متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الْعتْق
الْإِعْتَاق تصرف مَنْدُوب إِلَيْهِ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا مُسلم أعتق مُؤمنا أعتق الله تَعَالَى بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار الْعتْق يَصح من الْحر الْبَالِغ فِي ملكه وَإِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَو أمته أَنْت حر أَو مُعتق أَو عَتيق أَو مُحَرر أَو قد حررتك أَو قد أَعتَقتك فقد عتق نوى بِهِ الْعتْق أَو لم ينْو وَلَو قَالَ عنيت بِهِ الْإِخْبَار الْبَاطِل أَو أَنه حر من الْعَمَل صدق ديانَة وَلَا يدين قَضَاء وَلَو قَالَ لَهُ يَا حر يَا عَتيق يعْتق وَكَذَا لَو قَالَ رَأسك حر أَو وَجهك أَو رقبتك أَو بدنك أَو قَالَ لأمته فرجك حر وَإِن إضافه إِلَى جُزْء شَائِع يَقع فِي ذَلِك الْجُزْء وَلَو قَالَ لَا ملك لي عَلَيْك وَنوى بِهِ الْحُرِّيَّة عتق وَإِن لم ينْو لم يعْتق وَكَذَا كنايات الْعتْق وَلَو قَالَ لَا سُلْطَان لي عَلَيْك وَنوى الْعتْق لم يعْتق وَلَو قَالَ هَذَا ابْني وَثَبت على ذَلِك عتق وَلَو قَالَ هَذَا مولَايَ أَو يَا مولَايَ عتق وَلَو قَالَ يَا أبني أَو يَا أخي لم يعْتق وَلَو قَالَ ياابن لَا يعْتق وَكَذَا إِذا قَالَ يَا بني أَو يَا بنية وَإِن قَالَ لغلام لَا يُولد مثله لمثله هَذَا ابْني عتق عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَإِن قَالَ لأمته أَنْت طَالِق أَو بَائِن أَو تخمري وَنوى بِهِ الْعتْق لم تعْتق وَإِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت مثل الْحر لم يعْتق وَلَو قَالَ مَا أَنْت إِلَّا حر عتق وَلَو قَالَ رَأسك رَأس حر لَا يعْتق وَلَو قَالَ رَأسك رَأس حر عتق
فصل
وَمن ملك ذَا رحم محرم منع عتق عَلَيْهِ وَمن أعتق عبدا لوجه الله تَعَالَى أَو للشَّيْطَان أَو للصنم عتق وَعتق الْمُكْره والسكران وَاقع وَإِن أضَاف الْعتْق إِلَى ملك أَو شَرط صَحَّ كَمَا فِي الطَّلَاق وَإِذا خرج عبد الْحَرْبِيّ ألينا مُسلما عتق وَإِن أعتق حَامِلا عتق حملهَا تبعا لَهَا وَلَو أعتق الْحمل خَاصَّة عتق دونهَا وَلَو أعتق الْحمل على مَال صَحَّ وَلَا يجب المَال وَولد الآمة من مَوْلَاهَا حر وَوَلدهَا من زَوجهَا مَمْلُوك لسَيِّدهَا وَولد الْحرَّة حر على كل حَال
بَاب العَبْد يعْتق بعضه
وَإِذا أعتق الْمولى بعض عَبده عتق ذَلِك الْقدر وَيسْعَى فِي بَقِيَّة قِيمَته لمَوْلَاهُ عِنْد

(1/91)


أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يعْتق كُله وَإِذا كَانَ العَبْد بَين شَرِيكَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه عتق فَإِن كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه قيمَة نصِيبه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن ضمن رَجَعَ الْعتْق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَإِن أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا وَإِن كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فالشريك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الضَّمَان مَعَ الْيَسَار والسعاية مَعَ الْإِعْسَار وَلَا يرجع الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَلَو شهد كل وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ على صَاحبه بِالْعِتْقِ سعى العَبْد لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصِيبه موسرين كَانَا أَو معسرين عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله إِن كَانَا موسرين فَلَا سِعَايَة عَلَيْهِ وَإِن كَانَا معسرين سعى لَهما وَإِن كَانَ أَحدهمَا مُوسِرًا وَالْآخر مُعسرا سعى للموسر مِنْهُمَا وَلَا يسْعَى للمعسر مِنْهُمَا وَلَو قَالَ أحد الشَّرِيكَيْنِ إِن لم يدْخل فلَان هَذِه الدَّار غَدا فَهُوَ حر وَقَالَ الآخر إِن دخل فَهُوَ حر فَمضى الْغَد وَلَا يدْرِي أَدخل أم لَا عتق النّصْف وسعى لَهما فِي النّصْف الآخر وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَقَالَ مُحَمَّد يسْعَى فِي جَمِيع قِيمَته وَلَو حلفا على عَبْدَيْنِ كل وَاحِد مِنْهُمَا لأَحَدهمَا بِعَيْنِه لم يعْتق وَاحِد مِنْهُمَا وَإِذا اشْترى الرّجلَانِ ابْن أَحدهمَا عتق نصيب الْأَب وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ علم الآخر انه ابْن شَرِيكه أَو لم يعلم وَكَذَا إِذا ورثاه وَالشَّرِيك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق نصِيبه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد وَإِن بَدَأَ الْأَجْنَبِيّ فَاشْترى نصفه ثمَّ اشْترى الْأَب نصفه الآخر وَهُوَ مُوسر فالأجنبي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الْأَب وَإِن شَاءَ استسعى الابْن فِي نصف قِيمَته وَمن اشْترى نصف ابْنه وَهُوَ مُوسر فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يضمن إِذا كَانَ مُوسِرًا وَإِذا كَانَ العَبْد بَين ثَلَاثَة نفر فدبره أحدهم وَهُوَ مُوسر ثمَّ أعْتقهُ الآخر وَهُوَ مُوسر فأرادوا الضَّمَان فللساكت أَن يضمن الْمُدبر ثلث قِيمَته فناولا يضمن الْمُعْتق وللمدبر أَن يضمن الْمُعْتق ثلث قِيمَته مُدبرا وَلَا يضمنهُ الثُّلُث الَّذِي

(1/92)


ضمن وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا العَبْد كُله للَّذي دبره أول مرّة وَيضمن ثُلثي قِيمَته لشَرِيكه مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا وَإِذا كَانَت جَارِيَة بَين رجلَيْنِ زعم أَحدهمَا أَنَّهَا أم ولد لصَاحبه وَأنكر ذَلِك الآخر فَهِيَ مَوْقُوفَة يَوْمًا وَيَوْما تخْدم الْمُنكر عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا إِن شَاءَ الْمُنكر استسعى الْجَارِيَة فِي نصف قيمتهَا ثمَّ تكون حرَّة لَا سَبِيل عَلَيْهَا وَإِن كَانَت أم ولد بَينهمَا فَأعْتقهَا أَحدهمَا وَهُوَ مُوسر فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يضمن نصف قيمتهَا
بَاب عتق أحد الْعَبْدَيْنِ
وَمن كَانَ لَهُ ثَلَاثَة أعبد دخل عَلَيْهِ اثْنَان فَقَالَ أَحَدكُمَا حر ثمَّ خرج وَاحِد وَدخل آخر فَقَالَ أَحَدكُمَا حر ثمَّ مَاتَ وَلم يبين عتق من الَّذِي أُعِيد عَلَيْهِ القَوْل ثَلَاثَة أرباعة وَنصف كل وَاحِد من الآخرين عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله كَذَلِك إِلَّا فِي العَبْد الآخر فَإِنَّهُ يعْتق ربعه فَإِن كَانَ القَوْل مِنْهُ فِي الْمَرَض قسم الثُّلُث على هَذَا وَلَو كَانَ هَذَا فِي الطَّلَاق وَهن غير مدخولات بِهن وَمَات الزَّوْج قبل الْبَيَان سقط من مهر الْخَارِجَة ربعه وَمن مهر الثَّابِتَة ثَلَاثَة أثمانه وَمن مهر الدَّاخِلَة ثمنه وَمن قَالَ لعبديه أَحَدكُمَا حر فَبَاعَ أَحدهمَا أَو مَاتَ أَو قا لَهُ أَنْت حر بعد موتِي عتق الآخر وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لامرأتيه إِحْدَاكُمَا طَالِق ثمَّ مَاتَت إِحْدَاهمَا وَكَذَا لَو وطىء إِحْدَاهمَا وَلَو قَالَ لأمتيه إِحْدَاكُمَا حرَّة ثمَّ جَامع إِحْدَاهمَا لم تعْتق الآخرى عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا تعْتق وَمن قَالَ لأمته إِن كَانَ أول ولد تلدينه غُلَاما فَأَنت حرَّة فَولدت غُلَاما وَجَارِيَة وَلَا يدْرِي أَيهمَا ولد أَولا عتق نصف الْأُم وَنصف الْجَارِيَة والغلام عبد وَإِذا شهد رجلَانِ على رجل أَنه أعتق أحد عبديه فالشهادة بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله إِلَّا أَن يكون فِي وَصِيَّة وَإِن شهد أَنه طلق إِحْدَى نِسَائِهِ جَازَت الشَّهَادَة وَيجْبر الزَّوْج على أَن يُطلق إِحْدَاهُنَّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله الشَّهَادَة فِي الْعتْق مثل ذَلِك

(1/93)


بَاب الْحلف بِالْعِتْقِ
وَمن قَالَ إِذا دخلت الدَّار فَكل مَمْلُوك لي يَوْمئِذٍ حر وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوك فَاشْترى مَمْلُوكا ثمَّ دخل عتق وَلَو لم يكن قَالَ فِي يَمِينه يَوْمئِذٍ لم يعْتق وَمن قَالَ كل مَمْلُوك لي ذكر فَهُوَ حر وَله جَارِيَة حَامِل فَولدت ذكرا لم يعْتق وَإِن قَالَ كل مَمْلُوك أملكهُ حر بعد غَد أَو قَالَ كل مَمْلُوك لي فَهُوَ حر بعد غَد وَله مَمْلُوك فَاشْترى آخر ثمَّ جَاءَ بعد غَد عتق الَّذِي فِي ملكه يَوْم حلف وَلَو قَالَ كل مَمْلُوك أملكهُ أَو قَالَ كل مَمْلُوك لي حر بعد موتِي وَله مَمْلُوك فَاشْترى مَمْلُوكا آخر فَالَّذِي كَانَ عِنْده وَقت الْيَمين مُدبر وَالْآخر لَيْسَ بمدبر وَإِن مَاتَ عتقا من الثُّلُث
بَاب الْعتْق على جعل وَمن أعتق عَبده على مَال فَقبل العَبْد عتق وَلَو علق عتقه بأَدَاء المَال صَحَّ وَصَارَ مَأْذُونا وَإِن أحضر المَال أجْبرهُ الْحَاكِم على قَبضه وَعتق العَبْد وَمن قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي على ألف دِرْهَم فالقبول بعد الْمَوْت وَمن أعتق عَبده على خدمته أَربع سِنِين فَقبل العَبْد فَعتق ثمَّ مَاتَ من سَاعَته فَعَلَيهِ قيمَة نَفسه فِي مَاله عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ قيمَة خدمته أَربع سِنِين وَمن قَالَ لآخر اعْتِقْ أمتك على ألف دِرْهَم على أَن تزوجنيها فَفعل فَأَبت أَن تتزوجه فالعتق جَائِز وَلَا شَيْء على الْآمِر وَلَو قَالَ اعْتِقْ أمتك عني على ألف دِرْهَم وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا قسمت الْألف على قيمتهَا وَمهر مثلهَا فَمَا أصَاب الْقيمَة أَدَّاهُ الْآمِر وَمَا أصَاب الْمهْر بَطل عَنهُ
بَاب التَّدْبِير
إِذا قَالَ الْمولى لمملوكه إِذا مت فَأَنت حر أَو أَنْت حر عَن دبر مني أَو أَنْت مُدبر أَو قد دبرتك فقد صَار مُدبرا ثمَّ لَا يجوز بَيْعه وَلَا هِبته وَلَا إِخْرَاجه عَن ملكه إِلَّا إِلَى الْحُرِّيَّة وللمولى أَن يستخدمه ويؤاجره وَإِن كَانَت أمة وَطئهَا وَله أَن يُزَوّجهَا

(1/94)


فَإِذا مَاتَ الْمولى عتق الْمُدبر من ثلث مَاله وَولد الْمُدبرَة مُدبر وَإِن علق التَّدْبِير بِمَوْتِهِ على صفة مثل أَن يَقُول إِن مت من مرضِي هَذَا أَو سَفَرِي هَذَا أَو من مرض كَذَا فَلَيْسَ بمدبر وَيجوز بَيْعه فَإِن مَاتَ الْمولى على الصّفة الَّتِي ذكرهَا عتق كَمَا يعْتق الْمُدبر
بَاب الِاسْتِيلَاد
إِذا ولدت الْأمة من مَوْلَاهَا فقد صَارَت أم ولد لَهُ لَا يجوز بيعهَا وَلَا تمليكها وَله وَطْؤُهَا واستخدامها وإجارتها وتزويجها وَلَا يثبت نسب وَلَدهَا إِلَّا أَن يعْتَرف بِهِ فَإِن جَاءَت بعد ذَلِك بِولد ثَبت نسبه بِغَيْر إِقْرَار إِلَّا أَنه إِذا نَفَاهُ يَنْتَفِي بقوله فَإِن زَوجهَا فَجَاءَت بِولد فَهُوَ فِي حكم أمه وَالنّسب يثبت من الزَّوْج فَإِذا مَاتَ الْمولى عتقت من جَمِيع المَال وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا فِي دين الْمولى للْغُرَمَاء وَإِذا اسلمت أم ولد النَّصْرَانِي فعلَيْهَا أَن تسْعَى فِي قيمتهَا وَلَو مَاتَ مَوْلَاهَا عتقت بِلَا سِعَايَة وَمن استولد أمة غَيره بِنِكَاح ثمَّ ملكهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَإِذا وطىء جَارِيَة ابْنه فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ ثَبت نسبه مِنْهُ وَصَارَت أم ولد لَهُ وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ عقرهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا وَإِن وطىء أَبُو الْأَب مَعَ بَقَاء الْأَب لم يثبت النّسَب وَلَو كَانَ الْأَب مَيتا ثَبت من الْجد كَمَا يثبت نسبه من الْأَب وَإِذا كَانَت الْجَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ أَحدهمَا ثَبت نسبه مِنْهُ وَصَارَت أم ولد لَهُ وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله يصير نصِيبه أم ولد لَهُ ثمَّ يتَمَلَّك نصيب صَاحبه وَيضمن نصف قيمتهَا وَيضمن نصف عقرهَا وَلَا يغرم قيمَة وَلَدهَا وَإِن ادعياه مَعًا ثَبت نسبه مِنْهُمَا وَكَانَت الْأمة أم ولد لَهما وعَلى كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْعقر قصاصا بِمَالِه على الآخر وَيَرِث الابْن من كل وَاحِد مِنْهُمَا مِيرَاث ابْن كَامِل ويرثان مِنْهُ مِيرَاث أَب وَاحِد وَإِذا وطىء الْمولى جَارِيَة مكَاتبه فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ فَإِن صدقه الْمكَاتب ثَبت نسب الْوَلَد مِنْهُ وَعَلِيهِ عقرهَا وَقِيمَة وَلَدهَا وَلَا تصير الْجَارِيَة أم ولد لَهُ وَإِن كذبه الْمكَاتب فِي النّسَب لم يثبت فَلَو ملكه يَوْمًا ثَبت نسبه مِنْهُ

(1/95)


= كتاب الْإِيمَان
الْإِيمَان على ثَلَاثَة أضْرب الْيَمين الْغمُوس وَيَمِين منعقدة وَيَمِين لَغْو فالغموس هُوَ الْحلف على أَمر مَاض يتَعَمَّد الْكَذِب فِيهِ فَهَذِهِ الْيَمين يَأْثَم فِيهَا صَاحبهَا وَلَا كَفَّارَة فِيهَا إِلَّا التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار والمنعقدة مَا يحلف على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل أَن يَفْعَله أَو لَا يَفْعَله وَإِذا حنث فِي ذَلِك لَزِمته الْكَفَّارَة وَالْيَمِين اللَّغْو أَن يحلف على أَمر مَاض وَهُوَ يظنّ أَنه كَمَا قَالَ وَالْأَمر بِخِلَافِهِ فَهَذِهِ الْيَمين نرجو ان لَا يُؤَاخذ الله بهَا صحابها والقاصد فِي الْيَمين وَالْمكْره وَالنَّاسِي سَوَاء وَمن فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مكْرها أَو نَاسِيا فَهُوَ سَوَاء
بَاب مَا يكون يَمِينا وَمَا لَا يكون يَمِينا
وَالْيَمِين بِاللَّه تَعَالَى أَو باسم آخر من أَسمَاء الله تَعَالَى كالرحمن والرحيم أَو يصفة من صِفَاته الَّتِي يحلف بهَا عرفا كعزة الله وجلاله وكبريائه إِلَّا قَوْله وَعلم الله فَإِنَّهُ لَا يكون يَمِينا وَلَو قَالَ وَغَضب الله وَسخطه لم يكن حَالفا وَمن حلف بِغَيْر الله لم يكن حَالفا كالنبي والكعبة وَكَذَا إِذا حلف بِالْقُرْآنِ وَالْحلف بحروف الْقسم وحروف الْقسم الْوَاو كَقَوْلِه وَالله وَالْبَاء كَقَوْلِه بِاللَّه وَالتَّاء كَقَوْلِه تالله وَقد يضمر الْحَرْف فَيكون حَالفا كَقَوْلِه الله لَا أفعل كَذَا وَلَو قَالَ أقسم أَو أقسم بِاللَّه أَو أَحْلف أَو أَحْلف بِاللَّه أَو أشهد أَو أشهد بِاللَّه فَهُوَ حَالف وَلَو قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ سوكند ميخورم بحداي يكون يَمِينا وَكَذَا قَوْله لعمر الله وإيم الله وَكَذَا قَوْله وعهد الله وميثاقه وَكَذَا إِذا قَالَ على نذر أَو نذر الله وَإِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو كَافِر يكون يَمِينا وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي غضب الله أَو سخط الله فَلَيْسَ بحالف وَكَذَا إِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا زَان أَو سَارِق أَو شَارِب خمر أَو آكل رَبًّا
فصل فِي الْكَفَّارَة
كَفَّارَة الْيَمين عتق رَقَبَة يجزى فِيهَا مَا يجزى فِي الظِّهَار وَإِن شَاءَ كسا عشرَة

(1/96)


مَسَاكِين كل وَاحِد ثوبا فَمَا زَاد وَأَدْنَاهُ مَا يجوز فِي الصَّلَاة وَإِن شَاءَ أطْعم عشرَة مَسَاكِين كالإطعام فِي كَفَّارَة الظِّهَار فَإِن لم يقدر على أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات وَإِن قدم الْكَفَّارَة على الْحِنْث لم يجزه ثمَّ لَا يسْتَردّ من الْمِسْكِين وَمن حلف على مَعْصِيّة مثل أَن لَا يُصَلِّي أَو يكلم أَبَاهُ أَو ليقْتلن فلَانا يَنْبَغِي أَن يَحْنَث نَفسه وَيكفر عَن يَمِينه وأذا حلف الْكَافِر ثمَّ حنث فِي حَال كفره أَو بعد إِسْلَامه فَلَا حنث عَلَيْهِ وَمن حرم على نَفسه شَيْئا مِمَّا يملكهُ لم يصر محرما وَعَلِيهِ أَن استباحه كَفَّارَة يَمِين وَلَو قَالَ كل حل عَليّ حرَام فَهُوَ على الطَّعَام وَالشرَاب إِلَّا أَن يَنْوِي غير ذَلِك وَمن نذر نذرا مُطلقًا فَعَلَيهِ الْوَفَاء وَأَن علق النّذر بِشَرْط فَوجدَ الشَّرْط فَعَلَيهِ الْوَفَاء بِنَفس النّذر وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه رَجَعَ عَنهُ وَقَالَ إِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي حجَّة أَو صَوْم سنة أَو صَدَقَة مَا أملكهُ أَجزَأَهُ من ذَاك كَفَّارَة يَمِين وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَحمَه الله وَمن حلف عَليّ يَمِين وَقَالَ إِن شَاءَ الله مُتَّصِلا بِيَمِينِهِ فَلَا حنث عَلَيْهِ
بَاب الْيَمين فِي الدُّخُول وَالسُّكْنَى
وَمن حلف لَا يدْخل بَيْتا فَدخل الْكَعْبَة أَو الْمَسْجِد أَو الْبيعَة أَو الْكَنِيسَة لم يَحْنَث وَكَذَا إِذا دخل دهيليزا أَو ظلة بَاب الدَّار وَإِن دخل صفة حنث وَمن حلف لَا يدْخل دَارا فَدخل دَارا خربة لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار فخربت ثمَّ بنيت أُخْرَى فَدَخلَهَا يَحْنَث وَإِن جعلت مَسْجِدا أَو حَماما أَو بستانا أَو بَيْتا فدخله لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يدْخل هَذَا الْبَيْت فدخله بعد مَا انْهَدم وَصَارَ صحراء لم يَحْنَث وَكَذَا إِذا بنى بَيْتا آخر فدخله لم يَحْنَث وَمن حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار فَوقف على سطحها حنث وَكَذَا إِذا دخل دهليزها وَإِن وقف فِي طاق الْبَاب بِحَيْثُ إِذا أغلق الْبَاب كَانَ خَارِجا لم يَحْنَث وَمن حلف

(1/97)


لَا يدْخل هَذِه الدَّار وَهُوَ فِيهَا لم يَحْنَث بالقعود حَتَّى يخرج ثمَّ يدْخل وَلَو حلف لَا يلبس هَذَا الثَّوْب وَهُوَ لابسه فَنَزَعَهُ فِي الْحَال لم يَحْنَث فَإِن لبث على حَاله سَاعَة حنث وَمن حلف لَا يسكن هَذِه الدَّار فَخرج بِنَفسِهِ ومتاعه وَأَهله فِيهَا وَلم يرد الرُّجُوع إِلَيْهَا حنث
بَاب الْيَمين فِي الْخُرُوج والإتيان وَالرُّكُوب وَغير ذَلِك
وَمن حلف لَا يخرج من الْمَسْجِد فَأمر إنْسَانا فَحَمله فَأخْرجهُ حنث وَلَو أخرجه مكْرها لم يَحْنَث وَلَو حمله بِرِضَاهُ لَا بأَمْره لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يخرج من دَاره إِلَّا إِلَى جَنَازَة فَخرج إِلَيْهَا ثمَّ أَتَى حَاجَة أُخْرَى لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يخرج إِلَى مَكَّة فَخرج يريدها ثمَّ رَجَعَ حنث وَلَو حلف لَا يَأْتِيهَا لم يَحْنَث حَتَّى يدخلهَا فَإِن حلف ليَأْتِيَن الْبَصْرَة فَلم يأتها حَتَّى مَاتَ حنث فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته وَلَو حلف ليأتينه غَدا إِن اسْتَطَاعَ فَهَذَا على استطاعة الصِّحَّة دون الْقُدْرَة وَفَسرهُ فِي الْجَامِع الصَّغِير وَقَالَ إِذا لم يمرض وَلم يمنعهُ السُّلْطَان وَلم يجىء أَمر لَا يقدر على إِتْيَانه فَلم يَأْته حنث وَإِن عَنى استطاعة الْقَضَاء دين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَمن حلف لَا تخرج امْرَأَته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَأذن لَهَا مرّة فَخرجت ثمَّ خرجت مرّة أُخْرَى بِغَيْر إِذْنه حنث وَلَا بُد من الْإِذْن فِي كل خُرُوج وَلَو قَالَ إِلَّا أَن آذن لَك فَأذن لَهَا مرّة وَاحِدَة فَخرجت ثمَّ خرجت بعْدهَا بِغَيْر إِذْنه لم يَحْنَث وَلَو أَرَادَت الْمَرْأَة الْخُرُوج فَقَالَ إِن خرجت فَأَنت طَالِق فَجَلَست ثمَّ خرجت لم يَحْنَث لَو قَالَ لَهُ رجل اجْلِسْ فتغد عِنْدِي فَقَالَ إِن تغذيت فَعَبْدي حر فَخرج فَرجع إِلَى منزله وتغدى لم يَحْنَث وَمن حلف لَا يركب دَابَّة فلَان فَركب دَابَّة عبد مَأْذُون لَهُ مديون أَو غير مديون لم يَحْنَث
بَاب الْيَمين فِي الْأكل وَالشرب
وَمن حلف لَا يَأْكُل من هَذِه النَّخْلَة فَهُوَ على ثَمَرهَا وَإِن حلف لَا يَأْكُل من

(1/98)


هَذَا الْبُسْر فَصَارَ رطبا فَأَكله لم يَحْنَث وَكَذَا إِذا حلف لَا يَأْكُل من هَذَا الرطب أَو من هَذَا اللَّبن فَصَارَ تَمرا أَو صَار اللَّبن شيرازا لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل لحم هَذَا الْحمل فَأكل بَعْدَمَا صَار كَبْشًا حنث وَمن حلف لَا يَأْكُل بسرا فَأكل رطبا لم يَحْنَث وَمن حلف لَا يَأْكُل رطبا أَو بسرا أَو حلف لَا يَأْكُل رطبا وَلَا بسرا فَأكل مذنبا حنث عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يَحْنَث فِي الرطب وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي رطبا فَاشْترى كباسة بسر فِيهَا رطب لَا يَحْنَث وَلَو كَانَت الْيَمين على الْأكل يَحْنَث وَمن حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل لحم السّمك لَا يَحْنَث وَإِن أكل لحم خِنْزِير أَو لحم إِنْسَان يَحْنَث وَكَذَا إِذا أكل كبدا أَو كرشا وَلَو حلف لَا يَأْكُل أَو لَا يَشْتَرِي شحما لم يَحْنَث إِلَّا فِي شَحم الْبَطن عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يَحْنَث فِي شَحم الظّهْر أَيْضا وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي أَو لَا يَأْكُل لَحْمًا أَو شحما فَاشْترى إلية أَو أكلهَا لم يَحْنَث وَمن حلف لَا يَأْكُل من هَذِه الْحِنْطَة لم يَحْنَث حَتَّى يقضمها وَلَو أكل من خبزها لم يَحْنَث عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا إِن أكل من خبزها حنث أَيْضا وَلَو حلف لَا يَأْكُل من هَذَا الدَّقِيق فَأكل من خبزه حنث وَلَو استفه كَمَا هُوَ لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل خبْزًا فيمينه على مَا يعْتَاد أهل الْمصر أكله خبْزًا وَلَو أكل من خبز القطائف لَا يَحْنَث وَكَذَا إِذا أكل خبز الْأرز بالعراق لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل الشواء فَهُوَ على اللَّحْم دون الباذنجان والجزر وَإِن حلف لَا يَأْكُل الطبيخ فَهُوَ على مَا يطْبخ من اللَّحْم وَمن حلف لَا يَأْكُل الرؤوس فيمينه على مَا يكبس فِي التنانير وَيُبَاع فِي الْمصر وَفِي الْجَامِع الصَّغِير لَو حلف لَا يَأْكُل رَأْسا فَهُوَ على رُؤُوس الْبَقر وَالْغنم عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله على الْغنم خَاصَّة وَمن حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة فَأكل عنبا أَو رمانا أَو رطبا أَو قثاء أَو خيارا لم يَحْنَث وَإِن أكل تفاحا أَو بطيخا أَو مشمشا حنث وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد حنث فِي الْعِنَب

(1/99)


وَالرّطب وَالرُّمَّان أَيْضا وَلَو حلف لَا يأتدم فَكل شَيْء اصطبغ بِهِ فَهُوَ أدام والشواء لَيْسَ بأدام وَالْملح أدام وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد كل مَا يُؤْكَل مَعَ الْخبز غَالِبا فَهُوَ أدام وَإِذا حلف لَا يتغدى فالغداء الْأكل من طُلُوع الْفجْر إِلَى الظّهْر وَالْعشَاء من صَلَاة الظّهْر إِلَى نصف اللَّيْل والسحور من نصف اللَّيْل إِلَى طُلُوع الْفجْر وَمن قَالَ إِن لبست أَو أكلت أَو شربت فَعَبْدي حر وَقَالَ عنيت شَيْئا دون شَيْء لم يدين فِي الْقَضَاء وَغَيره وَإِن قَالَ إِن لبست ثوبا أَو أكلت طَعَاما أَو شربت شرابًا لم يدين فِي الْقَضَاء خَاصَّة وَمن حلف لَا يشرب من دجلة فَشرب مِنْهَا بِإِنَاء لم يَحْنَث حَتَّى يكرع مِنْهَا كرعا عِنْد أبي حنيفَة وَإِن حلف لَا يشرب من مَاء دجلة فَشرب مِنْهَا بِإِنَاء حنث وَمن قَالَ إِن لم أشْرب المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز الْيَوْم فامرأته طَالِق وَلَيْسَ فِي الْكوز مَاء لم يَحْنَث فَإِن كَانَ فِيهِ مَاء فأهريق قبل اللَّيْل لم يَحْنَث وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث فِي ذَلِك كُله وَلَو كَانَت الْيَمين مُطلقَة فَفِي الْوَجْه الأول لَا يَحْنَث عِنْدهمَا وَعند أبي يُوسُف يَحْنَث فِي الْحَال وَفِي الْوَجْه الثَّانِي يَحْنَث فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَمن حلف ليصعدن السَّمَاء أَو ليقلبن هَذَا الْحجر ذَهَبا انْعَقَدت يَمِينه وَحنث عقيبها
بَاب الْيَمين فِي الْكَلَام
وَمن حلف لَا يكلم فلَانا فَكَلمهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يسمع إِلَّا أَنه نَائِم حنث وَلَو حلف لَا يكلمهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَأذن لَهُ وَلم يعلم بِالْإِذْنِ حَتَّى كَلمه حنث وَإِن حلف لَا يكلمهُ شهرا فَهُوَ من حِين حلف وَإِن حلف لَا يتَكَلَّم فَقَرَأَ الْقُرْآن فِي صلَاته لَا يَحْنَث وَإِن قَرَأَ فِي غير صلَاته حنث وَلَو قَالَ يَوْم أكلم فلَانا فامرأته طَالِق فَهُوَ على اللَّيْل وَالنَّهَار وَإِن عَنى النَّهَار خَاصَّة دين فِي الْقَضَاء وَلَو قَالَ لَيْلَة أكلم فلَانا فَهُوَ على اللَّيْل خَاصَّة وَلَو قَالَ إِن كلمت فلاناإلا أَن يقدم فلَان أَو قَالَ حَتَّى يقدم فلَان أَو قَالَ إِلَّا أَن يَأْذَن فلَان أَو حَتَّى يَأْذَن فلَان فامرأته طَالِق فَكَلمهُ قبل الْقدوم وَالْإِذْن حنث وَلَو كَلمه بعد الْقدوم وَالْإِذْن لم يَحْنَث وَإِن مَاتَ

(1/100)


فلَان سَقَطت الْيَمين وَمن حلف لَا يكلم عبد فلَان وَلم ينْو عبدا بِعَيْنِه أَو امْرَأَة فلَان أَو صديق فلَان فَبَاعَ فلَان عَبده أَو بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته أَو عادى صديقه فَكَلَّمَهُمْ لم يَحْنَث وَإِن كَانَت يَمِينه على عبد بِعَيْنِه بَان قَالَ عبد فلَان هَذَا أَو امْرَأَة فلَان بِعَينهَا أَو صديق فلَان بِعَيْنِه لم يَحْنَث فِي العَبْد وَحنث فِي الْمَرْأَة وَالصديق وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يَحْنَث فِي العَبْد أَيْضا وَإِن حلف لَا يدْخل دَار فلَان هَذِه فَبَاعَهَا ثمَّ دَخلهَا فَهُوَ على هَذَا الِاخْتِلَاف وَإِن حلف لَا يكلم صَاحب هَذَا الطيلسان فَبَاعَهُ ثمَّ كَلمه حنث وَمن حلف لَا يكلم هَذَا الشَّاب فَكَلمهُ وَقد صَار شَيخا حنث
فصل
وَمن حلف لَا يكلم فلَانا حينا أَو زَمَانا أَو الْحِين أَو الزَّمَان فَهُوَ على سِتَّة أشهر وَكَذَا الدَّهْر عِنْدهمَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة الدَّهْر لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَو حلف لَا يكلمهُ أَيَّامًا فَهُوَ على ثَلَاثَة أَيَّام وَكَذَا الْجَواب عِنْده فِي الْجمع والسنين وَمن قَالَ لعَبْدِهِ أَن خدمتني أَيَّامًا كَثِيرَة فَأَنت حر فالأيام الْكَثِيرَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله عشرَة أَيَّام
بَاب الْيَمين فِي الْعتْق وَالطَّلَاق
وَمن قَالَ لامْرَأَته إِذا ولدت ولدا فَأَنت طَالِق فَولدت ولدا مَيتا طلقت وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لأمته إِذا ولدت ولدا فَأَنت حرَّة وَلَو قَالَ إِذا ولدت ولدا فَهُوَ حر فَولدت ولدا مَيتا ثمَّ آخر حَيا عتق الْحَيّ بعده عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يعْتق وَاحِد مِنْهُمَا وَإِذا قَالَ أول عبد اشتريه فَهُوَ حر فَاشْترى عبدا عتق فَإِن اشْترى عَبْدَيْنِ مَعًا ثمَّ آخر لم يعْتق وَاحِد مِنْهُم وَإِن قَالَ أول عبد أشتريه وَحده فَهُوَ حر عتق الثَّالِث وَإِن قَالَ آخر عبد أشتريه فَهُوَ حر فَاشْترى عبدا ثمَّ مَاتَ لم يعْتق وَلَو اشْترى عبدا ثمَّ عبدا ثمَّ مَاتَ عتق الآخر وَيعتق يَوْم اشْتَرَاهُ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله حَتَّى يعْتَبر من جَمِيع المَال قَالَا يعْتق يَوْم مَاتَ وَمن قَالَ كل عبد بشرني

(1/101)


بِوِلَادَة فُلَانَة فَهُوَ حر فبشره ثَلَاثَة مُتَفَرّقين عتق الأول وَإِن بشروه مَعًا عتقوا وَلَو قَالَ إِن اشْتريت فلَانا فَهُوَ حر فَاشْتَرَاهُ يَنْوِي بِهِ كَفَّارَة يَمِينه لم يجزه وَإِن اشْترى إِيَّاه يَنْوِي عَن كَفَّارَة يَمِينه أَجزَأَهُ عندنَا وَلَو اشْترى أم وَلَده لم يجزه وَمن قَالَ إِن تسربت جَارِيَة فَهِيَ حرَّة فتسري جَارِيَة كَانَت فِي ملكه عتقت وَإِن اشْترى جَارِيَة فتسراها لم تعْتق بِهَذِهِ الْيَمين وَمن قَالَ كل مَمْلُوك لي حر تعْتق أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبروه وعبيده وَلَا يعْتق مكاتبوه إِلَّا أَن ينويهم وَمن قَالَ لنسوة لَهُ هَذِه طَالِق أَو هَذِه وَهَذِه طلقت الْأَخِيرَة وَله الْخِيَار فِي الْأَوليين وَكَذَا إِذا قَالَ لعبيده هَذَا حر أَو هَذَا وَهَذَا عتق الْأَخير
بَاب الْيَمين فِي البيع وَالشِّرَاء والتزوج وَغير ذَلِك
وَمن حلف لَا يَبِيع أَو لَا يَشْتَرِي أَو لَا يُؤَاجر فَوكل من فعل ذَلِك لم يَحْنَث إِلَّا أَن يَنْوِي ذَلِك وَيكون الْحَالِف ذَا سُلْطَان وَمن حلف لَا يتَزَوَّج أَو لَا يُطلق أَو لَا يعْتق فَوكل بذلك حنث وَلَو قَالَ عنيت أَن لَا أَتكَلّم بِهِ لم يدين فِي الْقَضَاء خَاصَّة وَلَو حلف لَا يضْرب عَبده أَو لَا يذبح شاته فَأمر غَيره فَفعل يَحْنَث فِي يَمِينه وَلَو قَالَ عنيت أَلا أتولى ذَلِك بنفسي دين فِي الْقَضَاء وَمن حلف لَا يضْرب وَلَده فَأمر إنْسَانا فَضَربهُ لم يَحْنَث فِي يَمِينه وَمن قَالَ لغيره إِن بِعْت لَك هَذَا الثَّوْب فامرأته طَالِق فَدس الْمَحْلُوف عَلَيْهِ ثَوْبه فِي ثِيَاب الْحَالِف فَبَاعَهُ وَلم يعلم لم يَحْنَث وَمن قَالَ هَذَا العَبْد حر إِن بِعته فَبَاعَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ عتق وَكَذَلِكَ لَو قَالَ المُشْتَرِي أَن أشتريته فَهُوَ حر فَاشْتَرَاهُ على أَنه بِالْخِيَارِ عتق وَمن قَالَ إِن لم أبع هَذ العَبْد أَو هَذِه الْأمة فامرأته طَالِق فَأعتق أَو دبر طلقت امْرَأَته وَإِذا قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا تزوجت عَليّ فَقَالَ كل امْرَأَة لي طَالِق ثَلَاثًا طلقت هَذِه الَّتِي حلفته فِي الْقَضَاء
بَاب الْيَمين فِي الْحَج وَالصَّلَاة وَالصَّوْم
وَمن قَالَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَة أَو فِي غَيرهَا على الْمَشْي إِلَى بَيت الله أَو إِلَى

(1/102)


الْكَعْبَة فَعَلَيهِ حجَّة أَو عمْرَة مَاشِيا وَإِن شَاءَ ركب واهراق دَمًا وَلَو قَالَ عَليّ الْخُرُوج أَو الذّهاب إِلَى بَيت الله تَعَالَى فَلَا شَيْء وَلَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى الْحرم أَو إِلَى الصَّفَا والمروة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي قَوْله على الْمَشْي إِلَى الْحرم حجَّة أَو عمْرَة وَمن قَالَ عَبدِي حر إِن لم أحج الْعَام فَقَالَ حججْت وَشهد شَاهِدَانِ على أَنه ضحى الْعَام بِالْكُوفَةِ لم يعْتق عَبده وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يعْتق وَمن حلف لَا يَصُوم فَنوى الصَّوْم سَاعَة ثمَّ أفطر من يَوْمه حنث وَلَو حلف لَا يَصُوم يَوْمًا أَو صوما فصَام سَاعَة ثمَّ أفطر لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَقَرَأَ وَركع لم يَحْنَث وَإِن سجد مَعَ ذَلِك ثمَّ قطع حنث وَلَو حلف لَا يُصَلِّي صَلَاة لَا يَحْنَث مالم يصل رَكْعَتَيْنِ
بَاب الْيَمين فِي لبس الثِّيَاب والحلى وَغير ذَلِك
وَمن قَالَ لامْرَأَته أَن لبست من غزلك فَهُوَ هدي فَاشْترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه فَهُوَ هدي عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يهدي حَتَّى تغزل من قطن ملكه يَوْم حلف وَمن حلف لَا يلبس حليا فَلبس خَاتم فضَّة لم يَحْنَث وَإِن كَانَ من ذهب حنث وَلَو لبس عقد لُؤْلُؤ غير مرصع لَا يَحْنَث عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يَحْنَث وَمن حلف لَا ينَام على فرَاش فَنَامَ عَلَيْهِ وفوقه قرام حنث وَإِن جعل فَوْقه فراشا آخر فَنَامَ لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يجلس على الأَرْض فَجَلَسَ على بِسَاط أَو حَصِير لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يجلس على سَرِير فَجَلَسَ على سَرِير فَوْقه بِسَاط أَو حَصِير حنث
بَاب الْيَمين فِي الْقَتْل وَالضَّرْب وَغَيره
وَمن قَالَ لآخر إِن ضربتك فَعَبْدي حر فَمَاتَ فَضَربهُ فَهُوَ على الْحَيَاة وَكَذَا الْكَلَام وَالدُّخُول وَلَو قَالَ إِن غسلتك فَعَبْدي حر فَغسله بَعْدَمَا مَاتَ يَحْنَث وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ الأَصْل أَن كل فعل يلذ ويؤلم ويغم وَيسر يَقع على الْحَيَاة دون

(1/103)


الْمَمَات كالضرب والشتم وَالْجِمَاع وَالْكِسْوَة وَالدُّخُول عَلَيْهِ اه وَمن لَا يضْرب امْرَأَته فَمد شعرهَا أَو خنقها أَو عضها حنث وَمن قَالَ إِن لم أقتل فلَانا فامرأته طَالِق وَفُلَان ميت وَهُوَ عَالم بِهِ حنث وَإِن لم يعلم بِهِ لَا يَحْنَث
بَاب الْيَمين فِي تقاضي الدَّرَاهِم
وَمن حلف ليقضين دينه إِلَى قريب فَهُوَ على مَا دون الشَّهْر وَإِن قَالَ إِلَى بعيد فَهُوَ أَكثر من الشَّهْر وَمن حلف ليقضين فلَانا دينه الْيَوْم مقضاه ثمَّ وجد فلَان بَعْضهَا زُيُوفًا أَو نبهرجة أَو مُسْتَحقَّة لم يَحْنَث الْحَالِف وَإِن وجدهَا رصاصا أَو ستوقة حنث وَإِن بَاعه بهَا عبدا وَقَبضه بر فِي يَمِينه وَإِن وَهبهَا لَهُ لم يبر وَمن حلف لَا يقبض دينه درهما دون دِرْهَم فَقبض بعضه لم يَحْنَث حَتَّى يقبض جَمِيعه مُتَفَرقًا فَإِن قبض دينه فِي وزنين وَلم يتشاغل بَينهمَا إِلَّا بِعَمَل الْوَزْن لم يَحْنَث وَلَيْسَ ذَلِك بتفريق وَمن قَالَ إِن كَانَ لي إِلَّا مائَة دِرْهَم فامرأته طَالِق فَلم يملك إِلَّا خمسين درهما لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو قَالَ غير مائَة أَو سوى مائَة
مسَائِل مُتَفَرِّقَة
وَإِذا حلف لَا يفعل كَذَا تَركه أبدا وَإِن حلف ليفعلن كَذَا فَفعله مرّة وَاحِدَة بر فِي يَمِينه وَإِذا اسْتحْلف الْوَالِي رجلا ليعلمنه بِكُل داعر دخل الْبَلَد فَهَذَا على حَال ولَايَته خَاصَّة وَمن حلف أَن يهب عَبده لفُلَان فوهبه وَلم يقبل فقد بر فِي يَمِينه وَمن حلف لَا يشم ريحانا فشم وردا أَو ياسمينا لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي بنفسجا وَلَا نِيَّة لَهُ فَهُوَ على دهنه وَإِن حلف على الْورْد فاليمين على الْوَرق