تحفة الفقهاء

كتاب الْحِوَالَة
الْحِوَالَة مَشْرُوعَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من أُحِيل على مَلِيء فليتبعه
ثمَّ الْحِوَالَة مبرئة عندنَا حَتَّى يبرأ الْمُحِيل من الدّين الَّذِي عَلَيْهِ بالحوالة إِلَى الْمُحْتَال عَلَيْهِ
وللمحتال لَهُ أَن يُطَالب الْمُحْتَال عَلَيْهِ لَا غير
وَقَالَ زفر لَا يبرأ وَله أَن يطالبهما كَمَا فِي الْكفَالَة
وَكَذَا الْكفَالَة بِشَرْط بَرَاءَة الْأَصِيل حِوَالَة أَيْضا عندنَا لِأَنَّهَا حِوَالَة معنى
ثمَّ لَيْسَ للمحتال لَهُ أَن يرجع على الْمُحِيل إِلَّا إِذا توى مَا على الْمُحْتَال عَلَيْهِ وَذَلِكَ بطريقين عِنْد أبي حنيفَة بِأَن يَمُوت الْمُحْتَال عَلَيْهِ مُفلسًا أَو يجْحَد الْمُحْتَال عَلَيْهِ الْحِوَالَة وَيحلف
وَعِنْدَهُمَا بِهَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وبطريق ثَالِث وَهُوَ أَن يقْضِي القَاضِي بإفلاسه فِي حَال الْحَيَاة لِأَن الْقَضَاء بالإفلاس صَحِيح عِنْدهمَا فِي حَالَة الْحَيَاة وَعند أبي حنيفَة لَا يَصح
وعَلى قَول الشَّافِعِي لَا يعود الدّين إِلَى الْمُحِيل أبدا وَالْمَسْأَلَة مَعْرُوفَة

(3/247)


ثمَّ الْحِوَالَة نَوْعَانِ مُطلقَة ومقيدة أما الْمُطلقَة فَأن يحِيل صَاحب الدّين على رجل لَهُ مَال عَلَيْهِ أَو لم يكن وَقبل ذَلِك الرجل
فَإِن لم يكن عَلَيْهِ مَال يجب عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي
وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مَال وَلم يُقيد الْحِوَالَة بِهِ بِأَن لم يقل أحيله عَلَيْك بِمَالي عَلَيْك أَو على أَن تعطيه مِمَّا عَلَيْك وَقبل الْمُحْتَال عَلَيْهِ فَعَلَيهِ أَدَاء الْأَلفَيْنِ ألف إِلَى الْمُحِيل وَألف إِلَى الْمُحْتَال لَهُ وللمحيل أَن يُطَالِبهُ بذلك الْألف لِأَنَّهُ لم تتقيد الْحِوَالَة بِهِ كَمَا إِذا كَانَ عِنْد رجل ألف دِرْهَم وَدِيعَة فأحال غَرِيمه عَلَيْهِ بِأَلف دِرْهَم وَلم يُقَيِّدهُ بِالْألف الْوَدِيعَة فَقبله لَهُ أَن يَأْخُذ الْوَدِيعَة وعَلى الْمُحْتَال عَلَيْهِ أَدَاء الْألف بالحوالة
فَأَما إِذا قيد الْأَدَاء بِالْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ فَلَيْسَ للْمُحِيل أَن يُطَالِبهُ بِالْأَدَاءِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق الْمُحْتَال لَهُ فَإِذا أدّى تقع الْمُقَاصَّة بَينهمَا
ثمَّ فِي الْحِوَالَة الْمُطلقَة إِذا لم يكن على الْمُحْتَال عَلَيْهِ دين فَأدى إِلَى الْمُحْتَال لَهُ أَو وهب لَهُ الْمُحْتَال لَهُ أَو تصدق عَلَيْهِ أَو ورث من الْمُحْتَال لَهُ أَو أدّى الْمُحْتَال عَلَيْهِ دَنَانِير أَو عرُوضا بدل الدَّرَاهِم فَإِنَّهُ يرجع على الْمُحِيل بِالْمَالِ بِمَنْزِلَة الْكَفِيل على مَا مر
وَإِن أَبرَأَهُ عَن الدّين وَقبل مِنْهُ وَلم يرد الْإِبْرَاء فَإِنَّهُ يبرأ
وَلَا يرجع على الْمُحِيل بِشَيْء كَمَا فِي الْكفَالَة
هَذَا إِذا كَانَت الْحِوَالَة بِأَمْر الْمُحِيل فَإِن كَانَت بِغَيْر أمره فَأدى الْمُحْتَال عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يرجع وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فَهُوَ بِحَالهِ

(3/248)