التنبية في الفقه الشافعي

كتاب الزكاة
مدخل
...
كتاب الزكاة
لا تجب الزكاة الا على حر مسلم تام الملك على ما تجب فيه الزكاة, فأما المكاتب فلا زكاة عليه والكافر ان كان أصليا فلا زكاة عليه وان كان مرتدا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها تجب والثاني لا تجب والثالث ان رجع الى الاسلام وجب وان لم يرجع لم يجب وما لم يتم ملكه عليه كالدين الذي على المكاتب لا تجب فيه الزكاة وفي الأجرة قبل استيفاء المنفعة قولان: أصحهما أنه تجب فيه الزكاة وفي المال المغصوب والضال والدين على مماطل قولان: أصحهما أنه تجب فيها الزكاة ولا تجب الزكاة الا في المواشي والنبات والناض وعروض التجارة وما يؤخذ من المعدن والركاز وهل تجب في أعيانها أو في الذمة ففيه قولان: أحدهما أنها تجب في الذمة والثاني في العين فيملك الفقراء من النصاب قدر الفرض فإن لم يخرج منه لم تجب في السنة الثانية زكاة.

(1/55)


باب صدقة المواشي
لا تجب الزكاة في المواشي الا في الابل والبقر والغنم, فإذا ملك منها نصابا من السائمة حولا كاملا وجب فيه الزكاة في أصح القولين ولا تجب في الآخر حتى يتمكن من الأداء وما ينتج من النصاب في أثناء الحول يزكى بحول النصاب وان لم يمض عليه حول وان باع النصاب في أثناء الحول انقطع الحول وان مات ففيه قولان: أصحهما أنه ينقطع والثاني أن الوارث

(1/55)


يبني على حول المورث وأول نصاب الابل خمس فتجب فيه شاة وفي عشر شاتان وفي خمسة عشر ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه فإن أخرج منها بعيرا قبل منه ويجزىء في شاتها الجذع من الضأن, وهو الذي له ستة أشهر والثني من المعز وهو الذي له سنة وقيل لا يجزي فيها الا الجذعة أو الثنية وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية فإن لم يكن في ابله بنت مخاض قبل منه ابن لبون وهو الذي له سنتان ودخل في الثالثة وفي ست وثلاثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة وفي احدى وستين جذعة وهي التي لها أربع سنين ودخلت في الخامسة وفي ست وسبعين بنتا لبون وفي احدى وتسعين حقتان وفي مائة واحدى وعشرين ثلاث بنات لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وفي الأوقاص التي بين النصب قولان: أحدهما انها عفو والثاني ان فرض النصاب يلعلق بالجميع ومن وجب عليه سن ولم يكن عنده أخذ منه سن أعلى منه ورد عليه شاتان أو عشرون درهما أو سن أسفل منه ودفع معه شاتان وعشرون درهما والاختيار في الصعود والنزول الى المصدق وفي الشاتين أو العشرين درهم الى الذي يعطي ذلك وان اتفق فرضان في نصاب كالمائتين فيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون اختار الساعي أنفعهما المساكين وقيل فيه قولان: أحدهما ما ذكرت والثاني تجب الحقاق وأول نصاب البقر ثلاثون فيجب فيه تبيع وهو الذي له سنة في أربعين مسنة وهي التي لها سنتان وفي ستين تبيعان وعلى هذا أبدا ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة وأول نصاب الغنم أربعون فتجب فيه شاة وفي مائة واحدى وعشرين شاتان وفي مائتين ثلاث شياة ثم في كل مائة شاة وان كانت الماشية اناثا أو ذكورا واناثا لم يؤخذ في فرضها الا الأنثى الا في ثلاثين من البقر فانه يجزي فيها الذكر وان كان كلها ذكورا أخذ في فرضها الذكر الا الابل فإنه لا يؤخذ فيها الا الاناث وقيل يؤخذ منها الذكر الا أنه يؤخذ في ست وثلاثين ابن لبون أكثر قيمة من ابن لبون

(1/56)


يؤخذ في خمس وعشرين وان كانت الماشية صحاحا أخذ منها صحيحة وان كان مراضا أخذ منها مريضة وان كانت صحاحا ومراضا أخذ منها صحيحة ببعض قيمة فرض صحيح وبعض قيمة فرض مريض على قدر المالين وان كانت صغارا فإن كانت من الغنم أخذت منها صغيرة وان كانت من الابل والبقر أخذ منها كبيرة أقل قيمة من كبيرة تؤخذ من الكبار وقيل تؤخذ الكبيرة من النصب التي يتغير الفرص فيها بالسن فأما فيما يتغير الفرض فيها بالعدد فإنه يؤخذ الصغار وان كانت المواشي أنواعا كالبخاتي والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز ففيه قولان: أحدهما يؤخذ من الأكثر والثاني يجب في الجميع بالقسط ولا تؤخذ الربى والماخض وفحل الغنم والأكولة وحزرات المال الا أن يختار رب المال وان كان بين نفسين من أهل الزكاة نصاب مشترك من الماشية أو نصاب غير مشترك الا أنهما اشتركا في المراح والمسرح والشرب والفحل والراعي والمحلب حولا كاملا زكيا زكاة الرجل الواحد فإن أخذ الساعي الفرض من نصيب أحدهما رجع على خليطة بالحصة وان كان بينهما نصاب من غير الماشية ففيه قولان أصحهما أنه كالماشية والثاني يزكيان زكاة المنفرد.

(1/57)


باب زكاة النبات
ولا تجب الزكاة في شيء من الزروع الا فيما يقتات مما ينبته الآدميون كالحنطة والشعير والدخن والذرة والأرز وما أشبهه والقطنية وهي العدس والحمص والماش والباقلي واللوبيا والهرطمان ولا تجب في شيء من الثمار الا في الرطب والعنب وقال في القديم تجب في الزيتون والورس1 والقرطم2 ولا يجب ذلك الا على من انعقد في مكله نصاب من
__________
1 - الورس نبت أصفر يكون باليمن, مختار الصحاح: ص716.
2 - القرطم حب العصفر بضم القاف, والميم وكسرهما مختار الصحاح ص530.

(1/57)


الحبوب أو بدا الصلاح في ملكه نصابا من الثمار ونصابه أن يبلغ الجنس الواحد بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق وهو ألف ستمائة رطل بالبغدادي الا الأرز والعدس وهو صنف من الحنطة يدخر في قشرة فنصابه عشرة أوسق مع قشرة وتضم ثمرة العام الواحد بعضها الى بعض في اكمال النصاب وفي الزرع أربعة أقوال احدها: أنه يضم زرع العام الواحد بعضه الى بعض والثاني يضم ما اتفق زراعته في فصل واحد والثالث ما اتفق حصاده في فصل واحد والرابع ما اتفق زراعته وحصاده في فصل واحد وما سقي بغير مؤنة كماء السماء والسيح وما يشرب بالعروق يجب فيه العشر وما سقي بمون كالنواضح والدوالي يجب فيه نصف العشر وان سقي نصفه بهذا ونصفه بذاك وجب فيه ثلاثة أرباع العشر وان سقي بأحدهما أكثر ففيه قولان: أحدهما يعتبر فيه حكم الأكثر والثاني يجب بالقسط وان جهل المقدار جعل بينهما نصفين ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه ويجب اخراج الواجب من التمر يابسا ومن الحب فإن احتيج الى قطعه للخوف من العطش أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو كان عنبا لا يجيء منه زبيب أخذ الزكاة من رطبه وان أراد صاحب المال أن يتصرف في الثمرة قبل الجفاف خرص1 عليه وضمن نصيب الفقراء ثم يتصرف فان كان أجناسا خرص نخلة نخلة وان كان جنسا واحدا جاز أن يخرص دفعة واحدة وأن يخرص واحدة واحدة فإن باع قبل أن يضمن نصيب الفقراء بطل البيع في أحد القولين, ولم يبطل في الآخر وان باع الثمرة قبل بدو الصلاح أو باع الماشية قبل الحول فرارا من الزكاة كره ذلك ولم يبطل البيع.
__________
1 - الخرص: جزر ما عن النخل من الرضب تمرا, مختار الصحاح ص172.

(1/58)


باب زكاة الناض
ومن ملك نصابا من الذهب والفضة حولا كاملا وهو من أهل الزكاة

(1/58)


وجبت عليه الزكاة ونصاب الذهب عشرون مثقالا وزكاته نصف مثقال وفيما زاد بحسابه ونصاب الورق مائتا درهم وزكاته خمسة دراهم وفيما زاد بحسابه وان ملك حليا معدا لاستعمال مباح لم تجب الزكاة فيه في أحد القولين وان كان معدا لاستعمال محرم أو مكروه أو للقنية وجبت فيه الزكاة.

(1/59)


باب زكاة العروض
اذا اشترى عرضا بنصاب من الأثمان بنى حوله على حول الثمن وان اشتراه بعرض للقنية أو بما دون النصاب من الأثمان انعقد الحول عليه من يوم الشراء وقيل لا يجزيء في الحول حتى تكون قيمته نصابا من أول الحول الى آخره وان اشترى بنصاب من السائمة فقد قيل يبني على حول الماشية وقيل ينعقد عليه الحول من يوم الشراء وهو الأظهر ويقوم مال التجارة برأس المال ان كان نقدا وبنقد البلدان كان رأس المال عرضا وقيل ان كان رأس المال دون النصاب قوم بنقد البلد فإن بلغت قيمته في آخر الحول نصابا زكاه وان نقصت عن النصاب لم تلزمه الزكاة الى أن يحول عليه حول آخر وقيل ان زادت قيمته بعد ذلك بيوم أو بشهر صار ذلك حوله وتلزمه الزكاة ويجعل الحول الثاني من ذلك الوقت وان اشترى عرضا مائتي درهم ونض ثمنه وزاد على قدر رأس المال زكى الأصل لحوله وزكى الزيادة لحولها وفي حول الزيادة وجهان: أحدهما من حين الظهور والثاني من حين النض وقيل في المسألة قولان: أحدهما يزكي الأصل لحوله والزيادة لحولها والثاني يزكي الجميع بحول الأصل وان باع عرض التجارة في أثناء الحول بعرض للتجارة لم ينقطع الحول وان باع الأثمان بعضها ببعض للتجارة فقد قيل ينقطع الحول وقيل لا ينقطع وان اشترى للتجارة ما تجب الزكاة زكاة العين وان سبق وقت وجوب زكاة التجارة بأن يكون عنده مال للتجارة فاشترى به نصابا من السائمة وجبت زكاة التجارة وان اتفق وقت وجوبهما ففيه قولان وقيل القولان في الأحوال كلها.

(1/59)


باب زكاة المعدن والركاز
اذا استخرج من معدن في أرض مباحة أو مملوكة له نصابا من الذهب أو الفضة وهو من جهل الزكاة دفعه أو في أوقات متتابعة لم ينقطع فيها عن العمل بترك واهمال وجب عليه الزكاة في الحال وفي أصح القولين ولا تجب في الآخر حتى يحول عليه الحول وفي زكاته ثلاثة أقوال: أحدهما ربع العشر والثاني الخمس والثالث ان أصابه بلا تعب ولا مؤنة وجب فيه الخمس وان أصابه بتعب أو مؤنة ففيه ربع العشر ولا يخرج الحق الا بعد الطحن والتخليص وان وجد ركازا من دفين الجاهلية في موات وهو نصاب من الأثمان وجب فيه الخمس في الحال وان كان دون النصاب أو قدر النصاب من غير الأثمان ففيه قولان: فان كان من دفين الاسلام فهو لقطة وان كان في أرض مملوكة فهو لصاحب الأرض

(1/60)


باب زكاة الفطر
وتجب زكاة الفطر على كل حر مسلم فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ما يؤدي في الفطرة فإن فضل بعض ما يؤدي فقد قيل يلزمه وقيل لا يلزمه ومن وجبت عليه فطرته وجبت عليه فطرة كل من تلزمه نفقته اذا كانوا مسلمين ووجد ما يؤدي عنهم فإن وجد ما يؤدي عن البعض بدأ بمن يبدأ بنفقته وقيل يقدم فطرة الزوجة على فطرة نفسه وقيل يبدأ بفطرة نفسه ثم هو بالخيار في غيره وقيل هو بالخيار في حق نفسه وحق غيره وان زوج أمته بعبد أو حر معسر أو تزوجت موسرة بحر معسر ففيه قولان: أحدهما تجب على السيد فطرة الأمة وعلى الحرة فطرة نفسها والثاني لا تجب وقيل تجب على السيد ولا تجب على الحرة وهو ظاهر المنصوص وتجب صدقة الفطر اذا أدرك آخر جزء من شهر رمضان وغربت الشمس في أصح القولين وتجب بطلوع الفجر في الثاني والأفضل أن تخرج قبل صلاة العيد ويجوز اخراجها في جميع شهر.

(1/60)


رمضان ولا يجوز تأخيرها عن يوم الفطر فان أخرها أثم ولزمه القضاء والواجب منه صاع بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي ويجب ذلك من الأقوات التي تجب فيها الزكاة وهي التمر والزبيب والبر والشعير وما أشبهها وأما الأقط1 فقد قيل يجوز وقيل فيه قولان وتجب الفطرة مما يقتاته من هذه الأجناس وقيل من غالب قوت البلد فإن عدل عن القوت الواجب الى قوت أعلى منه أجزأه وان عدل الى ما دونه ففيه قولان ولا يجزيء صاع من جنسين فإن كان عبدين نفسين مختلفي القوت فقد قيل يخرج كل واحد منهما نصف صاع من قوته وقيل يخرجان من أدنى القوتين وقيل يخرجان من قوت البلد الذي فيه العبد فان كانوا في بادية لا قوت لهم فيها أخرجوا من قوت البلاد إليهم ولا يؤخذ في الفطرة دقيق ولا سويق ولا حب معيب.
__________
1 - الاقط: شي يؤخذ من اللين المخيض, وهو من البان الابل خاصة 7: 257.

(1/61)


باب قسم الصدقات
من وجبت عليه الزكاة وقدر على اخراجها لم يجز له تأخيرها فإن أخرجها أثم وضمن, وان منعها جاحدا لوجوبها كفر, وأخذت منه وقتل وان منعها بخلا بها أخذت منه وعزر عليه وان غلها أخذت منه وعزر وان قال بعته ثم اشتريته ولم يحل عليه الحول, وما أشبه ذلك مما يخالف الظاهر وحلف عليه وقيل يحلف استحبابا وان قال لم يحل عليه الحول بعد وما أشبهه مما لا يخالف الظاهر حلف استحبابا فان الزكاة قبلت منه والمستحب أن يدعي له ويقال آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا, وان مات بعد وجوب الزكاة عليه قضى ذلك من تركته وان كان هناك دين آدمي ففيه ثلاثة أقوال: أحدها يقدم الزكاة والثاني تقدم الدين والثالث يقسم بينهما وكل مال تجب فيه الزكاة

(1/61)


بالحول والنصاب جاز تقديمها على الحول وان تسلف الامام الزكاة من غير مسألة فهلك في يد ضمن وان تسلف بمسألة الفقراء فهو من ضمانهم وان تسلف بمسألة أرباب الأموال فهو من ضمانهم وان تسلف بمسألة الجميع فقد قيل هو من ضمان الفقراء وقيل من ضمان أرباب الأموال وان عجل شاة عن مائة وعشرين نتجت شاة سخلة1 قبل الحول ضم المخرج الى ماله ولزمه شاة أخرى وان نقص النصاب قبل الحول وكان قد بين أنها زكاة معجلة جاز له أن يسترجع وان هلك الفقير أو استغنى من غير الزكاة قبل الحول لم يجزئه عن الفرض ويسترجع ان كان قد بين انها معجلة ومن وجبت عليه الزكاة في الأموال الباطنة وهي الناض وأموال التجارة والزكاة جاز له أن يفرق ذلك بنفسه وبوكيله ويجوز أن يدفع الى الامام وفي الأفضل أوجه أحدها: أن يفرق بنفسه والثاني أن يدفع الى الامام والثالث ان كان الامام عادلا فالأفضل أن يدفع اليه وان كان جائز فالأفضل أن يفرق بنفسه وفي الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار والمعادن قولان: أصحهما أن له أن يفرق بنفسه ويكره أن ينقل الزكاة من بلد المال وان نقل ففيه قولان: أحدهما يجزئه والثاني لا يجزئه وان نقل الى ما لا تقصر اليه الصلاة فقد قيل يجوز والثاني لا يجوز وان حال عليه الحول والمال ببادية فرقها أقرب البلاد اليه وان وجبت عليه زكاة الفطر في بلد وماله في غيره ففيه قولان أحدهما أنها تجب لفقراء بلد المال والثاني تجب لفقراء موضعه وهو الأصح ولا تصح الزكاة حتى ينوي انها زكاة ماله وزكاة واجبة وقيل ان دفع الى الامام أجزأه من غير نية وليس بشيء ويجوز أن ينوي قبل حال الدفع وقيل لا يجوز وان دفع الى وكيله ونوى وكيله ولم ينو رب المال لم يجز وان نوى رب المال ولم ينو الوكيل فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز وان حصل عند الامام ماشية فالمستحب أن يسم الابل والبقر في أصول أفخاذها والغنم في آذانها فإن كانت من الزكاة كتب
__________
1 - شاة سخله ساعة وضعها ذكرا أو انثى: مختار الصحاح ص29.

(1/62)


زكاة أو صدقة وان كانت من الجزية كتب جزية أو صغارا ويجب صرف زكاة المال الى ثمانية أصناف أحدها العامل ومن شرطه أن يكون حرا فقيها أمينا ولا يكون ممن حرم عليه الصدقة من ذوي القربى ويجعله له الثمن فإن كان الثمن أكثر من عمله رد الفاضل على بقية الأصناف وان كان أقل قمم من خمس الخمس في أحد القولين ومن الزكاة في الثاني والثاني الفقراء وهم الذين لا يقدرون على ما يقع موقعا من كفايتهم فيدفع اليهم ما تزول به حاجتهم من أداة يكتسب بها أو مال يتجر به وان عرف رجل بالغنى ثم ادعى الفقر لم يدفع اليه الا ببينة والثالث المساكين وهم الذين يقدرون على ما يقع وموقعا من كفايتهم ولا يكفيهم فيدفع اليهم ما تتم به الكفاية فإن رآه قويا وادعى أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين وقيل يعطي يمين واذا ادعى عيالا لم يقبل الا ببينة والرابع المؤلفة وهم ضربان مؤلفة الكفار ومؤلفة المسلمين فأما مؤلفة الكفار فضربان: من يرجى اسلامه ومن يخاف شره فيعطون من خمس الخمس ومؤلفة المسلمين ضربان ضرب لهم شرف يرجى بعطيتهم اسلام نظرائهم وقوم يرجى اسلامهم فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم وأما بعده ففيه ثلاثة أقوال: أحدها لا يعطون والثاني يعطون من سهم المؤلفة والثالث من خمس الخمس وضرب في طرف بلاد الاسلام ان أعطوا دفعوا عن المسلمين وقوم ان أعطوا أجبوا الصدقات ممن يليهم ففيهم أقوال: أحدها يعطون من سهم المؤلفة والثاني من خمس الخمس والثالث من سهم سبيل الله والرابع من سهم المؤلفة وسهم سبيل الله والخامس الرقاب وهم المكاتبون فيدفع اليهم ما يؤدون في الكتابة ان يكن معهم ما يؤدون ولا يزادون على ما يؤدون ولا يقبل قوله انه مكاتب الا ببينة فإن صدقة المولى فقد قيل يدفع اليه وقيل لا يدفع والسادس الغارمون وهم ضرب غرم لاصلاح ذات البين فيدفع اليه مع الغني في ظاهر المذهب ما يقضي به الدين وضرب غرم لنفسه فيدفع اليه مع الحاجة يقضي به الدين ولا يدفع اليه حتى يثبت أنه غارم بالبينة فان صدقة غريمة فعلى الوجهين وان غرم في معصية وتاب دفع اليه وقيل لا يدفع والسابع في سبيل الله وهم الغزاة

(1/63)


الذين لا حق لهم في الديون فيدفع اليهم ما يستعينون به في غزوهم مع الغني والثامن ابن السبيل وهو المسافر والمريد للسفر في غير معصية فيدفع اليه ما يكفيه في خروجه ورجوعه ولا يدفع اليه حتى تثبت حاجته فان فضل منه شيء استرجع منه وان فقد صنف من هذه الأصناف وفر نصيبه على الباقين والمستحب أن يصرف صدقته الى أقاربه الذين لا يلزمه نفقتهم وأن يعم كل صنف ان أمكن وأقل ما يجزيء أن يدفع الى ثلاثة من كل صنف منهم الا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا والأفضل أن يفرق عليهم على قدر حاجتهم وأن يسوي بينهم وان دفع جميع السهم الى اثنين غرم للثالث الثلث في أحد القولين وأقل جزء في القول الآخر وان فضل عن بعض الأصناف شيء وكان نصيب الباقين وفق كفايتهم نقل ما فضل الى ذلك الصنف بأقرب البلاد اليه وان فضل عن بعضهم ونقص عن كفاية البعض نقل الفاضل الى الذين نقص سهمهم عن الكفايا في أحد القولين وينقل الى الصنف الذين فضل سهمهم أقرب البلاد في القول الآخر وأما زكاة الفطر فالمذهب أنها كزكاة المال تصرف الى الأصناف وقيل يجزي أن تصرف الى ثلاثة من الفقراء ولا تدفع الزكاة الى كافر ولا الى بني هاشم وبني المطلب وقيل ان منعوا حقهم من خمس الخمس دفع اليهم وليس بشيء ويجوز الدفع الى موالي بني هاشم وبني المطلب وقيل لا يجوز.

(1/64)


باب صدقة التطوع
ويستحب الصدقة في جميع الأوقات ويستحب الاكثار منها في شهر رمضان وأمام الحاجات ولا يحل ذلك لمن هو محتاج الى ما يتصدق به في كفايته وكفاية من تلزمه كفايته أوفي قضاء دينه ويكره لمن لا يصبر على الاضاقة.

(1/64)