ملتقى
الأبحر (كتاب الْمكَاتب)
الْكِتَابَة تَحْرِير الْمَمْلُوك يدا فِي الْحَال ورقبة فِي الْمَآل فَمن
كَاتب مَمْلُوكه وَلَو صَغِيرا يعقل
(1/3)
بِمَال حَال مُؤَجل أَو فَقبل صحَّ وَكَذَا
لَو قَالَ جعلت عَلَيْك ألفا تُؤَدِّيه نجوماً أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا
كَذَا فَإِذا أديته فَأَنت حر وَإِن عجزت فقن فَقبل وَلَو قَالَ إِذا أدّيت
إليّ ألفا كل شهر مائَة فَأَنت حر فَهُوَ تَعْلِيق وَقيل مُكَاتبَة وَإِذا
صحت الْكِتَابَة خرج عَن يَد الْمولى دون ملكه
(1/5)
فَإِذا أتلف مَاله ضمنه وَكَذَا
الْمُكَاتبَة أَو جنى عَلَيْهَا أَو على وَلَدهَا وَإِن كَاتبه على قِيمَته
فَسدتْ فَإِن أَدَّاهَا عتق وَكَذَا تفْسد لَو كَاتبه على عين لغيره
يتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ أَو على مائَة وَيرد عَلَيْهِ عبدا غير معِين.
وَعند أبي يُوسُف تجوز وتقسم الْمِائَة على قيمَة الْمكَاتب
(1/6)
وَقِيمَة عبد وسط فَيسْقط قسط العَبْد
وَالْبَاقِي بدل الْكِتَابَة وَإِن كَاتب الْمُسلم بِخَمْر أَو خِنْزِير
فسد فَإِن أدّاه عتق وَلَزِمَه قيمَة نَفسه وَالْكِتَابَة على ميتَة أَو دم
بَاطِلَة فَلَا يعْتق بأَدَاء الْمُسَمّى وَتجب الْقيمَة فِي الْفَاسِدَة
وَلَا تنقص عَن الْمُسَمّى عَلَيْهِ وَصحت على حَيَوَان ذكر
(1/7)
جنسه فَقَط لَا وَصفه وَلزِمَ الْوسط أَو
قِيمَته وَصَحَّ كِتَابَة كَافِر عَبده الْكَافِر بِخَمْر مُقَدّر وَأي
أسلم فللسيد قيمتهَا وَعتق بأَدَاء عينهَا.
(بَاب تصرف الْمكَاتب)
لَهُ أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي ويسافر وَإِن شَرط عَدمه ويزوج أمته ويكاتب
عَبده فَإِن أدّى بعد
(1/8)
عتق الأول فولاؤه لَهُ وإنْ قبله فللسيد
وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَزَوَّج بِلَا إِذن وَلَا يهب وَلَو بعوض
(1/9)
وَلَا يتَصَدَّق إلاّ بِيَسِير وَلَا يكفل
وَلَا يقْرض وَلَا يعْتق وَلَو بِمَال وَلَا يُزَوّج عَبده وَلَا يَبِيعهُ
من نَفسه. وَالْأَب وَالْوَصِيّ فِي رَقِيق الصَّغِير كَالْمكَاتبِ وَلَا
يملك الْمَأْذُون شَيْئا من ذَلِك وَعند أبي يُوسُف لَهُ تَزْوِيج أمته
وعَلى هَذَا الْخلاف الْمضَارب وَالشَّرِيك وَإِن اشْترى الْمكَاتب قَرِيبه
ولاداً دخل فِي كِتَابَته وَلَو اشْترى ذَا رحم محرم غير الولاد لَا يدْخل
خلافًا لَهما وَإِن اشْترى أم وَلَده مَعَ وَلَدهَا دخل الْوَلَد فِي
الْكِتَابَة وَلَا تبَاع الْأُم وَإِن لم يكن مَعهَا
(1/10)
جَازَ بيعهَا خلافًا لَهما وَولده من أمته
يدْخل فِي كِتَابَته وَكَسبه لَهُ وَلَو زوج أمته من عَبده ثمَّ كاتبهما
فَولدت يدْخل الْوَلَد فِي كِتَابَة الْأُم وَكَسبه لَهَا وَلَو نكح مكَاتب
بِالْإِذْنِ امْرَأَة
(1/11)
زعمت أَنَّهَا حرَّة فَولدت فاستحقت فولدها
عبد، وَعند مُحَمَّد حر وَتُؤْخَذ مِنْهُ قِيمَته بعد عتقه وإنْ وَطْء
الْمكَاتب أمة بِملك بِغَيْر إِذن سَيّده فاستحقت أَخذ مِنْهُ عقرهَا فِي
الْحَال
(1/12)
وَكَذَا إنْ شراها فَاسِدا فَوَطِئَهَا
فَردَّتْ إِن وَطئهَا بِنِكَاح وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُ إِلَّا بعد عتقه.
وَمثله الْمَأْذُون فِي التِّجَارَة.
(1/13)
(فصل)
وَإِذا ولدت الْمُكَاتبَة من مَوْلَاهَا مَضَت على الْكِتَابَة أَو عجزت
نَفسهَا وَهِي أم وَلَده وَإِذا
(1/14)
مَضَت على الْكِتَابَة أخذت مِنْهُ عقرهَا
وَإِن مَاتَ الْمولى عتقت وَسقط عَنْهَا الْبَدَل وَإِن مَاتَت وَتركت
مَالا أدّيت مِنْهُ كتَابَتهَا وَمَا بَقِي مِيرَاث لابنها وَلَا يثبت نسب
من تلده بعده بِلَا دَعْوَة بل هُوَ مثلهَا فِي الحكم وَإِن كَاتب مدبره
أَو أم وَلَده صَحَّ فَإِن مَاتَ عتقت مجَّانا وَالْمُدبر يسْعَى فِي بدل
كِتَابَته أَو ثُلثي قِيمَته إِن كَانَ مُعسرا وَعند أبي يُوسُف يسْعَى فِي
الْأَقَل من الْبَدَل، أَو من ثُلثي قِيمَته وَعند مُحَمَّد يسْعَى فِي
الْأَقَل من ثُلثي الْبَدَل أَو من ثُلثي الْقيمَة وَإِن دبر مكَاتبه
(1/15)
صَحَّ وَمضى عَلَيْهَا أَو عجز نَفسه،
وَصَارَ مُدبرا فَإِن مضى عَلَيْهَا فَمَاتَ سَيّده مُعسرا يسْعَى فِي
ثُلثي الْبَدَل أَو فِي ثُلثي قِيمَته وَعِنْدَهُمَا يسْعَى فِي الْأَقَل
من ثُلثي كل مِنْهُمَا وَإِن أعتق مكَاتبه عتق وَسقط عَنهُ بدل الْكِتَابَة
وَإِن كُوتِبَ على ألف مُؤَجل فَصَالح على نصفه حَالا صَحَّ. وَإِن مَاتَ
مَرِيض كَاتب عبدا قِيمَته ألف على أَلفَيْنِ إِلَى سنة وَلَا مَال لَهُ
غَيره وَلم تجز الْوَرَثَة أدّى العَبْد ثُلثي الْبَدَل حَالا وَالْبَاقِي
إِلَى أَجله أَو رد رَقِيقا وَعند مُحَمَّد يُؤَدِّي
(1/16)
ثُلثي قِيمَته للْحَال وَالْبَاقِي إِلَى
أَجله أَو يرد رَقِيقا وَإِن كَاتبه على ألف وَقِيمَته أَلفَانِ وَلم
يجيزوا أدّى ثُلثي الْقيمَة للْحَال أَو رد إِلَى الرّقّ اتِّفَاقًا
وَمثلهَا البيع وَإِن كَاتب حر عَن عبد بِأَلف وأدّى عَنهُ عتق وَلَا يرجع
بِهِ عَلَيْهِ وإنْ قبل العَبْد فَهُوَ مكَاتب وَإِن كَاتب عبدا عَن
(1/17)
نَفسه وَعَن آخر غَائِب فَقبل صَحَّ
وَقبُول الْغَائِب وردّه لَغْو وَيُؤْخَذ الْحَاضِر بِكُل الْبَدَل وَلَا
يُؤْخَذ الْغَائِب بِشَيْء، وَأيهمَا أدّى أجبر الْمولى على الْقبُول
وعتقاً وَلَا يرجع أَحدهمَا على الآخر. وَكَذَا لَو كاتبهما مَعًا وَلَا
يعْتق أَحدهمَا بأَدَاء حِصَّته بِخِلَاف مَا لَو كَانَا لإثنين وَلَو
(1/18)
عجز أَحدهمَا ثمَّ أدّى الآخر الْكل عتقا
وَإِن كاتبت أمة عَنْهَا وَعَن صغيرين لَهَا جَازَ وَأي أدّى أجبر الْمولى
على الْقبُول وعتقوا وَلَا يرجع على غَيره.
(1/19)
(بَاب كِتَابَة العَبْد الْمُشْتَرك بَين
اثْنَيْنِ)
وَلَو أذن أحد شَرِيكَيْنِ فِي عبد للْآخر أَن يُكَاتب حِصَّته مِنْهُ
بِأَلف وَيقبض الْبَدَل فَفعل وَقبض الْبَعْض فعجز الْمكَاتب فالمقبوض
للقابض خَاصَّة وَقَالا بَينهمَا أمة لِرجلَيْنِ كاتباها فَأَتَت بِولد
فادعاء أَحدهمَا ثمَّ أَتَت بآخر فادّعاه الآخر فعجزت فَهِيَ أم ولد الأول
وَضمن
(1/20)
نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَضمن الثَّانِي
تَمام عقرهَا وَقِيمَة الْوَلَد وَهُوَ ابْنه وَأيهمَا دفع الْعقر
إِلَيْهَا قبل الْعَجز جَازَ وَعِنْدَهُمَا لَا يثبت نسب الْوَلَد من
الثَّانِي وَلَا يضمن قِيمَته وَحكمه كَأُمِّهِ وَيضمن تَمام الْعقر وَيضمن
الأول نصف قيمتهَا مُكَاتبَة عِنْد أبي يُوسُف
(1/21)
والأقل مِنْهُ وَمن نصف مَا بَقِي من
الْبَدَل عِنْد مُحَمَّد وَلَو لم يطَأ الثَّانِي بل دبرهَا فعجزت بَطل
التَّدْبِير وَهِي أم ولد الأول وَالْولد لَهُ وَضمن نصف قيمتهَا وَنصف
عقرهَا وَلَو أعْتقهَا أَحدهمَا مُوسِرًا فعجزت ضمن الْمُعْتق نصف قيمتهَا
وَيرجع بِهِ عَلَيْهَا خلافًا لَهما وإنْ لم تعجز وَعِنْدَهُمَا يضمن
الْمُوسر وَتجب السّعَايَة فِي الْمُعسر وَلَو دبَّر أحد الشَّرِيكَيْنِ،
ثمَّ أعتق الآخر مُوسِرًا ضمنه الْمُدبر أَو استسعى العَبْد أَو أعْتقهُ
وإنْ عكساً فالمدبر يعْتق أَو
(1/22)
يستسعى وَعِنْدَهُمَا إنْ دبر الأول ضمن
نصف قِيمَته مُوسِرًا أَو مُعسرا وَعتق الآخر لَغْو وإنْ أعتق الأول ضمن
لَو مُوسِرًا أَو استسعى العَبْد لَو مُعسرا وتدبير الآخر لَغْو لِأَن
الْإِعْتَاق لَا يتجزى فَعتق كُله.
(بَاب الْعَجز وَالْمَوْت)
إِذا عجز الْمكَاتب عَن نجم فَإِن رُجي لَهُ حُصُول مَال لَا يعجل
الْحَاكِم بتعجيزه ويمهل
(1/23)
يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَإِلَّا عَجزه
وَفسخ الْكِتَابَة إِن طلب سَيّده أَو عَجزه سَيّده بِرِضَاهُ وَعند أبي
يُوسُف لَا يعجز مَا لم يتوال عَلَيْهِ نجمان وَإِذا عجز عَادَتْ أَحْكَام
رقّه وَمَا فِي يَده لمَوْلَاهُ وَيحل لَهُ وَلَو أَصله من صَدَقَة وَإِن
مَاتَ عَن وَفَاء لَا تفسخ وَيُؤَدِّي بدلهَا من مَاله وَيحكم
(1/24)
بِعِتْقِهِ فِي آخر جُزْء من حَيَاته
وَيُورث مَا بَقِي من مَاله وَيعتق أَوْلَاده الَّذين شراهم أَو ولدُوا فِي
كِتَابَته أَو كوتبوا مَعَه تبعا أَو قصدا وَإِن لم يتْرك وَفَاء وَله ولد
ولد فِي كِتَابَته سعى على نجومه فَإِذا أدّى حكم بِعِتْقِهِ وَعتق أَبِيه
قبل مَوته وَالْولد المشرى. إمَّا أَن يُؤَدِّي حَالا، أَو
(1/25)
يرد فِي الرّقّ وَعِنْدَهُمَا هُوَ
كَالْأولِ وَإِن مَاتَ الْمكَاتب وَترك ولدا من حرَّة ودينا على النَّاس
فِيهِ وَفَاء فجنى الْوَلَد فَقضى بإرش الْجِنَايَة على عَاقِلَة الْأُم
لَا يكون ذَلِك قَضَاء بعجز الْمكَاتب وَإِن اخْتصم موَالِي الْأُم
وَالْأَب فِي ولائه فَقضى بِهِ لموَالِي الْأُم، فَهُوَ قَضَاء بعجزه وَلَو
جنى عبد فكاتبه سَيّده جَاهِلا بِجِنَايَتِهِ فعجز دفع أَو فدى وَكَذَا لَو
جنى
(1/26)
الْمكَاتب فعجز قبل الْقَضَاء بِهِ وَلَو
بَعْدَمَا قضى عَلَيْهِ بِهِ فَهُوَ دين وَيُبَاع فِيهِ وَلَا تَنْفَسِخ
الْكِتَابَة بِمَوْت السَّيِّد وَيُؤَدِّي الْبَدَل إِلَى ورثته على نجومه
فَإِن أعْتقهُ بَعضهم لَا ينفذ وَإِن أعتقوه كلهم عتق.
(1/27)
(كتاب الْوَلَاء)
الْوَلَاء لمن أعتق وَلَو بتدبير أَو استيلاد أَو كِتَابَة أَو وَصِيَّة
أَو ملك قريب ولغا شَرطه لغيره
(1/29)
أَو سائبة وَمن أعتق حَامِلا من زوج قن
فَولدت لأَقل من نصف سنة فولاء الْوَلَد لَهُ لَا ينْتَقل عَنهُ أبدا
وَكَذَا لَو ولدت توأمين أَحدهمَا لأَقل من نصفهَا وَإِن ولدت لأكْثر من
ذَلِك
(1/30)
فولاؤه لَهُ أَيْضا لَكِن إِن أعتق الْأَب
جَرّه إِلَى موَالِيه وَلَا يرجع الْأَولونَ عَلَيْهِم بِمَا عقلوا عَنهُ
قبل الْجَرّ وَلَو تزوج عجمي لَهُ مولى مُوالَاة أَو لَا مُعتقة فَولدت
مِنْهُ فولاء الْوَلَد
(1/31)
لمواليها، وَعند أبي يُوسُف حكمه حكم
أَبِيه وَالْمُعتق مقدم على ذَوي الْأَرْحَام مُؤخر عَن
(1/32)
الْعصبَة النسبية فَإِن مَاتَ السَّيِّد
ثمَّ الْمُعْتق فارثه لأَقْرَب عصبَة سَيّده فَيكون لِابْنِهِ دون أَبِيه
(1/33)
لَو اجْتمعَا وَعند أبي يُوسُف لِأَبِيهِ
السُّدس وَالْبَاقِي للِابْن وَعند اسْتِوَاء الْقرب تستوي الْقِسْمَة
وَلَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إلاّ مَا أعتق أَو أعتق من أعتقن من أعتقن
أَو كاتبن، أَو كَاتب من كاتبن الحَدِيث.
(1/34)
(فصل)
وَلَاء الْمُوَالَاة سَببه العقد فَلَو أسلم عجمي على يَد رجل ووالاه على
أَنه يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ أَو والى غير من أسلم على يَده صَحَّ إِن لم
يكن معتقاً وعقله عَلَيْهِ وَارثه لَهُ إِن لم يكن لَهُ وَارِث وَهُوَ
مُؤخر عَن ذَوي الْأَرْحَام وَمَا لم يعقل عَنهُ فَلهُ أَن يفسخه قولا
بِحَضْرَتِهِ وفعلاً مَعَ غيبته بِأَن ينْتَقل عَنهُ إِلَى غَيره وَبعد أَن
عقل عَنهُ، أَو عَن وَلَده لَا
(1/35)
يفسخه هُوَ وَلَا وَلَده وللأعلى أَيْضا
أَن يبرأ عَن ولائه بمحضره وَلَو أسلمت امْرَأَة فوالت أَو أقرَّت
بِالْوَلَاءِ فَولدت مَجْهُول النّسَب أَو كَانَ مَعهَا ولد صَغِير كَذَلِك
وتبعها فِيهِ خلافًا لَهما.
(1/36)
(كتاب الْإِكْرَاه)
هُوَ فعل يوقعه الْإِنْسَان بِغَيْرِهِ يفوت بِهِ رِضَاهُ أَو يفْسد
اخْتِيَاره مَعَ بَقَاء أَهْلِيَّته وَشَرطه
(1/38)
وقدرة الْمُكْره على إِيقَاع مَا هدد بِهِ
سُلْطَانا كَانَ أَو لصاً وَخَوف الْمُكْره وُقُوع ذَلِك وَكَونه مُمْتَنعا
قبله عَن فعل مَا أكره عَلَيْهِ لحقه أَو لحق آخر أَو لحق الشَّرْع وَكَون
الْمُكْره بِهِ متلفاً
(1/39)
نفسا أَو عضوا أَو مُوجبا عَمَّا يعْدم
الرضى فَلَو أكره على بيع أَو شِرَاء أَو إِجَارَة أَو إِقْرَار بقتل أَو
ضرب شَدِيد، أَو حبس مديد خيّر بَين الْفَسْخ والإمضاء ويملكه المُشْتَرِي
ملكا فَاسِدا إِن قَبضه، فَلَو أعتق صَحَّ إِعْتَاقه وَلَزِمَه قِيمَته
وَقبض الثّمن أَو تَسْلِيم الْمَبِيع طَوْعًا لَا
(1/40)
فعلهمَا كرها وَلَا دفع الْهِبَة طَوْعًا
بَعْدَمَا أكره عَلَيْهَا فَإِن هلك الْمَبِيع فِي يَد مشترٍ غير مكره
لزمَه قِيمَته وَللْبَائِع تضمين أَي شَاءَ من المكرِه وَالْمُشْتَرِي
فَإِن ضمن الْمُكْره رَجَعَ على
(1/41)
المُشْتَرِي بِقِيمَتِه، وَإِن ضمن
المُشْتَرِي بَعْدَمَا تداولته الْبياعَات نفذ كل شِرَاء وَقع بعد
شِرَائِهِ لاماً وَقع قبله وَإِن أجَاز عقدا مِنْهَا جَازَ مَا قبله أَيْضا
وَله اسْتِرْدَاده إِذا فسخ لَو بَاقِيا وَضرب سَوط، وَحبس يَوْم لَيْسَ
بإكراه إلاّ فِيمَن يستضربه لكَونه ذَا منصب وَإِن أكره على أكل ميتَة أَو
دم أَو لحم خِنْزِير، أَو شرب خمر بِضَرْب، أَو حبس، أَو قيد لَا يحل
التَّنَاوُل
(1/42)
وَإِن بقتل، أَو قطع عُضْو حل وَيَأْثَم
بصبره على التّلف إِن علم الْإِبَاحَة كَمَا فِي المخمصة وَإِن أكره على
الْكفْر، أَو سبّ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بقتل، أَو قطع
عُضْو رخص لَهُ إِظْهَاره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان، ويوجر بِالصبرِ على
التّلف وَلَا رخصَة بِغَيْرِهِمَا وَإِن أكره
(1/43)
على إِتْلَاف مَال مُسلم بِأَحَدِهِمَا رخص
لَهُ وَالضَّمان على الْمُكْره أَو على قَتله أَو قطع عضوه لَا يرخص فَإِن
فعل فالقصاص على الْمُكْره فَقَط وَعند أبي يُوسُف لَا قصاص على
(1/44)
أحد وَلَو أكره على أَن يتردى من جبل فَفعل
فديته على عاقله الْمُكْره، وَعند أبي يُوسُف تجب فِي مَاله وَعند مُحَمَّد
عَلَيْهِ الْقصاص وَلَو أكره بقتل على ترد أَو اقتحام نَار أَو مَاء وكل
مهلك فَلهُ الْخِيَار فِي الْإِقْدَام وَالصَّبْر وَقَالا يلْزمه الصَّبْر
وَلَو وَقعت نَار فِي سفينة إِن
(1/45)
صَبر احْتَرَقَ وَإِن ألْقى نَفسه غرق
فَلهُ الْخِيَار عِنْد الإِمَام وَعند مُحَمَّد يلْزمه الثَّبَات وإنْ أكره
على طَلَاق أَو عتاق أَو تَوْكِيل بهما فَفعل نفذ وَيرجع بِقِيمَة العَبْد
على الْمُكْره، وَكَذَا بِنصْف الْمهْر لَو الطَّلَاق قبل الدُّخُول وَلَا
رُجُوع لَو بعده وَصَحَّ يَمِين الْمُكْره ونذره
(1/46)
وظهاره وَلَا يرجع بِمَا غرم بِسَبَب ذَلِك
ورجعته وإلاؤه وفيئه فِيهِ وإسلامه لَكِن لَا قتل فِيهِ لَو ارْتَدَّ وَلَا
يَصح ابراؤه وَلَا ردته فَلَا تبين بهَا امْرَأَته فَإِن ادَّعَت تحقق مَا
أظهره وَادّعى إنَّ
(1/47)
قلبه مطمئن بِالْإِيمَان صدق وَلَو أكره
على الزناء فَفعل حد مَا لم يكرههُ السُّلْطَان وَعِنْدَهُمَا لَا حد
عَلَيْهِ وَبِه يُفْتِي.
(1/48)
|