لسان الحكام في معرفة الأحكام

الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود
تعمد الْقَتْل على خَمْسَة أوجه عمد وَشبه عمد وَخطأ وَمَا جرى مجْرى الْخَطَأ وَالْقَتْل بِسَبَب فالعمد مَا تعمد ضربه بسلاح أَو مَا جرى مجْرى السِّلَاح فِي تَفْرِيق الْأَجْزَاء كالمحدد من الْخشب وَالْحجر وَالنَّار وبموجب ذَلِك الْإِثْم والقود الا أَن يعْفُو الْأَوْلِيَاء وَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَشبه الْعمد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله أَن يتَعَمَّد الضَّرْب بِمَا لَيْسَ بسلاح وَلَا مَا جرى السِّلَاح وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله إِذا ضرب بِحجر عَظِيم أَو بخشبة عَظِيمَة فَهُوَ عمد لِأَنَّهُ لَا يقْصد بِهِ الا الْقَتْل وَمُوجب ذَلِك على الْقَوْلَيْنِ الْإِثْم وَالْكَفَّارَة وَلَا قَود فِيهِ وَفِيه دِيَة مُغَلّظَة على الْعَاقِلَة وَالْخَطَأ على وَجْهَيْن خطأ فِي الْقَصْد وَهُوَ أَن يَرْمِي شخصا يَظُنّهُ صيدا فَإِذا هُوَ آدَمِيّ وَخطأ فِي الْفِعْل وَهُوَ أَن يَرْمِي غَرضا فَيُصِيب آدَمِيًّا وَمُوجب ذَلِك الْكَفَّارَة وَالدية على الْعَاقِلَة وَلَا إِثْم فِيهِ وَأما مَا جرى مجْرى الْخَطَأ فَمثل النَّائِم يَنْقَلِب على رجل فيقتله فَحكمه حكم الْخَطَأ وَأما الْقَتْل بِسَبَب فكحافر الْبِئْر وَوَاضِع الْحجر فِي غير ملكه وموجبه إِذا تلف فِيهِ آدَمِيّ الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَالْكَفَّارَة فِي شبه الْخَطَأ عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَلَا يُجزئ فيهمَا الْإِطْعَام لقَوْله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة}
وَيقتل الذِّمِّيّ بالذمي وَيقتل الْوَاحِد بِالْجَمَاعَة وَتقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ فَإِذا قتل جمَاعَة وَاحِدًا عمدا تقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ لإِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم

(1/389)


وروى أَن سَبْعَة قتلوا وَاحِدًا بِصَنْعَاء فَقَتلهُمْ عمر رَضِي الله عَنهُ جَمِيعًا وَقَالَ لَو تمالأ أَي لَو اجْتمع عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلتهم جَمِيعًا وَلِأَن الْقَتْل بطرِيق التَّعَاقُب غَالب وَالْقصاص شرع لحكمة الزّجر فَيجْعَل كل وَاحِد مِنْهُم كالمنفرد بِهَذَا الْفِعْل فَيجب الْقصاص تَحْقِيقا لِمَعْنى الْإِحْيَاء من الْكل
وَذكر بعض شرَّاح القدروي إِنَّمَا يقْتَصّ من جَمِيعهم إِذا وجد من كل وَاحِد مِنْهُم جرح لإزهاق الرّوح فَأَما إِذا كَانُوا مُعينين بِالْأَخْذِ والإمساك فَلَا قصاص عَلَيْهِم الْكل من شرح الْكَنْز وَلَا يجوز اسْتِيفَاء الْقصاص إِلَّا بِالسَّيْفِ أَو السكين حَتَّى إِن من أحرق رجلا بالنَّار أَو قطع طرف لِسَانه فَمَاتَ أَو شجه وَكَانَ يضْرب علاوته فَمَاتَ يقتل بِالسَّيْفِ لَا غير
وَلَا يقتل الْوَالِد بولده وَلَا الْجد من قبل الرِّجَال وَالنِّسَاء وَإِن علا وَلَا بِولد الْوَلَد وَإِن سفل وَلَا وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا جدة من قبل الْأَب وَالأُم وَإِن علت أَو سفلت وَيقتل الْوَلَد بالوالد وَلَا يقتل الْمولى بِعَبْدِهِ ملك كُله أَو بعضه وَيقتل العَبْد بمولاه وَلَو جن الْقَاتِل بعد الْقَتْل لَا يقتل وينقلب مَالا وَيقتل سليم الْجَوَارِح بناقص الْأَطْرَاف والبالغ والعاقل بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون وَلَا قصاص بَين الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَلَا بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث فِيمَا دون النَّفس الْكل من خزانَة الفتاوي
وَلَو غرق صَبيا أَو بَالغا فِي الْبَحْر لَا قصاص عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعِنْدَهُمَا يجب وَالْحجر الْعَظِيم على هَذَا
رجل قمط صَبيا وَطَرحه فَقتله سبع لم يكن عَلَيْهِ قَود وَلَا دِيَة وَلَكِن يُعَزّر وَيحبس حَتَّى يَمُوت وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة وَلَو قمط رجلا فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْر حَتَّى رسب فغرق تجب الدِّيَة وَلَو سبح ثمَّ غرق لَا دِيَة عَلَيْهِ
رجل قتل آخر وَهُوَ فِي النزع قتل وَإِن كَانَ يعلم أَنه يعِيش وَلَو قتل رجلا بالإبرة فَلَا قَود عَلَيْهِ إِلَّا إِذا غرزها فِي المقتل وَلَو قَالَ اقتلني فَقتله لَا يجب الْقصاص وَتجب الدِّيَة وَفِي التَّجْرِيد لَا تجب الدِّيَة فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَفِي رِوَايَة تجب وَلَو قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدي فَقطع لَا شَيْء عَلَيْهِ خزانَة الفتاوي
وَلَو أَن رجلا أَخذ رجلا فقيده وحبسه فِي بَيت حَتَّى مَاتَ جوعا قَالَ مُحَمَّد أوجعهُ عُقُوبَة وَالدية على عَاقِلَته وَالْفَتْوَى على قَول أبي حنيفَة فِي أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ
وَإِن دَفنه فِي قبر حَيا فَمَاتَ يقتل بِهِ لِأَنَّهُ قَتله عمدا وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَالْفَتْوَى على أَن على عَاقِلَته الدِّيَة وَإِذ طين رجل على رجل بَيْتا حَتَّى مَاتَ جوعا أَو عطشا لم يضمن فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالا عَلَيْهِ الدِّيَة غنية الفتاوي
رجل نَائِم رَآهُ قوم صَحِيح الْبدن فذبحه إِنْسَان وَقَالَ ذبحته وَهُوَ ميت فَإِنَّهُ يقتل قِيَاسا وَفِي الِاسْتِحْسَان تجب الدِّيَة
أَخذ بيد رجل فجذب الرجل يَده فَانْقَلَبت يَده إِن كَانَ أَخذ يَده للمصافحة لَا شَيْء عَلَيْهِ من أرش الْيَد وَإِن كَانَ غمزها فتأذى فجذبها فَأَصَابَهُ ذَلِك ضمن أرش الْيَد وَلَو أَن صَبيا فِي يَد أَبِيه جذبه انسان وَالْأَب ممسكه حَتَّى مَاتَ فديَة الصَّبِي على من جذبه ويرثه أَبوهُ وَإِن جذبه الْأَب وجذبه الرجل حَتَّى مَاتَ فعلَيْهِمَا الدِّيَة وَلَا يَرِثهُ أَبوهُ غنية الفتاوي
رجل ضرب رجلا بِالسَّيْفِ فِي غمده فخرق السَّيْف الغمد وَقَتله فَلَا قصاص عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله

(1/390)


وَقَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ بالغمد وضربه بِهِ وَحده قتل بهَا وَهُوَ بِنَاء على الْقَتْل بالمثقل وَلَو غزه رجل بإبرة أَو بِمَا يشبهها مُتَعَمدا فَقتله لَا قَود فِيهِ وَلَو كَانَ بمسلة فَفِيهِ الْقود بجنسها
رجل ضرب رجلا بصخرة فَمَاتَ لَا يجب الْقصاص عَلَيْهِ قيل لأبي حنيفَة رَحمَه الله أَرَأَيْت لَو كَانَت الصَّخْرَة عَظِيمَة قَالَ وَإِن ضربه بجبل أَبَا قبيس لَا يجب عَلَيْهِ الْقصاص فَهِيَ مَسْأَلَة الْقَتْل بالمثقل وَهَذَا اللَّفْظ مِمَّا أَخذه بعض الْجِدَال على أبي حنيفَة فِي علم الْإِعْرَاب فَقَالَ الصَّوَاب بجبل أبي قبيس قَالَ الْقَدُورِيّ لم يثبت هَذَا عنأبي حنيفَة وَلم يُوجد فِي كِتَابه وَإِن ثَبت ذَلِك عَنهُ فَهُوَ لُغَة بعض الْعَرَب قَالَ الْقَائِل ... إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... قد بلغا فِي الْمجد غايتاها ...
من الغنية
وَلَو ألْقى رجلا فِي مَاء بَارِد فِي يَوْم الشتَاء فسكن سَاعَة ثمَّ أَلْقَاهُ فَمَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة وَكَذَا لَو جرده من ثِيَابه فَجعله فِي سطح فِي يَوْم شَدِيد الْبرد فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ من الْبرد وَكَذَلِكَ لَو قمطه فَجعله فِي الثَّلج من الغنية
وَلَو أَن رجلا طرح رجلا من سفينة فِي الْبَحْر أَو فِي دجلة وَهُوَ لَا يحسن السباحة فرسب لَا يقتل بِهِ عِنْد أبي حنيفَة وَعَلِيهِ الدِّيَة وَإِن ارْتَفع سَاعَة وَسبح ثمَّ غرق وَمَات فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ لَيْسَ فِيهِ قصاص وَلَا دِيَة من الغنية
وَلَو أَن رجلا أَدخل رجلا فِي بَيت وَأدْخل مَعَه سبعا وأغلق عَلَيْهِمَا الْبَاب فَأخذ السَّبع الرجل فَقتله لم يقتل بِهِ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَا لَو نهشته حَيَّة أَو لدغته عقرب لم يكن فِيهِ شَيْء سَوَاء أَدخل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب مَعَه أَو كَانَا فِي الْبَيْت وَإِن فعل ذَلِك بصبي فَعَلَيهِ الدِّيَة قَالَ فِي الهارونيات وفيهَا قَول آخر أَن فِيهَا الدِّيَة من الغنية
رجل أقرّ أَنه قتل فلَانا بحديدة أَو قَالَ بِسيف ثمَّ قَالَ إِنَّمَا أردْت غَيره فَأَصَبْته درئ عَنهُ الْقَتْل وَلَو قَالَ ضربت فلَانا بحديدة فَقتلته ثمَّ قَالَ أردْت غَيره فأصابته لم يقبل ذَلِك مِنْهُ وَيقتل
وَفِي الْمُنْتَقى إِذا قطع عنق رجل وَبَقِي شَيْء من الْحُلْقُوم وَفِيه الرّوح فَقتله رجل لَا قَود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ميت وَلَو مَاتَ ابْنه بعد ذَلِك وَهُوَ على تِلْكَ الْحَالة وَرثهُ ابْنه وَلم يَرث هُوَ ابْنه من الغنية
صفان التقيا صف الْمُسلمين وصف من الْمُشْركين فَاقْتَتلُوا فَقتل رجل من الْمُسلمين رجلا من أَصْحَابه ظَنّه مُشْركًا فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَالدية وَلَا قَود عَلَيْهِ قيل هَذَا إِذا كَانَ الْمَقْتُول فِي صف الْمُسلمين وَأما إِذا كَانَ الْمَقْتُول فِي صف الْمُشْركين فَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء غنية
وَعمد الصَّبِي وخطؤه سَوَاء عندنَا حَتَّى تجب الدِّيَة فِي الْحَالين وَيكون ذَلِك فِي حَالَة فعل الْعمد
وَفِي الزِّيَادَات الدِّيَة فِي فعل الْعمد على الْعَاقِلَة أَيْضا وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ وَلَا يحرم الْمِيرَاث وَالْمَعْتُوه كَالصَّبِيِّ وَلَو أَمر غَيره أَن يقطع يَده أَو يفقأ عينه فَفعل لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ من الغنية
وَلَو قَالَ اقْتُل أخي فَقتله والآمر وَارثه قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله أستحسن أَن آخذ الدِّيَة من الْقَاتِل وَلَو قتل العَبْد الْمَرْهُون فِي يَد الْمُرْتَهن لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا أَن ينْفَرد بِالْقصاصِ فَإِذا اجْتمعَا كَانَ للرَّاهِن أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص قَالَ الشَّيْخ الامام أَبُو الْفضل الْكرْمَانِي وجدت رِوَايَة أَنه لَا يثبت لَهما حق الْقصاص وَإِن اجْتمعَا وَهُوَ أقرب الى الْفِقْه من الغنية

(1/391)


ويستوفي الْكَبِير حق الْقصاص قبل كبر الصَّغِير قودا هَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا لَيْسَ للكبير ولَايَة الْقصاص حَتَّى يدْرك الصَّغِير لِأَنَّهُ حق مُشْتَرك كَمَا إِذا كَانَ بَين الكبيرين وَأَحَدهمَا غَائِب صدر الشَّرِيعَة
رجلَانِ مدا شَجَرَة فَوَقَعت عَلَيْهِمَا فماتا فعلى عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة الآخر وَلَو مَاتَ أَحدهمَا كَانَ على عَاقِلَة الآخر نصف الدِّيَة رجل دفع الى صبي سكينا فَضرب الصَّبِي نَفسه أَو غَيره بِغَيْر إِذن الدَّافِع لَا يضمن الدَّافِع شَيْئا من الغنية
حر بَالغ أَمر صَبيا بقتل رجل فَقتله كَانَ على عَاقِلَة الصَّبِي الدِّيَة ثمَّ ترجع عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر وَلَو أَن بَالغا أَمر صَبيا بحرق مَال إِنْسَان أَو بقتل دَابَّته فضمان ذَلِك على الصَّبِي ثمَّ يرجع بذلك على الْآمِر غنية
وَلَو وطيء جَارِيَة إِنْسَان بِشُبْهَة وأزال بَكَارَتهَا على قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد ينظر الى مهر مثلهَا غير بكر والى نُقْصَان الْبكارَة فَأَيّهمَا كَانَ أَكثر يجب ذَلِك وَيدخل الْأَقَل فِي الْأَكْثَر وَلَو كَانَ صَبيا زنى بصبية فَأذْهب عذرتها كَانَ عَلَيْهِ الْمهْر بِإِزَالَة الْبكارَة من الغنية
وَلَو قتل الرجل عمدا وَله ولي وَاحِد لَهُ أَن يقتل الْقَاتِل قصاصا سَوَاء قضى القَاضِي أَو لم يقْض ويقتله بِالسَّيْفِ وَلَو أَرَادَ أَن يقتل بِغَيْر السَّيْف يمْنَع عَن ذَلِك وَلَو فعل يُعَزّر خزانَة الفتاوي
نوع فِي الْجَنِين الْغرَّة خَمْسمِائَة دِرْهَم وَهِي نصف عشر الدِّيَة أَو عبد أَو فرس قِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم ذكرا كَانَ الْجَنِين أَو أُنْثَى وَفِي جَنِين الْمَمْلُوك نصف عشر قِيمَته إِن كَانَ ذكرا أَو عشر قِيمَته إِن كَانَ أُنْثَى وهما فِي الْمِقْدَار سَوَاء من حَيْثُ الشَّرْع لقِيَام قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا مقَام الدِّيَة وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله لَا يعْتَبر بالتفاوت وَإِنَّمَا سمي غرَّة لِأَن غرَّة الشَّيْء أَوله وَمِنْه غرَّة الشَّهْر أَي أَوله وَأول مقادير الدِّيات خَمْسمِائَة دِرْهَم فَلذَلِك سمى غرَّة وَهِي تجب فِي سنة وَاحِدَة منية
الْجَنِين إِذا وجد قَتِيلا فِي محلّة فَلَا قسَامَة وَلَا دِيَة رجل ضرب بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جنينين أَحدهمَا ميت وَالْآخر حَيّ فَمَاتَ الْحَيّ بعد الِانْفِصَال من ذَلِك الضَّرْب كَانَ على الضَّارِب فِي الْمَيِّت مِنْهُمَا غرَّة وَفِي الْحَيّ دِيَة كَامِلَة من الغنية
وَإِن انْفَصل الْجَنِين مَيتا لم يَرث لأَنا شككنا فِي حَيَاته وَقت موت الْأَب لجَوَاز أَنه كَانَ مَيتا لم ينْفخ فِيهِ الرّوح ولجواز أَنه كَانَ حَيا فَلَا يَرث بِالشَّكِّ
وَفِي الذَّخِيرَة ثمَّ الْجَنِين إِذا خرج مَيتا لَا يَرث إِذا خرج بِنَفسِهِ وَأما إِذا أخرج حَيا فَهُوَ من جملَة الْوَرَثَة بَيَانه إِذا ضرب إِنْسَان بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جَنِينا إِن انْفَصل مَيتا فَإِنَّهُ لَا يَرث وَلَا يُورث وَإِن انْفَصل حَيا فَهُوَ من جملَة الْوَرَثَة تتارخانية
نوع فِي الصَّبِي وَالْمَجْنُون صبيان اجْتَمعُوا فِي مَوضِع يَلْعَبُونَ ويرمون فَأصَاب سهم أحدهم عين امْرَأَة وَذَهَبت وَظهر الصَّبِي ابْن تسع سِنِين أَو نَحوه قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر أرش عين الْمَرْأَة يكون فِي مَال الصَّبِي وَلَا شَيْء على الْأَب وَإِن لم يكن لَهُ مَال فنظرة الى ميسرَة قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث إِنَّمَا وَجَبت الدِّيَة فِي مَال الصَّبِي لِأَنَّهُ لَا يرى للعجم عَاقِلَة ثمَّ إِنَّمَا تجب الدِّيَة إِذا ثَبت رميه بِشَهَادَة الشُّهُود لَا بِإِقْرَار الصَّبِي وَلَا بِوُجُود سَهْمه فِيهَا لِأَن إِقْرَاره على نَفسه بَاطِل غنية

(1/392)


رجل حمل صَبيا على دَابَّة فَقَالَ لَهُ أمْسكهَا لي وَلم يكن يسير مَعَه فَسقط عَن الدَّابَّة وَمَات كَانَ على عَاقِلَة الَّذِي حمله الدِّيَة سَوَاء كَانَ الصَّبِي مِمَّن يركب مثله أَو لَا يركب فَإِن سير الصَّبِي الدَّابَّة فوطئت إنْسَانا فَقتلته وَالصَّبِيّ مستمسك عَلَيْهَا فديَة الْقَتِيل تكون على عَاقِلَة الصَّبِي وَلَا شَيْء على عَاقِلَة الَّذِي حمله عَلَيْهَا لِأَن الصَّبِي أَخذ فِي السّير بِغَيْر إِذن الرجل لَهُ وَإِن كَانَ الصَّبِي مِمَّن لَا يسير لصغره وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فدم الْقَتِيل هدر لِأَن الصَّبِي إِذا كَانَ لَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا كَانَت الدِّيَة بِمَنْزِلَة المتغلبة وَإِن سقط الصَّبِي عَن الدَّابَّة وَالدَّابَّة تسير فَمَاتَ الصَّبِي كَانَت دِيَة الصَّبِي على عَاقِلَة الَّذِي حمله على كل حَال سَوَاء سقط الصَّبِي بعد مَا سَارَتْ الدَّابَّة أَو قبل ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الصَّبِي يسْتَمْسك على الدَّابَّة أَو لَا يسْتَمْسك
وَلَو كَانَ الرجل رَاكِبًا فَحمل صَبيا مَعَه على الدَّابَّة وَمثل هَذَا الصَّبِي لَا يصرف الدَّابَّة وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فوطئت الدَّابَّة انسانا قَتله كَانَت الدِّيَة على عَاقِلَة الرجل لِأَن الصَّبِي إِذا كَانَ لَا يسْتَمْسك يكون بِمَنْزِلَة الْمَتَاع فَيكون سير الدَّابَّة مُضَافا الى الرجل فَتجب الدِّيَة على عَاقِلَة الرجل وَعَلِيهِ كَفَّارَة بِمَنْزِلَة الْمُبَاشرَة وَإِن كَانَ هَذَا الصَّبِي يصرف الدَّابَّة ويستمسك عَلَيْهَا فديَة الْقَتِيل على عاقلتهما جَمِيعًا لِأَن سير الدَّابَّة يُضَاف اليهما وَلَا يرجع عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الرجل لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة جِنَايَة الصَّبِي بِيَدِهِ غنية
وَإِذا كَانَ الرجل يجن ويفيق فَقتل رجلا فِي حَال إِفَاقَته ذكر فِي الأَصْل أَنه وَالصَّحِيح سَوَاء فَإِن جن بعد ذَلِك هَل يسْقط الْقصاص لم يذكر مُحَمَّد هَذَا فِي الأَصْل قَالَ شيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده إِن بعض مَشَايِخنَا فصلوا فِيهِ تَفْصِيلًا فَقَالُوا إِن كَانَ الْجُنُون مطبقا يسْقط الْقصاص وَإِن كَانَ غير مطبق لَا يسْقط غنية
وَلَو أَن عبدا حمل صَبيا حرا على دَابَّة فَوَقع الصَّبِي عَنْهَا وَمَات فديَة الصَّبِي تكون فِي عنق العَبْد يَدْفَعهُ الْمولى بهَا أَو يفدى وَإِن كَانَ العَبْد مَعَ الصَّبِي على الدَّابَّة فساقها فوطئت الدَّابَّة انسانا وَمَات فعلى عَاقِلَة الصَّبِي نصف الدِّيَة وَفِي عنق العَبْد نصفهَا غنية
رجل قتل رجلا عمدا ثمَّ صَار معتوها وَشهد عَلَيْهِ الشُّهُود بِالْقَتْلِ وَهُوَ معتوه فَإِنِّي أستحسن أَن لَا أَقتلهُ وَأَجْعَل الدِّيَة فِي مَاله وَالْمَسْأَلَة فِي الْمُنْتَقى وَذكر فِي مَوضِع آخر فِي الْمُنْتَقى روى ابراهيم عَن مُحَمَّد فِي رجل قتل رجلا ثمَّ جن الْقَاتِل لَا يقتل وَلَو قضى عَلَيْهِ بالقود ثمَّ جن فَالْقِيَاس أَن لَا يقتل وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقتل إِذا كَانَ قد قضى عَلَيْهِ وَفِي مَوضِع آخر إِذا قضى القَاضِي بِالْقصاصِ على الْقَاتِل أفقبل أَن يدْفع الى ولي الْقَتِيل جن الْقَاتِل لَا قصاص اسْتِحْسَانًا وَتجب الدِّيَة وَإِن جن بعد الدّفع اليه لَهُ أَن يقْتله غنية
مَجْنُون شهر على رجل سِلَاحا فَقتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ لَزِمته الدِّيَة وَالْكَفَّارَة
أَرَادَ أَن يكره غُلَاما أَو امْرَأَة على الْفَاحِشَة فَلم يستطيعا د فعه الا بِالْقَتْلِ فدمه هدر
نوع فِي الْقَتْل تسببا وَلَو عثر رجل بِحجر فَوَقع فِي بِئْر حفرهَا فَإِن كَانَ الْحجر وَضعه انسان على الطَّرِيق فَالضَّمَان على وَاضع الْحجر لِأَن التردي بأثر فعله وَإِن كَانَ الْحجر لم يَضَعهُ أحد لكنه حميل السَّيْل فَالضَّمَان على الْحَافِر وَلَو حفر بِئْرا فِي فلاة من الأَرْض فَلَا ضَمَان على الْحَافِر لِأَن الفلاة مَوضِع مُبَاح فَلَا يكون الْحفر عُدْوانًا

(1/393)


رجل حفر بِئْرا فِي ملك غَيره فَوَقع فِيهَا انسان فَقَالَ صَاحب الأَرْض أَنا أَمرته بذلك وَأنكر أَوْلِيَاء الْوَاقِع فَالْقِيَاس أَن لَا يصدق صَاحب الأَرْض وَفِي الِاسْتِحْسَان يصدق لِأَنَّهُ أخبر عَمَّا يملك إنشاءه غنية
رجل اسْتَأْجر رجلا ليحفر لَهُ بِئْرا فِي الطَّرِيق فتردى فِيهَا انسان فَإِن كَانَت فِي فنَاء دراه فَالضَّمَان على الْمُسْتَأْجر دون الْأَجِير وَإِن لم يكن فِي فنائه فَإِن علم الْأَجِير بذلك فَالضَّمَان على الْأَجِير دون الْمُسْتَأْجر وَإِن لم يعلم فَالضَّمَان على الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ غره غنية
سقَاهُ سما حَتَّى مَاتَ فَهُوَ على وَجْهَيْن إِن دفع اليه السم حَتَّى أكل وَلم يعلم بِهِ فَمَاتَ لَا يجب الْقصاص وَلَا الدِّيَة وَيحبس وَيُعَزر وَلَو أخبرهُ إِخْبَارًا تجب الدِّيَة على عَاقِلَته وَإِن دفع اليه شربة فَشرب وَمَات لَا تجب الدِّيَة لِأَنَّهُ شرب بِاخْتِيَارِهِ إِلَّا أَن فِي الدّفع خدعة فَلَا يجب التَّعْزِير وَالِاسْتِغْفَار غنية
رجل قَالَ أَنا ضربت فلَانا بِالسَّيْفِ فَقتلته قَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ خطأ حَتَّى يَقُول عمدا رجل قتل رجلا فِي النزع فَإِنَّهُ يقتل بِهِ وَإِذا شهد الشُّهُود على رجل بالزنى والإحصان فَزُكِّيَتْ فحبسه القَاضِي ليرجمه غَدا أَو بعد أَيَّام فَقتله رجل عمدا لَا قصاص عَلَيْهِ غنية الفتاوي
رجل قتل رجلا فَعَفَا بعض ورثته عَن الْقَاتِل ثمَّ قَتله بَاقِي الْوَرَثَة إِن علمُوا أَن عَفْو الْبَعْض يسْقط الْقصاص لَزِمَهُم الْقود وَإِن لم يعلمُوا بِهَذَا الحكم فَلَا قَود عَلَيْهِم وَإِن علمُوا بِالْعَفو غنية
الْمعلم إِذا ضرب الصَّبِي أَو المحترف التلميذ فَمَاتَ إِن كَانَ ضربه بِأَمْر أَبِيه أَو وَصِيّه لَا يضمن إِن كَانَ فِي الْموضع الْمُعْتَاد غنية
صبي على حَائِط صَاح بِهِ رجل فَوَقع فَمَاتَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر لَا شَيْء عَلَيْهِ أطلق الْجَواب هُنَا وفصله فِي نَوَادِر رستم فَقَالَ إِذا صَاح بِهِ فَقَالَ لَا تقع فَوَقع لَا يضمن وَلَو قَالَ وَقع فَوَقع يضمن وَالْفَتْوَى على هَذَا من الغنية
صبية بنت سِتّ سِنِين جنت وَكَانَت جالسة جنب النَّار فَخرجت الْأُم الى بعض الْجِيرَان فاحتقرت الصبية فَمَاتَتْ لَا قَود على الْأُم لَكِن إِذا كَانَت ملية يُعجبنِي أَن تعْتق رَقَبَة مُؤمنَة وَإِلَّا صَامت شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَتَكون على ندامة واستغفار لَعَلَّ الله أَن يعْفُو عَنْهَا وَهَذَا اسْتِحْسَان غنية
صبي مَاتَ فِي المَاء أَو وَقع من سطح فَمَاتَ إِن كَانَ مِمَّن يحفظ نَفسه كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْبَالِغ وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يحفظ نَفسه فعلى أَبَوَيْهِ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة لِأَن حفظه عَلَيْهِمَا فَوَجَبت الْكَفَّارَة عَلَيْهِمَا إِن كَانَ فِي حجرهما وَإِن كَانَ فِي حجر أَحدهمَا فالكفارة عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث أَنه لَا كَفَّارَة على أَحدهمَا إِلَّا أَن يقسط من يَده وَالْفَتْوَى على مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْث من الغنية
نوع فِي الْعَفو وَالصُّلْح الْوَارِث إِذا عَفا عَن الْقَاتِل هَل يبرأ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَة الدّين على رجل لرجل فَمَاتَ الطَّالِب وأبرأته الْوَرَثَة فَإِنَّهُ يبرأ فِيمَا بَقِي أما عَن ظلمه الْمُتَقَدّم فَلَا يبرأ وَكَذَا الْقَاتِل عَن ظلمه وعدوانه وَيبرأ عَن الْقصاص وَذكر الْكَرْخِي فِي مُخْتَصره أَن الْعَفو عَن الْقَاتِل أفضل لقَوْله تَعَالَى {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ}
وَاخْتلف أهل الْعلم فِي تَأْوِيله قَالَ قوم هُوَ كَفَّارَة للْقَاتِل وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ كَفَّارَة للعافي وَهُوَ أولى التَّأْويلَيْنِ عِنْدِي من الغنية

(1/394)


رجل قتل عمدا وَله وليان فَصَالح أَحدهمَا الْقَاتِل عَن جَمِيع الدَّم على خمسين ألفا جَازَ الصُّلْح فِي نصِيبه بِخَمْسَة وَعشْرين ألفا وَللْآخر نصف الدِّيَة خَمْسَة آلَاف وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَن الصُّلْح على أَكثر من الدِّيَة بَاطِل وَوَجَب لكل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الدِّيَة وَهُوَ خَمْسَة آلَاف وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة هِيَ الأولى
وَلَو كَانَ الْقصاص بَين أَخَوَيْنِ أَحدهمَا غَائِب فَادّعى الْقَاتِل أَن الْغَائِب قد عَفا عَنهُ وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك فَإِنَّهُ تقبل بَينته وَيثبت الْعَفو عَن الْغَائِب فَلَو جَاءَ الْغَائِب لَا يُكَلف الْقَاتِل بِإِعَادَة الْبَيِّنَة هَذَا إِذا أَقَامَ الْقَاتِل الْبَيِّنَة على مَا ادّعى من عَفْو الْغَائِب وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة على مَا ادّعى وَأَرَادَ أَن يسْتَخْلف الْحَاضِر يُؤَخر حَتَّى يقدم الْغَائِب هَكَذَا ذكر مُحَمَّد وَأطلق الْجَواب إطلاقا
قَالَ بعض مَشَايِخنَا يُرِيد مُحَمَّد بقوله يُؤَخر حَتَّى يقدم الْغَائِب تَأْخِير استحلاف الْبَتَات لِأَن الْحَاضِر لَا يسْتَحْلف على الْبَتَات أما إِذا أَرَادَ استحلاف الْحَاضِر على الْعلم بِاللَّه مَا يعلم أَن الْغَائِب قد عَفا عَنهُ فَإِنَّهُ يسْتَحْلف على ذَلِك غنية
وَفِي الذَّخِيرَة رجل قتل عمدا وعَلى الْمَقْتُول دُيُون ثمَّ إِن ولي الْقَتِيل صَالح الْقَاتِل على مَال يقْضِي من ذَلِك دُيُون الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمَقْتُول أوصى بوصايا تنفذ من ذَلِك وَصَايَاهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ للمقتول أَوْلِيَاء عَفا بعض الْأَوْلِيَاء عَن الْقَاتِل حَتَّى انْقَلب نصيب البَاقِينَ مَالا يقْضِي من ذَلِك المَال دُيُون الْمَقْتُول وتنفذ وَصَايَاهُ وَزعم بعض مَشَايِخنَا أَن الْعمد إِذا انْقَلب مَالا فِي الِابْتِدَاء فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْقَتْل الْخَطَأ من الِابْتِدَاء أَلا ترى أَنه يقْضِي من ذَلِك دُيُون الْمَيِّت وتنفذ وَصَايَاهُ وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا زَعَمُوا أَلا ترى أَن الْحر إِذا قتل رجلا عمدا وللمقتول أَوْلِيَاء عَفا عَنهُ بعض الْأَوْلِيَاء حَتَّى انْقَلب نصيب البَاقِينَ مَالا يجب ذَلِك فِي مَال الْقَاتِل وَلَو كَانَ خطأ فِي الِابْتِدَاء يجب على عَاقِلَة الْقَاتِل من التتار خَانِية
وَلَو عَفا عَن الْجِنَايَة أَو عَن الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ فَهُوَ عَفْو عَن النَّفس وَالْخَطَأ من ثلث مَاله والعمد من كُله أَي إِذا كَانَت الْجِنَايَة خطأ وَقد عَفا عَنْهَا فَهُوَ عَفْو عَن الدِّيَة فَيعْتَبر من الثُّلُث لِأَن الدِّيَة مَال فِي حق الْوَرَثَة فَحق الْوَرَثَة يتَعَلَّق بهَا فالعفو وَصِيَّة فَتَصِح من الثُّلُث وَأما الْعمد فموجبه الْقود وَهُوَ لَيْسَ بِمَال فَلم يتَعَلَّق بِهِ حق الْوَرَثَة فَيصح الْعَفو عَنهُ على الْكَمَال صدر الشَّرِيعَة وتقضي دُيُون الْمَيِّت من الدة وَبدل الصُّلْح كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّة
نوع فِي المتفرقات وَلَو أَن رجلَيْنِ كَانَا فِي بَيت لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِث وجد أَحدهمَا مذبوحا قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يضمن الآخر الدِّيَة وَقَالَ مُحَمَّد لَا أضمنه وَالْعَبْد الْمَرْهُون إِذا وجد قَتِيلا فِي دَار الْمُرْتَهن أَو الرَّاهِن فَالْقيمَة على رب الدَّار دون الْعَاقِلَة هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف وَلَو وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا ثلثهَا وَللْآخر ثلثاها فَالدِّيَة على عاقلتهما نِصْفَانِ من الغنية
رجل فَقَأَ عين عبد أَو بعير أَو شَاة أَو دجَاجَة فَفِي الشَّاة والدجاجة وَنَحْوهمَا يجب مَا نقص من الْقيمَة وَأما فِي العَبْد فَعَلَيهِ نصف الْقيمَة رجل جرح فَقَالَ قتلني فلَان ثمَّ مَاتَ فَأَقَامَ وَارثه الْبَيِّنَة على رجل آخر أَنه قَتله لم تقبل بَينته لِأَن هَذَا حق الْوَرَثَة وَقد كذب الْبَيِّنَة بقوله قتلني فلَان من الغنية
رجل أَمر رجلا أَن يضع حجرا فِي الطَّرِيق فَوَضعه فَعَطب بِهِ الْآمِر فضمانه على الْوَاضِع وَكَذَا إِذا قَالَ اشرع جنَاحا من دَارك أَو ابْن دكانا على بابك تنْتَفع بِهِ فَفعل فَعَطب بِهِ الْآمِر أَو عَبده أَو دَابَّته وَكَذَا الْآمِر إِذا بنى ذَلِك للْمَأْمُور بأَمْره ثمَّ عطب بِهِ الْآمِر وَكَانَ الْمَأْمُور هُوَ الَّذِي بنى ذَلِك من الغنية

(1/395)


وَلَو ازْدحم النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقتلُوا رجلا وَلَا يدْرِي من قَتله فديته على بَيت المَال من الغنية
وَلَو أَن رجلا أَرَادَ أَن يضْرب انسانا بِالسَّيْفِ فَأخذ سَيْفه ذَلِك الانسان بِيَدِهِ فجذب صَاحب السَّيْف سَيْفه من يَده فَقطع بعض أَصَابِعه فَإِن كَانَ الْقطع من المفاصل فَعَلَيهِ الْقود لِأَنَّهُ عمد وَإِن لم يكن الْقطع من المفاصل فَعَلَيهِ الدِّيَة من الغنية هَذَا مَا يسر الله لنا نَقله من مَجْمُوع المرحوم مؤيد زادة وَالله تَعَالَى أعلم
نوع فِيمَا يتَعَلَّق بالديات وَفِي التَّجْرِيد حكم الْخَطَأ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة وحرمان الْمِيرَاث وَلَا خلاف فِي أَن تَقْدِير الدِّيَة من الابل مائَة وَمن الدَّنَانِير ألف وَمن الدَّرَاهِم عشرَة آلَاف وَعِنْدَهُمَا من الْبَقر مائَة بقرة وَمن الشياه ألف شَاة وَمن الْحلَل مائَة حلَّة ودية الْمَرْأَة نصف ذَلِك ودية الذِّمِّيّ والمستأمن كدية الْمُسلم عندنَا ودية الْخَطَأ أَخْمَاس عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة ودية شبه الْعمد أَربَاع خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى
وَفِي فتاوي القَاضِي الامام وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير حُكُومَة الْعدْل قَالَ بَعضهم ينظر الى الْمَجْنِي عَلَيْهِ أَنه لَو كَانَ مَمْلُوكا كم ينتقص من قِيمَته بِهَذِهِ الْجِنَايَة إِن كَانَت تنقص عشر قِيمَته فَفِي الْحر تجب عشر الدِّيَة قَالَ وَالْفَتْوَى على هَذَا وَهَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة
وَفِي النَّفس الدِّيَة وَكَذَا الْأنف وَالذكر والحشفة وَالْعقل والشم والذوق والسمع وَالْبَصَر وَاللِّسَان وَبَعضه إِذا منع الْكَلَام والصلب إِذا منع الْجِمَاع وَكَذَا إِذا أفضاها فَلم تسْتَمْسك الْبَوْل وَمن قطع يَد رجل خطأ ثمَّ قَتله قبل الْبُرْء خطأ فَفِيهِ دِيَة وَاحِدَة وَمَا فِي الْبدن اثْنَان ففيهما الدِّيَة وَفِي أَحدهمَا نصف الدِّيَة وَمَا فِيهِ أَرْبَعَة فَفِي أَحدهمَا ربع الدِّيَة وَفِي كل أصْبع عشر الدِّيَة وتقسم على مفاصلها والكف تبع المفاصل وَفِي كل سنّ نصف عشر الدِّيَة فَإِن قلعهَا فَنَبَتَتْ أُخْرَى مَكَانهَا سقط أَرْشهَا
وَفِي شعر الرَّأْس إِذا حلق فَلم ينْبت الدِّيَة وَكَذَا اللِّحْيَة والحاجبان والأهداب وَالْيَد إِذا شلت وَالْعين إِذا ذهب ضوءها وَفِي الشَّارِب ولحية الكوسج وثدي الرجل وَذكر الْخصي والعنين ولسان الْأَخْرَس وَالْيَد الشلاء وَالْعين العوراء وَالرجل العرجاء وَالسّن السَّوْدَاء والاصبع الزَّائِدَة وَعين الصَّبِي وَلسَانه وَذكره إِذا لم تعلم صِحَّته حُكُومَة وَإِذا قطع أصبعا فشلت أُخْرَى فَفِيهَا الْأَرْش وَعمد الصَّبِي وَالْمَجْنُون خطأ وَقد تقدم
والشجاج عشرَة الْجَارِحَة وَهِي الَّتِي تشق الْجلد ثمَّ الدامعة وَهِي الَّتِي تخرج مَا يشبه الدمع ثمَّ الدامية وَهِي الَّتِي تخرج الدَّم ثمَّ الباضعة وَهِي الَّتِي تبضع اللَّحْم ثمَّ المتلاحمة وَهِي الَّتِي تَأْخُذ فِي اللَّحْم أَكثر ثمَّ السمحاق وَهِي جلدَة فَوق الْعظم اتَّصَلت اليها الشَّجَّة ثمَّ الْمُوَضّحَة وَهِي الَّتِي توضح الْعظم ثمَّ الهاشمة وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم ثمَّ المنقلة وَهِي الَّتِي تنقله ثمَّ الآمة وَهِي الَّتِي تصل الى أم الدِّمَاغ فَفِي الْمُوَضّحَة الْقصاص إِن كَانَ عمدا وَفِي الْبَاقِي حُكُومَة عدل وَلَا قصاص فِي شَيْء مِنْهَا وَإِن كَانَت عمدا وروى فِي الْمُوَضّحَة وَفِيمَا قبلهَا الْقصاص دون بعْدهَا وَفِي الْمُوَضّحَة الْخَطَأ نصف عشر الدِّيَة وَفِي الهاشمة الْعشْر وَفِي المنقلة عشر وَنصف وَفِي الآمة الثُّلُث وَكَذَا الْجَائِفَة فَإِذا نفذت فثلثان والشجاج تخْتَص بِالْوَجْهِ وَالرَّأْس والجائفة بالجوف وَالْجنب وَالظّهْر وَمَا سوى ذَلِك جراحات فِيهَا حُكُومَة عدل وَقد تقدم بَيَان حُكُومَة الْعدْل

(1/396)


وَمن شج رجلا فَذهب عقله أَو شعر رَأسه دخل فِيهِ أرش الْمُوَضّحَة وَإِن ذهب سَمعه أَو بَصَره أَو كَلَامه لم يدْخل وَلم يقْتَصّ من الْمُوَضّحَة والطرف حَتَّى يبرأ وَلَو شجه فالتحمت وَنبت الشّعْر سقط الْأَرْش وَالله تَعَالَى أعلم وَهَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْمُخْتَار على وَجه الِاخْتِصَار
بَاب الْقسَامَة
الْقَتِيل كل ميت بِهِ أثر إِذا وجد فِي محلّة لَا يعلم قَاتله وَادّعى وليه الْقَتْل على أَهلهَا أَو على بَعضهم عمدا أَو خطأ وَلَا بَيِّنَة لَهُ يخْتَار بَينهم خمسين رجلا يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا ثمَّ يقْضِي بِالدِّيَةِ على أهل الْمحلة وَكَذَلِكَ إِذا وجد بدنه أَو أَكْثَره أَو بعضه مَعَ الرَّأْس فَإِن لم يكن فيهم خَمْسُونَ رجلا كررت الْأَيْمَان عَلَيْهِم لتتم خمسين وَمن أَبى مِنْهُم يحبس حَتَّى يحلف وَيَقْضِي بِالدِّيَةِ للْوَلِيّ وَلَا يدْخل فِي الْقسَامَة صبي وَلَا مَجْنُون وَلَا عبد وَلَا امْرَأَة وَإِن ادّعى الْوَلِيّ الْقَتْل على غَيرهم سَقَطت عَنْهُم الْقسَامَة وَلَا تقبل شَهَادَتهم على ذَلِك وَإِن وجد على دَابَّة يَسُوقهَا إِنْسَان فالقسامة عَلَيْهِ وعَلى عَاقِلَة السَّائِق وَكَذَا الْقَائِد والراكب وَإِن وجد فِي دَار انسان فالقسامة عَلَيْهِ وعَلى عَاقِلَته إِن كَانُوا حضورا وَإِلَّا كررت الْأَيْمَان عَلَيْهِ وَالدية على عَاقِلَته وَإِن وجد بَين قريتين فعلى أقربهما إِذا كَانُوا يسمعُونَ الصَّوْت وَلَو وجد فِي السَّفِينَة فالقسامة على الملاحين والركاب وَفِي مَسْجِد محلّة فعلى أَهلهَا وَفِي الْجَامِع والشارع الْأَعْظَم الدِّيَة فِي بَيت المَال وَلَا قسَامَة وَإِن وجد فِي بَريَّة أَو فِي وسط الْفُرَات فَهدر وَإِن كَانَ محتبسا بالشاطئ فعلى أقرب الْقرى مِنْهُ إِن كَانُوا يسمعُونَ الصَّوْت وَالله تَعَالَى أعلم هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْمُخْتَار
وَلَو وجد فِي دَار نَفسه تدي عَاقِلَة ورثته عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعند زفر لَا شَيْء فِيهِ وَبِه يُفْتى
الْقسَامَة على أهل الخطة لَا على السكان وَلَا على المشترين فَلَو بَاعَ كلهم فعلى المشترين
وجد قَتِيل فِي دَار بَين قوم لبَعْضهِم أَكثر فَهِيَ على الرؤوس وَفِي سوق مَمْلُوك فعلى الْمَالِك وَفِي غير الْمَمْلُوك والسجن لَا قسَامَة وَالدية على بَيت المَال وَلَو وجد فِي معسكر فِي فلاة غير مَمْلُوكَة فَفِي الْخَيْمَة والفسطاط على ساكنيهما هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الدُّرَر وَالْغرر وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد
بَاب المعاقل
وَهِي جمع معقلة وَهِي الدِّيَة والعاقلة الَّذين يؤدونها وَتجب عَلَيْهِم كل دِيَة وَجَبت بِنَفس الْقَتْل فَإِن كَانَ الْقَاتِل من أهل الدِّيوَان فهم عَاقِلَته تُؤْخَذ من عطاياهم فِي ثَلَاث سِنِين سَوَاء خرجت فِي أقل أَو أَكثر وَإِن لم يكن من أهل الدِّيوَان فقبيلته يسْقط عَلَيْهِم فِي ثَلَاث سِنِين لَا يُزَاد الْوَاحِد على أَرْبَعَة دَرَاهِم وَينْقص مِنْهَا فَإِن لم تسع الْقَبِيلَة ذَلِك ضم اليها أقرب الْقَبَائِل نسبا وَإِن كَانَ مِمَّن يتناصرون بالحرف فَأهل حرفته وَإِن تناصروا بِالْحلف فأهله وَيُؤَدِّي الْقَاتِل كأحدهم وَلَا عقل على الصّبيان وَالنِّسَاء وَلَا بعقل الْكَافِر عَن الْمُسلم وَلَا بِالْعَكْسِ وَإِن كَانَ للذِّمِّيّ عَاقِلَة فَالدِّيَة عَلَيْهِم وَإِلَّا فَفِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وعاقلة الْمُعْتق قَبيلَة مَوْلَاهُ وعاقلة مولى الْمُوَالَاة مَوْلَاهُ وقبيلته وَولد الْمُلَاعنَة تعقل عَنهُ عَاقِلَة أمه فَإِن ادَّعَاهُ الْأَب بعد ذَلِك رجعت عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب وَتحمل الْعَاقِلَة خمسين دِينَارا فَصَاعِدا وَمَا دونهَا فِي مَال الْجَانِي وَلَا تعقل الْعَاقِلَة مَا اعْترف بِهِ الْجَانِي إِلَّا أَن يصدقوه وَإِذا جنى الْحر على العَبْد خطأ فعلى عَاقِلَته وَهَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْمُخْتَار وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد

(1/397)


فصل فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَعَلّقَة بالحدود
رجل زنى بِامْرَأَة ميتَة لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ التَّعْزِير لما روى أَن بهْلُول النباش فعل ذَلِك على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام فَلم يقم عَلَيْهِ الْحَد وَنزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة وَقبلت تَوْبَته من غير حد
وَلَو أَتَى امْرَأَة أَو غُلَاما فِي الْموضع الْمَكْرُوه وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ حد الزِّنَا وَلكنه يُسْتَتَاب بالتعزير وَالْحَبْس وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الْحَد وَفِي رَوْضَة الزندوستي إِن الْخلاف فِي الْغُلَام أما لَو أَتَى فِي الْموضع الْمَكْرُوه مِنْهَا يحد بِلَا خلاف وَلَو فعل هَذَا بِعَبْدِهِ أَو أمته أَو منكوحته لَا يحد بِلَا خلاف قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الأَصْل إِذا زنى بِامْرَأَة خرساء لَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا وَجعل الْجَواب فِي الخرساء كالجواب فِيمَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة ناطقة وَادعت الْمَرْأَة النِّكَاح بِخِلَاف مَا إِذا كَانَت مَجْنُونَة أَو صبية يُجَامع مثلهَا كَانَ على الرجل الْحَد وَبِخِلَاف مَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة غَائِبَة وَأقر الرجل أَنه زنى بهَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود فَإِنَّهُ يُقَام عَلَيْهِ الْحَد من الغنية
عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَقَالَ من أَتَى بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ واقتلوها مَعَه وَعَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي عمل قوم لوط مصابيح
وَلَو لَاطَ بامرأته أَو عَبده لَا يجب الْحَد وَفِي جَامع ظهير الدّين اللواطة فِي عَبده وَفِي الْأَجْنَبِيّ والأجنبية فيهمَا أَشد التَّعْزِير والرأي فيهمَا الى الإِمَام إِن شَاءَ قَتله إِن اعْتَادَ ذَلِك وَإِن شَاءَ ضربه وحبسه
وَقَالا فيهمَا الْحَد وَقَالَ أَبُو بكر يحرق بالنَّار وَعَن الشّعبِيّ يرْجم فِي الْأَحْوَال كلهَا وَعَن الْبَعْض يهدم عَلَيْهِ جِدَار
وَلَو جرد امْرَأَة وعانقها أَو قبلهَا أَو جَامعهَا فِيمَا دون الْفرج حَتَّى أنزل فَعَلَيهِ التَّعْزِير
رجل وَجب عَلَيْهِ الْحَد وَهُوَ ضَعِيف الْخلقَة يخَاف عَلَيْهِ التّلف إِذا ضرب يجلد قدر مَا يحْتَمل خزانَة الفتاوي
رجل زنى بصغيرة لَا تتحمل الْجِمَاع فأفضاها لَا حد عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا ثمَّ ينظر فِي اللإفضاء إِن كَانَت تسْتَمْسك الْبَوْل كَانَ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَثلث الدِّيَة بالإفضاء وَإِن كَانَت لَا تسْتَمْسك الْبَوْل كَانَ عَلَيْهِ جَمِيع الدِّيَة وَلَا مهر عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الدِّيَة وَالْمهْر أَيْضا وَلَا يحرم عَلَيْهِ أمهَا وَلَا بنتهَا بِهَذَا الْوَطْء فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف تحرم من الغنية
رجل زنى بِجَارِيَة مَمْلُوكَة وقتلها بِفعل الْجِمَاع ذكر فِي الأَصْل أَن عَلَيْهِ قيمتهَا وَلم يذكر فِيهَا خلافًا وَذكر أَبُو يُوسُف فِي الأمالي عَن أبي حنيفَة أَن عَلَيْهِ الْحَد وَالْقيمَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الْقيمَة وَلَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيح وَلَو زنى بِامْرَأَة فَقَتلهَا بِفعل الْجِمَاع كَانَ عَلَيْهِ الْحَد وَالدية وَلَو أقرَّت الْمَرْأَة فَقَالَت زَنَيْت بِهَذَا الرجل وَأنكر الرجل لَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا فِي قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا تحد الْمَرْأَة وَكَذَا لَو قَالَ الرجل زَنَيْت بِهَذِهِ الْمَرْأَة وَأنْكرت الْمَرْأَة الزِّنَا لَا حد عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ صَاحِبَاه يحد وَلَو قَالَ الرجل زَنَيْت بِهَذِهِ الْمَرْأَة وَقَالَت لَا بل تزَوجنِي فَإِنَّهُ يحد وَعَلِيهِ الْمهْر

(1/398)


لَهَا وَكَذَا لَو أقرَّت هِيَ بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فِي مجَالِس مُخْتَلفَة وَقَالَ الرجل لَا بل تَزَوَّجتهَا لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر لَهَا من الغنية
أَرْبَعَة شهدُوا على رجل بِالزِّنَا بِامْرَأَة فنظروا اليها فَإِذا هِيَ بكر فَإِنَّهُ لَا حد عَلَيْهِ وَلَا على الشُّهُود حد الْقَذْف وَلَو أقرّ الرجل أَربع مَرَّات فِي مجَالِس مُخْتَلفَة أَنه زنى بِامْرَأَة وَلم يعين الْمَرْأَة حد الرجل من الغنية
إِذا أقرّ الْمَجْبُوب بِالزِّنَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود لَا يحد وَلَو أقرّ الْخصي بِالزِّنَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود حد وَكَذَلِكَ الْعنين
وَلَو أقرّ الْأَخْرَس بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فِي كتاب كتبه أَو إِشَارَة لَا يحد وَلَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود بِالزِّنَا لَا تقبل غنية
زنى بِجَارِيَة الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهَا أَو بحرة ثمَّ تزَوجهَا فَإِنَّهُمَا يحدان فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله فِي رِوَايَة لَا حدان والحرة إِذا زنت بِعَبْد ثمَّ اشترته فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا غنية
وَلَو وطئ جَارِيَة ابْنه أَو جَارِيَة امْرَأَته وَادّعى الشُّبْهَة يجب لكل وَطْء مهر
الْعَاقِلَة الْبَالِغَة طاوعت من صبي أَو مَجْنُون لَا حد عَلَيْهِمَا وَزَاد فِي النّظم وَعَلَيْهَا الْعدة وَلَا مهر لَهَا
الْمَرْأَة إِذا أكرهت على الزِّنَا فمكنت لم تحد بِالْإِجْمَاع وَلَا تأثم بالتمكين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمعنى الكره على الْوَطْء أَن تكون مُكْرَهَة الى وَقت الايلاج أما لَو أكرهت حَتَّى اضجعت ثمَّ مكثت قبل الايلاج كَانَت مطاوعة فَيجب عَلَيْهَا الْكَفَّارَة فِي رَمَضَان خزانَة
وَلَو قَالَ لآخر يَا زاني فَقَالَ لَا بل أَنْت يحدان الصَّبِي إِذا زنى بصبية لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر فِي مَاله لِأَنَّهُ مؤاخذ بأفعاله وإذنها لَهُ لم يَصح رجل أقرّ بِالزِّنَا أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَ وَالله مَا أَقرَرت درئ عَنهُ الْحَد خزانَة
وَلَا يجب الْحَد على واطئ جَارِيَة وَلَده وَإِن سفل مَعَ الْعلم بحرمته لشُبْهَة وجدت فِي الْمحل والشبهة إِذا ثبتَتْ فِي الْمَوْطُوءَة يثبت فِيهَا الْملك من وَجه وَلم يبْق مَعَه اسْم الزِّنَا فَلم يجب مَعَ علمه بِحرْمَة الْوَطْء لقِيَام دَلِيل يدل على حلّه وَإِن تخلف هُنَا لمَانع فأورث بذلك شُبْهَة وَيُسمى هَذَا النَّوْع شُبْهَة الْمحل وَيثبت النّسَب مَعَ هَذِه الشُّبْهَة عِنْد الدَّعْوَى لعدم كَونه زنا خَالِصا وَهِي تثبت فِي مَوَاضِع مِنْهَا وَطْء الرجل جَارِيَة ابْنه وَدَلِيل حلّه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنْت وَمَالك لأَبِيك ثمَّ إِن حبلت وَولدت يثبت النّسَب من الْأَب وَلَا يجب الْمهْر لتملكه اياها بِالْقيمَةِ سَابِقًا على الْوَطْء وَإِن لم تحبل فَعَلَيهِ الْمهْر لِأَن التَّمْلِيك ثمَّة لصيانة مائَة من الضّيَاع وَلَا حَاجَة هُنَا فَلَا يثبت الْملك وَمِنْهَا وَطْء مطلقته الْبَائِن وَالدَّلِيل فِيهِ أَن بعض الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم جعل الْكِنَايَة رَجْعِيَّة وَمِنْهُم عمر رَضِي الله عَنهُ وَمِنْهَا وَطْء الْمولى لِلْجَارِيَةِ الْمَبِيعَة أَو الممهورة قبل التَّسْلِيم وَالدَّلِيل فِيهَا أَنَّهَا فِي يَده فضمانه يعود الى ملكه بِالْهَلَاكِ وَكَذَا وَطْء الْمَبِيعَة بِالْبيعِ الْفَاسِد قبل التَّسْلِيم أَو بعده أَو بِشَرْط الْخِيَار لِأَن لَهُ فِيهَا حق الْملك وَمِنْهَا وَطْء جَارِيَة مكَاتبه وَعَبده الْمَأْذُون الْمُسْتَغْرق بِالدّينِ لِأَن لَهُ حَقًا فِي كَسبه وَمِنْهَا وَطْء الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة لِأَن ملكه فِي الْبَعْض ثَابت حَقِيقَة وَمِنْهَا وَطْء الْجَارِيَة الْمَرْهُونَة فِي رِوَايَة لِأَن سَبَب الْملك العقد لَهُ وَلِهَذَا عِنْد هلاكها يكون استوفيا لدينِهِ فَصَارَت كالمشتراة بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع شرح الْمجمع

(1/399)


فصل فِيمَا يظْهر فِي الزِّنَى
أَرْبَعَة شهدُوا على امْرَأَة بِالزِّنَا وأحدهم زَوجهَا فَإِن لم يكن الزَّوْج قَذفهَا قبلت شَهَادَتهم وحدت الْمَرْأَة وَإِن كَانَ الزَّوْج قَذفهَا أَولا وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا فهم قذفة يحدون وعَلى الزَّوْج اللّعان لِأَن شَهَادَته لم تقبل لمَكَان التُّهْمَة لِأَنَّهُ بِشَهَادَتِهِ سعي فِي دفع اللّعان عَن نَفسه من الغنية
وَالزَّانِي إِذا ضرب الْحَد لَا يحبس وَالسَّارِق إِذا قطع يحبس الى أَن يَتُوب لِأَن الزِّنَا جِنَايَة على نَفسه فَلَو حبس حبس لأجل نَفسه وَأما السقرقة فَهِيَ جِنَايَة على غَيره من وَجه فَلَو حبس حبس لغيره وَهُوَ جَائِز
رجل أَتَى بِفَاحِشَة ثمَّ تَابَ وأناب الى الله تَعَالَى فَإِن القَاضِي لَا يعلم النَّاس بالفاحشة لإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ لِأَن السّتْر مَنْدُوب اليه غنية الفتاوي
التقادم يمْنَع الشَّهَادَة على الزِّنَا وَالسَّرِقَة وحد التقادم بَعضهم قدره بِشَهْر وَهُوَ قَوْلهمَا وَبَعْضهمْ قدره بِسِتَّة أشهرا وَبَعْضهمْ فوضه الى رَأْي القَاضِي وَفِي الأَصْل لم يُوَقت أَبُو حنيفَة وَعنهُ ثَلَاثَة أَيَّام وَعنهُ لَا يقبل بعد سِتَّة أشهر وَقيل لَا يقبل بعد ثَلَاثَة أَيَّام اليه أَشَارَ مُحَمَّد خزانَة
فصل فِيمَا يصير شُبْهَة بالإحصان
رجل زنى بِامْرَأَة ثمَّ تزَوجهَا أَو بِأمة ثمَّ اشْتَرَاهَا ذكر فِي ظَاهر الرِّوَايَة يحد وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه يسْقط الْحَد وَذكر أَصْحَاب الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَن من زنى بِامْرَأَة ثمَّ تزَوجهَا أَو بِجَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا لَا حد عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعَلِيهِ الْحَد فِي قَول أبي يُوسُف وَذكر ابْن سَمَّاعَة فِي نوادره على عكس هَذَا وَقَالَ على قَول أبي حنيفَة عَلَيْهِ الْحَد فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي قَول أبي يُوسُف لَا حد عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِذا زنى بِأمة ثمَّ اشْتَرَاهَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَإِن زنى بحرة ثمَّ تزَوجهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَالْفرق بَين النِّكَاح وَالشِّرَاء أَنه يملك عينهَا وَملك الْعين فِي مَحل الْحل بِسَبَب الْملك للْحلّ فَيجْعَل الطَّارِئ قبل الِاسْتِيفَاء كالمقدر بِالسَّبَبِ كَمَا فِي بَاب السّرقَة فَإِن السَّارِق إِذا ملك الْمَسْرُوق يمْتَنع الْقطع فَأَما فِي النِّكَاح فَلَا يملك عين الْمَرْأَة وَإِنَّمَا يثبت لَهُ ملك الِاسْتِيفَاء وَلِهَذَا لَو وطِئت الْمَنْكُوحَة بِالشُّبْهَةِ كَانَ الْعقر لَهَا فَلَا يُورث ذَلِك شُبْهَة فِيمَا تقدم اسْتِيفَاء مِنْهَا فَلَا يسْقط الْحَد عَنهُ من الغنية
وَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يسْأَل شُهُود الْإِحْصَان عَن الْإِحْصَان مَا هُوَ فَإِن قَالُوا فِيمَا وصفوا تزوج امْرَأَة وَدخل بهَا فعلى قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله يَكْتَفِي بقَوْلهمْ وَدخل بهَا وَعند مُحَمَّد لَا يَكْتَفِي بِهِ مالم يَقُولُوا جَامعهَا وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يَكْتَفِي بقَوْلهمْ مَسهَا أَو لمسها وَأَجْمعُوا على أَنه يَكْتَفِي بقَوْلهمْ جَامعهَا باضعها وَفِي البقالي أَنه يَكْتَفِي بقَوْلهمْ اغْتسل مِنْهَا غنية
وَلَو خلا بِامْرَأَة ثمَّ طَلقهَا فَقَالَ الزَّوْج وطئتها وَقَالَت الْمَرْأَة لم يطأني فَإِن الزَّوْج يكون مُحصنا بِإِقْرَارِهِ وَالْمَرْأَة لَا تكون مُحصنَة لإنكارها
رجل أقرّ عِنْد القَاضِي بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فَأمر القَاضِي برجمه ثمَّ قَالَ وَالله مَا أَقرَرت بِشَيْء يدْرَأ عَنهُ الْحَد هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من مَجْمُوع مؤيد زَاده شَارِح الطَّحَاوِيّ
لَا يحل شرب الْخمر إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة للعطش يشرب قدر مَا يدْفع الْعَطش فَلَو أَنه شرب الْخمر مِقْدَار مَا يرويهِ فَسَكِرَ لَا حد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ضَرُورَة فَيُبَاح هَذَا الْمِقْدَار لدفع الْعَطش فَقَط وَمن شرب مِنْهَا

(1/400)


قدر مَا يصل الى جَوْفه يحد ثَمَانِينَ جلدَة إِن كَانَ حرا أَو أَرْبَعِينَ إِن كَانَ عبدا وَمن وجد فِي فِيهِ رَائِحَة الْخمر أَو قاء حمرا لَا يحد شرب البنج للتداوي لَا بَأْس بِهِ فَإِن ذهب بِهِ عقله لم يحد فَإِن سكر مِنْهُ لَا يحد عِنْدهمَا خلافًا لمُحَمد رَحمَه الله تَعَالَى وَمن زنى فِي رَمَضَان فَادّعى شُبْهَة تسْقط الْحَد عزّر وَحبس هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْخُلَاصَة وَالله تَعَالَى الْمُوفق لسبيل الرشاد
نوع فِي حد الْقَذْف وَفِي جنايات النَّوَازِل رجل قَالَ لآخر يَا خَبِيث لَا يَقُول لَهُ بل أَنْت وَالْأَحْسَن أَن يكف عَنهُ وَلَا يُجيب وَلَو رفع الْأَمر إِلَى القَاضِي ليؤدبه يجوز وَلَو أجَاب مَعَ هَذَا لَا بَأْس بِهِ وَلَو قَالَ لآخر يَا ديوث أَو يَا فَاجر أَو يَا فَاسق أَو يَا يَهُودِيّ أَو يَا مخنث لَا يجب الْحَد وَلَكِن يعْذر يَعْنِي اذا قَالَ لصالح أما اذا قَالَ لِلْفَاسِقِ يَا فَاسق أَو قَالَ للص يَا لص لَا يجب شَيْء وَاخْتِيَار التَّعْزِير الى القَاضِي من وَاحِد الى تسع وَثَلَاثِينَ وَهَذَا عِنْدهمَا وَهَذَا فِي الفتاوي
وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ فِي كتاب الْحُدُود التَّعْزِير على أَربع مَرَّات تَعْزِير أَشْرَاف الْأَشْرَاف كالعلماء والعلوية وتعزير الْأَشْرَاف كالدهاقنة وتعزير أوساط النَّاس وتعزير الخسائس فتعزير الْأَشْرَاف الْإِعْلَام لَا غير وَهُوَ أَن يَقُول القَاضِي بَلغنِي أَنَّك تَقول كَذَا أَو تفعل كَذَا وتعزير غير الْأَشْرَاف الْإِعْلَام والجر إِلَى بَاب القَاضِي وتعزير الأوساط وهم السوقة الْإِعْلَام والجر الى بَاب القَاضِي وَالْحَبْس وتعزير الخسائس الْإِعْلَام والجر الى بَاب القَاضِي وَالضَّرْب وَالْحَبْس بعد ذَلِك قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله سَمِعت من ثِقَة أَن التَّعْزِير بِأخذ المَال إِن رأى القَاضِي أَو الْوَلِيّ جَازَ وَمن جملَة ذَلِك رجل لَا يحضر الْجَمَاعَة يجوز تعزيره بِأخذ المَال وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا العَبْد إِذا أَسَاءَ الْأَدَب فللمولى أَن يعزره ويؤدبه وَلَا يُجَاوز الْحَد بِهِ وَكَذَا امْرَأَته قَالَ الله تَعَالَى {واضربوهن} أَبَاحَ تَعْزِير النِّسَاء عِنْد الْحَاجة اليه
السَّاحر إِذا ادّعى أَنه خَالق مَا يفعل إِن لم يتب يقتل والساحرة تقتل بردتها إِن كَانَت تعتقد ذَلِك وَإِن كَانَت الْمُرْتَدَّة لَا تقتل وَلَكِن الساحرة تقتل بالأثر وَهُوَ مَا يروي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كتب عماله أَن اقْتُلُوا السَّاحر والساحرة
رجل يتَّخذ لعبة للنَّاس وَيفرق بَين الْمَرْء وزوجه بِتِلْكَ اللعبة فَهَذَا سَاحر وَيحكم بارتداده وَيقتل هَكَذَا ذكر مُطلقًا وَهُوَ مَحْمُول على مَا اذا كَانَ يعْتَقد أَن لَهُ أثرا
رجل علم أَن فلَانا يتعاطى المناكر هَل لَهُ أَن يكْتب الى أَبِيه ذَلِك إِن وَقع فِي قلبه أَن أَبَاهُ يقدر على أَن يُغير على ابْنه يحل لَهُ أَن يكْتب بِهِ الى أَبِيه وَإِن لم يَقع فِي قلبه أَنه لَا يقدر لَا يكْتب وَكَذَا بَين الْمَرْء وزوجه وَكَذَا بَين السُّلْطَان والرعية اه هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد
بَاب السّرقَة
ركنها أَخذ الشَّيْء خُفْيَة ومحلها مَال مُحرز ومملوك وَهُوَ شَرط ونصابها قدر عشرَة دَرَاهِم مَضْرُوبَة وَحكمهَا الْقطع
فَإِن سرق مُكَلّف حر أَو عبد قدر النّصاب محرزا بِلَا شُبْهَة بمَكَان كبيت أَو صندوق أَو بحافظ كجالس فِي الطَّرِيق أَو مَسْجِد عِنْده مَال وَأقر بهَا مرّة أَو شهد رجلَانِ بِأَن سَأَلَهُمَا الامام كَيفَ هِيَ أَو مَا هِيَ وَمَتى هِيَ وَأَيْنَ هِيَ وَكم هِيَ وَمِمَّنْ سرق وبيناها قطع وَإِن تشارك جمع فِيهَا فَأصَاب قدر نِصَاب قطعُوا وَإِن أَخذه بَعضهم

(1/401)


وَقطع بالساج وبالأبنوس والصندل والفصوص الْخضر والياقوت والنبرجد والإناء وَالْبَاب وَلَا يقطع فِيمَا وجد مُبَاحا فِي دَارنَا كخشب وحشيش وقصب وسمك وطير وزرنيخ ومغرة ونورة وَلَا بِمَا يفْسد سَرِيعا كلبن وَلحم وَفَاكِهَة رطبَة وثمر على شجر وبطيخ وَزرع لم يحصد لعدم الْحِرْز وَلَا فِي أشربة مطربة وآلات لَهو وصليب ذهب أَو فضَّة وشطرنج ونرد ومصحف وَصبي حر وَلَو محليين وَعبد ودفتر الْحساب وَلَا فِي كلب وفهد وزيت وتبن وَمَال عَامَّة فِي بَيت المَال وَمَال لَهُ فِيهِ شركَة وَمثل حَقه حَالا أَو مُؤَجّلا وَلَو يزِيد وَمَا قطع فِيهِ وَهُوَ بِحَالهِ لَا إِن تغير وسرق ثَانِيًا قطع كغزل قطع فِيهِ ثمَّ نسج فَسرق وَلَا من سرق من ذِي محرم مِنْهُ بِخِلَاف مَال فِي بَيت غَيره وَمَال مرضعته وَلَا من الزَّوْج وعرس وَلَا من مَال خَاص لَهُ من سَيّده وعرسه وَزوج سيدته وَلَا من مكَاتبه ومبعضه ومغنم وحمام وَبَيت أذن فِي دُخُوله أَو سرق شَيْئا وَلم يُخرجهُ من الدَّار أَو دخل بَيْتا وناول من هُوَ خَارج أَو ثقب بَيْتا وَأدْخل يَده فِيهِ وَأخذ شَيْئا أَو طر صرة خَارِجَة من كم غَيره
أما الإطرار وَحل الرِّبَاط فَإِن طر الرِّبَاط من خَارج فَلَا قطع وَإِن حل الرِّبَاط أَو سرق أَو حل جملا من قطار أَو حملا قطع إِن حفظه ربه أَو أَنَام عَلَيْهِ أَو شقّ الْحمل فَأخذ مِنْهُ شَيْئا أَو أَدخل يَده فِي صندوق غَيره أَو كمه أَو جيبه أَو أخرج من مَقْصُورَة دَار فِيهَا مقاصير الى خَارج أَو سرق رب مَقْصُورَة من مَقْصُورَة أُخْرَى فِيهَا أَو ألْقى شَيْئا من حرز الطَّرِيق ثمَّ أَخذه وَحمله على حمَار فساقه وَأخرجه من الْحِرْز هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من صدر الشَّرِيعَة
فصل فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا
ضمن الرَّاكِب فِي طَرِيق الْعَامَّة مَا وطِئت دَابَّته وَمَا أَصَابَت بِيَدِهَا أَو رجلهَا أَو رَأسهَا أَو كدمت أَي عضت بِمقدم أسنانها أَو خبطت أَي ضربت بِيَدِهَا أَو صدمت أَي ضربت بِنَفسِهَا شَيْئا فَلَو حدثت هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي تسير فِي ملكه لم يحرم الْمِيرَاث وَيلْزمهُ الْكَفَّارَة وَلَو حدثت فِي ملك غَيره فَلَو كَانَ سَيرهَا بِإِذْنِهِ كَانَ كملكه وَإِلَّا ضمن مَا تلف مُطلقًا إِلَّا مَا نفحت برجلها أَو ذنبها سائرة إِذْ لَا يُمكنهُ الِاحْتِرَاز عَنْهَا مَعَ سَيرهَا أَو عطب بِمَا راثت أَو بَالَتْ فِي الطَّرِيق سائرة فَلَو أوقفها لغيره ضمن إِلَّا فِي مَوضِع أذن الامام بإيقافها فِيهِ وَإِن أَصَابَت بِيَدِهَا أَو رجلهَا حَصَاة أَو نواة أَو أثارت غبارا أَو حجرا صَغِيرا ففقأ عينا أَو أفسد ثوبا لَا يضمن السَّائِق للدابة والقائد كالراكب فِي الضَّمَان وَعَلِيهِ أَي الرَّاكِب الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ مبَاشر وَحكم الْمُبَاشر أَن لَا يَرث إِن كَانَ الْمَقْتُول مُوَرِثه بخلافهما أَي السَّائِق والقائد حَيْثُ لَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا ويرثان لِأَنَّهُمَا متسببان وَالْكَفَّارَة وحرمان الْإِرْث لَيْسَ من أَحْكَام التَّسَبُّب
ضمن عَاقِلَة كل حر فَارس أَو راجل دِيَة الآخر إِن اصطدما وَمَاتَا وَلم يَكُونَا من الْعَجم وَكَانَ الاصطدام خطأ وَلَو عمدا فنصفها أَي الدِّيَة وَلَو عَبْدَيْنِ فيهدر دمهما وَلَو كَانَ أَحدهمَا حرا وَالْآخر عبدا فعلى عَاقِلَة الْحر الْمَقْتُول قيمَة العَبْد فِي الْخَطَأ وَنِصْفهَا فِي الْعمد ويضمنها عَاقِلَته
سائق دَابَّة سقط بعض أداتها على رجل فَمَاتَ وقائد قطار وطيء بعير مِنْهُ رجلا فَمَاتَ لَو مَعَه سائق فِي جَانب الابل ضمنا وَأما إِذا لم يكن فِي جَانب الابل بل بوسطها وَأخذ زِمَام وَاحِد مِنْهَا ضمن وَحده
قتل بعير ربطه على قطار يسير بِلَا علم قائده رجلا ضمن على عَاقِلَة الْقَائِد الدِّيَة وَرَجَعُوا بهَا على عَاقِلَة الرابط فَلَو ربطها والقطار وَاقِف ضمنهَا أَي الدِّيَة عَاقِلَة الْقَائِد بِلَا رُجُوع كَذَا إِذا علم الْقَائِد انْتهى

(1/402)


هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الدُّرَر وَالْغرر وَقد تقدم فِي فصل الضمانات مَا يتَعَلَّق بالجنايات فَليُرَاجع وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد