متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب السّير
الْجِهَاد فرض على الْكِفَايَة إِذا قَامَ بِهِ فريق من النَّاس سقط عَن البَاقِينَ فَإِن لم يقم بِهِ أحد أَثم جَمِيع النَّاس بِتَرْكِهِ إِلَّا أَن يكون النفير عَاما وقتال الْكفَّار الَّذين لم يسلمُوا وهم من مُشْركي الْعَرَب أَو لم يسلمُوا وَلم يُعْطوا الْجِزْيَة من غَيرهم وَاجِب وَلَا يجب الْجِهَاد على صبي وَلَا عبد وَلَا امْرَأَة وَلَا أعمى وَلَا مقْعد وَلَا أقطع لعجزهم فَإِن هجم الْعَدو على بلد وَجب على جَمِيع النَّاس الدّفع تخرج الْمَرْأَة بِغَيْر إِذن زَوجهَا وَالْعَبْد بِغَيْر إِذا الْمولى وَيكرهُ الْجعل مَا دَامَ للْمُسلمين فَيْء فأذا لم يكن فَلَا بَأْس بإن يُقَوي بَعضهم بَعْضًا
بَاب كَيْفيَّة الْقِتَال
وَإِذا دخل الْمُسلمُونَ دَار الْحَرْب فحاصروا مَدِينَة أَو حصنا دعوهم إِلَى الْإِسْلَام فَإِن أجابوا كفوا عَن قِتَالهمْ وَإِن امْتَنعُوا دعوهم إِلَى أَدَاء الْجِزْيَة فَإِن بذلوها فَلهم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْهِم مَا على الْمُسلمين وَلَا يجوز أَن يُقَاتل من لم تبلغه الدعْوَة إِلَى الْإِسْلَام إِلَّا أَن يَدعُوهُ وَيسْتَحب أَن يَدْعُو من بلغته الدعْوَة فَإِن أَبَوا

(1/114)


ذَلِك استعانوا بِاللَّه عَلَيْهِم وحاربوهم ونصبوا عَلَيْهِم المجانيق وحرقوهم وَأَرْسلُوا عَلَيْهِم المَاء وَقَطعُوا أَشْجَارهم وأفسدوا زُرُوعهمْ وَلَا بَأْس برميهم وَإِن كَانَ فيهم مُسلم أَسِير أَو تَاجر وَأَن تترسوا بصبيان الْمُسلمين أَو بالآسارى لم يكفوا عَن رميهم ويقصدون بِالرَّمْي الْكفَّار وَلَا بَأْس بِإِخْرَاج النِّسَاء والمصاحف مَعَ الْمُسلمين إِذا كَانُوا عسكرا عَظِيما يُؤمن عَلَيْهِ وَيكرهُ إِخْرَاج ذَلِك فِي سَرِيَّة لَا يُؤمن عَلَيْهَا وَلَا تقَاتل الْمَرْأَة إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَلَا العَبْد إِلَّا بِإِذن سَيّده إِلَّا أَن يهجم الْعَدو على بلد للضَّرُورَة وَلَا يقتلُوا امْرَأَة وَلَا صَبيا وَلَا شَيخا فانيا وَلَا مقْعدا وَلَا أعمى إِلَّا أَن يكون أحد هَؤُلَاءِ مِمَّن لَهُ رَأْي فِي الْحَرْب أَو تكون الْمَرْأَة ملكة وَلَا يقتلُون مَجْنُونا وَيكرهُ أَن يبتدىء الرجل أَبَاهُ من الْمُشْركين فيقتله فَإِن أدْركهُ امْتنع عَلَيْهِ حَتَّى يقْتله غَيره
بَاب الْمُوَادَعَة وَمن يجوز أَمَانه
وَإِذا رأى الإِمَام أَن يُصَالح أهل الْحَرْب أَو فريقا مِنْهُم وَكَانَ فِي ذَلِك مصلحَة للْمُسلمين فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن صَالحهمْ مُدَّة ثمَّ رأى نقض الصُّلْح أَنْفَع نبذ إِلَيْهِم وَقَاتلهمْ وَأَن بدأوا بخيانة قَاتلهم وَلم ينْبذ إِلَيْهِم إِذا كَانَ ذَلِك باتفاقهم وَإِذا رأى الإِمَام موادعة أهل الْحَرْب وَإِن يَأْخُذ على ذَلِك مَالا فَلَا بَأْس بِهِ وَإِمَّا المرتدون فيوادعهم الإِمَام حَتَّى ينظر فِي أَمرهم وَلَا يَأْخُذ عَلَيْهِ مَالا وَلَو أَخذه لم يردهُ وَلَا يَنْبَغِي أَن يُبَاع السِّلَاح من أهل الْحَرْب وَلَا يُجهز إِلَيْهِم
فصل
إِذا أَمن رجل حر أَو امْرَأَة حرَّة كَافِرًا أَو جمَاعَة أَو أهل حصن أَو مَدِينَة صَحَّ أمانهم وَلم يكن لأحد من الْمُسلمين قِتَالهمْ إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك مفْسدَة فينبذ إِلَيْهِم وَلَا يجوز أَمَان ذمِّي وَلَا أَسِير وَلَا تَاجر يدْخل عَلَيْهِم وَلَا يجوز أَمَان العَبْد الْمَحْجُور عِنْد عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ مَوْلَاهُ فِي الْقِتَال وَقَالَ مُحَمَّد يَصح
بَاب الْغَنَائِم وقسمتها
وَإِذا فتح الإِمَام بَلْدَة عنْوَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قسمه بَين الْمُسلمين وَإِن شَاءَ أقرّ

(1/115)


أَهله عَلَيْهِ وَوضع عَلَيْهِم الْجِزْيَة وعَلى أراضيهم الْخراج وَهُوَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قَتلهمْ وَإِن شَاءَ استرقهم وَإِن شَاءَ تَركهم أحرارا ذمَّة للْمُسلمين إِلَّا مُشْركي الْعَرَب والمرتدين وَلَا يجوز أَن يردهم إِلَى دَار الْحَرْب وَله أَن يسترقهم وَلَا يفادي بالأسارى عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يفادى بهم أُسَارَى الْمُسلمين وَلَا يجوز الْمَنّ عَلَيْهِم وَإِذا رأى الإِمَام الْعود وَمَعَهُ مواش فَلم يقدر على نقلهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام ذَبحهَا وحرقها وَلَا يعقرها وَلَا يَتْرُكهَا وَلَا يقسم غنيمَة فِي دَار الْحَرْب حَتَّى يُخرجهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَالرِّدَّة والمقاتل فِي المعسكر سَوَاء وَإِذا لحقهم المدد فِي دَار الْحَرْب قبل أَن يخرجُوا الْغَنِيمَة إِلَى دَار الْإِسْلَام شاركوهم فِيهَا لَاحق لأهل سوق الْعَسْكَر فِي الْغَنِيمَة إِلَّا أَن يقاتلوا وَإِن لم تكن للْإِمَام حمولة تحمل عَلَيْهَا الْغَنَائِم قسمهَا بَين الْغَانِمين قسْمَة إِيدَاع ليحملوها إِلَى دَار الْإِسْلَام ثمَّ يرتجعها مِنْهُم فَيقسمهَا وَلَا يجوز بيع الْغَنَائِم قبل الْقِسْمَة فِي دَار الْحَرْب وَمن مَاتَ من الْغَانِمين فِي دَار الْحَرْب فَلَا حق لَهُ فِي الْغَنِيمَة وَمن مَاتَ مِنْهُم بعد إخْرَاجهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام فَنصِيبه لوَرثَته وَلَا بَأْس بِأَن يعلف الْعَسْكَر فِي دَار الْحَرْب ويأكلوا مِمَّا وجدوه من الطَّعَام ويستعملوا الْحَطب ويدهنون بالدهن ويوقحوا بِهِ الدَّابَّة ويقاتلوا بِمَا يجدونه من السِّلَاح كل ذَلِك بِلَا قسْمَة وَلَا يجوز أَن يبيعوا من ذَلِك شَيْئا وَلَا يتمولونه
وَمن أسلم مِنْهُم أحرز بِإِسْلَامِهِ نَفسه وَأَوْلَاده الصغار وكل مَال هُوَ فِي يَدَيْهِ أَو وَدِيعَة فِي يَد مُسلم أَو ذمِّي فَإِن ظهرنا على دَار الْحَرْب فعقاره فَيْء وَزَوجته فَيْء وَكَذَا حملهَا فَيْء وَأَوْلَاده الْكِبَار فَيْء وَمن قَاتل من عبيده فَيْء وَمَا كَانَ من مَاله فِي يَد حَرْبِيّ فَهُوَ فَيْء وَمَا كَانَ غصبا فِي يَد مُسلم أَو ذمِّي فَهُوَ فَيْء عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد لَا يكون فَيْئا وَإِذا خرج الْمُسلمُونَ من دَار الْحَرْب لم يجز أَن يعلفوا من الْغَنِيمَة وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا وَمن فضل مَعَه علف أَو طَعَام رده إِلَى الْغَنِيمَة
فصل فِي كَيْفيَّة الْقِسْمَة
وَيقسم الإِمَام الْغَنِيمَة فَيخرج خمسها وَيقسم الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس بَين الْغَانِمين

(1/116)


ثمَّ للفارس سَهْمَان وللراجل سهم عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا للفارس ثَلَاثَة أسْهم وَلَا يُسهم إِلَّا لفرس وَاحِد والبراذين وَالْعتاق سَوَاء وَمن دخل الْحَرْب فَارِسًا فنفق فرسه اسْتحق سهم الفرسان وَمن دخل رَاجِلا فَاشْترى فرسا اسْتحق سهم راجل وَلَا يُسهم لمملوك وَلَا امْرَأَة وَلَا صبي وَلَا ذمِّي وَلَكِن يرْضخ لَهُم على حسب مَا يرى الإِمَام
وَأما الْخمس فَيقسم على ثَلَاثَة أسْهم سهم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل يدْخل فُقَرَاء ذَوي القربي فيهم ويقدمون وَلَا يدْفع إِلَى أغنيائهم فإمَّا ذكر الله تَعَالَى فِي الْخمس فَإِنَّهُ لافتتاح الْكَلَام تبركا باسمه وَسَهْم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام سقط بِمَوْتِهِ كَمَا سقط الصفى وَسَهْم ذَوي الْقُرْبَى كَانُوا يستحقونه فِي زمن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بالنصرة وَبعده بالفقر وَإِذا دخل الْوَاحِد أَو الإثنان دَار الْحَرْب مغيرين بِغَيْر إِذن الإِمَام فَأخذُوا شَيْئا لم يُخَمّس فَإِن دخلت جمَاعَة لَهَا مَنْعَة فَأخذ شَيْئا خمس وَإِن لم يَأْذَن لَهُم الإِمَام
فصل فِي التَّنْفِيل
وَلَا بَأْس بِأَن ينفل الإِمَام فِي حَال الْقِتَال ويحرض على الْقِتَال فَيَقُول من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَيَقُول للسرية قد جعلت لكم الرّبع بعد الْخمس وَلَا ينفل بعد إِحْرَاز الْغَنِيمَة بدار الْإِسْلَام إِلَّا من الْخمس وَإِذا لم يَجْعَل السَّلب للْقَاتِل فَهُوَ من جملَة الْغَنِيمَة وَالْقَاتِل وَغَيره فِي ذَلِك سَوَاء وَالسَّلب مَا على الْمَقْتُول من ثِيَابه وسلاحه ومركبه وَكَذَا مَا كَانَ على مركبه من السرج والآلة وَكَذَا مَا مَعَه على الدَّابَّة من مَاله فِي حقيبته أَو على وَسطه وَمَا عدا ذَلِك فَلَيْسَ بسلب
بَاب اسْتِيلَاء الْكفَّار
وَإِذا غلب التّرْك على الرّوم فسبوهم وَأخذُوا أَمْوَالهم ملكوها فَإِن غلبنا على التّرْك حل لنا مَا نجده من ذَلِك وَإِذا غلبوا على أَمْوَالنَا وَالْعِيَاذ بِاللَّه وأحرزوها بدارهم ملكوها فَإِن ظهر عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ فَوَجَدَهَا المالكون قبل الْقِسْمَة فَهِيَ لَهُم بِغَيْر

(1/117)


شَيْء وَإِن وجدوها بعد الْقِسْمَة أخذوها بِالْقيمَةِ إِن أَحبُّوا وَإِن دخل دَار الْحَرْب تَاجر فَاشْترى ذَلِك وَأخرجه إِلَى دَار الْإِسْلَام فمالكه الأول بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِالثّمن الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِن شَاءَ تَركه فَإِن اسروا عبدا فَاشْتَرَاهُ رجل وَأخرجه إِلَى دَار الْإِسْلَام ففقئت عينه وَأخذ أَرْشهَا فَإِن الْمولى يَأْخُذهُ بِالثّمن الَّذِي أَخذ بِهِ من الْعَدو وَلَا يَأْخُذ الْأَرْش وَإِن أَسرُّوا عبدا فَاشْتَرَاهُ بِأَلف دِرْهَم فأسروه ثَانِيَة وأدخلوه دَار الْحَرْب فَاشْتَرَاهُ رجل آخر بِأَلف دِرْهَم فَلَيْسَ للْمولى الأول أَن يَأْخُذهُ من الثَّانِي بِالثّمن وَللْمُشْتَرِي الأول أَن يَأْخُذهُ من الثَّانِي بِالثّمن ثمَّ يَأْخُذهُ الْمَالِك الْقَدِيم بِأَلفَيْنِ إِن شَاءَ
وَلَا يملك علينا أهل الْحَرْب بالغلبة مدبرينا وَأُمَّهَات أَوْلَادنَا ومكاتبنا وأحرارنا ونملك عَلَيْهِم جَمِيع ذَلِك وَإِذا أبق عبد لمُسلم فَدخل إِلَيْهِم فَأَخَذُوهُ لم يملكوه عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يملكونه وَإِن ند بعيرإليهم فَأَخَذُوهُ لم يملكوه عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يملكونه وَإِن ند بعير اليهم فَأَخَذُوهُ ملكوه وَإِن اشْتَرَاهُ رجل وَأدْخلهُ دَار الْإِسْلَام فصاحبه يَأْخُذهُ بِالثّمن إِن شَاءَ فَإِن أبق عبد إِلَيْهِم وَذهب مَعَه بفرس ومتاع فأحذ الْمُشْركُونَ ذَلِك كُله وَاشْترى رجل ذَلِك كُله وَأخرجه إِلَى دَار الْإِسْلَام فَإِن الْمولى يَأْخُذ العَبْد بِغَيْر شَيْء وَالْفرس وَالْمَتَاع بِالثّمن وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يَأْخُذ العَبْد وَمَا مَعَه بِالثّمن إِن شَاءَ وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ دَارنَا بِأَمَان وَاشْترى عبدا مُسلما وَأدْخلهُ دَار الْحَرْب عتق عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يعْتق أَو إِذا أسلم عبد لحربي ثمَّ خرج إِلَيْنَا أَو ظهر على الدَّار فَهُوَ حر وَكَذَلِكَ إِذا خرج عبيدهم إِلَى عَسْكَر الْمُسلمين فهم أَحْرَار
بَاب الْمُسْتَأْمن
وَإِذا دخل الْمُسلم دَار الْحَرْب تَاجِرًا فَلَا يحل لَهُ أَن يتَعَرَّض لشيءمن أَمْوَالهم وَلَا من دِمَائِهِمْ فَإِن غدر بهم فَأخذ شَيْئا وَخرج بِهِ ملكه ملكا مَحْظُورًا فَيُؤْمَر بالتصدق بِهِ وَإِذا دخل الْمُسلم دَار الْحَرْب بِأَمَان فأدانه حَرْبِيّ أَو أدان هُوَ حَرْبِيّا أَو غصب

(1/118)


أَحدهمَا صَاحبه ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَاسْتَأْمَنَ من الْحَرْب لم يقْض لوَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء وَلَو خرجا مُسلمين قضى بِالدّينِ بَينهمَا وَلم يقْض بِالْغَصْبِ وَإِذا دخل الْمُسلم دَار الْحَرْب بِأَمَان فغصب حَرْبِيّا ثمَّ خرجا مُسلمين أَمر برد الْغَصْب وَلم يقْض عَلَيْهِ وَإِذا دخل مسلمان دَار الْحَرْب بِأَمَان فَقتل أَحدهمَا صَاحبه عمدا أَو خطأ فعلى الْقَاتِل الدِّيَة فِي مَاله وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ وَإِن كَانَا أسيرين فَقتل أَحدهمَا صَاحبه فَلَا شَيْء على الْقَاتِل إِلَّا الْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا فِي الْأَسِيرين الدِّيَة فِي الْخَطَأ والعمد
فصل
وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ إِلَيْنَا مستأمنا لم يُمكن أَن يُقيم فِي دَارنَا سنة وَيَقُول لَهُ الإِمَام إِن أَقمت تَمام السّنة وضعت عَلَيْك الْجِزْيَة وَإِذا أَقَامَهَا بعد مقَالَة الإِمَام يصير ذِمِّيا ثمَّ لَا يتْرك أَن يرجع إِلَى دَار الْحَرْب فَإِن دخل الْحَرْبِيّ دَارنَا بِأَمَان فَاشْترى أَرض خراخ فَإِذا وضع عَلَيْهِ الْخراج فَهُوَ ذمِّي وَإِذا دخلت حربية بِأَمَان فَتزوّجت ذِمِّيا صَارَت ذِمِّيَّة وَإِذا دخل حَرْبِيّ بِأَمَان فَتزَوج ذِمِّيَّة لم يصر ذِمِّيا وَلَو أَن حَرْبِيّا دخل دَارنَا بِأَمَان ثمَّ عَاد إِلَى دَار الْحَرْب وَترك وَدِيعَة عِنْد مُسلم أَو ذمِّي أَو دينا فِي ذمتهم فقد صَار دَمه مُبَاحا بِالْعودِ وَمَا فِي دَار الْإِسْلَام من مَاله على خطر فَإِن أسر أَو ظهر على الدَّار فَقتل سَقَطت دُيُونه وَصَارَت الْوَدِيعَة فَيْئا وَإِن قتل وَلم يظْهر على الدَّار فالقرض والوديعة لوَرثَته وَمَا أوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ من أَمْوَال اهل الْحَرْب بِغَيْر قتال يصرف فِي مصَالح الْمُسلمين كَمَا يصرف الْخراج وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ دَارنَا بِأَمَان وَله امْرَأَة فِي دَار الْحَرْب وَأَوْلَاد صغَار وكبار وَمَال أودع بعضه ذِمِّيا وَبَعضه حَرْبِيّا وَبَعضه مُسلما فَأسلم هَهُنَا ثمَّ ظهر على الدَّار فَذَلِك كُله فَيْء وَإِن اسْلَمْ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ فَظهر على الدَّار فأولاده الصغار أَحْرَار مُسلمُونَ وَمَا كَانَ من مَال أودعهُ مُسلما أَو ذِمِّيا فَهُوَ لَهُ وَمَا سوى ذَلِك فَيْء وَإِذا أسلم الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب فَقتله مُسلم عمدا أَو خطأ وَله وَرَثَة مُسلمُونَ هُنَاكَ

(1/119)


فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا الْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ لوُجُود العاصم وَهُوَ الْإِسْلَام وَمن قتل مُسلما خطأ لَا ولي لَهُ أَو قتل حَرْبِيّا دخل إِلَيْنَا بِأَمَان فَأسلم فَالدِّيَة على عَاقِلَته للْإِمَام عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَإِن كَانَ عمدا فَإِن شَاءَ الإِمَام قَتله وَإِن شَاءَ أَخذ الدِّيَة وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو
بَاب الْعشْر وَالْخَرَاج أَرض الْعَرَب كلهَا أَرض عشر وَهِي مَا بَين العذيب إِلَى أقْصَى حجر بِالْيمن بمهرة إِلَى حد الشَّام والسواد أَرض خراج وَهُوَ مَا بَين العذيب إِلَى عقبَة حلوان وَمن الثعلبية وَيُقَال من العلث إِلَى عبادان وَأَرْض السوَاد مَمْلُوكَة لأَهْلهَا يجوز بيعهم لَهَا وتصرفهم فِيهَا وكل ارْض أسلم أَهلهَا أَو فتحت عنْوَة وَقسمت بَين الْغَانِمين فَهِيَ أَرض عشر وكل أَرض فتحت عنْوَة فَأقر أَهلهَا عَلَيْهَا فَهِيَ أَرض خراج وَفِي الْجَامِع الصَّغِير كل أَرض فتحت عنْوَة فوصل إِلَيْهَا مَاء الْأَنْهَار فَهِيَ أَرض خراج وَمَا لم يصل إِلَيْهَا مَاء الْأَنْهَار واستخرج مِنْهَا عين فَهِيَ أَرض عشر وَمن أَحْيَا أَرضًا مواتا فَهِيَ عِنْد أبي يُوسُف مُعْتَبرَة بحيزها فَإِن كَانَت من حيّز أَرض الْخراج فَهِيَ خَرَاجِيَّة وَإِن كَانَت من حيّز أَرض الْعشْر فَهِيَ عشرِيَّة وَقَالَ مُحَمَّد إِن أَحْيَاهَا ببئر حفرهَا أَو بِعَين استخرجها أَو مَاء دجلة أَو الْفُرَات أَو الْأَنْهَار الْعِظَام الَّتِي لَا يملكهَا أحد فَهِيَ عشرِيَّة وَإِن أَحْيَاهَا بِمَاء الْأَنْهَار الَّتِي احتفرها الْأَعَاجِم فَهِيَ خَرَاجِيَّة وَالْخَرَاج الَّذِي وَضعه عمر رَضِي الله عَنهُ على أهل السوَاد من كل جريب يبلغهُ المَاء قفيز هاشمي وَهُوَ الصَّاع وَدِرْهَم وَمن جريب الرّطبَة خَمْسَة دَرَاهِم وَمن جريب الْكَرم الْمُتَّصِل والنخيل الْمُتَّصِل عشرَة دَرَاهِم وَمَا سوى ذَلِك من الْأَصْنَاف كالزعفران والبستان وَغَيره يوضع عَلَيْهَا بِحَسب الطَّاقَة فَإِن لم تطق مَا وضع عَلَيْهَا نَقصهَا الإِمَام وَإِن غلب على أَرض الْخراج المَاء أَو انْقَطع المَاء عَنْهَا أَو اصطلم الزَّرْع آفَة فَلَا خراج عَلَيْهِ وَإِن عطلها صَاحبهَا فَعَلَيهِ الْخراج وَمن أسلم من أهل الْخراج أَخذ مِنْهُ الْخراج على حَاله وَيجوز أَن يَشْتَرِي

(1/120)


الْمُسلم أَرض الْخراج من الذِّمِّيّ وَيُؤْخَذ مِنْهُ الْخراج وَلَا عشر فِي الْخَارِج من ارْض الْخراج وَلَا يتَكَرَّر الْخراج بِتَكَرُّر الْخَارِج فِي سنة
بَاب الْجِزْيَة
وَهِي على ضَرْبَيْنِ جِزْيَة تُوضَع بِالتَّرَاضِي وَالصُّلْح فتقدر بِحَسب مَا يَقع عَلَيْهِ الِاتِّفَاق وجزية يبتدي الإِمَام وَضعهَا إِذا غلب الإِمَام على الْكفَّار وأقرهم على أملاكهم فَيَضَع على الْغَنِيّ الظَّاهِر الْغنى فِي كل سنة ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين درهما يَأْخُذ مِنْهُم فِي كل شهر أَرْبَعَة دَرَاهِم وعَلى وسط الْحَال أَرْبَعَة وَعشْرين درهما فِي كل شهر دِرْهَمَيْنِ وعَلى الْفَقِير المعتمل اثْنَي عشر درهما فِي كل شهر درهما وتوضع الْجِزْيَة على أهل الْكتاب وَالْمَجُوس وَعَبدَة الْأَوْثَان من الْعَجم وَإِن ظهر عَلَيْهِم قبل ذَلِك فهم وَنِسَاؤُهُمْ وصبيانهم فَيْء وَلَا تُوضَع على عَبدة الْأَوْثَان من الْعَرَب وَلَا الْمُرْتَدين وَإِذا ظهر عَلَيْهِم فنساؤهم وصبيانهم فَيْء وَمن لم يسلم من رِجَالهمْ قتل وَلَا جِزْيَة على امْرَأَة وَلَا صبي وَلَا زمن وَلَا أعمى وَلَا على فَقير غير معتمل وَلَا تُوضَع على الْمَمْلُوك وَالْمكَاتب وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد وَلَا يُؤدى عَنْهُم مواليهم وَلَا تُوضَع على الرهبان الَّذين لَا يخالطون النَّاس وَمن أسلم وَعَلِيهِ جِزْيَة سَقَطت عَنهُ وَإِن اجْتمعت عَلَيْهِ الحولان تداخلت وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وَمن لم يُؤْخَذ مِنْهُ خراج رَأسه حَتَّى مَضَت السّنة وَجَاءَت سنة أُخْرَى لم يُؤْخَذ مِنْهُ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُؤْخَذ مِنْهُ وَإِن مَاتَ عِنْد تَمام السّنة لم يُؤْخَذ مِنْهُ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ فِي بعض السّنة
فصل
وَلَا يجوز إِحْدَاث بيعَة وَلَا كَنِيسَة فِي دَار الْإِسْلَام وَإِن انْهَدَمت البيع وَالْكَنَائِس الْقَدِيمَة أعادوها وَيُؤْخَذ أهل الذِّمَّة بالتميز عَن الْمُسلمين فِي زيهم ومراكبهم وسروجهم وَقَلَانِسِهِمْ فَلَا يركبون الْخَيل وَلَا يعْملُونَ بِالسِّلَاحِ وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وَيُؤْخَذ أهل الذِّمَّة بِإِظْهَار الكستيجات وَالرُّكُوب على السُّرُوج الَّتِي هِيَ كَهَيئَةِ الأكف وَمن امْتنع من الْجِزْيَة أَو قتل مُسلما أَو سبّ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَو زنى

(1/121)


بِمسلمَة لم ينْتَقض عُهْدَة وَلَا ينْقض الْعَهْد إِلَّا أَن يلْتَحق بدار الْحَرْب أَو يغلبوا على مَوضِع فيحاربوننا وَإِذا نقض الذِّمِّيّ الْعَهْد فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُرْتَد
فصل
ونصارى بني تغلب يُؤْخَذ من أَمْوَالهم ضعف مَا يُؤْخَذ من الْمُسلمين من الزَّكَاة وَيُؤْخَذ من نِسَائِهِم وَلَا يُؤْخَذ من صبيانهم وَيُوضَع على مولى التغلبي الْخراج وخراج الأَرْض بِمَنْزِلَة مولى الْقرشِي وَمَا جباه الإِمَام من الْخراج وَمن أَمْوَال بني تغلب وَمَا أهداه أهل الْحَرْب إِلَى الإِمَام والجزية يصرف فِي مصَالح الْمُسلمين كسد الثغور وَبِنَاء القناطر والجسور وَيُعْطى قُضَاة الْمُسلمين وعمالهم وعلماؤهم مِنْهُ مَا يكفيهم وَيدْفَع مِنْهُ أرزاق الْمُقَاتلَة وذراريهم وَمن مَاتَ فِي نصف السّنة فَلَا شَيْء لَهُ من الْعَطاء
بَاب أَحْكَام الْمُرْتَدين
وَإِذا ارْتَدَّ الْمُسلم عَن الْإِسْلَام وَالْعِيَاذ بِاللَّه عرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَإِن كَانَت لَهُ شُبْهَة كشفت عَنهُ وَيحبس ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن أسلم وَإِلَّا قتل وَفِي الْجَامِع الصَّغِير الْمُرْتَد يعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام حرا كَانَ أَو عبدا فَإِن أَبى قتل فَإِن قَتله قَاتل قبل عرض الْإِسْلَام عَلَيْهِ كره وَلَا شَيْء على الْقَاتِل وَأما الْمُرْتَدَّة فَلَا تقتل وَلَكِن تحبس حَتَّى تسلم وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وتجبر الْمَرْأَة على الْإِسْلَام حرَّة كَانَت أَو أمة وَالْأمة يجبرها مَوْلَاهَا وَيَزُول ملك الْمُرْتَد عَن أَمْوَاله بردته زوالا مراعى فَإِن اسْلَمْ عَادَتْ إِلَى حَالهَا قَالُوا هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا لَا يَزُول ملكه وَإِن مَاتَ أَو قتل على ردته انْتقل مَا اكْتَسبهُ فِي إِسْلَامه إِلَى ورثته الْمُسلمين وَكَانَ مَا اكْتَسبهُ فِي حَال ردته فَيْئا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد كِلَاهُمَا لوَرثَته وَإِن لحق بدار الْحَرْب مُرْتَدا وَحكم الْحَاكِم بلحاقه عتق مدبروه وَأُمَّهَات أَوْلَاده وحلت الدُّيُون الَّتِي عَلَيْهِ وَنقل مَا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام إِلَى ورثته من الْمُسلمين وتقضى الدُّيُون الَّتِي لَزِمته فِي حَال الْإِسْلَام مِمَّا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَمَا لَزِمته فِي حَال ردته من الدُّيُون

(1/122)


يقْضِي مَا اكْتَسبهُ فِي حَال ردته وَمَا بَاعه أَو اشْتَرَاهُ أَو أعْتقهُ أَو وهبه أَو رَهنه أَو تصرف فِيهِ من أَمْوَاله فِي حَال ردته فَهُوَ مَوْقُوف فَإِن أسلم صحت عقوده وَإِن مَاتَ أَو قتل أَو لحق بدار الْحَرْب بطلت وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز مَا صنع فِي الْوَجْهَيْنِ فَإِن عَاد الْمُرْتَد بعد الحكم بلحاقه بدار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام مُسلما فَمَا وجده فِي يَد ورثته من مَاله بِعَيْنِه أَخذه وَإِذا وطىء الْمُرْتَد جَارِيَة نَصْرَانِيَّة كَانَت لَهُ فِي حَالَة الْإِسْلَام فَجَاءَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر مُنْذُ ارْتَدَّ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أم ولد لَهُ وَالْولد حر وَهُوَ ابْنه وَلَا يَرِثهُ وَإِن كَانَت الْجَارِيَة مسلمة وَرثهُ الابْن إِن مَاتَ على الرِّدَّة أَو لحق بدار الْحَرْب وَإِذا لحق الْمُرْتَد بِمَالِه بدار الْحَرْب ثمَّ ظهر على ذَلِك المَال فَهُوَ فَيْء فَإِن لحق ثمَّ رَجَعَ وَأخذ مَالا وألحقه بدار الْحَرْب فَظهر على ذَلِك المَال فَوَجَدته الْوَرَثَة قبل الْقِسْمَة رد عَلَيْهِم وَإِذا لحق الْمُرْتَد بدار الْحَرْب وَله عبد قضى بِهِ لِابْنِهِ وكاتبه الابْن ثمَّ جَاءَ الْمُرْتَد مُسلما فالكتابة جَائِزَة وَالْمُكَاتبَة وَالْوَلَاء للمرتد الَّذِي أسلم وَإِذا قتل الْمُرْتَد رجلا خطأ ثمَّ لحق بدار الْحَرْب أَو قتل على ردته فَالدِّيَة فِي مَال اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام خَاصَّة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا الدِّيَة فِيمَا اكْتَسبهُ فِي حَالَة الْإِسْلَام وَالرِّدَّة جَمِيعًا وَإِذا قطعت يَد الْمُسلم عمدا فَارْتَد وَالْعِيَاذ بِاللَّه ثمَّ مَاتَ على ردته من ذَلِك أَو لحق بدار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ مُسلما فَمَاتَ من ذَلِك فعلى الْقَاطِع نصف الدِّيَة فِي مَاله للْوَرَثَة فَإِن لم يلْحق وَأسلم ثمَّ مَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَإِذا ارْتَدَّ الْمكَاتب وَلحق بدار الْحَرْب واكتسب مَالا فَأخذ بِمَالِه وأبى أَن يسلم فَقتل فَإِنَّهُ يُوفي مَوْلَاهُ مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فلورثته وَإِذا ارْتَدَّ الرجل وَامْرَأَته وَالْعِيَاذ بِاللَّه ولحقا بدار الْحَرْب فحبلت الْمَرْأَة فِي دَار الْحَرْب وَولدت ولدا وَولد لولدهما ولد فَظهر عَلَيْهِم جَمِيعًا فالولدان فَيْء وارتداد الصَّبِي الَّذِي يعقل ارتداد عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَيجْبر على الْإِسْلَام وَلَا يقتل وإسلامه إِسْلَام لَا يَرث أَبَوَيْهِ إِن كَانَا كَافِرين وَقَالَ أَبُو يُوسُف ارتداده لَيْسَ بارتداد وإسلامه إِسْلَام

(1/123)


بَاب الْبُغَاة
وَإِذا تغلب قوم من الْمُسلمين على بلد وَخَرجُوا من طَاعَة الإِمَام دعاهم إِلَى الْعود إِلَى الْجَمَاعَة وكشف عَن شبهتهم وَلَا يبْدَأ بِقِتَال حَتَّى يبدأوه فَإِن بدأوه قَاتلهم حَتَّى يفرق جمعهم فَإِن كَانَت لَهُم فِئَة أجهز على جريحهم وَاتبع موليهم وَإِن لم يكن لَهُم فِئَة لم يُجهز على جريحهم وَلم يتبع موليهم وَلَا يسبي لَهُ ذُرِّيَّة وَلَا يقسم لَهُم مَال وَلَا بَأْس بِأَن يقاتلوا بسلاحهم إِن احْتَاجَ الْمُسلمُونَ إِلَيْهِ وَيحبس الإِمَام أَمْوَالهم وَلَا يردهَا عَلَيْهِم وَلَا يقسمها حَتَّى يتوبوا فيردها عَلَيْهِم وَمَا جباه أهل الْبَغي من الْبِلَاد الَّتِي غلبوا عَلَيْهَا من الْخراج وَالْعشر لم يَأْخُذهُ الإِمَام ثَانِيًا فَإِن كَانُوا صرفوه فِي حَقه أَجْزَأَ من أَخذ مِنْهُ وَإِن لم يَكُونُوا صرفوه فِي حَقه فعلى أَهله فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَن يُعِيدُوا ذَلِك وَمن قتل رجلا وهما من عَسْكَر أهل الْبَغي ثمَّ ظهر عَلَيْهِم فَلَيْسَ عَلَيْهِم شَيْء وَإِن غلبوا على مصر فَقتل رجل من أهل الْمصر رجلا من أهل الْمصر عمدا ثمَّ ظهر على الْمصر فَإِنَّهُ يقْتَصّ مِنْهُ وَإِذا قتل رجل من أهل الْعدْل بَاغِيا فَإِنَّهُ يَرِثهُ فَإِن قَتله الْبَاغِي وَقَالَ قد كنت على حق وَأَنا الْآن على حق وَرثهُ وَإِن قَالَ قتلته وَأَنا أعلم أَنِّي على الْبَاطِل لم يَرِثهُ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يَرث الْبَاغِي فِي الْوَجْهَيْنِ وَيكرهُ بيع السِّلَاح من أهل الْفِتْنَة وَفِي عساكرهم وَلَيْسَ بِبيعِهِ بِالْكُوفَةِ من أهل الْكُوفَة وَمن لم يعرفهُ من أهل الْفِتْنَة بَأْس