ملتقى الأبحر

 (كتاب الْوَقْف)
هُوَ حبس الْعين على ملك الْوَاقِف وَالتَّصَدُّق بِالْمَنْفَعَةِ كالعارية فَلَا يلْزم وَلَا يَزُول

(1/567)


ملكه إلاّ أَن يحكم بِهِ حَاكم قيل أَو يعلقه بِمَوْتِهِ بِأَن يَقُول إِذا مت فقد وقفت وَعِنْدَهُمَا هُوَ

(1/569)


حبس الْعين على ملك الله تَعَالَى على وَجه يعود نَفعه على الْعباد فَيلْزم وَيَزُول ملكه

(1/570)


بِمُجَرَّد القَوْل عِنْد أبي يُوسُف وَعند مُحَمَّد لَا مَا لم يُسلمهُ إِلَى ولي فَلَو وقف على الْفُقَرَاء

(1/571)


أَو بنى سِقَايَة أَو خَانا أَو رِبَاطًا لبني السَّبِيل أَو جعل أرضه مَقْبرَة لَا يَزُول ملكه عَنهُ إلاّ بالحكم وَعند أبي يُوسُف يَزُول بِمُجَرَّد القَوْل وَعند مُحَمَّد إِذْ سلمه إِلَى متول واستقى

(1/572)


النَّاس من السِّقَايَة وَسَكنُوا الخان والرباط ودفنوا فِي الْمقْبرَة وَشرط لتمامه ذكر مصرف مؤبد وَعند أبي يُوسُف يَصح وَإِذا انْقَطع صرف إِلَى الْفُقَرَاء وَصَحَّ عِنْد أبي يُوسُف وقف الْمشَاع وَجعل غلَّة الْوَقْف أَو الْولَايَة لنَفسِهِ أَو الْكل وَجعل الْبَعْض أَو الْكل لأمهات

(1/573)


أَوْلَاده أَو مدبريه مَا داموا أَحيَاء وبعدهم للْفُقَرَاء وَشرط أَن يسْتَبْدل بِهِ غَيره إِذا شَاءَ خلافًا

(1/576)


لمُحَمد فِي الكلوصح وقف الْعقار وَكَذَا الْمَنْقُول الْمُتَعَارف وَقفه عِنْد مُحَمَّد كالفأس والمرو والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف والكتب وَأَبُو

(1/578)


يُوسُف مَعَه فِي وقف السِّلَاح والكراع وَالْإِبِل فِي سَبِيل الله وَبِه يُفْتى وَكَذَا يَصح عِنْد أبي يُوسُف وَقفه تبعا كمن وقف ضَيْعَة ببقرها وأكرتها وهم عبيده وَسَائِر آلَات الحراثة وَإِذا

(1/579)


صَحَّ الْوَقْف فَلَا يملك وَلَا يملك إلاّ أَنه يجوز قسْمَة الْمشَاع عِنْد أبي يُوسُف ويبدؤ من

(1/580)


ارْتِفَاع الْوَقْف بعمارته وَإِن لم يشترطها الْوَاقِف إِن وقف على الْفُقَرَاء وَإِن على معِين

(1/583)


فَعَلَيهِ فَإِن امْتنع أَو كَانَ فَقِيرا آجره الْحَاكِم وعمره من أجرته ثمَّ رده إِلَيْهِ وَنقض الْوَقْف

(1/585)


يصرف إِلَى عِمَارَته إِن احْتَاجَ وإلاّ حفظ إِلَى وَقت الْحَاجة وَإِن تعذر صرف عينه يُبَاع وَيصرف ثمنه إِلَيْهَا وَلَا يقسم بَين مستحقي الْوَقْف.

(1/587)


(فصل)
إِذا بنى مَسْجِدا لَا يَزُول ملكه عَنهُ حَتَّى يفرزه عَن ملكه بطريقه وَيَأْذَن بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَيُصلي

(1/593)


فِيهِ وَاحِد وَفِي رِوَايَة شَرط صَلَاة جمَاعَة وَلَا يضر جعله تَحْتَهُ سرداباً لمصالحه وَإِن جعله لغير مَصَالِحه أَو جعل فَوْقه بَيْتا وَجعل بَابه إِلَى الطَّرِيق وعزله أَو اتخذ وسط دَاره مَسْجِدا

(1/594)


وَأذن بِالصَّلَاةِ فِيهِ لَا يَزُول ملكه عَنهُ وَله بَيْعه فيورث وَعند أبي يُوسُف يَزُول ملكه بِمُجَرَّد القَوْل مُطلقًا وَلَو ضَاقَ الْمَسْجِد وبجنبه طَرِيق الْعَامَّة يُوسع مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ رِبَاط اسْتغنى

(1/595)


عَنهُ يصرف وَقفه إِلَى أقرب رِبَاط إِلَيْهِ وَالْوَقْف فِي الْمَرَض وَصِيَّة وَيتبع شَرط الْوَاقِف فِي إِجَارَة الْوَقْف إِن وجد وإلاّ فنختار أَن لَا توجر الضّيَاع أَكثر من ثَلَاث سِنِين وَلَا غَيرهَا

(1/596)


أَكثر من سنة وَلَا يوجر إلاّ بِأَجْر الْمثل ثمَّ لَا تنقض إِن زَادَت الْأُجْرَة لِكَثْرَة الرَّغْبَة وَلَيْسَ

(1/597)


للْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَن يوجر إلاّ بإنابة أَو ولَايَة وَلَا يعار وَلَا يرْهن وَإِن غصب عقاره يخْتَار

(1/601)


وجوب الضمانولو شَرط الْولَايَة لنَفسِهِ وَكَانَ خائناً تنْزع مِنْهُ وَإِن أَن لَا تنْزع هُوَ الْفَصْل.

(1/602)


(كتاب الْبيُوع)
البيع مُبَادلَة مَال بِمَال وَينْعَقد بِإِيجَاب وَقبُول بِلَفْظ الْمَاضِي كبعت واشتريت، وَمَا دلّ

(1/4)


على مَعْنَاهُمَا، وبالتعاطي فِي النفيس والخسيس هُوَ الصَّحِيح وَلَو قَالَ: خُذْهُ بِكَذَا، فَقَالَ:

(1/7)


أخذت، أَو رضيت صَحَّ، وَإِذا أوجب أَحدهمَا فللآخر أَن يقبل كل الْمَبِيع بِكُل الثّمن فِي

(1/8)


الْمجْلس أَو يتْرك لَا بَعْضًا دون بعض إلاّ إِذا بَين ثمن كل وَإِن رَجَعَ الْمُوجب أَو قَامَ

(1/9)


أَحدهمَا عَن الْمجْلس قبل الْقبُول بَطل الْإِيجَاب وَإِذا وجد الْإِيجَاب وَالْقَبُول لزم البيع بِلَا

(1/10)


خِيَار مجْلِس وَيصِح فِي الْعِوَض الْمشَار إِلَيْهِ بِلَا معرفَة قدره وَوَصفه لَا فِي غَيره وبثمن

(1/11)


حَال، ومؤجل بِأَجل مَعْلُوم وَلَو اشْترى بِأَجل سنة فَمنع البَائِع البيع حَتَّى مَضَت ثمَّ سلم فَلهُ أجل سنة أُخْرَى خلافًا لَهما وَإِن أطلق الثّمن فَإِن اسْتَوَت مَالِيَّة النُّقُود ورواجها صَحَّ

(1/13)


وَلزِمَ مَا قدر من أَي نوع كَانَ وَإِن اخْتلفت رواجاً فَمن الأروج وَإِن اسْتَوَى رواجها لَا ماليتها فسد مَا لم يبين وَيصِح فِي الطَّعَام، وكل مَكِيل، وموزون كَيْلا ووزناً، وَكَذَا جزَافا

(1/14)


إِن بيع بِغَيْر جنسه وبإناء أَو حجر معِين لَا يدْرِي قدره وَمن بَاعَ صُبرة كل صَاع بدرهم

(1/15)


صَحَّ فِي صَاع فَقَط إلاّ أنْ يُسَمِّي جُمْلَتهَا، وَللْمُشْتَرِي الْفَسْخ بِالْخِيَارِ وإنْ كيل أَو سمَّى

(1/16)


جُمْلَتهَا فِي الْمجْلس بعد ذَلِك. وَمن بَاعَ قطيع غنم كل شَاة بدرهم لَا يَصح فِي شَيْء مِنْهَا، وَكَذَا لَو بَاعَ ثوبا كل ذِرَاع بدرهم. وَكَذَا كل مَعْدُود متفاوت وَعِنْدَهُمَا يَصح فِي الْكل فِي جَمِيع ذَلِك. وَإِن بَاعَ صبرَة على أَنَّهَا مائَة قفيز بِمِائَة دِرْهَم فَوجدت أقل أَو أَكثر

(1/17)


أَخذ المُشْتَرِي الْأَقَل بِحِصَّتِهِ أوفسخ وَالزَّائِد للْبَائِع. وَفِي المذروع يَأْخُذ الْأَقَل بِكُل الثّمن أَو يفْسخ وَالزَّائِد لَهُ بِلَا خِيَار للْبَائِع. وَإِن سمّى لكل ذِرَاع قسطاً من الثّمن أَخذ الْأَقَل بِحِصَّتِهِ وَكَذَا الزَّائِد وَله الْخِيَار فِي الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّ بيع عشرَة أسْهم من مائَة سهم من دَار

(1/18)


لَا بيع عشرَة أَذْرع من مائَة ذِرَاع مِنْهَا وَعِنْدَهُمَا يَصح فيهمَا وَلَو بَاعَ عدلا على أَنه عشرَة أَثوَاب فَإِذا هُوَ أقل أَو أَكثر فسد البيع وَلَو فصل الثّمن فَكَذَا فِي الْأَكْثَر، وَيصِح فِي الْأَقَل

(1/20)


بِحِصَّتِهِ وَيُخَير المُشْتَرِي وَإِن بَاعَ ثوبا على أَنه عشرَة أَذْرع كل ذِرَاع بدرهم أَخذه المُشْتَرِي بِعشْرَة لَو عشرَة وَنصفا بِلَا خِيَار وبتسعة لَو تِسْعَة وَنصفا بِخِيَار، وَعند أبي يُوسُف يُخَيّر فِي أَخذه بِأحد عشر فِي الأول وبعشرة فِي الثَّانِي، وَعند مُحَمَّد يُخَيّر فِي أَخذه فِي الأول بِعشْرَة وَنصف، وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَة وَنصف.

(1/21)


(فصل)
يدْخل الْبناء والمفاتيح فِي بيع الدَّار بِلَا ذكر وَكَذَا الشّجر فِي بيع الأَرْض وَلَو أطلق شِرَاء

(1/22)


شَجَرَة دخل مَكَانهَا عِنْد مُحَمَّد، وَهُوَ الْمُخْتَار خلافًا لأبي يُوسُف وَلَا يدْخل الزَّرْع فِي بيع الأَرْض وَلَا الثَّمر فِي بيع الشّجر إلاّ باشتراطه وَإِن ذكر الْحُقُوق والمرافق وَيُقَال للْبَائِع

(1/24)


اقلعه واقطعها وَسلم الْمَبِيع وَكَذَا لَا يدْخل حب بذر وَلم ينْبت بعد وَإِن نبت وَلم تصر لَهُ قيمَة دخل وَقيل لَا وَمن بَاعَ ثَمَرَة بدا صَلَاحهَا أَو لم يبد صَحَّ ويقطعها المُشْتَرِي للْحَال

(1/25)


وَإِن شَرط تَركهَا على الشَّجَرَة فسد وَلَو بعد تناهي عظمها خلافًا لمُحَمد، وَكَذَا شِرَاء الزَّرْع وَإِن تَركهَا بِإِذن البَائِع بِلَا اشْتِرَاط طَابَ لَهُ الزِّيَادَة وَإِن تَركهَا بِغَيْر إِذْنه تصدق بِمَا

(1/27)


زَاد فِي ذَاتهَا وإنْ بَعْدَمَا تناهت لَا يتَصَدَّق بِشَيْء وَإِن اسْتَأْجر الشّجر بطلت الْإِجَارَة وَطَابَتْ الزِّيَادَة وإنْ اسْتَأْجر الأَرْض لترك الزَّرْع فَسدتْ وَلَا تطيب الزِّيَادَة وَلَو أثمرت ثمراً آخر قبل الْقَبْض فسد البيع وَلَو بعد الْقَبْض يَشْتَرِكَانِ وَالْقَوْل فِي قدر الْحَادِث للْمُشْتَرِي

(1/28)


وَلَو بَاعَ ثَمَرَة وَاسْتثنى مِنْهَا أرطالاً مَعْلُومَة صَحَّ وَقيل لَا وَيجوز بيع الْبر فِي سنبله إِن بيع

(1/29)


بغيرجنسه وَكَذَا الباقلاء فِي قشره والأرز والسمسم وَكَذَا اللوز والفستق والجوز فِي قشرها الأول وَأُجْرَة الْكَيْل وعد الْمَبِيع ووزنه وزرعه على البَائِع وَأُجْرَة نقد الثّمن ووزنه

(1/30)


على المُشْتَرِي وَفِي بيع سلْعَة بِثمن سلم هُوَ أَولا إِن لم يكن مُؤَجّلا وَفِي بيع سلْعَة بسلعة أَو ثمن بِثمن سلما مَعًا.

(1/31)


(بَاب الخيارات)
صَحَّ خِيَار الشَّرْط لكل من الْعَاقِدين وَلَهُمَا مَعًا ثَلَاثَة أَيَّام لَا أَكثر إلاّ إِن

(1/34)


أجَاز فِي الثَّلَاثَة وَعِنْدَهُمَا يجوز إنْ بَيَّنَ مُدَّة مَعْلُومَة أَيَّة مُدَّة كَانَت وَإِن اشْترى على

(1/35)


أَنه إِن لم ينْقد الثّمن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا بيع صَحَّ وَإِلَى أَرْبَعَة أَيَّام لَا إلاّ أَن ينْقد فِي الثَّلَاثَة

(1/36)


وَعند مُحَمَّد يجوز إِلَى أَرْبَعَة وَأكْثر وَخيَار البَائِع يمْنَع خُرُوج الْمَبِيع عَن ملكه فَإِن قَبضه المُشْتَرِي فَهَلَك لزمَه قِيمَته وَخيَار المُشْتَرِي لَا يمْنَع فَإِن هلك فِي يَده لزم الثّمن وَكَذَا لَو

(1/37)


تعيب إلاّ أَنه لَا يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي خلافًا لَهما فَلَو اشْترى زَوجته بِالْخِيَارِ لَا يفْسد النِّكَاح وَإِن وَطئهَا فَلهُ ردهَا لِأَنَّهُ بِالنِّكَاحِ إلاّ فِي الْبكر وَلَو ولدت فِي مدَّته لَا تصير أم وَلَده وَلَو اشْترى قَرِيبه بِهِ أَو عبدا بعد قَوْله إِن ملكت عبدا فَهُوَ حر لَا يعتقان فِي مدَّته وَلَا

(1/39)


يعد حيض الْمُشْتَرَاة بِهِ فِي مدَّته من الِاسْتِبْرَاء وَلَا اسْتِبْرَاء على البَائِع إِن ردّت بِهِ وَلَو قبض

(1/40)


المُشْتَرِي بِهِ الْمَبِيع بِإِذن البَائِع ثمّ أودعهُ عِنْده فَهَلَك فَهُوَ على البَائِع لارْتِفَاع الْقَبْض بِالرَّدِّ لعدم الْملك وَلَو اشْترى الْمَأْذُون شَيْئا بِهِ فَأَبْرَأهُ بَائِعه عَن ثمنه يبْقى خِيَاره وَله الرَّد لِأَنَّهُ يَلِي عدم التَّمَلُّك وَلَو اشْترى ذمِّي من ذمِّي جرابه فَأسلم فِي مدَّته بَطل شِرَاؤُهُ كَيْلا يتملكها مُسلما بِالْإِجَازَةِ خلافًا لَهما فِي الْجَمِيع. وَمن لَهُ الْخِيَار يُجِيز بِحَضْرَة صَاحبه وغيبته وَلَا

(1/41)


يفْسخ إلاّ بِحَضْرَتِهِ خلافًا لأبي يُوسُف فإنْ فسخ وَعلم بِهِ فِي الْمدَّة انْفَسَخ وإلاّ تمّ العقد

(1/42)


وَيتم العقد أَيْضا بِمَوْت من لَهُ الْخِيَار وكذابمضي الْمدَّة وبالأخذ بشفعة بِسَبَب الْمَبِيع وَبِكُل مَا يدل على الرضى كالركوب لغير الاختبار وَالْوَطْء وَالْإِعْتَاق وتوابعه وَلَو شَرط

(1/43)


المُشْتَرِي الْخِيَار لغيره جَازَ وَأيهمَا أجَاز البيع أَو فسخ صَحَّ وَإِن أجَاز وَفسخ الآخر اعْتبر

(1/44)


السَّابِق وَإِن كَانَا مَعًا فالفسخ وَلَو بَاعَ عَبْدَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي أَحدهمَا فإنْ عينه وَفصل ثمن كل

(1/45)


صَحَّ وإلاّ فَلَا، وَيجوز خِيَار التَّعْيِين وَهُوَ بيع أحد الشَّيْئَيْنِ أَو ثَلَاثَة على أَن يَأْخُذ المُشْتَرِي أياً شَاءَ، وَلَا يجوز فِي أَكثر من ثَلَاثَة ويتقيد تخييره بِمدَّة خِيَار الشَّرْط على الِاخْتِلَاف،

(1/46)


وَالْمَبِيع وَاحِد وَالْبَاقِي أَمَانَة، فَلَو قبض الْكل فَهَلَك وَاحِد أَو تعيب لزم البيع فِيهِ وَتعين الْبَاقِي للأمانة، وَإِن هلك الْكل لزمَه نصف ثمن كل أَو ثلثه وَلَيْسَ لَهُ رد الْكل إلاّ أَن ضم إِلَيْهِ خِيَار الشَّرْط وَيُورث خِيَار التَّعْيِين وَالْعَيْب لَا الشَّرْط والرؤية وَلَو اشتريا على أَنَّهُمَا

(1/47)


بِالْخِيَارِ فَرضِي أَحدهمَا لَا يرد الآخر خلافًا لَهما، وعَلى هَذَا خِيَار الْعَيْب والرؤية، وَلَو

(1/48)


اشْترى عبدا على أنَّه خباز أَو كَاتب فَظهر بِخِلَافِهِ أَخذه بِكُل الثّمن أَو ترك.

(1/49)


(فصل)
من اشْترى مَا لم يره جَازَ وَله رده إِذا رَآهُ مَا يُبطلهُ وَإِن رَضِي قبلهَا وَلَا خِيَار لمن بَاعَ مَا لم يره، وَيبْطل خِيَار الرُّؤْيَة مَا يبطل خِيَار الشَّرْط من تعييب فِي يَده وتعيب وَتعذر ردَّ بعضه

(1/50)


وَتصرف لَا يفْسخ كالإعتاق وتوابعه أَو يُوجب حَقًا للْغَيْر كَالْبيع الْمُطلق وَالرَّهْن وَالْإِجَارَة قبل الرُّؤْيَة وَبعدهَا وَمَا لَا يُوجب حَقًا للْغَيْر كَالْبيع بِالْخِيَارِ والمساومة وَالْهِبَة بِلَا تَسْلِيم يبطل بعْدهَا لَا قبلهَا، وكفت رُؤْيَة وَجه الرَّقِيق وَالدَّابَّة وكفلها. وَفِي شَاة اللَّحْم لَا بُد من الجس، وَفِي

(1/52)


شَاة الْقنية لَا بُد من رُؤْيَة الضَّرع، ورؤية ظَاهر الثَّوْب إِن لم يكن معلما كَافِيَة، ورؤية علمه إنْ معلما، ورؤية دَاخل الدَّار وإنْ لم يُشَاهد بيوتها، وَعند زفر لَا بُد من مُشَاهدَة الْبيُوت

(1/53)


وَعَلِيهِ الْفَتْوَى الْيَوْم وَإِن رأى بعض الْمَبِيع فَلهُ الْخِيَار إِذا رأى بَاقِيه، وَمَا يعرض بالنموذج

(1/54)


كالمكيل وَالْمَوْزُون فرؤية بعضه كرؤية كُله، وَفِيمَا يطعم لَا بُد من الذَّوْق وَنظر الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ أَو الْقَبْض كافٍ لَا نظر الرَّسُول وَعِنْدَهُمَا هُوَ كَالْوَكِيلِ، وَبيع الْأَعْمَى وشراؤه

(1/55)


صَحِيح وَله الْخِيَار إِذا اشْترى وَيسْقط بجسه الْمَبِيع أَو شمه أَو ذوقه فِيمَا يعرف بذلك،

(1/56)


وبوصف الْعقار لَهُ، وَمن رأى أحد الثَّوْبَيْنِ فشراهما ثمَّ رأى الآخر معيبا فَلهُ أخذهما أَو ردهما، لَا رد أَحدهمَا، وَمن رأى شَيْئا فَوَجَدَهُ متغيراً تخير، وإلاّ فَلَا، وَإِن اخْتلفَا فِي تغيره

(1/57)


فَالْقَوْل للْبَائِع، وَإِن فِي الرُّؤْيَة فَلِلْمُشْتَرِي، وَمن اشْترى عدل زطي فَبَاعَ مِنْهُ ثوبا أَو وهب وَسلم فَلهُ أَن يردهُ بِعَيْب لَا بِخِيَار رُؤْيَة أَو شَرط.

(1/58)


(فصل)
مُطلق البيع يَقْتَضِي سَلامَة الْمَبِيع، فَلِمَنْ وجد فِي مشريه عَيْبا رده أَو أَخذه بِكُل ثمنه لَا إِمْسَاكه وَنقص ثمنه إلاّ برضى بَائِعه، وكل مَا أوجب نُقْصَان الثّمن عِنْد التُّجَّار فَهُوَ عيب فالإباق

(1/59)


وَلَو إِلَى مَا دون السّفر من صَغِير يعقل عيب، وَكَذَا السّرقَة وَالْبَوْل فِي الْفراش، وَهِي فِي الْكَبِير عيب آخر، فَلَو أبق أَو سرق أَو بَال فِي صغره ثمَّ عاوده عِنْد المُشْتَرِي فِيهِ رد بِهِ، وَإِن عاوده عِنْده بعد الْبلُوغ لَا، وَالْجُنُون عيب مُطلقًا فَلَو جن فِي صغره وعاوده عِنْد المُشْتَرِي فِيهِ أَو فِي كبره رد بِهِ،

(1/60)


والبخر والذفر والزناء والتولد مِنْهُ عيب فِي الْجَارِيَة لَا فِي الْغُلَام إلاّ أَن يكون من دَاء، والاستحاضة عيب وَكَذَا عدم حيض بنت سبع عشرَة سنة لَا أقل، وَيعرف ذلمك بقول الْأمة فَترد

(1/62)


إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ نُكُول البَائِع قبل الْقَبْض وَبعده هُوَ الصَّحِيح. وَالْكفْر عيب فيهمَا، وَكَذَا الشيب وَالدّين

(1/63)


والسعال الْقَدِيم وَالشعر وَالْمَاء فِي الْعين. فَإِن ظهر عيب قديم عِنْد المُشْتَرِي آخر رَجَعَ

(1/64)


بِالنُّقْصَانِ كَثوب شراه فَقَطعه فَاطلع على عيب وَلَيْسَ لَهُ الردّ إلاّ أَن يرضى البَائِع بِأَخْذِهِ

(1/65)


كَذَلِك فَلهُ ذَلِك حَتَّى لَو بَاعه المُشْتَرِي سقط رُجُوعه، فَإِن خاط الثَّوْب أَو صبغه أَحْمَر، أَو لتّ السويق بِسمن ثمَّ ظهر عَيبه رَجَعَ بنقصانه وَلَيْسَ لبَائِعه أَن يَأْخُذهُ حَتَّى لَو بَاعه بعد رُؤْيَة عَيبه لَا يسْقط الرُّجُوع وَلَو أعتق بِلَا مَال أَو دبر أَو استولد ثمَّ ظهر الْعَيْب رَجَعَ. وَكَذَا إِن

(1/66)


ظهر بعد موت المُشْتَرِي، وَإِن عتق على مَال أَو قتل لَا يرجع بِشَيْء، وَكَذَا لَو أكل الطَّعَام

(1/67)


كُله أَو بعضه، أَو لبس الثَّوْب فتخزق لَا يرجع خلافًا لَهما. وَإِن شرى بيضًا أَو جوزاً أَو بطيخاً أَو قثاء أَو خياراً فَكَسرهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدا، فَإِن كَانَ ينْتَفع بِهِ رَجَعَ بنقصانه وإلاّ فبكل ثمنه، وَلَو وجد الْبَعْض فَاسِدا وَهُوَ قَلِيل كالواحد والإثنين فِي الْمِائَة صَحَّ البيع وإلاَّ فسد

(1/68)


وَرجع بِكُل ثمنه، وَمن بَاعَ مَا شراه فَرد عَلَيْهِ بِعَيْب بِقَضَاء بِإِقْرَار أَو نُكُول أَو بَيِّنَة رده على بَائِعه وَلَو قبله بِرِضَاهُ لَا يرد عَلَيْهِ، وَمن قبض مَا شراه ثمَّ ادّعى عَيْبا لَا يجوز على دفع ثمنه

(1/69)


بل يبرهن أَو يحلف بَائِعه فإنْ قَالَ شهودي غيب دفع إنْ حلف بَائِعه وَلزِمَ الْعَيْب إِن نكل، وَمن ادّعى إباق مشريه يبرهن أَولا أنّه أبق عِنْده ثمَّ يحلف بَائِعه بِاللَّه لقد بَاعه، وَسلمهُ وَمَا

(1/70)


أبق قطّ أَو بِاللَّه مَا لَهُ حق الرَّد عَلَيْك من الْوَجْه الَّذِي يَدعِي، أَو بِاللَّه مَا أبق عنْدك قطّ، لَا بِاللَّه لقد بَاعه وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْب، أَو لقد بَاعه وَسلمهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْب، وَفِي إباق الْكَبِير يحلف بِاللَّه مَا أبق مُنْذُ بلغ الرِّجَال، وَعند عدم بَيِّنَة المُشْتَرِي على إباقه عِنْده يحلف البَائِع عِنْدهمَا أنَّه مَا يعلم أنَّه أبق عِنْده، وَاخْتلفُوا على قَول الإِمَام، فإنْ نكل على قَوْلهمَا حلف ثَانِيًا كَمَا

(1/71)


مر. وَلَو قَالَ بَائِعه بعد التَّقَابُض بِعْتُك هَذَا مَعَ آخر وَقَالَ المُشْتَرِي بل وَحده فَالْقَوْل لَهُ، وَكَذَا لَو اتفقَا فِي قدر الْمَبِيع وَاخْتلفَا فِي الْمَقْبُوض، وَلَو اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَقبض أَحدهمَا وَوجد بالمقبوض أَو بِالْآخرِ عَيْبا ردهما أَو أخذهما، وَلَا يرد الْمَعِيب وَحده إلاّ إنْ ظهر الْعَيْب بعد قبضهما، وَلَو وجد بعض الكيلي أَو الوزني معيبا بعد الْقَبْض رد كُله أَو

(1/72)


أَخذه، وَقيل هَذَا إنْ لم يكن فِي وعاءين وإلاَّ فَهُوَ كالعبدين، وَلَو اسْتحق بعضه بعد الْقَبْض لَيْسَ لَهُ رد مَا بَقِي بِخِلَاف الثَّوْب ومداواة الْمَعِيب بعد رُؤْيَة الْعَيْب وركوبه رضى، وَلَو

(1/73)


رَكبه لرده أَو سقيه أَو شِرَاء علفه وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ فَلَا، وَلَو قطع الْمَبِيع بعد قَبضه أَو قتل بِسَبَب عِنْد البَائِع رده وَأخذ ثمنه، وَقَالا رَجَعَ بِفضل مَا بَين كَونه سَارِقا وَغير سَارِق، أَو قَاتلا وَغير قَاتل إِن لم يعلم بِالْعَيْبِ عِنْد الشِّرَاء وإلاَّ فَلَا وَلَو تداولته الْأَيْدِي ثمَّ قطع فِي يَد الْأَخير رَجَعَ الباعة بَعضهم على بعض كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاق، وَعِنْدَهُمَا يرجع الْأَخير على

(1/74)


بَائِعه لَا بَائِعه، على بَائِعه وَلَو بَاعَ بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب صَحَّ وإنْ لم يعد الْعُيُوب وَيدخل فِي الْبَرَاءَة الْحَادِث قبل الْقَبْض عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد.

(1/75)


(بَاب البيع الْفَاسِد)
بيع مَا لَيْسَ بِمَال، وَالْبيع بِهِ بَاطِل كَالدَّمِ وَالْميتَة وَالْحر، وَكَذَا بيع أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَكَذَا

(1/77)


بيع الْمكَاتب إلاّ أَن يُجِيزهُ وَكَذَا بيع مَال غير مُتَقَوّم كَالْخمرِ وَالْخِنْزِير بِالثّمن وَبيع قن ضم إِلَى حر وذكية ضمت إِلَى ميتَة وإنْ بَين ثمن كل وَعِنْدَهُمَا يَصح فِي العَبْد والذكية إِن بَين الثّمن، وَصَحَّ فِي قن ضم إِلَى مُدبر أَو إِلَى قن غَيره بِالْحِصَّةِ. وَكَذَا فِي ملك ضم إِلَى وقف فِي

(1/78)


الصَّحِيح، وَبيع الْعرض بِالْخمرِ أَو بِالْعَكْسِ فَاسد، وَكَذَا بَيْعه بالخنزير، وَلَا يجوز بيع طير فِي الْهَوَاء

(1/79)


وسمك لم يصد أَو صيد وَأُلْقِي فِي حَظِيرَة لَا يُؤْخَذ مِنْهَا بِلَا حِيلَة أَو دخل إِلَيْهَا بِنَفسِهِ وَلم يسد مدخله وإنْ صيد، وَأُلْقِي فِيهَا وَأمكن أَخذه بِلَا حِيلَة صَحَّ، وَلَا بيع الْحمل أَو النِّتَاج وَاللَّبن فِي الضَّرع، وَكَذَا اللُّؤْلُؤ فِي الصدف وَالصُّوف على ظهر الْغنم خلافًا لأبي يُوسُف

(1/80)


فيهمَا، وَلَا بيع اللَّحْم فِي الشَّاة وضربة القانص وجذع فِي سقف وذراع من ثوب وَإِن ذكر

(1/81)


قطعه فَلَو قلع الْجذع أَو قطع الذِّرَاع، وَسلم قبل الْفَسْخ عَاد صَحِيحا، وَلَا الْمُزَابَنَة وَهِي بيع الثَّمر على النّخل بِتَمْر مجذوذ مثل كَيْله خرصاً، والمحاقلة وَهِي بيع الْبر فِي سنبله ببر مثل كَيْله خرصاً وَلَا البيع بالملامسة، والمنابذة وإلقاء الْحجر بِأَن يتساوما سلْعَة فَيلْزم البيع لَو لمسها المُشْتَرِي أَو وضع عَلَيْهَا حجرا، أَو نبذها إِلَيْهِ البَائِع وَلَا بيع ثوب من ثَوْبَيْنِ إلاَّ بِشَرْط أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ، وَلَا يجوز بيع المراعي وَلَا إِجَارَتهَا وَلَا النَّحْل بِلَا

(1/82)


كوارات خلافًا لمُحَمد، وَلَا دود القز وبيضه وَعند أبي يُوسُف يجوز فِي الدُّود إِذا كَانَ مَعَ

(1/83)


القز وَفِي الْبيض عَنهُ قَولَانِ، وَعند مُحَمَّد يجوز بيعهمَا وَهُوَ الْمُخْتَار، وَلَا بيع الْآبِق إلاّ مِمَّن يزْعم أَنه عِنْده فَإِن عَاد قبل الْفَسْخ لَا يَنْقَلِب صَحِيحا وَقيل يَنْقَلِب، وَلَا لبن امْرَأَة وَلَو

(1/84)


بعد الْحَلب وَعند أبي يُوسُف يَصح فِي ابْن الْأمة، وَلَا شعر الْخِنْزِير وَلَكِن يُبَاح الإنتفاع بِهِ للخرز ضَرُورَة وَيفْسد المَاء الْقَلِيل عِنْد أبي يُوسُف لَا عِنْد مُحَمَّد، وَلَا بيع شعر الْآدَمِيّ وَلَا الِانْتِفَاع بِهِ وَلَا بِشَيْء من أَجْزَائِهِ لَا بيع جُلُود الْميتَة قبل الدّباغ وَيجوز بعده وَينْتَفع بِهِ

(1/85)


وَيُبَاع عظمها وَينْتَفع بِهِ وَكَذَا عصبها وقرنها وصوفها، وشعرها ووبرها. وَكَذَا عظم الْفِيل خلافًا لمُحَمد، وَلَا يجوز بيع علو سقط وَلَا المسيل وَلَا هِبته وصحا فِي الطَّرِيق، وَلَا بيع

(1/86)


شخص على أنَّه أمة فَإِذا هُوَ عبد وَلَو بَاعَ كَبْشًا فَإِذا هُوَ نعجة صَحَّ وَيُخَير، وَلَا شِرَاء مَا بَاعَ

(1/87)


بِأَقَلّ مِمَّا بَاعَ قبل نقد الثّمن. وَكَذَا شِرَاؤُهُ مَعَ غَيره بِثمنِهِ الأول قبل نَقده وَيصِح فِي الْغَيْر

(1/88)


بِحِصَّتِهِ، وَلَا شِرَاء زَيْت على أنْ يزنه بظرفه ويطرح عَنهُ لكل ظرف مِقْدَار معِين وَإِن شَرط طرح مثل وزن الظّرْف يَصح وَإِن اخْتلفَا فِي الظّرْف وَقدره فَالْقَوْل للْمُشْتَرِي وَلَو أَمر مُسلم ذِمِّيا بيع خمر أَو شراءها صَحَّ خلافًا لَهما وَكَذَا لَو أَمر الْمحرم غَيره بِبيع صَيْده، وَلَو

(1/89)


شرى كَافِر عبدا مُسلما ومصحفاً صَحَّ وَيجْبر على إخراجهما من ملكه وَالْبيع بِشَرْط يَقْتَضِيهِ العقد صَحِيح كَشَرط الْملك للْمُشْتَرِي وَكَذَا بِشَرْط لَا يَقْتَضِيهِ العقد وَلَا نفع فِيهِ لأحد كَشَرط أنْ لَا يَبِيع الدَّابَّة الْمَبِيعَة وَلَو بِشَرْط لَا يَقْتَضِيهِ العقد وَفِيه نفع لأحد الْمُتَعَاقدين أَو لمبيع يسْتَحق فَهُوَ فَاسد كَبيع عبد على أنْ يعتقهُ المُشْتَرِي أَو يدبره أَو

(1/90)


يكاتبه أَو أمة على أَن يستولدها فَلَو أعْتقهُ المُشْتَرِي عَاد البيع صَحِيحا فتلزم الثّمن وَعِنْدَهُمَا لَا يعود فتلزم الْقيمَة، وكشرط أَن يستخدمه البَائِع شهرا أَو يسكنهَا أَولا يُسلمهُ إِلَى رَأس الشَّهْر أَو يقْرضهُ المُشْتَرِي درهما أَو يهدي لَهُ هَدِيَّة أَو يقطع البَائِع الثَّوْب، ويخيطه قبَاء أَو قَمِيصًا، أَو يحذو النَّعْل أَو يشركهُ وَيصِح فِي النَّعْل اسْتِحْسَانًا، وَلَا يجوز

(1/91)


بيع أمة إلاّ حملهَا، وَلَا البيع إِلَى النيروز والمهرجان وَصَوْم النَّصَارَى وَفطر الْيَهُود إِن لم يعلم العاقدان ذَلِك، وَلَا البيع إِلَى الْحَصاد والدياس والقطاف والجزار وقدوم الْحَاج

(1/92)


وَتَصِح الْكفَالَة إِلَى هذهالأوقات فَإِن أسقط الْأَجَل قبل حُلُوله صَحَّ وَكَذَا لَو بَاعَ مُطلقًا ثمَّ أجل إِلَى هَذِه الْأَوْقَات، وَمن بَاعَ نصِيبه من دَار يجوز إِن علمه المتعاقدان خلافًا لأبي يُوسُف، وَيَكْفِي علم المُشْتَرِي عندمحمد.

(1/93)


(فصل)
قبض المُشْتَرِي الْمَبِيع بيعا بَاطِلا بِإِذن بَائِعه لَا يملكهُ، وَهُوَ أَمَانَة فِي يَده عِنْد الْبَعْض ومضمون عِنْد الْبَعْض وَقيل الأول قَول الإِمَام وَالثَّانِي قَوْلهمَا أخذا من الِاخْتِلَاف فِي مَا لَو بيع مُدبر أَو أم ولد فَمَاتَ فِي يَد مُشْتَرِيه حَيْثُ لَا يضمن عِنْده خلافًا لَهما، وَلَو قبض الْمَبِيع بيعا

(1/94)


فَاسِدا بِإِذن بَائِعه صَرِيحًا أَو دلَالَة كقبضه فِي مجْلِس عقده وكل من عوضيه مَال ملكه وَلَزِمَه لهلاكه مثله حَقِيقَة أَو معنى كالقيمة فِي القيمي وَلكُل مِنْهُمَا فَسخه قبل الْقَبْض وَبعده مَا دَامَ فِي

(1/95)


ملك المُشْتَرِي إِذا كَانَ الْفساد فِي صلب العقد كَبيع دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ، وَإِن كَانَ لشرط زَائِد كَشَرط أنْ يهدي لَهُ هَدِيَّة فَكَذَا قبل الْقَبْض، وَأما بعده فالفسخ لمن لَهُ الشَّرْط لَا لمن عَلَيْهِ الشَّرْط، وَلَا يَأْخُذهُ البَائِع حَتَّى يرد ثمنه، فَإِن مَاتَ البَائِع فَالْمُشْتَرِي أَحَق بِهِ حَتَّى يَأْخُذ ثمنه وطاب للْبَائِع

(1/96)


ربح ثمنه بعد التَّقَابُض لَا للْمُشْتَرِي ربح مبيعه فَيتَصَدَّق بِهِ كَمَا طَابَ ربح مالٍ ادَّعَاهُ فقضي ثمَّ

(1/97)


تَصَادقا على عَدمه فَرد بعد مَا ربح فِيهِ الْمُدَّعِي فإنباع المُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاء فَاسِدا صَحَّ وَكَذَا لَو أعْتقهُ أَو وهبه وَسلمهُ وَسقط حق الْفَسْخ وَعَلِيهِ قِيمَته، وَلَو بنى فِي دَار

(1/98)


اشْتَرَاهَا فَاسِدا أَو غرس فِيهَا فَعَلَيهِ قيمتهَا وَقَالَ: ينْقض الْبناء وَالْغَرْس، وَيرد وَشك أَبُو يُوسُف فِي رِوَايَته لمُحَمد عَن الإِمَام لُزُوم قيمتهَا وَلم يشك مُحَمَّد، وَكره النجش والسوم

(1/99)


على سوم غَيره إِذا رَضِيا بِثمن وتلقي الجلب المضر بِأَهْل الْبَلَد، وَبيع الْحَاضِر للبادي طَمَعا فِي غلاء الثّمن زمن الْقَحْط، وَالْبيع عِنْد آذان الْجُمُعَة، لَا بيع من زيد وَصَحَّ البيع فِي

(1/100)


الْجَمِيع، وَمن ملك مملوكين صغيرين أَو كَبِيرا وصغيراً أَحدهمَا ذُو رحم محرم من الآخر كره لَهُ أنْ يفرق بَينهمَا بِدُونِ حق مُسْتَحقّ وَيصِح البيع خلافًا لأبي يُوسُف فِي قرَابَة الولاد فِي رِوَايَة وَفِي الْجَمِيع فِي أُخْرَى فَإِن كَانَا كبيرين فَلَا بَأْس بِالتَّفْرِيقِ.

(1/101)


(بَاب الْإِقَالَة)
تصح بلفظين أَحدهمَا مُسْتَقْبل خلافًا لمُحَمد وتتوقف على الْقبُول فِي الْمجْلس

(1/102)


كَالْبيع وَهِي بيع جَدِيد فِي حق غير الْعَاقِدين إِجْمَاعًا وَفِي حَقّهمَا بعد الْقَبْض فسخ فَإِذا

(1/103)


تعذر جعلهَا فسخا بطلت، وَعند أبي يُوسُف بيع فَإِن تعذر ففسخ، فَإِن تعذر بطلت، وَعند

(1/104)


مُحَمَّد فسخ فَإِن تعذر فَبيع، فَإِن تعذر بطلت، وَقبل الْقَبْض فسخ فِي النقلي وَغَيره وَعند أبي يُوسُف فِي الْعقار بيع فَلَو شَرط فِيهَا أَكثر من الثّمن الأول أَو خلاف الْجِنْس بَطل الشَّرْط وَلزِمَ الثّمن الأول وَعِنْدَهُمَا يَصح الشَّرْط لَو بعد الْقَبْض وَتجْعَل بيعا وَإِن شَرط أقل من غَيره تعيب لزم الأول أَيْضا وَعند أبي يُوسُف تجْعَل بيعا وَيصِح الشَّرْط وإنْ تعيب صَحَّ الشَّرْط اتِّفَاقًا، وَلَا تصح بعد ولادَة الْمَبِيعَة خلَافهَا لَهما، وَلَا يمْنَعهَا هَلَاك الثّمن بل هَلَاك الْمَبِيع وهلاك بعضه يمْنَع بِقَدرِهِ.

(1/105)


(بَاب الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة)
الْمُرَابَحَة بيع مَا شراه بِمَا شراه بِهِ وَزِيَادَة، وَالتَّوْلِيَة بَيْعه بِهِ بِلَا زِيَادَة وَلَا نقص، والوضيعة

(1/106)


بَيْعه بأنقص مِنْهُ وَلَا يَصح ذَلِك مَا لم يكن الثّمن الأول مثلِيا أَو فِي ملك من يُرِيد الشِّرَاء وَالرِّبْح مَعْلُوما، وَيجوز أَن يضم إِلَى رَأس المَال أُجْرَة القصارة، والصبغ والطراز والفتل

(1/107)


وَالْحمل وسوق الْغنم، والسمسار لَكِن يَقُول قَامَ عليَّ بِكَذَا، لَا اشْتَرَيْته، وَلَا يضم نَفَقَته وَلَا أجر الرَّاعِي والطبيب والنعلم وَبَيت الْحِفْظ فَإِن ظهر للْمُشْتَرِي خِيَانَة فِي الْمُرَابَحَة خير

(1/108)


فِي أَخذه بِكُل ثمنه أَو تَركه، وَفِي التَّوْلِيَة يحط من ثمنه قدر الْخِيَانَة وَهُوَ الْقيَاس فِي الوضيعة، وَعند أبي يُوسُف يحط فيهمَا قدر الْخِيَانَة مَعَ حصَّتهَا من الرِّبْح فِي الْمُرَابَحَة، وَعند مُحَمَّد يُخَيّر فيهمَا، فَلَو هلك قبل الرَّد أَو امْتنع الْفَسْخ لزم كل الثّمن إتفاقاً وَمن شرى

(1/109)


شَيْئا بِعشْرَة فَبَاعَهُ بِخَمْسَة عشر، ثمَّ شراه ثَانِيًا بِعشْرَة يرابح على خَمْسَة وَإِن شراه ثَانِيًا بِخَمْسَة لَا يرابح، وَعِنْدَهُمَا يرابح على الثّمن الْأَخير مُطلقًا، وَإِن اشْترى مَأْذُون مديون بِعشْرَة وَبَاعَ من سَيّده بِخَمْسَة عشر أَو بِالْعَكْسِ يرابح على عشرَة. وَالْمُضَارب بِالنِّصْفِ

(1/110)


لَو شرى بِعشْرَة وَبَاعَ من رب المَال بِخَمْسَة عشر يرابح رب المَال على اثْنَي عشر وَنصف ويرابح بِلَا بَيَان لَو اعورت الْمَبِيعَة أَو وطِئت وَهِي ثيب، أَو أصَاب الثَّوْب قرض فأر أَو حرق نَار، وَإِن فقئت عينهَا أَو وطِئت وَهِي بكر أَو تكسر الثَّوْب من طيه ونشره لزم الْبَيَان

(1/111)


وَإِن اشْترى بنسيئة ورابح بِلَا بَيَان خير المُشْتَرِي فَإِن أتْلفه ثمَّ علم لزم كل ثمنه، وَكَذَا التَّوْلِيَة، وَلَو اشْترى ثَوْبَيْنِ بصفقة كلا بِخَمْسَة كره بيع أَحدهمَا مُرَابحَة بِخَمْسَة بِلَا بَيَان وَمن ولي بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلم يعلم مُشْتَرِيه قدره فسد، وَإِن علمه فِي الْمجْلس خير.

(1/112)


(فصل)
لَا يَصح بيع الْمَنْقُول قبل قَبضه، وَيصِح فِي الْعقار خلافًا لمُحَمد. وَمن اشْترى كيلياً

(1/113)


كَيْلا لَا يجوز لَهُ بَيْعه وَلَا أكله حَتَّى يكيله وَكفى كيل البَائِع بعد العقد بِحَضْرَتِهِ هُوَ

(1/114)


الصَّحِيح وَمثله الوزني والعددي لَا المذروع، وَصَحَّ التَّصَرُّف فِي الثّمن قبل قَبضه والحط

(1/115)


مِنْهُ وَالزِّيَادَة فِيهِ حَال قيام الْمَبِيع لَا بعد هَلَاكه وكذاالزيادة فِي الْمَبِيع وَيتَعَلَّق الإستحقاق بِكُل ذَلِك فيرابح ويولي على الْكل إِن يزِيد وعَلى مَا بَقِي إنْ حط، وَالشَّفِيع يَأْخُذ بِالْأَقَلِّ فِي

(1/116)


الْفَصْلَيْنِ، وَمن قَالَ: بِعْ عَبدك من زيد بِأَلف على أَنِّي ضَامِن كَذَا من الثّمن سوى الْألف أَخذ الْألف من زيد وَالزِّيَادَة مِنْهُ، وَإِن لم يقل من الثّمن فالألف على زيد وَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وكل دين أجل بِأَجل مَعْلُوم صَحَّ تَأْجِيله إلاّ الْقَرْض إلاّ فِي الْوَصِيَّة، وَلَا يَصح التَّأْجِيل إِلَى

(1/117)


أجل مَجْهُول متفاحش كهبوب الرّيح، وَيصِح فِي المتقارب كالحصاد وَنَحْوه.

(1/118)


(بَاب الرِّبَا)
هُوَ فضل مَال خَال عَن عوض شَرط لأحد الْعَاقِدين فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال وعلته الْقدر

(1/119)


وَالْجِنْس فَحرم بيع الكيلي والوزني بِجِنْسِهِ مُتَفَاضلا أَو نَسِيئَة، وَلَو غير مطعوم كالجص وَالْحَدِيد، وَحل متماثلاً بعد التَّقَابُض أَو مُتَفَاضلا غير معير كخفنة بخفتين وبيضة ببيضتين

(1/120)


وَتَمْرَة بتمرتين، فَإِن وجد الوصفان حرم الْفضل والنسأ وَإِن عدماً حلا، وَإِن وجد أَحدهمَا فَقَط حل التَّفَاضُل لاة النسأ فَلَا يَصح سلم هروي فِي هروي وَلَا بر فِي شعير، وَشرط

(1/121)


التَّعْيِين والتقابض فِي الصّرْف، وَالتَّعْيِين فَقَط فِي غَيره، وَمَا نَص على تَحْرِيم الرِّبَا فِيهِ كَيْلا فَهُوَ كيلي أبدا كالبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالْملح أَو على تَحْرِيمه وزنا فَهُوَ وزني أبدا كالذهب وَالْفِضَّة وَلَو تعورف بِخِلَافِهِ وَمَا لَا نَص فِيهِ حمل على الْعرف كَغَيْر السِّتَّة الْمَذْكُورَة، فَلَا

(1/122)


يجوز بيع الْبر بِالْبرِّ متماثلاً وزنا وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَب متماثلا كَيْلا، وَجَاز بيع فلس معِين بفلسين مُعينين خلافًا لمُحَمد، وَيجوز بيع الكرباس بالقطن وَبيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ، وَعند مُحَمَّد لَا يجوز بَيْعه بحيوان جنسه حَتَّى يكون اللَّحْم أَكثر مِمَّا فِي الْحَيَوَان من اللَّحْم،

(1/123)


وَيجوز بيع الدَّقِيق بالدقيق متماثلاً كَيْلا لَا بالسويق أصلا خلافًا لَهما، وَيجوز بيع الرطب بِالتَّمْرِ وَالْعِنَب بالزبيب متماثلاً خلافًا لَهما، وَكَذَا بيع الْبر رطبا أَو مبلولاً بِمثلِهِ أَو باليابس

(1/124)


وَالتَّمْر وَالزَّبِيب منقعين بمثلهما مُتَسَاوِيا خلافًا لمُحَمد، وَيجوز بيع لحم حَيَوَان بِلَحْم حَيَوَان غير جنسه مُتَفَاضلا وَكَذَا اللَّبن والجاموس مَعَ الْبَقر جنس وَاحِد، وَكَذَا الْمعز مَعَ

(1/125)


الضَّأْن، وَالْبخْت مَعَ العراب، وَيجوز بيع خل الْعِنَب بخل الدقل مُتَفَاضلا وَكَذَا شَحم الْبَطن بالألية أَو بِاللَّحْمِ وَالْخبْز بِالْبرِّ أَو الدَّقِيق أَو السويق وإنْ أَحدهمَا نَسِيئَة بِهِ يُفْتى، وَلَا يجوز بيع الْجيد بالرديء إلاّ مُتَسَاوِيا وَكَذَا الْبُسْر بِالتَّمْرِ وَلَا الْبر بالدقيق أَو بالسويق أَو بالنخالة مُطلقًا وَلَا بيع الزَّيْتُون بالزيت والسمسم بالشيرج حَتَّى يكون الزَّيْت والشيرج

(1/126)


أَكثر مِمَّا فِي الزَّيْتُون والسمسم لتَكون الزِّيَادَة بالثجير، وَلَا يستقرض الْخبز أصلا وَعند أبي يُوسُف يجوز وزنا وبهيفتى وَعند أبي يُوسُف يجوز وزنا وَبِه يُفْتى، وَعند مُحَمَّد يجوز عددا أَيْضا وَلَا رَبًّا بَين السَّيِّد وَعَبده وَلَا الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب.

(1/127)


(بَاب الْحُقُوق والاستحقاق)
يدْخل الْعُلُوّ والكنيف فِي بيع الدَّار وَلَا الظلة إلاَّ بِذكر كل حق أَو بمرافقها أَو بِكُل قَلِيل

(1/128)


وَكثير هُوَ فِيهَا أَو مِنْهَا، وَعِنْدَهُمَا تدخل إنْ كَانَ مفتحها فِي الدَّار، وَلَا يدْخل الْعُلُوّ فِي شِرَاء منزل إلاّ بِذكر نَحْو كل حق وَلَا فِي شِرَاء بَيت وَإِن ذكر كل حق، وَلَا الطَّرِيق والمسيل وَالشرب إلاّ بِذكر نَحْو كل حق وَتدْخل فِي الْإِجَارَة بِدُونِ ذكر.

(1/129)


(فصل)
الْبَيِّنَة حجَّة متعدية، وَالْإِقْرَار حجَّة قَاصِرَة، والتناقض يمْنَع دَعْوَى الْملك لَا الْحُرِّيَّة وَالطَّلَاق وَالنّسب، فَلَو ولدت أمة مبيعة فاستحقت بِبَيِّنَة تبعها وَلَدهَا إِن كَانَ فِي يَده وَقضي بِهِ

(1/130)


أَيْضا وَقيل يَكْفِي الْقَضَاء بِالْأُمِّ وَإِن أقرّ بهَا لرجل لَا يتبعهَا وَلَدهَا، وَإِن قَالَ شخص لآخر اشترني فَأَنا عبد فَاشْتَرَاهُ فَإِذا هُوَ حر فإنْ كَانَ البَائِع حَاضرا أَو مَكَانَهُ مَعْلُوما لَا يضمن الْآمِر وإلاَّ ضمن أَو بِحِصَّتِهِ وَرجع على البَائِع إِذا حضر، وَإِن قَالَ ارتهني فَلَا ضَمَان أصلا، وَمن ادّعى حَقًا

(1/131)


مَجْهُولا فِي دَار فصولح على شيءٍ فَاسْتحقَّ بَعْضهَا فَلَا رُجُوع عَلَيْهِ وَلَو اسْتحق كلهَا رد كل الْعِوَض وَفهم مِنْهُ صِحَة الصُّلْح عَن الْمَجْهُول، وَلَو ادّعى كلهَا رد حِصَّة مَا يسْتَحق وَلَو بَعْضًا.

(1/132)


(فصل فِي بيع الْفُضُولِيّ)
وَلمن بَاعَ فُضُولِيّ ملكه أَن يفسخه وَله أَن يُجِيزهُ بِشَرْط بَقَاء الْعَاقِدين والمعقود عَلَيْهِ وَالْمَالِك الأول، وَكَذَا بَقَاء الثّمن إِن كَانَ عرضا وَإِذا جَازَ فالثمن الْعرض ملك

(1/134)


للفضولي وَعَلِيهِ مثل البيع لَو مثلِيا وإلاّ فَقيمته، وَغير الْعرض ملك للمجيز أَمَانَة فِي يَد الْفُضُولِيّ وللفضولي أَن يفْسخ قبل إجَازَة الْمَالِك وَصَحَّ إِعْتَاق المُشْتَرِي من الْغَاصِب إِذا

(1/135)


أُجِيز البيع خلافًا لمُحَمد وَلَا يَصح بَيْعه وَلَو قطعت يَده عِنْد المُشْتَرِي فأجيز البيع فأرشه لَهُ وَيتَصَدَّق بِمَا زَاد على نصف ثمنه، وَمن اشْترى عبدا من غير سَيّده ثمَّ أَقَامَ بَيِّنَة على إِقْرَار

(1/136)


البَائِع أَو السَّيِّد بِعَدَمِ الْأَمر وَأَرَادَ رده لَا تقبل بَينته، وَلَو أقرّ البَائِع بذلك عِنْد القَاضِي فَلهُ رده، وَلَو اشْترى دَارا من فُضُولِيّ وأدخلها فِي بنائِهِ فَلَا ضَمَان على الْفُضُولِيّ خلافًا لمُحَمد.

(بَاب السّلم)
هُوَ بيع آجل بعاجل وَيصِح فِيمَا أمكن ضبط صفته وَمَعْرِفَة قدره لَا فِي غَيره، فَيصح فِي

(1/137)


الْمكيل وَالْمَوْزُون سوى النَّقْدَيْنِ، وَفِي العددي المتقارب كالجوز وَالْبيض عددا وَكيلا،

(1/138)


وَكَذَا الْفُلُوس خلافًا لمُحَمد، وَفِي اللَّبن والآجر إِذا سمّي ملبن مَعْلُوم وَفِي المذروع كَالثَّوْبِ إنْ بَين طوله وَعرضه ورقعته وَفِي السّمك الْمليح وزنا ونوعاً معلومين وَكَذَا الطري فِي حِينه فَقَط وَلَا يجوز فيهمَا عددا، وَلَا فِي الْحَيَوَان وأطرافه وَلَا فِي جلوده عددا،

(1/139)


وَلَا فِي الْحَطب حزماً والرطبة جرزاً وَلَا فِي الْجَوْهَر والخرز وَلَا فِي اللَّحْم طرياً وَقَالا: يَصح إِذا وصف مَوضِع مَعْلُوم مِنْهُ بِصفة مَعْلُومَة، وَلَا يجوز السّلم بكيل أَو ذِرَاع معِين لَا يدْرِي قدره حَالا وَلَا فِي طَعَام قَرْيَة أَو تمر نَخْلَة مُعينَة وَلَا فِيمَا لَا يبْقى من حِين العقد إِلَى

(1/140)


حِين الْمحل وَشَرطه بَيَان الْجِنْس كبر أَو شعير، وَالنَّوْع كسقية أَو بخسية، وَالصّفة كجيد أَو رَدِيء، وَالْقدر نَحْو كَذَا رطلا أَو كَيْلا بِمَا لَا ينقبض، وَلَا ينبسط وَأجل مَعْلُوم أَقَله شهر

(1/141)


فِي الْأَصَح وَقدر رَأس المَال إنْ كَانَ كيلياً أَو وزنياً أَو عددياً فَلَا يجوز فِي جِنْسَيْنِ بِلَا بَيَان رَأس مَال كل مِنْهُمَا وَلَا بنقدين بِلَا بَيَان حِصَّة كل مِنْهُمَا من الْمُسلم فِيهِ وَمَكَان إيفائه إنْ

(1/142)


كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة، وَعِنْدَهُمَا لَا يشْتَرط معرفَة قدر رَأس المَال إِذا كَانَ معينا وَلَا مَكَان الْإِيفَاء ويوفيه فِي مَكَان عقده وَمثله الثّمن وَالْأُجْرَة وَالْقِسْمَة وَمَا لَا حمل لَهُ يُوفيه حَيْثُ

(1/143)


شَاءَ فِي الْأَصَح اتِّفَاقًا، وَقبض رَأس المَال قبل التَّفَرُّق شَرط بَقَائِهِ، فَلَو أسلم مائَة نَقْدا وَمِائَة دينا على الْمُسلم إِلَيْهِ فِي كرّ بَطل فِي حِصَّة الدّين فَقَط، وَلَا يجوز التَّصَرُّف فِي رَأس

(1/144)


المَال أَو الْمُسلم فِيهِ قبلقبضه بشركة أَو تَوْلِيَة، وَلَا شِرَاء شَيْء من الْمُسلم إِلَيْهِ بِرَأْس المَال بعد التقايل قبل قَبضه، وَلَو اشْترى كراً وَأمر رب السّلم بِقَبْضِهِ قَضَاء لم يَصح، وَلَو أَمر

(1/145)


مقرضه بذلك صَحَّ، وَكَذَا لَو أَمر ربّ سلمه بِقَبْضِهِ لَهُ ثمَّ لنَفسِهِ فاكتاله لأجل الْمُسلم إِلَيْهِ ثمَّ لنَفسِهِ صَحَّ، وَلَو اكتال الْمُسلم إِلَيْهِ فِي ظرف ربّ السّلم بأَمْره وَهُوَ غَائِب لَا يكون قبضا، وَلَو اكتال البَائِع كَذَلِك كَانَ قبضا بِخِلَاف مَا لَو اكتاله فِي ظرف نَفسه أَو فِي نَاحيَة بَيته، وَلَو

(1/146)


اكتال الْعين وَالدّين فِي ظرف المُشْتَرِي إِن بَدَأَ بِالْعينِ كَانَ قبضا وإنْ بَدَأَ بِالدّينِ فَلَا وَعِنْدَهُمَا صَحَّ قبض الْعين فَإِن شَاءَ رَضِي بِالشّركَةِ وَإِن شَاءَ فسخ البيع، وَلَو أسلم أمة فِي كرّ وقبضت ثمَّ تَقَايلا فَمَاتَتْ قبل ردهَا بَقِي التقايل وَتجب قيمتهَا يَوْم قبضهَا، وَلَو مَاتَت ثمَّ

(1/147)


تَقَايلا صَحَّ التقايل. وَكَذَا المقايضة فِي الْوَجْهَيْنِ بِخِلَاف الشِّرَاء بِالثّمن فيهمَا، وَلَو ادّعى أحد عاقدي السّلم بَيَان الْأَجَل أَو اشْتِرَاط الرداءة وَأنكر الآخر فَالْقَوْل لمدعيهما مُطلقًا وَقَالا للْمُنكر: إِن كَانَ ربّ السّلم فِي الأولى أَو الْمُسلم إِلَيْهِ فِي الثَّانِيَة والاستصناع بِأَجل

(1/148)


سلم فَيصح فِيمَا أمكن ضبط صفته وَقدره تعورف أَولا، وَبلا أجل يَصح اسْتِحْسَانًا فِيمَا تعورف فِيهِ كخف وطست وقمقمة وَهُوَ بيع لَا عدَّة فَيجْبر الصَّانِع على عمله وَلَا يرجع

(1/149)


المستصنع عَنهُ وَالْمَبِيع هُوَ الْعين لَا عمله، فَلَو أَتَى بِمَا صنعه غَيره أَو بِمَا صنعه هُوَ قبل العقد فَأَخذه صَحَّ وَلَا يتَعَيَّن للمستصنع بِلَا اخْتِيَاره فَيصح بيع الصَّانِع لَهُ قبل رُؤْيَته وَله أَخذه وَتَركه وَلَا يَصح فِيمَا لم يتعارف كَالثَّوْبِ.

(1/150)


(مسَائِل شتَّى)
يَصح بيع الْكَلْب والفهد وَسَائِر السبَاع علمت أَو لَا، وَالذِّمِّيّ فِي البيع كَالْمُسلمِ إلاَّ فِي

(1/151)


الْخمر فَإِنَّهَا فِي حَقه كالخل وَالْخِنْزِير فِي حَقه كالشاة، وَمن زوج مشريته قبل قبضهَا جَازَ فَإِن وطِئت كَانَ قَابِضا لَهَا وإلاَّ فَلَا، وَمن اشْترى شَيْئا فَغَاب غيبَة مَعْرُوفَة لَا يُبَاع فِي دين بَائِعه وَإِن لم تكن مَعْرُوفَة يُبَاع فِيهِ إِذا برهن أنَّه بَاعه مِنْهُ إِذا لم يكن قَبضه وَإِن غَابَ أحد المشتريين فللحاضر

(1/152)


دفع كل الثّمن، وَقبض الْمَبِيع وحبسه إِذا حضر الْغَائِب حَتَّى ينقدحصته، وَإِن اشْترى بِأَلف مِثْقَال ذهب وَفِضة فهما نِصْفَانِ وَإِن قَالَ: بِأَلف من الذَّهَب وَالْفِضَّة فَمن الذَّهَب

(1/153)


خَمْسمِائَة مِثْقَال، وَمن الْفضة خَمْسمِائَة دِرْهَم وزن سَبْعَة، وَمن قبض زيفاً بدل جيد غير عَالم بِهِ فأنفقه أَو هلك فَهُوَ قَضَاء، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: يرد مثل الزيف وَيَقْتَضِي الْجيد، وَإِن

(1/154)


فرخ طير أَو وباض فِي أَرض أَو تكنس ظَبْي فَهُوَ لمن أَخذه، وَكَذَا صيد تعلق بشبكة مَنْصُوبَة للجفاف أَو دخل دَارا وَدِرْهَم أَو سكر نثر فَوَقع على ثوب فإنْ أعده صَاحبه لذَلِك أَو كَفه بعد السُّقُوط أَو أغلق بَاب الدَّار بعد الدُّخُول ملكه وَلَيْسَ للْغَيْر أَخذه كَمَا لَو عسل النَّحْل فِي أرضه أَو نبت فِيهَا شجر أَو اجْتمع تُرَاب بجريان المَاء، وَمَا لَا يَصح تَعْلِيقه بِالشُّرُوطِ

(1/155)


ويبطله الشَّرْط الْفَاسِد البيع وَالْإِجَارَة وَالْقِسْمَة وَالْإِجَازَة وَالرَّجْعَة وَالصُّلْح عَن مَال وَالْإِبْرَاء عَن الدّين وعزل الْوَكِيل وَالِاعْتِكَاف والمزارعة والمعاملة وَالْإِقْرَار وَالْوَقْف

(1/156)


والتحكيم عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد، وَمَا لَا يُبطلهُ الشَّرْط الْفَاسِد الْقَرْض وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْخلْع وَالْعِتْق وَالرَّهْن والإيصاء وَالْوَصِيَّة وَالشَّرِكَة

(1/158)


وَالْمُضَاربَة وَالْقَضَاء والإمارة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة وَالْوكَالَة وَالْإِقَالَة وَالْكِتَابَة وَإِذن العَبْد فِي التِّجَارَة ودعوة الْوَلَد وَالصُّلْح عَن دم الْعمد والجراحة وَعقد الذِّمَّة وَتَعْلِيق الرَّد بِعَيْب أَو

(1/159)


بِخِيَار شَرط وعزل القَاضِي.

(1/160)