تحفة
الفقهاء كتاب السّرقَة
قَالَ رَحمَه الله جمع فِي الْكتاب بَين السّرقَة وَقطع الطَّرِيق
وَتَفْسِير الْبُغَاة وأحكامهم
أما الأول فَنَقُول يحْتَاج إِلَى تَفْسِير السّرقَة الْمُوجبَة للْقطع فِي
الشَّرْع وَإِلَى بَيَان حكمهَا
أما الأول فَهُوَ أَخذ مَال الْغَيْر على سَبِيل الْخفية مَعَ شرائطها
مِنْهَا أَن يكون السَّارِق عَاقِلا بَالغا
وَمِنْهَا أَن يكون الْمَسْرُوق مَالا مُتَقَوّما حَتَّى لَو سرق الْخمر
وَالْخِنْزِير وَجلد الْميتَة فَإِنَّهُ لَا قطع عَلَيْهِ
وَلَو سرق حرا صَغِيرا فَمَاتَ فِي يَده أَو مرض فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَلَو أَصَابَته آفَة من الْوُقُوع فِي الْبِئْر أَو افتراس السَّبع يضمن
لِأَنَّهُ تَضْييع لَهُ
وَمِنْهَا أَن يكون المَال الْمَسْرُوق مُقَدرا عندنَا بِعشْرَة دَرَاهِم
(3/149)
وَعند مَالك بِثَلَاثِينَ درهما
وَعند الشَّافِعِي بِربع دِينَار
وَتكلم الْعلمَاء فِي صفة الدَّرَاهِم الْعشْرَة ذكر أَبُو الْحسن
الْكَرْخِي أَنه يعْتَبر عشرَة دَرَاهِم مَضْرُوبَة
وَكَذَا رُوِيَ عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَنه لَا يقطع فِي عشرَة دَرَاهِم
تبرا مَا لم تكن مَضْرُوبَة
وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا سرق عشرَة مِمَّا يروج بَين النَّاس
قطع فَهَذَا يدل على أَن التبر إِذا كَانَ رائجا يقطع فِيهِ
وَيجب أَن يكون وزن الدَّرَاهِم الْعشْرَة وزن سَبْعَة مَثَاقِيل كَمَا فِي
نِصَاب الزَّكَاة
وَيجب أَن يكون قيمَة الْمَسْرُوق عشرَة من وَقت السّرقَة إِلَى وَقت
الْقطع وَلَا ينتقص من حَيْثُ السّعر
وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد أَنه لَا يعْتَبر نُقْصَان السّعر بعد الْأَخْذ
وَلَو سرق فِي بلد وَأخذ فِي بلد أُخْرَى لَا يقطع مَا لم تكن الْقيمَة فِي
البلدين عشرَة
فَأَما نُقْصَان الْقيمَة بانتقاص الْعين بعد الْأَخْذ فَلَا عِبْرَة بِهِ
فَيقطع لِأَنَّهُ لَو هلك كُله لقطع فَكَذَا إِذا انْتقصَ
وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا شَرط فِي سَرقَة عشر من حرز وَاحِد فَإِن أَخذ
عشرَة من حرز وَاحِد يقطع سَوَاء كَانَت الْعشْرَة لوَاحِد أَو لجَماعَة
لِأَنَّهَا سَرقَة وَاحِدَة من حرز وَاحِد
وَلَو أخرج عشرَة لرجل بَعْضهَا من دَار وَبَعضهَا من دَار أُخْرَى لَا يجب
الْقطع لِأَنَّهُ سرقتان بِلَا نِصَاب
وَلَو أخرج من دَار وَاحِدَة عشرَة مرّة خَمْسَة وَمرَّة خَمْسَة لَا
(3/150)
يقطع مَا لم يُوجد إِخْرَاج الْعشْرَة
جملَة مرّة وَاحِدَة
وَلَو حمل اللُّصُوص جملَة مَتَاعا من الْحِرْز دفْعَة وَاحِدَة فَإِن بلغ
قيمَة الْمَتَاع مِقْدَار مَا تكون حِصَّة كل وَاحِد مِنْهُم نِصَابا
كَامِلا يجب الْقطع وَإِلَّا فَلَا
وَمِنْهَا أَن يكون المَال الْمَسْرُوق مَحْفُوظًا محرزا على الْكَمَال
وَإِنَّمَا يكون محرزا بِأحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون فِي مَكَان معد
للإحراز عَادَة كالدور والبيوت والحوانيت والصناديق
وَإِمَّا أَن يكون محرزا بِالْحَافِظِ
وَفِي الْقسم الأول يكون الْمَكَان حرْزا بِنَفسِهِ سَوَاء كَانَ ثمَّة
حَافظ أَو لَا وَذَلِكَ أَن يكون فِي الْأَمْصَار والقرى والخيام والأخبية
فِي المفاوز مَعَ جمَاعَة ممتنعة إِلَّا إِذا كَانَ الْبَاب مَفْتُوحًا فِي
اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَيْسَ ثمَّة حَافظ فَهَذَا لَا يكون حرْزا فِي
الْعَادة
وَأما الْقسم الثَّانِي فَأن لَا يكون الْمَكَان حرْزا بِنَفسِهِ
وَإِنَّمَا يكون حرْزا بِالْحَافِظِ وَذَلِكَ نَحْو قَارِعَة الطَّرِيق
والمفازة والمساجد فَإِن كَانَ ثمَّة حَافظ قريب من المَال يكون حرْزا
سَوَاء كَانَ نَائِما أَو يقظانا
وَلَو كَانَ الْعدْل والجوالق على الدَّابَّة فِي حَال السّير فَسرق رجل من
الْعدْل يقطع
وَلَو سرق وَالْعدْل نَفسه والجوالق لَا يَقع لِأَن هَذَا غير مَحْفُوظ
بالسائق
وَلَو دخل السَّارِق الْحِرْز وَأخذ مِنْهُ مَتَاعا فَقبل أَن يُخرجهُ علم
بِهِ صَاحب الْحِرْز فَأَخذه لَا يقطع لِأَنَّهُ لم يُوجد مِنْهُ
الْإِخْرَاج من الْحِرْز
وَلَو أَخذه السَّارِق وَرمى بِهِ إِلَى خَارج الْحِرْز فَأَخذه صَاحبه
ثمَّ إِن صَاحب الْحِرْز أَخذ السَّارِق من الْحِرْز لَا يقطع لِأَنَّهُ لم
تثبت يَده عَلَيْهِ
(3/151)
عِنْد الْخُرُوج لثُبُوت يَد غَيره
وَلَو رَمَاه من الْحِرْز ثمَّ خرج وَأَخذه يجب الْقطع عندنَا خلافًا لزفَر
لِأَن هَذَا فِي حكم يَده إِذا لم يَأْخُذهُ غَيره
وَلَو أَخذ الْمَتَاع من الْحِرْز وناول صاحبا لَهُ خَارج الْحِرْز فَلَا
قطع عَلَيْهِمَا عِنْد أبي حنيفَة كَيْفَمَا كَانَ وَقَالَ مُحَمَّد إِن
أخرج الدَّاخِل يَده من الْحِرْز ونال الْخَارِج يقطع الدَّاخِل دون
الْخَارِج وَإِن أَدخل الْخَارِج يَده فِي الْحِرْز وَأخذ فَلَا قطع
عَلَيْهِمَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا أخرج الدَّاخِل يَده لَا قطع عَلَيْهِ لِأَن
عِنْده دُخُول الْحِرْز لَيْسَ بِشَرْط إِذا أمكن السَّارِق أَخذ المَال
المحرز
وعَلى هَذَا إِن السَّارِق إِذا نقب الْجِدَار وأخد المَال المحرز
وعَلى هَذَا إِن السَّارِق إِذا نقب الْجِدَار وَأدْخل يَده وَأخذ مَتَاعا
يُسَاوِي عشرَة دَرَاهِم لَا قطع عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقطع
وَكَذَا لَو دخل الْحِرْز وَجمع المتع عِنْد النقب ثمَّ خرج وَأدْخل يَده
وَأخرج فَهُوَ على هَذَا الْخلاف
وَكَذَا لَو دخلُوا الْحِرْز وحملوا الْأَمْتِعَة على ظهر رجل مِنْهُم أَو
رجلَيْنِ حَتَّى أخرجَا الْأَمْتِعَة وَخرج الْبَاقُونَ من غير حمل شَيْء
الْقيَاس أَن لَا يقطع غير الْحَامِل وَفِي الِاسْتِحْسَان يقطعون لِأَن
السّرقَة من الْجَمَاعَة هَكَذَا تكون عَادَة
وَكَذَا لَو حملُوا على دَابَّة حَتَّى خرجت بهَا من الْحِرْز يجب الْقطع
وَإِن كَانَ مَعَهم صبي أَو مَجْنُون لَا قطع على الْكل عِنْد أبي حنيفَة
وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن باشرا الْإِخْرَاج دون الْكِبَار
العاقلين لَا
(3/152)
قطع على الْكل وَإِن بَاشر الْإِخْرَاج
غَيرهمَا يجب الْقطع على الْكِبَار
وَمِنْهَا أَن يكون الْمَسْرُوق أعيانا قَابِلَة للإدخار والإمساك وَلَا
يتسارع إِلَيْهَا الْفساد حَتَّى لَو سرق ثمارا مجدودة محرزة فِي حَظِيرَة
عَلَيْهَا بَاب مغلق أَو كَانَ ثمَّة حَافظ وَلَكِن يتسارع إِلَيْهَا
الْفساد نَحْو الْعِنَب والتين والسفرجل وَالرّطب والبقول لَا يقطع
وَلَو كَانَت مِمَّا يبْقى مثل الْجَوْز واللوز وَالتَّمْر الْيَابِس
والفواكه الْيَابِسَة يجب الْقطع
وَلَو كَانَت الثَّمَرَة الْبَاقِيَة على الشّجر وَالْحِنْطَة فِي السنبلة
لم تحصد فِي حَائِط موثق أَو ثمَّة حَافظ لَا يجب الْقطع لِأَنَّهُ لم
تستحكم مَالِيَّته بعد
وعَلى هَذَا لَو سرق اللَّحْم الطري أَو الْيَابِس لَا يجب الْقطع
لِأَنَّهُ مِمَّا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد
وعَلى هَذَا
النَّبِيذ الْحَلَال والعصير وَاللَّبن بِخِلَاف الْخلّ والدبس
وَمِنْهَا أَن لَا يكون الْمَسْرُوق شَيْئا يُوجد مُبَاح الأَصْل كالطيور
والخشب والقصب والنورة وَاللَّبن إِلَّا إِذا كَانَ شَيْئا لَهُ خطر عِنْد
النَّاس كالذهب وَالْفِضَّة واللعل والفيروزج والساج والعاج وَنَحْوهَا أَو
يحدث فِيهِ صنع كالسرير وَنَحْوه
وَمِنْهَا أَن لَا يكون مَأْذُونا بِالدُّخُولِ فِي الْحِرْز أَو فِيهِ
شُبْهَة الْإِذْن كالسرقة من ذَوي الرَّحِم الْمحرم
وَكَذَلِكَ عبد الرجل ومدبره ومكاتبه وخادمه وخادم امْرَأَته
(3/153)
وأجيرهما وضيفهما وَنَحْو ذَلِك
وَكَذَلِكَ لَو سرق العَبْد من ابْن مَوْلَاهُ وأبويه لِأَنَّهُ يدْخل
عَلَيْهِم عَادَة
وَإِن سرق من غَرِيمه فَإِن كَانَ من جنس دينه وَهُوَ حَال لَا يقطع وَإِن
كَانَ الدّين مُؤَجّلا لَا يقطع اسْتِحْسَانًا
وَإِن كَانَ الْمَسْرُوق أَكثر من الدّين وَتلك الزِّيَادَة تكون نصبا
فَكَذَلِك لِأَن حَقه ثَابت فِي الْجُمْلَة شَائِعا
وَإِن كَانَ من خلاف جنسه يقطع خلافًا للشَّافِعِيّ
وَبَعض أَصْحَابنَا قَالُوا لَا يقطع لاخْتِلَاف الْعلمَاء فِيهِ من السّلف
وَمِنْهَا أَن لَا يكون الْمَسْرُوق شَيْئا لَهُ تَأْوِيل الْأَخْذ أَو
الْإِتْلَاف كَمَا إِذا سرق مُصحفا أَو صليبا أَو نردا أَو شطرنجا من ذهب
أَو فضَّة
وَمِنْهَا أَن لَا يكون النّصاب تبعا لما لَا يقطع بسرقته كَمَا إِذا سرق
كَلْبا أَو سنورا وَفِي عُنُقه طوق ذهب أَو فضَّة أَو مُصحفا مرصعا
بِالذَّهَب والياقوت أَو سرق صَبيا حرا عَلَيْهِ حلى أَو ثِيَاب ديباج لَا
يجب الْقطع
وَكَذَلِكَ لَو سرق إِنَاء فضَّة فِيهِ طَعَام وَأخرجه من الْحِرْز كَذَلِك
لَا يجب الْقطع
وَلَو صب الطَّعَام وَأخرج الْإِنَاء يقطع
وَمِنْهَا شَرط ظُهُور السّرقَة الْمُوجبَة للْقطع عِنْد القَاضِي وَهُوَ
خُصُومَة الْمَسْرُوق مِنْهُ حَتَّى لَو شهدُوا على السّرقَة من غير
خُصُومَة أَو أقرّ السَّارِق فَإِن القَاضِي لَا يقطع
وَلَو جَاءَ السَّارِق ثَانِيًا إِلَى الْمَالِك ورد إِلَيْهِ قبل المرافعة
إِلَى الْحَاكِم سقط الْحَد فِي الْمَشْهُور عندنَا
وَأما إِذا ردهَا بعد المرافعة وَسَمَاع الْبَيِّنَة لَا يسْقط الْقطع
سَوَاء
(3/154)
كَانَ قبل الْقَضَاء أَو بعده
وَأما إِذا وَهبهَا من السَّارِق أَو ملكهَا السَّارِق بِوَجْه مَا سقط
الْقطع قبل الْقَضَاء وَبعده عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ
ثمَّ الشَّرْط خُصُومَة الْمَسْرُوق مِنْهُ بِأَن كَانَ صَاحب ملك أَو
صَاحب يَد أَمَانَة أَو يَد ضَمَان وَيثبت السّرقَة فِي حق الِاسْتِرْدَاد
أما فِي حق الْقطع فعندنا كَذَلِك وَعند زفر لَا يثبت
وَالشَّافِعِيّ يَقُول لَا يعْتَبر خُصُومَة غير الْمَالِك أصلا
وَأما السَّارِق من السَّارِق فَإِن خصومته لَا تعْتَبر فِي حق الْقطع
بِالْإِجْمَاع
وَهل تعْتَبر فِي حق الِاسْتِرْدَاد فِيهِ رِوَايَتَانِ
وَإِنَّمَا تعْتَبر الْخُصُومَة إِذا لم يتقادم الْعَهْد
فَأَما إِذا تقادم عهد السّرقَة فَلَا يسمع الْخُصُومَة كَمَا فِي حد
الزِّنَا على مَا ذكرنَا
وَأما قطاع الطَّرِيق والبغاة فَنَقُول إِن قطاع الطَّرِيق الَّذين لَهُم
أَحْكَام مَخْصُوصَة لَهُم شَرَائِط أَحدهَا أَن يكون لَهُم مَنْعَة وشوكة
بِحَيْثُ لَا تمكن للمارة المقاومة مَعَهم وَقَطعُوا الطَّرِيق عَلَيْهِم
سَوَاء كَانَ بِالسِّلَاحِ أَو بالعصا الْكَبِيرَة وَالْحجر وَغَيرهَا
وَالثَّانِي أَن يكون ذَلِك خَارج الْمصر بَعيدا عَنهُ
فَأَما فِي الْمصر وقريبا مِنْهُ أَو بَين مصرين فَلَا يكون قطع الطَّرِيق
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَخِلَافًا لأبي يُوسُف
وَالثَّالِث أَن يكون ذَلِك فِي دَار الْإِسْلَام على أهل دَار الْإِسْلَام
وَالرَّابِع أَن يُوجد فِيهِ جَمِيع مَا شَرط فِي السّرقَة الصُّغْرَى
حَتَّى إِن مَا أخذُوا لَو قسم على القطاع فَأصَاب كل وَاحِد مِنْهُم عشرَة
دَرَاهِم
(3/155)
يجب الْقطع وَإِلَّا فَلَا
وَيشْتَرط أَن يكون القطاع كلهم أجانب فِي حق أَصْحَاب الْأَمْوَال وَأَن
يكون كلهم من أهل وجوب الْقطع حَتَّى إِذا كَانَ أحدهم ذَا رحم محرم أَو
صَبيا أَو مَجْنُونا لَا يجب عَلَيْهِم الْقطع عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد
خلافًا لأبي يُوسُف
وَإِذا كَانَ مَعَهم امْرَأَة فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالأَصَح أَنه لَا
يقطع
وَالْخَامِس أَن يظفر بهم الإِمَام قبل التَّوْبَة ورد الْأَمْوَال إِلَى
أَرْبَابهَا
أما أحكامهم فَنَقُول إِن قطع الطَّرِيق على أَرْبَعَة أَنْوَاع إِن أخذُوا
المَال لَا غير تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف إِذا كَانُوا صحيحي
الْأَطْرَاف
وَإِن قتلوا وَلم يَأْخُذُوا المَال قتلوا
وَإِن أخذُوا المَال وَقتلُوا فالإمام بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قطع وَقتل
وَإِن شَاءَ قتل لَا غير ثمَّ هُوَ مُخَيّر بَين أَن يقْتله صلبا وَبَين
أَن يقْتله بِلَا صلب
ثمَّ الْكَرْخِي يَقُول يصلب حَيا ثمَّ يقتل والطَّحَاوِي يَقُول يصلب
مقتولا
وَإِن خوفوا بِقطع الطَّرِيق لَا غير يحبسون ويعزرون حَتَّى يتوبوا وَهُوَ
تَفْسِير النَّفْي لقَوْله تَعَالَى {أَو ينفوا من الأَرْض}
(3/156)
ثمَّ إِذا أقيم الحدان الْقطع وَالْقَتْل
فَلَا شَيْء عَلَيْهِم من ضَمَان مَا هلك من الْأَمْوَال وَضَمان
الْجِرَاحَات وَالْقَتْل لِأَن الْحَد مَعَ الضَّمَان لَا يَجْتَمِعَانِ
وَأما إِذا فَاتَ شَيْء من الشَّرَائِط حَتَّى لَا يُقَام الْحَد عَلَيْهِم
فَإِنَّهُ يحكم القَاضِي بِمَا هُوَ حكم ذَلِك الْفِعْل بِدُونِ قطع
الطَّرِيق حَتَّى إِذا أخذُوا المَال لَا غير يجب الرَّد أَو الضَّمَان
فَإِن قتلوا لَا غير يجب الْقصاص لَا الْحَد حَتَّى إِذا قتلوا
بِالسِّلَاحِ يقتلُوا وَلَا يقتلُوا إِذا قتلوا بِغَيْر السِّلَاح
وَلَا يقتل الردء والمعين
وَإِن خَرجُوا إِن أمكن اسْتِيفَاء الْقصاص يقْتَصّ مِنْهُم وَإِلَّا فَيجب
الضَّمَان
وَأما الْبُغَاة فقوم لَهُم شَوْكَة ومنعة وخالفوا الْمُسلمين فِي بعض
الْأَحْكَام بالتأويل كالخوارج وَغَيرهم وظهروا على بَلْدَة من الْبِلَاد
وَكَانُوا فِي عَسْكَر وأجروا أحكامهم
فَإِذا قطعُوا الطَّرِيق على أهل الْعدْل من الْمُسَافِرين فَلَا يجب
عَلَيْهِم الْحَد لأَنهم يدعونَ إِبَاحَة أَمْوَالهم عَن تَأْوِيل وَلَهُم
مَنْعَة
وَلَو جَاءَ رجل من أهل الْبَغي تَائِبًا وأتى بسارق قد سرق مَاله من أهل
الْبَغي لَا يقطعهُ الإِمَام الْعدْل
وَلَو كَانَ رجل مِنْهُم فِي دَار أهل الْعدْل فَسرق مَال أهل الْعدْل يقطع
وَإِن استحله لِأَنَّهُ لَا مَنْعَة لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم
(3/157)
|