهامي الْيَدَيْنِ وَلَا يجوز الْمَجْنُون الَّذِي لَا يعقل وَالَّذِي يجن ويفيق يُجزئهُ وَلَا يجزىء عتق الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَكَذَا

(1/81)


الْمكَاتب الَّذِي أدّى بعض المَال وَإِن اشْترى أَبَاهُ أَو ابْنه يَنْوِي بِالشِّرَاءِ الْكَفَّارَة جَازَ عَنْهَا فَإِن أعتق نصف عبد مُشْتَرك وَهُوَ مُوسر وَضمن قيمَة بَاقِيَة لم يجز عِنْد أبي حنيفَة وَيجوز عِنْدهمَا وَإِن أعتق نصف عَبده عَن كَفَّارَته ثمَّ أعتق بَاقِيه عَنْهَا جَازَ وَإِن أعتق نصف عَبده عَن كَفَّارَته ثمَّ جَامع الَّتِي ظَاهر مِنْهَا ثمَّ أعتق بَاقِيه لم يجز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَإِذا لم يجد الْمظَاهر مَا يعْتق فكفارته صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين لَيْسَ فيهمَا شهررمضان وَلَا يَوْم الْفطر وَلَا يَوْم النَّحْر وَلَا أَيَّام التَّشْرِيق فَإِن جَامع الَّتِي ظَاهر مِنْهَا فِي خلال الشَّهْرَيْنِ لَيْلًا عَامِدًا أَو نَهَارا نَاسِيا اسْتَأْنف الصَّوْم عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَعند أبي يُوسُف لَا يسْتَأْنف وَإِن أفطر مِنْهَا يَوْمًا بِعُذْر أَو بِغَيْر عذر اسْتَأْنف وَإِن ظَاهر العَبْد لم يجز فِي الْكَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم وَإِن أعتق الْمولى أَو أطْعم عَنهُ لم يجزه وَإِذا لم يسْتَطع الْمظَاهر الصّيام أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا وَيطْعم كل مِسْكين نصف صَاع من بر أَو صَاعا من تمر أَو شعير أَو قيمَة ذَلِك فَإِن اعطى منا من بر أَو منوين من تمر أَو شعير جَازَ وَإِن أَمر غَيره أَن يطعم عَنهُ من ظِهَاره فَفعل أَجزَأَهُ فَإِن غداهم وعشاهم جَازَ قَلِيلا كَانَ مَا أكلُوا أَو كثيرا وَلَو كَانَ فِيمَن عشاهم صبي فطيم لَا يُجزئهُ وَإِن أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجزَأَهُ وَإِن أعطَاهُ فِي يَوْم وَاحِد لم يجزه إِلَّا عَن يَوْمه وَإِن قرب الَّتِي ظَاهر مِنْهَا فِي خلال الْإِطْعَام لم يسْتَأْنف وَإِذا أطْعم عَن ظهارين سِتِّينَ مِسْكينا لكل مِسْكين صَاعا من بر لم يجزه إِلَّا عَن وَاحِد مِنْهُمَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُجزئهُ عَنْهُمَا وَإِن أطْعم ذَلِك عَن إفطار وظهار أَجزَأَهُ عَنْهُمَا وَمن وَجَبت عَلَيْهِ كفارتا ظِهَار فَأعتق رقبتين لَا يَنْوِي عَن إِحْدَاهمَا بِعَينهَا جَازَ عَنْهُمَا وَكَذَا إِذا صَامَ أَرْبَعَة أشهر أَو أطْعم مائَة وَعشْرين مِسْكينا جَازَ وَإِن أعتق عَنْهُمَا رَقَبَة وَاحِدَة أَو صَامَ شَهْرَيْن كَانَ لَهُ أَن يَجْعَل ذَلِك عَن أَيهمَا شَاءَ وَإِن أعتق عَن ظِهَار وَقتل لم يجز عَن وَاحِد مِنْهُمَا

(1/82)


بَاب اللّعان
إِذا قذف الرجل امْرَأَته بِالزِّنَا وهما من أهل الشَّهَادَة وَالْمَرْأَة مِمَّن يحد قاذفها أَو نفي نسب وَلَدهَا وطالبته بِمُوجب الْقَذْف فَعَلَيهِ اللّعان فَإِن امْتنع مِنْهُ حَبسه الْحَاكِم حَتَّى يُلَاعن أَو يكذب نَفسه وَلَو لَاعن وَجب عَلَيْهَا اللّعان فَإِن امْتنعت حَبسهَا الْحَاكِم حَتَّى تلاعن أَو تصدقه وَإِذا كَانَ الزَّوْج عبدا أَو كَافِرًا أَو محدودا فِي قذف فقذف امْرَأَته فَعَلَيهِ الْحَد وَإِن كَانَ من أهل الشَّهَادَة وَهِي أمة أَو كَافِرَة أَو محدودة فِي قذف أَو كَانَت مِمَّن لَا يحد قاذفها فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان وَصفَة اللّعان أَن يبتدىء القَاضِي بِالزَّوْجِ فَيشْهد أَربع مَرَّات يَقُول فِي كل مرّة أشهد بِاللَّه إِنِّي لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا وَيَقُول فِي الْخَامِسَة لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا يُشِير إِلَيْهَا فِي جَمِيع ذَلِك ثمَّ تشهد الْمَرْأَة أَربع مَرَّات تَقول فِي كل مرّة أشهد بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا وَتقول فِي الْخَامِسَة غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا وَإِذا التعنا لَا تقع الْفرْقَة حَتَّى يفرق القَاضِي بَينهمَا وَتَكون الْفرْقَة تَطْلِيقَة بَائِنَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ خَاطب إِذا أكذب نَفسه عِنْدهمَا وَعند أبي يُوسُف هُوَ تَحْرِيم مؤبد وَلَو كَانَ الْقَذْف بِنَفْي الْوَلَد نفى القَاضِي نسبه وألحقه بِأُمِّهِ وَلَو قَذفهَا بِالزِّنَا وَنفى الْوَلَد ذكر فِي اللّعان الْأَمريْنِ ثمَّ يَنْفِي القَاضِي نسب الْوَلَد ويلحقه بِأُمِّهِ فَإِن عَاد الزَّوْج وأكذب نَفسه حَده القَاضِي وَحل لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَهَذَا عِنْدهمَا وَكَذَلِكَ إِن قذف غَيرهَا فحد بِهِ وَكَذَا إِذا زنت فحدت وَإِذا قذف امْرَأَته وَهِي صَغِيرَة أَو مَجْنُونَة فَلَا لعان بَينهمَا وَكَذَا إِذا كَانَ الزَّوْج صَغِيرا أَو مَجْنُونا وَقذف الآخرس لَا يتَعَلَّق بِهِ اللّعان وَإِذا قَالَ الزَّوْج لَيْسَ حملك مني فَلَا لعان بَينهمَا قإن قَالَ لَهَا زَنَيْت وَهَذَا الْحمل من الزِّنَا تلاعنا وَلم ينف القَاضِي الْحمل وَإِذا نفى الرجل ولد امْرَأَته عقيب الْولادَة أَو فِي الْحَالة الَّتِي تقبل فِيهَا

(1/83)


التهنئة وتبتاع آلَة الْولادَة صَحَّ نَفْيه ولاعن بِهِ وَإِن نَفَاهُ بعد ذَلِك لَا عَن وَيثبت النّسَب هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَصح نَفْيه فِي مُدَّة النّفاس وَإِذا ولدت وَلدين فِي بطن وَاحِد فنفى الأول واعترف بِالثَّانِي يثبت نسبهما وحد الزَّوْج وَإِن اعْترف بِالْأولِ وَنفى الثَّانِي يثبت نسبهما ولاعن
بَاب الْعنين وَغَيره
وَإِذا كَانَ الزَّوْج عنينا أَجله الْحَاكِم سنة فَإِن وصل إِلَيْهَا فِيهَا وَإِلَّا فرق بَينهمَا إِذا طلبت الْمَرْأَة ذَلِك وَتلك الْفرْقَة تَطْلِيقَة بَائِنَة وَلها كَمَال مهرهَا إِن كَانَ خلا بهَا وَتجب الْعدة وَلَو اخْتلف الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي الْوُصُول إِلَيْهَا فَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه ثمَّ إِن حلف بَطل حَقّهَا وَإِن نكل يُؤَجل سنة وَإِن كَانَت بكرا نظر إِلَيْهَا النِّسَاء فَإِن قُلْنَ هِيَ بكر أجل سنة وَإِن قُلْنَ هِيَ ثيب يحلف الزَّوْج فَإِن حلف لَا حق لَهَا وَإِن نكل يُؤَجل سنة وَإِن كَانَ مجبوبا فرق بَينهمَا فِي الْحَال إِن طلبت والخصي يُؤَجل كَمَا يُؤَجل الْعنين وَإِذا أجل الْعنين سنة وَقَالَ قد جامعتها وَأنْكرت نظر أليها النِّسَاء فَإِن قُلْنَ هِيَ بكر خيرت وَإِن قُلْنَ هِيَ ثيب حلف الزَّوْج فَإِن نكل خيرت وَإِن حلف لَا تخير وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فِي الأَصْل فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه فَإِن اخْتَارَتْ زَوجهَا لم يكن لَهَا بعد ذَلِك خِيَار وَإِذا كَانَ بِالزَّوْجَةِ عيب فَلَا خِيَار للزَّوْج وَإِذا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُون أَو برص أَو جذام فَلَا خِيَار لهاعند أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا الْخِيَار
بَاب الْعدة
وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا أَو رَجْعِيًا أَو وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا بِغَيْر طَلَاق وَهِي حرَّة مِمَّن تحيض فعدتها ثَلَاثَة أَقراء وَإِن كَانَت مِمَّن لَا تحيض من صغر أَو كبر فعدتها ثَلَاثَة أشهر وَكَذَا الَّتِي بلغت بِالسِّنِّ وَلم تَحض وَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِن كَانَت أمة فعدتها حيضتان وَإِن كَانَت لَا تحيض فعدتها

(1/84)


شهر وَنصف وعدة الْحرَّة فِي الْوَفَاة أَرْبَعَة أشهر وَعشر وعدة الْأمة شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام وَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِذا ورثت الْمُطلقَة فِي الْمَرَض فعدتها أبعد الْأَجَليْنِ فَإِذا عتقت الْأمة فِي عدتهَا من طَلَاق رَجْعِيّ انْتَقَلت عدتهَا إِلَى عدَّة الْحَرَائِر وَإِن أعتقت وَهِي مبتوتة أَو متوفي عَنْهَا زَوجهَا لم تنْتَقل عدتهَا وَإِن كَانَت آيسة فاعتدت بالشهور ثمَّ رَأَتْ الدَّم انْتقض مَا مضى من عدتهَا وَعَلَيْهَا أَن تسْتَأْنف الْعدة بِالْحيضِ وَلَو حَاضَت حيضتين ثمَّ آيست تَعْتَد بالشهور والمنكوحة نِكَاحا فَاسِدا والموطوءة بِشُبْهَة عدتهما الْحيض فِي الْفرْقَة وَالْمَوْت وَإِذا مَاتَ مولى أم الْوَلَد عَنْهَا أَو أعْتقهَا فعدتها ثَلَاث حيض وَلَو كَانَت مِمَّن لَا تحيض فعدتها ثَلَاثَة أشهر وَإِذا مَاتَ الصَّغِير عَن امْرَأَته وَبهَا حَبل فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي حَالَة الْحيض لم تَعْتَد بالحيضة الَّتِي وَقع فِيهَا الطَّلَاق وَإِذا وطِئت الْمُعْتَدَّة بِشُبْهَة فعلَيْهَا عدَّة أُخْرَى وتداخلت العدتان وَيكون مَا ترَاهُ الْمَرْأَة من الْحيض محتسبا مِنْهُمَا جَمِيعًا وَإِذا انْقَضتْ الْعدة الأولى وَلم تكمل الثَّانِيَة فعلَيْهَا إتْمَام الْعدة الثَّانِيَة والمعتدة عَن وَفَاة إِذا وطِئت بِشُبْهَة تَعْتَد بالشهور وَتحْتَسب بِمَا ترَاهُ من الْحيض فِيهَا وَابْتِدَاء الْعدة فِي الطَّلَاق عقيب الطَّلَاق وَفِي الْوَفَاة عقيب الْوَفَاة فَإِن لم تعلم بِالطَّلَاق أَو الْوَفَاة حَتَّى مَضَت مُدَّة الْعدة فقد انْقَضتْ عدتهَا وَالْعدة فِي النِّكَاح الْفَاسِد عقيب التَّفْرِيق أَو عزم الواطىء على ترك وَطئهَا وَإِذا قَالَت الْمُعْتَدَّة انْقَضتْ عدتي وكذبها الزَّوْج كَانَ القَوْل قَوْلهَا مَعَ الْيَمين وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا ثمَّ تزَوجهَا فِي عدتهَا وَطَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فَعَلَيهِ مهر كَامِل وَعَلَيْهَا عدَّة مُسْتَقْبلَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ نصف الْمهْر وَعَلَيْهَا إتْمَام الْعدة الأولى وَإِذا طلق الذِّمِّيّ الذِّمِّيَّة فَلَا عدَّة عَلَيْهَا وَكَذَا إِذا خرجت الحربية إِلَيْنَا مسلمة فَإِن تزوجت جَازَ إِلَّا أَن تكون حَامِلا وَهَذَا كُله عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا عَلَيْهَا وعَلى الذِّمِّيَّة الْعدة

(1/85)


فصل
وعَلى المبتوتة والمتوفي عَنْهَا زَوجهَا إِذا كَانَت بَالِغَة مسلمة الْحداد والحداد أَن تتْرك الطّيب والزينة والكحل والدهن المطيب وَغير المطيب إِلَّا من عذر وَفِي الْجَامِع الصَّغِير إِلَّا من وجع وَلَا تختضب بِالْحِنَّاءِ وَلَا تلبس ثوبا مصبوغا بعصفر وَلَا بزعفران وَلَا حداد على كَافِرَة وَلَا على صَغِيرَة وعَلى الْأمة إلاحداد وَلَيْسَ فِي عدَّة أم الْوَلَد وَلَا فِي عدَّة النِّكَاح الْفَاسِد إحداد وَلَا يَنْبَغِي أَن تخْطب الْمُعْتَدَّة وَلَا بَأْس بالتعريض فِي الْخطْبَة وَلَا يجوز للمطلقة الرَّجْعِيَّة والمبتوتة الْخُرُوج من بَيتهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا تخرج نَهَارا وَبَعض اللَّيْل وَلَا تبيت فِي غير منزلهَا وعَلى الْمُعْتَدَّة أَن تَعْتَد فِي الْمنزل الَّذِي يُضَاف إِلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَال وُقُوع الْفرْقَة وَالْمَوْت وَإِن كَانَ نصِيبهَا من دَار الْمَيِّت لَا يكفيها فأخرجها الْوَرَثَة من نصِيبهم انْتَقَلت ثمَّ إِن وَقعت الْفرْقَة بِطَلَاق بَائِن أَو ثَلَاث لَا بُد من ستْرَة بَينهمَا ثمَّ لَا بَأْس بِهِ وَإِن جعلا بَينهمَا امْرَأَة ثِقَة تقدر على الْحَيْلُولَة فَحسن وَإِن ضَاقَ عَلَيْهِمَا الْمنزل فلتخرج وَالْأولَى خُرُوجه وَإِذا خرجت الْمَرْأَة مَعَ زَوجهَا إِلَى مَكَّة فَطلقهَا ثَلَاثًا أَو مَاتَ عَنْهَا فِي غير مصر فَإِن كَانَ بَينهَا وَبَين مصرها أقل من ثَلَاثَة أَيَّام رجعت إِلَى مصرها وَإِن كَانَت مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام إِن شَاءَت رجعت وَإِن شَاءَت مَضَت سَوَاء كَانَ مَعهَا ولي أَو لم يكن إِلَّا أَن يكون طَلقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فِي مصر فَإِنَّهَا لَا تخرج حَتَّى تَعْتَد ثمَّ تخرج إِن كَانَ لَهَا محرم وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ مَعهَا محرم فَلَا بَأْس بِأَن تخرج من الْمصر قبل أَن تَعْتَد
بَاب ثُبُوت النّسَب
وَمن قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا فَولدت ولدا لسِتَّة أشهر من يَوْم تزَوجهَا فَهُوَ ابْنه وَعَلِيهِ الْمهْر وَيثبت نسب ولد الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة إِذا جَاءَت بِهِ لِسنتَيْنِ أَو أَكثر مالم تقر بِانْقِضَاء عدتهَا وَإِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سنتَيْن بَانَتْ من زَوجهَا بِانْقِضَاء الْعدة وَثَبت نسبه وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن كَانَت رَجْعَة

(1/86)


والمبتوتة يثبت نسب وَلَدهَا إِذا جَاءَت بِهِ لأَقل من سنتَيْن فَإِن جَاءَت بِهِ لتَمام سنتَيْن من وَقت الْفرْقَة لم يثبت إِلَّا أَن يَدعِيهِ فَإِن كَانَت المبتوتة صَغِيرَة يُجَامع مثلهَا فَجَاءَت بِولد لتسعة أشهر لم يلْزمه حَتَّى تَأتي بِهِ لأَقل من تِسْعَة أشهر عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف يثبت النّسَب مِنْهُ إِلَى سنتَيْن وَيثبت نسب ولد المتوفي عَنْهَا زَوجهَا مَا بَين الْوَفَاة وَبَين السنتين وَإِذا اعْترفت الْمُعْتَدَّة بِانْقِضَاء عدتهَا ثمَّ جَاءَت بِالْوَلَدِ لأَقل من سِتَّة أشهر يثبت نسبه وَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر لم يثبت وَإِذا ولدت الْمُعْتَدَّة ولدا لم يثبت نسبه عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يشْهد بولادتها رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ إِلَّا أَن يكون هُنَاكَ حَبل ظَاهر أَو اعْتِرَاف من قبل الزَّوْج فَيثبت النّسَب من غير شَهَادَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يثبت فِي الْجَمِيع بِشَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فَإِن كَانَت مُعْتَدَّة عَن وَفَاة فصدقها الْوَرَثَة فِي الْولادَة وَلم يشْهد على الْولادَة أحد فَهُوَ ابْنه فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِذا تزوج الرجل امْرَأَة فَجَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ يَوْم تزَوجهَا لم يثبت نسبه وَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا يثبت نسبه مِنْهُ اعْترف الزَّوْج أَو سكت فَإِن جحد الْولادَة يثبت بِشَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة تشهد بِالْولادَةِ حَتَّى لَو نَفَاهُ الزَّوْج يُلَاعن فَإِن ولدت ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج تَزَوَّجتك مُنْذُ أَرْبَعَة وَقَالَت هِيَ مُنْذُ سِتَّة أشهر فَالْقَوْل قَوْلهَا وَهُوَ ابْنه وَإِن قَالَ لامْرَأَته إِذا ولدت ولدا فَأَنت طَالِق فَشَهِدت امْرَأَة على الْولادَة لم تطلق عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد تطلق وَإِن كَانَ الزَّوْج قد أقرّ بالحبل طلقت من غير شَهَادَة عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا تشْتَرط شَهَادَة الْقَابِلَة وَأكْثر مُدَّة الْحمل سنتَانِ وَأقله سِتَّة أشهر وَمن تزوج أمة فَطلقهَا ثمَّ اشْتَرَاهَا فَإِن جَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ يَوْم اشْتَرَاهَا لزمَه وَإِلَّا لم يلْزمه وَمن قَالَ لأمته إِن كَانَ فِي بَطْنك ولد فَهُوَ مني فَشَهِدت على الْولادَة امْرَأَة فَهِيَ أم وَلَده وَمن قَالَ لغلام هُوَ ابْني ثمَّ مَاتَ فَجَاءَت أم الْغُلَام وَقَالَت أَنا امْرَأَته فَهِيَ امْرَأَته وَهُوَ ابْنه يرثانه وَلَو لم يعلم بِأَنَّهَا حرَّة فَقَالَت الْوَرَثَة أَنْت أم ولد فَلَا مِيرَاث لَهَا

(1/87)


بَاب الْوَلَد وَمن أَحَق بِهِ وَإِذا وَقعت الْفرْقَة بَين الزَّوْجَيْنِ فالأم أَحَق بِالْوَلَدِ وَالنَّفقَة على الْأَب ولاتجبر الْأُم عَلَيْهِ فَإِن لم تكن لَهُ أم فَأم الْأُم أولى من أم الْأَب وَإِن بَعدت فَإِن لم تكن أم الْأُم فَأم الْأَب أولى من الْأَخَوَات فَإِن لم تكن لَهُ جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات وَتقدم الْأُخْت لأَب وَأم ثمَّ الْأُخْت من الْأُم ثمَّ الْأُخْت من الْأَب ثمَّ الخالات أولى من العمات وينزلن كَمَا نزلنَا الْأَخَوَات ثمَّ العمات ينزلن كَذَلِك وكل من تزوجت من هَؤُلَاءِ يسْقط حَقّهَا إِلَّا الْجدّة إِذا كَانَ زَوجهَا الْجد وَكَذَلِكَ كل زوج هُوَ ذُو رحم محرم مِنْهُ وَمن سقط حَقّهَا بالتزوج يعود إِذا ارْتَفَعت الزَّوْجِيَّة فَإِن لم تكن للصَّبِيّ امْرَأَة من أَهله فاختصم فِيهِ الرِّجَال فأولاهم أقربهم تعصيبا وَالأُم وَالْجدّة أَحَق بالغلام حَتَّى يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويلبس وَحده ويستنجي وَحده وَفِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى يَسْتَغْنِي فيأكل وَحده وَيشْرب وَحده ويلبس وَحده وَالأُم وَالْجدّة أَحَق بالجارية حَتَّى تحيض وَمن سوى الْأُم وَالْجدّة أَحَق بالجارية حَتَّى تبلغ حدا تشْتَهي وَفِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى تَسْتَغْنِي وَالْأمة إِذا أعْتقهَا مَوْلَاهَا وَأم الْوَلَد أذا أعتقت كَالْحرَّةِ فِي حق الْوَلَد وَلَيْسَ لَهما قبل الْعتْق حق فِي الْوَلَد لعجزهما والذمية أَحَق بِوَلَدِهَا الْمُسلم مَا لم يعقل الْأَدْيَان أَو يخف أَن يألف الْكفْر وَلَا خِيَار للغلام وَالْجَارِيَة
فصل
وَإِذا ارادت الْمُطلقَة أَن تخرج بِوَلَدِهَا من الْمصر فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك إِلَّا أَن تخرج بِهِ إِلَى وطنها وَقد كَانَ الزَّوْج تزَوجهَا فِيهِ
بَاب النَّفَقَة
النَّفَقَة وَاجِبَة للزَّوْجَة على زَوجهَا مسلمة كَانَت أَو كَافِرَة إِذا سلمت نَفسهَا إِلَى منزله فَعَلَيهِ نَفَقَتهَا وكسوتها وسكناها وَيعْتَبر فِي ذَلِك حَالهمَا جَمِيعًا وَإِن امْتنعت من تَسْلِيم نَفسهَا حَتَّى يُعْطِيهَا مهرهَا فلهَا النَّفَقَة وَإِن نشزت فَلَا نَفَقَة لَهَا حَتَّى تعود إِلَى منزله

(1/88)


وَإِن كَانَت صَغِيرَة لَا يسْتَمْتع بهَا فَلَا نَفَقَة لَهَا وَإِن كَانَ الزَّوْج صَغِيرا لَا يقدر على الْوَطْء وَهِي كَبِيرَة فلهَا النَّفَقَة من مَاله وَإِذا حبست الْمَرْأَة فِي دين فَلَا نَفَقَة لَهَا فَإِن مَرضت فِي منزل الزَّوْج فلهَا النَّفَقَة ويفرض على الزَّوْج النَّفَقَة إِذا كَانَ مُوسِرًا وَنَفَقَة خَادِمهَا وَلَا يفْرض لأكْثر من نَفَقَة خَادِم وَاحِد وَمن أعْسر بِنَفَقَة امْرَأَته لم يفرق بَينهمَا وَيُقَال لَهَا استديني عَلَيْهِ وَإِذا قضى لَهَا بِنَفَقَة الْإِعْسَار ثمَّ أيسر فَخَاصَمته تمم لَهَا نَفَقَة الْمُوسر وَإِذا مَضَت مُدَّة لم ينْفق الزَّوْج عَلَيْهَا وطالبته بذلك فَلَا شَيْء لَهَا إِلَّا أَن يكون القَاضِي فرض لَهَا النَّفَقَة أَو صالحت الزَّوْج على مِقْدَار نَفَقَتهَا فَيَقْضِي لَهَا بِنَفَقَة مَا مضى وَإِن مَاتَ الزَّوْج بَعْدَمَا قضى عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَمضى شهور سَقَطت النَّفَقَة وَإِن أسلفها نَفَقَة السّنة ثمَّ مَاتَ لم يسرتجع مِنْهَا شَيْء وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله يحْتَسب لَهَا نَفَقَة مَا مضى وَمَا بَقِي فَهُوَ للزَّوْج وَإِذا تزوج العَبْد حرَّة فنفقتها دين عَلَيْهِ يُبَاع فِيهَا وَإِن تزوج الْحر أمة فبوأها مَوْلَاهَا مَعَه منزلا فَعَلَيهِ النَّفَقَة وَإِن لم يبوئها فَلَا نَفَقَة لَهَا
فصل
وعَلى الزَّوْج أَن يسكنهَا فِي دَار مُفْردَة لَيْسَ فِيهَا أحد من أَهله إِلَّا أَن تخْتَار ذَلِك وَإِن كَانَ لَهُ ولد من غَيرهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يسكنهُ مَعهَا وَله أَن يمْنَع والديها وَوَلدهَا من غَيره وَأَهْلهَا من الدُّخُول عَلَيْهَا وَلَا يمنعهُم من النّظر إِلَيْهَا وكلامها فِي أَي وَقت اخْتَارُوا وَإِذا غَابَ الرجل وَله مَال فِي يَد رجل يعْتَرف بِهِ وبالزوجية فرض القَاضِي فِي ذَلِك المَال نَفَقَة زَوْجَة الْغَائِب وَولده الصغار ووالديه وَكَذَا إِذا علم القَاضِي ذَلِك وَلَا يعْتَرف بِهِ وَيَأْخُذ مِنْهَا كَفِيلا وَلَا يقْضِي ينفقة فِي مَال غَائِب إِلَّا لهَؤُلَاء
فصل
وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته فلهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى فِي عدتهَا رَجْعِيًا كَانَ أَو بَائِنا وَلَا نقفة للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا وكل فرقة جَاءَت من قبل الْمَرْأَة بِمَعْصِيَة مثل الرِّدَّة وتقبيل ابْن الزَّوْج فَلَا نَفَقَة لَهَا وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا ثمَّ ارْتَدَّت وَالْعِيَاذ بِاللَّه سَقَطت نَفَقَتهَا وَإِن مكنت ابْن زَوجهَا من نَفسهَا فلهَا النَّفَقَة

(1/89)


فصل
وَنَفَقَة الْأَوْلَاد الصغار على الْأَب لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أحد كَمَا لَا يُشَارِكهُ فِي نَفَقَة الزَّوْجَة وَإِن كَانَ الصَّغِير رضيعا فَلَيْسَ على أمه أَن ترْضِعه ويستأجر الْأَب من ترْضِعه عِنْدهَا وَإِن اسْتَأْجرهَا وَهِي زَوجته أَو معتدته لترضع وَلَدهَا لم يجز وَلَو اسْتَأْجرهَا وَهِي منكوحته أَو معتدته لإرضاع ابْن لَهُ من غَيرهَا جَازَ وَإِن انتقضت عدتهَا فاستأجرها جَازَ فَإِن قَالَ الْأَب لَا أستأجرها وَجَاء بغَيْرهَا فرضيت الْأُم بِمثل أجر الْأَجْنَبِيَّة أَو رضيت بِغَيْر أجر كَانَت هِيَ أَحَق وَإِن التمست زِيَادَة لم يجْبر الزَّوْج عَلَيْهَا وَنَفَقَة الصَّغِير وَاجِبَة على أَبِيه وَإِن خَالفه فِي دينه كَمَا تجب نَفَقَة الزَّوْجَة على الزَّوْج وَإِن خالفته فِي دينه
فصل
وعَلى الرجل أَن ينْفق على أَبَوَيْهِ وأجداده وجداته إِذا كَانُوا فُقَرَاء وَإِن خالفوه فِي دينه وَلَا تجب النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَاف الدّين إِلَّا للزَّوْجَة والأبوين والأجداد والجدات وَالْولد وَولد الْوَلَد وَلَا تجب على النَّصْرَانِي نَفَقَة أَخِيه الْمُسلم وَكَذَا لَا تجب على الْمُسلم نَفَقَة أَخِيه النَّصْرَانِي وَلَا يُشَارك الْوَلَد فِي نَفَقَة أَبَوَيْهِ أحد وَالنَّفقَة لكل ذِي رحم محرم إِذا كَانَ صغيرام فَقِيرا أَو كَانَت امْرَأَة بَالِغَة فقيرة أَو كَانَ ذكرا بَالغا فَقِيرا زَمنا أَو أعمي وَيجب ذَلِك على مِقْدَار الْمِيرَاث وَيجْبر عَلَيْهِ وَتجب نَفَقَة الإبنة الْبَالِغَة وَالِابْن الزَّمن على أَبَوَيْهِ أَثلَاثًا على الْأَب الثُّلُثَانِ وعَلى الْأُم الثُّلُث وَلَا تجب نَفَقَتهم مَعَ اخْتِلَاف الدّين وَلَا تجب على الْفَقِير وَإِذا كَانَ للإبن الْغَائِب مَال قضى فِيهِ بِنَفَقَة أَبَوَيْهِ وَإِذا بَاعَ أَبوهُ مَتَاعه فِي نَفَقَته جَازَ وَإِن بَاعَ الْعقار لم يجز وَإِن كَانَ للِابْن الْغَائِب مَال فِي يَد أَبَوَيْهِ وأنفقا مِنْهُ لم يضمنا وَإِن كَانَ لَهُ مَال فِي يَد أَجْنَبِي فأنفق عَلَيْهِمَا بِغَيْر إِذن القَاضِي ضمن وَإِذا قضى القَاضِي للْوَلَد والوالدين وَذَوي الْأَرْحَام بِالنَّفَقَةِ فمضت مُدَّة سَقَطت إِلَّا أَن يَأْذَن القَاضِي بالاستدانة عَلَيْهِ
فصل
وعَلى الْمولى أَن ينْفق على عَبده وَأمته فَإِن امْتنع وَكَانَ لَهما كسب اكتسبا وأنفقا وَإِن لم يكن لَهما كسب أجبر الْمولى على بيعهمَا

(1/90)