متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الْحُدُود
الزِّنَا يثبت بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَار فَالْبَيِّنَة أَن تشهد أَرْبَعَة من الشُّهُود على رجل أَو امْرَأَة بِالزِّنَا وأذا شهدُوا يسألهم الإِمَام عَن الزِّنَا مَا هُوَ وَكَيف هُوَ وَأَيْنَ زنى وَمَتى زنى وبمن زنى فَإِذا بينوا ذَلِك وَقَالُوا رَأَيْنَاهُ وَطئهَا فِي فرجهَا كالميل فِي

(1/104)


المكحلة وَسَأَلَ القَاضِي عَنْهُم فعدلوا فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة حكم بِشَهَادَتِهِم وَالْإِقْرَار أَن يقر الْبَالِغ الْعَاقِل على نَفسه بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فِي أَرْبَعَة مجَالِس من مجَالِس الْمقر كلما أقرّ رده القَاضِي فَإِذا تمّ إِقْرَاره أَربع مَرَّات سَأَلَهُ عَن الزِّنَا مَا هُوَ وَكَيف هُوَ وَأَيْنَ زنى وبمن زنى فَإِذا بَين ذَلِك لزمَه الْحَد فَإِن رَجَعَ الْمقر عَن إِقْرَاره قبل إِقَامَة الْحَد أَو فِي وَسطه قبل رُجُوعه وخلى سَبيله وَيسْتَحب للْإِمَام أَن يلقن الْمقر الرُّجُوع فَيَقُول لَهُ لَعَلَّك لمست أَو قبلت
فصل
وَإِذا وَجب الْحَد وَكَانَ الزَّانِي مُحصنا رجمه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوت ويخرجه إِلَى أَرض فضاء ويبتدىء الشُّهُود برجمه ثمَّ الإِمَام ثمَّ النَّاس فَإِن امْتنع الشُّهُود من الِابْتِدَاء سقط الْحَد وَإِن كَانَ مقرا ابْتَدَأَ الإِمَام ثمَّ النَّاس وَيغسل ويكفن وَيصلى عَلَيْهِ وَإِن لم يكن مُحصنا وَكَانَ حرا فحده مائَة جلدَة يَأْمر الإِمَام بضربه بِسَوْط لَا ثَمَرَة لَهُ ضربا متوسطا وتنزع عَنهُ ثِيَابه وَيفرق الضَّرْب على أَعْضَائِهِ إِلَّا رَأسه وَوَجهه وفرجه وَيضْرب فِي الْحُدُود كلهَا قَائِما غير مَمْدُود وَإِن كَانَ عبدا جلده خمسين جلدَة وَالرجل وَالْمَرْأَة فِي ذَلِك سَوَاء غير أَن الْمَرْأَة لَا ينْزع من ثِيَابهَا إِلَّا الفرو والحشو وتضرب جالسة وَإِن حفر لَهَا فِي الرَّجْم جَازَ وَلَا يحْفر للرجل وَلَا يُقيم الْمولى الْحَد على عَبده إِلَّا بِإِذن الإِمَام وإحصان الرَّجْم أَن يكون حرا عَاقِلا بَالغا مُسلما قد تزوج امْرَأَة نِكَاحا صَحِيحا وَدخل بهَا وهما على صفة الْإِحْصَان وَلَا يجمع فِي الْمُحصن بَين الرَّجْم وَالْجَلد وَلَا يجمع على الْبكر بَين الْجلد وَالنَّفْي إِلَّا أَن يرى الإِمَام فِي ذَلِك مصلحَة فيغربه على قدر مَا يرى وَإِذا زنى الْمَرِيض وَحده الرَّجْم رجم وَإِن كَانَ حَده الْجلد لم يجلد حَتَّى يبرأ وَإِذا زنت الْحَامِل لم تحد حَتَّى تضع حملهَا وَإِن كَانَ حَدهَا الْجلد لم تجلد حَتَّى تتعالى من نفَاسهَا
بَاب الْوَطْء الَّذِي يُوجب الْحَد وَالَّذِي لَا يُوجِبهُ
الوطءالموجب للحد هُوَ الزِّنَا وَمن طلق امْرَأَته ثَلَاثًا ثمَّ وَطئهَا فِي الْعدة وَقَالَ

(1/105)


علمت أَنَّهَا على حرَام حد وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت خلية أَو بَريَّة أَو أَمرك بِيَدِك فَاخْتَارَتْ نَفسهَا ثمَّ وَطئهَا فِي الْعدة وَقَالَ علمت أَنَّهَا على حرَام لم يحد وَلَا حد على من وطىء جَارِيَة وَلَده وَولد وَلَده وَإِن قَالَ علمت أَنَّهَا على حرَام وَيثبت النّسَب مِنْهُ وَعَلِيهِ قيمَة الْجَارِيَة وَإِذا وطىء جَارِيَة أَبِيه أَو أمه أَو زَوجته وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا على قَاذفه وَإِن قَالَ علمت أَنَّهَا على حرَام حد وَكَذَا العَبْد إِذا وطىء جَارِيَة مَوْلَاهُ وَإِن وطىء جَارِيَة أَخِيه أَو عَمه وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي حد وَمن زفت إِلَيْهِ غير امْرَأَته وَقَالَت النِّسَاء أَنَّهَا زَوجتك فَوَطِئَهَا لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر وَمن وجد امْرَأَة على فرَاشه فَوَطِئَهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَمن تزوج امْرَأَة لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا فَوَطِئَهَا لَا يجب عَلَيْهِ الْحَد عِنْد أبي حنيفَة وَمن وطىء أَجْنَبِيَّة فِيمَا دون الْفرج يُعَزّر وَمن أَتَى امْرَأَة فِي الْموضع الْمَكْرُوه أَو عمل عمل قوم لوط فَلَا حد عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة وَيُعَزر وَزَاد فِي الْجَامِع الصَّغِير ويودع فِي السجْن وَقَالا هُوَ كَالزِّنَا فَيحد وَمن وطىء بَهِيمَة فَلَا حد عَلَيْهِ وَمن زنى فِي دَار الْحَرْب أَو فِي دَار الْبَغي ثمَّ خرج إِلَيْنَا لَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد وَإِذا دخل حَرْبِيّ دَارنَا بِأَمَان فزنى بذمية أَو زنى ذمِّي بحربية يحد الذِّمِّيّ والذمية عِنْد أبي حنيفَة وَلَا يحد الْحَرْبِيّ والحربية وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الذِّمِّيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يحدون كلهم وَإِذا زنى الصَّبِي أَو الْمَجْنُون بِامْرَأَة طاوعته فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا وَإِن زنى صَحِيح بمجنونة أَو صَغِيرَة يُجَامع مثلهَا حد الرجل خَاصَّة وَمن أكرهه السُّلْطَان حَتَّى زنى فَلَا حد عَلَيْهِ وَمن أقرّ أَربع مَرَّات فِي مجَالِس مُخْتَلفَة أَنه زنى بفلانة وَقَالَت هِيَ تزَوجنِي أَو أقرَّت بِالزِّنَا وَقَالَ الرجل تَزَوَّجتهَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر فِي ذَلِك وَمن زنى بِجَارِيَة فَقَتلهَا فَإِنَّهُ يحد وَعَلِيهِ الْقيمَة وكل شَيْء صَنْعَة الإِمَام الَّذِي لَيْسَ فَوْقه إِمَام فَلَا حد عَلَيْهِ إِلَّا الْقصاص فَإِنَّهُ يُؤْخَذ بِهِ وبالأموال
بَاب الشَّهَادَة على الزِّنَا وَالرُّجُوع عَنْهَا
وَإِذا شهد الشُّهُود بِحَدّ متقادم لم يمنعهُم عَن إِقَامَته بعدهمْ عَن الإِمَام لم تقبل

(1/106)


شَهَادَتهم إِلَّا فِي حد الْقَذْف خَاصَّة وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وَإِذا شهد عَلَيْهِ الشُّهُود بِسَرِقَة أَو بِشرب خمر أَو بزنا بعد حِين لم يُؤْخَذ بِهِ وَضمن السّرقَة وَإِذا شهدُوا على رجل أَنه زنا بفلانة وفلانة غَائِبَة فَإِنَّهُ يحد وَإِن شهدُوا أَنه سرق من فلَان وَهُوَ غَائِب لم يقطع وَإِن شهدُوا أَنه زنى بِامْرَأَة لَا يعرفونها لم يحد وَإِن أقرّ بذلك حد وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بفلانة فاستكرهها وآخران أَنَّهَا طاوعته درىء الْحَد عَنْهُمَا جَمِيعًا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يحد الرجل خَاصَّة وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بِامْرَأَة بِالْكُوفَةِ وآخران أَنه زنى بهَا بِالْبَصْرَةِ درىء الْحَد عَنْهُمَا جَمِيعًا وَإِن اخْتلفُوا فِي بَيت وَاحِد حد الرجل وَالْمَرْأَة وَإِن شهد اربعة أَنه زنى بِامْرَأَة بالنخيلة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَأَرْبَعَة أَنه زنى بهَا عِنْد طُلُوع الشَّمْس بدير هِنْد درىء الْحَد عَنْهُم جَمِيعًا وَإِن شهد أَرْبَعَة على امْرَأَة بِالزِّنَا وَهِي بكر درىء الْحَد عَنْهُمَا وعنهم وَإِن شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا وهم عُمْيَان أَو محدودون فِي قذف أَو أحدهم عبد أَو مَحْدُود فِي قذف فَإِنَّهُم يحدون وَلَا يحد الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن شهدُوا بذلك وهم فساق أَو ظهر أَنهم فساق لم يحدوا وَإِن نقص عدد الشُّهُود عَن أَرْبَعَة حدوا وَإِن شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا فَضرب بِشَهَادَتِهِم ثمَّ وجد أحدهم عبدا أَو محدودا فِي قذف فَإِنَّهُم يحدون وَلَيْسَ عَلَيْهِم وَلَا على بَيت المَال أرش الضَّرْب وَإِن رجم فديته على بَيت المَال وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا أرش الضَّرْب أَيْضا على بَيت المَال وَإِن شهد أَرْبَعَة على شَهَادَة أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا لم يحد فَإِن جَاءَ الْأَولونَ فَشَهِدُوا على المعاينة فِي ذَلِك الْمَكَان لم يحد أَيْضا وَإِذا شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا فرجم فَكلما رَجَعَ وَاحِد حد الرَّاجِع وَحده وَغرم ربع الدِّيَة فَإِن لم يحد الْمَشْهُود عَلَيْهِ حَتَّى رَجَعَ وَاحِد مِنْهُم حدوا جَمِيعًا وَسقط الْحَد عَن الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَإِن كَانُوا خَمْسَة فَرجع أحدهم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن رَجَعَ آخر حدا وغرما ربع الدِّيَة وَإِن شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا فزكوا فرجم فَإِذا الشُّهُود مجوس أَو عبيد فَالدِّيَة على المزكين عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ على بَيت المَال وَلَا ضَمَان على الشُّهُود وَإِذا شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا

(1/107)


فَأمر القَاضِي برجمه فَضرب رجل عُنُقه ثمَّ وجد الشُّهُود عبيدا فعلى الْقَاتِل الدِّيَة وَإِن رجم ثمَّ وجدوا عبيدا فَالدِّيَة على بَيت المَال وَإِذا شهدُوا على رجل بِالزِّنَا وَقَالُوا تعمدنا النّظر قبلت شَهَادَتهم وَإِذا شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا فَأنْكر الْإِحْصَان وَله امْرَأَة قد ولدت مِنْهُ فَإِنَّهُ يرْجم فَإِن لم تكن ولدت مِنْهُ وَشهد عَلَيْهِ بالإحصان رجل وَامْرَأَتَانِ رجم فَإِن رَجَعَ شُهُود الْإِحْصَان لَا يضمنُون
بَاب حد الشّرْب
وَمن شرب الْخمر فَأخذ وريحها مَوْجُودَة أَو جَاءُوا بِهِ سكرانا فَشهد الشُّهُود عَلَيْهِ بذلك فَعَلَيهِ الْحَد وَكَذَلِكَ إِذا أقرّ وريحها مَوْجُودَة وَإِن أقرّ بعد ذهَاب رائحتها لم يحد عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يحد فَإِن أَخذه الشُّهُود وريحها تُوجد مِنْهُ أَو سَكرَان فَذَهَبُوا بِهِ من مصر إِلَى مصر فِيهِ الإِمَام فَانْقَطع ذَلِك قبل أَن ينْتَهوا بِهِ حد فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَمن سكر من النَّبِيذ حد وَلَا حد على من وجد مِنْهُ رَائِحَة الْخمر أَو تقيأها وَلَا يحد السَّكْرَان حَتَّى يعلم أَنه سكر من النَّبِيذ وشربه طَوْعًا وَلَا يحد حَتَّى يَزُول عَنهُ السكر وحد الْخمر وَالسكر فِي الْحر ثَمَانُون سَوْطًا يفرق على بدنه كَمَا فِي حد الزِّنَا وَإِن كَانَ عبدا فحده أَرْبَعُونَ سَوْطًا وَمن أقرّ بِشرب الْخمر أَو السكر ثمَّ رَجَعَ لم يحد وَيثبت الشّرْب بِشَهَادَة شَاهِدين وبالإقرار مرّة وَاحِدَة وَلَا تقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال والسكران الَّذِي يحد هُوَ الَّذِي لَا يعقل منطقا لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا وَلَا يعقل الرجل من الْمَرْأَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ الَّذِي يهذى ويختلط كَلَامه وَلَا يحد السَّكْرَان بِإِقْرَارِهِ على نَفسه
بَاب حد الْقَذْف
وَإِذا قذف الرجل رجلا مُحصنا أَو امْرَأَة مُحصنَة بِصَرِيح الزِّنَا وطالب الْمَقْذُوف بِالْحَدِّ حَده الْحَاكِم ثَمَانِينَ سَوْطًا إِن كَانَ حرا وَيفرق على أَعْضَائِهِ وَلَا يجرد من ثِيَابه غير أَنه ينْزع عَنهُ الفرو والحشو وَإِن كَانَ الْقَاذِف عبدا جلد أَرْبَعِينَ سَوْطًا

(1/108)


والإحصان أَن يكون الْمَقْذُوف حرا عَاقِلا بَالغا مُسلما عفيفا عَن فعل الزِّنَا وَمن نفى نسب غَيره فَقَالَ لست لأَبِيك فَإِنَّهُ يحد وَمن قَالَ لغيره فِي غضب لست بِابْن فلَان لِأَبِيهِ الَّذِي يدعى لَهُ يحد وَلَو قَالَ فِي غير غضب لَا يحد وَلَو قَالَ لست بِابْن فلَان يَعْنِي جده لم يحد وَلَو قَالَ لَهُ يَا ابْن الزَّانِيَة وَأمه ميتَة مُحصنَة فطالب الابْن بحده حد الْقَاذِف وَلَا يُطَالب بِحَدّ الْقَذْف للْمَيت إِلَّا من يَقع الْقدح فِي نسبه بقذفه وَهُوَ الْوَالِد وَالْولد وَإِذا كَانَ الْمَقْذُوف مُحصنا جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِر وَالْعَبْد أَن يُطَالب بِالْحَدِّ وَلَيْسَ للْعَبد أَن يُطَالب مَوْلَاهُ بِقَذْف أمه الْحرَّة وَلَا للِابْن أَن يُطَالب أَبَاهُ بِقَذْف أمه الْحرَّة الْمسلمَة وَمن قذف غَيره فَمَاتَ الْمَقْذُوف بَطل الْحَد وَلَو مَاتَ بَعْدَمَا أقيم بعض الْحَد بَطل الْبَاقِي وَمن أقرّ بِالْقَذْفِ ثمَّ رَجَعَ لم يقبل رُجُوعه وَمن قَالَ لعربي يَا نبطي لم يحد وَمن قَالَ لرجل يَا ابْن مَاء السَّمَاء فَلَيْسَ بقاذف وَإِن نسبه إِلَى عَمه أَو خَاله أَو إِلَى زوج أمه فَلَيْسَ بقاذف وَمن قَالَ لغيره زنأت فِي الْجَبَل وَقَالَ عنيت صعُود الْجَبَل حد وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يحد وَمن قَالَ لآخر يَا زاني فَقَالَ لَا بل أَنْت فَإِنَّهُمَا يحدان وَمن قَالَ لامْرَأَته يَا زَانِيَة فَقَالَت لَا بل أَنْت حدت الْمَرْأَة وَلَا لعان وَلَو قَالَت زَنَيْت بك فَلَا حد وَلَا لعان وَمن أقرّ بِولد ثمَّ نَفَاهُ فَإِنَّهُ يُلَاعن وَإِن نَفَاهُ ثمَّ أقرّ بِهِ حد وَالْولد وَلَده وَإِن قَالَ لَيْسَ بِابْني وَلَا بابنك فَلَا حد وَلَا لعان وَمن قذف امْرَأَة وَمَعَهَا أَوْلَاد لَا يعرف لَهُم أَب أَو قذف الْمُلَاعنَة بِولد وَالْولد حَيّ أَو قَذفهَا بعد موت الْوَلَد فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَو قذف امْرَأَة لاعنت بِغَيْر ولد فَعَلَيهِ الْحَد وَمن وطىء وطأ حَرَامًا فِي غير ملكه لم يحد قَاذفه وَبَيَانه أَن من قذف رجلا وطىء جَارِيَة مُشْتَركَة بَينه وَبَين آخر فَلَا حد عَلَيْهِ وَكَذَا إِذا قذف امْرَأَة زنت فِي نصرانيتها وَلَو قذف رجلا أَتَى أمته وَهِي مَجُوسِيَّة أَو امْرَأَته وَهِي حَائِض أَو مُكَاتبَة لَهُ فَعَلَيهِ الْحَد وَلَو قذف رجلا وطىء أمته وَهِي اخته من الرضَاعَة لَا يحد وَلَو قذف مكَاتبا مَاتَ وَترك وَفَاء لَاحَدَّ عَلَيْهِ وَلَو قذف مجوسيا تزوج بِأُمِّهِ ثمَّ أسلم يحد عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا حد عَلَيْهِ

(1/109)


وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ دَارنَا بِأَمَان فقذف مُسلما حد وَإِذا حد الْمُسلم فِي قذف سَقَطت شَهَادَته وَإِن تَابَ وَإِذا حد الْكَافِر فِي قذف لم تجز شَهَادَته على أهل الذِّمَّة فَإِن أسلم قبلت شَهَادَته عَلَيْهِم وعَلى الْمُسلمين وَإِن ضرب سَوْطًا فِي قذف ثمَّ أسلم ثمَّ ضرب مَا بَقِي جَازَت شَهَادَته وَمن قذف أَو زنى أَو شرب غير مرّة فحد فَهُوَ لذَلِك كُله
فصل فِي التَّعْزِير
وَمن قذف عبدا أَو أمة أَو أم ولد أَو كَافِرًا بِالزِّنَا عزّر وَكَذَا إِذا قذف مُسلما بِغَيْر الزِّنَا فَقَالَ يَا فَاسق أَو يَا كَافِر أَو يَا خَبِيث أَو يَا سَارِق وَلَو قَالَ يَا حمَار أَو يَا خِنْزِير لم يُعَزّر وَإِن رأى الإِمَام أَن يضم إِلَى الضَّرْب فِي التَّعْزِير الْحَبْس فعل وَأَشد الضَّرْب التَّعْزِير ثمَّ حد الزِّنَا ثمَّ حد الشّرْب ثمَّ حد الْقَذْف وَمن حَده الإِمَام أَو عزره فَمَاتَ فدمه هدر = كتاب السّرقَة
وَإِذا سرق الْعَاقِل الْبَالِغ عشرَة دَرَاهِم أَو مَا يبلغ قِيمَته عشرَة دَرَاهِم مَضْرُوبَة من حرز لَا شُبْهَة فِيهِ وَجب عَلَيْهِ الْقطع وَالْعَبْد وَالْحر فِي الْقطع سَوَاء وَيجب الْقطع بِإِقْرَارِهِ مرّة وَاحِدَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع إِلَّا بِالْإِقْرَارِ مرَّتَيْنِ وَيجب بِشَهَادَة شَاهِدين وَإِذا اشْترك جمَاعَة فِي سَرقَة فَأصَاب كل وَاحِد مِنْهُم عشرَة دَرَاهِم قطع وَإِن أَصَابَهُ أقل لَا يقطع
بَاب مَا يقطع فِيهِ ومالا يقطع
وَلَا قطع فِيمَا يُوجد تافها مُبَاحا فِي دَار الْإِسْلَام كالخشب والحشيش والقصب والسمك وَالطير وَالصَّيْد والزرنيخ والمغرة والنورة وَلَا قطع فِيمَا يتسارع إِلَيْهِ الفلساد كاللبن وَاللَّحم والفواكه الرّطبَة وَلَا قطع فِي الْفَاكِهَة على الشّجر وَالزَّرْع الَّذِي لم يحصد وَلَا قطع فِي الْأَشْرِبَة والمطربة وَلَا فِي الطنبور وَلَا فِي سَرقَة الْمُصحف وَإِن كَانَ عَلَيْهِ حلية وَلَا قطع فِي أَبْوَاب الْمَسْجِد وَلَا الصَّلِيب من الذَّهَب وَلَا الشطرنج وَلَا النَّرْد وَلَا قطع على سَارِق

(1/110)


الصَّبِي الْحر وَإِن كَانَ عَلَيْهِ حلى وَلَا قطع فِي سَرقَة العَبْد الْكَبِير وَيقطع فِي سَرقَة العَبْد الصَّغِير وَلَا قطع فِي الدفاتر كلهَا إِلَّا فِي دفاتر الْحساب وَلَا فِي سَرقَة كلب وَلَا فَهد وَلَا قطع فِي دف وَلَا طبل وَلَا بريط وَلَا مزمار وَيقطع فِي الساج والقنا والأبنوس والصندل وَيقطع فِي الفصوص الْخضر والياقوت والزبرجد وَإِذا اتخذ من الْخشب أواني وأبوابا قطع فِيهَا وَلَا قطع على خائن وَلَا خَائِنَة وَلَا منتهب وَلَا مختلس وَلَا قطع على النباش وَلَا يقطع السَّارِق من بَيت المَال وَلَا من مَال للسارق فِيهِ شركَة وَمن لَهُ على آخر دَرَاهِم فَسرق مِنْهُ مثلهَا لم يقطع وَكَذَا إِذا سرق زِيَادَة على حَقه وَإِن سرق مِنْهُ عرُوضا قطع وَمن سرق عينا فَقطع فِيهَا فَردهَا ثمَّ عَاد فسرقها وَهِي بِحَالِهَا لم يقطع فَإِن تَغَيَّرت عَن حَالهَا مثل أَن يكون غزلا فسرقه وَقطع فَرده ثمَّ نسج فَعَاد فسرقه قطع
فصل فِي الْحِرْز وَالْأَخْذ مِنْهُ
وَمن سرق من أَبَوَيْهِ أَو وَلَده أَو ذِي رحم محرم مِنْهُ لم يقطع وَلَو سرق من بَيت ذِي رحم محرم مَتَاع غَيره يَنْبَغِي إِلَّا يقطع وَلَو سرق مَاله من بَيت غَيره يقطع وَإِن سرق من أمه من الرضَاعَة قطع وَإِذا سرق أحد الزَّوْجَيْنِ من الآخر أَو العَبْد من سَيّده أَو من امْرَأَة سَيّده أَو من زوج سيدته لم يقطع وَلَو سرق الْمولى من مكَاتبه لم يقطع وَكَذَلِكَ السَّارِق من الْمغنم والحرز على نَوْعَيْنِ حرز لِمَعْنى فِيهِ كالبيوت والدور وحرز بِالْحَافِظِ وَفِي المحرز بِالْمَكَانِ لَا يعْتَبر الْإِحْرَاز بِالْحَافِظِ وَمن سرق شَيْئا من حرز أَو غير حرز وَصَاحبه عِنْده يحفظه قطع وَلَا قطع على من سرق مَالا من حمام أَو من بَيت إِذن للنَّاس فِي دُخُوله وَمن سرق من الْمَسْجِد مَتَاعا وَصَاحبه عِنْده قطع وَلَا قطع على الضَّيْف إِذا سرق مِمَّن أَضَافَهُ وَمن سرق سَرقَة فَلم يُخرجهَا من الدَّار لم يقطع فَإِن كَانَت دَار فِيهَا مقاصير فأخرجها عَن مَقْصُورَة إِلَى صحن الدَّار قطع وَإِن أغار إِنْسَان من أهل المقاصير على مَقْصُورَة فَسرق مِنْهَا قطع وَإِذا نقب اللص الْبَيْت فَدخل وَأخذ المَال

(1/111)


وناوله آخر خَارج الْبَيْت فَلَا قطع عَلَيْهِمَا وَأَن أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيق وَخرج فَأَخذه قطع وَكَذَلِكَ إِن حمله على حمَار فساقه وَأخرجه وَإِذا دخل الْحِرْز جمَاعَة فَتَوَلّى بَعضهم الْأَخْذ قطعُوا جَمِيعًا وَمن نقب الْبَيْت وَأدْخل يَده فِيهِ وَأخذ شَيْئا لم يقطع وَإِن طرصرة خَارِجَة من الْكمّ لم يقطع وَإِن شقّ الْحمل وَأخذ مِنْهُ قطع وَإِن سرق جوالقا فِيهِ مَتَاع وَصَاحبه يحفظه أَو نَائِم عَلَيْهِ قطع
فصل فِي كَيْفيَّة الْقطع وإثباته
وَيقطع يَمِين السَّارِق من الزند ويحسم فَإِن سرق ثَانِيًا قطعت رجله الْيُسْرَى فَإِن سرق ثَالِثا لم يقطع وخلد فِي السجْن حَتَّى يَتُوب وَإِذا كَانَ السَّارِق أشل الْيَد الْيُسْرَى أَو أقطع أَو مَقْطُوع الرجل الْيُمْنَى لم يقطع وَكَذَا إِن كَانَت إبهامه الْيُسْرَى مَقْطُوعَة أَو شلاء أَو الأصبعان مِنْهَا سوى الْإِبْهَام فَإِن كَانَت أصْبع وَاحِدَة سوى الْإِبْهَام مَقْطُوعَة أَو شلاء قطع وَإِذا قَالَ الْحَاكِم للحداد اقْطَعْ يَمِين هَذَا فِي سَرقَة سَرَقهَا فَقطع يسَاره عمدا أَو خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ وَيضمن فِي الْعمد وَلَا يقطع السَّارِق إِلَّا أَن يحضر الْمَسْرُوق مِنْهُ فَيُطَالب بِالسَّرقَةِ وَكَذَا إِذا غَابَ عِنْد الْقطع عندنَا وللمستودع وَالْغَاصِب وَصَاحب الرِّبَا أَن يقطعوا السَّارِق مِنْهُم ولرب الْوَدِيعَة أَن يقطعهُ أَيْضا وَكَذَا الْمَغْصُوب مِنْهُ وَإِن قطع سَارِق بِسَرِقَة فسرقت مِنْهُ لم يكن لَهُ وَلَا لرب السّرقَة أَن يقطع السَّارِق الثَّانِي وَلَو سرق الثَّانِي قبل أَن يقطع الأول أَو بعد مَا درىء الْحَد بِشُبْهَة يقطع بخصومة الأول وَمن سرق سَرقَة فَردهَا إِلَى الْمَالِك قبل الِارْتفَاع لم يقطع وَإِذا قضى على رجل بِالْقطعِ فِي سَرقَة فَوهبت لَهُ لم يقطع وَكَذَلِكَ إِذا بَاعهَا الْمَالِك إِيَّاه وَكَذَلِكَ إِذا نقصت قيمتهَا من النّصاب وَإِذا ادّعى السَّارِق أَن الْعين المسروقة ملكه سقط الْقطع عَنهُ وَإِن لم يقم بَيِّنَة وَإِذا أقرّ رجلَانِ بِسَرِقَة ثمَّ قَالَ أَحدهمَا هُوَ مَالِي لم يقطعا فَإِن سرقا ثمَّ غَابَ أَحدهمَا وَشهد الشَّاهِدَانِ على سرقتهما قطع الآخر فِي قَول أبي حنيفَة الآخر وَهُوَ قَوْلهمَا وَإِذا أقرّ العَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِسَرِقَة عشرَة دَرَاهِم بِعَينهَا فَإِنَّهُ يقطع وَترد السّرقَة إِلَى الْمَسْرُوق مِنْهُ وَلَو

(1/112)


أقربسرقة مَال مستهلك قطعت يَده وَلَو كَانَ العَبْد مَأْذُونا لَهُ يقطع فِي الْوَجْهَيْنِ وَإِذا قطع السَّارِق وَالْعين قَائِمَة فِي يَده ردَّتْ على صَاحبهَا وَإِن كَانَت مستهلكة لم يضمن وَمن سرق سرقات فَقطع فِي أحداها فَهُوَ لجميعها وَلَا يضمن شَيْئا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يضمن كلهَا إِلَّا الَّتِي قطع لَهَا
بَاب مَا يحدث السَّارِق فِي السّرقَة
وَمن سرق ثوبا فشقه فِي الدَّار نِصْفَيْنِ ثمَّ أخرجه وَهُوَ يُسَاوِي عشرَة دَرَاهِم قطع فَإِن سرق شَاة فذبحها ثمَّ أخرجهَا لم يقطع وَمن سرق ذَهَبا أَو فضَّة يجب فِيهِ الْقطع فصنعه دَرَاهِم أَو دَنَانِير قطع فِيهِ وَيرد الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير إِلَى الْمَسْرُوق مِنْهُ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا سَبِيل للمسروق مِنْهُ عَلَيْهِمَا فَإِن سرق ثوبا فصبغه أَحْمَر قطع وَلم يُؤْخَذ مِنْهُ الثَّوْب وَلم يضمن قيمَة الثَّوْب وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُؤْخَذ مِنْهُ الثَّوْب وَيُعْطى مَا زَاد الصَّبْغ فِيهِ وَإِن صبغه أسود أَخذ مِنْهُ فِي المذهبين
بَاب قطع الطَّرِيق
وَإِذا خرج جمَاعَة ممتنعين أَو وَاحِدًا يقدر على الِامْتِنَاع فقصدوا قطع الطَّرِيق فَأخذُوا قبل أَن يَأْخُذُوا مَالا ويقتلوا نفسا حَبسهم الإِمَام حَتَّى يحدثوا تَوْبَة وَإِن أخذُوا مَال مُسلم أَو ذمِّي والمأخوذ إِذا قسم على جَمَاعَتهمْ أصَاب كل وَاحِد مِنْهُم عشرَة دَرَاهِم فَصَاعِدا أَو مَا تبلغ قِيمَته ذَلِك قطع الإِمَام أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وَإِن قتلوا وَلم يَأْخُذُوا مَالا قَتلهمْ الإِمَام حدا حَتَّى لَو عَفا الْأَوْلِيَاء عَنْهُم لَا يلْتَفت إِلَى عفوهم وَإِذا قتلوا أَو أخذُوا المَال فالإمام بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم وَإِن شَاءَ قَتلهمْ وَإِن شَاءَ صلبهم وَقَالَ مُحَمَّد يقتل أَو يصلب وَلَا يقطع ويصلب حَيا ويبعج بَطْنه بِرُمْح إِلَى أَن يَمُوت وَلَا يصلب أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام وَإِذا قتل الْقَاطِع فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي مَال أَخذه فَإِن بَاشر الْقَتْل أحدهم أجْرى الْحَد عَلَيْهِم بأجمعهم وَالْقَتْل وَإِن كَانَ بعصا أَو بِحجر أَو بِسيف فَهُوَ سَوَاء

(1/113)


وَإِن لم يقطع الْقَاطِع وَلم يَأْخُذ مَالا وَقد جرح اقْتصّ مِنْهُ فِيمَا فِيهِ الْقصاص وَأخذ الْأَرْش مِنْهُ فِيمَا فِيهِ ألأرش وَذَلِكَ إِلَى الآولياء وَإِن أَخذ مَالا ثمَّ جرح قطعت يَده وَرجله وَبَطلَت الْجِرَاحَات وَإِن أَخذ بعد مَا تَابَ وَقد قتل عمدا فَإِن شَاءَ الْأَوْلِيَاء قَتَلُوهُ وَإِن شَاءُوا عفوا عَنهُ وَإِن كَانَ من القطاع صبي أَو مَجْنُون أَو ذُو رحم محرم من الْمَقْطُوع عَلَيْهِ سقط الْحَد عَن البَاقِينَ وَإِذا سقط الْحَد صَار الْقَتْل إِلَى الْأَوْلِيَاء فَإِن شَاءُوا قتلوا وَإِن شَاءُوا عفوا وَإِذا قطع بعض الْقَافِلَة الطَّرِيق على الْبَعْض لم يجب الْحَد وَمن قطع الطَّرِيق لَيْلًا أَو نَهَارا فِي الْمصر أَو بَين الْكُوفَة والحيرة فَلَيْسَ بقاطع الطَّرِيق وَمن خنق رجلا حَتَّى قَتله فَالدِّيَة على عَاقِلَته عِنْد أبي حنيفَة وَإِن خنق فِي الْمصر غير مرّة قتل بِهِ