التذكرة في الفقه الشافعي لابن الملقن

 (كتاب البيع)
إنما يصح بإيجاب وقبول، في مشاهدة، طاهرة، منتفع بها مملوكة، مقدور على تسليمها، معلومة، ولا يصح شراء الكافر المصحف، والمسلم إلا أن يعتق عليه، ويحرم التفريق، بين الأصل والفرع إلى التمييز، ويبطل.

(1/62)


(فصل، الربا)
والربا في النقدين زالمطعومات، فمتى باع النقد بالنقد، أو المطعوم بجنس المطعوم فلا بد من الحلول، والمماثلة، والتقايض قبل التفرق.
فإن كان بغير جنسه جاز التفاضل فقط،
ويحرم بيع اللحم بالحيوان، ولو كان غير مأكول.

(فصل، الخيار)
والمتبايعان بالخيار، ما لم يفترقا، ويصح شرط الخيار ثلاثاً، وإذا خرج المبيع معيباً _ وهو ما يعده الناس عيباً _ فللمشتري رده.

(1/63)


(فصل، مسائل في البيع)
ولا يجوز بيع الثمرة مطلقاً، إلا بعد بدو صلاحها، ولا الزرع الأخضر في الأرض إلا بشرط قطعه، إلا أن يبتاع معها، ولا بيع ما ابتاعه قبل قبضه، ويرجع فيه إلأى العرف، ولا يدخل في الضمان ولا يستقر إلا به.

(فصل، السلم)
ويحل السلم حالاً ومؤجلاً في كل مضبوط بالصفة، جنساً ونوعاً معلوم لم يختلط بغيره، ولم تدخله النار لغير التمييز، ولا بد من وجود عند

(1/64)


الإستحقاق غالباً، ومن بيان محل التسليم إذا أسلم بموضع لا يصلح، أو يصلح ولحمله مؤنة، ومن تسلم رأس المال في المجلس.

(فصل، القرض)
القرض مندوب إليه في كل ما يسلم فيه إلا جاريةً تحل للمقترض، ويرد المثل.

(فصل، الإختلاف في العقد)
إذا اتفقا على صحة عقد ثم اختلفا في كيفيته، تحالفا، ويكفي كل واحد يمين يجمع نفياً وإثباتاً، ثم لا ينفسخ بمجرد ذلك، بل بالفسخ بعده.

(1/65)


(فصل، العبد المأذون له)
العبد المأذون تصرفه صحيح على حسب ما أذن له مع مراعاة النظر والإحتياط، ويؤدي دين التجارة من مالها ومن كسبه.
ولا يملك ولو ملك.

(فصل، الرهن)
وما جاز بيعه جاز رهنه _ إلا المدبر والمعلق عتقه على صفة يمكن سبقها حلول الدين _ بدين ثابت لازم بإيجاب وقبول، ولا يلزم إلا بالقبض وليس له تصرف يزيل الملك، أو ينقضه، نعم إن أعتق نفذ إن كان موسراً، وكانت قيمته رهناً مكانه،
ومؤنة المرهون على الراهن، وهو أمانة في يد المرتهن، لكن لا يقبل

(1/66)


قوله في رده، وينفك بفسخ المرتهن وبالبراءة من الدين.

(فصل، الحجر)
والحجر أنواع، صبى، وجنون، وبذر، ووليهم الأب، ثم الجد، ثم الوصي، ثم القاضي، يتصرف بالمصلحة، ويرتفع ببلوغه رشيداً في ماله ودينه، وبالإفاضة، ومرض لورثة، ونافذ في ثلثه، والزائد موقوف على

(1/67)


إجازة الوارث الخاص، ورق للسيد، وإذا تصرف ففي ذمته يتبع به إذا عتق،
وفلس في حق من ركبته ديون حالة زائدة على ماله، ويصح تصرفه في ذمته، وإذا لم يعرف له مال فالقول قوله في الإعسار مع يمينه، والحاكم بعد الحجر يبيع ما وجد ويقسمه على قدر الديون.

(فصل، الصلح)
والصلح جائز مع الإقرار، وسبق الخصومة.
فإن كان على بعضه فإبراء، أو على غيره فبيع، أو بعضه فهبة، والطريق النافذ، لا يتصرف فيه بما يضر

(1/68)


المارة، وغيره متوقف على الإذن،
والجدار المشترك والمختص لا يجبر على وضع الجذوع عليه، ولا يجبر الشريك على العمارة.
فإن أراد إعادته بماله لنفسه، لم يمنع.

(فصل، الحوالة)
والحوالة بيع لكن لا خيار فيها، برضى المحيل والمحتال لا المحال عليه _ على من عليه دين لازم أو آيل إليه، وعليه، معلوم القدر والصفة، والتساوي وتبرأ بها ذمة المحيل.

(1/69)


(فصل، الضمان)
ويصح ضمان الدين المعلوم الثابت اللازم أو الآيل إليه كالثمن في مدة الخيار ولا خيار، ولا تأقيت، ولا تعليق، وللمستحق مطالبته مع الأصيل، فإن شرط براءته فسد، فإن أبرأ الأصيل برىء الضامن من غير

(1/70)


عكس، ومن منهما حل عليه فقط،
وللضامن الرجوع على الأصيل إذا طولب إن ضمن بالإذن، أو أدى بشرط الرجوع، ويرجع بما غرمه إلا إذا وقع تقاص أو باع ضمن به، والكفالة ببدن من عليه دين لازم أو عقوبة جائزة، وتسلم في موضعها إلا أن يعين مكاناً، ويبرأ به بلا حائل، وبحضور المكفول، وتسليم نفسه عنها،
وإن مات سقطت

(1/71)


الكفالة، وإن انفطع خبره لم يطالب به، حتى يعرف.

(فصل، الشركة)
ولا يصح من الشركة إلا شركة العنان، بلفظ دال على التصرف، وأهلية، ونقد، ولو كان مغشوشاً وخلط بحيث لا تميز، والربح والخسر على قدر المالين، ويده أمانة،
وتنفسخ بموت أحدهما وجنونه وإغمائه وبطرو

(1/72)


السفه، وبفسخهما، فإن فسخ أحدهما انعزل فقط.

(فصل، الوكالة)
من صح تصرفه بنفسه صح أن يوكل أو يتوكل فيه،
ويصح توكيل الولي والأعمى في تصرفاته، ويعتمد الصبي في الإذن، وإيصال الهدية، ودفع الزكاة،
والعبد يوكل فيه أن يملكه الموكل، وقبوله للنيابة، فتخرج العبادات إلا

(1/73)


الحج والعمرة، والأيمان لا يصح التوكيل فيها، والظهار والإقرار،
وتصح في استيفاء عقوبة الآدمي، وفي المحصور دون المطلق، كوكلتك في كل شيء ولا بد من الإيجاب، وهي جائزة كعقيد الشركة، ولا يصح تعليقها،
وهو أمين، فيقبل قوله في التلف والرد، ولا يتصرف إلا على وجه الإحتياط، فلا يبيع عند الإطلاق إلا حالاً، بنقد البلد، وبغير غبن فاحش، ولا يبيع من نفسه وولده الصغير.

(1/74)


(فصل، الإقرار)
ويصح الإقرار من مطلق التصرف _ إلا المكره _ لكل من يثبت له الإستحقاق،
ولا يصح رجوعه بعده، إلا في حق الله تعالى،
وإذا أقر بمجهول طولب ببيانه، وإذا استثنى جاز بشرط اتصاله وعدم استغراقه، والإقرار في الصحة والمرض سواء للوارث وغيره،
وإذا أكذب المقر لا ينزع المال منه، فإن رجع

(1/75)


وقال غلطت نزعه منه،
وإذا عقب الإقرار بما يرفعه _ كعلي ألف لزيد ثم قال: من ثمن خمر، لا يقبل رجوعه،
وإذا ألحق النسب به _ بأن قال: هذا ابني، مع الإمكان _ لحق، إلا أن يكون الملحق بالغاً، فلا بد من تصديقه، أو بغيره، كهذا أخي، فإن كان وارثاً حائزاً، والملحق به ميتاً وأمكن، لحق.

(فصل، الإعارة)
من صح تبرعه فله إعارة كل ما ينتفع به مع بقاء عينه، ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر، ومتى تلفت لا باستعمال ضمنها وإن لم يفرط،

(1/76)


بقيمة يوم التلف،
وتصح مطلقةً ومؤقتةً،
والمستعير لا يعير خلاف المستأجر، وهي جائزة إلا إذا أعار للدفن، وإذا أختلف في الإعارة وعدمها فالمصدق المالك إذا ادعى الإجارة أو الغضب، وكذا إذا أختلفا في الرد.

(فصل، الوديعة)
من وثق بأمانة نفسه استحب له قبول الوديعة، وهي أمانة، فيقبل قوله في ردها، وعليه حفظها في حرز مثلها، ودفع متلفاتها، ويلزمه تخليتها عند الطلب.

(فصل، الغضب)
ومن استولى على حق الغير عدواناً جهراً لزمه رده وأرش نقصه، وأجرة

(1/77)


مثله، فإن تلف ضمنه بالمثل _ إلا الماء في المفازة فبقيمتها _ فإن تعذر فبالقيمة أكثر ما كانت من وقت الغضب إلى تعذره، وإن كان متقوماً فبالأكثر من الغضب إلى التلف،
ولا يضمن المسكر _ ولا يراق على ذمي _ إلا أن يظهرها والصلبان، وآلات الملاهي تفصل فقط إن قدر عليه، والقول قول الغاضب في القيمة، والمغضوب منه في الرد.

(فصل، الشفعة)
لا تثبت الشفعة في المنقولات إستقلالاً، ولا بالجوار، بل في المنقسم الذي

(1/78)


لا تبطل منفعته المقصودة، فيما ملك معاوضةً ملكاً لازماً متأخراً عن ملك الشفيع، ويؤخذ إذا شرط الخيار للمشتري وحده، ولا بد من لفظ، وتسليم العوض إلى المشتري، أو رضاه ببقائه في ذمته، أو قضاء القاضي له به،
فإن اشتراه بمثلي أخذه بمثله، وإلا فبقيمة يوم البيع، وإن كان ممهوراً أخذه بمهر المثل،
وهي على الفور، فيبادر على العادة،
وإن استحقها جمع أخذوها على قدر الحصص، قل في الأم: وبالرؤوس أقول،
وإن مات الشفيع انتقل حقه إلى ورثته،
وإن

(1/79)


اختلف المشتري والشفيع في قدر الثمن، فالقول قول المشتري، وكذا إذا ادعى الجهل بالثمن.

(فصل، القراض)
القراض جائز _ بدفع نقد خالص معلوم معين مسلم إلى العامل ليتجر فيه مطلقاً، أو في نوع لا يندر وجوده، والربح بينهما بالجزئية _ بإيجاب وقبول، ولا يشترط بيان مدته، وهو أمين، ويجبر الخسران بالربح، وإن اختلفا في قدر الربح المشروط تحالفاً، وله أجرة المثل، ويقدم العامل

(1/80)


على سائر الغرماء.

(فصل، المساقاة)
ولا تصح المساقاة إلا على النخل والعنب أصالةً، وعلى غيرهما إذا كان بينهما تبعاً، ولا بد من التقدير بمدة معلومة، وبجزء معلوم، وما قصد به حفظ الأصل، ولم يتكرر، فعلى المالك، وما لا فعلى العامل،
والمزارعة والمخابرة باطلتان، والمختار جوازهما للحاجة إليهما.

(1/81)


(فصل، الإجارة)
وكل ما أمكن الإنتفاع به مع بقاء عينه صحت إجارته إاذ قدرت بمدة أو عمل، وإذا أطلقت الأجرة تعجلت،
وهي لازمة فلا تنفسخ بموت المتعاقدين، وتنفسخ بتلف العين المستأجرة لا بانقطاع ماء الأرض، وحدوث العيب، ووجدانه، والعقد على العين يثبته،
والأجير أمين، فالقول قوله في التلف بلا تعد،
ويصح بيع

(1/82)


العين المستأجرة ولو من غير المستأجر، ولا تنفسخ الإجارة، وإن كان عبداً فأعتقه عتق ولا تنفسخ.

(فصل، الجعالة)
والجعالة جائزة، وهي أن يجعل لمن عمل عملاً عوضاً معلوماً، فإذا عمله استحقه ولا أجرة لعمل دون شرط كالغسال ونحوه.

(فصل، إحياء الموات)
والأرض التي لم تعمر قط، للمسلم إحياؤها، وللكافر في دارهم، وهو التهيئة

(1/83)


لما يريد، ويجب بذل الماء للماشية للحاجة دون الزرع.
(فصل الوقف)
وكل ما أمكن بيعه والإنتفاع به دواماً _ مع بقاء عينه _ صح وقفه في غير محظور.
وغير منقطع الأول بصريح وكناية، ويتبع شرطه.
(فصل الهبة)
وما جاز بيعه جاز هبته ولا تلزم إلا بقبض وإذن فيه، مع إيجاب وقبول،
ولا رجوع إلا لأصل ما دامت باقيةً في يد الموهوب،
وإذا أرقبه شيئاً، أو

(1/84)


أعمره كان هبةً.

(فصل، اللقطة)
الواثق بأمانة نفسه إلتقاطه مستحب، فإن أخذ لحفظ استحب التعريف، والمختار وجوبه، أو للتملك _ وكان قليلاً _ عرفه ما يليق به، فإن كان كثيراً عرفه سنةً ثم تملكه، فإن جاء صاحبها أداها إليه.

(1/85)


(فصل، التقاط المنبوذ)
والتقاط المنبوذ فرض كفاية، ويجب الإشهاد عليه، بخلاف اللقطة، ولا يقر إلا في يد أمين، ثم نفقته في ماله، وإلا ففي بيت المال.

كتاب الفرائض
(فصل، التركة)
يبدأ من تركة الميت بمؤنة تجهيزه إن لم يتعلق بعينها حق، ثم بدين الله، ثم بدين الآدمي، ثم بالوصايا من ثلث الباقي، ثم يقسم الباقي بين الورثة.
وأسباب الإرث أربعة، قرابة، ونكاح وولاء وإسلام، فيرثه أهل بلده الذي مات فيه نص عليه في الأم.
والوارثون الآن من الرجال: النبوة، والأبوة، والأخوة وبنوهم إلا للأم،

(1/86)


والعمومة إلا للأم، وكذا بنوهم، والزوج، والمعتق.
ومن نساء: البنت وبنت الإبن، وإن سفلت، والأم والجدة والأخت، والزوجة، والمعنقة.

(فصل، من لا يسقط بحال ومن يسقط)
ولا يسقط بحال الأبوان والزوجان والابن والبنت.
وتسقط الجدات بالأم، وولد الأم بالآباء والأبناء، وولد الأبوين بالأب والإبن وابن الإبن، وولد الأب بهؤلاء واخ لأبوين.

(فصل، موانع الإرث)
وموانع الإرث: رق وقتل، وردة، واختلاف دين ودار، واستبهام موت ودور، ويورث المبغض بما ملكه بحريته.

(1/87)


(فصل، الفروض المقدرة)
والفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة: النصف، ونصفه، ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، فالنصف فرض خمسة: بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، ولأب منفردات، وزوج عند عدم ولد وولد ابن.
والربع فرض اثنين: زوج محجوب بما سلف، وزوجة غير محجوبة بذلك.
والثمن فرض واحد: الزوجة أو الزوجات مع الحجب بما سلف،
والثلثان فرض أربعة: بنتين، وبنتي ابن فأكثر، وأختين فأكثر لأبوين أو لأب،
والثلث فرض اثنين: أم ليس لميتها ولد ولا ولد ابن ولا اثنان من الأخوة والأخوات، واثنين فأكثر من ولد الأم، وقد يفرض للجد مع الأخوة،

(1/88)


والسدس فرض سبعة: أب وجد لميتهما ولد أو ولد ابن، وأم لميتها ذلك أو اثنان من الأخوة والأخوات، وجدة، ولبنت ابن مع بنت صلب، ولأخت أو أخوات لأب مع أخت لأبوين، ولواحد من ولد الأم.

(فصل، التعصب)
والعاصب: من ليس له سهم مقدر، فيرث المال أو ما فضل بعد الفروض، وأقربهم: الإبن، ثم ابنه، ثم الأب، ثم أبوه، ثم الأخ لأبوين، ثم لأب، ثم ابن الأخ لأبوين، ثم لأب، ثم العم، ثم ابنه كذلك،
وإن فقدوا فعصبان الولاء بالترتيب، إلا أن أخ المعتق وابن أخيه يقدمان على الجد، ولا ترث امرأة بولاء إلا معتقها أو منتمياً إليه بنسب أو ولاء، وأربعة يعصبون أخواتهم: الإبن وابنه وأخ لأبوين ولأب.

(1/89)


(فصل، الوصية)
وصية المكلف صحيحة في غير المعصية، في الجهة العامة، وفي المعين تصور الملك، وتصح بالمعدوم والمجهول، وهي من الثلث، فإن زاد وقف على إجازة الوارث الخاص كما سلف في الحجر، وتصح لقاتل ولوارث إن أجاز باقيهم،
وشرط الوصي: تكليف وحرية وعدالة وهداية إلى التصرف، وإسلام في المسلم.
ويجوز تعليقها على شرط في الحياة، وبعد الموت، ويجوز الرجوع فيها، ولا تتم إلا بالقبول بعد

(1/90)


الموت، ولكل منهما العزل متى شاء، إلا أن يغلب على الظن تلف المال باستيلاء ظالم، فلا يجوز للوصي عزل نفسه.

(فصل، الفيء والغنيمة)
يخمس الفيء، فأربعة أخماسه للمرتزقة، والخمس الباقي كخمسه للمصالح الأهم منها فالأهم، ولذي القربى، وهم بنو هاشم والمطلب، ولليتامى _ وهو صغير فقير لا أب له _ والمساكين، وابن السبيل،
والغنيمة: أربعة أخماسها للغانمين _ يقدم فيها السلب للقاتل _ للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم، ويرضخ للعبد والصبي

(1/91)


والمرأة والذمي إذا حضر بلا أجرة وبإذن الإمام،
والخمس الباقي يخمس خمسةً، ويقسم كما سلف.

(1/92)