لسان الحكام في معرفة الأحكام

الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة
حكم الْغَصْب نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا يرجع إِلَى الْآخِرَة وَهُوَ الاثم وَاسْتِحْقَاق الْمُؤَاخَذَة وَالثَّانِي مَا يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَهُوَ أَنْوَاع بَعْضهَا يرجع إِلَى حَال قيام الْعين وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال هلاكها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال نقصانها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال زيادتها أما الَّذِي يرجع إِلَى حَال قيام الْعين فَهُوَ وجوب رد الْعين إِلَى مَالِكهَا فِي مَكَان غصبه لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد ثمَّ الرَّد هُوَ الْمُوجب الْأَصْلِيّ على مَا قَالُوا ورد الْقيمَة مخلص خلفا عِنْده لِأَنَّهَا قَاصِرَة والكمال فِي رد الصُّورَة وَالْمعْنَى
وَقيل الْمُوجب الْأَصْلِيّ الْقيمَة ورد الْعين بدل عَنْهَا وَلِهَذَا يعْتَبر فِي غير ذَوَات الْأَمْثَال قيمَة الْمَغْصُوب يَوْم غصبه وَيظْهر ذَلِك فِي بعض الْأَحْكَام مِنْهَا إِذا غصب جَارِيَة قيمتهَا ألف وَله ألف دِرْهَم وَقد حَال عَلَيْهِ الْحول فَإِنَّهُ لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة عَن الْألف لِأَنَّهُ مديون وَالزَّكَاة غير وَاجِبَة عَلَيْهِ مِنْهَا إِذا أَبْرَأ

(1/304)


الْغَاصِب عَن الضَّمَان مَعَ قيام الْعين يَصح حَتَّى لَو هَلَكت بعد ذَلِك لَا يجب الضَّمَان فلولا أَن الْمُوجب الْأَصْلِيّ هُوَ الْقيمَة وَإِلَّا لما صَحَّ الْإِبْرَاء لِأَن الْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يَصح وَمِنْهَا صِحَة الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالمغصوب حَال قيام الْعين إِذْ لَو كَانَ رد الْعين أصلا لما صَحَّ الرَّهْن وَالْكَفَالَة لِأَن الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالأعيان لَا يَصح
وَفِي الجلالية وعَلى قَول من يَقُول الْمُوجب الْأَصْلِيّ رد الْعين لَا يَصح الْإِبْرَاء وَالرَّهْن وَالْكَفَالَة حَال قيام الْعين
وَفِي الْمُحِيط وَلَو غصب دَرَاهِم أَو دَنَانِير فالمالك يَأْخُذهَا مِنْهُ حَيْثُ وجده وَلَيْسَ لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِالْقيمَةِ وَإِن اخْتلف السّعر لِأَنَّهَا أَثمَان وَمعنى الثمنية لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَكَان وَإِذا هلك الْمَغْصُوب يجب ضَمَان مثله إِن كَانَ مثلِيا كالمكيلات والموزنات والمعدودات المتقاربة وَإِن لم يكن مثلِيا كالمزروعات والمعدودات الْغَيْر المتقاربة والحيوانات يجب ضَمَان قِيمَته يَوْم الْغَصْب لِأَن ضَمَان الْغَصْب ضَمَان اعتداء وَضَمان الاعتداء لم يشرع الا بِالْمثلِ قَالَ الله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} والمثل الْمُطلق هُوَ الْمثل صُورَة وَمعنى
وَلَو كَانَت الْقيمَة فِي مَكَان الْخُصُومَة أَكثر فالغاصب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعْطى مثله حَيْثُ خَاصم وَإِن شَاءَ أعْطى قِيمَته حَيْثُ غصب مِنْهُ إِلَّا أَن يرضى الْمَغْصُوب مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِن الْغَاصِب لَا يلْزمه دفع الضَّمَان فِي مَكَان الْغَصْب بل اينما لقِيه أَخذه وَإِن كَانَت الْقيمَة فِي المكانين سَوَاء فللمالك أَن يُطَالِبهُ بِالْمثلِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِهِ وَاحِد مِنْهُمَا اه
وَإِذا نقص الْمَغْصُوب فِي يَد الْغَاصِب ضمن النُّقْصَان لِأَن الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يردهُ على الْوَصْف الَّذِي غصبه بِهِ بِخِلَاف الْمَبِيع فَإِنَّهُ إِذا نقص فِي يَد البَائِع لَا يجب فِي مُقَابلَته شَيْء وَلَكِن يُخَيّر المُشْتَرِي بَين أَن يَأْخُذهُ بِكُل الثّمن أَو يتْركهُ لِأَنَّهُ ضَمَان عقد وَالْعقد يرد على الْأَعْيَان لَا على الْأَوْصَاف أما ضَمَان الْغَصْب فمتعلق بِالْفِعْلِ على مَا بَينا
إِذا غصب رجل ثوب انسان فصبغه الْغَاصِب بصبغ نَفسه أَحْمَر أَو أصفر فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب من الْغَاصِب وَأَعْطَاهُ مَا زَاد الصَّبْغ فِيهِ وَإِن شَاءَ ضمنه قيمَة ثوب أَبيض يَوْم الْغَصْب وَقيل لَهُ خِيَار ثَالِث وَهُوَ قَول أبي عصمَة إِن شَاءَ رب الثَّوْب بَاعَ الثَّوْب على حَاله وَيقسم الثّمن على قدر حصتهما كَمَا إِذا انصبغ لَا بِفعل أحد لِأَن الثَّوْب ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ والصبغ ملك الْغَاصِب والتمييز مُتَعَذر فصارا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْب فَيُبَاع الثَّوْب وَيقسم الثّمن بَينهمَا على قدر حصتهما وَهَذَا حسن لِأَنَّهُ طَرِيق لايصال حق كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه معنى وَإِنَّمَا خيرنا صَاحب الثَّوْب دون الْغَاصِب مَعَ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحب حق لِأَن صَاحب الثَّوْب صَاحب أصل وَالْغَاصِب صَاحب وصف فَكَانَ إِثْبَات الْخِيَار لصَاحب الأَصْل أولى
وَفِي البزازي رجل غصب حانوتا واتجر فِيهِ وَربح يطيب لَهُ الرِّبْح لِأَنَّهُ حصل بِالتِّجَارَة
وَلَو مر فِي أَرض الْغَيْر إِذا وجد طَرِيقا ثمَّة لَا يحل وَإِن لم يجد طَرِيقا لَهُ ذَلِك مالم يمنعهُ صَاحب الأَرْض فَإِذا مَنعه حرم عَلَيْهِ الْمُرُور لِأَن الصَّرِيح يبطل الدّلَالَة وَهَذَا إِذا كَانَ الْمَار وَاحِدًا فَإِن كَانُوا جمَاعَة فَلَا يُبَاح
والمرور فِي الطَّرِيق الْحَادِث إِن كَانَ مَالِكه جعله طَرِيقا يجوز وَإِن لم يعلم أَو علم أَنه غصب فَهَذَا بِنَاء

(1/305)


على أَن الْمُرُور فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر اذنه هَل يُبَاح اخْتلفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيه إِن علم أَن الْمَالِك أحدثه حل وَإِن علم أَنه غصب حرم وَعَن الامام الْأَعْظَم رَحمَه الله تَعَالَى أَنه إِذا كَانَ لَهُ حَائِط أَو حَائِل لَا يحل الْمُرُور وَلَا النُّزُول فِيهِ وَإِن لم يكن فَلَا بَأْس بِهِ وَعَن أبي الْقَاسِم رَحمَه الله تَعَالَى إِذا خَفِي عَلَيْهِ الطَّرِيق يمشي فِي الأَرْض المزروعة وَلَا يطَأ الزَّرْع وَفِي المنبع رجل غصب جَارِيَة فحبلت فِي يَده إِن كَانَ الْحَبل من الْمولى أَو الزَّوْج فَلَا شَيْء على الْغَاصِب وَإِن كَانَ الْحَبل من زنى أَخذهَا الْمولى وَضَمنَهُ النُّقْصَان
وَالْكَلَام فِي قدر الضَّمَان قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله ينظر إِلَى مَا نَقصهَا الْحَبل وَإِلَى أرش عيب الزِّنَى فَيضمن الْأَكْثَر وَيدخل الْأَقَل فِيهِ وَهَذَا اسْتِحْسَان وَفِي الْقيَاس أَن يضمن الْأَمريْنِ جَمِيعًا وروى عَن مُحَمَّد أَنه أَخذ بِهِ لِأَن الْحَبل والزنى كل وَاحِد مِنْهُمَا عيب على حِدة فَكَانَ النُّقْصَان الْحَاصِل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا نُقْصَانا على حِدة فيفرز بِضَمَان على حِدة
وَمن غصب أمة فزنى بهَا هُوَ أَو غَيره فحبلت عِنْده فَردهَا إِلَى الْمَالِك فَهَلَكت بِالْولادَةِ أَو فِي النّفاس ضمن الْغَاصِب قيمتهَا يَوْم علقت وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْحرَّة اتِّفَاقًا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يضمن فِي الْأمة شَيْئا أَيْضا وَالصَّحِيح أَن عَلَيْهِ ضَمَان نُقْصَان الْحَبل عِنْدهمَا وَهل يجب على الْغَاصِب حد الزِّنَى أم لَا لم يتَعَرَّض لهَذَا الحكم فِي الْهِدَايَة وَلَا فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير لَكِن ذكر الشَّيْخ حسام الدّين السغناقي رَحمَه الله تَعَالَى فِي نهايته أَنه يجب الْحَد لِأَن ضَمَان الْغَصْب يُوجب الْملك دون ضَمَان الْجِنَايَة وَلِهَذَا لَو زنى بِجَارِيَة ثمَّ قَتلهَا يحد عِنْدهم لِأَنَّهُ لَا يملكهَا بِالضَّمَانِ حَتَّى يصير شُبْهَة بِخِلَاف مالو غصب جَارِيَة فزنى بهَا فَقَتلهَا ثمَّ ضمن قيمتهَا لم يحد لِأَن ضَمَان الْغَصْب يُوجب الْملك وَلَو غصب أمة فزنى بهَا فَمَاتَتْ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى الْأَصَح أَنه تجب الْقيمَة وَلَا يجب الْحَد فعلى هَذَا إِن وجوب ضَمَان الْجِنَايَة مَعَ وجوب الْحَد يَجْتَمِعَانِ وَأما وجوب ضَمَان الْغَصْب مَعَ وجوب الْحَد فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَفِي العمادى إِذا حبس رجلا حَتَّى ضَاعَ مَاله لَا يضمن وَلَو حبس المَال من الْمَالِك وَضاع يضمن
إِذا حَال بَين رجل وأملاكه حَتَّى تلفت لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو فعل ذَلِك فِي الْمَنْقُول ضمن
رجل وقف بِجنب دَابَّة انسان وَمنع صَاحبهَا عَنْهَا حَتَّى هَلَكت لَا يضمن وأوضح من هَذَا إِذا قَاتل صَاحب المَال وَقَتله وَلم يَأْخُذهُ حَتَّى تلف المَال لَا يضمن وَقد مر فِي فصل أَنْوَاع الضمانات مَا يُخَالف هَذِه الْمَسْأَلَة
وَسُئِلَ مَوْلَانَا الشَّيْخ عَلَاء الدّين وَالشَّيْخ نظام الدّين عَن صَاحب العمادى تغمدهم الله برحمته عَن رجل ختم مَاء أرز آخر حَتَّى هلك الْأرز هَل يضمن أجَاب مَوْلَانَا الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَنه يضمن
وَفِي التَّجْنِيس رجل أَرَادَ أَن يسْقِي زرعه فَمَنعه إِنْسَان حَتَّى فسد زرعه لَا يضمن قلت وَهَذِه الْمَسْأَلَة تخَالف مَا قبلهَا وَالله أعلم
وَفِي الْقنية إِذا منع الْآجر أَو صَاحب الأَرْض الْمُسْتَأْجر من نقل مَتَاعه إِلَى أَن يُعْطي مَا عَلَيْهِ من الْخراج فَهَلَك من مطر أَو غَيره لَا يضمن إِذا اخْتلف الْغَاصِب وَالْمَغْصُوب مِنْهُ فِي الْقيمَة فَالْقَوْل فِي قيمَة الْمَغْصُوب قَول الْغَاصِب مَعَ الْيَمين إِلَّا أَن يُقيم الْمَالِك الْبَيِّنَة بِأَن الْقيمَة أَكثر مِمَّا قَالَه الْغَاصِب فَحِينَئِذٍ يعْمل بِبَيِّنَتِهِ لِأَنَّهُ نور دَعْوَاهُ بِالْحجَّةِ الملزمة
وَفِي الذَّخِيرَة وَإِن لم يكن لرب الثَّوْب بَيِّنَة وَجَاء الْغَاصِب بِبَيِّنَة أَن قيمَة ثَوْبه كَذَا وَكذبه رب الثَّوْب

(1/306)


وَسَأَلَ يَمِين الْغَاصِب فَإِنَّهُ يحلف على دَعْوَاهُ وَلَا تقبل بَينته لِأَن بَينته لنفي الزِّيَادَة وَالْبَيِّنَة على النَّفْي لَا تقبل قَالَ بعض مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَن تقبل بَيِّنَة الْغَاصِب لاسقاط الْيَمين عَن نَفسه وَقد تقبل الْبَيِّنَة لاسقاط الْيَمين أَلا ترى أَن الْمُودع إِذا ادّعى رد الْوَدِيعَة يقبل قَوْله وَلَو اقام الْبَيِّنَة على ذَلِك قبلت بَينته وَطَرِيقه مَا قُلْنَاهُ وَبَعض مَشَايِخنَا قَالُوا يَنْبَغِي أَن يكون فِي كل فصل رِوَايَتَانِ وَكَانَ القَاضِي أَبُو عَليّ النَّسَفِيّ رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول هَذِه الْمَسْأَلَة مشكلة وَمن الْمَشَايِخ من فرق بَين مَسْأَلَة الْوَدِيعَة وَبَين هَذِه الْمَسْأَلَة
وَاعْلَم أَن ذكر الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة لَيْسَ بِشَرْط فِي دَعْوَى الْغَصْب بِخِلَاف سَائِر الدَّعْوَى لِأَن مُحَمَّدًا ذكر فِي الأَصْل إِذا ادّعى على رجل أَنه غصب مِنْهُ جَارِيَة وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة يحبس الْمُدَّعِي عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيء بهَا ويردها على مَالِكهَا قَالَ شمس الْأَئِمَّة يَنْبَغِي أَن تحفظ هَذِه الْمَسْأَلَة لِأَنَّهُ قَالَ أَقَامَ بَيِّنَة أَنه غصب جَارِيَة وَلم يبين جِنْسهَا وصفتها وَقيمتهَا وَمن الْمَشَايِخ من شَرط بَيَان الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة وَأول كَلَام مُحَمَّد على هَذَا وَقَالَ ابو بكر الْأَعْمَش رَحمَه الله تَعَالَى تَأْوِيلهَا أَن الشُّهُود شهدُوا على إِقْرَار الْغَاصِب أَنه غصب مِنْهُ جَارِيَة فَثَبت غصب الْجَارِيَة بِإِقْرَارِهِ فِي حق الْجِنْس وَالْقيمَة فَأَما الشَّهَادَة على فعل الْغَصْب فَلَا تقبل مَعَ جَهَالَة الْمَغْصُوب لِأَن الْقَضَاء بِالْمَجْهُولِ غير مُمكن وَالصَّحِيح أَن هَذِه الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة مَقْبُولَة بِدُونِ ذكر الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة للضَّرُورَة فَإِن الْغَاصِب يكون مُمْتَنعا من إِحْضَار الْمَغْصُوب عَادَة وَحين غصب انما يَتَأَتَّى من الشُّهُود مُعَاينَة فعل الْغَاصِب دون الْعلم بأوصاف الْمَغْصُوب وَسقط اعْتِبَار علمهمْ بالأوصاف لأجل التَّعَذُّر وَثَبت بِشَهَادَتِهِم فعل الْغَاصِب فِيمَا هُوَ مَال مُتَقَوّم فَصَارَ ثُبُوت ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ كثبوته بِالْإِقْرَارِ فَيحْبس كَذَا فِي المنبع
رجل اشْترى بِالنَّقْدِ الْمَغْصُوب جَارِيَة أَو ثوبا أَو تزوج بِهِ امْرَأَة حل لَهُ وَطْء الْمَرْأَة وَلبس الثَّوْب وَلَو اشْترى بِالثَّوْبِ الْمَغْصُوب لَا يحل لَهُ وَلَو تزوج على الثَّوْب الْمَغْصُوب يحل
غصب ألفا وَاشْترى بهَا جَارِيَة فَبَاعَهَا بِأَلفَيْنِ تصدق بِالرِّبْحِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يتَصَدَّق بِهِ أَصله الْمُودع إِذا ربح فِي الْوَدِيعَة بِالتَّصَرُّفِ يطيب لَهُ الرِّبْح وَعند الامام الْأَعْظَم وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى لَا يطيب لَهُ ذَلِك وَلَو غصب ألفا وَاشْترى بهَا طَعَاما يُسَاوِي أَلفَيْنِ فَأَكله أَو وهبه لَا يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ اجماعا
رجل وَجه جَارِيَة إِلَى نخاس للْبيع فَبعثت امْرَأَة النخاس الْجَارِيَة إِلَى حَاجَتهَا فهربت فَالضَّمَان على امْرَأَة النخاس لَا غير لِأَن النخاس أجِير مُشْتَرك وَمن مَذْهَب الامام رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْأَجِير الْمُشْتَرك لَا يضمن مَا تلف فِي يَده بِغَيْر فعله وَقَالا يُخَيّر صَاحب الْجَارِيَة بَين تضمين النخاس وَزَوجته
جَاءَ الْغَاصِب بِثَوْب وَقَالَ الْمَغْصُوب هَذَا وَقَالَ الْمَالِك لَا بل غَيره فَالْقَوْل للْغَاصِب وَتَمام هَذَا الْفَصْل تقدم شَرحه فِي فصل أَنْوَاع الضمانات فَينْظر ثمَّة
نوع فِي الشُّفْعَة دَار بِيعَتْ بِجنب دَار الْوَقْف لَا شُفْعَة للْوَقْف حَتَّى لَا يَأْخُذهَا الْقيم لِأَن الشُّفْعَة تجب بِحَق الْملك والموقوفة لَيست بمملوكة لأحد فِي الْحَقِيقَة قلت وَفِي البزازي مَا يُخَالف هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُ قَالَ تثبت الشُّفْعَة بجوار دَار الْوَقْف اه

(1/307)


رجل اشْترى دَارا لِابْنِهِ الصَّغِير وَالْأَب شفيعها فَأَرَادَ أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة كَانَ لَهُ ذَلِك لِأَن الْأَب لَو اشْترى دَار ابْنه يجوز فَكَذَا هَذَا وَإِذا أَخذ كَيفَ يَأْخُذ يَقُول اشْتريت فَأخذت بِالشُّفْعَة وَلَو كَانَ مَكَان الْأَب وَصِيّ يجب أَن يكون الْجَواب فِيهِ كالجواب فِي شِرَاء الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم على قَول من يملك الشِّرَاء فَهُوَ كَالْأَبِ وعَلى قَول من لَا يملك لَهُ الشُّفْعَة أَيْضا لَكِن يَقُول اشْتريت وَطلبت الشُّفْعَة ثمَّ يرفع الْأَمر الى القاذي حَتَّى ينصب قيمًا عَن الصَّبِي فَيَأْخُذ الْوَصِيّ مِنْهُ بِالشُّفْعَة وَيسلم الثّمن إِلَيْهِ ثمَّ هُوَ يسلم الثّمن إِلَى الْوَصِيّ كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ
وَفِي البزازي الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْمكَاتب والمأذون ومعتق الْبَعْض سَوَاء فِيهَا وَلَا شُفْعَة فِي المنقولات وَإِذا ملك الْعقار بِلَا عوض كَالْهِبَةِ وَالصَّدَََقَة وَالْوَصِيَّة وَالْمِيرَاث أَو بعوض لَيْسَ بِمَال كالمهر وَبدل الْخلْع وَالصُّلْح عَن دم عمدا وَجعله أُجْرَة فَلَا شُفْعَة فِيهَا
وَلَا شُفْعَة فِي الْبناء وَالْأَشْجَار إِذا بِيعَتْ بِدُونِ الْعَرَصَة لِأَنَّهُ نقلي وَلَو كَانَ الْبناء بِمَكَّة جَازَ أَن يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة وَتُؤْخَذ الشُّفْعَة بِهِ كَذَا روى عَن أبي يُوسُف وَهِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة كَذَا ذكره ابْن وهبان فِي شَرحه وَهِي لثَلَاثَة الشَّرِيك فِي الْمَبِيع وَهُوَ الَّذِي لم يقاسم والخليط وَهُوَ المقاسم الَّذِي بَقِي لَهُ خلْطَة فِي الطَّرِيق أَو الشّرْب وَالْجَار الملاصق
وَلَا شُفْعَة للْجَار الْمُقَابل إِذا كَانَت الْمحلة نَافِذَة وَتجب الشُّفْعَة إِذا كَانَت غير نَافِذَة
وَالشَّفِيع فِي الطَّرِيق أَحَق من الْجَار قَالَ مَشَايِخنَا لِأَنَّهُ لم يرد بِهِ طَرِيقا عَاما لِأَنَّهُ غير مَمْلُوك لأحد وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا يكون فِي سكَّة غير نَافِذَة وَإِن لم تكن نَافِذَة حَتَّى كَانَ الطَّرِيق مُشْتَركا بَين أَهلهَا فَإِن كَانَ فِي أَسْفَل السِّكَّة مَا يتَعَلَّق بِهِ حق الْعَامَّة كالمسجد وَنَحْوه فَلَيْسَ لأحد من أهل السِّكَّة شُفْعَة بِالشّركَةِ فِي الطَّرِيق وَإِن كَانَ الْمَسْجِد وسط السِّكَّة فَمن بَيته فِي وَسطهَا أَو مدخلها فَلَيْسَ لَهُ شُفْعَة وَإِن بِيعَتْ دَار فِي الْأَسْفَل فلشركاء الْأَسْفَل فِي الطَّرِيق حق الشُّفْعَة
وَالْجَار مَعَ الشَّرِيك شَفِيع حَتَّى إِن سلم الشَّرِيك يَأْخُذهَا الْجَار فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَا يَأْخُذ وَالْجَار إِذا سلم مَعَ الشريط صَحَّ حَتَّى إِذا سلمهَا الشَّرِيك لَا يَأْخُذهَا الْجَار وَبعد تَسْلِيم الشَّرِيك إِنَّمَا يَأْخُذهَا الْجَار إِذا كَانَ بِأحد الطلبين بِأَن يَقُول اني قد طلبتها إِن لم يَأْخُذهَا الشَّرِيك أَخذهَا وَلم يذكر فِي الْكتاب أَن من لَا يرى الشُّفْعَة بالجوار إِذا جَاءَ إِلَى حَاكم يرى الشُّفْعَة بالجوار وطلبها قيل لَا يقْضِي لَهُ بهَا لِأَنَّهُ يزْعم بطلَان دَعْوَاهُ وَقيل يقْضِي بهَا لِأَن الْحَاكِم يرى وُجُوبهَا وَقيل يُقَال لَهُ هَل تعتقد وُجُوبهَا إِن قَالَ نعم حكم لَهُ بهَا وَإِن قَالَ لَا لَا يصغي إِلَى كَلَامه
قَالَ الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا احسن الْأَقَاوِيل
وَيحلف فِي دَعْوَى الشُّفْعَة على من يَرَاهَا بِاللَّه مَا لهَذَا قبلك شُفْعَة فِي هَذِه الدَّار وعَلى قَول من يَرَاهَا بالجوار لَا يحلف بِاللَّه مَا لهَذَا قبلك شُفْعَة فِي هَذِه الدَّار لِأَنَّهُ لَو حلف على هَذَا الْوَجْه يحلف بِمَاء على مذْهبه فيتوى حَقه
وَلَو قضى حَنَفِيّ لشافعي بالجوار هَل يحل بَاطِنا فِيهِ وَجْهَان ذكرهمَا فِي الْوَسِيط
وَفِي أدب الْقَضَاء لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين السَّرخسِيّ إِذا بلغ الشَّفِيع الْخَبَر وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ

(1/308)


من يشهده فَإِنَّهُ يَقُول أَنا مطَالب بِالشُّفْعَة حَتَّى لَا يسْقط طلبه فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَالْغَائِب إِذا علم بِالشُّفْعَة هُوَ بِمَنْزِلَة الْحَاضِر فِي الطّلب وَبعد مَا يشْهد لَهُ من الْأَجَل مِقْدَار الْمسَافَة فَإِن لم يقدم وَلم يُوكل من يَأْخُذ لَهُ بِالشُّفْعَة بطلت شفعته
قَالَ طلبت الشُّفْعَة لَا تبطل وَلَو قَالَ أطلبها أَو أَنا طَالب لَهَا تبطل وَالصَّحِيح لَا تبطل وَفِي الْمُحِيط إِذا طلب بِأَيّ لفظ كَانَ مَاضِيا أَو مُسْتَقْبلا جَازَ
سمع الْيَهُودِيّ بِالْبيعِ يَوْم السبت فَلم يشْهد بطلت
الشَّفِيع بالجوار إِذا خَافَ أَنه لَو طلب الشُّفْعَة عِنْد قَاض لَا يرى الشُّفْعَة بالجوار فَلم يطْلب فَهُوَ على شفعته لِأَنَّهُ ترك الْعذر
وَإِذا لم يكن للصَّبِيّ من يَأْخُذ شفعته وقف على بُلُوغه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْتَظر الشَّفِيع إِذا كَانَ غَائِبا وَتَسْلِيم الْأَب وَالْوَصِيّ على الصَّبِي جَائِز خلافًا لمُحَمد وَزفر رحمهمَا الله تَعَالَى
أكره على إِسْقَاط الشُّفْعَة أَو الْإِبْرَاء عَن دين لم يجز وَلم تبطل شفعته وَلَا يَصح تَسْلِيم الشُّفْعَة مَعَ الْهزْل وَلَو سد فَمه مكْرها وَلم يتْركهُ ينْطق لم تبطل شفعته
وَفِي البزازي الْحِيلَة بعد ثُبُوتهَا تكره بالِاتِّفَاقِ نَحْو أَن يَقُول المُشْتَرِي للشَّفِيع اشتره مني وَإِن كَانَ قبل الثُّبُوت لَا بَأْس بِهِ عدلا كَانَ أَو فَاسِقًا فِي الْمُخْتَار لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَال وعَلى هَذَا حِيلَة الزَّكَاة وَدفع الرِّبَا
وَالْحِيلَة على وُجُوه إِمَّا أَن يهب بَيْتا من دَار من رجل ثمَّ يَبِيع بقيتها مِنْهُ أَو يكون داران متلاصقتان تصدق صَاحب احدى الدَّاريْنِ بِالْحَائِطِ الَّذِي يَلِي جَاره على رجل وَقَبضه ثمَّ بَاعَ مِنْهُ مَا بَقِي من الدَّار أَو يَشْتَرِي عشرَة بِثمن كثير أَو سَهْما من مائَة سهم وَالْبَاقِي بِثمن قَلِيل فَللشَّفِيع الشُّفْعَة فِي الأول لَا فِي الْبَاقِي
وَلَو خَافَ البَائِع أَن يفْسخ المُشْتَرِي البيع يَبِيع الْبَاقِي على خِيَار ثَلَاثَة ايام وَلَو خَافَ المُشْتَرِي أَنه إِذا اشْترى الْقَلِيل بِالثّمن الْكثير لَا يَبِيع مِنْهُ الْبَاقِي بِالثّمن يَشْتَرِي السهْم الْوَاحِد على خِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فَلَو أَرَادَ الشَّفِيع أَن يحلفهُ بِاللَّه مَا أردْت إبِْطَال الشُّفْعَة لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ لَو أقرّ بِهِ لَا يلْزمه شَيْء وَلَو حلفه أَن البيع الأول لم يكن تلجئة لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ ادّعى معنى لَو أقرّ بِهِ للزمه فَيكون خصما
وَفِي الكروم وَالْأَشْجَار إِن أَرَادَ الْحِيلَة بَاعَ الْأَشْجَار أَو وَهبهَا بأصلها ثمَّ يَشْتَرِي الأَرْض لِأَنَّهُ صَار شَرِيكا قبل الشِّرَاء فَيقدم على الْجَار أَو يَقُول المُشْتَرِي لَهُ أَنا أبيعها مِنْك بالمأخوذ وَلَا فَائِدَة لَك فِي طلبَهَا فَإِذا قَالَ الشَّفِيع نعم أَو اشْتريت بطلت وَإنَّهُ مَكْرُوه اجماعا قَالَه بكر وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه لَا يكره لِأَنَّهُ لم يقْصد بِهِ الاضرار بالشفيع وَقيل إِن كَانَ الْجَار فَاسِقًا يتَأَذَّى بِهِ فَلَا يكره وَإِلَّا يكره فِي الْأَحْوَال كلهَا أَو يَبِيع الْبناء بِثمن قَلِيل وَلَا شُفْعَة فِيهِ ثمَّ يَبِيع الساحة بِثمن كثير فَلَا يرغب فِي الساحة لِكَثْرَة ثمنهَا الْجُمْلَة منتخبة من البزازي وَالله موفق لطريق الرشاد
نوع فِي الْقِسْمَة لَا يقسم حمام وحائط وَبَيت ودكان صَغِير لِأَنَّهُ لَو قسم لَا يبْقى لكل فَائِدَة وانتفاع فِيمَا يَخُصُّهُ وَإِن بَقِي فَائِدَة يقسم بَينهمَا والحوض لَا يقسم عشرا فِي عشر أَو أقل وَكَذَا الْخَشَبَة الْوَاحِدَة لَو كَانَ فِي قطعهَا ضَرَر وَلَا يقسم بِئْر ونهر وقناة الا إِذا كَانَت مَعَ أَرض فتقسم وتترك الْبِئْر والقناة على الشّركَة الثَّوْب الْوَاحِد لَا يقسم الا بِالتَّرَاضِي

(1/309)


وَفِي الْوَلْوَالجيّ دَار بَين اثْنَيْنِ انْهَدَمت فَقَالَ أَحدهمَا أبني وأبى الآخر قسمت بَينهمَا
وَفِي الملتقطات دَار بَين اثْنَيْنِ لأَحَدهمَا الْقَلِيل وَللْآخر الْكثير وَصَاحب الْقَلِيل لَا ينْتَفع بِنَصِيبِهِ بعد الْقِسْمَة فَطلب صَاحب الْكثير الْقِسْمَة وابى صَاحب الْقَلِيل قسمت بالِاتِّفَاقِ وَإِذا كَانَ على الْعَكْس قَالَ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي فِي مُخْتَصره لَا تقسم وَإِلَيْهِ ذهب الاسبيجابي والفقيه أَبُو اللَّيْث وَأَبُو بكر وَمُحَمّد بن أبي سهل السَّرخسِيّ وَجعلُوا هَذَا قَول أَصْحَابنَا وَذكر الْحَاكِم الشَّهِيد أَنَّهَا تقسم وَإِلَيْهِ ذهب خُوَاهَر زَاده وَعَلِيهِ الْفَتْوَى لِأَن الطَّالِب رَضِي بِالْقِسْمَةِ وَهَذِه الْقِسْمَة لَا تَتَضَمَّن الضَّرَر على الآبي
صبرَة مُشْتَركَة بَين الدهْقَان والمزارع قَالَ الدهْقَان أقسمها وأفرز حصتي فَقَسمهَا الْمزَارِع فِي غيبَة الدهْقَان وَحمل حِصَّته إِلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ وجد حِصَّة الْمزَارِع قد تلفت فالهلاك عَلَيْهِمَا وَإِن ترك حِصَّة الدهْقَان مفرزة وَحمل حِصَّته إِلَى منزله فَلَمَّا رَجَعَ وجد حِصَّة الدهْقَان قد تلفت فالهلاك على الدهْقَان وَفِي واقعات السَّمرقَنْدِي إِذا تلفت حِصَّة الدهْقَان قبل قَبضه ينقضها وَيرجع على الأكار بِنصْف الْمَقْبُوض وَإِن تلفت حِصَّة الأكار لَا تنقض لِأَن تلفهَا بعد قَبضه وَالْغلَّة كلهَا فِي يَده والاصل أَن هَلَاك حِصَّة من الْمكيل فِي يَده قبل قبض الآخر نصِيبه لَا يُوجب انْتِقَاض الْقِسْمَة وهلاك حِصَّة من لم يكن الْمكيل فِي يَده قبل قبض حِصَّته يُوجب انتقاضها
وَذكر شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْمكيل وَالْمَوْزُون لَو كَانَ بَين اثْنَيْنِ فاقتسماه وَقبض أَحدهمَا حِصَّته للْآخر حَتَّى تلف نصيب الآخر تنقض الْقِسْمَة وَيكون التَّالِف وَالْبَاقِي على الشّركَة وتأويله إِذا لم يكن الْمَقْسُوم فِي يَد أَحدهمَا والمقبوض بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَة تثبت يَد الْمَالِك فِيهِ
وَفِي المنبع إِذا طلب أحد الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَة وأبى الآخر فَأمر القَاضِي قاسما ليقسمه بَينهمَا فالأجرة على الطَّالِب كَذَا روى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْأُجْرَة عَلَيْهِمَا
وَفِي الذَّخِيرَة سُئِلَ ابو جَعْفَر عَن سُلْطَان غرم أهل قَرْيَة فأرادوا قسْمَة الغرامة وَاخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فَقَالَ قَالَ بَعضهم يقسم على قدر الْأَمْلَاك وَقَالَ بَعضهم يقسم ذَلِك على عدد الرؤوس وَقَالَ بَعضهم إِن كَانَت الغرامة لتحصين أملاكهم تقسم على قدر الْأَمْلَاك وَإِن كَانَت الغرامة لتحصين الْأَبدَان يقسم ذَلِك على عدد الرؤوس وَلَا شَيْء على النسوان وَالصبيان فِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يتَعَرَّض لَهُم
وارثان فِي يدهما عقار ومعهما غَائِب أَو صبي وبرهنا على الْوَفَاة وَعدد الْوَرَثَة قسم الْعقار بطلبهما وَنصب القَاضِي عَن الْغَائِب وَكيلا وَعَن الصَّبِي وَصِيّا يقبض نصيبهما وَلَا بُد من اقامة الْبَيِّنَة فِي هَذِه الصُّورَة
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا مَسْأَلَة لَا بُد من مَعْرفَتهَا وَهِي أَن القَاضِي إِنَّمَا ينصب وَصِيّا عَن الصَّغِير إِذا كَانَ الصَّغِير حَاضرا أما إِذا كَانَ غَائِبا فَلَا ينصب عَنهُ وَصِيّا وَالْفرق أَن الصَّغِير إِذا كَانَ حَاضرا تتَوَجَّه الدَّعْوَى عَلَيْهِ فلصحة الدَّعْوَى ينصب عَنهُ من يُجيب عَنهُ وَأما إِذا كَانَ الصَّغِير غَائِبا لم تصح الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا يحْتَاج إِلَى نصب من يُجيب عَنهُ فَلم تقع الضَّرُورَة على نصب الْوَصِيّ فَافْتَرقَا كَذَا فِي المنبع
وَفِي البزازي أَنه لَا يشْتَرط حَضْرَة الصَّغِير بل يشْتَرط أَن يكون فِي ولَايَته وَأَن يكون الْحَاكِم الناصب عَالما بِوُجُودِهِ وحاله اه

(1/310)