ملتقى
الأبحر (كتاب الْمُزَارعَة)
هِيَ عقد على الزَّرْع بِبَعْض الْخَارِج وَهِي فَاسِدَة وَعِنْدَهُمَا
جَائِزَة وَبِه يُفْتِي. قَالَ الحصيري وَأَبُو حنيفَة هُوَ الَّذِي فرع
هَذِه الْمسَائِل على أُصُوله لعلمه إنَّ النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بقوله
(1/140)
وَيشْتَرط فِيهَا صَلَاحِية الأَرْض
للزَّرْع وأهلية الْعَاقِدين وَتَعْيِين الْمدَّة وربِّ الْبذر وجنسه
وَنصِيب الآخر والتخلية بَين الأَرْض وَالْعَامِل وَالشَّرِكَة فِي
الْخَارِج، فتفسد إنْ شَرط لأَحَدهمَا قفزان مُعينَة أَو مَا يخرج من
مَوضِع معِين كالماذيانات والسواقي أَو أَن يرفع
(1/141)
قدر الْبذر أَو الْخراج وَيقسم مَا يبقي
أَو أَن يكون التِّبْن لأَحَدهمَا وَالْحب للْآخر أَو يكون الْحبّ
بَينهمَا، والتبن لغير رب الْبذر أَو يكون التِّبْن بَينهمَا، وَالْحب
لأَحَدهمَا، وإنْ شَرط كَون الْحبّ بَينهمَا، والتبن لربِّ الْبذر أَو شَرط
دفع الْعشْر صحت. وإنْ لم يتَعَرَّض للتبن فَهُوَ بَينهمَا وَقيل لربِّ
الْبذر وَأجر الْحَصاد والرفاع والدياس والتذرية عَلَيْهِمَا
(1/142)
بالخصيص فإنْ شَرط على الْعَامِل فَسدتْ
وَعَن أبي يُوسُف أَنه يَصح وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَشَرطه
على ربِّ الأَرْض مُفسد اتِّفَاقًا وَمَا قبل الْإِدْرَاك كالسقي
وَالْحِفْظ فَهُوَ على الْمزَارِع وإنْ لم يشْتَرط وَإِذا كَانَ الْبذر
وَالْأَرْض لأَحَدهمَا، وَالْعَمَل وَالْبَقر للْآخر أَو الأَرْض
لأَحَدهمَا والبقية للْآخر أَو الْعَمَل لأَحَدهمَا والبقية للْآخر صحت،
وإنْ كَانَت الأَرْض وَالْبَقر لأَحَدهمَا، وَالْبذْر وَالْعَمَل للْآخر
بطلت، وَكَذَا لَو كَانَ الْبذر وَالْبَقر
(1/143)
لأَحَدهمَا وَالْأَرْض وَالْعَمَل للْآخر
أَو الْبذر لأَحَدهمَا وَالْبَاقِي للْآخر وَإِذا صحت فالخارج على الشَّرْط
وإنْ لم يخرج شَيْء فَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ وَمن أَبى عَن الْمُضِيّ بعد
العقد أجبر إلاَّ ربِّ الْبذر وَإِن فَسدتْ فالخارج لربِّ الْبذر وَللْآخر
أجر مثل عمله أَو أرضه وَلَا يُزَاد على مَا شَرط خلافًا لمُحَمد، وَإِن
فَسدتْ لكَون الأَرْض وَالْبَقر فَقَط لأَحَدهمَا لزم أجر مثلهمَا
(1/144)
هُوَ الصَّحِيح وَإِذا فَسدتْ وَالْبذْر
لربِّ الأَرْض فالخارج كُله حل لَهُ وإنْ لِلْعَامِلِ تصدق بِمَا فضل عَن
قدر بذره وَأُجْرَة الأَرْض وَإِذا أَبى رب الْبذر عَن الْمُضِيّ، وَقد كرب
الْعَامِل الأَرْض فَلَا شَيْء لَهُ حكما ويسترضي ديانَة وَتبطل
الْمُزَارعَة بِمَوْت أَحدهمَا وتفسخ بالإعذار كَالْإِجَارَةِ فتفسخ إنْ
لزم دين محوج إِلَى البيع الأَرْض قبل نَبَات الزَّرْع لَا بعده مَا لم
يحصد، وَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ إِن كَانَ كرب الأَرْض أَو حفر النَّهر،
وإنْ تمت مدَّتهَا قبل
(1/145)
إِدْرَاك الزَّرْع فعلى الْعَامِل أجر مثل
حِصَّته من الأَرْض حَتَّى يدْرك وَنَفَقَة الزَّرْع عَلَيْهِمَا بِقدر
حصصهما، وَأيهمَا أنْفق بِغَيْر إِذن الآخر، وَلَا أَمر قاضٍ فَهُوَ
مُتَبَرّع وَلَيْسَ لربِّ الأَرْض أَخذ الزَّرْع بقلاً وإنْ أَرَادَ
الْمزَارِع ذَلِك، قيل لربِّ الأَرْض اقلع الزَّرْع ليَكُون بَيْنكُمَا أَو
أعْطه قيمَة نصِيبه أَو أنْفق أَنْت على الزَّرْع وارجع فِي حِصَّته، وَلَو
مَاتَ رب الأَرْض وَالزَّرْع يقل فعلى الْعَامِل الْعَمَل إِلَى أَن يدْرك
وإنْ مَاتَ الْعَامِل فَقَالَ وَارثه أَنا
(1/146)
أعمل إِلَى أَن يستحصد فَلهُ ذَلِك وإنْ
أَبى ربُّ الأَرْض.
(1/147)
(كتاب الْمُسَاقَاة)
هيَّ دفع الشّجر وَهِي كالمزارعة حكما وَخِلَافًا وشروطاً إلاَّ الْمدَّة
فإنَّها تصح بِلَا ذكرهَا
(1/148)
وَتَقَع على أول ثَمَرَة تخرج وَفِي
الرّطبَة على إِدْرَاك بذرها وَلَو دفع نخيلاً أَو أصُول رطبَة ليقوم
عَلَيْهَا أَو أطلق فِي الرّطبَة فَسدتْ ويفسدها ذكر مُدَّة لَا يخرج
الثَّمر فِيهَا وإنْ احْتمل خُرُوجهَا وَعَدَمه جَازَت فَإِن خرج فِيهَا
فعلى الشَّرْط وإنْ تَأَخّر عَنْهَا فَسدتْ وَالْعَامِل أجر مثله. وَكَذَا
كل مَوضِع فَسدتْ فِيهِ وَإِن لم يخرج شَيْء فَلَا شَيْء لَهُ، وَتَصِح
الْمُسَاقَاة فِي
(1/149)
النّخل وَالْكَرم وَالشَّجر والرطاب وأصول
الباذنجان، فَإِن كَانَ فِي الشّجر ثَمَر إنْ كَانَ يزِيد بِالْعَمَلِ صحت
وإلاَّ فَلَا، وَكَذَا فِي الْمُزَارعَة لَو دفع أَرضًا فِيهَا بقل وَمَا
قبل الْإِدْرَاك كالسقي والتلقيح وَالْحِفْظ فعلى الْعَامِل وَمَا بعده
كالجذاذ وَالْحِفْظ فعلَيْهِمَا وَلَو شَرط على الْعَامِل فَسدتْ
اتِّفَاقًا وَتبطل بِمَوْت أَحدهمَا فإنْ كَانَ الثَّمر خاماً عِنْد
الْمَوْت أَو تَمام
(1/150)
الْمدَّة يقوم الْعَاقِل أَو وَارثه
عَلَيْهِ وإنْ أَبى الدَّافِع أَو ورثته فإنْ أَرَادَ الْعَامِل أَو وَارثه
صرمه بسراً خير الآخر أَو وَارثه بَين أنْ يقسموه على الشَّرْط ويدفعوا
قيمَة نصِيبه أَو ينفقوا وَيرجع كَمَا فِي الْمُزَارعَة وَلَا تفسخ بِلَا
عذر، وَمرض الْعَامِل إِذا عجز عَن الْعَمَل عذر وَكَذَا كَونه سَارِقا
يخَاف مِنْهُ على الثَّمر أَو السعف وَلَو دفع فضاء مُدَّة مَعْلُومَة لمن
يغْرس لتَكون الأَرْض وَالشَّجر بَينهمَا لَا يَصح وَالشَّجر لربِّ الأَرْض
وللغارس قيمَة غرسه وَعَمله.
(1/151)
|