الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع

فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم
وَجَمعهَا المُصَنّف فِي هَذَا الْفَصْل لتناسبها فِي سُقُوط كل مِنْهَا بِمُضِيِّ الزَّمَان وَوُجُوب الْكِفَايَة من غير تَقْدِير
ثمَّ شرع فِي الْقسم الأول وَهُوَ نَفَقَة الْقَرِيب وَالْمرَاد بِهِ الأَصْل وَالْفرع فَقَالَ (وَنَفَقَة الْوَالِدين) من ذُكُور وإناث الْأَحْرَار (و) نَفَقَة (المولودين) كَذَلِك بخفض مَا قبل عَلامَة الْجمع فِيهَا كل مِنْهُمَا (وَاجِبَة) على الْفُرُوع لِلْأُصُولِ وَبِالْعَكْسِ بِشَرْطِهِ الْآتِي
وَالْأَصْل فِي الأول من جِهَة الْأَب وَالأُم قَوْله تَعَالَى {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} اي وَمن الْمَعْرُوف الْقيام بكفايتهما عِنْد حاجتهما وَخبر أطيب مَا يَأْكُل الرجل من كَسبه وَولده من كَسبه فَكُلُوا من أَمْوَالهم رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ
قَالَ ابْن الْمُنْذر وَأَجْمعُوا على أَن نَفَقَة الْوَالِدين اللَّذين لَا كسب لَهما وَلَا مَال وَاجِبَة فِي مَال الْوَلَد والأجداد والجدات ملحقون بهما إِن لم يدخلُوا فِي عُمُوم ذَلِك
كَمَا ألْحقُوا بهما فِي الْعتْق بِالْملكِ وَعدم الْقود ورد الشَّهَادَة وَغَيرهَا
وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} اي إِذْ إِيجَاب الْأُجْرَة لإرضاع الْأَوْلَاد يَقْتَضِي إِيجَاب مؤنتهم
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ والأحفاد ملحقون بالأولاد إِن لم يتناولهم إِطْلَاق مَا تقدم وَلَا يضر فِيمَا ذكر اخْتِلَاف الدّين فَيجب على الْمُسلم مِنْهُمَا نَفَقَة الْكَافِر الْمَعْصُوم وَعَكسه لعُمُوم الْأَدِلَّة ولوجود الْمُوجب وَهُوَ البعضية كَالْعِتْقِ ورد الشَّهَادَة
فَإِن قيل هلا كَانَ ذَلِك كالميراث
أُجِيب بِأَن الْمِيرَاث مَبْنِيّ على الناصرة وَهِي مفقودة عِنْد اخْتِلَاف الدّين وَخرج بالأصول وَالْفُرُوع وَغَيرهمَا من سَائِر الْأَقَارِب كالأخ وَالْأُخْت وَالْعم والعمة وبالأحرار الأرقاء فَإِن لم يكن الرَّقِيق مبعضا وَلَا مكَاتبا
فَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فَهِيَ على سَيّده وَإِن كَانَ منفقا فَهُوَ أَسْوَأ حَالا من الْمُعسر
والمعسر لَا تجب عَلَيْهِ نَفَقَة قريبَة وَأما الْمبعض فَإِن كَانَ منفقا فَعَلَيهِ نَفَقَة تَامَّة لتَمام ملكه فَهُوَ كحر الْكل وَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فتبعض نَفَقَته على الْقَرِيب

(2/480)


وَالسَّيِّد بِالنِّسْبَةِ لما فِيهِ من رق وحرية وَأما الْمكَاتب فَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فَلَا تلْزم قَرِيبه نَفَقَته لبَقَاء أَحْكَام الرّقّ عَلَيْهِ بل نَفَقَته من كَسبه فَإِن عجز نَفسه فعلى سَيّده
وَإِن كَانَ منفقا فَلَا تجب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهلا للمواساة
وَخرج بالمعصوم غَيره من مُرْتَد وحربي
فَلَا تجب نَفَقَته إِذْ لَا حُرْمَة لَهُ
القَوْل فِي شُرُوط نَفَقَة الْأُصُول ثمَّ ذكر المُصَنّف شرطين آخَرين بقوله (فَأَما الوالدون فَتجب نَفَقَتهم) على الْفُرُوع (بِشَرْطَيْنِ) أَي بِأحد شرطين (الْفقر والزمانة) وَهِي بِفَتْح الزَّاي الِابْتِلَاء والعاهة (أَو الْفقر وَالْجُنُون) لتحَقّق الِاحْتِيَاج حِينَئِذٍ فَلَا تجب للْفُقَرَاء الأصحاء وَلَا للْفُقَرَاء الْعُقَلَاء إِن كَانُوا ذَوي كسب لِأَن الْقُدْرَة بِالْكَسْبِ كالقدرة بِالْمَالِ فَإِن لم يَكُونُوا ذَوي كسب وَجَبت نَفَقَتهم على الْفَرْع
على الْأَظْهر فِي الرَّوْضَة
وزوائد الْمِنْهَاج
لِأَن الْفَرْع مَأْمُور بمعاشرة أَهله بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفه الْكسْب مَعَ كبر السن
وكما يجب الإعفاف وَيمْتَنع الْقصاص
ثمَّ ذكر شُرُوطًا زَائِدَة على مَا تقدم فِي المولودين بقوله (وَأما المولودون فَتجب نَفَقَتهم) على الْأُصُول
(بِثَلَاثَة شَرَائِط) أَي بِوَاحِد مِنْهَا
(الْفقر والصغر) لعجزهم
(أَو الْفقر والزمانة أَو الْفقر وَالْجُنُون) لتحَقّق احتياجهم فَلَا تجب للبالغين إِن كَانُوا ذَوي كسب قطعا وَكَذَا إِن لم يَكُونُوا على الْمَذْهَب وَسَوَاء فِيهِ الابْن وَالْبِنْت كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة
تَنْبِيه لم يتَعَرَّض المُصَنّف لاشْتِرَاط الْيَسَار فِيمَن تجب عَلَيْهِ مِنْهُمَا لوضوحه وَالْمُعْتَبر فِي نَفَقَة الْقَرِيب الْكِفَايَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذي مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي وولدك بِالْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهَا تجب على سَبِيل الْمُوَاسَاة لدفع الْحَاجة الناجزة
وَيعْتَبر حَاله فِي سنه وزهادته ورغبته وَيجب إشباعه كَمَا صرح بِهِ ابْن يُونُس
وَيجب لَهُ الْأدم كَمَا يجب لَهُ الْقُوت وَيجب لَهُ مُؤنَة خَادِم إِن احتاجه مَعَ كسْوَة وسكنى لائقين بِهِ
وَأُجْرَة طَبِيب وَثمن أدوية وَالنَّفقَة وَمَا ذكر مَعهَا إمتاع تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان وَإِن تعدى الْمُنفق بِالْمَنْعِ
لِأَنَّهَا وَجَبت لدفع الْحَاجة الناجزة وَقد زَالَت بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة فَإِنَّهَا مُعَاوضَة
وَحَيْثُ قُلْنَا بسقوطها لَا تصير دينا فِي ذمَّته إِلَّا باقتراض قَاض بِنَفسِهِ أَو مأذونه لغيبة أَو منع أَو نَحْو ذَلِك
كَمَا لَو نفى الْأَب الْوَلَد فأنفقت عَلَيْهِ أمه ثمَّ اسْتَلْحقهُ فَإِن الْأُم ترجع عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ
وَكَذَا لَو لم يكن هُنَاكَ حَاكم واستقرضت الْأُم على الْأَب وأشهدت فَعَلَيهِ قَضَاء مَا استقرضته أما إِذا لم تشهد فَلَا رُجُوع لَهَا وَنَفَقَة الْحَامِل لَا تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان وَإِن جعلنَا النَّفَقَة للْحَمْل لِأَن الزَّوْجَة لما كَانَت هِيَ الَّتِي تنْتَفع بهَا فَكَانَت كنفقتها وللقريب أَخذ نَفَقَته من مَال قَرِيبه عِنْد امْتِنَاعه إِن وجد جِنْسهَا
وَكَذَا إِن لم يجده فِي الْأَصَح وَله الاستقراض إِن لم يجد لَهُ مَالا وَعجز عَن القَاضِي وَيرجع إِن أشهد كجد الطِّفْل الْمُحْتَاج وَأَبوهُ غَائِب مثلا وَللْأَب وَالْجد أَخذ النَّفَقَة من مَال فرعهما الصَّغِير أَو الْمَجْنُون بِحكم الْولَايَة وَلَهُمَا إيجاره لَهَا لما يطيقه من الْأَعْمَال وَلَا تأخذها الْأُم من مَاله إِذا وَجَبت نَفَقَتهَا عَلَيْهِ وَلَا الابْن من مَال أَصله الْمَجْنُون فيولي القَاضِي الابْن

(2/481)


الزَّمن إِجَارَة أَبِيه الْمَجْنُون إِذا صلح لصنعة لنفقته وَيجب على الْأُم إِرْضَاع وَلَدهَا اللبأ
وَهُوَ بهمز وَقصر اللَّبن النَّازِل أول الْولادَة لِأَن الْوَلَد لَا يعِيش بِدُونِهِ غَالِبا أَو أَنه لَا يقوى وَلَا تشتد بنيته إِلَّا بِهِ
ثمَّ بعد إرضاعه للبأ
إِن لم يُوجد إِلَّا الْأُم أَو أَجْنَبِيَّة وَجب على الْمَوْجُود مِنْهُمَا إرضاعه إبْقَاء للْوَلَد وَلها طلب الْأُجْرَة من مَاله إِن كَانَ لَهُ مَال وَإِلَّا فَمن تلْزمهُ نَفَقَته وَإِن وجدت الْأُم والأجنبية لم تجبر الْأُم وَإِن كَانَت فِي نِكَاح أَبِيه على إرضاعه
لقَوْله تَعَالَى {وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى} اي وَإِذا امْتنعت حصل التعاسر فَإِن رغبت فِي إرضاعه وَهِي مَنْكُوحَة أبي الرَّضِيع فَلَيْسَ لَهُ منعهَا مَعَ وجود غَيرهَا كَمَا صَححهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن فِيهِ إِضْرَارًا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أشْفق ولبنها لَهُ أصلح وَلَا تزاد نَفَقَتهَا للإرضاع وَإِن احْتَاجَت فِيهِ إِلَى زِيَادَة الْغذَاء لِأَن قدر النَّفَقَة لَا يخْتَلف بِحَال الْمَرْأَة وحاجتها
القَوْل فِي نَفَقَة الرَّقِيق والبهائم ثمَّ شرع فِي الْقسمَيْنِ الآخرين
وهما نَفَقَة الرَّقِيق والبهائم بقوله (وَنَفَقَة الرَّقِيق والبهائم وَاجِبَة) بِقدر الْكِفَايَة أما الرَّقِيق فلخبر للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف من الْعَمَل مَا لَا يُطيق فيكفيه طَعَاما وأدما وَتعْتَبر كِفَايَته فِي نَفسه زهادة ورغبة وَإِن زَادَت على كِفَايَة مثله غَالِبا وَعَلِيهِ كِفَايَته كسْوَة وَكَذَا سَائِر مؤنه وَيجب على السَّيِّد شِرَاء مَاء طَهَارَته إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ
وَكَذَا شِرَاء تُرَاب تيَمّمه إِن احْتَاجَ وَنَصّ فِي الْمُخْتَصر على وجوب إشباعه
وَإِن كَانَ رَقِيقه كسوبا أَو مُسْتَحقّا مَنَافِعه بِوَصِيَّة أَو غَيرهَا أَو أعمى زَمنا أَو مُدبرا أَو مُسْتَوْلدَة أَو مُسْتَأْجرًا أَو معارا أَو آبقا لبَقَاء الْملك فِي الْجَمِيع
ولعموم لخَبر السَّابِق نعم الْمكَاتب وَلَو فَاسد الْكِتَابَة لَا يجب لَهُ شَيْء من ذَلِك على سَيّده
لاستقلاله بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا تلْزمهُ نَفَقَة أرقائه نعم إِن عجز نَفسه وَلم يفْسخ السَّيِّد الْكِتَابَة فَعَلَيهِ نَفَقَته وَهِي مَسْأَلَة عزيزة النَّقْل فاستفدها وَكَذَا الْأمة الْمُزَوجَة حَيْثُ أَوجَبْنَا نَفَقَتهَا على الزَّوْج
وَلَا يجب على الْمَالِك الْكِفَايَة الْمَذْكُورَة من جنس طَعَامه وَكسوته بل من غَالب قوت رَقِيق الْبَلَد من قَمح وشعير وَنَحْو ذَلِك
وَمن غَالب أدمهم من نَحْو زَيْت وَسمن وَمن غَالب كسوتهم من نَحْو قطن وصوف لخَبر الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ للمملوك نَفَقَته وَكسوته بِالْمَعْرُوفِ قَالَ وَالْمَعْرُوف عندنَا الْمَعْرُوف لمثله بِبَلَدِهِ ويراعى حَال السَّيِّد فِي يسَاره وإعساره وَينْفق عَلَيْهِ الشريكان بِقدر مليكهما وَلَا يَكْفِي ستر الْعَوْرَة لرقيقه وَإِن لم يتأذ بَحر وَلَا برد لما فِيهِ من الإذلال والتحقير هَذَا ببلادنا
كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ وَغَيره وَأما بِبِلَاد السودَان وَنَحْوهَا فَلهُ ذَلِك كَمَا فِي الْمطلب وَتسقط نَفَقَة الرَّقِيق بِمُضِيِّ الزَّمَان فَلَا تصير دينا عَلَيْهِ إِلَّا باقتراض القَاضِي أَو إِذْنه فِيهِ واقتراض كَنَفَقَة الْقَرِيب بِجَامِع وجوبهما بالكفاية وَيبِيع القَاضِي فِيهَا مَا لَهُ إِن امْتنع أَو غَابَ لِأَنَّهُ حق وَاجِب عَلَيْهِ
فَإِن فقد المَال أمره القَاضِي بِبيعِهِ أَو إِجَارَته أَو إِعْتَاقه دفعا للضَّرَر فَإِن لم يفعل أجره القَاضِي فَإِن لم يَتَيَسَّر إِجَارَته بَاعه فَإِن لم يشتره أحد أنْفق عَلَيْهِ من بَيت المَال
وَأما غير الرَّقِيق من الْبَهَائِم جمع بَهِيمَة سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم وَهِي كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ كل ذَات أَربع من دَوَاب الْبر وَالْبَحْر اه
وَفِي مَعْنَاهَا كل حَيَوَان مُحْتَرم فَيجب عَلَيْهِ عَلفهَا وسقيها لحُرْمَة الرّوح
وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرة حبستها لَا هِيَ أطعمتها وَلَا هِيَ أرسلتها تَأْكُل من خشَاش لأرض بِفَتْح الْخَاء وَكسرهَا أَي هوامها وَالْمرَاد بكفاية الدَّوَابّ وصولها لأوّل الشِّبَع والري دون غايتهما وَخرج بالمحترم غَيره كالفواسق الْخمس
فَلَا يلْزمه عَلفهَا بل يخليها وَلَا يجوز لَهُ حَبسهَا لتَمُوت جوعا لخَبر إِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة فَإِن امْتنع الْمَالِك مِمَّا ذكر وَله مَال أجْبرهُ الْحَاكِم فِي الْحَيَوَان الْمَأْكُول على أحد ثَلَاثَة أُمُور بيع لَهُ أَو نَحوه
مِمَّا يَزُول ضَرَره بِهِ
أَو علف أَو ذبح وأجبر فِي غَيره على أحد أَمريْن بيع أَو علف وَيحرم ذبحه للنَّهْي عَن ذبح الْحَيَوَان إِلَّا لأكله فَإِن لم يفعل مَا أمره الْحَاكِم بِهِ نَاب عَنهُ فِي ذَلِك على مَا يرَاهُ ويقتضيه الْحَال فَإِن لم يكن لَهُ مَال بَاعَ الْحَاكِم الدَّابَّة أَو جُزْءا مِنْهَا أَو إِكْرَاها عَلَيْهِ فَإِن تعذر ذَلِك فعلى بَيت المَال كفايتها

(2/482)


(وَلَا يكلفون) أَي لَا يجوز لمَالِك الرَّقِيق والبهائم أَن يكلفهم
(من الْعَمَل مَا لَا يُطِيقُونَ) الدَّوَام عَلَيْهِ لوُرُود النَّهْي عَنهُ فِي الرَّقِيق فِي صَحِيح مُسلم وَهُوَ للتَّحْرِيم وَقيس عَلَيْهِ الْبَهَائِم بِجَامِع حُصُول الضَّرَر
قَالَ فِي الرَّوْضَة لَا يجوز للسَّيِّد تَكْلِيف رَقِيقه من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق الدَّوَام عَلَيْهِ
فَلَا يجوز أَن يكلفه عملا يقدر عَلَيْهِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ يعجز عَنهُ
وَقَالَ أَيْضا يحرم عَلَيْهِ تَكْلِيفه الدَّابَّة مَا لَا تُطِيقهُ من ثقيل الْحمل أَو إدامة السّير أَو غَيرهم وَقَالَ فِي الزَّوَائِد يحرم تحميلها مَا لَا تطِيق الدَّوَام عَلَيْهِ يَوْمًا أَو نَحوه كَمَا سبق فِي الرَّقِيق
تَتِمَّة لَا يحلب الْمَالِك من لبن دَابَّته مَا يضر وَلَدهَا لِأَنَّهُ غذاؤه كَوَلَد الْأمة وَإِنَّمَا يحلب مَا فضل عَن ري وَلَدهَا وَله أَن يعدل بِهِ إِلَى لبن غير أمه إِن استمرأه وَإِلَّا فَهُوَ أَحَق بِلَبن أمه وَلَا يجوز الْحَلب إِذا كَانَ يضر بالبهيمة لقلَّة عَلفهَا وَلَا ترك الْحَلب أَيْضا إِذا كَانَ يَضرهَا فَإِن لم يَضرهَا كره للإضاعة وَيسن أَن لَا يستقصى الحالب فِي الْحَلب بل يدع فِي الضَّرع شَيْئا وَأَن يقص أَظْفَاره لِئَلَّا يؤذيها وَيحرم جز الصُّوف من أصل الظّهْر وَنَحْوه وَكَذَا حلقه لما فيهمَا من تَعْذِيب الْحَيَوَان قَالَه الْجُوَيْنِيّ وَيجب على مَالك النَّحْل أَن يبقي لَهُ شَيْئا من الْعَسَل فِي الكوارة بِقدر حَاجته إِن لم يكفه غَيره
وَإِلَّا فَلَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك قَالَ الرَّافِعِيّ وَقد قيل يشوي لَهُ دجَاجَة ويعلقها بِبَاب الكوارة فيأكل مِنْهَا وعَلى مَالك دود القز علفه بورق توت أَو تخليته كُله لِئَلَّا يهْلك بِغَيْر فَائِدَة وَيُبَاع فِيهِ مَاله كالبهيمة وَيجوز تجفيفه بالشمس عِنْد حُصُول نواله
وَإِن أهلكه لحُصُول فَائِدَته كذبح الْحَيَوَان الْمَأْكُول وَخرج بِمَا فِيهِ روح مَا لَا روح فِيهِ كقناة وَدَار لَا يجب على الْمَالِك عمارتهما فَإِن ذَلِك تنمية لِلْمَالِ وَلَا يجب على الْإِنْسَان ذَلِك وَلَا يكره تَركهَا إِلَّا إِذا أدّى إِلَى الخراب فَيكْرَه لَهُ

فصل فِي النَّفَقَة
وَالنَّفقَة على قسمَيْنِ نَفَقَة تجب للْإنْسَان على نَفسه
إِذا قدر عَلَيْهَا وَعَلِيهِ أَن يقدمهَا على نَفَقَة غَيره لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابدأ بِنَفْسِك ثمَّ بِمن تعول وَنَفَقَة تجب على الْإِنْسَان لغيره
قَالَ الشَّيْخَانِ وَأَسْبَاب وُجُوبهَا ثَلَاثَة النِّكَاح والقرابة وَالْملك وَأورد على الْحصْر فِي هَذِه الثَّلَاثَة صور مِنْهَا الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة المنذوران فَإِن نفقتهما على النَّاذِر وَالْمهْدِي مَعَ انْتِقَال الْملك فيهمَا للْفُقَرَاء وَمِنْهَا نصيب الْفُقَرَاء بعد الْحول وَقبل الْإِمْكَان تجب نَفَقَته على الْمَالِك وَقدم المُصَنّف الْقسمَيْنِ الْأَخيرينِ
ثمَّ شرع فِي الْقسم الأول بقوله (وَنَفَقَة الزَّوْجَة الممكنة من نَفسهَا وَاجِبَة) بالتمكين التَّام لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ}

(2/483)


وَخبر اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ
رَوَاهُ مُسلم وَلِأَنَّهَا سلمت مَا ملك عَلَيْهَا فَيجب مَا يُقَابله من الْأُجْرَة لَهَا وَالْمرَاد بِالْوُجُوب اسْتِحْقَاقهَا يَوْمًا بِيَوْم كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَو حصل التَّمْكِين فِي أثْنَاء الْيَوْم فَالظَّاهِر وُجُوبهَا بِالْقِسْطِ وَهل التَّمْكِين سَبَب أَو شَرط فِيهِ وَجْهَان أوجههمَا الثَّانِي فَلَا تجب بِالْعقدِ
لِأَنَّهُ يُوجب الْمهْر وَهُوَ لَا يُوجب عوضين مُخْتَلفين وَلِأَنَّهَا مَجْهُولَة وَالْعقد لَا يُوجب مَالا مَجْهُولا وَلِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَهِي بنت سِتّ سِنِين وَدخل بهَا بعد سنتَيْن وَلم ينْقل أَنه أنْفق عَلَيْهَا قبل الدُّخُول وَلَو كَانَ حَقًا لَهَا لساقه إِلَيْهَا وَلَو وَقع لنقل فَإِن لم تعرض عَلَيْهِ زَوجته مُدَّة مَعَ سكُوتهَا عَن طلبَهَا وَلم تمْتَنع فَلَا نَفَقَة لَهَا لعدم التَّمْكِين وَلَو عرضت عَلَيْهِ وَهِي بَالِغَة عَاقِلَة مَعَ حُضُوره فِي بَلَدهَا كَأَن بعثت إِلَيْهِ تخبره إِنِّي مسلمة نَفسِي إِلَيْك فاختر أَن آتِيك حَيْثُ شِئْت أَو تَأتي إِلَيّ وَجَبت نَفَقَتهَا من حِين بُلُوغ الْخَبَر لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مقصر فَإِن غَابَ عَن بَلَدهَا قبل عرضهَا عَلَيْهِ وَرفعت الْأَمر إِلَى الْحَاكِم مظهرة لَهُ التَّسْلِيم كتب الْحَاكِم لحَاكم بلد الزَّوْج يُعلمهُ بِالْحَال فَيَجِيء أَو يُوكل فَإِن لم يفعل شَيْئا من الْأَمريْنِ وَمضى زمن إِمْكَان وُصُوله فَرضهَا القَاضِي فِي مَاله من حِين إِمْكَان وُصُوله
وَالْعبْرَة فِي زَوْجَة مَجْنُونَة ومراهقة عرض وليهما على أزواجهما لِأَن الْوَلِيّ هُوَ الْمُخَاطب بذلك وَلَو اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِين فَقَالَت مكنت فِي وَقت كَذَا فَأنْكر وَلَا بَينه صدق بِيَمِينِهِ لِأَن الأَصْل عَدمه
(وَهِي) أَي نَفَقَة الزَّوْجَة (مقدرَة) على الزَّوْج بِحَسب حَاله ثمَّ (إِن كَانَ الزَّوْج) حرا (مُوسِرًا فمدان) عَلَيْهِ لزوجته وَلَو أمة وكتابية من الْحبّ
(من غَالب قوتها) أَي غَالب قوت بَلَدهَا من حِنْطَة أَو شعير أَو تمر أَو غَيرهَا
المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُور بهَا قِيَاسا على الْفطْرَة وَالْكَفَّارَة فالتعبير بِالْبَلَدِ جري على الْغَالِب
(وَيجب) لَهَا مَعَ ذَلِك (من الْأدم) مَا جرت بِهِ الْعَادة من أَدَم غَالب الْبَلَد كزيت وشيرج وَسمن وزبد وتمر وخل لقَوْله تَعَالَى {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} حَتَّى يجب الأقط فِي حق أهل

(2/484)


الْبَوَادِي والقرى الَّذين يعتادونه لِأَنَّهُ من وَلَيْسَ من المعاشرة تكليفها الصَّبْر على الْخبز وَحده إِذْ الطَّعَام غَالِبا لَا يساغ إِلَّا بِالْأدمِ وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} اي الْخبز وَالزَّيْت وَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الْخبز وَالسمن وَيخْتَلف قدر الْأدم بالفصول الْأَرْبَعَة فَيجب لَهَا فِي كل فصل
مَا يعتاده النَّاس من الْأدم قَالَ الشَّيْخَانِ وَقد تغلب الْفَاكِهَة فِي أَوْقَاتهَا فَتجب وَيقدر الْأدم عِنْد تنَازع الزَّوْجَيْنِ فِيهَا قَاض بِاجْتِهَادِهِ إِذْ لَا تَوْقِيف فِيهِ من جِهَة الشَّرْع ويفاوت فِي قدره بَين مُوسر وَغَيره فَينْظر فِي جنس الْأدم
وَمَا يحتاح إِلَيْهِ الْمَدّ فيفرضه على الْمُعسر ويضاعفه للموسر ويوسطه فيهمَا للمتوسط
وَيجب لَهَا عَلَيْهِ لحم يَلِيق بيساره وتوسطه وإعساره كعادة الْبَلَد وَلَو كَانَت عَادَتهَا أَن تَأْكُل الْخبز وَحده وَجب لَهَا عَلَيْهِ الْأدم وَلَا نظر لعادتها لِأَنَّهُ حَقّهَا
القَوْل فِي أصل تَقْدِير النَّفَقَة (و) يجب لَهَا عَلَيْهِ من (الْكسْوَة) لفصلي الشتَاء والصيف (مَا جرت بِهِ الْعَادة) لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} وَلما روى التِّرْمِذِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حَدِيث وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن وَلَا بُد أَن تكون الْكسْوَة تكفيها للْإِجْمَاع على أَنه لَا يَكْفِي مَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم وتختلف كفايتها بِطُولِهَا وقصرها وسمنها وهزالها وباختلاف الْبِلَاد فِي الْحر وَالْبرد وَلَا يخْتَلف عدد الْكسْوَة باخْتلَاف يسَار الزَّوْج وإعساره ولكنهما يؤثران فِي الْجَوْدَة والرداءة وَلَا فرق بَين البدوية والحضرية وَيجب لَهَا عَلَيْهِ فِي كل سِتَّة أشهر قَمِيص وَسَرَاويل وخمار ومكعب
وَيزِيد الزَّوْج زَوجته على ذَلِك فِي الشتَاء جُبَّة محشوة قطنا أَو فَرْوَة بِحَسب الْعَادة لدفع الْبرد وَيجب لَهَا أَيْضا تَوَابِع ذَلِك من كوفية للرأس وتكة للباس وزر الْقَمِيص والجبة وَنَحْوهمَا وجنس الْكسْوَة من قطن لِأَنَّهُ لِبَاس أهل الدّين وَمَا زَاد عَلَيْهِ ترفه ورعونة
فَإِن جرت عَادَة الْبَلَد لمثل الزَّوْج بكتان أَو حَرِير وَجب مَعَ وجوب التَّفَاوُت فِي مَرَاتِب ذَلِك الْجِنْس بَين الْمُوسر وَغَيره عملا بِالْعَادَةِ وَيجب لَهَا عَلَيْهِ مَا تقعد عَلَيْهِ كزلية أَو لبد فِي الشتَاء أَو حَصِير فِي الصَّيف وَهَذَا لزوجة الْمُعسر
أما زَوْجَة الْمُوسر فَيجب لَهَا نطع فِي الصَّيف وطنفسة فِي الشتَاء وَهِي بِسَاط صَغِير ثخين لَهُ وبرة كَبِيرَة وَيجب لَهَا عَلَيْهِ فرَاش للنوم غير مَا تفرشه نَهَارا للْعَادَة الْغَالِبَة وَيجب لَهَا عَلَيْهِ مخدة ولحاف أَو كسَاء فِي الشتَاء فِي بلد بَارِد وَمِلْحَفَة بدل اللحاف أَو الكساء فِي الصَّيف
(وَإِن كَانَ) الزَّوْج (مُعسرا فَمد) وَاحِد (من غَالب) قوت محلهَا كَمَا مر
على مَا مر بَيَانه
(وَإِن كَانَ) الزَّوْج حرا (متوسطا) بَين الْيَسَار والإعسار (فَمد وَنصف) أَي وَنصف مد من غَالب قوت محلهَا كَمَا مر (و) يجب لَهَا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك (من الْأدم) قدرا وجنسا على مَا مر بَيَانه (و) من (الْكسْوَة الْوسط) فِي كل مِنْهُمَا على مَا مر بَيَانه وَاحْتَجُّوا لأصل التَّفَاوُت بقوله تَعَالَى {لينفق} (و) يجب لَهَا مَعَ ذَلِك (مَا يتأدم بِهِ المعسرون

(2/485)


ويكسونه) قدرا وجنسا {ذُو سَعَة من سعته} وَاعْتبر الْأَصْحَاب النَّفَقَة بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا مَال يجب بِالشَّرْعِ ويستقر فِي الذِّمَّة وَأكْثر مَا وَجب فِي الْكَفَّارَة لكل مِسْكين مدان وَذَلِكَ فِي كَفَّارَة الْأَذَى فِي الْحَج وَأَقل مَا وَجب لَهُ مد فِي نَحْو كَفَّارَة الظِّهَار فأوجبوا على الْمُوسر الْأَكْثَر وَهُوَ مدان لِأَنَّهُ قدر الْمُوسر وعَلى الْمُعسر الْأَقَل وَهُوَ مد لِأَن الْمَدّ الْوَاحِد يَكْتَفِي بِهِ الزهيد ويقتنع بِهِ الرغيب وعَلى الْمُتَوَسّط مَا بَينهمَا لِأَنَّهُ لَو ألزم الْمَدِين لضره وَلَو اكْتفى مِنْهُ بِمد لضرها فَلَزِمَهُ مد وَنصف
والمعسر هُنَا مِسْكين الزَّكَاة لَكِن قدرته على الْكسْب لَا تخرجه عَن الْإِعْسَار فِي النَّفَقَة وَإِن كَانَت تخرجه عَن اسْتِحْقَاق سهم الْمَسَاكِين فِي الزَّكَاة وَمن فَوق الْمِسْكِين إِن كَانَ لَو كلف إِنْفَاق مَدين رَجَعَ مِسْكينا فمتوسط وَإِن لم يرجع مِسْكينا فموسر
وَيخْتَلف ذَلِك بالرخص والغلاء وَقلة الْعِيَال وكثرتهم أما من فِيهِ رق وَلَو مكَاتبا ومبعضا وَإِن كثر مَاله فمعسر لضعف ملك الْمكَاتب وَنقص حَال الْمبعض وَعدم ملك غَيرهمَا
وَلَو اخْتلف قوت الْبَلَد وَلَا غَالب فِيهِ أَو اخْتلف الْغَالِب وَجب لَائِق بِالزَّوْجِ لَا بهَا فَلَو كَانَ يَأْكُل فَوق اللَّائِق بِهِ تكلفا لم يُكَلف ذَلِك أَو دونه بخلا أَو زهدا وَجب اللَّائِق بِهِ
وَيعْتَبر الْيَسَار وَغَيره من توَسط وإعسار بِطُلُوع الْفجْر فِي كل يَوْم اعْتِبَارا بِوَقْت الْوُجُوب حَتَّى لَو أيسر بعده أَو أعْسر لم يتَغَيَّر حكم نَفَقَة ذَلِك الْيَوْم هَذَا إِذا كَانَت مُمكنَة حِين طُلُوع الْفجْر أما الممكنة بعده فَيعْتَبر الْحَال عقب تمكينها وَعَلِيهِ تمليكها الطَّعَام حبا سليما وَعَلِيهِ مُؤنَة طحنه وعجنه وخبزه ببذل مَال أَو يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ فَإِن غلب غير الْحبّ كتمر وَلحم وأقط فَهُوَ الْوَاجِب لَيْسَ غير لَكِن عَلَيْهِ مُؤنَة اللَّحْم وَمَا يطْبخ بِهِ كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَلَو طلب أَحدهمَا بدل الْحبّ خبْزًا أَو قِيمَته لم يجْبر الْمُمْتَنع مِنْهُمَا لِأَنَّهُ غير الْوَاجِب فَإِن اعتاضت عَمَّا وَجب لَهَا نَقْدا أَو غَيره من الْعرُوض جَازَ إِلَّا خبْزًا ودقيقا أَو نَحْوهمَا من الْجِنْس
فَلَا يجوز لما فِيهِ من الرِّبَا
وَلَو أكلت مَعَ الزَّوْج على الْعَادة سَقَطت نَفَقَتهَا على الْأَصَح لجَرَيَان الْعَادة بِهِ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعده من غير نزاع وَلَا إِنْكَار وَلم ينْقل أَن امْرَأَة طالبت بِنَفَقَة بعده إِلَّا أَن تكون الزَّوْجَة غير رَشِيدَة كصغيرة أَو سَفِيهَة بَالِغَة وَلم يَأْذَن فِي أكلهَا مَعَه وَليهَا فَلَا تسْقط نَفَقَتهَا بأكلها مَعَه وَيكون الزَّوْج مُتَطَوعا وَيجب للزَّوْجَة على زَوجهَا آلَة تنظيف من الأوساخ الَّتِي تؤذيها وَذَلِكَ كمشط ودهن يسْتَعْمل فِي ترجيل شعرهَا
وَمَا يغسل بِهِ الرَّأْس من سدر أَو خطمي على حسب الْعَادة ومرتك وَنَحْوه لدفع صنان إِذا لم ينْدَفع بِدُونِهِ كَمَاء وتراب وَلَا يجب لَهَا عَلَيْهِ كحل وَلَا طيب وَلَا خضاب وَلَا مَا تتزين بِهِ
فَإِن هيأه لَهَا وَجب عَلَيْهَا اسْتِعْمَاله وَلَا يجب لَهَا عَلَيْهِ دَوَاء مرض وَلَا أجره طَبِيب وحاجم وَنَحْو ذَلِك كفاصد وخاتن لِأَن ذَلِك لحفظ الأَصْل وَيجب لَهَا طَعَام أَيَّام الْمَرَض وأدمها لِأَنَّهَا محبوسة عَلَيْهِ وَلها صرفه فِي الدَّوَاء وَنَحْوه
وَيجب لَهَا أُجْرَة حمام بِحَسب الْعَادة إِن كَانَ عَادَتهَا دُخُوله للْحَاجة إِلَيْهِ عملا بِالْعرْفِ وَذَلِكَ فِي كل شهر مرّة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
لتخرج من دنس الْحيض الَّذِي يكون فِي كل شهر مرّة غَالِبا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيّ أَن ينظر فِي ذَلِك لعادة مثلهَا

(2/486)


وَيخْتَلف باخْتلَاف الْبِلَاد حرا وبردا
وَيجب لَهَا ثمن مَاء غسل جماع ونفاس من الزَّوْج إِن احْتَاجَت لشرائه لَا مَاء غسل من حيض واحتلام إِذْ لَا صنع مِنْهُ وَيجب لَهَا آلَات أكل وَشرب وآلات طبخ كَقدْر وقصعة وكوز وجرة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا غنى لَهَا عَنهُ كمغرفة وَمَا تغسل فِيهِ ثِيَابهَا
وَيجب لَهَا عَلَيْهِ تهيئة مسكن لِأَن الْمُطلقَة يجب لَهَا ذَلِك لقَوْله تَعَالَى {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم} فالزوجة أولى وَلَا بُد أَن يكون الْمسكن يَلِيق بهَا عَادَة لِأَنَّهَا لَا تملك الِانْتِقَال مِنْهُ وَلَا يشْتَرط فِي الْمسكن كَونه ملكه
(وَإِن كَانَت) تِلْكَ الزَّوْجَة (مِمَّن يخْدم مثلهَا) بِأَن كَانَت مِمَّن تخْدم فِي بَيت أَبِيهَا لكَونهَا لَا يَلِيق بهَا خدمَة نَفسهَا (فَعَلَيهِ إخدامها) لِأَنَّهُ من المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ وَذَلِكَ إِمَّا بحرة أَو أمة لَهُ أَو لَهَا
أَو مستأجرة أَو بِالْإِنْفَاقِ على من صحبتهَا من حرَّة أَو أمة لخدمة لحُصُول الْمَقْصُود بِجَمِيعِ ذَلِك
وَسَوَاء فِي وجوب الإخدام مُوسر ومتوسط ومعسر ومكاتب وَعبد كَسَائِر الْمُؤَن لِأَن ذَلِك من المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُور بهَا فَإِن أخدمها الزَّوْج بحرة أَو أمة بِأُجْرَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ غير الْأُجْرَة وَإِن أخدمها بأمته أنْفق عَلَيْهَا بِالْملكِ وَإِن أخدمها بِمن صحبتهَا حرَّة كَانَت أَو أمة لزمَه نَفَقَتهَا وفطرتها
فَائِدَة الْخَادِم يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى وَفِي لُغَة قَليلَة يُقَال للْأُنْثَى خادمة وجنس طَعَام الْخَادِم جنس طَعَام الزَّوْجَة
وَقد مر وَهُوَ مد على الْمُعسر جزما وعَلى الْمُتَوَسّط الْأَصَح قِيَاسا على الْمُعسر وعَلى الْمُوسر مد وَثلث على النَّص
وَأقرب مَا قيل فِي تَوْجِيهه أَن نَفَقَة الْخَادِم على الْمُتَوَسّط مد وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة وَالْمدّ وَالثلث على الْمُوسر وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة
وَالْمدّ وَالثلث على الْمُوسر وَهُوَ ثلثا نَفَقَة المخدومة وَيجب للخادم أَيْضا كسْوَة تلِيق بِحَالهِ وَلَو على متوسط ومعسر وَلَا يجب لَهُ سَرَاوِيل لِأَنَّهُ للزنية وَكَمَال السّتْر وَيجب لَهُ الْأدم لِأَن الْعَيْش لَا يتم بِدُونِهِ وجنسه جنس أَدَم المخدومة وَلَكِن نَوعه دون نَوعه على الْأَصَح
وَمن تخْدم نَفسهَا فِي الْعَادة لَهَا أَن تتَّخذ خَادِمًا وتنفق عَلَيْهِ من مَالهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا
كَمَا فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا
فَإِن احْتَاجَت حرَّة كَانَت أَو أمة إِلَى خدمَة لمَرض بهَا أَو زمانة وَجب إخدامها لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ فَأَشْبَهت من لَا يَلِيق بهَا خدمَة نَفسهَا بل أولى لِأَن الْحَاجة أقوى مِمَّا نقص من الْمُرُوءَة وَلَا إخدام حَال الصِّحَّة لزوجة رقيقَة الْكل أَو الْبَعْض لِأَن الْعرف أَن تخْدم نَفسهَا وَإِن كَانَت جميلَة
تَنْبِيه يجب فِي الْمسكن وَالْخَادِم إمتاع لَا تمْلِيك
لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط كَونهمَا ملكه وَيجب فِيمَا يستهلك لعدم بَقَاء عينه كطعام وأدم تمْلِيك فتتصرف فِيهِ الْحرَّة بِمَا شَاءَت أما الْأمة فَإِنَّمَا يتَصَرَّف فِي ذَلِك سَيِّدهَا
فَلَو قترت بعد قبض نَفَقَتهَا بِمَا يَضرهَا منعهَا زَوجهَا من ذَلِك وَمَا دَامَ نَفعه مَعَ بَقَاء عينه ككسوة وفرش وظروف طَعَام وشراب وآلات تنظيف ومشط تمْلِيك فِي الْأَصَح
وتعطى الزَّوْجَة الْكسْوَة أول فصل شتاء وَأول فصل صيف لقَضَاء الْعرف بذلك هَذَا إِذا وَافق النِّكَاح أول الْفَصْل وَإِلَّا وَجب إعطاؤها فِي أول كل سِتَّة أشهر من حِين الْوُجُوب فَإِن أَعْطَاهَا الْكسْوَة أول فصل مثلا ثمَّ تلفت فِيهِ بِلَا تَقْصِير مِنْهَا لم تبدل لِأَنَّهُ وفاها مَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ إِذا تلفت فِي يَدهَا
فَإِن مَاتَ أَو أَبَانهَا بِطَلَاق أَو غَيره أَو مَاتَت فِي أثْنَاء فصل لم ترد وَلَو لم يكس الزَّوْج مُدَّة فدين عَلَيْهِ
وَالْوَاجِب فِي الْكسْوَة الثِّيَاب لَا قيمتهَا وَعَلِيهِ خياطتها وَلها بيعهَا لِأَنَّهَا ملكهَا وَلَو لبست دونهَا منعهَا لِأَن لَهُ غَرضا فِي تجملها
القَوْل فِي الْإِعْسَار بِنَفَقَة الزَّوْجَة (وَإِن أعْسر) الزَّوْج (بنفقتها) الْمُسْتَقْبلَة لتلف مَاله مثلا فَإِن صبرت بهَا وأنفقت على نَفسهَا من مَالهَا أَو مِمَّا فَإِن لم تصبر
(فلهَا فسخ النِّكَاح) بِالطَّرِيقِ الْآتِي لقَوْله تَعَالَى {فإمساك بِمَعْرُوف} أَو اقترضته صَار دينا عَلَيْهِ وَإِن لم يقرضها القَاضِي كَسَائِر الدُّيُون المستقرة {تَسْرِيح بِإِحْسَان}

(2/487)


فَإِذا عجز عَن الأول تعين الثَّانِي وَلِأَنَّهَا إِذا فسخت بالجب أَو الْعنَّة فبالعجز عَن النَّفَقَة أولى لِأَن الْبدن لَا يقوم بِدُونِهَا بِخِلَاف الْوَطْء
أما لَو أعْسر بِنَفَقَة مَا مضى فَلَا فسخ على الْأَصَح وَلَا فسخ أَيْضا بالإعسار بِنَفَقَة الْخَادِم وَلَا بامتناع مُوسر من الْإِنْفَاق سَوَاء أحضر أم غَابَ عَنْهَا لتمكنها من تَحْصِيل حَقّهَا بالحاكم وَلَو حضر الزَّوْج وَغَابَ مَاله فَإِن كَانَ غَائِبا بمسافة الْقصر فَأكْثر فلهَا الْفَسْخ وَلَا يلْزمهَا الصَّبْر للضَّرَر فَإِن كَانَ دون مَسَافَة الْقصر فَلَا فسخ لَهَا
وَيُؤمر بإحضاره بِسُرْعَة وَلَو تبرع شخص بهَا عَن زوج مُعسر لم يلْزمهَا الْقبُول بل لَهَا الْفَسْخ لما فِيهِ من الْمِنَّة نعم لَو كَانَ الْمُتَبَرّع أَبَا أَو جدا وَالزَّوْج تَحت حجره وَجب عَلَيْهَا الْقبُول وقدرة الزَّوْج على الْكسْب كالقدرة على المَال وَإِنَّمَا تفسخ الزَّوْجَة بعجز الزَّوْج عَن نَفَقَة مُعسر فَلَو عجز عَن نَفَقَة مُوسر أَو متوسط لم تفسخ لِأَن نَفَقَته الْآن نَفَقَة مُعسر فَلَا يصير الزَّائِد دينا عَلَيْهِ والإعسار بالكسوة كالإعسار بِالنَّفَقَةِ إِلَّا إِذا لَا بُد مِنْهَا وَلَا يبْقى الْبدن بِدُونِهَا غَالِبا وَلَا تفسخ بإعساره من الْأدم والمسكن لِأَن النَّفس تقوم بدونهما بِخِلَاف الْقُوت (و) كَذَلِك يثبت لَهَا خِيَار الْفَسْخ (إِن أعْسر بِالصَّدَاقِ قبل الدُّخُول) للعجز عَن تَسْلِيم الْعِوَض مَعَ بَقَاء المعوض فَأشبه مَا إِذا لم يقبض البَائِع الثّمن حَتَّى حجر على المُشْتَرِي بالفلس وَالْمَبِيع بَاقٍ بِعَيْنِه وَلَا تفسخ بعده لتلف المعوض وصيرورة الْعِوَض دينا فِي الذِّمَّة
تَنْبِيه لَو قبضت بعض الْمهْر قبل الدُّخُول كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد وأعسر بِالْبَاقِي كَانَ لَهَا الْفَسْخ كَمَا أفتى بِهِ الْبَارِزِيّ وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام المُصَنّف لصدق الْعَجز عَن الْمهْر بِالْعَجزِ عَن بعضه
وَبِه صرح الْجَوْزِيّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيّ هُوَ الْأَوْجه نقلا وَمعنى وَإِن أفتى ابْن الصّلاح بِأَنَّهُ لَا فسخ إِذْ يلْزم على إفتائه إِجْبَار الزَّوْجَة على تَسْلِيم نَفسهَا بِتَسْلِيم بعض الصَدَاق
وَلَو أجبرت لاتخذ الْأزْوَاج ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى إبِْطَال حق الْمَرْأَة من حبس نَفسهَا بِتَسْلِيم دِرْهَم وَاحِد من صدَاق هُوَ ألف دِرْهَم وَهُوَ فِي غَايَة الْبعد
تَتِمَّة لَا فسخ بإعسار زوج بِشَيْء مِمَّا ذكر حَتَّى يثبت عِنْد قَاض بعد الرّفْع إِلَيْهِ إِعْسَاره بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار فيفسخه بِنَفسِهِ أَو بنائبه بعد الثُّبُوت أَو يَأْذَن لَهَا فِيهِ
وَلَيْسَ لَهَا مَعَ علمهَا بِالْعَجزِ الْفَسْخ قبل الرّفْع إِلَى القَاضِي وَلَا بعده قبل الْإِذْن فِيهِ
نعم إِن عجزت عَن الرّفْع إِلَى القَاضِي وفسخت نفذ ظَاهرا وَبَاطنا للضَّرُورَة ثمَّ على ثُبُوت الْفَسْخ بإعسار الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ يجب إمهاله ثَلَاثَة أَيَّام وَإِن لم يطْلب الزَّوْج الْإِمْهَال ليتَحَقَّق عَجزه فَإِنَّهُ قد يعجز لعَارض ثمَّ يَزُول وَهِي مُدَّة قريبَة يتَوَقَّع فِيهَا الْقُدْرَة بقرض أَو غَيره
وَلها خُرُوج فِيهَا لتَحْصِيل نَفَقَة مثلا بكسب وسؤال وَعَلَيْهَا رُجُوع لمسكنها لَيْلًا لِأَنَّهُ وَقت الدعة
وَلَيْسَ لَهَا مَنعه من التَّمَتُّع ثمَّ بعد الْإِمْهَال يفْسخ القَاضِي أَو هِيَ بِإِذْنِهِ صَبِيحَة الرَّابِع نعم إِن لم يكن فِي النَّاحِيَة قَاض وَلَا مُحكم فَفِي الْوَسِيط لَا خلاف فِي استقلالها بِالْفَسْخِ فَإِن سلم نَفَقَة الْيَوْم الرَّابِع فَلَا فسخ لتبين زَوَال مَا كَانَ الْفَسْخ لأَجله
فَإِن أعْسر بَعْدَمَا سلم نَفَقَة الْيَوْم الرَّابِع بِنَفَقَة الْخَامِس بنت على الْمدَّة وَلم تستأنفها كَمَا لَو أيسر فِي الثَّالِث ثمَّ أعْسر فِي الرَّابِع فَإِنَّهَا تبني وَلَا تسْتَأْنف وَلَو رضيت قبل النِّكَاح أَو بعده بإعساره

(2/488)


فلهَا الْفَسْخ لِأَن الضَّرَر يَتَجَدَّد وَلَا أثر لقولها رضيت بِهِ أبدا لِأَنَّهُ وعد لَا يلْزم الْوَفَاء بِهِ إِلَّا إِن رضيت بإعساره بِالْمهْرِ فَلَا فسخ لَهَا لِأَن الضَّرَر لَا يَتَجَدَّد

فصل فِي الْحَضَانَة
وَهِي بِفَتْح الْحَاء لُغَة الضَّم مَأْخُوذَة من الحضن بِكَسْرِهَا
وَهُوَ الْجنب لضم الحاضنة الطِّفْل إِلَيْهِ وَشرعا تربية من لَا يسْتَقلّ بأموره بِمَا يصلحه ويقيه عَمَّا يضرّهُ وَلَو كَبِيرا مَجْنُونا كَأَن يتعهده بِغسْل جسده وثيابه ودهنه وكحله وربط الصَّغِير فِي المهد وتحريكه لينام
وَهِي نوع ولَايَة وسلطنة
لَكِن الْإِنَاث أليق بهَا لِأَنَّهُنَّ أشْفق وَأهْدى إِلَى التربية وأصبر على الْقيام بهَا
الْحق بحضانة الْوَلَد وأولاهن أم كَمَا قَالَ (وَإِذا فَارق الرجل زَوجته) بِطَلَاق أَو فسخ أَو لعان (وَله مِنْهَا ولد) لَا يُمَيّز ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى (فَهِيَ أَحَق بحضانته) لوفور شفقتها ثمَّ بعد الْأُم أُمَّهَات لَهَا وارثات
وَإِن علت الْأُم تقدم الْقُرْبَى فالقربى فأمهات أَب كَذَلِك وَخرج بالوارثات غَيْرهنَّ وَهِي من أدلت بِذكر بَين أنثيين كَأُمّ أبي أم فأخت لِأَنَّهَا أقرب من الْخَالَة فخالة لِأَنَّهَا تدلى بِالْأُمِّ فبنت أُخْت فبنت أَخ كالأخت مَعَ الْأَخ فعمة وَتقدم أُخْت وَخَالَة وعمة لِأَبَوَيْنِ عَلَيْهِنَّ لأَب لزِيَادَة قرابتهن وَتقدم أُخْت وَخَالَة وعمة لأَب عَلَيْهِنَّ لأم لقُوَّة لجِهَة
فرع لَو كَانَ للمحضون بنت قدمت فِي الْحَضَانَة عِنْد عدم الْأَبَوَيْنِ على الْجدَّات أَو زوج يُمكن تمتعه بهَا قدم ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى على كل الْأَقَارِب وَالْمرَاد بتمتعه بهَا وَطْؤُهُ لَهَا فَلَا بُد أَن تُطِيقهُ وَإِلَّا فَلَا تسلم إِلَيْهِ
كَمَا صرح بِهِ ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ وَتثبت

(2/489)


الْحَضَانَة لأنثى قريبَة غير محرم لم تدل بِذكر غير وَارِث كَبِنْت خَالَة وَبنت عمَّة وَلذكر قريب وَارِث محرما كَانَ كأخ أَو غير محرم كَابْن عَم لوفور شفقته وَقُوَّة قرَابَته بِالْإِرْثِ وَالْولَايَة وَيزِيد الْمحرم بالمحرمية بترتيب ولَايَة النِّكَاح وَلَا تسلم مشتهاة لغير محرم حذرا من الْخلْوَة الْمُحرمَة بل تسلم لثقة يعينها هُوَ كبنته
وَإِن اجْتمع ذُكُور وإناث قدمت الْأُم فأمهاتها
وَإِن علت فأب فأمهاته
وَإِن علا لما مر وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب من الْحَوَاشِي ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى فَإِن اسْتَويَا قربا قدمت الْأُنْثَى لِأَن الْإِنَاث أَصْبِر وَأبْصر فَإِن اسْتَويَا ذكورة أَو أنوثة قدم بِقرْعَة من خرجت قرعته على غَيره وَالْخُنْثَى هُنَا كالذكر فَلَا يقدم على الذّكر فَلَو ادّعى الْأُنُوثَة صدق بِيَمِينِهِ
(ثمَّ) الْمُمَيز (يُخَيّر ندبا) بَين أَبَوَيْهِ إِن صلحا للحضانة بِالشُّرُوطِ الْآتِيَة وَلَو فضل أَحدهمَا الآخر دينا أَو مَالا أَو محبَّة
(فَأَيّهمَا اخْتَارَهُ سلم إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه
والغلامة كالغلام فِي الانتساب وَلِأَن الْقَصْد بِالْكَفَالَةِ الْحِفْظ للْوَلَد والمميز أعرف بحفظه فَيرجع إِلَيْهِ
وَسن التَّمْيِيز غَالِبا سبع سِنِين أَو ثَمَان تَقْرِيبًا وَقد يتَقَدَّم على السَّبع وَقد يتَأَخَّر عَن الثمان
فمداره عَلَيْهِ لَا على السن قَالَ ابْن الرّفْعَة وَيعْتَبر فِي تَمْيِيزه أَن يكون عَارِفًا بِأَسْبَاب الِاخْتِيَار
وَإِلَّا أخر إِلَى حُصُول ذَلِك وَهُوَ موكول إِلَى اجْتِهَاد القَاضِي وَيُخَير أَيْضا بَين أم وَإِن علت وجد أَو غَيره من الْحَوَاشِي كأخ أَو عَم أَو ابْنه كَالْأَبِ بِجَامِع الْعُصُوبَة كَمَا يُخَيّر بَين أَب وَأُخْت لغير أَب أَو خَالَة كالأم وَله بعد اخْتِيَار أَحدهمَا تحول للْآخر وَإِن تكَرر مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد يظْهر لَهُ الْأَمر على خلاف مَا ظَنّه أَو يتَغَيَّر حَال من اخْتَارَهُ قيل نعم إِن غلب على الظَّن أَن سَبَب تكرره قلَّة تَمْيِيزه ترك عِنْد من يكون عِنْده قبل التَّمْيِيز فَإِن اخْتَار الْأَب ذكر لم يمنعهُ زِيَارَة أمه وَلَا يكلفها الْخُرُوج لزيارته لِئَلَّا يكون ساعيا فِي العقوق وَقطع الرَّحِم
وَهُوَ أولى مِنْهَا بِالْخرُوجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَة وَهل هَذَا على سَبِيل الْوُجُوب أَو الِاسْتِحْبَاب قَالَ فِي الْكِفَايَة الَّذِي صرح بِهِ الْبَنْدَنِيجِيّ وَدلّ

(2/490)


عَلَيْهِ كَلَام الْمَاوَرْدِيّ الأول
وَيمْنَع الْأَب أُنْثَى إِذا اختارته من زِيَارَة أمهَا لتألف الصيانة وَعدم البروز
وَالأُم أولى مِنْهَا بِالْخرُوجِ لزيارتها وَلَا تمنع الْأُم زِيَارَة ولديها على الْعَادة كَيَوْم فِي أَيَّام لَا فِي كل يَوْم وَلَا يمْنَعهَا من دُخُولهَا بَيته وَإِذا زارت لَا تطيل الْمكْث وَهِي أولى بتمريضها عِنْده لِأَنَّهَا أشْفق وَأهْدى إِلَيْهِ هَذَا إِن رَضِي بِهِ وَإِلَّا فَعندهَا
ويعودهما ويحترز فِي الْحَالين عَن الْخلْوَة بهَا وَإِذا اخْتَارَهَا ذكر فَعندهَا لَيْلًا وَعِنْده نَهَارا ليعلمه الْأُمُور الدِّينِيَّة والدنيوية على مَا يَلِيق بِهِ لِأَن ذَلِك من مَصَالِحه
فَمن أدب وَلَده صَغِيرا سر بِهِ كَبِيرا يُقَال الْأَدَب على الْآبَاء وَالصَّلَاح على الله تَعَالَى أَو اختارتها أُنْثَى أَو خُنْثَى كَمَا بَحثه بَعضهم فَعندهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لِاسْتِوَاء الزمنين فِي حَقّهَا ويزورها الْأَب على الْعَادة وَلَا يطْلب إحضارها عِنْده وَإِن اختارهما مُمَيّز أَقرع بَينهمَا وَيكون عِنْد من خرجت قرعته مِنْهُمَا أَو لم يخْتَر وَاحِدًا مِنْهُمَا فالأم أولى لِأَن الْحَضَانَة لَهَا وَلم يخْتَر غَيرهَا
القَوْل فِي شُرُوط من يسْتَحق الْحَضَانَة (وشرائط) اسْتِحْقَاق (الْحَضَانَة سَبْعَة) وَترك سِتَّة كَمَا ستعرفه أَولهَا (الْعقل) فَلَا حضَانَة لمَجْنُون وَإِن كَانَ جُنُونه متقطعا لِأَنَّهَا ولَايَة وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا
وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظ والتعهد بل هُوَ فِي نَفسه يحْتَاج إِلَى من يحضنه
نعم إِن كَانَ يَسِيرا كَيَوْم فِي سنة كَمَا فِي الشَّرْح الصَّغِير لم تسْقط الْحَضَانَة كَمَرَض يطْرَأ وَيَزُول
(و) ثَانِيهَا الْحُرِّيَّة فَلَا حضَانَة لرقيق وَلَو مبعضا وَإِن أذن لَهُ سَيّده لِأَنَّهَا ولَايَة وَلَيْسَ من أَهلهَا وَلِأَنَّهُ مَشْغُول بِخِدْمَة سَيّده وَإِنَّمَا لم يُؤثر إِذْنه لِأَنَّهُ قد يرجع فيشوش أَمر الْوَلَد
وَيسْتَثْنى مَا لَو أسلمت أم ولد الْكَافِر فَإِن وَلَدهَا يتبعهَا وحضانته لَهَا مَا لم تنْكح كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَة فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَالْمعْنَى فِيهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّات فراغها لمنع السَّيِّد من قربانها ووفور شفقتها
(و) ثَالِثهَا (الدّين) أَي الْإِسْلَام
فَلَا حضَانَة لكَافِر على مُسلم إِذْ لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ رُبمَا فتنه فِي دينه
فيحضنه أَقَاربه الْمُسلمُونَ ومؤنته فِي مَاله على التَّرْتِيب الْمَار
فَإِن لم يُوجد أحد مِنْهُم حضنه الْمُسلمُونَ فَإِن لم يكن لَهُ مَال فعلى من تلْزمهُ نَفَقَته
فَإِن لم يكن فَهُوَ من محاويج الْمُسلمين وَينْزع ندبا من الْأَقَارِب الذميين
ولد ذمِّي وصف الْإِسْلَام وَتثبت الْحَضَانَة للْكَافِرِ على الْكَافِر وللمسلم على الْكَافِر بِالْأولَى لِأَن فِيهِ مصلحَة لَهُ
(و) رَابِعهَا وخامسها (الْعِفَّة وَالْأَمَانَة) جمع المُصَنّف بَينهمَا لتلازمهما إِذْ الْعِفَّة بِكَسْر الْمُهْملَة الْكَفّ عَمَّا لَا يحل وَلَا يحمد قَالَه فِي الْمُحكم وَالْأَمَانَة ضد الْخِيَانَة فَكل عفيف أَمِين وَعَكسه
فَلَو عبر المُصَنّف عَن الثَّالِث إِلَى هُنَا بِالْعَدَالَةِ لَكَانَ أخصر فَلَا حضَانَة لفَاسِق لِأَن الْفَاسِق لَا يَلِي وَلَا يؤتمن
وَلِأَن الْمَحْضُون لَا حَظّ لَهُ فِي حضانته لِأَنَّهُ ينشأ على طَرِيقَته وتكفي الْعَدَالَة الظَّاهِرَة كشهود النِّكَاح نعم إِن وَقع نزاع فِي الْأَهْلِيَّة فَلَا بُد من ثُبُوتهَا عِنْد القَاضِي
(و) سادسها (الْإِقَامَة) فِي بلد الطِّفْل بِأَن يكون أَبَوَاهُ مقيمين فِي بلد وَاحِد فَلَو أَرَادَ أَحدهمَا سفرا لَا لنقلة كحج وتجارة فالمقيم أولى بِالْوَلَدِ مُمَيّزا كَانَ أَو لَا حَتَّى يعود الْمُسَافِر لخطر السّفر أَو لنقله فالعصبة من أَب أَو غَيره وَلَو غير محرم أولى بِهِ من الْأُم حفظا للنسب إِن أَمن خوفًا فِي طَرِيقه ومقصده وَإِلَّا فالأم أولى وَقد علم مِمَّا مر أَنه لَا تسلم مشتهاة لغير محرم كَابْن عَم حذرا

(2/491)


من الْخلْوَة الْمُحرمَة
بل لثقة ترافقه كبنته
(و) سابعها (الْخُلُو) أَي خلو الحاضنة (من زوج) لَا حق لَهُ فِي الْحَضَانَة فَلَا حضَانَة لمن تزوجت بِهِ وَإِن لم يدْخل بهَا
وَإِن رَضِي أَن يدْخل الْوَلَد دَاره لخَبر أَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء وحجري لَهُ حَوَّاء وثديي لَهُ سقاء وَإِن أَبَاهُ طَلقنِي وَزعم أَن يَنْزعهُ مني فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت أَحَق بِهِ مَا لم تنكحي وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَة عَنهُ بِحَق الزَّوْج فَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا حق كعم الطِّفْل وَابْن عَمه فَلَا يبطل حَقّهَا بنكاحه لِأَن من نكحته لَهُ حق فِي الْحَضَانَة وشفقته تحمله على رعايته فيتعاونان على كفَالَته
وثامنها أَن تكون الحاضنة مُرْضِعَة للطفل إِن كَانَ الْمَحْضُون رضيعا فَإِن لم يكن لَهَا لبن أَو امْتنعت من الْإِرْضَاع فَلَا حضَانَة لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهر عبارَة الْمِنْهَاج
وَقَالَ البُلْقِينِيّ حَاصله إِن لم يكن لَهَا لبن فَلَا خلاف فِي عدم اسْتِحْقَاقهَا وَإِن كَانَ لَهَا لبن وامتنعت فَالْأَصَحّ لَا حضَانَة لَهَا انْتهى
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر
وتاسعها أَن لَا يكون بِهِ مرض دَائِم كالسل والفالج إِن عَاق تألمه عَن نظر الْمَحْضُون بِحَيْثُ يشْغلهُ تألمه عَن كفَالَته وتدبر أمره أَو عَن حَرَكَة من يُبَاشر الْحَضَانَة فَتسقط فِي حَقه دون من يدبر الْأُمُور بنظره ويباشرها غَيره
وعاشرها أَن لَا يكون أبرص وَلَا أَجْذم كَمَا فِي قَوَاعِد العلائي
وحادي عشرهَا أَن لَا يكون أعمى كَمَا أفتى بِهِ عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي من أَئِمَّتنَا وَمن أَقْرَان ابْن الصّباغ وَأقرهُ عَلَيْهِ جمع من محققي الْمُتَأَخِّرين
وَثَانِي عشرهَا أَن لَا يكون مغفلا كَمَا قَالَه الْجِرْجَانِيّ فِي الشافي
وثالث عشرهَا أَن لَا يكون صَغِيرا لِأَنَّهَا ولَايَة وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا
القَوْل فِي سُقُوط الْحَضَانَة (فَإِن اخْتَلَّ مِنْهَا) أَي من الشُّرُوط الْمَذْكُورَة (شَرط) فَقَط (سَقَطت) حضانتها أَي لم تسْتَحقّ حضَانَة كَمَا تقرر نعم لَو خَالعهَا الْأَب على ألف مثلا وحضانة وَلَده الصَّغِير سنة فَلَا يسْقط حَقّهَا فِي تِلْكَ الْمدَّة كَمَا هُوَ فِي الرَّوْضَة
أَو أَخذ الْخلْع حِكَايَة عَن القَاضِي حُسَيْن مُعَللا لَهُ بِأَن الْإِجَارَة عقد لَازم وَلَو فقد مقتضي الْحَضَانَة ثمَّ وجد كَأَن كملت نَاقِصَة بِأَن أسلمت كَافِرَة أَو تابت فاسقة أَو أفاقت مَجْنُونَة أَو عتقت رقيقَة أَو طلقت مَنْكُوحَة بَائِنا أَو رَجْعِيَّة على الْمَذْهَب حضنت لزوَال الْمَائِع وتستحق الْمُطلقَة الْحَضَانَة فِي الْحَال قبل انْقِضَاء الْعدة على الْمَذْهَب وَلَو غَابَتْ الْأُم أَو امْتنعت من الْحَضَانَة فللجدة مثلا أم الْأُم كَمَا لَو مَاتَت أَو جنت
وَضَابِط ذَلِك أَن الْقَرِيب إِن امْتنع كَانَت الْحَضَانَة لمن يَلِيهِ وَظَاهر كَلَامهم عدم إِجْبَار الْأُم عِنْد الِامْتِنَاع وَهُوَ مُقَيّد بِمَا إِذا لم تجب النَّفَقَة عَلَيْهَا للْوَلَد الْمَحْضُون فَإِن وَجَبت كَأَن لم يكن لَهُ أَب وَلَا مَال أجبرت
كَمَا قَالَه ابْن الرّفْعَة لِأَنَّهَا من جملَة النَّفَقَة فَهِيَ حِينَئِذٍ كَالْأَبِ
القَوْل فِي الْمَحْضُون إِذا بلغ خَاتِمَة مَا مر إِذا لم يبلغ الْمَحْضُون فَإِن بلغ بِأَن كَانَ غُلَاما وَبلغ رشيدا ولي أَمر نَفسه لاستغنائه عَمَّن يكفله فَلَا يجْبر على الْإِقَامَة عِنْد أحد أَبَوَيْهِ وَالْأولَى أَنه لَا يفارقهما ليبرهما
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَعند الْأَب أولى للمجانسة
نعم إِن كَانَ أَمْرَد وَخيف عَلَيْهِ من انْفِرَاده فَفِي الْعدة عَن الْأَصْحَاب أَنه يمْنَع من مُفَارقَة الْأَبَوَيْنِ وَلَو بلغ عَاقِلا غير رشيد فَأطلق مطلقون أَنه كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْن كج إِن

(2/492)


كَانَ لعدم إصْلَاح مَاله فَكَذَلِك وَإِن كَانَ لدينِهِ
فَقيل تدام حضانته إِلَى ارْتِفَاع الْحجر وَالْمذهب أَنه يسكن حَيْثُ شَاءَ
قَالَ الرَّافِعِيّ وَهَذَا التَّفْصِيل حسن
انْتهى
وَإِن كَانَ أُنْثَى فَإِن بلغت رَشِيدَة فَالْأولى أَن تكون عِنْد أَحدهمَا حَتَّى تتَزَوَّج إِن كَانَا مفترقين وَبَينهمَا إِن كَانَا مُجْتَمعين لِأَنَّهُ أبعد عَن التُّهْمَة وَلها أَن تسكن حَيْثُ شَاءَت وَلَو بكرا وَهَذَا إِذا لم تكن رِيبَة فَإِن كَانَت فللأم إسكانها مَعهَا
وَكَذَا للْوَلِيّ من الْعصبَة إسكانها مَعَه إِذا كَانَ محرما لَهَا
وَإِلَّا فَفِي مَوضِع لَائِق بهَا يسكنهَا ويلاحظها دفعا لعار النّسَب كَمَا يمْنَعهَا نِكَاح غير الْكُفْء وتجبر على ذَلِك والأمرد مثلهَا فِيمَا ذكر كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَيصدق الْوَلِيّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَة وَلَا يُكَلف الْبَيِّنَة لِأَن إسكانها فِي مَوضِع الْبَرَاءَة أَهْون من الفضيحة لَو أَقَامَ بَيِّنَة وَإِن بلغت غير رَشِيدَة فَفِيهَا التَّفْصِيل الْمَار قَالَ النَّوَوِيّ فِي نواقض الْوضُوء حضَانَة الْخُنْثَى الْمُشكل وكفالته بعد الْبلُوغ لم أر فِيهِ نقلا
وَيَنْبَغِي أَن يكون كالبنت الْبكر حَتَّى يَجِيء فِي جَوَاز استقلاله وانفراده عَن الْأَبَوَيْنِ إِذا شَاءَ وَجْهَان انْتهى
وَيعلم التَّفْصِيل فِيهِ مِمَّا مر وَالله أعلم

(2/493)