لسان الحكام في معرفة الأحكام

الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من الْفُصُول الثَّلَاثِينَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة = كتاب الصَّيْد
رمى مُسلم سَهْما فَأصَاب سَهْمه وَسَهْم رَمَاه مُسلم آخر فَأصَاب الصَّيْد فَقتله إِن كَانَ يعلم أَن سهم الرَّامِي الأول لَا يبلغ الصَّيْد لَوْلَا إِصَابَة السهْم الثَّانِي فالصيد للثَّانِي وَهُوَ حَلَال وَإِن كَانَ يعلم أَنه يُصِيبهُ كَانَ للْأولِ
وَكَذَا إِذا رمى الْمَجُوسِيّ بعد رمي الْمُسلم فَإِن زَاد قُوَّة وَلم يقطع عَن سنَنه فالصيد للْمُسلمِ وَهُوَ مَكْرُوه وَمَا لَا يحل صيد البندقة والمعراض وَالْحجر والعصا فِي الأَصْل
نوع آخر رجل رمى صيدا فَوَقع عِنْد مَجُوسِيّ فَأخذ صَاحبه وَلم يكن من الْوَقْت مَا يقدر على ذبحه يُؤْكَل هُوَ الْمُخْتَار وَفِي الأَصْل هَذَا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَأما فِي ظَاهر الرِّوَايَة فَلَا يحل لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة وُقُوعه عندنَا
نوع آخر رمى صيدا فغشى عَلَيْهِ سَاعَة من غير جِرَاحَة ثمَّ ذهبت عَنهُ تِلْكَ الآفة فَأَخذه آخر فَهُوَ للآخذ بِخِلَاف مَا اذا جرحه جِرَاحَة لَا يَسْتَطِيع مَعهَا النهوض فَلبث كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ بَرِيء وَرمى آخر حَيْثُ كَانَ الصَّيْد للْأولِ وَالْفرق أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى لم يَأْخُذهُ الأول فَصَارَ بِمَنْزِلَة من نصب شبكة فَوَقع فِيهَا الصَّيْد وَالْمَالِك غَائِب ثمَّ تخلص من الشبكة فَرَمَاهُ رجل فَأَخذه فَهُوَ لَهُ وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَخذه الأول بِبَقَاء أثر فعله فملكه
رجل رمى أسدا أَو ذئبا أَو خنزيرا أَو مَا أشبه ذَلِك مِمَّا لَا يقْصد بِهِ الِاصْطِيَاد وسمى فَأصَاب صيدا مَأْكُول اللَّحْم وَقَتله أكله وَقَالَ زفر لَا يحل
وَإِن رمى جَرَادًا أَو سمكًا وَترك التَّسْمِيَة فَأصَاب صيدا عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى رِوَايَتَانِ روى ابْن رستم عَنهُ أَنه لَا يحل مَا أَصَابَهُ بِدُونِ التَّسْمِيَة وَالْمُخْتَار أَنه يُؤْكَل

(1/379)


وَلَو رمى الى آدَمِيّ أَو بقر أَو ابل أَو شَاة أَو معز أهل سمى فَأصَاب صيدا مَأْكُول اللَّحْم لَا رِوَايَة لهَذَا فِي الأَصْل وَلأبي يُوسُف رَحمَه الله قَولَانِ فِي قَول يحل وَفِي قَول لَا يحل واليه أَشَارَ فِي الأَصْل وَلَو أرْسلهُ الى صيد وَهُوَ يظنّ أَنه شجر أَو انسان فَإِذا هُوَ صيد يُؤْكَل وَفِي الأَصْل سمع حسا فَظن أَنه حس صيد فَرَمَاهُ أَو أرسل كَلْبه فَأصَاب صيدا إِن كَانَ ذَلِك الْحس حس صيد لَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ حس إِنْسَان أَو غَيره من الأطيار لَا يحل
وَفِي الفتاوي دجَاجَة لرجل انفلتت وتعلقت بشجرة لَا يصل اليها صَاحبهَا فَرَمَاهَا إِن خَافَ عَلَيْهَا الْمَوْت تُؤْكَل وَإِن لم تكن بِهَذِهِ المثابة لَا تُؤْكَل وأصل هَذَا فِي صيد الأَصْل
مَا توحش من الأهليات يحل بِمَا يحل بِهِ الصَّيْد حَتَّى لَو ند الْبَعِير أَو الْبَقَرَة فَرَمَاهُ بِآلَة جارحة وأصابت الْجَارِحَة ثنياتها فَمَاتَ مِنْهَا حل وَفِي الشَّاة خَارج الْمصر تحل وَفِي الْمصر لَا تحل
وَفِي الفتاوي فِي بَاب النُّون رجل لَهُ حمامة فَرَمَاهَا غَيره أَو رَمَاهَا فَهَذَا على وَجْهَيْن إِن كَانَت لَا تهتدي الى منزله أَو كَانَت تهتدي فَفِي الْوَجْه الأول يحل أكلهَا أصَاب المذبح أَو أصَاب موضعا آخر لِأَنَّهُ عجز عَن الذَّكَاة الاختيارية وَفِي الْوَجْه الثَّانِي إِن أصَاب المذبح حل وَفِي مَوضِع آخر قيل يحل مُطلقًا
وَالشَّاة لَو سَقَطت فِي بِئْر فطعنت تحل وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد لَا تحل وَذكره فِي فتاوي القَاضِي الإِمَام مُطلقًا من غير ذكر الْخلاف وَقَالَ المتردي فِي الْبِئْر إِذا رَمَاه فأدماه حل أكله وَإِن أصَاب السهْم ظلفها أَو قرنها فأدمى حلت وَلَو أصَاب مَوضِع اللَّحْم وَلم يخرج الدَّم إِن كَانَت الْجراحَة كَبِيرَة حلت وَإِن كَانَت صَغِيرَة قيل تحل وَقيل لَا تحل
نوع فِي السّمك وَفِي الأَصْل السّمك الَّذِي مَاتَ فِي المَاء بِغَيْر آفَة وَهُوَ الطافي لَا يُؤْكَل وَإِن مَاتَ بِآفَة وَهُوَ أَن ينحسر عَنهُ المَاء أَو طفا على وَجه الأَرْض أَو وجد فِي بطن طير أَو سمك أَو ربطه آخر فِي المَاء واضطر الصيادون جمَاعَة مِنْهَا الى مضيق فتراكم فَهَلَك أَو لدغته حَيَّة أَو أَصَابَته حَدِيدَة أَو ألْقى فِي المَاء شَيْء فَأَكله وَمَات يُؤْكَل وَلَا يحل أكل مَا فِي المَاء الا السّمك
وَفِي الفتاوي إِذا قَتله حر المَاء أَو برده لَا يُؤْكَل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كالطافي وَعند مُحَمَّد يُؤْكَل وَهَذَا أرْفق بِالنَّاسِ وَفِي التَّجْرِيد لم يذكر الْخلاف وَلكنه قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ
سَمَكَة بَعْضهَا فِي المَاء وَبَعضهَا فِي الأَرْض ميتَة فَإِن كَانَ الرَّأْس خَارج المَاء أكلت وَإِن كَانَ فِي المَاء إِن كَانَ مَا على الأَرْض قدر النّصْف أَو أقل لم تُؤْكَل وَإِن كَانَ مَا على الأَرْض أَكثر من النّصْف أكلت السَّبَب إِذا رمى بِهِ الرجل فِي المَاء فتعلقت بِهِ سَمَكَة إِن رمى بِهِ خَارج المَاء فِي مَوضِع يقدر على أَخذه فاضطربت فَوَقع فِي المَاء ملكه وَإِن انْقَطع الْحَبل قبل أَن يُخرجهُ من المَاء لَا يملكهُ وعَلى هَذَا إِذا أرسل الْكَلْب أَو رمى يعرف من هَذَا الْفَصْل
نوع فِيمَا يُؤْكَل وَفِيمَا لَا يُؤْكَل وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ لَا يُؤْكَل ذُو نَاب من السبَاع بَيَانه الْأسد وَالذِّئْب والنمر والفهد والثعلب والضبع وَالْكَلب والسنور الأهلي والبري والفيل وسباع الْهَوَام أَيْضا بَيَانه الضَّب واليربوع وَابْن عرس والسنجاب والفنك والسمور والدلق والهوام الَّتِي سكناهَا فِي الأَرْض بَيَانه الْفَأْرَة والوزغة والقنفذ والحيات وَجَمِيع هوَام الأَرْض الا الأرنب فَإِنَّهُ يحل أكله وَذُو المخلب من الطُّيُور بَيَانه الصَّقْر وَالْعِقَاب والبازي والشاهين وَمَا أشبه ذَلِك

(1/380)


وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى مَا لَا دم لَهُ كالزنبور وَنَحْوه لَا يُؤْكَل الا السّمك وَالْجَرَاد والعقعق وَنَحْوه يُؤْكَل وَيكرهُ الْغُرَاب وَهُوَ الَّذِي يُؤْكَل الْجِيَف والنجاسات
وَفِي فتاوي الْوَلْوَالجيّ أكل الهدهد لَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِذِي مخلب من الطُّيُور وَفِي فتاوي القَاضِي الامام وَلَا يُؤْكَل الخفاش لِأَنَّهُ ذُو نَاب وَلَا بَأْس بالخطاف والقمري والسودانية والزرزور والعصافير والفاختة وَالْجَرَاد وكل مَا لَيْسَ لَهُ يخطف مخلب
وحمار الْوَحْش يُؤْكَل بِخِلَاف الأهلي والبغل لَا يركل وَيكرهُ لحم الْخَيل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَفِي الْكَرَاهَة رِوَايَتَانِ وَالأَصَح كَرَاهَة التَّحْرِيم ولبنه كلحمه وَمَا يتَّصل بِهَذَا كالجلالة وَيكرهُ أكل لُحُوم الْإِبِل الْجَلالَة
وَفِي النَّوَازِل لَو أَن جديا غذي بِلَبن الْخِنْزِير فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ فعلى هَذَا قَالُوا لَا بَأْس بِأَكْل الدَّجَاج الَّذِي يخلط وَلَا يتَغَيَّر لَحْمه وَالَّذِي روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ تحبس الدَّجَاجَة ثَلَاثَة أَيَّام كَانَ للتنزيه وَإِنَّمَا يشْتَرط ذَلِك فِي الْجَلالَة الَّتِي لَا تَأْكُل الا الْجِيَف وَأما مَا يخلط كَمَا اذا تنَاول النَّجَاسَة والجيف ويتناول غَيرهَا على وَجه لَا يظْهر أثر ذَلِك فِي لَحمهَا فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ
وَفِي شرح الشافي فِي الْإِبِل تحبس شهرا وَفِي الْبَقر عشْرين يَوْمًا وَفِي الشَّاة عشرَة أَيَّام وَفِي الدَّجَاجَة ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ الامام السَّرخسِيّ الْأَصَح أَنَّهَا تحبس الى أَن تَزُول الرَّائِحَة المنتنة
وَفِي الْمُنْتَقى الْمَكْرُوه الْجَلالَة الَّتِي تقرب وَيُوجد مِنْهَا ريح مُنْتِنَة فَلَا يُؤْكَل لَحمهَا وَلَا يشرب لَبنهَا وَالْعَمَل عَلَيْهَا وَتلك حالتها وَيكرهُ بيعهَا وهبتها وَفِي فتاوي البقالي عرقها نجس وَالله أعلم = كتاب الذَّبَائِح
وَهُوَ مُشْتَمل على فصلين الأول فِي مسَائِل الذّبْح وَالثَّانِي فِي مسَائِل التَّسْمِيَة
الْفَصْل الأول
وَفِي مُخْتَصر الْقَدُورِيّ ذَبِيحَة الْمُسلم والكتابي حَلَال وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَة الْمَجُوسِيّ وَالْمُرْتَدّ والمرتدة والوثني وَالْمحرم من الصَّيْد
وَفِي الأَصْل تهود الْمَجُوسِيّ أَو تنصر حلت ذَبِيحَته الْمَوْلُود بَين الْكِتَابِيّ والمجوسي ذَبِيحَته حَلَال وَلَو كَانَ حَرْبِيّا
وَفِي فتاوي القَاضِي الامام ذَبِيحَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ حَلَال وَإِن كَانَ حَرْبِيّا إِلَّا أَن يسمع مِنْهُ أَنه يُسمى عَلَيْهِ الْمَسِيح فَإِذا سمع مِنْهُ ذَلِك لَا تحل لِأَنَّهُ أهل بِهِ لغير الله وَقَالَ بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله إِنَّهَا تحل
وَلَا تحل ذَبِيحَة الْمُرْتَد وَإِن ارْتَدَّ الى دين أهل الْكتاب وَالْمَرْأَة كَالرّجلِ فِي الذّبْح وَالصَّبِيّ الَّذِي يعقل ويضبط كَالْبَالِغِ
وَيسْتَحب توجيهها فِي الذّبْح الى الْقبْلَة وَيكرهُ أَن تنخع الشَّاة إِذا ذبحت وَلَا بَأْس بِأَكْل الذَّبِيحَة مِنْهَا

(1/381)


لما روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن تنخع الشَّاة إِذا ذبحت قبل أَن تسكن وَقبل أَن تبرد وَقيل هُوَ أَن يُبَالغ فِي الذّبْح حَتَّى يبلغ النخاع وَهُوَ عرق فِي الْعُنُق فَيكْرَه لِأَنَّهُ فِيهِ زِيَادَة مشقة من غير حَاجَة وَيكرهُ أَن يجرها الى مذبحها وَأَن يحدد الشَّفْرَة بعد مَا أضجعها
جنس آخر وَفِي الْجَامِع الصَّغِير لَا بَأْس بِالذبْحِ فِي الْحلق كُله أَعْلَاهُ وأوسطه وأسفله وَلَا بَأْس بِأَكْل الْجَزُور إِذا ذبح ذبحا وَلم ينْحَر وَالشَّاة وَالْبَقَرَة إِذا نحرتا وَلم يذبحا يكره ذَلِك وَفِي بعض النّسخ لَا يسْتَحبّ
وَفِي فتاوي القَاضِي الامام السّنة فِي الْإِبِل النَّحْر وَهُوَ قطع الْعُرُوق من أَسْفَل الْعُنُق عِنْد الصَّدْر وَالسّنة فِي الشَّاة وَالْبَقر الذّبْح فَإِن ذبح الْإِبِل وَنحر الشَّاة وَالْبَقَرَة جَازَ أَيْضا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنهر الدَّم وأفرى الْأَوْدَاج فَكل ذبحت من قفاها إِن قطع الْحُلْقُوم والاوداج والمريء قبل أَن تَمُوت الشَّاة لابأس بأكلها وَإِن ذبح
شَاة ذبح الشَّاة بسن أَو ظفر غير منزوع لَا يحل أكلهَا وَإِذا ذبحت بظفر منزوع أَو سنّ منزوعة أَو قرن أَو عظم فأنهر الدَّم وأفرى الْأَوْدَاج يحل عندنَا
شَاة ذبحت فَقطع مِنْهَا نصف الْحُلْقُوم وَنصف المريء لَا تُؤْكَل وَإِن قطع الْأَكْثَر من الْحُلْقُوم والأوداج والمريء تُؤْكَل
وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الْأَكْثَر فَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِذا قطع الثَّلَاثَة من الْعُرُوق الْأَرْبَعَة أَي ثَلَاثَة كَانَت تحل وَإِن ترك قطع وَاحِد مِنْهَا لَا تحل وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله إِن قطع الْحُلْقُوم والمريء وَأحد الودجين تحل وَالله تَعَالَى أعلم
جنس آخر قَالَ الامام السَّرخسِيّ لَو ذبح الشَّاة من المذبح فَلم يسل مِنْهَا الدَّم اخْتلف الْمُتَأَخّرُونَ قَالَ أَبُو الْقَاسِم الصفار لَا تحل وَقَالَ أَبُو بكر الاسكاف لَا بَأْس بِهِ
وَفِي النَّوَازِل رجل ذبح شَاة أَو بقرة إِن تحركت بعد الذّبْح وَخرج مِنْهَا دم مسفوح تحل وَكَذَا إِن تحركت وَلم يخرج الدَّم أَو خرج الدَّم وَلم تتحرك فَإِن لم تتحرك وَلم يخرج الدَّم لَا تحل هَذَا اذا لم يعلم حَيَاتهَا وَقت الذّبْح فَإِن علمت حلت وَإِن لم تتحرك
وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ خُرُوج الدَّم لَا يدل على الْحَيَاة الا اذا كَانَ يخرج كَمَا يخرج من الْحَيّ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة
رجل ذبح شَاة مَرِيضَة وَلم يَتَحَرَّك مِنْهَا شَيْء إِلَّا فمها قَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة إِن فتحت فاها لَا تُؤْكَل وَإِن ضمته تُؤْكَل وَكَذَا فِي الْعين إِن فتحتها لَا تُؤْكَل وَإِن ضمتها تُؤْكَل
وَفِي الرجل إِن قبضت رجلهَا تُؤْكَل وَإِن مدَّتهَا لَا تُؤْكَل وَإِن نَام شعرهَا تُؤْكَل وَإِن قَامَ لَا تُؤْكَل هَذَا اذا لم يعلم حَيَاتهَا وَقت الذّبْح وَلم يخرج الدَّم وَلم تتحرك أما اذا وجد خُرُوج الدَّم وَالْحَرَكَة فقد ذَكرْنَاهُ
الصَّيْد اذا بَقِي فِيهِ من الْحَيَاة قدر مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح فهاهنا أَربع مسَائِل إِحْدَاهَا مَا ذَكرْنَاهُ وَالثَّانيَِة الذِّئْب إِذا قطع بطن شَاة وَبَقِي فِيهَا من الْحَيَاة مَا يبْقى فِي المذبوحة وَالثَّالِثَة الْكَلْب الْمعلم اذا اخذ الصَّيْد وجرحه وَبَقِي فِيهِ مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح وَالرَّابِعَة إِذا رمى صيدا فَأَصَابَهُ وَبَقِي فِيهِ من الْحَيَاة قدر مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح الأولى وَالثَّانيَِة عِنْدهمَا لَا يقبلان الذَّكَاة حَتَّى لَو ذكاهما لَا يحل

(1/382)


وَاخْتلف الْمَشَايِخ على قَول أبي حنيفَة وَالأَصَح أَنَّهُمَا يقبلان الذَّكَاة حَتَّى لَو ذكاها يحل ذكره الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي مختلفاته وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة لَا يقبلان الذَّكَاة يَعْنِي يحل حَتَّى لَو وجده الْمَالِك فَلم يذكه لَا يحرم وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله فرق بَين الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَبَين الأولى وَالثَّانيَِة
وَذكر الامام السَّرخسِيّ اذا علم أَنَّهَا كَانَت حَيَّة حِين ذبحت حل أكلهَا سَوَاء كَانَت الْحَيَاة فِيهَا يتَوَهَّم بَقَاؤُهَا أَو لَا يتَوَهَّم بَقَاؤُهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله إِن كَانَ يتَوَهَّم أَنَّهَا تعيش يَوْمًا أَو أَكثر تحل
رجل شقّ بطن شَاة فَأخْرج وَلَدهَا وَذبح ثمَّ ذبح الشَّاة إِن كَانَت الشَّاة لَا تعيش من الشق لَا تحل وَإِن كَانَت تعيش تحل
بقرة عسر عَلَيْهَا الْولادَة فَأدْخل رجل يَده فِي مَوضِع الْولادَة فذبح الْوَلَد أَو جرح فِي غير مَوضِع الذّبْح إِن ذبح يحل وَلَا يشكل وَإِن جرحه إِن كَانَ لَا يقدر على ذبحه يحل
رجل لَهُ شَاة حَامِل أَرَادَ ذَبحهَا إِن تقاربت الْولادَة يكره ذَبحهَا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله بِنَاء على أَن الْجَنِين لَا يذكي بِذَكَاة الْأُم عِنْده
قصاب ذبح شَاة فِي لَيْلَة مظْلمَة فَقطع الْأَعْلَى من الْحُلْقُوم أَو أَسْفَل مِنْهُ يحرم وَفِي مَحل الذَّكَاة قد ذَكرْنَاهُ
الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّسْمِيَة
وَفِي الْجَامِع الصَّغِير يكره أَن يذكر اسْم الله تَعَالَى مَعَ اسْم غَيره عِنْد الذّبْح وَهِي على ثَلَاثَة أوجه مِنْهَا مَا يحرم وَمِنْهَا لَا يحرم وَيكرهُ وَمِنْهَا مَالا يحرم وَلَا يكره أما الأول فَهُوَ أَن يذكر اسْم الله تَعَالَى وَاسم غَيره على وَجه الْعَطف وَالشَّرِكَة نَحْو أَن يَقُول بِسم الله وَاسم فلَان أَو بِسم الله وَمُحَمّد رَسُول الله وَالْمَكْرُوه أَن يذكر اسْم الله وَغير الله مَقْرُونا فِي الظَّاهِر من غير حرف عطف وَلَا شركَة نَحْو أَن يَقُول بِسم الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأما الَّذِي لَا يكره وَلَا يحرم فنحو أَن يكون مُنْفَصِلا عَنهُ صُورَة أَو معنى قبله أَو بعده بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ تقبل عَن فلَان
وَفِي الفتاوي لَو قَالَ بِسم الله وَمُحَمّد رَسُول الله بالخفض لَا تحل وبالرفع يحل وَلم يذكر النصب وَفِي رَوْضَة الزندوستن النصب كالخفض لَا تحل وَلَو قَالَ بِسم الله صلى الله على مُحَمَّد يحل وَالْأولَى أَن لَا يفعل وَلَو قَالَ بِسم الله وَصلى الله على مُحَمَّد مَعَ الْوَاو يحل وَلَو قَالَ بِسم الله وَاسم فلَان أَو باسم فلَان لَا يحل هُوَ الْمُخْتَار وَفِي الرَّوْضَة لَو قَالَ بِسم الله ينَام فلَان قَالَ أَبُو بكر يجوز مُطلقًا
ذبح وَلم يظْهر الْهَاء فِي بِسم الله إِن قصد ذكر اسْم الله يحل وَإِن لم يقْصد وَقصد ترك الْهَاء لَا يحل
نوع آخر رجل سمى عِنْد الذّبْح إِن أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَة على الذّبْح يحل وَإِن أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَة على غير الذّبْح لَا يحل كَالرّجلِ اذا سمع الْأَذَان فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر قَالَ هُوَ الله أكبر وَشرع فِي الصَّلَاة لَا يصير شَارِعا فِي الصَّلَاة وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فِي التَّسْمِيَة تحل وَكَذَا اذا ترك التَّسْمِيَة نَاسِيا

(1/383)


وتشترط التَّسْمِيَة فِي ذبح الْحمار للطَّهَارَة وَفِي الأَصْل التَّسْمِيَة عِنْد الذّبْح شَرط وَفِي الِاصْطِيَاد عِنْد الْإِرْسَال وَالرَّمْي وَإِذا نصب الحديدة لأخذ الظبي تشْتَرط التَّسْمِيَة عِنْد الْوَضع
وَقد ذكر صَاحب الْمُحِيط نصب منجلا لصيد حمَار الْوَحْش ثمَّ وجده مجروحا بِهِ مَيتا لَا يحل قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَهَذَا الْجَواب إِنَّمَا يحمل على مَا اذا قعد عَن الطّلب لما أَنه فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى اعْتبر التَّسْمِيَة عِنْد النصب
وَلَو أضجع شَاة وَأخذ السكين وسمى ثمَّ تَركهَا وَذبح شَاة أُخْرَى وَترك التَّسْمِيَة عَامِدًا لَا يحل وَلَو رمي سَهْما الى صيد وسمى فَأصَاب آخر أَو أرسل كَلْبه الى صيد وسمى وَترك الْكَلْب ذَلِك الصَّيْد وَأخذ غَيره يحل وَلَو ذبح تِلْكَ الشَّاة ثمَّ ذبح بعْدهَا أُخْرَى فَظن أَن تِلْكَ التَّسْمِيَة تَكْفِي لَا تحل
والسهم إِذا أصَاب الصَّيْد وَغَيره أَو أَخذ الْكَلْب ذَلِك الصَّيْد وَغَيره حل الْكل وَلَو نظر الى قطيع من الْغنم فَأخذ السكين وسمى ثمَّ أَخذ مِنْهَا شَاة وذبحها بِتِلْكَ التَّسْمِيَة لَا تحل وَلَو أرسل كَلْبه الى جمَاعَة من الصيود وسمى فَأخذ أَحدهَا تحل وَلَو قَالَ مَكَان التَّسْمِيَة الْحَمد لله أَو سُبْحَانَ الله يُرِيد التَّسْمِيَة أَجزَأَهُ وَلَو قَالَ الشُّكْر لله لَا يجوز كَمَا فِي مَسْأَلَة الْأَذَان وَقد ذَكرْنَاهُ وَلَو اضجع شَاة ليذبحها ثمَّ أكل وَشرب أَو تكلم ثمَّ ذبح إِن طَال فَقطع الْغَوْر حرم وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الأَصْل
وَذكر فِي الأَصْل أَنه إِن طَال الْفَصْل وَلم يذكر جدد وَرَأَيْت فِي مَوضِع ثِقَة أَن التَّطْوِيل مَا يستكثره النَّاظر
وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِذا حدد الشَّفْرَة تَنْقَطِع التَّسْمِيَة من غير فصل وَهَذَا لَو تقلبت الشَّاة وَقَامَت من مضجعها ثمَّ أَعَادَهَا الى مضجعها انْقَطَعت التَّسْمِيَة = كتاب الْأُضْحِية
وَفِي نُسْخَة الامام السَّرخسِيّ الْأُضْحِية وَاجِبَة وَذكر الطَّحَاوِيّ أَن هَذَا قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله أما عِنْدهمَا فَهِيَ سنة وَفِي نظم الزندوستي الْأُضْحِية أحب الي من التَّصَدُّق بِمثل قيمتهَا وَفِي الْمُوسر وَاجِبَة عَلَيْهِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة
وشرائط وُجُوبهَا الْغنى وَأَن يكون مُقيما فِي مصر أَو قَرْيَة وَأَن لَا يكون مُسَافِرًا وَأَن يكون فِي الْوَقْت وَفِي أَجنَاس الناطفي قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله الْمُوسر الَّذِي لَهُ مِائَتَا دِرْهَم أَو عرض يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم سوى الْمسكن وَالْخَادِم وَالثيَاب الَّتِي تلبس ومتاع الْبَيْت الَّذِي يحْتَاج اليه وَهَذَا اذا بَقِي لَهُ الى أَن يذبح الْأُضْحِية
وَفِي الهارونيات إِن جَاءَ يَوْم الْأَضْحَى وَله مِائَتَا دِرْهَم وَلَا مَال لَهُ غَيره فَهَلَك لم تجب الْأُضْحِية عَلَيْهِ وَكَذَا لَو نقص عَن الْمِائَتَيْنِ وَلَو جَاءَ يَوْم الْأَضْحَى وَلَا مَال لَهُ ثمَّ اسْتَفَادَ مِائَتي دِرْهَم وَلَا دين عَلَيْهِ وَجَبت عَلَيْهِ الْأُضْحِية الْفقر والغنى وَالْمَوْت إِنَّمَا يعْتَبر فِي حق الْأُضْحِية آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأَيَّام النَّحْر وَلَو كَانَ لَهُ عقار مستغل اخْتلف الْمُتَأَخّرُونَ فَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي يعْتَبر قِيمَته لَا دخله حَتَّى لَو كَانَت قِيمَته مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَقَالَ أَبُو عَليّ الدقاق يعْتَبر دخله لَا قِيمَته تَفْسِيره إِن كَانَ يدْخل من ذَلِك قوت سنة فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَصدقَة الْفطر وَقَالَ غَيره قوت شهر فَإِن فضل عَن ذَلِك مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَصدقَة الْفطر

(1/384)


وَفِي أول أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِن كَانَت غلَّة المستغل تكفيه وَعِيَاله فَهُوَ مُوسر وَإِلَّا فَهُوَ مُعسر عِنْد مُحَمَّد وَعند أبي يُوسُف هُوَ مُوسر وَلَو كَانَت الضّيَاع وَقفا وَلها غلَّة إِن وَجب لَهُ فِي أَيَّام النَّحْر قدر مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَإِلَّا فَلَا وَإِن كَانَ خبازا وَعِنْده حِنْطَة قيمتهَا قدر مِائَتي دِرْهَم أَو ملح قِيمَته مِائَتَا دِرْهَم أَو قصارا عِنْده أشنان أَو صابون قِيمَته مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَلَو كَانَ لَهُ مصحف أَو كتب الْفِقْه أَو الحَدِيث إِن كَانَ يحسن أَن يقْرَأ مِنْهَا وَقيمتهَا مِائَتَا دِرْهَم فَلَا أضْحِية عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يحسن فَعَلَيهِ الْأُضْحِية الْكل من الْأَجْنَاس
وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى الْفَقِيه بالكتب لَا يصير غَنِيا إِلَّا أَن يكون لَهُ من كل كتاب اثْنَان وهما بِرِوَايَة وَاحِدَة عَن مُحَمَّد وَإِن كَانَ أَحدهمَا بِرِوَايَة الامام أبي حَفْص وَالْآخر بِرِوَايَة أبي سُلَيْمَان لَا يصير بِهِ غَنِيا وَلَا يصير الانسان غَنِيا بكتب الْأَحَادِيث والتفاسير وَإِن كَانَ لَهُ من كل اثْنَان وَصَاحب كتب الطِّبّ والنجوم وَالْأَدب غَنِي بهَا إِذا صَارَت قيمتهَا مِائَتي دِرْهَم
وَفِي الْأَجْنَاس رجل بِهِ زمانة اشْترى حمارا يركبه وَيسْعَى فِي حَوَائِجه وَقِيمَته مِائَتَا دِرْهَم فَلَا أضْحِية عَلَيْهِ وَلَو كَانَ فِي دَار بكرَاء فَاشْترى قِطْعَة أَرض بِمِائَتي دِرْهَم فَبنى فِيهَا دَارا ليسكنها فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَلَو كَانَ لَهُ دَار فِيهَا بيتان شتوي وَصَيْفِي وفرش صَيْفِي وشتوي لم يكن بهما غَنِيا وَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا ثَلَاثَة أَبْيَات وَقِيمَة الثَّالِث مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَكَذَا الأفراس يعْتَبر الْفرس الثَّالِث
والغازي لَا يكون بفرسين غَنِيا وبالثالث يكون غَنِيا وَلَا يكون الْغَازِي بالأسلحة غَنِيا إِلَّا أَن يكون لَهُ من كل سلَاح اثْنَان وَأَحَدهمَا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم
وَفِي الفتاوي الدهْقَان لَيْسَ بغني بفرس وَاحِد وبحمار وَاحِد فَإِن كَانَ لَهُ فرسَان أَو حماران وَأَحَدهمَا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَهُوَ نِصَاب الْأُضْحِية والزراع بثورين وَآلَة الفدان لَيْسَ بغني وَبِبَقَرَةٍ وَاحِدَة غَنِي وبثلاثة ثيران إِذا سَاوَى أَحدهمَا مِائَتي دِرْهَم صَاحب نِصَاب وَصَاحب الثِّيَاب لَيْسَ بغني بِثَلَاثَة أَثوَاب أَحدهَا للبدلة وَالْآخر للمهنة وَالثَّالِث للأعياد وَهُوَ غَنِي بالرابع وَصَاحب الْكَرم غَنِي إِذا سَاوَى مِائَتي دِرْهَم وَالْمَرْأَة تعْتَبر موسرة بِالْمهْرِ الْمُعَجل الَّذِي لَهَا على الزَّوْج إِن كَانَ مَلِيًّا عِنْدهمَا وَعند أبي حنيفَة لَا يعْتَبر قَالَ رَحمَه الله وَرَأَيْت فِي مَوضِع ثِقَة رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه لَا تجب الْأُضْحِية إِلَّا على من لَهُ مِائَتَا دِرْهَم فَصَاعِدا فعلى هَذِه الرِّوَايَة سوى بَين غَنِي الْأُضْحِية وغني الزَّكَاة
بَيَان وَقت الْأُضْحِية وَفِي الأَصْل أَيَّام النَّحْر أَولهَا أفضلهَا وَيجوز التَّضْحِيَة فِي الليلتين المتخللتين وَيكرهُ إِذا طلع الْفجْر الثَّانِي من يَوْم النَّحْر فلأهل السوَاد أَن يضحوا وَأهل الْمصر لَا يضحون إِلَّا بعد صَلَاة الْعِيد
وَفِي الْأَجْنَاس لَو ذبح أضحيته بعد صَلَاة الإِمَام قبل الْخطْبَة جَازَ فِي إملاء مُحَمَّد رَحمَه الله وَلَو لم يشتر أضحيته حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر تصدق بِقِيمَة مَا يصلح للأضحية
وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِذا صلى الإِمَام يَوْم الْعِيد ثمَّ تذكر أَنه صلى على غير وضوء أَو كَانَ جنبا وَقد ذبح الرجل أضحيته بعد صَلَاة الامام وَقد تفرق النَّاس لَا تُعَاد الصَّلَاة وَتجوز الْأُضْحِية وَإِن لم يتفرق النَّاس حَتَّى علم يُعِيد الصَّلَاة وأجزأت الْأُضْحِية لِأَن من الْعلمَاء من قَالَ لَا يُعِيد النَّاس الصَّلَاة وَيُعِيد الامام

(1/385)


وَحده وَلَو علم الامام بذلك نَادَى بِالصَّلَاةِ ليعيدها فَمن ذبح قبل أَن يعلم بذلك أَجزَأَهُ وَمن علم بذلك لم يجزه الذّبْح إِذا ذبحه قبل زَوَال الشَّمْس وَبعد الزَّوَال يُجزئهُ وَفِي الْأَجْنَاس لَو تبين أَن هَذَا الْيَوْم التَّاسِع من ذِي الْحجَّة يُؤمر بِإِعَادَة الصَّلَاة وَالْأَضَاحِي كَذَا ذكره فِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي
وَقَالَ فِي الفتاوي إِن شهد عِنْده شُهُود على هِلَال ذِي الْحجَّة جَازَت الصَّلَاة وَالْأُضْحِيَّة وَإِن لم يشْهد عِنْده الشُّهُود لَا تجوز اه
نوع فِيمَا يجوز من الْأُضْحِية ومالا يجوز وَفِي الأَصْل الْأُضْحِية من أَرْبَعَة أَصْنَاف من الْحَيَوَان الأول الْإِبِل وَالْأُنْثَى مِنْهَا أفضل وَلَا يجوز مِنْهَا الا الثنى وَهِي الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا خَمْسَة أَحْوَال وطعنت فِي السَّادِسَة وَفِي الطّلبَة مَا تمّ لَهَا أَرْبَعَة أَحْوَال وَالثَّانِي الْبَقر وَالْأُنْثَى مِنْهَا أفضل وَلَا يجوز مِنْهَا الا الثني وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا سنتَانِ وطعنت فِي الثَّالِثَة وَالثَّالِث الْغنم وَالذكر مِنْهَا أفضل إِذا كَانَ خَصيا والثني مِنْهَا فَصَاعِدا جَائِز وَلَا يجوز مَا دون ذَلِك من كل شَيْء الا الْجذع الْعَظِيم من الضَّأْن والثني من الْغنم الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا سنة وطعنت فِي الثَّانِيَة والجذع الثني أَتَى عَلَيْهِ سِتَّة أشهر وَطعن فِي الشَّهْر السَّابِع وَفِي الْأَجْنَاس الْجذع من الضَّأْن مَا تمّ لَهُ ثَمَانِيَة أشهر وَطعن فِي التَّاسِع وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي مَا تمت لَهُ سَبْعَة أشهر وَطعن فِي الثَّامِن
ثمَّ قَالَ فِي الْأَجْنَاس إِنَّمَا يجوز الْجذع إِذا كَانَ عَظِيم الْجِسْم أما إِذا كَانَ صَغِيرا فَلَا يجوز الا إِذا تمّ لَهُ سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة وَالرَّابِع الْمعز وَالذكر مِنْهُ أفضل وَلَا يجوز مِنْهُ الا الثني وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة كالغنم والعناق من الْمعز كالجذع من الضَّأْن وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ أَكثر الْحول الْكل فِي الأَصْل
وَفِي نظم الزندوستي الْمَوْلُود بَين الوحشي والأهلي إِذا كَانَت أمه وحشية لَا يجوز
وَلَو نزا كلب على شَاة فَولدت قَالَ عَامَّة الْعلمَاء لَا يجوز وَقَالَ الامام الخيزخرني إِن كَانَ يشبه الْأُم يجوز وَلَو نزا ظَبْي على شَاة قَالَ عَامَّة الْعلمَاء يجوز وَقَالَ الامام الخيزاخزي الْعبْرَة للمشابهة
الجاموس يجوز فِي الضَّحَايَا والهدايا اسْتِحْسَانًا ثمَّ الْإِبِل أفضل من الْبَقر ثمَّ الْغنم أفضل من الْمعز
وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي قَالَ الامام الحومني وَالْبَقَرَة أفضل من الشَّاة إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَاللَّحم وَالْأَصْل فِيهِ أَنَّهُمَا إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَاللَّحم فأطيبهما لَحْمًا أفضل وان اخْتلفَا فِي الْقيمَة فالفاضل أولى حَتَّى أَن الْفَحْل بِعشْرين أفضل من الْخصي بِخَمْسَة عشر وَالْبَقَرَة أفضل من سِتّ شِيَاه إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَسبع شِيَاه أفضل من الْبَقَرَة
وَفِي الفتاوي شِرَاء شَاة وَاحِدَة للأضحية بِثَلَاثِينَ درهما أفضل من شِرَاء شَاتين بِعشْرين
وَفِي أصُول التَّوْحِيد للْإِمَام الصفار التَّضْحِيَة بالديك والدجاجة فِي أَيَّام الْأُضْحِية مِمَّن لَا أضْحِية عَلَيْهِ لإعساره تَشْبِيها بالمضحين مَكْرُوه لِأَنَّهُ من شيم الْمَجُوس
وَفِي الفتاوي لَو ضحى بِشَاة وَاحِدَة يَكْفِيهِ وَلَو ضحى بِأَكْثَرَ من وَاحِدَة تقع الْوَاحِدَة فَرِيضَة وَالزِّيَادَة تطوع عِنْد عَامَّة الْعلمَاء
وَالْجَزُور وَالْبَقر يُجزئ عَن سَبْعَة إِذا أَرَادَ الْكل الْقرْبَة اخْتلفت جِهَة الْقرْبَة أَو اتّحدت وَلَو نوى أحدهم اللَّحْم بَطل الْكل

(1/386)


وَالْبَعِير وَالْبَقر يُجزئ عَن سَبْعَة إِذا كَانُوا يُرِيدُونَ بِهِ وَجه الله تَعَالَى اتّفقت جِهَة الْقرْبَة أَو اخْتلفت كالأضحية وَالْقرَان والتمتع وَالتَّقْدِير بالسبع لمنع الزِّيَادَة لَا لمنع النُّقْصَان حَتَّى لَو كَانَ الشِّرَاء فِي الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة ثَمَانِيَة لم يجزهم وَلَو كَانُوا أقل من ثَمَانِيَة إِلَّا أَن نصيب وَاحِد مِنْهُم أقل من السَّبع لَا يجوز أَيْضا بَيَانه مَاتَ الرجل وَترك امْرَأَة وابنا وبقرة فضحيا بهَا لَا يجوز عَنْهُمَا أَي فِي حَقّهمَا وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي اشْترك ثَلَاثَة نفر فِي بقرة على أَن يدْفع أحدهم أَرْبَعَة دَنَانِير وَالْآخر ثَلَاثَة دَنَانِير وَالْآخر دِينَارا واشتروا بهَا بقرة على أَن تكون الْبَقَرَة بَينهم على قدر رُؤُوس أَمْوَالهم فضحوا بهَا لَا يجوز
وَلَو كَانَت الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة بَين اثْنَيْنِ فضحيا بهَا اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَالْمُخْتَار أَنه يجوز وَنصف السَّبع تبع فَلَا يصير لَحْمًا قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد وَهَذَا اخْتِيَار الامام الْوَالِد وَهُوَ اخْتِيَار الْفَقِيه أبي اللَّيْث وَفِي الأَصْل سَبْعَة اشْتَركُوا فِي بَدَنَة أَو بقرة ثمَّ مَاتَ بَعضهم قبل أَن ينحروا فَقَالَ ورثته انحروها عَنْكُم وَعَن فلَان الْمَيِّت يجزئهم اسْتِحْسَانًا وَكَذَا لَو كَانَ أحد الشُّرَكَاء ضحى عَن وَلَده الصَّغِير أَو عَن أم وَلَده
سَبْعَة ضحوا ببقرة وَأَرَادُوا أَن يقتسموا اللَّحْم بَينهم إِن اقتسموها وزنا جَازَ وَإِن اقتسموها جزَافا إِن جعلُوا مَعَ اللَّحْم شَيْئا من السقط كالرأس والأكارع يجوز وَإِن لم يجْعَلُوا لَا يجوز وَإِن فعلوا مَعَ هَذَا وحللوا الْفضل بَينهم بَعضهم لبَعض لم يجز
وَلَو بَاعَ درهما بدرهم وَأَحَدهمَا أَكثر وزنا فحلل صَاحبه الآخر يجوز لِأَن هبة الْمشَاع فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة يجوز وَفِي الأولى يحْتَمل الْقِسْمَة وَالْفرق أَن تَحْلِيل الْفضل هبة وَفِي مَسْأَلَة اللَّحْم وهب الْمشَاع فِيمَا يحْتَمل الْقِسْمَة وَهُوَ اللَّحْم فَلم يجز وَفِي مَسْأَلَة الدِّرْهَم الْوَاحِد لَا يحْتَمل الْقِسْمَة جَازَ وَلَو جعلُوا اللَّحْم والشحم سَبْعَة أسْهم وقسموها بَينهم جزَافا جَازَت الْقِسْمَة هَكَذَا فِي الفتاوي
وَفِي الْمُنْتَقى لَو غصب أضْحِية غَيره وذبحها عَن نَفسه وَضمن الْقيمَة لصَاحِبهَا أَجزَأَهُ مَا صنع لِأَنَّهُ ملكهَا بسابق الْغَصْب
وَفِي نظم الزندوستي خَمْسَة أَشْيَاء إِذا أَخذهَا من ملك الْغَيْر تجوز بهَا الْأُضْحِية وَضمن قيمتهَا أَولهَا غصب شَاة وضحى بهَا وَالثَّانِي لَو سرق شَاة وضحى بهَا وَالثَّالِث لَو غصب من وَلَده الصَّغِير أَو الْكَبِير وَالرَّابِع لَو غصب من عَبده الْمَأْذُون الْمَدْيُون دينا مُسْتَغْرقا وَالْخَامِس الشِّرَاء الْفَاسِد قَالَ وَسِتَّة لَا تجوز أَولهَا الْمُودع إِذا ضحى بِشَاة الْوَدِيعَة وَالْمُسْتَعِير والمستبضع وَالْمُرْتَهن وَالْوَكِيل بشرَاء الشَّاة وَالْوَكِيل بِحِفْظ مَاله إِذا ضحى بِشَاة مُوكله وَالسَّادِسَة الزَّوْج وَالزَّوْجَة إِذا ضحى كل بِشَاة صَاحبه بِغَيْر إِذْنه وَالْأُضْحِيَّة تدخل فِي ضَمَانه بِالذبْحِ وَلَو لم يتَقَدَّم ملكه على وَقت الْمُبَاشرَة
نوع فِي الْعُيُوب وَفِي نظم الزندوستي خَمْسَة عشر من الْآفَات لَا تمنع جَوَاز الْأُضْحِية مِنْهَا أَن الَّتِي لَا أَسْنَان لَهَا إِن كَانَت تعلف لَا تجوز فِي ظَاهر الْأُصُول وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى إِن بَقِي من الاسنان مَا تعتلف بِهِ يجوز وَفِي الْأَجْنَاس لَا يجوز مُطلقًا وَالَّتِي لَا لِسَان لَهَا فِي الْغنم يجوز وَفِي الْبَقر لَا والجرباء إِن كَانَت سَمِينَة تجوز وَالَّتِي لَا قرن لَهَا من الأَصْل تجوز فَإِن انْقَطع أَو انْكَسَرَ بعض قرنها تجوز إِلَّا إِذا بلغ المخ وصغيرة الْأذن وَالَّتِي بأذنها ثقب أَو شقّ من الْأَعْلَى الى الْأَسْفَل فَإِن لم يكن لَهَا أذن خلقَة لَا تجوز وَكَذَا إِذا لم يكن لَهَا إِحْدَى الْأُذُنَيْنِ

(1/387)


وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِن لم يخلق لَهَا أذن تجوز وَهَكَذَا روى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله والتولاء وَهِي الْمَجْنُونَة إِن كَانَت سَمِينَة والعرجاء إِن كَانَت تمشي بِثَلَاث قَوَائِم وتجافي الرَّابِعَة عَن الأَرْض لَا تجوز وَإِن كَانَت تضع الرَّابِعَة على الأَرْض وتستعين بهَا الا أَنَّهَا تتمايل مَعَ ذَلِك وتضعها وضعا خَفِيفا تجوز والمجبوب الْعَاجِز عَن الْجِمَاع وَالَّتِي فِيهَا سعال والعاجزة عَن الْولادَة لكبر سنّهَا وَالَّتِي بهَا كي وَالَّتِي لَا ينزل لَهَا لبن من غير عِلّة وَالَّتِي لَهَا ولد تجوز
وَفِي الْأَجْنَاس إِن كَانَ للشاة ألية صَغِيرَة خلقت شبه الذَّنب تجوز وَإِن لم يكن لَهَا ألية خلقت كَذَلِك قَالَ مُحَمَّد لَا تجوز
وَفِي المنبع من الْعُيُوب مَا لَا يجوز مِنْهَا العمياء والعوراء فَإِن كَانَ الذَّاهِب بعض عينهَا الْوَاحِدَة أَو بعض أذنها أَو بعض أسنانها فَفِي رِوَايَة الْأَجْنَاس إِن كَانَ أَكثر من النّصْف لَا تجوز بِالْإِجْمَاع وَإِن كَانَ أقل من الثُّلثَيْنِ تجوز بِقدر الثُّلُث وَمَا كَانَ دون النّصْف فَهُوَ قَلِيل عِنْدهمَا وبقدر النّصْف ظَاهر مَذْهَبهمَا أَنه كثير وَفِي شرح الْجَامِع للصدر الشَّهِيد فِي النّصْف عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ وَالظَّاهِر عَنْهُمَا أَن النّصْف كثير وَفِي مُخْتَلف الرِّوَايَات إِن كَانَ أَكثر من الثُّلُث لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وبقدر الثُّلُث يجوز وَعَلِيهِ اعْتمد فِي الْجَامِع الصَّغِير وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه لَا يجوز وَهل تجمع الخروق فِي الْأذن من الْأُضْحِية اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ فِي كتاب الصَّلَاة من الْأَجْنَاس وَلَو كَانَت صَحِيحَة الْعَينَيْنِ فعورت عِنْده بعد إِيجَابه إِيَّاهَا على نَفسه أَو كَانَت سَمِينَة فَصَارَت عِنْده عجفاء أَو عرجاء وَإِن كَانَ مُوسِرًا لَا يجوز لَهُ أَن يُضحي بهَا وَإِن كَانَ فَقِيرا جَازَ لَهُ ذَلِك وَهَذَا فِي رِوَايَة أبي سُلَيْمَان وَفِي رِوَايَة أبي حَفْص يجوز مُعسرا كَانَ أَو مُوسِرًا وَلَو أصابتها آفَة فَكسرت رجلهَا أَو ذهبت عينهَا فِي معالجة الذّبْح إِن لم يرسلها جَازَ وَإِن أرسلها بعد إِصَابَة الآفة ثمَّ ضحى بهَا فِي وَقت آخر فِي يَوْمه أَو فِي يَوْم آخر لَا رِوَايَة لَهَا فِي الْأُصُول وَفِي الْعُيُون والمنتقى وأضاحي الزَّعْفَرَانِي عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنه يجوز وَقَالَ الزَّعْفَرَانِي فِي كِتَابه إِنَّه لَا يجوز وَبِه قَالَ بعض الْعلمَاء وَلَا نَأْخُذ بِهِ
والعجفاء الَّتِي لَا شَحم لَهَا لَا تجوز ومقطوعة رُؤُوس ضروعها وَإِن ذهب من وَاحِد أقل من النّصْف فعلى مَا ذكرنَا من الْخلاف فِي الْعين وَالْأُذن وَفِي الشَّاة والمعز إِذا لم يكن لَهَا إِحْدَى حلمتيها خلقَة أَو ذهبت بِآفَة وَبقيت أُخْرَى لم تجز وَفِي الْإِبِل وَالْبَقر إِن ذهبت وَاحِدَة يجوز وَإِن ذهب اثْنَتَانِ لَا يجوز وَالله أعلم
نوع فِي الِانْتِفَاع بالأضحية وَفِي الأَصْل يكره أَن تحلب الْأُضْحِية ويجز صوفها قبل الذّبْح وَينْتَفع بِهِ فَإِن فعل ذَلِك تصدق بِهِ وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ هَذَا فِي الشَّاة الَّتِي أوجبهَا على نَفسه وَيجوز الِانْتِفَاع بجلد الْأُضْحِية وهدي الْمُتْعَة والتطوع بِأَن يَتَّخِذهُ فروا أَو بساطا أَو جرابا أَو غربالا وَله أَن يَشْتَرِي بِهِ مَتَاع الْبَيْت كالجراب والغربال والخف وَلَا يَشْتَرِي بِهِ الْخلّ وَالزَّيْت وَاللَّحم وَلَا بَأْس بِبيعِهِ بِالدَّرَاهِمِ ليتصدق بهَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهَا بِالدَّرَاهِمِ لينفقها على نَفسه وَلَو فعل ذَلِك يتَصَدَّق بِثمنِهِ
وَإِذا اشْترى بقرة أَو بَعِيرًا وأوجبه أضْحِية يكره لَهُ ركُوبه واستعماله فَإِن فعل ذَلِك أَو بعضه تصدق بِمَا نَقصه وَإِن آجره تصدق بأجره وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي فَإِن ولدت ولدا ذَبحهَا وَوَلدهَا مَعهَا
نوع فِي التَّضْحِيَة عَن الْغَيْر وَفِي التَّجْرِيد يُضحي الْغَنِيّ عَن نَفسه وَأما عَن وَلَده الصَّغِير فَفِيهِ

(1/388)


رِوَايَتَانِ وَأما عَن أَوْلَاده الْكِبَار فَلَا يُضحي عَنْهُم وَأما ابْن الابْن فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَإِن كَانَ للصَّغِير مَال يُضحي عَنهُ أَبوهُ أَو وَصِيّه عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَعند مُحَمَّد وَزفر يُضحي من مَال نَفسه وَفِي الأَصْل قَالَ الامام السَّرخسِيّ زعم بعض مَشَايِخنَا أَن على الْأَب أَن يُضحي من مَال الصَّغِير وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ على قِيَاس صَدَقَة الْفطر عِنْد أبي حنيفَة وَالأَصَح أَنه لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلِهَذَا لَا يملك عتق عَبده وَهبة مَاله وَالْقَاضِي فِي مَال الصَّغِير على هَذَا وَالْمَجْنُون كَالصَّبِيِّ وعَلى الْأَب أَن يُؤَدِّي خراج الأَرْض الَّتِي للصَّبِيّ وَعشرَة وَيُؤَدِّي دينه
وَفِي الفتاوي الْوَصِيّ إِذا ضحى عَن الصَّغِير بِمَالِه يَعْنِي بِمَال الصَّغِير وَلم يتَصَدَّق جَازَ فَإِن تصدق ضمن
وَفِي النَّوَازِل لَو ضحى بِشَاة نَفسه على غَيره بأَمْره أَو بِغَيْر أمره لَا يجوز بِخِلَاف الْعتْق عَن غَيره فَإِنَّهُ لَو أعتق عَبده عَن كَفَّارَة رجل بأَمْره يجوز
وَذكر بعد هَذَا فِي النَّوَازِل سُئِلَ نصير عَن رجل ضحى عَن الْمَيِّت مَاذَا يصنع بِهِ قَالَ يَأْكُل مِنْهُ ويصنع بِهِ مَا يصنع بأضحيته فَقيل لَهُ أيصير عَن الْمَيِّت فَقَالَ الْأجر لَهُ وَالْملك لهَذَا فَقيل لَهُ فَإِن ضحى عَن الصَّبِي فَقَالَ الْأجر لَهُ وَالْملك لهَذَا الرجل وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة مثل هَذَا وَقَالَ مُحَمَّد بن مقَاتل مثل ذَلِك وَأَبُو مُطِيع مثله وَقَالَ عِصَام بن يُوسُف يتَصَدَّق بِالْكُلِّ وَفِي الرَّوْضَة إِن أوصى أَن يُضحي عَنهُ من ثلث مَاله كل عَام جَازَ
وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي لَو ضحى ببقرة عَن نَفسه وَعَن سِتَّة من أَوْلَاده إِن كَانُوا صغَارًا جَازَ وأجزأهم وَفِي الْكِبَار بأمرهم جَازَ وَبِغير أَمرهم لَا يجوز هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق