البيان في مذهب الإمام الشافعي

 [باب المواقيت]
وهي خمسة:
منها: ذو الحليفة، وهو ميقات أهل المدينة.
الثاني: الجحفة، وهو ميقات أهل الشام والمغرب. الثالث: يلملم. وروي: ألملم. وهو ميقات أهل تهامة واليمن.
الرابع: قرن المنازل، وهو ميقات نجد اليمن وسائر النجدات. الخامس: ذات عرق، وهو ميقات أهل العراق وجميع أهل المشرق. ولا خلاف: أن المواقيت الأربعة الأولى وقتها رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ؛ لما روي عن ابن عباس: أنه قال: «وقت رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: " هن لأهلهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة، ومن كان من دونهن..
فمهله من أهله، وكذلك أهل مكة يهلون منها»

(4/106)


وأما ذات عرق: فاختلف أهل العلم فيه:
فقال طاووس: لم يوقته رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وإنما قاسه المسلمون على قرن.
قال الشافعي: (ولا أحسبه إلا ما قال طاووس) .
ووجهه: ما روي: (أنه قيل لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لم يوقت رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأهل المشرق شيئا؟ فقال: انظروا ما حاذى طريقهم فقيسوه عليه. فقيل: قرن، قال قيسوه على قرن، فقال بعضهم: ذات عرق، وقال بعضهم العقيق، قال: فوقت لهم عمر ـ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ـ ذات عرق) .
وقال عطاء: (بل وقت رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لأهل المشرق ذات عرق) .
ووجهه: ما روى جابر: «أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وقت لأهل المشرق ذات عرق» ،

(4/107)


«وروى الحارث بن عمرو بن الحارث قال: أتيت النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وهو بمنى، وقد أطاف به الناس، وكانت العرب تحبه، وتقول إذا رأته: هذا وجه مبارك، فسمعته وقت لأهل المشرق ذات عرق» وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وقت لأهل العراق ذات عرق» .
قال الشيخ أبو حامد: وهذا هو الصحيح، ولعل الشافعي لم تبلغه هذه الأخبار.
فإن قيل: فأهل المشرق لم يكونوا مسلمين يومئذ.
قيل: لأنه قد عرف أنها تفتح وتصير دار إسلام، ولهذا قال ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: «زويت لي الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» .

(4/108)


قال الشافعي: (ولو أهل أهل المشرق من العقيق.. كان أحب إلي) ؛ لأنه لم يثبت عنده: أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وقت لهم ذات عرق، وإنما أخذ قياسا، والعقيق أبعد منه فكان أولى.
إذا ثبت هذا: فأبعد المواقيت ذو الحليفة؛ لأنه على عشر مراحل من مكة، وعلى [ستة] أميال من المدينة، وتاليه في البعد الجحفة.
وأما المواقيت الثلاثة الأخرى: فهي على مسافة واحدة، بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان.
وهذه المواقيت لأهلها ولكل من مر عليها من غير أهلها ممن أراد حجا أو عمرة، فإذا جاء الشامي من طريق أهل العراق.. فميقاته ميقات أهل العراق، وكذلك إن جاء العراقي من طريق الشام.. فميقاته ميقاتهم؛ لما ذكرناه من حديث ابن عباس.
وإن سلك طريقا لا ميقات فيه.. اجتهد، وأحرم من حذو الميقات الذي يحاذي تلك الطريق؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أمر أهل المشرق بذلك.
فإن كان في حذو طريقه ميقاتان: أحدهما أبعد من مكة، والآخر أقرب إليها ... فالمستحب له: أن يحرم من حذو أبعدهما من مكة؛ لكي لا يجاوز حذو الميقات بغير إحرام. وإن أحرم من حذو أقربهما إلى مكة.. جاز.

(4/109)


[مسألة من داره بين مكة والميقات]
] : ومن كان داره بين مكة وبين الميقات.. فميقاته من قريته، فإن كان يسكن قرية أو محلة.. فالمستحب له: أن يحرم من أبعد طرفيها من مكة، فإن أحرم من أقرب طرفيها إلى مكة.. جاز، هذا مذهبنا. وقال مجاهد: إن كان داره بين مكة والميقات.. أهل من مكة.
وقال أبو حنيفة: (يحرم من موضعه، فإن لم يفعل.. لم يدخل الحرم إلا محرما، فإن دخله غير محرم.. خرج من الحرم، وأحرم من حيث شاء) .
دليلنا: حديث ابن عباس.

[فرع زوال معالم الميقات]
] : إذا كان الميقات قرية، فخربت، وانتقل أهلها عنها.. كان الميقات موضع القرية الأولى وإن انتقل الاسم إلى الثانية، سواء انتقلوا إلى أقرب من الأولى إلى مكة، أو إلى أبعد منها؛ لما روي: أن سعيد بن جبير رأى رجلا يحرم من ذات عرق، فأخذ بيده، وقطع به الوادي حتى بلغ به المقابر، وقال له: أحرم من هاهنا؛ فإن هذه ذات عرق الأولى، وإنما انتقل الناس عنها.

[فرع الإحرام من ميقات بعد مجاوزته ميقاتا]
ولا يجوز لمن مر بذي الحليفة، وهو مريد للنسك أن يجاوزه بغير إحرام.
وقال أبو حنيفة وأبو ثور: (الأولى أن يحرم من ذي الحليفة، فإن ترك الإحرام منها، وأحرم من الجحفة.... جاز ولا دم عليه) ، وروي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -:

(4/110)


(أنها كانت إذا أرادت الحج.. أحرمت به من ذي الحليفة، وإن أرادت العمرة أحرمت بها من الجحفة) .
دليلنا: حديث ابن عباس.

[مسألة جواز الإحرام من داره أو ميقاته]
] : ومن كان داره فوق الميقات.. جاز له أن يحرم من داره، وجاز له أن يحرم من الميقات، وفي الأفضل قولان:
أحدهما: أن الأفضل أن يحرم من بلده ـ وبه قال أبو حنيفة. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] [البقرة: 196] .
وروي عن عمر، وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أنهما قالا: (إتمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك) ولأنه إذا أحرم بهما من داره.. كان أكثر عملا، ولهذا روي عن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أنه قال: «من أحرم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام بحجة أو عمرة.. غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ووجبت له الجنة»

(4/111)


والثاني: أن الأفضل أن يحرم من الميقات؛ لأن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أحرم من الميقات، ولا يفعل إلا الأفضل، ولأنه أقل تغريرا بالعبادة، ولهذا روي: أنه سئل ابن عباس عن رجلين: أحدهما كثير الطاعة كثير المعصية، والآخر قليل الطاعة قليل المعصية، أيهما أفضل؟ فقال: (السلامة لا يعدلها عندي شيء) . هذه طريقة البغداديين من أصحابنا.
وقال القفال: الأفضل أن يحرم من دويرة أهله قولا واحدا، وإنما كره الشافعي للرجل أن يتشبه بالمحرمين، فيتجرد عن ثيابه قبل الإحرام، وقد يفعله بعض الناس.

[فرع ترك الإحرام من الميقات ودخول مكة لحاجة]
] : ومن مر على الميقات، فإن كان يريد النسك.. لم يجز له أن يتجاوزه حتى يحرم؛ لما ذكرناه.
فإن أراد دخول مكة لحاجة لا تتكرر.. فهل يلزمه الإحرام؟ في قولان، مضى ذكرهما.
وإن أراد دخول مكة لحاجة تتكرر، أو أراد دخول موضع دون الحرم.. لم يلزمه الإحرام.
فإن بدا له بعد مجاوزته الميقات، وأراد النسك.. لزمه الإحرام من موضعه، كمن داره دون الميقات.
وقال أحمد وإسحاق: (يلزمه أن يعود إلى الميقات، ويحرم منه) .
دليلنا: أنه مر بالميقات، وهو غير مريد للنسك.. فلم يلزمه الرجوع إليه، كما لو لم يرد النسك بعد ذلك.

(4/112)


قال الشافعي: (وروي: أن ابن عمر أهل من الفرع) ، والفرع دون الميقات إلى مكة، وله تأويلان:
أحدهما: يحتمل أن يكون جاء إلى الفرع في حاجة له، ثم بدا له النسك ... فإن ميقاته مكانه.
والثاني: أن ابن عمر كان بمكة، فرجع بنية أن يذهب إلى بيته، فلما بلغ الفرع، بدا له أن يرجع إلى مكة.. فميقاته مكانه؛ لأنه موضع نيته.

[فرع تجاوز الميقات من غير إحرام والرجوع إليه]
] : إذا بلغ إلى الميقات وهو مريد للنسك، فلم يحرم منه، وجاوزه.. نظرت: فإن رجع إليه وهو محل، ثم أحرم منه.. فلا دم عليه بلا خلاف. وإن أحرم دون الميقات.. صح إحرامه.
وهل يجب عليه الرجوع إليه بعد إحرامه أو قبل إحرامه؟ ينظر فيه:
فإن كان له عذر بأن يخاف فوات الحج، أو به مرض شاق، أو يخاف على نفسه أو ماله.. لم يجب عليه الرجوع؛ لوجود العذر، وقد أثم بالمجاوزة، ولا يأثم بترك الرجوع. وإن أمكنه الرجوع.. وجب عليه الرجوع؛ لما روي: (أن ابن عباس كان يرد من جاوز الميقات غير محرم) فإن لم يرجع.. فقد أثم بالمجاوزة وبترك الرجوع.
وأما وجوب الدم عليه: فإن لم يرجع أصلا، أو رجع وقد تلبس بالوقوف، أو

(4/113)


بطواف القدوم.. استقر عليه الدم، ولم يسقط عنه. وإن عاد قبل أن يتلبس بشيء من أفعال النسك.. فهل يسقط عنه الدم؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها ـ حكاه ابن الصباغ، والشيخ أبو حامد ـ: أنه لا يسقط عنه الدم ـ وهو قول مالك، وأحمد، وزفر ـ لأنه أحرم دون الميقات، فلم يسقط عنه الدم بالرجوع إليه، كما لو رجع بعدما تلبس بنسك.
والثاني ـ حكاه في " الإبانة " [ق\179]-: إن عاد قبل أن يبلغ مسافة القصر من الميقات.. فلا دم عليه؛ لأنه قريب، وإن عاد بعدما بلغ مسافة القصر من الميقات.. لم يسقط عنه الدم؛ لأنه بعيد.
والثالث. وهو المشهور.: أنه لا دم عليه؛ لأنه حصل في الميقات محرما، فلم يجب عليه الدم، كما لو أحرم منه.
وهل يكون مسيئا بالمجاوزة، إذا عاد إلى الميقات؟ فيه وجهان، حكاهما في " الفروع ":
الظاهر: أنه لا يكون مسيئا؛ لأنه قد حصل فيه محرما.
والثاني: يصير مسيئا؛ لأن الإساءة قد حصلت بنفس المجاوزة، فلا تسقط عنه بالعود.
وقال أبو حنيفة: (إن عاد إلى الميقات ملبيا.. سقط عنه الدم، وإن لم يلب.. لم يسقط عنه الدم) .
وقال عطاء، والحسن، والنخعي: لا شيء على من ترك الإحرام من الميقات.
وقال ابن الزبير: (يقضي حجه، ثم يعود إلى الميقات، فيهل منه بعمرة) .
وقال سعيد بن جبير: لا حج له

(4/114)


دليلنا ـ على أبي حنيفة ـ: أنه عاد إلى الميقات محرما قبل التلبس بنسك، فسقط عنه الدم، كما لو لبى.
وعلى الآخرين: قوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: «من ترك نسكا.. فعليه دم» .

[فرع الإحرام من موضع فوق الميقات]
] : ومن نذر الإحرام من موضع فوق الميقات، أو استأجر أجيرا ليحرم من موضع فوق الميقات.. كان حكمه حكم الميقات في حقه في جميع ما ذكرناه؛ لأنه لزمه الإحرام منه، فأشبه ميقات البلد.

[فرع دخول مكة من غير إحرام والإحرام من غير ميقاته]
] : سمعت الشريف العثماني - رَحِمَهُ اللَّهُ - من أصحابنا يقول: المدني إذا جاوز ذا الحليفة غير محرم، وهو مريد للنسك، فبلغ مكة من غير إحرام، ثم خرج منها إلى ميقات بلد آخر، مثل ذات عرق أو يلملم أو الجحفة، وأحرم منه.. فإنه لا دم عليه لمجاوزته ذا الحليفة؛ لأنه لا حكم لإرادته النسك لمَّا بلغ مكة غير محرم، فصار كمن دخل مكة غير محرم.. فإنه لا دم عليه.

(4/115)


[فرع حكم المار من الميقات من غير المكلفين]
] : وإن مر كافر بالميقات، وهو مريد للنسك، فجاوزه، ثم أسلم وأحرم دونه، ولم يعد إليه.. فعليه دم.
وقال أبو حنيفة والمزني: (لا دم عليه) .
دليلنا: أنه جاوز الميقات مريدا للنسك، وأحرم دونه، ولم يعد إليه، فوجب عليه الدم، كالمسلم.
وإن أحرم الصبي أو العبد من الميقات وجاوزه، ثم بلغ الصبي أو أعتق العبد قبل الوقوف بعرفة، أو في حال الوقوف بعرفة.. فقد ذكرنا: أنه يجزئهما عن حجة الإسلام.
فإن لم يرجعا إلى الميقات قبل التلبس بنسك.. فهل يجب عليهما الدم؟ طريقان:
[أحدهما] : قال أبو الطيب بن سلمة، وأبو سعيد الإصطخري: لا يجب عليهما الدم قولا واحدا؛ لأنهما أتيا بحجة الإسلام من الميقات، فلم يجب عليهما الدم، كما لو كانا كاملين في حال الإحرام.
و [الثاني] : من أصحابنا من قال: فيه قولان ـ ولم يذكر في (المهذب) غير هذا ـ:
أحدهما: لا يجب عليهما الدم، وقال القاضي أبو حامد وهو الصحيح؛ لما ذكرناه.
والثاني: يجب عليهما الدم؛ لأن الإحرام من الميقات كان نافلة، وإنما وقع الإحرام عن فرضهما من حين كملا، فكأن الإحرام من الميقات لم يكن.

(4/116)


[مسألة ميقات المكي]
] : وأما المكي: فميقاته للحج مكة؛ لما روي في حديث ابن عباس، ثم كذلك أهل مكة يهلون من مكة، فإن خرج من مكة إلى الحل وأحرم بالحج منه.. كان كغير المكي إذا جاوز الميقات وأحرم دونه، وقد بيناه.
وإن أحرم من موضع من الحرم خارج مكة.. فهل هو كمكة؟ فيه قولان، وقيل وجهان، وقد مضى ذكرهما.
وأما إذا أراد الإحرام بالعمرة.. فميقاته أدنى الحل.
والأفضل: أن يحرم من الجعرانة؛ لـ: (أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتمر منها في السنة التي قاتل أهل حنين) .
فإن أخطأه ذلك.. فمن التنعيم؛ لـ: (أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أعمر عائشة منها) .
فإن أخطأه ذلك.. فمن الحديبية؛ لـ: (أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: صلى بها، وأراد المدخل في عمرته منها) . هذا الذي ذكره المزني في " المختصر " [2/51] .
وقال الشيخ أبو حامد: والذي يقتضيه المذهب: أن الاعتمار بعد الجعرانة، من الحديبية أفضل من التنعيم؛ لـ: (أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ نزل بها، وصلى بها، وأراد أن يدخل منها بعمرة) ، ولأنها أبعد من الحرم من التنعيم، وكلما بعد الإنسان.. كان أفضل.

(4/117)


فإن أحرم المكي بالعمرة من مكة.. نظرت:
فإن خرج إلى الحل قبل الطواف، ثم رجع وطاف وسعى.. صحت عمرته، ولا شيء عليه؛ لأنه قد زاد خيرا.
وإن طاف وسعى قبل أن يخرج إلى الحل.. فقد قال الشيخ أبو حامد، وغيره من أصحابنا البغداديين: يصح إحرامه بالعمرة بلا خلاف، ولكن هل يعتد بطوافه وسعيه؟
فيه قولان:
أحدهما: يعتد بهما، ولكن عليه دم لترك الميقات، كغير المكي إذا جاوز الميقات، وأحرم دونه، ولم يعد إليه.
فعلى هذا: الحل ليس بشرط في العمرة.
والثاني: لا يعتد بالطواف والسعي؛ لأن العمرة نسك من شرطها الطواف، فكان من شرطها الجمع بين الحل والحرم، كالحج.
فعلى هذا: يكون باقيا على إحرامه إلى أن يخرج إلى الحل، ثم يرجع ويطوف ويسعى.
وأما المسعودي [في " الإبانة " ق \ 181] فقال هل يصح إحرامه بالعمرة؟ فيه قولان، ووجهه: ما قاله.
والله أعلم

(4/118)