التنبية في الفقه الشافعي

كتاب الصلاة
مدخل
...
كتاب الصلاة
ويجب فرض الصلاة على كل بالغ عاقل طاهر مسلم فأما الصبي ومن زال عقله بجنون أو مرض والحائض والنفساء, فلا يجب عليهم ويؤمر الصبي بالصلاة لسبع ويضرب على تركها لعشر فان بلغ في أثناء الصلاة أو صلى في أول الوقت وبلغ في آخره أجزأه ذلك الفرض وأما الكافر فإن كان أصليا لم يجب عليه وان كان مرتدا وجب عليه ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت الا نائم أو ناس أو معذور بسفر أو مطر فانه يؤخرها بنية الجمع أو من أكره على تأخيرها ومن امتنع من فعلها جاحدا لوجوبها كفر وقتل بكفره ومن امتنع غير جاحد حتى خرج الوقت قتل في ظاهر المذهب وقيل يقتل بترك الصلاة الرابعة وقيل يقتل بترك الصلاة الثانية الى أن يضيق وقتها ويستتاب كما يستتاب المرتد ثم يقتل ويصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين.

(1/25)


باب مواقيت الصلاة
الصلاة المكتوبة خمس. الظهر وأول وقته اذا زالت الشمس وآخره اذا صار ظل كل شيء مثله.
والعصر وأول وقته اذا صار ظل كل شيء مثله وزاد أدنى زيادة وآخره اذا صار كل شيء مثليه ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز الى الغروب
والمغرب وأول وقتها اذا غابت الشمس ولا وقت لها الا وقت واحد في

(1/25)


أظهر القولين وهو بمقدار ما يتوضأ ويستر العورة ويؤذن ويقيم وله أن يستديمها الى أن يغيب الشفق:
والعشاء ويكره أن يقال لها العتمة وأول وقتها اذا غاب الشفق الأحمر وآخره اذا ذهب ثلث الليل في أحد القولين ونصفه في الآخر ثم يذهب الاختيار ويبقى وقت الجواز الى طلوع الفجر الثاني.
والصبح وأول وقتها اذا طلع الفجر الثاني وآخره اذا أسفر الصبح ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز الى طلوع الشمس ومن أدرك من الصلاة ركعة قبل خروج الوقت فقد أدركها ومن شك في دخول الوقت فأخبره ثقة عن علم عمل به وان أخبره عن اجتهاد لم يقلده بل يجتهد ويعمل على الأغلب عنده والأفضل تقديم الصلاة في أول الوقت الا الظهر في الحر لمن يمضي الى الجماعة فإنه يبرد بها وفي العشاء قولان: أصحهما أن تقديمها أفضل ومن أدرك من وقت الصلاة قدر ما يؤدي فيه الفرض ثم جن أو كانت امرأة فحاضت وجب عليهما القضاء وان بلغ صبي أو أسلم كافر أو طهرت حائض أو نفساء أو أفاق مجنون أو مغمى عليه قبل طلوع الشمس بركعة لزمهم الصبح وان كان بدون ركعة ففيه قولان: وان كان ذلك قبل الغروب أو قبل طلوع الفجر بركعة لزمهم العصر والعشاء وفي الظهر والمغرب قولان: أحدهما يلزم بما يلزم به العصر والعشاء والثاني يلزم بقدر خمس ركعات ومن لم يصل حتى فات الوقت وهو من أهل الفرض بعذر أو غير عذر لزمه القضاء والأولى أن يقضيها مرتبا الا أن يخشى فوات الحاضرة فيلزمه البداية بها والأولى أن يقضيها على الفور فإن أخرها جاز وقيل ان فاتت بغير عذر لزمه قضاؤها على الفور ومن نسي صلاة من الخمس ولم يعرف عينها لزمه أن يصلي الخمس.

(1/26)


باب الأذان
الأذان والاقامة سنة في الصلوات المكتوبة وهو أفضل من الامامة

(1/26)


وقيل هو فرض على الكفاية فإن اتفق أهل بلد على تركه قاتلهم الامام. والأذان عشرة كلمات: ألله أكبر ألله أكبر ألله أكبر ألله أكبر أشهد أن لا اله الا الله أشهد أن لا اله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم يرجع فيمد صوته فيقول: أشهد أن لا إله إلا إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح ألله أكبر ألله أكبر لا اله الا الله فان كان في أذان الصبح قال بعد الحيعلة الصلاة خير من النوم مرتين والاقامة احدى عشر كلمة: ألله أكبر ألله أكبر أشهد أن لا اله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ألله أكبر ألله أكبر لا اله الا الله ويستحب أن يرتل الأذان ويدرج الاقامة وتكون الاقامة أخفض صوتا من الأذان وأن يؤذن ويقيم على طهارة ويستقبل القبلة فإذا بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا ولا يستدبر وأن يؤذن على موضع عال وأن يجعل أصبعيه في صماخي أذنيه وأن يكون المؤذن حسن الصوت وأن لا يقطع الأذان بكلام ولا غيره وأن يكون من أقرباء مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكون ثقة, وأن يقول بعد الفراغ منه اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته يا أرحم الراحمين ويستحب لمن سمعه أن يقول كما يقول المؤذن الا في الحيعلة فإنه يقول لا حول ولا قوة الا بالله ويقول في كلمة الاقامة: أقامها الله وأدامها ما دامت السموات والأرض, ولا يجوز الأذان الا مرتبا, ولا يجوز قبل دخول الوقت الا الصبح فإنه يؤذن له بعد نصف الليل وتقيم المرأة ولا تؤذن ومن فاتته صلوات أو جمع بين صلاتين أذن وأقام للأولى وحدها وأقام للتي بعدها في أصح الاقوال وفي القول الثاني لا يؤذن ولا يقيم وفي القول الثالث أذن وأقام لكل واحد على حدة واذا لم يوجد من يتطوع بالأذان رزق الامام من 8 يقوم به وان استأجر عليه جاز وقيل لا يجوز.

(1/27)


باب ستر العورة
ويجب ستر العورة عن العيون بما لا يصح البشرة, وهو شرط في صحة الصلاة وعورة الرجل ما بين سرته وركبته, وعورة الحرة جميع بدنها الا الوجه والكفين, وعورة الأمة ما بين السرة والركبة والمستحب أن يصلي الرجل في ثوبين قميص ورداء فإن اقتصر على ستر العورة جاز الا أن المستحب أن يطرح على عاتقه شيئا ويستحب للمرأة أن تصلي في ثلاثة أثواب: درع وخمار وسراويل ويستحب لها أن تكثف جلبابها ومن لا يجد الا ما يستر بعض العورة ستر السوأتين وان وجد ما يكفي احداهما ستر به القبل وقيل يستر به الدبر وان بذل له سترة لزمه قبولها ومن لم يجد صلى عريانا ولا اعادة عليه وان وجد السترة في أثناء الصلاة وهي بقربه ستر وبنى وان كانت بالبعد ستر واستأنف.

(1/28)


باب طهارة البدن والثوب وموضع الصلاة
واجتناب النجاسات شرط في صحة الصلاة. فإن حمل نجاسه في صلاته أو لاقاها ببدنه أو ثيابه لم تصح صلاته وقال في القديم: ان صلى ثم رأى في ثوبه نجاسة كانت في الصلاة لم يعلم بها قبل الدخول أجزأته صلاته وان أصاب أسفل الخف نجاسة فمسحه على الأرض فصلى فيه ففيه قولان: أحدهما يجزئه والثاني لا يجزئه وان أصاب الأرض نجاسة فذهب أثرها بالشمس والريح فصلى عليها ففيه قولان: أحدهما: يجزئه والثاني: لا يجزئه وان صلى في مقبرة منبوشة لم تصح صلاته وان صلى في مقبرة غير منبوشة كرهت وأجزأه وان شك في نبشها صحت صلاته وقيل لا تصح وان جبر عظمه بعظم نجس وخاف التلف من نزعه فصلى فيه أجزأته صلاته وان صلى وفي ثوبه دم البراغيث أو اليسير من سائر الدماء أو سلس البول أو الاستحاضة جازت صلاته وان كان على ثوبه أو على بدنه مما لا

(1/28)


يدركه الطرف من غير الدماء فقد قيل يصح, وقيل لا يصح وقيل فيه قولان: وان كان على قرحه دم يخاف من غسله صلى فيه وأعاد وتكره الصلاة في الحمام وقارعة الطريق وأعطان1 الابل ولا تكره في مراح الغنم. ولا تحل الصلاة في أرض مغصوبة ولا ثوب مغصوب ولا ثوب حرير فإن صلى لم يعد وان اشتبه عليه ثوب طاهر وثوب نجس صلى في الطاهر على الأغلب عنده وان خفي عليه موضع النجاسة من الثوب غسله كله.
__________
1 - الاعطان جمع عطن اللإبل كالوطن للناس, وقد غلب على مبركها حول الحوض والمراد هنا المكان الذي تنحي اليه الإبل بعد مارويت لتشرب غيرها , لسان العرب 13: 286 والمقصود ما تنحى اليه إذا شربت ليشرب غيرها , أنظر نهاية المحتاج شرح المنهاج باب مايكره الالتفات في الصلاة وباقي المكروهات.

(1/29)


باب استقبال القبلة
واستقبال القبلة شرط في صحة الصلاة الا في شدة الخوف وفي النافلة في السفر فإنه يصليها حيث توجه فإن كان ماشيا أو على دابة يمكنه توجيهها الى القبلة لم يجز حتى يستقبل القبلة في الاحرام, والركوع والسجود والفرض في القبلة اصابة العين فمن قرب منها لزمه ذلك بيقين ومن بعد منها لزمه بالظن في أحد القولين وفي القول الآخر الفرض لمن بعد الجهة ومن صلى في الكعبة أو على ظهرها وبين يديه سترة متصلة جازت صلاته ومن غاب عنها فأخبره ثقة عن علم صلى بقوله ولم يجتهد وكذلك ان رأى محاريب المسلمين في بلد صلى اليها ولم يجتهد وان كان في برية واشتبهت عليه القبلة اجتهد في طلبها بالدلائل فإن لم يعرف الدلائل أو كان أعمى قلد بصيرا يعرفه وان لم يجد من يقلده صلى على حسب حاله وأعاد ومن صلى بالاجتهاد أعاد الاجتهاد للصلاة الأخرى. فإن تغير اجتهاده عمل بالاجتهاد الثاني فيما يستقبل ولا يعيد ما صلى بالاجتهاد الأول وان تيقن الخطأ لزمه الاعادة في أصح القولين.

(1/29)


باب صفة الصلاة
اذا أراد الصلاة قام اليها بعد فراغ المؤذن من الاقامة ثم يسوي الصفوف ان كان اماما ثم ينوي الصلاة بعينها ان كانت الصلاة مكتوبة أو سنة راتبة, وان كانت نافلة غير راتبة أجزأته نية الصلاة وتكون النية مقارنة للتكبير لا يجزئه غيره والتكبير أن يقول: ألله أكبر أو الله الأكبر لا يجزئه غير ذلك ومن لا يحسن التكبير بالعربية كبر بلسانه وعليه أن يتعلم ويجهر بالتكبير ان كان اماما ويرفع يديه مع التكبير حذو منكبيه ويفرق أصابعه فإذا انقضى التكبير حط يديه وأخذ كوعه الأيسر بكفه الأيمن وجعلهما تحت صدره وجعل نظره الى موضع سجوده ثم يقرأ وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ فاتحة الكتاب أولها بسم الله الرحمن الرحيم ويرتل القراءة ويرتبها ويأتي بها على الولاء فان ترك ترتيبها أو فرقها لزمه اعادتها واذا قال ولا الضآلين قال آمين ويجهر بها الامام فيما يجهر فيها وفي المأموم قولان: أصحهما أنه يجهر بها ثم يقرأ السورة يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم فان كان مأموما في الصلاة يجهر فيها ولم يقرأ السورة وفي الفاتحة قولان: أصحهما أنه يقرأها والمستحب أن تكون السورة في الصبح والظهر من طوال المفصل وفي العصر والعشاء من أوساط المفصل وفي المغرب من قصار المفصل ويجهر الامام المفرد بالقراءة في الصبح والأولين من المغرب والعشاء ومن لا يحسن الفاتحة وضاق الوقت عن التعلم قرأ بقدرها من غيرها وان كان يحسن آية ففيه قولان: أحدهما يقرأها ثم يضيف اليها من الذكر ما يتم به قدر الفاتحة والثاني أنه يكرر ذلك سبعا وان لم يحسن شيئا من القرآن لزمه أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ويضيف اليه كلمتين من

(1/30)


الذكر وقيل: يجوز هذا وغيره فإن لم يحسن شيئا وقف بقدر القراءة ثم يركع مكبرا رافعا يديه وأدنى الركوع أن ينحني حتى يبلغ يداه ركبيته والمستحب أن يضع يديه على ركبتيه ويفرق أصابعه ويمد ظهره وعنقه ويجافي مرفقيه عن جنبيه وتضم المرأة بعضها الى بعض ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدنى الكمال فإن قال مع ذلك: اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وعظامي وشعري وبشري وما استقل به قدمي لله رب العالمين كان أكمل ثم يرفع رأسه قائلا: سمع الله لمن حمده ويرفع يديه فإذا استوى قائما قال: ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد وذلك أدنى الكمال فان قال معه أهل الثناء والمجد حق ما قاله العبد كلنا لك عبد لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد1 كان أكمل ثم يكبر ويهوي ساجدا فيضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه وأدنى السجود أن يباهر بجبهته المصلي وفي وضع اليدين والركبتين والقدمين قولان: أحدهما يجب والثاني لا يجب وفي مباشرة المصلى بالكف قولان: أصحهما أنه لا يجب والمستحب أن يجافي2 مرفقيه عن جنبيه, ويقل3 بطنه عن فخذيه, وتضم المرأة بعضها الى بعض ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدنى الكمال. فإن قال معه أللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين كان أكمل وان سأل الله تعالى في سجوده ما شاء كان حسنا ثم يرفع رأسه مكبرا, ويجلس مفترشا ويفرش رجله اليسرى ويجلس.
عليها وينصب اليمنى ويقول أللهم اغفر لي وارحمني وارزقني وعافني واعف عني ثم يسجد السجدة الثانية مكبرا ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس
__________
1 - هو الغني: وانظر لسان العرب 3: 117.
2 - يجافي: برفع, انظر لسان العرب 14: 148.
3 - ويقل أي يرفع هكذا, في نهاية المحتاج شرح المنهاج في باب بيان اكمل السجود وما يقال فيه.

(1/31)


جلسة الإستراحة في أصح القولين ثم ينهض قائما معتمدا على يديه ويمد التكبير الى أن يقوم ثم يصلي الركعة الثانية مثل الأولى الا في النية والاستفتاح والتعوذ فإن كان في صلاة هي ركعتان جلس متوركا يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما من تحته ويفضي بوركه الى الأرض ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض أصابعه الا المسبحة فإنه يشير بها متشهدا ويبسط اليد اليسرى على الفخذ اليسرى ويتشهد فيقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله والواجب منه خمس كلمات: وهي التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد والواجب منه أللهم صلي على محمد ويدعو بما يجوز من أمر الدين والدنيا والمستحب أن يدعو بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله الا أنت, ثم يسلم تسليمتين أحداهما عن يمينه ينوي بها الخروج من الصلاة والسلام على الحاضرين والأخرى عن يساره ينوي بها السلام على الحاضرين ثم يدعو سرا الا أن يريد تعليم الحاضرين فيجهر وان كان في صلاة هي ثلاث ركعات أو أربع جلس بعد الركعتين مفترشا وتشهد وصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وحده في أحد القولين ولا يصلي في الآخر ثم يصلي ما بقي من صلاته مثل الثانية الا أنه لا يقرأ السورة في أحد القولين ويقرأ في الآخر ويجلس في آخر الصلاة متوركا فإن

(1/32)


كان في الصبح فالسنة أن يقنت بعد الرفع من الركوع فيقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت انك تقضي ولا يقضى عليك انه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصل اللهم على النبي محمد وآله ويؤمن المأموم على الدعاء ويشاركه في الثناء وان نزل بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الصلاة.

(1/33)


باب فروض الصلاة وسننها
وفروض الصلاة ثمانية عشر: النية وتكبيرة الاحرام والقيام وقراءة الفاتحة والركوع والطمأنينة فيه والاعتدال والطمأنينة فيه والسجود والطمأنينة فيه والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه والجلوس في آخر الصلاة والتشهد فيه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى ونية الخروج وقيل لا يجب ذلك وترتيبها على ما ذكرناه وسننها أربع وثلاثون: رفع اليدين في تكبير الاحرام والركوع والرفع منه ووضع اليمين على الشمال والنظر الى موضع سجوده ودعاء الاستفتاح والتعوذ والتأمين وقراءة السورة والجهر والاسرار والتكبيرات سوى تكبيرة الاحرام والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع والتسبيح في الركوع والتسبيح في السجود ووضع اليد على الركبة في الركوع ومد الظهر والعنق فيه والبداية بالركبة ثم باليد في السجود ووضع الأنف في السجود ومجافاة المرفق عن الجنب في الركوع والسجود واقلال البطن عن الفخذ في السجود والدعاء في الجلوس بين السجدتين وجلسة الاستراحة والافتراش في سائر الجلسات والتورك في آخر الصلاة ووضع اليد اليمنى على الفخذ مقبوضة والاشارة بالمسبحة ووضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى مبسوطة والتشهد الأول والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه والصلاة على آله في التشهد الأخير والدعاء في آخر الصلاة والقنوت في الصبح والتسليمة الثانية ونية السلام على الحاضرين,

(1/33)


فإن ترك فرضا ساهيا وهو في الصلاة لم يعتد بما فعله المتروك حتى يأتي بما تركه ثم يأتي بما بعده وان لم يعرف موضعه بني الأمر على أسوأ الأحوال فإن كان المتروك سجدة من أربع ركعات جعلها من غير الأخيرة ثم يأتي بركعة فان كان سجدتين جعل واحدة من الأولى وواحدة من الثالثة ويأتي بركعتين وان كان ثلاث سجدات جعل سجدة من الأولى وسجدة من الثالثة وسجدة من الرابعة ويأتي بركعتين وان كان أربع سجدات جعل سجدة من الأولى وسجدة من الثالثة وسجدتين من الرابعة ويأتي بسجدة وركعتين وان ذكر ذلك بعد السلام ففيه قولان: أحدهما أنه يبني على صلاته ما لم يتطاول الفصل والثاني يبني ما لم يقم من المجلس وان ذكر بعد ذلك استأنف وان ترك سنة فإن ذكر قيل التلبس بفرض عاد اليه وان تلبس بفرض لم يعد اليه.

(1/34)


باب صلاة التطوع
أفضل عبادات البدن الصلاة وتطوعها أفضل التطوع وأفضل التطوع ما شرع له الجماعة وهو العيد والكسوف والاستسقاء وفي الوتر وركعتي الفجر قولان: أصحهما أن الوتر أفضل والسنة أن يواظب على السنن مع الفرائض وهي ركعتا الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وأربع قبل العصر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء والوتر وأقله ركعة وأكثره احدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين وأدنى الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سبح وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين ويقنت في الأخيرة منها في النصف الأخير من شهر رمضان ويصلي الضحى ثماني ركعات وأدناها ركعتان ويقوم شهر رمضان بعشرين ركعة في الجماعة التراويح ويوتر بعدها في الجماعة الا أن يكون له تهجد فيجعل الوتر بعده ومن فاته من هذه السنن الراتبة شيء قضاه في أصح القولين ويسن التهجد والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف

(1/34)


الأول والثلث الأوسط أفضل من الأول والأخير وتطوع الليل أفضل من تطوع النهار وفعله في البيت أفضل من فعله في المسجد والأفضل أن يسلم من كل ركعتين وان جمع ركعات بتسليمة أو تطوع بركعة واحدة جاز ويسن لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد الا أن يدخل وقد حضر الجماعة فالفريضة أولى ويجوز فعل النوافل قاعدا.

(1/35)


باب سجود التلاوة
وسجود التلاوة سنة للقارىء والمستمع وهي أربعة عشر سجدة: سجدة في الأعراف وسجدة في الرعد وسجدة في النحل وسجدة في سبحان وسجدة في مريم وسجدتان في الحج وسجدة في الفرقان وسجدة في النمل وسجدة في ألم تنزيل وسجدة في حم السجدة وسجدة في النجم وسجدة في اذا السماء انشقت وسجدة في اقرأ وسجدة صلى الله عليه وسلم سجدة شكر ليست من عزائم السجود فان قرأها في الصلاة لم يسجد وقيل يسجد شكرا ومن تجددت عنده نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة استحب له أن يسجد شكرا لله عز وجل ومن سجد للتلاوة في الصلاة كبر للسجود والرفع ومن سجد في غير الصلاة كبر للاحرام رافعا يديه ثم يكبر للسجود ويكبر للرفع وقيل يتشهد ويسلم وقيل يسلم ولا يتشهد والمنصوص أنه لا يتشهد ولا يسلم وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل في القبلة وسائر الشروط.

(1/35)


باب ما يفسد الصلاة وما لا يفسدها
اذا أحدث في صلاته بطلت وان سبقه الحدث ففيه قولان: أحدهما لا تبطل ويتوضأ ويبني على صلاته والثاني انها تبطل وان لاقى نجاسة غير معفو عنها بطلت صلاته وان وقع عليه نجاسة يابسة فنحاها في الحال لم تبطل صلاته وان كشفت عورته بطلت صلاته وان كشفها الريح لم تبطل

(1/35)


صلاته وان قطع النية أو عزم على قطعها أو شك هل يقطعها أو ترك فرضا من فروضها بطلت صلاته وان ترك القراءة ناسيا ففيه قولان: أصحهما أنها تبطل وان زاد في صلاته ركوعا أو سجودا أو قياما أو قعودا عامدا بطلت صلاته وان قرأ الفاتحة مرتين لم تبطل صلاته على المنصوص وان تكلم عامدا أو قهقه عامدا بطلت صلاته وان كان ذلك ساهيا أو جاهلا بالتحريم أو مغلوبا ولم يطل الفصل لم تبطل صلاته وان أطال فقد قيل تبطل وقيل لا تبطل وان نفخ ولم يبن منه حرفان لم تبطل صلاته, وان خطا ثلاث خطوات متواليات أو ضرب ثلاث ضربات متواليات, بطلت صلاته وان أكل عامدا بطلت صلاته وان كان ساهيا لم تبطل صلاته وان فكر في الصلاة أو التفت فيها كره ولم تبطل صلاته ولا يصلي وهو يدافع الأخبثين ولا يدخل فيها وقد حضر العشاء ونفسه تتوق اليه فان فعل أجزأته صلاته وان كلمه انسان أو استأذن عليه وهو في الصلاة سبح ان كان رجلا وصفقت ان كانت امرأة وان سلم عليه رد بالاشارة وان بدره البصاق وهو في المسجد بصق في ثوبه وحل بعضه ببعض وان كان في غير المسجد بصق على يساره أو تحت قدمه وان مر بين يديه مار وبينهما سترة أو عصا بقدر عظم الذراع لم يكره وكذلك ان لم يكن عصا وخط بين يديه على ثلاثة أذرع خطا لم يكره وان لم يكن شيء من ذلك كره وأجزأته صلاته.

(1/36)


باب سجود السهو
اذا شك في عدد الركعات وهو في الصلاة بنى على اليقين وهو الأقل ويأتي بما بقي ويسجد للسهو وكذلك اذا شك في فرض من فروضها بنى الأمر على اليقين وهو أنه لم يفعل فيأتي به ويسجد للسهو وان زاد في صلاته سجودا أو ركوعا أو قياما أو قعودا على وجه السهو سجد للسهو وان تكلم أو سلم ناسيا أو قرأ في غير موضع القراءة سجد للسهو وان فعل ما لا

(1/36)


يبطل عمدة الصلاة كالالتفات والخطوة والخطوتين لم يسجد للسهو وان نهض للقيام في موضع القعود ولم ينتصب قائما فعاد الى القعود ففيه قولان: أحدهما يسجد والثاني لا يسجد وان ترك التشهد الأول أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول وقلنا انها سنة أو ترك القنوت سجد للسهو وقيل ان ترك ذلك عمدا لم يسجد وان سها سهوين أو أكثر كفاه للجميع سجدتان وان سها خلف الامام لم يسجد وان سها امامه تابعه في السجود وان ترك الامام سجد الماموم وان سبقه الامام بركعة وسجد معه أعاد في آخر صلاته في قوله الجديد ولا يعيد في القديم وان ترك امامه فرضا نوى مفارقته ولم يتابعه وان ترك فعلا مسنونا تابعه ولم يشتغل بفعله وسجود السهو سنة فان ترك جاز ومحله قبل السلام وقال في موضع آخر: ان كان السهو زيادة فمحله بعد السلام والأول هو الأصح فإن لم يسجد حتى سلم ولم يطل الفصل سجد وان طال ففيه قولان: أصحهما أنه لا يسجد.

(1/37)


باب الساعات التي نهى عن الصلاة فيها
وهي خمسة أوقات عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح, وعند الاستواء حتى تزول, وعند الاصفرار حتى تغرب, وبعد صلاة الصبح, وبعد صلاة العصر, ولا يكره فيها ما لها سبب كصلاة الجنازة وسجود التلاوة وقضاء الفائتة ولا يكره شيء من الصلاة في هذه الساعات بمكة ولا عند الاستواء يوم الجمعة.

(1/37)


باب صلاة الجماعة
والجماعة سنة في الصلوات الخمس, وقيل هي فرض على الكفاية فإن اتفق أهل بلد على تركها قوتلوا وأقل الجماعة اثنان ولا تصح الجماعة حتى ينوي المأموم وفعلها فيما كثر فيه الجمع من المساجد أفضل فإن كان في جوار

(1/37)


مسجد ليس فيه جماعة كان فعلها في مسجد الجوار أفضل وان كان للمسجد امام راتب كره لغيره اقامة الجماعة فيه ومن صلى منفردا ثم أدرك جماعة يصلون استحب له أن يصليها معهم ويعذر في ترك الجماعة المريض ومن يتأذى بالمطر والوحل والريح الباردة في الليلة المظلمة ومن له مريض يخاف ضياعه أو قريب يخاف موته ومن حضره الطعام ونفسه تتوق اليه أو يدافع الأخبثين أو يخاف ضررا في نفسه أو ماله ومن أحرم منفردا ثم نوى متابعة الامام جاز في أحد القولين ومن أحرم ثم أخرج نفسه من الجماعة لعذر وأتم منفردا جاز وان كان لغير عذر ففيه قولان: أصحهما أنه لا يجوز وان أحدث الامام فاستخلف مأموما جاز في أصح القولين الا أنه يستخلف الا من لا يخالفه في ترتيب الصلاة وقيل لا يجوز أن يستخلف في صلاة الجمعة الا من كان معه في الركعة الأولى والمنصوص أنه يجوز ويستحب للامام أن يخفف في الأذكار الا أن يعلم من حال المأمومين انهم يؤثرون التطويل واذا أحس الامام بداخل وهو راكع أستحب له أن ينتظر في أصح القولين ويكره في القول الآخر ومن أدرك الامام قبل أن يسلم فقد أدرك الجماعة ومن أدركه راكعا فقد أدرك الركعة وان أدرك في الركعة الاخيرة فهو أول صلاته وما يقضيه فهو آخر صلاته يعيد فيها القنوت ومن أدرك قائما فقرأ بعض الفاتحة ثم ركع الامام فقد قيل يقرأ ثم يركع وقيل يركع ولا يقرأ ويكره أن يسبق الامام بركن وان سبقه بركن عاد الى متابعته ولا يجوز أن يسبقه بركنين فإن سبقه بركنين بأن ركع قبله فلما أراد أن يركع رفع فلما أراد أن يرفع سجد فإن فعل ذلك مع العلم بتحريمه بطلت صلاته وان فعل مع الجهل لم تبطل صلاته ولم يعتد له بتلك الركعة ومن حضر وقد أقيمت الصلاة لم يشتغل عنها بنافلة وان أقيمت وهو في النافلة ولم يخش فوات الجماعة أتمها.

(1/38)


باب صفة الأئمة
السنة أن يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم فإن زاد واحد في الفقه والقراءة

(1/38)


فهو أولى وان زاد واحد بالفقه وزاد آخر بالقراءة فالأفقه أولى فإن استويا في ذلك قدم أشرفهما وأسنهما فان استويا في ذلك قدم أقدمهما هجرة فان استويا في ذلك قدم أورعهما وان استويا في ذلك أقرع بينهما وصاحب البيت أحق من غيره وامام المسجد أحق من غيره والسلطان أحق من صاحب المنزل وامام المسجد والبالغ أولى من الصبي والحاضر أولى من المسافر والحر أولى من العبد والعدل أولى من الفاسق وغير ولد الزنا أولى من ولد الزنا والبصير أولى عندي من الأعمى وقيل هو والبصير سواء ويكره أن يؤم الرجل قوما وأكثرهم له كارهون ولا تجوز الصلاة خلف كافر ولا مجنون ولا محدث ولا نجس ولا صلاة رجل ولا خنثى خلف امرأة ولا خنثى خلف الخنثى ولا طاهر خلف المستحاضة وقيل يجوز ذلك ولا يجوز صلاة قارىء خلف أمي ولا أخرس ولا أرت ولا ألثغ في أحد القولين ولا يجوز صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر وفي جوازها خلف صبي أو متنفل قولان ولا يجوز صلاة خلف من يصلي صلاة يخالفها في الأفعال الظاهرة كالصبح خلف من يصلي الكسوف والكسوف خلف من يصلي الصبح فإن صلى أحد هؤلاء خلف أحد هؤلاء ولم يعلم ثم علم أعاد الا من صلى خلف المحدث فإنه لا اعادة عليه في غير الجمعة ويجب في الجمعة.

(1/39)


باب موقف الامام والمأموم
السنة أن يقف الرجل الواحد عن يمين الامام والخنثى خلفهما والمرأة خلف الخنثى وان حضر رجلان أو رجل وصبي اصطفا خلفه فإن كانوا عراة وقف الامام وسطهم فإن حضر رجال وصبيان وخناثى ونساء تقدم الرجل ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء ومن حضر ولم يجد في الصف فرجة جذب واحدا واصطف معه فان لم يفعل وصلى وحده كره ذلك ان حضر ومع الامام واحد عن يمينه أحرم عن يساره ثم يتقدم الامام أو يتأخر المأمومان والمستحب أن لا يكون موضع الامام أعلى من موضع

(1/39)


المأمومين الا أن يريد تعليمهم أفعال الصلاة فالمستحب أن يقف الامام على موضع عال كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان تقدم المأموم على الامام لم تصح صلاته في أصح القولين وان صلت المرأة بنسوة قامت وسط الصف ومن صلى مع الامام في المسجد جازت صلاته اذا علم بصلاته وان صلى به خارج المسجد واتصلت به الصفوف جازت صلاته وان انقطعت ولم يكن دونه حائل جازت صلاته اذا لم يزد ما بينه وبين آخر الصف على ثلثمائة ذراع فان حال بينهما حائل يمنع الاستطراق والمشاهدة لم تصح صلاته وان منع الاستطراق دون المشاهدة بأن يكون بينهما شباك فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز.

(1/40)


باب صلاة المريض
اذا عجز عن القيام صلى قاعدا ويقعد متربعا في أحد القولين ومفترشا في الآخر وان عجز عن القعود صلى مضطجعا على جنبه الأيمن يستقبل القبلة بوجهه ويوميء بالركوع والسجود ويكون سجوده أخفض من الركوع فإن عجز عن ذلك أومأ بطرفه ونوى بقلبه ولا يترك الصلاة ما دام عقله ثابتا فان قدر على القيام في أثناء الصلاة أو القعود انتقل اليه وأتم صلاته وان كان به وجع العين فقيل له ان صليت مستلقيا أمكن مداواتك وهو قادر على القيام احتمل أن يجوز له ترك القيام واحتمل أن لا يجوز.

(1/40)


باب صلاة المسافر
اذا سافر في غير معصية سفرا يبلغ ثمانية وأربعين ميلا بالهاشمي فله أن يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين اذا فارق بنيان البلد أو خيام قومه ان كان من أهل الخيام والأفضل أن لا يقصر الا في سفر يبلغ مسيرة ثلاثة أيام فإذا بلغ سفره ذلك كان القصر أفضل من الاتمام وان كان للبلد الذي يقصده طريقان يقصر في أحدهما ولا يقصر في الآخر فسلك الأبعد لغير غرض لم

(1/40)


يقصر في أحد القولين ويقصر في الآخر فإن أحرم في البلد ثم سافر أو أحرم في السفر ثم أقام أو شك في ذلك أو لم ينو القصر أو ائتم بمقيم في جزء من صلاته أو بمن لا يعرف أنه مسافر أو مقيم لزمه أن يتم وان نوى المسافر اقامة أربعة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج أتم وان أقام في بلد لقضاء حاجة ولم ينو الاقامة قصر الى ثمانية عشر يوما في أحد القولين ويقصر أبدا في القول الآخر وان فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر أتم وان فاتته في السفر فقضاها في السفر أو الحضر ففيه قولان أصحهما أنه يتم ويجوز الجمع بين الظهر والعصر في وقت احداهما وبين المغرب والعشاء في وقت احداهما في السفر الطويل وفي السفر القصير قولان والمستحب لمن هو في المنزل في وقت الأولة أن يقدم الثانية الى الأولة ولمن هو سائر أن يؤخر الأولة الى الثانية اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وان أراد الجمع في وقت الأولة لم يجز الا بثلاثة شروط أن يقدم الأولة منهما وأن ينوي الجمع عند الاحرام بالأولة في أحد القولين ويجوز في القول الثاني قبل الفراغ من الأولة وأن لا يفرق بينهما وان أراد الجمع في وقت الثانية كفا نية الجمع قبل خروج وقت الأولة بقدر ما يصلي فرض الوقت والأفضل أن يقدم الأولة وأن لا يفرق بينهما ويجوز للمقيم الجمع في المطر في وقت الأولة منهما ان كان يصلي في موضع يصيبه المطر وتبتل ثيابه ويكون المطر موجودا عند افتتاح الأولة وعند الفراغ منها وافتتاح الثانية وفي جواز الجمع في وقت الثانية قولان.

(1/41)


باب صلاة الخوف
ان كان العدو في غير جهة القبلة ولم يؤمنوا وقتالهم غير محظور فرق الامام الناس فرقتين فرقة في وجه العدو وفرقة خلفه فيصلي بالفرقة التي خلفه ركعة فإذا أقام الى الثانية فارقته وأتمت الركعة الثانية لنفسها ثم تخرج الى وجه العدو وتجيء الطائفة الأخرى,

(1/41)


فيصلي معها الركعة الثانية ويجلس وتصلي الطائفة الركعة الثانية ثم يسلم بهم وهل يقرأ في حال الانتظار ويتشهد أم لا فيه قولان وقيل يتشهد قولا واحدا فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالطائفة الأولة ركعتين وبالثانية ركعة في أحد القولين وفي القول الآخر يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وان كانت صلاة رباعية صلى بكل طائفة ركعتين فإن فرقهم أربع فرق فصلى بكل فرقة ركعة ففي صلاة الامام قولان: أحدهما أنها صحيحة وهو الأصح وفي صلاة المأموم قولان: أحدهما أنها تصح والثاني تصح صلاة الطائفة الأخيرة وتبطل صلاة الباقين والقول الثاني أن صلاة الامام باطلة وتصح صلاة الطائفة الأولى والثانية وتبطل صلاة الطائفة الثالثة والرابعة وان كان العدو في جهة القبلة يشاهدون في الصلاة وفي المسلمين كثرة أحرم بالطائقتين وسجد معه الصف الذي يليه فإذا رفعوا رؤوسهم سجد الصف الآخر فإذا سجد في الثانية حرس الصف الذي سجد في الأولى وسجد الصف الآخر فإذا رفعوا رؤوسهم سجد الصف الآخر ويستحب أن يحمل السلاح في صلاة الخوف في أحد القولين ويجب في الآخر وان اشتد الخوف والتحم القتال صلوا رجالا وركبانا الى القبلة وغير القبلة وان لم يقدروا على الركوع والسجود أومؤا وان اضطروا الى الضرب المتتابع ضربوا ولا اعادة عليهم وقيل عليهم الاعادة وان أمن وهو راكب فنزل بنى وان كان راجلا فركب استأنف على المنصوص وقيل ان اضطر الى الركوب فركب لم يستأنف وقيل فيه قولان: وان رأوا سوادا فظنوهم عدوا فصلوا صلاة شدة الخوف ثم بان لهم أنه لم يكن عدوا أجزأتهم الصلاة في أصح القولين وان رأوا عدوا فخافوهم فصلوا صلاة شدة الخوف ثم بان أنه كان بينهم خندق أعادوا وقيل فيه قولان.

(1/42)


باب ما يكره لبسه وما لا يكره
يحرم على الرجل استعمال ثياب الابريسم1 أو ما أكثره ابريسم وكذلك يحرم عليه المنسوج بالذهب والمموه به الا أن يكون قد صدىء ويجوز للمحارب لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح ولبس المنسوج بالذهب اذا فاجأته الحرب ولم يجد غيره ويجوز شد السن بالذهب للضرورة ويجوز لبس الحرير للحكة وقيل لا يجوز ويجوز أن يلبس دابته الجلد النجس سوى جلد الكلب والخنزير.
__________
1 - الإبريسم بكسر الهمزة وفتح السين هكذا في اللسان 12: 46 الحرير كما أشار إليه صاحب شرح المنهاج والديباج أيضا.

(1/43)


باب صلاة الجمعة
ومن لزمه الظهر لزمه الجمعة الا العبد والمرأة والمسافر والمقيم في موضع لا يسمع فيه النداء من المواضع الذي تصح فيه الجمعة والمريض والمقيم بمريض يخاف ضياعه ومن له قريب يخاف موته ومن يبتل ثيابه بالمطر في طريقه ومن يخاف من ظالم فلا جمعة عليهم وان حضروا الا المريض ومن في طريقه مطر فانهما اذا حضر ألزمهما الجمعة ومن لا جمعة عليه مخير بين الظهر والجمعة والأفضل أن لا يصلي الظهر قبل فراغ الامام من الجمعة ومن يلزمه فرض الجمعة لا يصلي الظهر قبل فراغ الامام من الجمعة فإن صلاها قبل فوات الجمعة لم تصح في أصح القولين ومن لزمه فرض الجمعة لم يجز له أن يستفر يصلي فيه الجمعة بعد الزوال وهل يجوز قبل الزوال فيه قولان ولا تصح الجمعة الا بشروط أحدها أن تكون في أبنية مجتمعة والثاني أن تكون في جماعة والثالث أن تقام بأربعين رجلا أحرارا بالغين عقلاء مقيمين في موضع لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا الا ظعن حاجة من أول الصلاة الى أن

(1/43)


تقام الجمعة فإن انفضوا عنه وبقي الامام وحده أتمها ظهرا وان نقصوا عن الأربعين أتمها ظهرا في أصح الأقوال وان بقي معه اثنان أتمها جمعة في الثاني وان بقي معه واحد أتمها جمعة في الثالث والرابع أن يكون وقت الظهر باقيا فإن فاتهم الوقت وهم في الصلاة أتموها ظهرا والخامس أن لا تكون قبلها ولا معها جمعة أخرى فإن كان قبلها جمعة فالجمعة هي الأولى فالثانية باطلة وان كان معها ولم يعلم السابق منهما ولم تنفرد أحداهما عن الأخرى بامام فهما باطلتان وان كان الامام مع الثانية ففيه قولان: أحدهما أن الجمعة جمعة الامام والثاني أن الجمعة هي السابقة والسادس أن يتقدمها خطبتان ومن شروط صحتهما الطهارة والستارة في أحد القولين والقيام والقعود بينهما والعدد الذي ينعقد به الجمعة وفرضها أن يحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله فيهما والدعاء للمؤمنين ويقرأ في الأولى شيئا من القرآن وقيل القراءة فيهما وسنتهما أن يكون على منبر وموضع عال وأن يسلم على الناس اذا أقبل عليهم وأن يجلس الى أن يؤذن المؤذن ويعتمد على قوس أو سيف أو عصا وأن يقصد قصد وجهه وأن يدعو للمسلمين وأن يقصر الخطبة والجمعة ركعتان الا أنه يسن أن يجهر فيهما بالقراءة وأن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى سورة الجمعة وفي الثانية المنافقين.

(1/44)


باب هيئة الجمعة
السنة لمن أراد الجمعة أن يغتسل لها عند الرواح1 فان اغتسل لها بعد الفجر أجزأه وأن يتنظف بسواك وأخذ ظفر وشعر وقطع رائحة وأن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه وأفضلها البياض ويزيد الامام على سائر الناس في الزينة ويبكر بعد طلوع الشمس ويمشي اليها وعليه السكينة والوقار ولا يركب,
__________
1 - قال صاحب اللسان 2: 464 الرواح من لدن زوال الشمس إلى الليل.

(1/44)


ويدنو من الامام ويشتغل بذكر الله تعالى والتلاوة ويستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة وأن يكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وليلتها ويكثر في يومها من الدعاء رجاء أن يصادف ساعة الاجابة وان حضر والامام يخطب لم يتخط رقاب الناس ولا يزيد على تحية المسجد بركعتين يتجوز فيهما, ويستمع الخطبة ان كان يسمعها, ويذكر الله تعالى ان لم يسمعها ولا يتكلم فان تكلم لم يأثم في أصح القولين وان أدرك الامام راكعا في الثانية أتم الجمعة وان أدركه بعد الركوع أتم الظهر وان زوحم عن السجود وأمكنه أن يسجد على ظهر انسان فعل فإن لم يمكنه انتظر حتى يزول الزحام ثم يسجد فإن أدرك الامام قبل السلام أتم الجمعة وان لم يدرك السلام أتم الظهر وان لم يزل الزحام حتى ركع الامام في الثانية ففيه قولان أحدهما يقضي ما عليه والثاني أنه يتبع الامام.

(1/45)


باب صلاة العيدين
وصلاة العيدين سنة مؤكدة وقيل هي فرض على الكفاية فإن اتفق أهل بلد على تركها من غير عذر قوتلوا ووقتها ما بين أن ترتفع الشمس الى الزوال ويسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر فإن فاتته قضاها في أصح القولين والسنة أن يمسك في عيد الأضحى الى أن يصلي ويأكل في الفطر قبل الصلاة وتقام الصلاة في الجامع فإن ضاق بهم صلوا في الصحراء ويستخلف الامام من يصلي في الجامع بضعفة الناس ويحضرها الرجال والنساء والصبيان ويظهرون الزينة ويغتسل لها بعد الفجر فإن اغتسل قبل الفجر جاز في أحد القولين ويكبر الناس بعد الصبح ويتأخر الامام الى الوقت الذي يصلي بهم ولا يركب في المضي اليها ويمضون اليها في طريق ويرجعون في طريق آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة أن تصلي جماعة وينادي لها الصلاة جامعة ويصلي ركعتين إلا أنه يكبر في الأولى بعد دعاء الافتتاح وقبل التعوذ سبع

(1/45)


تكبيرات وفي الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات يرفع فيها اليد ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة ق وفي الثانية اقتربت الساعة ويخطب بهم خطبتين كخطبتي الجمعة الا أنه يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع تكبيرات ويعلمهم في الفطر زكاة الفطر وفي الأضحى الأضحية ويجوز أن يخطب من قعود والسنة أن يبتدي في عيد الفطر بالتكبير بعد الغروب من ليلة الفطر خلف الصلوات وفي غيرها من الأحوال وخاصة عند ازدحام الناس الى أن يحرم الامام بصلاة العيد وفي عيد الأضحى يبتدىء يوم النحر بعد صلاة الظهر ويكبر خلف الفرائض وخلف النوافل في أصح القولين الى أن يصلي من آخر أيام التشريق في أصح الأقوال وفيه قول ثان أنه يكبر من المغرب ليلة العيد الى صلاة الصبح آخر أيام التشريق وفيه قول ثالث أنه يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة الى أن يصلي العصر آخر أيام التشريق فإن رأى شيئا من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وهي العشر الأول من ذي الحجة كبر.

(1/46)


باب صلاة الكسوف
وهي سنة مؤكدة ووقتها من حين الكسوف الى حين تجلى فإن فاتت لم تقض والسنة أن يغتسل لها وأن تقام في جماعة حيث يصلي الجمعة وينادى لها الصلاة جامعة وهي ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان ويستحب أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة سورة طويلة كالبقرة ثم يركع ويدعو بقدر مائة آية ثم يرفع ويقرأ بعد الفاتحة بقدر آل عمران ويركع ويدعو بقدر سبعين آية ثم يسجد كما يسجد في غيرها ثم يقوم في الثانية فيقرأ بعد الفاتحة نحو مائة وخمسين آية ثم يركع ويدعو بقدر سبعين آية ثم يرفع فيقرأ بعد الفاتحة نحوا من مائة آية ثم يركع ويدعو بقدر خمسين آية ثم يسجد كما يسجد في غيرها فإن كانت في كسوف الشمس أسر وان كان في خسوف القمر جهر ثم يخطب خطبتين يخوفهم فيهما بالله فإن لم يصل

(1/46)


حتى تجلت لم يصل فإن لم يصل لكسوف الشمس حتى غابت كاسفة لم يصل وان لم يصل لخسوف القمر حتى غاب خاسفا قبل طلوع الشمس صلى وان اجتمع صلاتان مختلفتان بدأ بأخوفهما فوتا ثم يصلي الأخرى ثم يخطب كالمكتوبة والكسوف في أول الوقت يبدأ بالكسوف ثم يصلي المكتوبة ثم يخطب فإن استويا في الفوات بدأ بآكدهما كالوتر والكسوف يبدأ بالكسوف.

(1/47)


باب صلاة الاستسقاء
اذا أجدبت الأرض وانقطع الغيث, أو انقطع ماء العين, وعظ الامام الناس وأمرهم بالخروج من المظالم والتوبة من المعاصي ومصالحة الأعداء والصدقة, وصيام ثلاثة أيام ثم خرج بهم الى المصلى في اليوم الرابع بعد غسل وتنظف في ثياب بذلة ويخرج معه الشيوخ والعجائز والصبيان, فان أخرجوا البهائم لم يكره وان خرج أهل الذمة لم يمنعوا لكن لا يختلطون بالمسلمين ويصلى بهم ركعتين كصلاة العيد ويستحب أن يقرأ فيها سورة نوح ويخطب خطبتين يستغفر الله في افتتاح الأولى تسعا وفي الثانية سبعا ويكثر فيها من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الاستغفار ويقرأ فيها استغفروا ربكم الآية ويرفع يديه ويدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا محق1 ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم على الظراب2 ومنابت الشجر اللهم حوالينا ولا علينا اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا هنيئا مريعا غدقا محللا سحا عاما طبقا,3 دائما اللهم اسقنا
__________
1 - المحق هو النقصان وذهاب البركة, أنظر لسان العرب 10: 338.
2 - الظراب: جمع ظرب بكسر الراء دوابي الصغار لسان العرب 1: 569.
3 - قولة مرئيا أي محمود العاقبة غدقا: والغدق كثير الماء ومريعا أي ذا ربع. والخير ومعنى سحا بفتح السين وتشديد الحاء المهمله أي شديد الوقع على الأرض طبقا: مستوعبا لها فيصير كالطبق عليها ذكره في شرح المنهاج في باب صلاة الاستسقاء.

(1/47)


الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم ان بالعباد والبلاد والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو الا اليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم انا نستغفرك انك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة الثانية ويحول رداءه من يمينه الى شماله ومن شماله الى يمينه ويجعل أعلاه أسفله ويتركه الى أن ينزعه مع ثيابه ويفعل الناس مثل ذلك فإن لم يسقو أعادوا ثانية وثالثا فإن تأهبوا للصلاة فسقوا قبل الصلاة صلو وشكروا الله تعالى وسألوه الزيادة ويستحب الاستسقاء خلف الصلوات بالدعاء ويستحب لأهل الخصب أن يدعو الجدب ويستحب أن يقف في أول مطر ليصيبه وأن يغتسل في الوادي اذا سال ويسبح للرعد والبرق.

(1/48)