متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الْمَأْذُون
وَإِذا أذن الْمولى لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة إِذْنا عَاما جَازَ تصرفه فِي سَائِر التِّجَارَات وَلَو بَاعَ أَو اشْترى بِالْغبنِ الْيَسِير فَهُوَ جَائِز وَكَذَا بالفاحش عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله خلافًا لَهما وَلَو جابة فِي مرض مَوته يعْتَبر من جَمِيع مَاله إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين وَإِن كَانَ فَمن جَمِيع مَا بَقِي وَله أَن يسلم وَيقبل السّلم وَله أَن يُوكل بِالْبيعِ وَالشِّرَاء ويرهن ويرتهن وَيملك أَن يتَقَبَّل الأَرْض ويستأجر الأجراء والبيوت وَيَأْخُذ الأَرْض مُزَارعَة وَيَشْتَرِي طَعَاما فيزرعه فِي أرضه وَله أَن يُشَارك شركَة عنان وَيدْفَع المَال مُضَارَبَة ويأخذها وَله أَن يُؤَاجر نَفسه عندنَا فَإِن أذن لَهُ فِي نوع مِنْهَا دون غَيره فَهُوَ مَأْذُون فِي جَمِيعهَا وَإِن أذن لَهُ فِي شَيْء بِعَيْنِه فَلَيْسَ بمأذون وأقرار الْمَأْذُون بالديون والغصوب جَائِز وَكَذَا بالودائع وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَزَوَّج وَلَا يُزَوّج مماليكه وَلَا يُكَاتب إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْمولى وَلَا دين عَلَيْهِ وَلَا يعْتق على مَال وَلَا يقْرض وَلَا يهب بعوض وَلَا بِغَيْر عوض وَكَذَا لَا يتَصَدَّق إِلَّا أَن يهدى الْيَسِير من الطَّعَام أَو يضيف من يطعمهُ وَله أَن يحط من الثّمن بِالْعَيْبِ مثل مَا يحط التُّجَّار وَله أَن يُؤَجل فِي دين وَجب لَهُ وديونه مُتَعَلقَة بِرَقَبَتِهِ يُبَاع للْغُرَمَاء إِلَّا أَن يفْدِيه الْمولى وَيقسم ثمنه بَينهم بِالْحِصَصِ فَإِن فضل شَيْء من دُيُونه طُولِبَ بِهِ بعد الْحُرِّيَّة وَلَا يُبَاع ثَانِيًا وَيتَعَلَّق دينه بِكَسْبِهِ سَوَاء حصل قبل لُحُوق الدّين أَو بعده وَيتَعَلَّق بِمَا يقبل من الْهِبَة وَلَا يتَعَلَّق بِمَا انتزعه الْمولى من يَده قبل الدّين وَله أَن يَأْخُذ غلَّة مثله بعد الدّين فَإِن حجر عَلَيْهِ لم ينحجر حَتَّى يظْهر حجره بَين أهل سوقه وَلَو مَاتَ الْمولى أَو جن

(1/203)


أَو لحق بدار الْحَرْب مُرْتَدا صَار الْمَأْذُون مَحْجُورا عَلَيْهِ وَإِذا أبق العَبْد صَار مَحْجُورا عَلَيْهِ وَإِذا ولدت الْمَأْذُون لَهَا من مَوْلَاهَا فَذَلِك حجر عَلَيْهَا وَيضمن الْمولى قيمتهَا إِن ركبتها دُيُون وَإِذا استدانت الْأمة الْمَأْذُون لَهَا أَكثر من قيمتهَا فدبرها الْمولى فَهِيَ مَأْذُون لَهَا على حَالهَا وَإِذا حجر على الْمَأْذُون فَإِقْرَاره جَائِز فِيمَا فِي يَده من المَال عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَإِذا لَزِمته دُيُون تحيط بِمَالِه ورقبته لم يملك الْمولى مَا فِي يَده وَلَو أعتق من كَسبه عبدا لم يعْتق عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يملك مافي يَده وَيعتق وَعَلِيهِ قِيمَته وَإِن لم يكن الدّين محيطا بِمَالِه جَازَ عتقه فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن بَاعَ من الْمولى شَيْئا بِمثل قِيمَته جَازَ وَإِن بَاعه بِنُقْصَان لم يجز عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا إِن بَاعه بِنُقْصَان يجوز البيع وَيُخَير الْمولى إِن شَاءَ أَزَال الْمُحَابَاة وَإِن شَاءَ نقض البيع وَإِن بَاعه الْمولى شَيْئا بِمثل الْقيمَة أَو أقل جَازَ البيع فَإِن سلم الْمَبِيع إِلَيْهِ قبل قبض الثّمن بَطل الثّمن وَإِن أمْسكهُ فِي يَده حَتَّى يَسْتَوْفِي فِي الثّمن جَازَ وَلَو بَاعه بِأَكْثَرَ من قِيمَته يُؤمر بِإِزَالَة الْمُحَابَاة أَو بِنَقْض البيع وَإِذا أعتق الْمولى الْمَأْذُون وَعَلِيهِ دُيُون فعتقه جَائِز وَمَا بَقِي من الدُّيُون يُطَالِبهُ بِهِ بعد الْعتْق فَإِن كَانَ أقل من قِيمَته ضمن الدّين لَا غير فَإِن بَاعه الْمولى وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ وَقَبضه المُشْتَرِي وغيبه فَإِن شَاءَ الْغُرَمَاء ضمنُوا البَائِع قِيمَته وَإِن شَاءُوا ضمنُوا الْمُشْتَرى وَإِن شَاءُوا أَجَازُوا البيع وَأخذُوا الثّمن فَإِن ضمنُوا البَائِع قِيمَته ثمَّ رد على الْمولى بِعَين فللمولى أَن يرجع بِالْقيمَةِ وَيكون حق الْغُرَمَاء فِي العَبْد وَلَو كَانَ الْمولى بَاعه من رجل وأعلمه بِالدّينِ فللغرماء أَن يردوا البيع فَإِن كَانَ البائغ غَائِبا فَلَا خُصُومَة بَينهم وَبَين المُشْتَرِي عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف المُشْتَرِي خصمهم وَيَقْضِي لَهُم بدينهم وَمن قدم مصرا وَقَالَ أَنا عبد لفُلَان فَاشْترى وَبَاعَ لزمَه كل شَيْء من التِّجَارَة إِلَّا أَنه لَا يُبَاع حَتَّى يحضر مَوْلَاهُ وَإِن قَالَ هُوَ مَحْجُور فَالْقَوْل قَوْله
فصل
وَإِذا أذن ولي الصَّبِي للصَّبِيّ فِي التِّجَارَة فَهُوَ فِي البيع وَالشِّرَاء كَالْعَبْدِ الْمَأْذُون إِذا كَانَ يعقل البيع وَالشِّرَاء حَتَّى ينفذ تصرفه

(1/204)


= كتاب الْغَصْب
وَمن غصب شَيْئا لَهُ مثل كالمكيل وَالْمَوْزُون فَهَلَك فِي يَده فَعَلَيهِ مثله فَإِن لم يقدر على مثله فَعَلَيهِ قِيمَته يَوْم يختصمون عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَوْم الْغَصْب وَقَالَ مُحَمَّد يَوْم الِانْقِطَاع ومالا مثل لَهُ فَعَلَيهِ قِيمَته يَوْم غصبه وعَلى الْغَاصِب رد الْعين الْمَغْصُوبَة وَالْوَاجِب الرَّد فِي الْمَكَان الَّذِي غصبه مِنْهُ فَإِن ادّعى هلاكها حَبسه الْحَاكِم حَتَّى يعلم أَنَّهَا لَو كَانَت بَاقِيَة لأظهرها ثمَّ قضى عَلَيْهِ ببدلها وَالْغَصْب فِيمَا ينْقل ويحول وَإِذا غصب عقارا فَهَلَك فِي يَده لم يضمنهُ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَقتل مُحَمَّد رَحمَه الله يضمنهُ وَمَا نقص مِنْهُ بِفِعْلِهِ أَو سكناهُ ضمنه فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن نقص بالزراعة يغرم النُّقْصَان عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد فَيَأْخُذ رَأس مَاله وَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يتَصَدَّق بِالْفَضْلِ وَإِذا هلك النقلي فِي يَد الْغَاصِب بِفِعْلِهِ أَو بِغَيْر فعله ضمنه وَإِن نقص فِي يَده ضمن النُّقْصَان وَمن غصب عبدا فاستغله فنقصته الْغلَّة فَعَلَيهِ النُّقْصَان وَيتَصَدَّق بالغلة فَلَو هلك العَبْد فِي يَد الْغَاصِب حَتَّى ضمن لَهُ أَن يَسْتَعِين بالغلة فِي أَدَاء الضَّمَان وَمن غصب ألفا فَاشْترى بهَا جَارِيَة فَبَاعَهَا بِأَلفَيْنِ ثمَّ اشْترى بالألفين جَارِيَة فَبَاعَهَا بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم فَإِنَّهُ يتَصَدَّق بِجَمِيعِ الرِّبْح عِنْدهمَا خلافًا لأبي يُوسُف وَإِن اشْترى بِالْألف جَارِيَة تَسَاوِي أَلفَيْنِ فَوَهَبَهَا أَو طَعَاما فَأَكله لم يتَصَدَّق بِشَيْء فِي قَوْلهم جَمِيعًا
فصل فِيمَا يتَغَيَّر بِفعل الْغَاصِب
وَإِذا تَغَيَّرت الْعين الْمَغْصُوبَة بِفعل الْغَاصِب حَتَّى زَالَ اسْمهَا ومعظم مَنَافِعهَا زَالَ ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ عَنْهَا وملكها الْغَاصِب وضمنها وَلَا يحل لَهُ الِانْتِفَاع بهَا حَتَّى يُؤَدِّي بدلهَا كمن غصب شَاة وذبحها وشواها أَو طبخها أَو حِنْطَة فطحنها أَو حديدا فاتخذه سَيْفا أَو صفرا فعمله آنِية وَإِن غصب فضَّة أَو ذَهَبا فضربها دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو آنِية لم يزل ملك مَالِكهَا عَنْهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله فيأخذها وَلَا شَيْء للْغَاصِب وَقَالا يملكهَا الْغَاصِب وَعَلِيهِ مثلهَا وَمن غصب ساحة فَبنى عَلَيْهَا زَالَ ملك الْمَالِك

(1/205)


عَنْهَا وَلزِمَ الْغَاصِب قيمتهَا وَمن ذبح شَاة غَيره فمالكها بالخياران شَاءَ ضمنه قيمتهَا وَسلمهَا إِلَيْهِ وَإِن شَاءَ ضمنه نقصانها وَكَذَا الْجَزُور وَكَذَا إِذا قطع يدهما وَمن خرق ثوب غَيره خرقا يَسِيرا ضمن نقصانه وَالثَّوْب لمَالِكه وَإِن خرق خرقا كَبِيرا يبطل عَامَّة مَنَافِعه فلمالكه أَن يضمنهُ جَمِيع قِيمَته وَمن غصب أَرضًا فغرس فِيهَا أَو بنى قيل لَهُ اقلع الْبناء وَالْغَرْس وردهَا فَإِن كَانَت الأَرْض تنقص بقلع ذَلِك فللمالك أَن يضمن لَهُ قيمَة الْبناء وَقِيمَة الْغَرْس مقلوعا ويكونان لَهُ وَمن غصب ثوبا فصبغه أَحْمَر أَو سويقا فلته بِسمن فصاحبه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمَة ثوب أَبيض وَمثل السويق وَسلمهُ للْغَاصِب وَإِن شَاءَ أخذهما وَغرم مَا زَاد الصَّبْغ وَالسمن فيهمَا وَلَو صبغه أسود فَهُوَ نُقْصَان عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا زِيَادَة
فصل
وَمن غصب عينا فغيبها فضمنه الْمَالِك فيمتها ملكهَا وَالْقَوْل فِي الْقيمَة قَول الْغَاصِب مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يُقيم الْمَالِك الْبَيِّنَة بِأَكْثَرَ من ذَلِك فَإِن ظَهرت الْعين وَقيمتهَا أَكثر مِمَّا ضمن وَقد ضمنهَا بقول الْمَالِك أَو بِبَيِّنَة أَقَامَهَا أَو بنكول الْغَاصِب عَن الْيَمين فَلَا خِيَار للْمَالِك وَهُوَ الْغَاصِب فَإِن كَانَ ضمنه بقول الْغَاصِب مَعَ يَمِينه فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمضى الضَّمَان وَإِن شَاءَ أَخذ الْعين ورد الْعِوَض وَمن غصب عبدا فَبَاعَهُ فضمنه الْمَالِك قِيمَته فقد جَازَ بَيْعه وَإِن أعْتقهُ ثمَّ ضمن الْقيمَة لم يجز عتقه وَولد الْمَغْصُوبَة ونماؤها وَثَمَرَة الْبُسْتَان الْمَغْصُوب أَمَانَة فِي يَد الْغَاصِب إِن هلك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا أَن يتَعَدَّى فِيهَا أَو يطْلبهَا مَالِكهَا فيمنعها إِيَّاه وَمَا نقصت الْجَارِيَة بِالْولادَةِ فِي ضَمَان الْغَاصِب فَإِن كَانَ فِي قيمَة الْوَلَد وَفَاء بِهِ انجبر النُّقْصَان بِالْوَلَدِ وَسقط ضَمَانه عَن الْغَاصِب وَمن غصب جَارِيَة فزنى بهَا فحبلت ثمَّ ردهَا وَمَاتَتْ فِي نفَاسهَا يضمن قيمتهَا يَوْم علقت وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْحرَّة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يضمن فِي الْأمة أَيْضا وَلَا يضمن الْغَاصِب مَنَافِع مَا غصبه إِلَّا أَن ينقص بِاسْتِعْمَالِهِ فَيغرم النُّقْصَان

(1/206)


فصل فِي غصب مَا لَا يتقوم
وَإِذا أتلف الْمُسلم خمر الذِّمِّيّ أَو خنزيره ضمن قيمتهمَا فَإِن أتلفهَا لمُسلم لم يضمن فَإِن غصب من مُسلم خمرًا فخللها أَو جلد ميتَة فدبغه فَلصَاحِب الْخمر أَن يَأْخُذ الْخلّ بِغَيْر شَيْء وَيَأْخُذ جلد الْميتَة وَيرد عَلَيْهِ مَا زَاد الدّباغ فِيهِ وَإِن استهلكها ضمن الْخلّ وَلم يضمن الْجلد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يضمن الْجلد مدبوغا وَيُعْطى مَا زَاد الدّباغ فِيهِ وَمن كسر لمُسلم بربطا أَو طبلا أَو مِزْمَارًا أَو دفا أَو اراق لَهُ سكرا أَو منصفا فَهُوَ ضَامِن وَبيع هَذِه الْأَشْيَاء جَائِز عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يضمن وَلَا يجوز بيعهَا وَمن غصب أم ولد أَو مدبره فَمَاتَتْ فِي يَده ضمن قيمَة الْمُدبرَة وَلَا يضمن قيمَة أم الْوَلَد عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يضمن قيمتهمَا = كتاب الشُّفْعَة
الشُّفْعَة وَاجِبَة للخليط فِي نفس الْمَبِيع ثمَّ للخليط فِي حق الْمَبِيع كالشرب وَالطَّرِيق ثمَّ للْجَار وَلَيْسَ للشَّرِيك فِي الطَّرِيق وَالشرب وَالْجَار شُفْعَة مَعَ الخليط فِي الرَّقَبَة فَإِن سلم فَالشُّفْعَة للشَّرِيك فِي الطَّرِيق فَإِن سلم أَخذهَا الْجَار وَلَا يكون الرجل بالجذوع على الْحَائِط شَفِيع شركَة وَلكنه شَفِيع جوَار وَالشَّرِيك فِي الْخَشَبَة تكون على حَائِط الدَّار جَازَ وَإِذا اجْتمع الشفعاء فَالشُّفْعَة بَينهم على عدد رؤوسهم وَلَا يعْتَبر اخْتِلَاف الْأَمْلَاك وَالشُّفْعَة تجب بِعقد البيع وتستقر بالأشهاد وَلَا بُد من طلب المواثبة وتملك بِالْأَخْذِ إِذا سلمهَا المُشْتَرِي أَو حكم بهَا الْحَاكِم
بَاب طلب الشُّفْعَة وَالْخُصُومَة فِيهَا
وَإِذا علم الشَّفِيع بِالْبيعِ أشهد فِي مَجْلِسه ذَلِك على الْمُطَالبَة ثمَّ ينْهض مِنْهُ وَيشْهد على البَائِع إِن كَانَ الْمَبِيع فِي يَده أَو على الْمُبْتَاع أَو عِنْد الْعقار فَإِذا فعل ذَلِك

(1/207)


اسْتَقَرَّتْ شفعته وَلَا تسْقط الشُّفْعَة بِتَأْخِير هَذَا الطّلب عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد أَن تَركهَا شهرا بعد الْإِشْهَاد بطلت وَإِذا تقدم الشَّفِيع إِلَى القَاضِي فَادّعى الشِّرَاء وَطلب الشُّفْعَة سَأَلَ القَاضِي الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن اعْترف بِملكه الَّذِي يشفع بِهِ وَإِلَّا كلفه بِإِقَامَة الْبَيِّنَة فَإِن عجز الْبَيِّنَة اسْتحْلف المُشْتَرِي بِاللَّه مَا يعلم إِلَّا أَنه مَالك للَّذي ذكره مِمَّا يشفع بِهِ فَإِن نكل أَو قَامَت للشَّفِيع بَيِّنَة تثبت ملكه فِي الدَّار الَّتِي يشفع بهَا وَثَبت الْجوَار فَبعد ذَلِك سَأَلَهُ القَاضِي هَل ابْتَاعَ أم لَا فَإِن أنكر الابتياع قيل للشَّفِيع أقِم الْبَيِّنَة فَإِن عجز عَنْهَا اسْتحْلف المُشْتَرِي بِاللَّه مَا ابْتَاعَ أَو بِاللَّه مَا اسْتحق عَلَيْهِ فِي هَذِه الدَّار شُفْعَة من الْوَجْه الَّذِي ذكره وَتجوز الْمُنَازعَة فِي الشُّفْعَة وَإِن لم يحضر الشَّفِيع الثّمن إِلَى مجْلِس القَاضِي فَإِذا قضى القَاضِي بِالشُّفْعَة لزمَه إِحْضَار الثّمن وَإِذا قضى لَهُ بِالدَّار فَلِلْمُشْتَرِي أَن يحْبسهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي الثّمن وَإِن أحضر الشَّفِيع البَائِع وَالْمَبِيع فِي يَده فَلهُ أَن يخاصمه فِي الشُّفْعَة وَلَا يسمع القَاضِي الْبَيِّنَة حَتَّى يحضر المُشْتَرِي فَيفْسخ البيع بمشهد مِنْهُ وَيَقْضِي بِالشُّفْعَة على البَائِع وَيجْعَل الْعهْدَة عَلَيْهِ وَمن اشْترى دَارا لغيره فَهُوَ الْخصم للشَّفِيع إِلَّا أَن يُسَلِّمهَا إِلَى الْمُوكل وَإِذا قضى القَاضِي للشَّفِيع بِالدَّار وَلم يكن رَآهَا فَلهُ خِيَار الرُّؤْيَة وَإِن وجد بهَا عَيْبا فَلهُ أَن يردهَا وَإِن كَانَ المُشْتَرِي شَرط الْبَرَاءَة مِنْهُ
فصل فِي الِاخْتِلَاف
وَإِن اخْتلف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَو أَقَامَا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة للشَّفِيع وَإِذا ادّعى المُشْتَرِي ثمنا وَادّعى البَائِع أقل مِنْهُ وَلم يقبض الثّمن أَخذه الشَّفِيع بِمَا قَالَه البَائِع وَكَانَ ذَلِك حطا عَن المُشْتَرِي وَلَو ادّعى البَائِع الْأَكْثَر يَتَحَالَفَانِ ويترادان وَأيهمَا نكل ظهر أَن الثّمن مَا يَقُوله الآخر فيأخذها الشَّفِيع بذلك وَإِن حلفا يفْسخ القَاضِي البيع على مَا عرف ويأخذها الشَّفِيع بقول البَائِع وَإِن كَانَ قبض الثّمن أَخذ بِمَا قَالَ المُشْتَرِي إِن شَاءَ وَلم يلْتَفت إِلَى قَول البَائِع

(1/208)


فصل فِيمَا يُؤْخَذ بِهِ الْمَشْفُوع
وَإِذا حط البَائِع عَن المُشْتَرِي بعض الثّمن يسْقط ذَلِك عَن الشَّفِيع وَإِن حط جَمِيع الثّمن لم يسْقط عَن الشَّفِيع وَإِن زَاد المُشْتَرِي للْبَائِع لم تلْزم الزِّيَادَة فِي حق الشَّفِيع وَمن اشْترى دَارا بِعرْض أَخذهَا الشَّفِيع بِقِيمَتِه وَإِن اشْتَرَاهَا بمكيل أَو مَوْزُون أَخذهَا بِمثلِهِ وَإِن بَاعَ عقارا بعقار أَخذ الشَّفِيع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِقِيمَة الآخر وَإِذا بَاعَ بِثمن مُؤَجل فَللشَّفِيع الْخِيَار إِن شَاءَ أَخذهَا بِثمن حَال وَإِن شَاءَ صَبر حَتَّى يَنْقَضِي الْأَجَل ثمَّ يَأْخُذهَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذهَا فِي حَال بِثمن مُؤَجل وَإِذا اشْترى ذمى بِخَمْر أَو خِنْزِير دَارا وشفيعها ذمى أَخذهَا بِمثل الْخمر وَقِيمَة الْخِنْزِير وَإِن كَانَ شفيعها مُسلما أَخذهَا بِقِيمَة الْخمر وَالْخِنْزِير
فصل
وَإِذا بنى المُشْتَرِي فِيهَا أَو غرس ثمَّ قضى للشَّفِيع بِالشُّفْعَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ بِالثّمن وَقِيمَة الْبناء وَالْغَرْس وَإِن شَاءَ كلف المُشْتَرِي قلعه وَلَو أَخذهَا الشَّفِيع فَبنى فِيهَا أَو غرس ثمَّ اسْتحقَّت رَجَعَ بِالثّمن وَإِذا انْهَدَمت الدَّار أَو احْتَرَقَ بناؤها أَو جف شجر الْبُسْتَان بِغَيْر فعل أحد فالشفيع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك وَإِن نقض المُشْتَرِي الْبناء قيل للشَّفِيع إِن شِئْت فَخذ الْعَرَصَة بحصتها وَإِن شِئْت فدع وَلَيْسَ للشَّفِيع أَن يَأْخُذ النَّقْض وَمن ابْتَاعَ أَرضًا وعَلى نخلها ثَمَر أَخذهَا الشَّفِيع بثمرها وَكَذَلِكَ إِن ابتاعها وَلَيْسَ فِي النخيل ثَمَر فأثمر فِي يَد المُشْتَرِي فَإِن جذه المُشْتَرِي ثمَّ جَاءَ الشَّفِيع لَا يَأْخُذ الثَّمر فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا فَإِن جذه المُشْتَرِي سقط عَن الشَّفِيع حِصَّته وَهَذَا جَوَاب الْفَصْل الأول أما فِي الْفَصْل الثَّانِي ياخذ مَا سوى الثَّمر بِجَمِيعِ الثّمن
بَاب مَا تجب فِيهِ الشُّفْعَة ومالا تجب
الشُّفْعَة وَاجِبَة فِي الْعقار وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يقسم وَلَا شُفْعَة فِي الْعرُوض والسفن

(1/209)


وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي الشُّفْعَة سَوَاء وَإِذا ملك الْعقار بعوض هُوَ مَال وَجَبت فِيهِ الشُّفْعَة ولاشفعة فِي الدَّار الَّتِي يتَزَوَّج الرجل عَلَيْهَا أَو يخالع الْمَرْأَة بهَا أَو يسْتَأْجر بهَا دَارا أَو غَيرهَا أَو يُصَالح بهَا عَن دم عمد أَو يعْتق عَلَيْهَا عبدا أَو يُصَالح عَلَيْهَا بإنكار فَإِن صَالح عَلَيْهَا فإقرار وَجَبت الشُّفْعَة وَلَا شُفْعَة فِي هبة إِلَّا أَن تكون بعوض مَشْرُوط وَمن بَاعَ بِشَرْط الْخِيَار فَلَا شُفْعَة للشَّفِيع فَإِن أسقط الْخِيَار وَجَبت الشُّفْعَة وَإِن اشْترى بِشَرْط الْخِيَار وَجَبت الشُّفْعَة وَمن ابْتَاعَ دَارا شِرَاء فَاسِدا فَلَا شُفْعَة فِيهَا فَإِن سقط حق الْفَسْخ وَجَبت الشُّفْعَة وَإِذا اقتسم الشُّرَكَاء الْعقار فَلَا شُفْعَة لجارهم بِالْقِسْمَةِ وَإِذا اشْترى دَارا فَسلم الشَّفِيع الشُّفْعَة ثمَّ ردهَا المُشْتَرِي بِخِيَار رُؤْيَة أَو شَرط أَو بِعَيْب بِقَضَاء قَاض فَلَا شُفْعَة للشَّفِيع وَإِن ردهَا بِعَيْب بِغَيْر قَضَاء أَو تَقَايلا البيع فَللشَّفِيع الشُّفْعَة
بَاب مَا تبطل بِهِ الشُّفْعَة
وَإِذا ترك الشَّفِيع الْإِشْهَاد حِين علم بِالْبيعِ وَهُوَ يقدر على ذَلِك بطلت شفعته وَكَذَلِكَ إِن أشهد فِي الْمجْلس وَلم يشْهد على أحد الْمُتَبَايعين وَلَا عِنْد الْعقار وَإِن صَالح من شفعته على عوض بطلت شفعته ورد الْعِوَض وَإِذا مَاتَ الشَّفِيع بطلت شفعته وَإِن مَاتَ المُشْتَرِي لم تبطل وَإِذا بَاعَ وَهُوَ الشَّفِيع مَا يشفع بِهِ قبل أَن يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة بطلت شفعته ووكيل البَائِع إِذا بَاعَ وَهُوَ الشَّفِيع فَلَا شُفْعَة لَهُ ووكيل المُشْتَرِي إِذا ابْتَاعَ فَلهُ الشُّفْعَة وَكَذَلِكَ لَو ضمن الدَّرك عَن البَائِع وَهُوَ الشَّفِيع فَلَا شُفْعَة لَهُ وَإِذا بلغ الشَّفِيع أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَلف دِرْهَم فَسلم ثمَّ علم أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلّ أَو بحنطة أَو شعير قيمتهَا ألف أَو أَكثر فتسليمه بَاطِل وَله الشُّفْعَة وَإِذا قيل لَهُ أَن المُشْتَرِي فلَان فَسلم الشُّفْعَة ثمَّ علم أَنه غَيره فَلهُ الشُّفْعَة وَلَو علم أَن المُشْتَرِي هُوَ مَعَ غَيره فَلهُ أَن يَأْخُذ نصيب غَيره وَلَو بلغه شِرَاء النّصْف فَسلم ثمَّ ظهر شِرَاء الْجَمِيع فَلهُ للشفعة

(1/210)


فصل وَإِذا بَاعَ دَارا إِلَّا بِمِقْدَار ذِرَاع مِنْهَا فِي طول الْحَد الَّذِي يَلِي الشَّفِيع فَلَا شُفْعَة لَهُ وَإِذا ابْتَاعَ مِنْهَا سَهْما بِثمن ثمَّ ابْتَاعَ بقيتها فَالشُّفْعَة للْجَار فِي السهْم الأول دون الثَّانِي وَلَا تكره الْحِيلَة فِي إِسْقَاط الشُّفْعَة عِنْد أبي يُوسُف وَتكره عِنْد مُحَمَّد
مسَائِل مُتَفَرِّقَة
وَإِذا اشْترى خَمْسَة نفر دَارا من رجل فَللشَّفِيع أَن يَأْخُذ نصيب أحدهم وَإِن اشْتَرَاهَا رجل من خَمْسَة أَخذهَا كلهَا أَو تَركهَا وَمن اشْترى نصف دَار غير مقصوم فقاسمه البَائِع أَخذ الشَّفِيع النّصْف الَّذِي صَار للْمُشْتَرِي أَو يدع وَمن بَاعَ دَارا وَله عبد مَأْذُون عَلَيْهِ دين فَلهُ الشُّفْعَة وَكَذَا إِذا كَانَ العَبْد هُوَ البَائِع فلمولاه الشُّفْعَة وَتَسْلِيم الْأَب وَالْوَصِيّ الشُّفْعَة على الصَّغِير جَائِز عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر هُوَ على شفعته إِذا بلغ