ملتقى الأبحر

 (كتاب الْهِبَة)
هِيَ تمْلِيك عين بِلَا عوض وَتَصِح بِإِيجَاب وَقبُول، وتتم بِالْقَبْضِ الْكَامِل فإنْ قبض فِي

(1/489)


الْمجْلس بِلَا إِذن صَحَّ، وَبعده لَا بُد من الْإِذْن وتنعقد بوهبت ونحلت وَأعْطيت وأطعمتك

(1/492)


هَذَا الطَّعَام وكسوتك هَذَا الثَّوْب وأعمرتك هَذَا الشَّيْء وَجَعَلته لَك عمرى وداري لَك هبة تسكنها، وبنيتها فِي حَملتك على هَذِه الدَّابَّة، وَإِن قَالَ: دَاري لَك هبة سُكْنى، أَو سُكْنى هبة

(1/493)


أَو نحلى سُكْنى أَو سُكْنى صَدَقَة أَو صَدَقَة عَارِية أَو عَارِية هبة فعارية، وَتَصِح هبة مشَاع لَا يحْتَمل الْقِسْمَة لَا مَا يحتملها، فَإِن قسم وَسلم صَحَّ، وَلَا تصح هبة دَقِيق فِي بر ودهن فِي

(1/494)


سمسم وَسمن فِي لبن وإنْ طحن أَو استخرج الدّهن وَسلم، وَهبة لبن فِي ضرع، وصوف على غنم ونخل وَزرع فِي أَرض، وتمر فِي نخل كَهِبَة الْمشَاع، وَهبة شَيْء هُوَ فِي يَد الْمَوْهُوب لَهُ تتمّ بِلَا تَجْدِيد قبض، وَهبة الْأَب لطفله تتمّ بِالْعقدِ وإنْ الْمَوْهُوب فِي يَد الْأَب

(1/495)


أَو يَد مودعه، إلاَّ إِن كَانَ فِي يَد غَاصِب أَو مبتاع بيعا فَاسِدا أَو متهب، وَالصَّدَََقَة فِي ذَلِك كَالْهِبَةِ وَالأُم كَالْأَبِ عِنْد غيبته غيبَة مُنْقَطِعَة، أَو مَوته وَعدم وَصِيّه إِن كَانَ الطِّفْل فِي عيالها، وَكَذَا كل من يعول الطِّفْل، وَهبة الْأَجْنَبِيّ لَهُ تتمّ بِقَبْضِهِ لَو عَاقِلا، وبقبض أَبِيه أَو جده أَو

(1/496)


وَصِيّ أَحدهمَا أَو أمه إِن فِي حجرها أَو أَجْنَبِي يربيه أَو بِقَبض زوج الطفلة لَهَا وَلَو مَعَ حَضْرَة الْأَب بعد الزفاف لَا قبله، وَصَحَّ هبة اثْنَيْنِ لوَاحِد دَارا لَا عَكسه خلافًا لَهما، وَصَحَّ

(1/497)


تصدق عشرَة على فقيرين وهبتها لَهما، وَلَا تصحان لغَنِيَّيْنِ خلافًا لَهما.

(1/498)


(بَاب الرُّجُوع عَنْهَا)
يَصح الرُّجُوع فِيهَا كلا أَو بَعْضًا، وَيكرهُ وَيمْنَع مِنْهُ حُرُوف دمع خزقة. فالدال الزِّيَادَة

(1/499)


الْمُتَّصِلَة كالبناء وَالْغَرْس وَالسمن لَا الْمُنْفَصِلَة وَالْمِيم موت أحد الْعَاقِدين وَالْعين الْعِوَض

(1/500)


الْمُضَاف إِلَيْهَا إِذا قبض، نَحْو خُذ هَذَا عوضا عَن هِبتك أَو بَدَلا عَنْهَا أَو فِي مقابلتها وَلَو

(1/501)


كَانَ من أَجْنَبِي، فَلَو لم يضف فَلِكُل أنْ يرجع فِيمَا وهب، وَالْخَاء الْخُرُوج عَن ملك الْمَوْهُوب لَهُ، وَالزَّاي الزَّوْجِيَّة وَقت الْهِبَة فَلهُ الرُّجُوع لَو وهب ثمَّ نكح لَا لَو وهب ثمَّ أبان،

(1/502)


وَالْقَاف الْقَرَابَة فَلَا رُجُوع فِيمَا وهب لذِي رحم محرم، وَالْهَاء هَلَاك الْمَوْهُوب وَالْقَوْل فِيهِ قَول الْمَوْهُوب لَهُ، وَفِي الزِّيَادَة قَول الْوَاهِب وَلَو عوض فَاسْتحقَّ نصف الْهِبَة رَجَعَ بِنصْف الْعِوَض وإنْ اسْتحق نصف الْعِوَض، لَا يرجع بِشَيْء حَتَّى يرد بَاقِيه، وإنْ اسْتحق الْكل رَجَعَ

(1/503)


بِالْكُلِّ فيهمَا، وَلَو عوض عَن نصفهَا فَلهُ أنْ يرجع بِمَا لم يعوض وَلَو خرج نصفهَا عَن ملكه فَلهُ أنْ يرجع بِمَا لم يخرج، وَلَا يَصح الرُّجُوع إلاَّ بتراضٍ أَو حكم قاضٍ، فَلَو أعتق الْمَوْهُوب لَهُ بعد الرُّجُوع قبل الْقَضَاء وَالتَّسْلِيم نفذ، وَلَو مَنعه فَهَلَك لَا يضمن، وَهُوَ مَعَ

(1/504)


أَحدهمَا فسخ من الأَصْل لَا هبة من الْمَوْهُوب لَهُ فَلَا يشْتَرط قَبضه، وَصَحَّ فِي الْمشَاع وإنْ تلف الْمَوْهُوب فَاسْتحقَّ فضمن الْمَوْهُوب لَهُ لَا يرجع على واهبه، وَالْهِبَة بِشَرْط الْعِوَض هبة ابْتِدَاء فَشرط الْقَبْض فِي الْعِوَضَيْنِ ومنعها الشُّيُوع فِي أَحدهمَا بيع انْتِهَاء، فَتثبت الشُّفْعَة وَخيَار الْعَيْب وَالشّرط والرؤية فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا.

(1/505)


(فصل)
وَمن وهب أمة إلاّ حملهَا، أَو على أَن يردهَا عَلَيْهِ، أَو يعتقها أَو يستولدها صحت الْهِبَة وَبَطل الِاسْتِثْنَاء، وَالشّرط، وَكَذَا لَو وهب دَارا على أَن يرد عَلَيْهِ بَعْضهَا أَو يعوضه

(1/506)


شَيْئا مِنْهَا، وَلَو دبر الْحمل ثمَّ وَهبهَا فالهبة بَاطِلَة بِخِلَاف مَا لَو أعْتقهُ ثمَّ وَهبهَا، وَمن قَالَ لمديونه إِذا جَاءَ غَد فالدين لَك أَو فَأَنت بَرِيء مِنْهُ، أَو إِن أدّيت إِلَيّ نصفه فالباقي لَك، أَو فَأَنت بَرِيء مِنْهُ فَهُوَ بَاطِل، والعمرى جَائِزَة للمعمر حَال حَيَاته ولورثته بعده، وَهِي أَن يَجْعَل

(1/507)


دَاره لَهُ مُدَّة عمره فَإِذا مَاتَ ردَّتْ إِلَيْهِ، والرُقبى بَاطِلَة فَإِن قبضهَا كَانَت عَارِية فِي يَده، وَعند أبي يُوسُف تصح كالعمرى وَهِي أَن يَقُول: إِن متُ قبلك فلك ذَلِك وإنْ متَ قبلي

(1/508)


فلي، وَالصَّدَََقَة كَالْهِبَةِ لَا تصح بِدُونِ الْقَبْض، وَلَا فِي مشَاع يقسم، وَلَا رُجُوع فِيهَا وَلَو لَغَنِيّ، وَلَا فِي الْهِبَة لفقير وَلَو قَالَ: جَمِيع مَالِي أَو مَا أملكهُ لفُلَان، فَهُوَ هبة وَإِن قَالَ: مَا ينْسب إليَّ أَو مَا يعرف لي فإقرار.

(1/509)


(كتاب الْإِجَارَة)
هِيَ بيع مَنْفَعَة مَعْلُومَة بعوض مَعْلُوم دين أَو عين، وَمَا صلح ثمنا صلح أُجْرَة وتفسد

(1/511)


بِالشُّرُوطِ، وَيثبت فِيهَا خِيَار الشَّرْط والرؤية وَالْعَيْب، وتقال وتفسخ. وَالْمَنْفَعَة تعلم تَارَة بِبَيَان الْمدَّة كالسكنى والزراعة فَتَصِح مُدَّة مَعْلُومَة أَي مُدَّة كَانَت، وَفِي الْوَقْف يتبع شَرط

(1/513)


الْوَاقِف فَإِن لم يشْتَرط فالفتوى أَن لَا يُزَاد فِي الْأَرَاضِي على ثَلَاث سِنِين، وَفِي غَيرهَا على سنة وَتارَة تعلم بِذكر الْعَمَل كصبغ الثَّوْب وخياطته، وَحمل قدر مَعْلُوم على دَابَّة مَسَافَة

(1/514)


مَعْلُومَة، وَتارَة بِالْإِشَارَةِ كنقل هَذَا مثلا إِلَى مَوضِع كَذَا وَالْأُجْرَة لَا تسْتَحقّ بِالْعقدِ بل بالتعجيل أَو بِشَرْطِهِ أَو بِاسْتِيفَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ أَو التَّمَكُّن مِنْهُ فَتجب لَو قبض الدَّار وَلم يسكنهَا حَتَّى مَضَت الْمدَّة وَتسقط بِالْغَصْبِ بِقدر فَوت التَّمَكُّن ولرب الدَّار وَالْأَرْض

(1/515)


طلب الْأجر لكل يَوْم، ولربِّ الدَّابَّة لكل مرحلة وللقصار والخياط بعد الْفَرَاغ من عمله

(1/516)


وإنْ عمل فِي بَيت الْمُسْتَأْجر وللخباز بعد إِخْرَاج الْخبز فإنْ احْتَرَقَ قبل الْإِخْرَاج سقط الْأجر وإنْ بعده فَلَا إنْ فِي بَيت الْمُسْتَأْجر وَلَا ضَمَان وَلَا أجر وَقَالا إِن شَاءَ الْمُسْتَأْجر

(1/517)


ضمنه مثل دقيقه وَلَا أجر، وإنْ شَاءَ ضمنه الْخبز، وَله الْأجر، وللطباخ للوليمة بعد الغرف ولضارب اللَّبن بعد إِقَامَته وَقَالا بعد تشريجه وَمن لعمله أثر فِي الْعين كصباغ وقصار يقصر بالنشأ وَالْبيض فَلهُ حَبسهَا لِلْأجرِ، فَإِن حَبسهَا فَضَاعَت فَلَا ضَمَان وَقَالا:

(1/518)


إنْ شَاءَ الْمَالِك ضمنه مصبوغاً وَله الْأجر أَو غير مصبوغ وَلَا أجر لَهُ وَمن لَا أثر لعمله فِيهَا كالحمال والملاح وغاسل الثَّوْب لَيْسَ لَهُ حَبسهَا بِخِلَاف راد الْآبِق وَإِذا أطلق الْعَمَل

(1/519)


للصانع فَلهُ أَن يسْتَعْمل غَيره وإنْ قَيده بِعَمَلِهِ بِنَفسِهِ فَلَا وَمن اسْتَأْجرهُ رجل ليجيء بعياله فَوجدَ بَعضهم قد مَاتَ فَأتى بنم بقيَّ فَلهُ أجرهبحسابه وإنْ اُسْتُؤْجِرَ لايصال طَعَام إِلَى زيد فَوَجَدَهُ مَيتا فَرده فَلَا أجر لَهُ، وَكَذَا لإيصال كتاب إِلَيْهِ فَرده لمَوْته وَقَالَ مُحَمَّد لَهُ أجر ذَهَابه هُنَاكَ وَلَو تَركه هُنَاكَ للْوَرَثَة فَلهُ أجر الذّهاب إِجْمَاعًا.

(1/520)


(بَاب مَا يجوز من الْإِجَارَة وَمَا لَا يجوز)
وَصَحَّ اسْتِئْجَار الدَّار والحانوت وَإِن لم يذكر مَا يعْمل فِيهِ وَله أنْ يعْمل كل شَيْء سوى مَا

(1/521)


يوهن الْبناء كالحدادة والقصارة والطحن واستئجار الأَرْض للزَّرْع إنْ بيَّن مَا يزرع أَو قَالَ على أنْ يزرع مَا شَاءَ وللبناء وَالْغَرْس وَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة لزمَه أَن يقلعهما ويسلمها فارغة

(1/522)


إلاَّ أنْ يغرم الموجر قيمَة ذَلِك مقلوعاً برضى صَاحبه وَإِن كَانَت الأَرْض تنقص بقلعه فبدون رِضَاهُ أَيْضا أَن يرضيا بِتَرْكِهِ فَيكون الْبناء وَالْغَرْس لهَذَا وَالْأَرْض لهَذَا والرطبة كالشجر وَالزَّرْع يتْرك بِأَجْر الْمثل إِلَى أنْ يدْرك واستئجار الدَّابَّة للرُّكُوب وَالْحمل وَالثَّوْب

(1/523)


للبس فإنْ أطلق فَلهُ أَن يركب من شَاءَ ويلبس من شَاءَ فَإِذا ركب أَو لبس هُوَ أَو أركب أَو ألبس غَيره تعين فَلَا يَسْتَعْمِلهُ غَيره وَإِن قيد بِرَاكِب أَو لابس فَخَالف ضمن وَكَذَا كل مَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمُسْتَعْمل وَمَا لَا يخْتَلف بِهِ فتقييده هدر فَلَو شَرط سُكْنى وَاحِد جَازَ أنْ يسكن غَيره وَإِن سميَّ مَا يحمل على الدَّابَّة نوعا وَقدرا ككربر فَلهُ حمل مثله أَو أخف كالشعير والسمسم لَا مَا هُوَ أضرَّ كالملح، وإنْ سميَّ قدرا من الْقطن، فَلَيْسَ لَهُ أَن يحمل

(1/524)


مثل وَزنه حديداً وإنْ زَاد على مَا سميّ فعطبت ضمن قدر الزِّيَادَة إنْ كَانَت تطِيق مَا حملهَا وإلاَّ فَكل الْقيمَة وَفِي الأرداف يضمن النّصْف وَلَا عِبْرَة بالثقل وإنْ كبحها أَو ضربهَا

(1/525)


فعطبت ضمن خلافًا لَهما فِيمَا هُوَ مُعْتَاد وإنْ تجَاوز بهَا مَكَانا سَمَّاهُ ضمن وَلَا يبرأ بردهَا إِلَى مَا سَمَّاهُ وَإِن اسْتَأْجرهَا ذَهَابًا وإياباً فِي الْأَصَح وإنْ نزع سرج الْحمار وأسرجه بِمَا

(1/526)


يسرج بِهِ مثله لَا يضمن وإنْ أسرجه أَو أوكفه بِمَا لَا يسرج أَو بِمَا لَا يوكف بِهِ مثله ضمن

(1/527)


وَكَذَا إِن أَو كَفه بِمَا يوكف بِهِ مثله وَقَالا يضمن قدر مَا زَاد وَزنه على السرج فَقَط وإنْ سلك الْحمال طَرِيقا غير مَا عينه الْمَالِك، مِمَّا يسلكه النَّاس فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إنْ لم يتَفَاوَت الطريقان وَإِن تَفَاوتا أَو كَانَ مِمَّا لَا يسلكه النَّاس أَو جمله فِي الْبَحْر فَتلف ضمن

(1/528)


وإنْ بلغ فَلهُ الْأجر وإنْ عين زرع بر فزرع رطبَة ضمن مَا نقصت الأَرْض وَلَا أجر عَلَيْهِ وإنْ أَمر بخياطة الثَّوْب قَمِيصًا فخاطه قبَاء خير الْمَالِك بَين تضمين قِيمَته وَبَين أَخذ القباء وَدفع أجر مثله لَا يُزَاد على مَا سميّ. وَكَذَا لَو أَمر بقباء فخاط سَرَاوِيل فِي الْأَصَح وَقيل يضمنهُ هُنَا بِلَا خِيَار.

(1/529)


(بَاب الْإِجَارَة الْفَاسِدَة)
يجب فِيهَا أجر الْمثل لَا تزاد على الْمُسَمّى وَمن أستأجر دَارا كل شهر بِكَذَا صَحَّ العقد فِي شهر فَقَط إلاَّ أَن يُسمى جملَة الشُّهُور وكل شهر سكن مِنْهُ سَاعَة صَحَّ فِيهِ وَسقط حق الْفَسْخ وَظَاهر الرِّوَايَة بَقَاؤُهُ فِي اللَّيْلَة الأولى ويومها وإنْ آجرها سنة بِكَذَا صَحَّ وإنْ لم

(1/530)


يبين قسط كل شهر وَابْتِدَاء الْمدَّة مَا سمَّى وإلاّ فوقت العقد، فَإِن كَانَ حِين يهل تعْتَبر بِالْأَهِلَّةِ وإلاَّ فبالأيام وَعند مُحَمَّد الأول بِالْأَيَّامِ وَالْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ وَأَبُو يُوسُف مَعَه فِي رِوَايَة

(1/531)


وَمَعَ الإِمَام فِي أُخْرَى كَذَا العدّة، وَيجوز أَخذ أُجْرَة الْحمام والحجام لَا أَخذ أُجْرَة عسب التيس على الطَّاعَات كالأذان وَالْحج والإمامة وَتَعْلِيم الْقُرْآن وَالْفِقْه أَو الْمعاصِي كالغناء

(1/532)


وَالنوح والملاهي ويفتي الْيَوْم بِالْجَوَازِ على الْإِمَامَة وَتَعْلِيم الْقُرْآن وَالْفِقْه وَيجْبر الْمُسْتَأْجر على دفع مَا سمي وَيحبس بِهِ وعَلى الحلوة المرسومة وَلَا تصح إِجَارَة الْمشَاع

(1/533)


إلاّ فِي الشَّرِيك وَعِنْدَهُمَا تصح مُطلقًا وإنْ أجر دَارا من رجلَيْنِ صَحَّ اتِّفَاقًا وَيجوز

(1/535)


اسْتِئْجَار الظِّئْر بِأَجْر مَعْلُوم وَكَذَا بطعامها وكسوتها خلافًا لَهما وَعَلَيْهَا غسل الصَّبِي

(1/536)


وَغسل ثِيَابه وَإِصْلَاح طَعَامه ودَهنه لَا ثمن شَيْء مِنْهَا بل هُوَ على من نَفَقَته عَلَيْهِ فَإِن أَرْضَعَتْه فِي الْمدَّة بِلَبن شَاة أَو غذته بِطَعَام فَلَا أجر لَهَا. ولزوجها وَطْؤُهَا لَا فِي بَيت

(1/537)


الْمُسْتَأْجر وَله فَسخهَا إنْ لم تكن بِرِضَاهُ إنْ نِكَاحه ظَاهرا لَا إنْ أقرَّت بِهِ وَلأَهل الطِّفْل

(1/538)


فَسخهَا إِن مَرضت أَو حبلت وَفَسَد اسْتِئْجَار حائك لينسج لَهُ غزلاً ينصفه أَو حمارا ليحمل عَلَيْهِ طَعَاما يقفيز مِنْهُ أَو ثَوْر ليطحن لَهُ برا بقفيز من دقيقه، وَيجب أجر الْمثل فِي الْكل لَا يُجَاوز الْمُسَمّى وَإِن اسْتَأْجر ليخبز لَهُ الْيَوْم قَفِيزا بدرهم فسد خلافًا لَهما وَلَو قَالَ

(1/539)


فِي الْيَوْم صَحَّ اتِّفَاقًا وإنْ اسْتَأْجر أَرضًا على أَن يكربها ويزرعها أَو يسقيها ويزرعها صَحَّ

(1/540)


وعَلى أَن يثنيها أَو يكْرِي نهرها أَو يسرقنها لَا يَصح. وَكَذَا الِاسْتِئْجَار للزِّرَاعَة بزراعة وللركوب بركوب وللسكنى بسكنى وللبس وَإِن اسْتَأْجر شَرِيكه أَو حِمَاره لحمل طَعَام هُوَ لَهما لَا يلْزم الْأجر كراهن اسْتَأْجر الرَّهْن من الْمُرْتَهن وَإِن اسْتَأْجر أَرضًا وَلم يذكر أنَّه

(1/541)


يَزْرَعهَا أَو لم يبين مَا يَزْرَعهَا لَا يَصح إِن لم يعمم. فَإِن زَرعهَا وَمضى الْأَجَل عَاد صَحِيحا وَله الْمُسَمّى وَإِن اسْتَأْجر حمارا إِلَى مَكَّة وَلم يذكر ماي حمل عَلَيْهِ فَحمل الْمُعْتَاد فنفق لَا

(1/542)


يضمن وَإِن بلغ مَكَّة فَلهُ المسمي وَإِن اخْتَصمَا قبل الزَّرْع وَالْحمل ونقصت الْإِجَارَة للْفَسَاد.

(فصل)
الْأَجِير الْمُشْتَرك من يعْمل لغير وَاحِد وَلَا يسْتَحق الْأجر حَتَّى يعْمل كالصباغ والقصار وَالْمَتَاع فِي يَده أَمَانَة لَا يضمن إِن هلك وَإِن شَرط ضَمَانه بِهِ يُفْتِي وَعِنْدَهُمَا

(1/543)


يضمن إِن أمكن التَّحَرُّز مِنْهُ كالغصب وَالسَّرِقَة بِخِلَاف مَا لَا يُمكن كالموت والحريق الْغَالِب والعدو المكابر وَيضمن مَا تلف بِعَمَلِهِ اتِّفَاقًا مكتخريق الثَّوْب من دقه وزلق الْحمال وَانْقِطَاع الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ المكاري وغرق السَّفِينَة من مدها. لَكِن لَا يضمن بِهِ الْآدَمِيّ

(1/545)


مِمَّن غرق فِي السَّفِينَة أَو سقط من الدَّابَّة وَلَا يضمن فصاد وَلَا نزاغ لم يتَجَاوَز الْمُعْتَاد،

(1/546)


وَلَو انكسردن من طَرِيق الْفُرَات فللمالك أَن يضمنهُ قِيمَته فِي مَكَان حمله وَلَا أجر لَهُ أَو فِي مَكَان كَسره وَله الْأجر بِحِسَابِهِ والأجير الْخَاص من يعْمل لوَاحِد ويسمي أجِير وحد

(1/547)


وَيسْتَحق الْأجر بِتَسْلِيم نَفسه مدَّته كمن اُسْتُؤْجِرَ للْخدمَة سنة أَو لرعي الْغنم، وَلَا يضمن مَا تلف فِي يَده أَو بِعَمَلِهِ وَصَحَّ ترديد الْأَجِير بَين نفعين مُخْتَلفين وَأيهمَا وجد لزم مَا سمي

(1/548)


لَهُ نَحْو إنْ خطته فارسياً فبدرهم أَو رومياً فبدرهمين، وَإِن صيغته بعصفر فبدرهم وبزعفران فبدرهمين وَإِن كسنت فِي هَذِه الدَّار فبدرهم فِي الشَّهْر أَو فِي هَذِه فبدرهمين

(1/549)


وَإِن ركبتها إِلَى الْكُوفَة فبدرهم أَو إِلَى وَاسِط فبدرهمين وَكَذَا يَصح لَو ردّد بَين ثَلَاثَة لَا بَين أَرْبَعَة وَلَو قَالَ إِن خطته الْيَوْم فبدرهم أَو غَدا فنصفه فخاطه الْيَوْم فَلهُ الدِّرْهَم وإنْ خاطه غَدا فَلهُ أجر الْمثل لَا يجلاوز نصف دِرْهَم وَقَالا الشرطان جائزان وَلَو قَالَ إِن

(1/550)


سكنت هَذَا الْحَانُوت عطاراً فبدرهم أَو حداداً فبدرهمين جَازَ خلافًا لَهما وَكَذَا الْخلاف لَو قَالَ إنْ ذهبت بِهَذِهِ الدَّابَّة إِلَى الْحيرَة فبدرهم وَإِن جاوزتها إِلَى الْقَادِسِيَّة فبدرهمين، أَو قَالَ إنْ حملت عَلَيْهَا إِلَى الْحيرَة كرّ شعير فبدرهم وإنْ حملت كرّ بر فبدرهمين وَلَا يُسَافر بِعَبْد اسْتَأْجر، للْخدمَة بِلَا اشْتِرَاطه ولواستأجر عبدا مَحْجُورا فَعمل وَأخذ الْأجر لَا يسْتَردّهُ مِنْهُ وَلَو آجر العَبْد الْمَغْصُوب نَفسه فَأكل غاصبه أجره لَا يضمنهُ خلافًا لَهما، وَمَا

(1/551)


وجده سَيّده أَخذه وَقبض العَبْد أجره صَحِيح وَلَو آجر عَبده هذَيْن الشَّهْرَيْنِ شهرا بأَرْبعَة وشهراً بِخَمْسَة صَحَّ الأول بأَرْبعَة وَلَو اسْتَأْجر عبدا فابق أَو مرض فادَّعى وجوده أول

(1/552)


الْمدَّة وَالْمولى وجوده قبيل الْإِخْبَار بساعة حكم الْحَال فإنْ كَانَ حَاضرا أَو صَحِيحا صدق الْمولى وإلاّ فالمستأجر وَكَذَا الِاخْتِلَاف فِي انْقِطَاع مَاء الرَّحَى وجريانه وَلَو قَالَ رب الثَّوْب امْرَأَتك أَن تصبغه أَحْمَر فصبغه أصفر وَقَالَ الصَّانِع أَمرتنِي بِمَا صنعت صدق رب الثَّوْب. وَكَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْقَمِيص والقباء فَإِن حلف ضمن الصَّانِع قيمَة ثَوْبه غير

(1/553)


مَعْمُول وَلَا أجر لَهُ أَو أَخذ الثَّوْب وَأَعْطَاهُ أجر مثله وَلَا يُجَاوز بِهِ المسمي وإنْ قَالَ رب الثَّوْب عملت لي بِلَا أجر وَقَالَ الصَّانِع بِأَجْر فَالْقَوْل لرب الثَّوْب وَعند أبي يُوسُف للصانع إِن كَانَ حريفاً لَهُ وَعند مُحَمَّد للصانع إِن كَانَ مَعْرُوفا بِعَمَلِهِ بِالْأَجْرِ.

(بَاب فسخ الْإِجَارَة)
تفسخ بِعَيْب فَوت النَّفْع كخراب الدَّار وَانْقِطَاع مَاء الأَرْض أَو الرَّحَى أَو أخل بِهِ كَمَرَض

(1/554)


العَبْد ودبر الدَّابَّة، فَلَو انْتفع بِهِ معيبا أَو أَزَال الموجر عَيبه سقط خِيَاره وتفسخ بالعذر وَهُوَ

(1/555)


الْعَجز عَن الْمُضِيّ على مُوجب العقد إلاّ بتحمل ضَرَر غير مُسْتَحقّ بِهِ كقلع سنّ سكن وَجَعه بَعْدَمَا استوجر لَهُ وطبخ لوليمة مَاتَت عروسها بعد الاستيجار للطبخ لَهَا أَو اخْتلعت، وَكَذَا لَو اسْتَأْجر دكاناً ليتجر فَذهب مَاله أَو آجر شَيْئا فَلَزِمَهُ دين لَا يجد قَضَاءَهُ إلاَّ من ثمن مَا آجره وَلَو بِإِقْرَارِهِ أَو اسْتَأْجر عبدا للْخدمَة فِي الْمصر أَو مُطلقًا فسافر أَو

(1/556)


اكترى دَابَّة للسَّفر ثمَّ بدا لَهُ مِنْهُ وَلَو بدا للمكاري مِنْهُ فَلَيْسَ بِعُذْر وَلَو مرض فَهُوَ عذر فِي رِوَايَة الْكَرْخِي دون رِوَايَة الأَصْل وَلَو اسْتَأْجر خياط يعْمل لنَفسِهِ عبدا يخيط لَهُ فأفلس فَهُوَ عذر بِخِلَاف خياط يخيط بِالْأَجْرِ وَبِخِلَاف تَركه الْخياطَة ليعْمَل فِي الصّرْف وَبِخِلَاف

(1/557)


بيع مَا آجره. وَلَو اسْتَأْجر دكاناً ليعْمَل الْخياطَة فَتَركه لعمل آخر فعذر وَكَذَا لَو اسْتَأْجر

(1/558)


عقارا، ثمَّ أَرَادَ السّفر وتنفسخ بِمَوْت أحد الْعَاقِدين عقدهَا لنَفسِهِ فَإِن عقدهَا لغيره فَلَا كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيّ ومتولي الْوَقْف.

(1/559)


(مسَائِل منشورة)
وَلَو أحرق حصائد أَرض مستأجرة، أَو مستعارة فَاحْتَرَقَ شَيْء فِي أَرض غَيره لم يضمن إنْ كَانَت الرّيح هادئة مضطربة ضمن وَلَو أقعد خياط أَو صباغ فِي حانوته من

(1/560)


يطْرَح عَلَيْهِ الْعَمَل بالنصفع صَحَّ، وَكَذَا لَو اسْتَأْجر جملا يحمل عَلَيْهِ محملًا وراكبين إِلَى مَكَّة وَله الْمحمل الْمُعْتَاد بَين النَّاس وَالْقِيَاس أنْ لَا يجوز لجهالته وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وإنْ

(1/561)


شَاهد الْجمال الْمحمل فَهُوَ أَجود وإنْ اسْتَأْجرهُ لحمل زَاد فَأكل مِنْهُ فَلهُ رد عوضه وَلَو قَالَ لغاصب دَاره فرغها وإلاّ فأجرها كل شهر كَذَا فَلم يفرغ فَعَلَيهِ المسمي فَإِن جحد الْغَاصِب ملكه أَو لم يجْحَد لَكِن قَالَ لَا أريدها بِالْأَجْرِ فَلَا وإنْ برهن على ملكه بعد

(1/562)


جَحده وَمن آجر اسْتَأْجرهُ بِأَكْثَرَ يتَصَدَّق بِالْفَضْلِ وتصحّ الْإِجَارَة مُضَافَة وَكَذَا فَسخهَا والمزارعة والمعاملة وَالْمُضَاربَة وَالْوكَالَة وَالْكَفَالَة والإيصاء وَالْوَصِيَّة وَالْقَضَاء والإمارة

(1/563)


وَالطَّلَاق وَالْعِتْق وَالْوَقْف لَا البيع وإجازته وفسخه وَالْقِسْمَة وَالشَّرِكَة وَالْهِبَة وَالنِّكَاح وَالرَّجْعَة وَالصُّلْح عَن مَال وإبراء الدّين.

(1/564)