متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الْمكَاتب
وَإِذا كَاتب الْمولى عَبده أَو أمته عل مَال شَرط عَلَيْهِ وَقبل العَبْد ذَلِك صَار مكَاتبا وَيجوز أَن يشْتَرط المَال حَالا وَيجوز مُؤَجّلا ومنجما وَتجوز كِتَابَة العَبْد الصَّغِير إِذا كَانَ يعقل البيع وَالشِّرَاء وَمن قَالَ لعَبْدِهِ جعلت عَلَيْك ألفا تؤديها إِلَيّ نجوما أول النَّجْم كَذَا وَآخره كَذَا فَإِذا أديتها فَأَنت حر وَإِن عجزت فَأَنت رَقِيق فَإِن هَذِه مُكَاتبَة وَإِذا صحت الْكِتَابَة خرج الْمكَاتب عَن يَد الْمولى وَلم يخرج عَن ملكه فَإِن أعْتقهُ عتق بإعتاقه وَيسْقط عَنهُ بدل الْكِتَابَة وَإِذا وطىء الْمولى مُكَاتبَته لزمَه الْعقر وَإِن جنى عَلَيْهَا أَو على وَلَدهَا لَزِمته الْجِنَايَة وَإِن أتلف مَالا لَهَا غرم
فصل فِي الْكِتَابَة الْفَاسِدَة
وَإِذا كَاتب الْمُسلم عَبده على خمر أَو خِنْزِير أَو على قِيمَته فالكتابة فَاسِدَة فَإِن أدّى الْخمر عتق وَإِذا عتق بأَدَاء عين الْخمر لزمَه أَن يسْعَى فِي قِيمَته وَلَا ينقص عَن الْمُسَمّى وَيُزَاد عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن كَاتبه على شَيْء بِعَيْنِه لغيره لم يجز وَإِن كَاتبه على مائَة دِينَار على أَن يرد الْمولى إِلَيْهِ عبدا بِغَيْر عينه فالكتابة فَاسِدَة عِنْد أبي حنيفَة

(1/193)


وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف هِيَ جَائِزَة وَيقسم الْمِائَة الدِّينَار على قيمَة الْمكَاتب وعَلى قيمَة عبد وسط فَيبْطل مِنْهَا حِصَّة العَبْد فَيكون مكَاتبا بِمَا بَقِي وَإِذا كَاتبه على حَيَوَان غير مَوْصُوف فالكتابة جَائِزَة وينصرف إِلَى الْوسط وَيجْبر على قبُول الْقيمَة وَإِذا كَاتب النَّصْرَانِي عَبده على خمر فَهُوَ جَائِز وَأيهمَا أسلم فللمولى قيمَة الْخمر وَإِذا قبضهَا عتق
بَاب مَا يجوز للْمكَاتب أَن يَفْعَله وَيجوز للْمكَاتب البيع وَالشِّرَاء وَالسّفر فَإِن شَرط عَلَيْهِ أَن لَا يخرج من الْكُوفَة فَلهُ أَن يخرج اسْتِحْسَانًا وَلَا يتَزَوَّج إِلَّا بِإِذن الْمولى وَلَا يهب وَلَا يتَصَدَّق إِلَّا بالشَّيْء الْيَسِير وَلَا يتكفل وَلَا يقْرض فَإِن وهب على عوض لم يَصح فَإِن زوج أمته جَازَ وَكَذَلِكَ أَن كَاتب عَبده فَإِن أدّى الثَّانِي قبل أَن يعْتق الأول فولاؤه للْمولى فَلَو أدّى الأول بعد ذَلِك وَعتق لَا ينْتَقل الْوَلَاء إِلَيْهِ وَإِن أدّى الثَّانِي بعد عتق الأول فولاؤه لَهُ وَإِن أعتق عَبده على مَال أَو بَاعه من نَفسه أَو زوج عَبده لم يجز وَكَذَلِكَ الْأَب الْوَصِيّ فِي رَقِيق الصَّغِير بِمَنْزِلَة الْمكَاتب فإمَّا الْمَأْذُون لَهُ فَلَا يجوز لَهُ شَيْء من ذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهُ أَن يُزَوّج أمته
فصل
وَإِذا اشْترى الْمكَاتب أَبَاهُ أَو ابْنه دخل فِي كِتَابَته وَإِن اشْترى ذَا رحم محرم مِنْهُ لأَوْلَاد لَهُ لم يدْخل فِي كِتَابَته عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يدْخل وَإِذا اشْترى أم وَلَده دخل وَلَدهَا فِي الْكتاب وَلم يجز بيعهَا وَإِن ولد لَهُ ولد من أمة دخل فِي كِتَابَته وَكَسبه لَهُ وَكَذَلِكَ إِن ولدت الْمُكَاتبَة ولدا وَمن زوج أمته من عَبده ثمَّ كاتبها فَولدت مِنْهُ ولدا دخل فِي كتَابَتهَا وَكَانَ كَسبه لَهَا وَإِن تزوج الْمكَاتب بِإِذن مَوْلَاهُ امْرَأَة زعمت أَنَّهَا حرَّة فَولدت مِنْهُ ولدا ثمَّ اسْتحقَّت فأولادها عبيد وَلَا يَأْخُذهُمْ بِالْقيمَةِ وَكَذَلِكَ العَبْد يَأْذَن لَهُ الْمولى بِالتَّزْوِيجِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد أَوْلَادهَا أَحْرَار بِالْقيمَةِ وَإِن وطىء الْمكَاتب أمة على وَجه الْملك

(1/194)


بِغَيْر إِذن الْمولى ثمَّ اسْتحقَّهَا رجل فَعَلَيهِ الْعقر يُؤْخَذ بِهِ فِي الْكِتَابَة وَإِن وَطئهَا على وَجه النِّكَاح لم يُؤْخَذ بِهِ حَتَّى يعْتق وَكَذَلِكَ الْمَأْذُون لَهُ وَإِذا اشْترى الْمكَاتب جَارِيَة شِرَاء فَاسِدا ثمَّ وَطئهَا فَردهَا أَخذ بالعقر فِي الْمُكَاتبَة وَكَذَلِكَ العَبْد الْمَأْذُون لَهُ
فصل وَإِذا ولدت الْمُكَاتبَة من الْمولى فَهِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت مَضَت على الْكِتَابَة وَإِن شَاءَت عجزت نَفسهَا وَصَارَت أم ولد لَهُ نسب وَلَدهَا ثَابت من الْمولى وَهُوَ حر وَإِذا مَضَت على الْكِتَابَة أخذت الْعقر من مَوْلَاهَا ثمَّ إِن مَاتَ الْمولى عتقت بالاستيلاد وَسقط عَنْهَا بدل الْكِتَابَة وَإِن مَاتَت هِيَ وَتركت مَالا تُؤدِّي مِنْهُ مكاتبتها وَمَا بَقِي مِيرَاث لابنها فَإِن لم تتْرك مَالا فَلَا سِعَايَة على الْوَلَد وَلَو ولدت ولدا آخر لم يلْزم الْمولى إِلَّا أَن يَدعِيهِ فَلَو لم يَدعه وَمَاتَتْ من غير وَفَاء سعى هَذَا الْوَلَد فَلَو مَاتَ الْمولى بعد ذَلِك عتق وَبَطل عَنهُ السّعَايَة وَإِذا كَاتب الْمولى أم وَلَده جَازَ فَإِن مَاتَ الْمولى عتقت بالاستيلاد وَسقط عَنْهَا بدل الْكِتَابَة وَإِن كَاتب مدبرته جَاوز وَإِن مَاتَ الْمولى وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ بَين أَن تسْعَى فِي ثُلثي قيمتهَا أَو جَمِيع مَال الْكِتَابَة وَإِن دبر مُكَاتبَته صَحَّ التَّدْبِير وَلها الْخِيَار إِن شَاءَت مَضَت على الْكِتَابَة وَإِن شَاءَت عجزت نَفسهَا وَصَارَت مُدبرَة فَإِن مَضَت على كتَابَتهَا فَمَاتَ الْمولى وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت سعت فِي ثُلثي مَال الْكِتَابَة أَو ثُلثي قيمتهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تسْعَى فِي الْأَقَل مِنْهُمَا وَإِذا أعتق الْمولى مكَاتبه عتق بإعتاقه وَسقط بدل الْكِتَابَة وَإِن كَاتبه على ألف دِرْهَم إِلَى سنة فَصَالحه على خَمْسمِائَة مُعجلَة فَهُوَ جَائِز وَإِذا كَاتب المريص عَبده على ألفي دِرْهَم إِلَى سنة وَقِيمَته ألف ثمَّ مَاتَ وَلَا مَال لَهُ غَيره وَلم تجز الْوَرَثَة فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ثُلثي الْأَلفَيْنِ حَالا وَالْبَاقِي إِلَى أَجله أَو يرد رَقِيقا عِنْد أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُؤدى ثُلثي الآلف حَالا وَالْبَاقِي إِلَى أَجله وَإِن كَاتبه على ألف إِلَى سنة وَقِيمَته أَلفَانِ وَلم تجز الْوَرَثَة يُقَال لَهُ أد ثُلثي الْقيمَة حَالا أَو ترد رَقِيقا فِي قَوْلهم جَمِيعًا

(1/195)


بَاب من يُكَاتب عَن العَبْد
وَإِذا كَاتب الْحر عَن عبد بِأَلف دِرْهَم فَإِن أدّى عَنهُ عتق وَإِن بلغ العَبْد فَقبل فَهُوَ مكَاتب وَلَو أدّى الْحر الْبَدَل لَا يرجع على العَبْد وَإِذا كَاتب العَبْد عَن نَفسه وَعَن عبد آخر لمَوْلَاهُ وَهُوَ غَائِب فَإِن أدّى الشَّاهِد أَو الْغَائِب عتقا وَأيهمَا أدّى عتقا وَيجْبر الْمولى على الْقبُول وَأيهمَا أدّى لَا يرجع على صَاحبه وَلَيْسَ للْمولى أَن يَأْخُذ العَبْد الْغَائِب بِشَيْء فَإِن قبل العبد الغائب أَو لم يقبل فَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ بِشَيْء وَالْكِتَابَة لَازِمَة للشَّاهِد وَإِذا كاتبت الْأمة عَن نَفسهَا وَعَن ابْنَيْنِ لَهَا صغيرين فَهُوَ جَائِز وأيهم أدّى لم يرجع على صَاحبه وَيجْبر الْمولى على الْقبُول ويعتقون
بَاب كِتَابَة العَبْد الْمُشْتَرك
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ إِذن أَحدهمَا لصَاحبه أَن يُكَاتب نصِيبه بِأَلف دِرْهَم وَيقبض بدل الْكِتَابَة فكاتب وَقبض بعض الْألف ثمَّ عجز فَالْمَال للَّذي قبض عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ مكَاتب بَينهمَا وَمَا أدّى فَهُوَ بَينهمَا وَإِذا كَانَت جَارِيَة بَين رجلَيْهِ كاتباها فَوَطِئَهَا أَحدهمَا فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ ثمَّ وَطئهَا الآخر فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ ثمَّ عجزت فَهِيَ أم ولد للْأولِ وَيضمن لشَرِيكه نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَيضمن شَرِيكه كَمَال الْعقر وَقِيمَة الْوَلَد وَيكون ابْنه وَأيهمَا دفع الْعقر إِلَى الْمُكَاتبَة جَازَ وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هِيَ أم ولد للْأولِ وَلَا يجوز وَطْء الآخر فَلَا يثبت نسب الْوَلَد مِنْهُ وَلَا يكون حرا عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَيلْزمهُ جَمِيع الْعقر وَيضمن الأول لشَرِيكه فِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف نصف قيمتهَا مُكَاتبَة وَفِي قَول مُحَمَّد يضمن الْأَقَل من نصف قيمتهَا وَمن نصف مابقي من بدل الْكِتَابَة وَإِن كَانَ الثَّانِي لم يَطَأهَا وَلَكِن دبرهَا ثمَّ عجزت بَطل التَّدْبِير وَهِي أم ولد للْأولِ وَيضمن لشَرِيكه نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا وَالْولد ولد الأول وَإِن كَانَ كاتباها ثمَّ أعْتقهَا أَحدهمَا وَهُوَ مُوسر ثمَّ عجزت يضمن الْمُعْتق لشَرِيكه نصف قيمتهَا وَيرجع بذلك

(1/196)


عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يرجع عَلَيْهَا وَإِن كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ دبره أَحدهمَا ثمَّ أعْتقهُ الآخر وَهُوَ مُوسر فَإِن شَاءَ الَّذِي دبره ضمن الْمُعْتق نصف قِيمَته مُدبرا وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن أعْتقهُ أَحدهمَا ثمَّ دبره الآخر لم يكن لَهُ أَن يضمن الْمُعْتق ويستسعى العَبْد أَو يعْتق وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا دبره أَحدهمَا فَعتق الآخر بَاطِل وَيضمن نصف قِيمَته مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا وَإِن أعْتقهُ أَحدهمَا فتدبير الآخر بَاطِل وَيضمن نصف قِيمَته إِن كَانَ مُوسِرًا وَيسْعَى العَبْد فِي ذَلِك إِن كَانَ مُعسرا
بَاب موت الْمكَاتب وعجزه وَمَوْت الْمولى
وَإِذا عجز الْمكَاتب عَن نجم نظرالحاكم فِي حَاله فَإِن كَانَ لَهُ دين يقبضهُ أَو مَال يقدم عَلَيْهِ لم يعجل بتعجيزه وانتظر عَلَيْهِ الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة فَإِن لم يكن لَهُ وَجه وَطلب الْمولى تعجيزه عَجزه وَفسخ الْكِتَابَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يعجزه حَتَّى يتوالى عَلَيْهِ نجمان فَإِن أخل بِنَجْم عِنْد غير السُّلْطَان فعجز فَرده مَوْلَاهُ بِرِضَاهُ فَهُوَ جَائِز وَلَو لم يرض بِهِ العَبْد لَا بُد من الْقَضَاء بِالْفَسْخِ وَإِذا عجز الْمكَاتب عَاد إِلَى أَحْكَام الرّقّ فَإِن مَاتَ الْمكَاتب وَله مَال لم تَنْفَسِخ الْكِتَابَة وَقضى مَا عَلَيْهِ من مَاله وَحكم بِعِتْقِهِ فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته وَيعتق أَوْلَاده وَإِن لم يتْرك وَفَاء وَترك ولدا مولودا فِي الْكِتَابَة سعى فِي كِتَابَة أَبِيه على نجومه فَإِذا أدّى حكمنَا بِعِتْق أَبِيه قبل مَوته وَعتق الْوَلَد وَإِن ترك ولدا مشترى فِي الْكِتَابَة قيل لَهُ إِمَّا أَن تُؤدِّي بدل الْكِتَابَة حَالا أَو ترد رَقِيقا فَإِن اشْترى ابْنه ثمَّ مَاتَ وَترك وَفَاء وَرثهُ ابْنه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ هُوَ وَابْنه مكاتبين كِتَابَة وَاحِدَة فَإِن مَاتَ الْمكَاتب وَله ولد من حرَّة وَترك دينا وَفَاء لمكاتبته فجنى الْوَلَد فَقضى بِهِ على عَاقِلَة الْأُم لم يسكن ذَلِك قَضَاء بعجز الْمكَاتب وَإِن اخْتصم موَالِي الْأُم وموالي الْأَب فِي ولائه فَقضى بِهِ لموَالِي الْأُم فَهُوَ

(1/197)


قَضَاء بِالْعَجزِ وَمَا أدّى الْمكَاتب من الصَّدقَات إِلَى مَوْلَاهُ ثمَّ عجز فَهُوَ طيب للْمولى وَإِذا جنى العَبْد فكاتبه مَوْلَاهُ وَلم يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ عجز فَإِنَّهُ يدْفع أَو يفدى وَكَذَلِكَ إِذا جنى الْمكَاتب وَلم يقْض بِهِ حَتَّى عجز وَإِن قضى بِهِ عَلَيْهِ فِي كِتَابَته ثمَّ عجز فَهُوَ دين يُبَاع فِيهِ وَإِذا مَاتَ مولى الْمكَاتب لم تَنْفَسِخ الْكِتَابَة وَقيل لَهُ أد المَال إِلَى وَرَثَة الْمولى على نجومه فَإِن اعتقه أحد الْوَرَثَة لم ينفذ عتقه = كتاب الْوَلَاء
وَإِذا أعتق الْمولى مَمْلُوكه فولاؤه لَهُ فَإِن شَرط أَنه سائبة فَالشَّرْط بَاطِل وَالْوَلَاء لمن أعتق وَإِذا أدّى الْمكَاتب عتق وَالْوَلَاء للْمولى وَإِن عتق بعد موت الْمولى وَكَذَا العَبْد الْمُوصى بِعِتْقِهِ أَو بِشِرَائِهِ وعتقه بعد مَوته وَإِن مَاتَ الْمولى عتق مدبروه وَأُمَّهَات أَوْلَاده وولاؤهم لَهُ وَمن ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ عتق عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَإِذا زوج عبد رجل أمة لآخر فَأعتق مولى الْأمة الْأمة وَهِي حَامِل من العَبْد عتقت وَعتق حملهَا وَوَلَاء الْحمل لمولى الْأُم لَا ينْتَقل عَنهُ أبدا وَكَذَلِكَ إِذا ولدت ولدا لأَقل من سِتَّة أشهر أَو ولدت وَلدين أَحدهمَا لأَقل من سِتَّة أشهر فَإِن ولدت بعد عتقهَا لأكْثر من سِتَّة أشهر ولدا فولاؤه لموَالِي الْأُم فَإِن أعتق الْأَب جر وَلَاء ابْنه وانتقل عَن موَالِي الْأُم إِلَى موَالِي الْأَب وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وَإِذا تزوجت مُعتقة بِعَبْد فَولدت أَوْلَادًا فجنى الْأَوْلَاد فعقلهم على موَالِي الإم فَإِن أعتق الْأَب وَلَاء الْأَوْلَاد إِلَى نَفسه وَلَا يرجعُونَ على عَاقِبَة الْأَب بِمَا عقلوا وَمن تزوج من الْعَجم بمعتقة من الْعَرَب فَولدت لَهُ أَوْلَادًا فولاء أَوْلَادهَا لمواليها عِنْد أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف حكمه حكم أَبِيه وَفِي الْجَامِع الصَّغِير نبط كَافِر تزوج بمعتقة كَافِرَة ثمَّ أسلم النبطي ووالى رجلا ثمَّ ولدت أَوْلَادًا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد مواليهم موَالِي أمّهم وَقَالَ أَبُو يُوسُف مواليهم موَالِي أَبِيهِم وَوَلَاء الْعتَاقَة تعيب وَهُوَ أَحَق بِالْمِيرَاثِ من الْعمة وَالْخَالَة فَإِن كَانَ للْمُعْتق عصبَة من النّسَب فَهُوَ

(1/198)


أولى من الْمُعْتق وَإِن لم يكن لَهُ عصبَة من النّسَب فميراثه للْمُعْتق فَإِن مَاتَ الْمولى ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فميراثه لبني الْمولى دون بَنَاته لِأَنَّهُ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن أَو عتق من أعتقن أَو كاتبن أَو كَاتب من كاتبن وَلَو ترك الْمولى ابْنا وَأَوْلَاد ابْن آخر فميراث الْمُعْتق للإبن دون بني الابْن
فصل فِي وَلَاء الْمُوَالَاة
وَإِذا أسلم رجل على يَد رجل وولاه على أَن يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ إِذا جنى أَو أسلم على يَد غَيره ووالاه فَالْولَاء صَحِيح وعقله على مَوْلَاهُ فَإِن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره فميراثه للْمولى وَإِن كَانَ لَهُ وَارِث فَهُوَ أولى مِنْهُ وَإِن كَانَت عمَّة أَو خَالَة أَو غَيرهمَا من ذَوي الْأَرْحَام وللمولى أَن ينْتَقل عَنهُ بولائه إِلَى غَيره مالم يعقل عَنهُ وَإِذا عقل عَنهُ لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل بولائه إِلَى غَيره وَلَيْسَ لمولى الْعتَاقَة أَن يوالي أحدا = كتاب الْإِكْرَاه
الْإِكْرَاه يثبت حكمه إذاحصل مِمَّن يقدر على إِيقَاع مَا توعد بِهِ سُلْطَانا كَانَ أَو لصا وَإِذا أكره الرجل على بيع مَاله أَو على شِرَاء سلْعَة أَو على أَن يقر لرجل بِأَلف أَو يُؤَاجر دَاره وأكره على ذَلِك بِالْقَتْلِ أَو بِالضَّرْبِ الشَّديد أَو بِالْحَبْسِ فَبَاعَ أَو اشْترى فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمضى البيع وَإِن شَاءَ فَسخه وَرجع بِالْمَبِيعِ فَإِن كَانَ قبض الثّمن طَوْعًا فقد أجَاز البيع وَإِن قَبضه مكْرها فَلَيْسَ ذَلِك بِإِجَازَة وَعَلِيهِ رده إِن كَانَ قَائِما فِي يَده وَإِن هلك الْمَبِيع فِي يَد المُشْتَرِي وَهُوَ غير مكره ضمن قِيمَته للْبَائِع وللمكره أَن يضمن الْمُكْره إِن شَاءَ فَلَو ضمن الْمُكْره رَجَعَ على المُشْتَرِي بِالْقيمَةِ وَإِن ضمن المُشْتَرِي نفذ كل شِرَاء كَانَ بعد شِرَائِهِ وَلَا ينفذ مَا كَانَ قبله
فصل
وَإِن أكره على أَن يَأْكُل الْميتَة أَو يشرب الْخمر إِن أكره على ذَلِك بِحَبْس أَو بِضَرْب أَو قيد لم يحل لَهُ إِلَّا أَن يكره بِمَا يخَاف مِنْهُ على نَفسه أَو على

(1/199)


عُضْو من أَعْضَائِهِ فَإِذا خَافَ على ذَلِك وَسعه أَن يقدم على مَا أكره عَلَيْهِ وَكَذَا على هَذَا الدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَلَا يَسعهُ أَن يصبر على مَا توعد بِهِ فَإِن صَبر حَتَّى أوقعوا بِهِ وَلم يَأْكُل فَهُوَ آثم وَإِن أكره على الْكفْر بِاللَّه تَعَالَى والعياذبالله أَو بسب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقَيْد أَو بِحَبْس أَو ضرب لم يكن ذَلِك إِكْرَاها حَتَّى يكره بِأَمْر يخَاف مِنْهُ على نَفسه إو على عُضْو من أَعْضَائِهِ فَإِذا خَافَ على ذَلِك وَسعه أَن يظْهر مَا أَمرُوهُ بِهِ ويوري فَإِن أظهر ذَلِك وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فَإِن صَبر حَتَّى قتل وَلم يظْهر الْكفْر كَانَ مأجورا وَإِن أكره على إِتْلَاف مَال مُسلم بِأَمْر يخَاف مِنْهُ على نَفسه أَو على عُضْو من اعضائه وَسعه أَن يفعل ذَلِك وَلِصَاحِب المَال أَن يضمن الْمُكْره وَإِن أكرهه بقتل على قتل غَيره لم يَسعهُ أَن يقدم عَلَيْهِ ويصبر حَتَّى يقتل فَإِن قَتله كَانَ آثِما وَالْقصاص على الْمُكْره إِن كَانَ الْقَتْل عمدا وَإِن أكره على طَلَاق امْرَأَته أَو عتق عَبده فَفعل وَقع مَا أكره عَلَيْهِ عندنَا وَيرجع على الَّذِي أكرهه بِقِيمَة العَبْد وَيرجع بِنصْف مهر الْمَرْأَة إِن كَانَ قبل الدُّخُول وَإِن لم يكن فِي العقد مُسَمّى يرجع على الْمُكْره بِمَا لزمَه من الْمُتْعَة وَلَو أكره على التَّوْكِيل بِالطَّلَاق وَالْعتاق فَفعل الْوَكِيل جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِن اكرهه على الزِّنَا وَجب عَلَيْهِ الْحَد عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يكرههُ السُّلْطَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يلْزمه الْحَد وَإِذا أكرهه على الرِّدَّة لم تبن امْرَأَته مِنْهُ = كتاب الْحجر
الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للحجر ثَلَاثَة الصغر وَالرّق وَالْجُنُون فَلَا يجوز تصرف الصَّغِير إِلَّا بِإِذن وليه وَلَا تصرف العَبْد إِلَّا بِإِذن سَيّده وَلَا يجوز تصرف الْمَجْنُون المغلوب بِحَال وَمن بَاعَ من هَؤُلَاءِ شَيْئا أَو اشْترى وَهُوَ يعقل البيع ويقصده قَالُوا لي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أجَازه إِذا كَانَ فِيهِ مصلحَة وَإِن شَاءَ فَسخه وَهَذِه الْمعَانِي الثَّلَاثَة توجب الْحجر فِي الْأَقْوَال دون الْأَفْعَال إِلَّا إِذا كَانَ فعلا يتَعَلَّق بِهِ حكم يندرىء

(1/200)


بِالشُّبُهَاتِ كالحدود وَالْقصاص وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون لَا تصح عقودهما وَلَا إقرارهما وَلَا يَقع طلاقهما وَلَا إعتاقهما وَإِن أتلفا شَيْئا لزمهما ضَمَانه فَأَما العَبْد فَإِقْرَاره نَافِذ فِي حق نَفسه غير نَافِذ فِي حق مَوْلَاهُ فَإِن أقرّ بِمَال لزمَه بعد الْحُرِّيَّة وَإِن أقرّ بِحَدّ أَو قصاص لزمَه فِي الْحَال وَينفذ طَلَاقه
بَاب الْحجر للْفَسَاد
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يحْجر على الْحر الْعَاقِل الْبَالِغ السَّفِيه وتصرفه فِي مَاله جَائِز وَإِن كَانَ مبذرا مُفْسِدا يتْلف مَاله فِيمَا لَا غَرَض لَهُ فِيهِ وَلَا مصلحَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله يحْجر على السَّفِيه وَيمْنَع من التَّصَرُّف فِي مَاله وَإِذا حجر القَاضِي عَلَيْهِ ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر فَأبْطل حجره وَأطلق عَنهُ جَازَ ثمَّ عِنْد أبي حنيفَة إِذا بلغ الْغُلَام غير رشيد لم يسلم إِلَيْهِ مَاله حَتَّى يبلغ خمْسا وَعشْرين سنة فَإِن تصرف فِيهِ قبل ذَلِك نفذ تصرفه فَإِذا بلغ خمْسا وَعشْرين سنة يسلم إِلَيْهِ مَاله وَإِن لم يؤنس مِنْهُ الرشد وَقَالا لَا يدْفع إِلَيْهِ مَاله أبدا حَتَّى يؤنس رشده وَلَا يجوز تصرفه فِيهِ وَإِن أعتق عبدا نفذ عتقه عِنْدهمَا وَإِذا صَحَّ عِنْدهمَا كَانَ على العَبْد أَن يسْعَى فِي قِيمَته وَلَو دبر عَبده جَازَ وَلَو جَاءَت جَارِيَته بِولد فَادَّعَاهُ يثبت نسبه مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَد حرا وَالْجَارِيَة أم ولد لَهُ وَإِن لم يكن مَعهَا ولد وَقَالَ هَذِه أم وَلَدي كَانَت بِمَنْزِلَة أم الْوَلَد لَا يقدر على بيعهَا وَإِن مَاتَ سعت فِي جَمِيع قيمتهَا وَإِذا تزوج امْرَأَة جَازَ نِكَاحهَا وَإِن سمى لَهَا مهْرا جَازَ مِنْهُ مِقْدَار مهر مثلهَا وَبَطل الْفضل وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَجب لَهَا النّصْف فِي مَاله وَكَذَا إِذا تزوج بِأَرْبَع نسْوَة أَو كل يَوْم وَاحِدَة وَتخرج الزَّكَاة من مَال السَّفِيه وَينْفق على أَوْلَاده وَزَوجته وَمن تجب نَفَقَته عَلَيْهِ من ذَوي أرحامه فَإِن أَرَادَ حجَّة الْإِسْلَام لم يمْنَع مِنْهَا وَلَا يسلم القَاضِي النَّفَقَة إِلَيْهِ ويسلمها إِلَى ثِقَة من الْحَاج ينفقها عَلَيْهِ فِي طَرِيق الْحَج وَلَو أَرَادَ عمْرَة وَاحِدَة لم يمْنَع مِنْهَا وَلَا يمْنَع من الْقرَان وَلَا يمْنَع من أَن يَسُوق

(1/201)


بَدَنَة فَإِن مرض وَأوصى بوصايا فِي الْقرب وأبواب الْخَيْر جَازَ ذَلِك فِي ثلثه وَلَا يحْجر على الْفَاسِق إِذا كَانَ مصلحا لما لَهُ عندنَا وَالْفِسْق الْأَصْلِيّ والطارىء سَوَاء
فصل فِي حد الْبلُوغ
بُلُوغ الْغُلَام بالاحتلام والاحبال والإنزال إِذا وطىء فَإِن لم يُوجد ذَلِك فحتى يتم لَهُ ثَمَان عشرَة سنة عِنْد أبي حنيفَة وبلوغ الْجَارِيَة بِالْحيضِ والاحتلام وَالْحَبل فَإِن لم يُوجد ذَلِك فحتى يتم لَهَا سبع عشرَة سنة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا إِذا تمّ للغلام وَالْجَارِيَة خمس عشرَة سنة فقد بلغا وَإِذا راهق الْغُلَام أَو الْجَارِيَة الْحلم وأشكل أمره فِي الْبلُوغ فَقَالَ قد بلغت فَالْقَوْل قَوْله وَأَحْكَامه أَحْكَام الْبَالِغين
بَاب الْحجر بِسَبَب الدّين
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا أحجر فِي الدّين وَإِذا وَجَبت دُيُون على رجل وَطلب غرماؤه حَبسه وَالْحجر عَلَيْهِ لم أحجر عَلَيْهِ فَإِن كَانَ لَهُ مَال لم يتَصَرَّف فِيهِ الْحَاكِم وَلَكِن يحْبسهُ أبدا حَتَّى يَبِيعهُ فِي دينه وَقَالا إِذا طلب غُرَمَاء الْمُفلس الْحجر عَلَيْهِ حجر القَاضِي عَلَيْهِ وَمنعه من البيع وَالتَّصَرُّف وَالْإِقْرَار حَتَّى لَا يضر بالغرماء وَبَاعَ مَاله إِن امْتنع الْمُفلس من بَيْعه وقسمه بَين غُرَمَائه بِالْحِصَصِ عِنْدهمَا وَإِن كَانَ دينه دَرَاهِم وَله دَرَاهِم قضى القَاضِي بِغَيْر أمره وَإِن كَانَ دينه دَرَاهِم وَله دَنَانِير أَو على ضد ذَلِك بَاعهَا القَاضِي فِي دينه وَيُبَاع فِي الدّين النُّقُود ثمَّ الْعرُوض ثمَّ الْعقار يبْدَأ بالأيسر فالأيسر وَيتْرك عَلَيْهِ دست من ثِيَاب بدنه وَيُبَاع الْبَاقِي فَإِن أقرّ فِي حَال الْحجر بِإِقْرَار لزمَه ذَلِك بعد قَضَاء الدُّيُون وَلَو اسْتَفَادَ مَالا آخر بعد الْحجر نفذ إِقْرَاره فِيهِ وَينْفق على الْمُفلس من مَاله وعَلى زَوجته وَولده الصغار وَذَوي أرحامه مِمَّن تجب نَفَقَته عَلَيْهِ فَإِن لم يعرف للْمُفلس مَال وَطلب غرماؤه حَبسه وَهُوَ يَقُول لَا مَال لي حَبسه الْحَاكِم فِي كل دين الْتَزمهُ بِعقد كالمهر وَالْكَفَالَة وَلَا يحول بَينه وَبَين غُرَمَائه بعد خُرُوجه من الْحَبْس بل يلازمونه وَلَا يمنعونه من التَّصَرُّف وَالسّفر

(1/202)


وَيَأْخُذُونَ فضل كَسبه يقسم بَينهم بِالْحِصَصِ وَقَالا إِذا أفلسه الْحَاكِم حَال بَين غُرَمَائه وَبَينه إِلَّا أَن يقيموا الْبَيِّنَة إِن لَهُ مَالا وَلَو دخل فِي دَاره لِحَاجَتِهِ لَا يتبعهُ بل يجلس على بَاب دَاره إِلَى أَن يخرج وَلَو كَانَ الدّين للرجل على الْمَرْأَة لَا يلازمها وَمن أفلس وَعِنْده مَتَاع لرجل بِعَيْنِه ابتاعه مِنْهُ فَصَاحب الْمَتَاع أُسْوَة للْغُرَمَاء فِيهِ