متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الصُّلْح
الصُّلْح على ثَلَاث أضْرب صلح مَعَ إِقْرَار وَصلح مَعَ سكُوت وَهُوَ أَلا يقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا يُنكر وَصلح مَعَ إِنْكَار وكل ذَلِك جَائِز وَإِن وَقع الصُّلْح عَن إِقْرَار اعْتبر فِيهِ مَا يعْتَبر فِي الْبياعَات إِن وَقع عَن مَال بِمَال فتجري فِيهِ الشُّفْعَة إِذا كَانَ عقارا وَيرد بِالْعَيْبِ وَيثبت فِيهِ خِيَار الشَّرْط والرؤية ويفسده جَهَالَة الْبَدَل وَإِن وَقع عَن مَال بمنافع يعْتَبر بالإجارات فَيشْتَرط التَّوْقِيت فِيهَا وَيبْطل الصُّلْح بِمَوْت أَحدهمَا فِي الْمدَّة وَالصُّلْح عَن السُّكُوت وَالْإِنْكَار فِي حق الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لافتداء الْيَمين وَقطع الْخُصُومَة وَفِي حق الْمُدعى لِمَعْنى الْمُعَاوضَة وَيجوز أَن يخْتَلف حكم العقد فِي حَقّهمَا كَمَا يخْتَلف حكم الْإِقَالَة فِي حق الْمُتَعَاقدين وَإِذا صَالحا عَن دَار لم يجب فِيهَا الشُّفْعَة وَإِذا كَا ن الصُّلْح عَن إِقْرَار وَاسْتحق بعض الْمصَالح عَنهُ رَجَعَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِحِصَّة ذَلِك من الْعِوَض وَإِن وَقع الصُّلْح عَن سكُوت أَو إِنْكَار فَاسْتحقَّ الْمُتَنَازع فِيهِ رَجَعَ الْمُدَّعِي بِالْخُصُومَةِ ورد الْعِوَض وَلَو اسْتحق الْمصَالح عَلَيْهِ عَن إِقْرَار رَجَعَ بِكُل الْمصَالح عَنهُ وَإِن اسْتحق بعضه رَجَعَ بِحِصَّتِهِ وَإِن كَانَ الصُّلْح عَن إِنْكَار أَو سكُوت رَجَعَ

(1/175)


بِالدَّعْوَى فِي كُله أَو بِقدر الْمُسْتَحق إِذا اسْتحق بعضه وَإِن ادّعى حَقًا فِي دَار وَلم يُبينهُ فصولح عَن ذَلِك ثمَّ اسْتحق بعض الدَّار لم يرد شَيْئا من الْعِوَض وَلَو ادّعى دَارا فَصَالحه على قِطْعَة مِنْهَا لم يَصح الصُّلْح
فصل
وَالصُّلْح جَائِز عَن دَعْوَى الْأَمْوَال وَالْمَنَافِع وَيصِح عَن جنايات الْعمد وَالْخَطَأ وَلَا يجوز الصُّلْح عَن دَعْوَى حد وَكَذَا لَا يجوز الصُّلْح عَمَّا أشرعه إِلَى طَرِيق الْعَامَّة وَإِذا ادّعى رجل على امْرَأَة نِكَاحا وَهِي تجحد فصالحته على مَال بذلته حَتَّى يتْرك الدَّعْوَى جَازَ وَكَانَ فِي معنى الْخلْع وَإِن ادَّعَت امْرَأَة نِكَاحا على رجل فصالحها على مَال بذله لَهَا جازوإن ادّعى على رجل أَنه عَبده فَصَالحه على مَال أعطَاهُ جَازَ وَكَانَ فِي حق الْمُدَّعِي بِمَنْزِلَة الْإِعْتَاق على مَال وَإِذا قتل العَبْد الْمَأْذُون لَهُ رجلا عمدا لم يجز لَهُ أَن يُصَالح عَن نَفسه وَإِن قتل عبد لَهُ رجلا عمدا فَصَالح عَنهُ جَازَ وَمن غصب ثوبا هرويا قِيمَته دون الْمِائَة فاستهلكه فَصَالحه مِنْهَا على مائَة دِرْهَم جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يبطل الْفضل على قِيمَته بِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ وَإِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا وَهُوَ مُوسر فَصَالحه الآخر على أَكثر من نصف قِيمَته فالفضل بَاطِل وَإِن صَالحه على عرُوض جَازَ
بَاب التَّبَرُّع بِالصُّلْحِ وَالتَّوْكِيل بِهِ
وَمن وكل رجلا بِالصُّلْحِ عَنهُ فَصَالح لم يلْزم الْوَكِيل مَا صَالح بِهِ عَنهُ إِلَّا أَن يضمنهُ وَالْمَال لَازم للْمُوكل وَإِن صَالح عَنهُ رجل بِغَيْر أمره فَهُوَ على أَرْبَعَة أوجه إِن صَالح بِمَال وَضَمنَهُ ثمَّ الصُّلْح وَكَذَلِكَ إذاقال صالحتك على ألفي هَذِه أَو عَليّ عَبدِي هَذَا صَحَّ الصُّلْح وَلَزِمَه تَسْلِيمه وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على ألف وَسلمهَا وَلَو قَالَ صالحتك على ألف فَالْعقد مَوْقُوف فَإِن اجازه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَه الْألف وَإِن لم يجزه بَطل

(1/176)


بَاب الصُّلْح فِي الدّين
وكل شَيْء وَقع عَلَيْهِ الصُّلْح وَهُوَ مُسْتَحقّ بِعقد المداينة لم يحمل على الْمُعَاوضَة وَإِنَّمَا يحمل على أَنه استوفى بعض حَقه واسقط بَاقِيه كمن لَهُ على آخر ألف دِرْهَم فَصَالحه على خَمْسمِائَة وَكَمن لَهُ على آخر ألف جِيَاد فصالحة على خَمْسمِائَة زيوف جَازَ وَكَأَنَّهُ أبراه عَن بعض حَقه وَلَو صَالح على ألف مُؤَجّلَة جَازَ وَكَأَنَّهُ أجل نفس الْحق وَلَو صَالحه على دَنَانِير إِلَى شهر لم يجز وَلَو كَانَت لَهُ ألف مُؤَجّلَة فَصَالحه على خَمْسمِائَة حَالَة لم يجز وَإِن كَانَ لَهُ ألف سود فَصَالحه على خَمْسمِائَة بيض لم يجز وَمن لَهُ على آخر ألف دِرْهَم فَقَالَ إدى لي غرامتها خَمْسمِائَة على أَنَّك بَرِيء من الْفضل فَفعل فَهُوَ بَرِيء فَإِن لم يدْفع إِلَيْهِ الْخَمْسمِائَةِ غَدا عَاد عَلَيْهِ الْألف وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله لَا يعود عَلَيْهِ وَمن قَالَ لآخر لَا أقرّ لَك بِمَالك حَتَّى تؤخره عني أَو تحط عني فَفعل جَازَ عَلَيْهِ
فصل فِي الدّين الْمُشْتَرك
وَإِذا كَانَ الدّين بَين شَرِيكَيْنِ فَصَالح أَحدهمَا من نصِيبه على ثوب فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اتبع الَّذِي عَلَيْهِ الدّين بِنصفِهِ وَإِن شَاءَ أَخذ نصف الثَّوْب إِلَّا أَن يضمن لَهُ شَرِيكه ربع الدّين وَلَو استوفى أَحدهمَا نصف نصِيبه من الدّين كَانَ لشَرِيكه أَن يُشَارِكهُ فِيمَا قبض ثمَّ يرجعان على الْغَرِيم بِالْبَاقِي وَلَو اشْترى أَحدهمَا بِنَصِيبِهِ من الدّين سلْعَة كَانَ لشَرِيكه أَن يضمنهُ ربع الدّين وَإِذا كَانَ السّلم بَين شَرِيكَيْنِ فَصَالح أَحدهمَا عَن نصِيبه على رَأس المَال لم يجز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يجوز الصُّلْح
فصل فِي التخارج
وَإِذا كَانَت الشّركَة بَين وَرَثَة فأخرجوا أحدهم مِنْهَا بِمَال أَعْطوهُ إِيَّاه والتركة عقار أَو عرُوض جَازَ قَلِيلا كَانَ مَا اعطوه أَو كثيرا وَإِن كَانَت التَّرِكَة فضَّة

(1/177)


فَأَعْطوهُ ذَهَبا أَو كَانَت انت ذَهَبا فَأَعْطوهُ فضَّة فَكَذَلِك وَإِن كَانَ فِي التَّرِكَة دين على النَّاس فأدخلوه فِي الصُّلْح على أَن يخرجُوا الْمصَالح عَنهُ وَيكون الدّين لَهُم فَالصُّلْح بَاطِل وَإِن شرطُوا أَن يبرأ الْغُرَمَاء مِنْهُ وَلَا يرجع عَلَيْهِم بِنَصِيب الْمصَالح فَالصُّلْح جَائِز = كتاب الْمُضَاربَة
الْمُضَاربَة عقد على الشّركَة بِمَال من أحد الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَل من الْجَانِب الآخر وَلَا تصح إِلَّا بِالْمَالِ الَّذِي تصح بِهِ الشّركَة وَمن شَرطهَا أَن يكون الرِّبْح بَينهمَا مشَاعا لَا يسْتَحق احدهما دَرَاهِم مُسَمَّاة فَإِن شَرط زِيَادَة عشرَة فَلهُ أجر مثله وَلَا بُد أَن يكون المَال مُسلما إِلَى الْمضَارب وَلَا يَد لرب المَال فِيهِ وَإِذا صحت الْمُضَاربَة مُطلقَة جَازَ للْمُضَارب أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي ويوكل ويسافر ويبضع ويودع وَلَا يضارب إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ رب المَال أَو يَقُول لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَإِن خص لَهُ رب المَال التَّصَرُّف فِي بلد بِعَيْنِه أَو فِي سلْعَة بِعَينهَا لم يجز لَهُ أَن يتجاوزها فَإِن خرج إِلَى غير تِلْكَ الْبَلدة فَاشْترى ضمن وَكَذَلِكَ إِن وَقت للمضاربة وقتا بِعَيْنِه يبطل العقد بمضيه وَلَيْسَ للْمُضَارب أَن يَشْتَرِي من يعْتق على رب المَال لقرابة أَو غَيرهَا وَلَو فعل صَار مُشْتَريا لنَفسِهِ دون الْمُضَاربَة فَإِن كَانَ فِي المَال ربح لم يجز لَهُ أَن يَشْتَرِي من يعْتق عَلَيْهِ وَإِن اشتراهم ضمن مَال الْمُضَاربَة وَإِن لم يكن فِي المَال ربح جَازَ أَن يشتريهم فَإِن زَادَت قيمتهم بعد الشِّرَاء عتق نصِيبه مِنْهُم وَلم يضمن لرب المَال شَيْئا وَيسْعَى العَبْد فِي قيمَة نصِيبه مِنْهُ فَإِن كَانَ مَعَ الْمضَارب ألف بِالنِّصْفِ فَاشْترى بهَا جَارِيَة قيمتهَا ألف فَوَطِئَهَا فَجَاءَت بِولد يُسَاوِي الْفَا فَادَّعَاهُ ثمَّ بلغت قيمَة الْغُلَام ألفا وَخَمْسمِائة وَالْمُدَّعِي مُوسر فَإِن شَاءَ رب المَال استسعى الْغُلَام فِي الف وَمِائَتَيْنِ وَخمسين وَإِن شَاءَ أعتق وَله أَن يستسعي الْغُلَام

(1/178)


ش
بَاب الْمضَارب يضارب
وَإِذا دفع الْمضَارب المَال إِلَى غَيره مُضَارَبَة وَلم يَأْذَن لَهُ رب المَال لم يضمن بِالدفع وَلَا يتَصَرَّف الْمضَارب الثَّانِي حَتَّى يربح فَإِذا ربح ضمن الأول لرب المَال وَإِذا دفع إِلَيْهِ رب المَال مُضَارَبَة بِالنِّصْفِ وَأذن لَهُ أَن يَدْفَعهُ إِلَى غَيره فَدفعهُ بِالثُّلثِ وَقد تصرف الثَّانِي وَربح فَإِن كَانَ رب المَال قَالَ لَهُ على أَن مَا رزق الله فَهُوَ بَيْننَا نِصْفَانِ فلرب المَال النّصْف وللمضارب الثَّانِي الثُّلُث وللمضارب الأول السُّدس وَإِن كَانَ قَالَ لَهُ على أَن مَا رزقك الله فَهُوَ بَيْننَا نِصْفَانِ فللمضارب الثَّانِي الثُّلُث وَالْبَاقِي بَين الْمضَارب الأول وَرب المَال نِصْفَانِ وَلَو كَانَ قَالَ لَهُ فَمَا ربحت من شَيْء فبيني وَبَيْنك نِصْفَانِ وَقد دفع إِلَى غَيره بِالنِّصْفِ فللثاني النّصْف وَالْبَاقِي بَين الآول وَرب المَال وَلَو كَانَ قَالَه على أَن مَا رزق الله تَعَالَى فلي نصفه أَو قَالَ لَهُ فَمَا كَانَ لَهُ من فضل فبيني وَبَيْنك نِصْفَانِ وَقد دفع إِلَى آخر مُضَارَبَة بِالنِّصْفِ فلرب المَال النّصْف وللمضارب الثَّانِي النّصْف وَلَا شَيْء للْمُضَارب الأول وَإِن شَرط للْمُضَارب الثَّانِي ثُلثي الرِّبْح فلرب المَال النّصْف وللمضارب الثَّانِي النّصْف وَيضمن الْمضَارب الأول للثَّانِي سدس الرِّبْح فِي مَاله
فصل
وَإِذا شَرط الْمضَارب لرب المَال ثلث الربج ولعَبْد رب المَال ثلث الربج على أَن يعْمل مَعَه ولنفسه ثلث الرِّبْح فَهُوَ جَائِز ولوعقد العَبْد الْمَأْذُون عقد الْمُضَاربَة مَعَ أَجْنَبِي وَشرط الْعَمَل على الْمولى لَا يَصح إِن لم يكن عَلَيْهِ دين وَإِن كَانَ العَبْد دين صَحَّ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله
فصل فِي الْعَزْل وَالْقِسْمَة
وَإِذا مَاتَ رب المَال أَو الْمضَارب بطلت الْمُضَاربَة وَإِن ارْتَدَّ رب المَال وَلحق بدار الْحَرْب بطلت الْمُضَاربَة وَلَو كَانَ الْمضَارب هُوَ الْمُرْتَد فالمضاربة على حَالهَا فَإِن عزل رب المَال الْمضَارب وَلم يعلم بعزله حَتَّى اشْترى وَبَاعَ فتصرفه جَائِز وَإِن

(1/179)


علم بعزله وَالْمَال عرُوض فَلهُ أَن يَبِيعهَا وَلَا يمنعهُ الْعَزْل من ذَلِك ثمَّ لَا يجوز أَن يَشْتَرِي بِثمنِهَا شَيْئا آخر فَإِن عَزله وَرَأس المَال دَرَاهِم أَو دَنَانِير وَقد نضت لم يجز لَهُ أَن يتَصَرَّف فِيهَا وَإِذا افْتَرقَا وَفِي المَال دُيُون وَقد ربح الْمضَارب فِيهِ أجْبرهُ الْحَاكِم على اقْتِضَاء الدّين وَإِن لم يكن لَهُ ربح لم يلْزمه الِاقْتِضَاء وَيُقَال لَهُ وكل رب المَال فِي الِاقْتِضَاء وَمَا هلك من مَال الْمُضَاربَة فَهُوَ من الرِّبْح دون رَأس المَال فَإِن زَاد الْهَالِك على الرِّبْح فَلَا ضَمَان على الْمضَارب وَإِن كَانَا يقتسمان الرِّبْح وَالْمُضَاربَة بِحَالِهَا ثمَّ هلك المَال بعضه أَو كُله ترادا الرِّبْح حَتَّى يَسْتَوْفِي رب المَال رَأس المَال وَإِذا استوفى رَأس المَال فَإِن فضل شَيْء كَانَ بَينهمَا وَإِن نقص فَلَا ضَمَان على الْمضَارب فَلَو اقْتَسمَا الرِّبْح وفسخا الْمُضَاربَة ثمَّ عقداها فَهَلَك المَال لم يترادا الربج الأول
فصل فِيمَا يَفْعَله الْمضَارب
وَيجوز للْمُضَارب أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي بِالنَّقْدِ والنسيئة وَلَو احتال بِالثّمن على الْأَيْسَر أَو الأعسر جَازَ وَلَا يُزَوّج عبدا وَلَا أمة من مَال الْمُضَاربَة فَإِن دفع شَيْئا من مَال الْمُضَاربَة إِلَى رب المَال بضَاعَة فَاشْترى رب المَال وَبَاعَ فَهُوَ على الْمُضَاربَة وَإِذا عمل الْمضَارب فِي الْمصر فَلَيْسَتْ نَفَقَته فِي المَال وَإِن سَافر فطعامه وَشَرَابه وَكسوته وركوبه فِيهِ وَلَو بَقِي شَيْء فِي يَده بعد مَا قدم مصره رده فِي الْمُضَاربَة وَأما الدَّوَاء فَفِي مَاله وَإِذا ربح أَخذ رب المَال مَا أنْفق من رَأس المَال فَإِن بَاعَ الْمشَاع مُرَابحَة حسب مَا انفق على الْمَتَاع من الْحمل وَنَحْوه وَلَا يحْتَسب مَا أنْفق على نَفسه فَإِن كَانَ مَعَه ألف فَاشْترى بهَا ثيابًا فقصرها أَو حملهَا بِمِائَة من عِنْده وَقد قيل لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَهُوَ مُتَطَوّع وَإِن صبغها أَحْمَر فَهُوَ شريك بِمَا زَاد الصَّبْغ فِيهَا وَلَا يضمن
فصل آخر
فَإِن كَانَ مَعَه ألف بِالنِّصْفِ فَاشْترى بهَا بزا فَبَاعَهُ بِأَلفَيْنِ ثمَّ اشْترى بالألفين عبدا فَلم ينقدهما حَتَّى ضاعا يغرم رب المَال ألفا وَخَمْسمِائة وَالْمُضَارب خَمْسمِائَة وَيكون ربع العَبْد للْمُضَارب وَثَلَاثَة أَرْبَاعه على الْمُضَاربَة وَيكون رَأس

(1/180)


المَال أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة وَلَا يَبِيعهُ مُرَابحَة إِلَّا على أَلفَيْنِ وَمن كَانَ مَعَه ألف فَاشْترى رب المَال عبدا بِخَمْسِمِائَة وَبَاعه إِيَّاه بِأَلف فَإِنَّهُ يَبِيعهُ مُرَابحَة على خَمْسمِائَة وَلَو اشْترى الْمضَارب عبدا بِأَلف وَبَاعه من رب المَال بِأَلف وَمِائَتَيْنِ بَاعه مُرَابحَة بِأَلف وَمِائَة فَإِن كَانَ مَعَه ألف بِالنِّصْفِ فَاشْترى بهَا عبدا قِيمَته أَلفَانِ فَقتل العَبْد رجلا خطأ فَثَلَاثَة أَربَاع الْفِدَاء على رب المَال وربعه على الْمضَارب وَإِن كَانَ مَعَه ألف فَاشْترى بهَا عبدا فَلم ينقدها حَتَّى هَلَكت الْألف يدْفع رب المَال ذَلِك الثّمن وَرَأس المَال جَمِيع مَا يدْفع إِلَيْهِ رب المَال
فصل فِي الِاخْتِلَاف
وَإِذا كَانَ مَعَ الْمضَارب أَلفَانِ فَقَالَ دفعت إِلَيّ ألفا وربحت ألفا وَقَالَ رب المَال لَا بل دفعت إِلَيْك أَلفَيْنِ فَالْقَوْل قَول الْمضَارب وَمن كَانَ مَعَه ألف دِرْهَم فَقَالَ هِيَ مُضَارَبَة لفُلَان بِالنِّصْفِ وَقد ربح ألفا وَقَالَ فلَان هِيَ بضَاعَة فَالْقَوْل قَول رب المَال وَلَو قَالَ الْمضَارب أقرضتني وَقَالَ رب المَال هِيَ بضَاعَة أَو وَدِيعَة أَو مُضَارَبَة فَالْقَوْل لرب المَال وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْمضَارب وَلَو ادّعى رب المَال الْمُضَاربَة فِي نوع وَقَالَ الآخر مَا سميت لي تِجَارَة بِعَينهَا فَالْقَوْل للْمُضَارب وَلَو ادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا نوعا فَالْقَوْل لرب المَال وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْمضَارب وَلَو وقتت الْبَيِّنَتَانِ فَصَاحب الْوَقْت الْأَخير أولى = كتاب الْوَدِيعَة
الْوَدِيعَة أَمَانَة فِي يَد الْمُودع إِذا هَلَكت لم يضمنهَا وللمودع أَن يحفظها بِنَفسِهِ وبمن فِي عِيَاله فَإِن حفظهَا بغيرهم أَو أودعها غَيرهم ضمن إِلَّا أَن يَقع فِي دَاره حريق فيسلمها إِلَى جَاره أَو يكون فِي سفينة فخاف الْغَرق فيلقيها إِلَى سفينة أُخْرَى وَلَا يصدق على ذَلِك إِلَّا يبينة فَإِن كلبها صَاحبهَا فَمنعهَا وَهُوَ يقدر على تَسْلِيمهَا ضمنهَا

(1/181)


وَإِن خلطها الْمُودع بِمَالِه حَتَّى لَا تتَمَيَّز ضمنهَا ثمَّ لَا سَبِيل للْمُودع عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا إِذا خلطها بجنسها شركه إِن شَاءَ وَلَو خلط الْمَائِع بِجِنْسِهِ فَعِنْدَ أبي حنيفَة يَنْقَطِع حق المَال إِلَى ضَمَان وَعند أبي يُوسُف يَجْعَل الْأَقَل تَابعا للْأَكْثَر وَعند مُحَمَّد شركه بِكُل حَال وَإِن اخْتلطت بِمَالِه من غير فعله فَهُوَ شريك لصَاحِبهَا فَإِن أنْفق الْمُودع بَعْضهَا ثمَّ رد مثله فخلطه بِالْبَاقِي ضمن الْجَمِيع وَإِذا تعدى الْمُودع فِي الْوَدِيعَة بِأَن كَانَت دَابَّة فركبها أَو ثوبا فلبسه أَو عبدا فاستخدمه أَو أودعها عِنْد غَيره ثمَّ أَزَال التَّعَدِّي فَردهَا إِلَى يَده زَالَ الضَّمَان فَإِن طلبَهَا صَاحبهَا فجحدها ضمنهَا وللمودع أَن يُسَافر بالوديعة وَإِن كَانَ لَهَا حمل وَمؤنَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِذا كَانَ لَهَا حمل وَمؤنَة وَإِذا نَهَاهُ الْمُودع أَن يخرج بالوديعة فَخرج بهَا ضمن وَإِذا أودع رجلَانِ عِنْد رجل وَدِيعَة فَحَضَرَ أَحدهمَا يطْلب نصِيبه مِنْهَا لم يدْفع إِلَيْهِ نصِيبه حَتَّى يحضر الآخر عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يدْفع إِلَيْهِ نصِيبه وَإِن أودع رجل عِنْد رجلَيْنِ شَيْئا مِمَّا يقسم لم يجز أَن يَدْفَعهُ أَحدهمَا إِلَى الآخر ولكنهما يقتسمانه فيحفظ كل وَاحِد مِنْهُمَا نصفه وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يقسم جَازَ أَن يحفظه أَحدهمَا بِإِذن الآخر وَإِذا قَالَ صَاحب الْوَدِيعَة للْمُودع لَا تسلمها إِلَى زَوجتك فسلمها إِلَيْهَا لَا يضمن وَفِي الْجَامِع الصَّغِير إِذا نَهَاهُ أَن يَدْفَعهَا إِلَى أحد من عِيَاله فَدَفعهَا إِلَى من لَا بُد لَهُ مِنْهُ لَا يضمن وَإِن كَانَ لَهُ مِنْهُ بُد ضمن وَإِن قَالَ احفظها فِي هَذَا الْبَيْت فحفظها فِي بَيت آخر من الدَّار لم يضمن وَإِن حفظهَا فِي دَار أُخْرَى ضمن وَمن أودع رجلا وَدِيعَة فأودعها أخر فَهَلَكت فَلهُ أَن يضمن الأول وَلَيْسَ لَهُ أَن يضمن الآخر عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَهُ أَن يضمن أَيهمَا شَاءَ فَإِن ضمن الأول لَا يرجع على الآخر وَإِن ضمن الآخر رَجَعَ على الأول وَمن كَانَ فِي يَده ألف فادعاها رجلَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ أودعها إِيَّاه وأبى أَن يحلف لَهما فالألف بَينهمَا وَعَلِيهِ ألف أُخْرَى بَينهمَا

(1/182)


= كتاب الْعَارِية
الْعَارِية جَائِزَة وَهِي تمْلِيك الْمَنَافِع بِغَيْر عوض وَتَصِح بقوله أعرتك وأطعمتك هَذِه الأَرْض ومنحتك هَذَا الثَّوْب وحملتك على هَذِه الدَّابَّة إِذا لم يرد بِهِ الْهِبَة وأخدمتك هَذَا العَبْد وداري لَك سُكْنى وداري لَك عمري سُكْنى وللمعير أَن يرجع فِي الْعَارِية مَتى شَاءَ وَالْعَارِية أَمَانَة إِن هَلَكت من غير تعد لم يضمن وَلَيْسَ للْمُسْتَعِير أَن يُؤَاجر مَا استعاره فَإِن آجره فَعَطب ضمن وَله أَن يعيره إِذا كَانَ مِمَّا لايختلف باخْتلَاف الْمُسْتَعْمل وعارية الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والمكيل وَالْمَوْزُون والمعدود قرض وَإِذا اسْتعَار أَرضًا ليبني فِيهَا أَو ليغرس جَازَ وللمعير أَن يرجع فِيهَا ويكلفه قلع الْبناء وَالْغَرْس وَضمن الْمُعير مَا نقص الْبناء وَالْغَرْس بِالْقَلْعِ إِن كَانَ وَقت الْعَارِية وَرجع قبل الْوَقْت أما إِذا لم يُوَقت فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو استعارها ليزرعها لم تُؤْخَذ مِنْهُ حَتَّى يحصد الزَّرْع وَقت أَو لم يُوَقت وَأُجْرَة رد الْعَارِية على الْمُسْتَعِير وَأُجْرَة رد الْعين الْمُسْتَأْجرَة على الْمُؤَجّر وَأُجْرَة ردالعين الْمَغْصُوبَة على الْغَاصِب وَإِذا اسْتعَار دَابَّة فَردهَا إِلَى اصطبل مَالِكهَا فَهَلَكت لم يضمن وَإِن اسْتعَار عبدا فَرده إِلَى دَار الْمَالِك وَلم يُسلمهُ إِلَيْهِ لم يضمن وَلَو رد الْمَغْصُوب أَو الْوَدِيعَة إِلَى دَار الْمَالِك وَلم يُسلمهُ إِلَيْهِ ضمن وَمن اسْتعَار دَابَّة فَردهَا مَعَ عَبده أَو أجيره لم يضمن وَكَذَا إِذا ردهَا مَعَ عبد رب الدَّابَّة أَو أجيره وَإِن ردهَا مَعَ أَجْنَبِي ضمن وَمن أعَار أَرضًا بَيْضَاء للزِّرَاعَة يكْتب أَنَّك أطعمتني عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يكْتب أَنَّك أعرتني