التنبية في الفقه الشافعي

كتاب النكاح
مدخل
...
كتاب النكاح
من جاز له النكاح من الرجال وهو جائز التصرف فان كان غير محتاج إليه كره له أن يتزوج إن كان محتاجا إستحب له أن يتزوج والأولى أن لا يزيد على امرأة واحدة وهو مخير: بين أن يعقد بنفسه وبين أن يوكل من يعقد له ولا يوكل إلا من يجوز أن يقبل العقد بنفسه فإن وكل عبدا فقد قيل يجوز, وقيل لا يجوز والمستحب أن لا يتزوج إلا من يجمع الدين والعقل فإن لم يكن جائز التصرف فإن كان صغيرا ورأي الأب أو الجد تزويجه زوجه وان كان مجنونا فإن كان يفيق في وقت لم يزوج إلا باذنه وإن كان لا يفيق وهومحتاج إلى النكاح زوجه الأب أو الجد أو الحاكم وان كان سفيها, وهو محتاج إلى النكاح زوجه الأب أو الجد أو الحاكم فإن أذنوا له فعقد بنفسه جاز وإن كان يكثر الطلاق سري بجارية, وإن كان عبدا صغيرا زوجه المولى وإن كان كبيرا تزوج بإذن المولى وهل للمولى أن يجبره على النكاح فيه قولان: أصحهما أنه ليس له إجباره فإن طلب العبد النكاح فهل يجبر المولى عليه فيه قولان: أصحهما أنه لا يجبر ومن جاز لها النكاح من النساء فان كانت لا تحتاج الى النكاح كره لها أن تتزوج وإن كانت محتاجة إليه استحب لها أن تتزوج وإن كانت حرة ودعت إلى كفؤ وجب على الولي تزويجها وإن كانت بكرا جاز للأب والجد تزويجها بغير إذنها والمستحب أن يستاذنها إن كانت بالغة وإذنها السكوت وإن كانت ثيبا فإن كانت عاقلة لم يجز لأحد تزويجها إلا

(1/157)


بإذنها بعد البلوغ, وإذنها بالنطق فإن كانت مجنونة فإن كانت صغيرة جاز للأب والجد تزويجها وإن كانت كبيرة جاز للأب والجد والحاكم تزويجها, وإن كانت أمة وأراد المولى تزويجها بغير إذنها جاز وإن دعت المولى الى تزويجها لم يلزم المولى تزويجها وقيل: إن كانت محرمة عليه لزمه تزويجها, وإن كانت مكاتبة لم يجز للمولى تزويجها بغير إذنها, وإن دعت هي إلى تزويجها فقد قيل يجب وقيل لا يجب ولا يصح نكاح المرأة إلا بولي ذكر فإن كانت أمة زوجها السيد وإن كانت لإمرأة زوجها من يزوج المرأة بإذنها, وإن كانت المرأة غير رشيدة فقد قيل: لا تزوج وقيل يزوجها أب المرأة وجدها وإن كانت حرة زوجها عصباتها وأولاها الأب ثم الجد ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم ثم المولى ثم عصبة المولى ثم مولى المولى ثم عصبته ثم الحاكم ولا يزوج, وهناك من أقرب منه فإن استوى اثنان في الدرجة وأحدهما يدلي بالأبوين والآخر بالأب فالولي هو الذي يدلي بالأبوين في أصح القولين, وفيه قول آخر أنهما سواء وإن استوى إثنان في الدرجة والإدلاء فالأولى أن يقدم أسنهما وأعلمهما, وأفضلهما فإن سبق الآخر فزوج صح وإن تشاحا أقرع بينهما فإن خرجت القرعة لأحدهما فزوج الاخر فقد قيل يصح وقيل لا يصح ولا يجوز أن يكون الولي عبدا ولا صغيرا ولا سفيها ولا ضعيفا, ولا يجوز أن يكون الولي فاسقا لا السيد في تزويج أمته وقيل إن كان غير الأب والجد جاز أن يكون فاسقا, وهو خلاف النص وهل يجوز أن يكون الولي أعمى فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز ولا يجوز أن يكون, ولي المسلمة كافرا ولا ولي الكافرة مسلما إلا السيد في الأمة والسلطان في نساء أهل الذمة وإن خرج الولي عن أن يكون وليا انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء, وإن عضلها وقد دعت إلى كفؤ أو غاب زوجها الحاكم ولم تنتقل الولاية إلى من بعده, وقيل إن كانت الغيبة إلى مسافة لا تقصر فيها الصلاة لم تزوج حتى يستأذن ويجوز للولي أن يوكل من يزوج وقيل لا يجوز لغير الأب والجد إلا بإذنها ويجب أن يعين

(1/158)


الزوج في التوكيل في أحد القولين, ولا يجب في الآخر ولا يجوز أن يوكل إلا من يجوز أن يكون وليا وقيل يجوز أن يوكل الفاسق وليس للولي ولا للوكيل أن يوجب النكاح لنفسه وقيل يجوز للسلطان فيمن هو في ولايته, ولا يجوزلأحد أن يتولى الإيجاب والقبول في نكاح واحد, وقيل يجوز للجد أن يوجب ويقبل في تزويج بنت ابنه بابن ابنه ولا يزوج أحد من الأولياء المرأة من غير كفؤ الا برضاها, ورضا سائر الأولياء فإن دعت إلى غير كفؤ لم يلزم الولي تزويجها والكفاءة في النسب والدين والصنعة والحرية ولا تزوج عربية بأعجمى ولا قرشية بغير قرشي, ولا هاشمية بغير هاشمي ولا عفيفة بفاجر ولا حرة بعبد ولا بنت تاجر أو تانىء بحائك أو حجام فإن زوجها من غير كفؤ بغير رضاها, وبغير رضا بقية الأولياء فالنكاح باطل وقيل فيه قولان: أحدهما أن النكاح باطل والثاني أنه صحيح, ولها الخيار ولا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين ذكرين حرين مسلمين عدلين فإن عقد بشهادة مجهولين جاز على المنصوص, ولا يصح إلا على زوجين معينين ويستحب أن يخطب قبل العقد وأن يقول قبل العقد أزوجك على ما أمر الله به من امساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يصح العقد إلا بلفظ التزويج, أو الإنكاح فإن قال زوجتك وأنكحتك فقال قبلت ولم يقل نكاحها أو تزويجها فقد قيل يصح وقيل لا يصح, وقيل على قولين وإن عقد بالعجمية وهو يحسن بالعربية لم يصح وإن لم يحسن صح على ظاهر المذهب وقيل لا يصح ويجب تسليم المرأة في منزل الزوج إن كانت ممن يمكن الإستمتاع بها فإن سألت الإنظار ثلاثة أيام أنظرت وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا بالليل والمستحب إذا سلمت إلى الزوج أن ياخذ بناصيتها أول ما يلقاها, ويقول بارك الله لكل واحد منا في صاحبه ويملك الاستمتاع بها من غير اضرار وله أن يسافر بها إن شاء, وله أن ينظر إلى جميع بدنها وقيل لا ينظر إلى الفرج ولا يجوز وطئها في حال الحيض ولا في الدبر, وإن كانت أمة فله أن يعزل عنها والأولى أن لا يعزل إن كانت حرة لم يجز إلا بإذنها وقيل يجوز من غير إذنها وله أن يجبرها على ما

(1/159)


يقف الإستمتاع عليه كالغسل من الحيض, وترك السكر وأما ما يكمل به الاستمتاع كالغسل من الجنابة واجتناب النجاسة, وإزالة الوسخ والإستحداد ففيه قولان.

(1/160)


باب ما يحرم من النكاح
ولا يصح نكاح المحرم, والمرتد والخنثى المشكل, وهو الذي له فرج الرجل وفرج المرأة ويبول منهما دفعة واحدة ويميل إلى الرجال والنساء ميلا واحدا, ويحرم على الرجل نكاح الأم والجدات والبنات وبنات الأولاد وإن سفلوا والأخوات, وبنات الأخوات وبنات أولاد الأخوات وإن سفلوا وبنات الأخوة وبنات أولاد الأخوات وإن سفلوا والعمات والخالات وان علون, ويحرم عليه أم المرأة وجداتها وبنت المرأة وبنات أولادها فإن بانو الأم منه قبل الدخول بها حللن له فإن دخل بها حرمن على التابيد, ويحرم عليه أم من وطئها بملك أو بشبهه وأمهاتها وبنت من وطئها بملك أو بشبهة وبنات أولادها, فإن لمسها بشهوة فيما دون الفرج ففيه قولان, ويحرم عليه زوجة أبيه وأزواج أبائه وزوجة ابنه وأزواج أولاده ومن دخل بها الأب بملك أو بشبهة أو دخل بها آباؤه ومن دخل بها الإبن بملك اليمين, أو بشبها أو دخل بها أولاده وان تزوج امرأة ثم وطئها أبوه أو ابنه بشبهة أو وطىء هو أمها, أو بنتها بشبهة إلفسخ نكاحها ويحرم عليه أن يجمع بين المرأة وأختها وبين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها, وما حرم من ذلك بالنسب حرم بالرضاع ومن حرم نكاحها ممن ذكرناه حرم بالرضاع ومن حرم نكاحها ممن ذكرناه حرم وطئها بملك اليمين, وان وطىء أمة بملك اليمين ثم تزوج أختها أو عمتها أو خالتها حلت المنكوحة وحرمت المملوكة, ويحرم على المسلم نكاح المجوسية والوثنية والمرتدة والمولوده بين المجوسي والكتابية وهل يحرم المولودة بين الكتابي والمجوسية فيه قولان ويحرم على المسلم نكاح الأمة الكتابية ولا يحرم وطئها بملك اليمين ويحرم على الحر نكاح الأمة المسلمة الا أن

(1/160)


يخاف العنت1 ولا يجد صداق حرة فإن جمع بين حرة وأمة ففيه قولان أحدهما يبطل النكاح فيهما والثاني أنه يصح في الحرة ويبطل في الأمة ويحرم على الرجل نكاح جارية ابنه ونكاح جاريته ويحرم على العبد نكاح مولاته فإن تزوج جارية أجنبي ثم اشتراها إلفسخ النكاح وإن اشتراها ابنه فقد قيل ينفسخ وقيل لا ينفسخ وإن تزوجت الحرة بعبد ثم اشترته انفسخ النكاح ويحرم الملاعنة على من لاعنها والمطلقة ثلاثة على من طلقها ويحرم على الرجل نكاح المحرمة والمعتدة من غيره ويكره له نكاح المرتابة بالحمل فإن نكحها فقد قيل يصح وقيل لا يصح ويحرم على الحر أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة وله أن يطا بملك اليمين ما شاء ويحرم على العبد أن يجمع بين أكثر من امرأتين ولا يصح نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل وليته من رجل على أن يزوجه ذلك وليته ويكون بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى ولا يصح نكاح العبد على أن تكون رقبته صداقا للمرأة ولا نكاح المتعة وهو أن يتزوجها إلى مدة ولا نكاح المحلل وهو أن ينكحها ليحلها للزوج الأول فإن عقد لذلك ولم يشرط في العقد كره ولم يفسد العقد وإن تزوجها على أنه إذا أحلها طلقها ففيه قولان أحدهما أنه يبطل والثاني لا يبطل وإن تزوج بشرط الخيار فالعقد باطل وإن تزوج وشرط عليه أن لا يطاها بطل العقد وإن تزوج على أن لا ينفق عليها أولا يبيت عندها أولا يتسرى عليها أولا يسافر بها أولا يقسم لها بطل الشرط والمسمى وصح العقد ووجب مهر المثل وقيل إن شرط ترك الوطء أهل الزوجة بطل العقد وإذا طلقت المرأة ثلاثا أو تولي عنها زوجها فاعتدت منه حرم التصريح بخطبتها ولا يحرم التعريض2 وإن خالعها زوجها فاعتدت منه لم يحرم على زوجها التصريح بخطبتها ويحرم على غيره وفي التعريض قولان أحدهما يحرم والثاني لا يحرم ويحرم على الرجل أن يخطب على
__________
1 العنت: الزنا انظر لسان العرب 2: 61.1
2 كأن يقول لها إنك علي لكريمة وإني فيك لراغب فإن الله لسائق إليك خيرا ورزقا ونحو هذا من القول ينظر الأم: 5: 141 باب التعريض في خطبة النكاح.

(1/161)


خطبة أخيه إذا صرح له بالإجابة, فإن خالف وتزوج صح العقد وإن عرض له بالإجابة ففيه قولان: أصحهما أنه لا يحرم خطبتها والثاني يحرم.

(1/162)


باب الخيار في النكاح والرد بالعيب
إذا وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا أو جذاما أو برصا1 ثبت له الخيار وإن وجد أحدهما الآخر خنثي ففيه قولان وإن وجد الزوج بالمرأة رتقا وقرنا2 ثبت له الخيار وإن وجدت المرأة زوجها عنينا أو مجبوبا3 ثبت لها الخيار وإن وجدته خصيا أو مسلولا ففيه قولان: أصحهما أنه لا خيار لها وإن حدث العيب بالزوج كان لها أن تفسخ وإن حدث بالزوجة ففيه قولان: أصحهما أن له الفسخ وإن وجد أحدهما بالآخر عيبا من هذه العيوب وبه مثله فقد قيل يفسخ وقيل لا يفسخ ولا يصح الفسخ, بهذه العيوب إلا على الفور ولا يجوز إلا بالحاكم ومتى وقع الفسخ فإن كان قبل الدخول سقط المهر وإن كان بعد الدخول نظر فإن كان بعيب حدث بعد الوطء وجب المسمى وإن كان بعيب قبل الوطء سقط المسمى ووجب مهرالمثل وهل يرجع به على من غره4 ففيه قولان وليس لولي الحرة ولا لسيد الأمة ولا لولي الطفل تزويج المولى عليه ممن به هذه العيوب فإن أرادت الحرة أن تتزوج بمجنون كان للولي منعها وإن أرادت أن تتزوج بمجبوب أو عنين لم يكن له منعها وإن أرادت أن تتزوج بمجذوم أو أبرص فقد قيل له منعها وقيل ليس له وإن حدث العيب بالزوج ورضيت به المرأة لم يجبرها الولي على الفسخ وإن أختلف الزوجان في
__________
1 - الجزام هو علة يجمر منها العضو ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر ويتصوم في كل عضو غير أنه يكون في الوجه أغلب والبرص: وهو بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته أنظر نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج باب الخيار في النكاح.
2 - الرتق يقال امرأة رتقاء: أي منسدا محل الجماع منها بلحم. والقرن: وهو انسداد بعظم أنظر نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج باب الخيار في النكاح.
3 - العنة: يقال رجل عنين أي به داء يمنع انتشار ذكره. والجب: وهو المقطوع الذكر أنظر نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج باب الخيار في النكاح.
4 - غره: الغره هي الغفله: يقال اغتر بالشيء أي خدع فيه. أنظر مختار الصحاح ص471.

(1/162)


التعنين, فادعت المراة وأنكر الرجل فالقول قوله مع يمينه وإن أقر بالتعنين أجل سنة من يوم المرافعة فإن جامعها وأدناه أن يغيب الحشفة في الفرج سقطت المدة, وإن ادعى أنه وطئها وهي ثيب فالقول قوله مع يمينه, وإن كانت بكرا فالقول قولها مع يمينها وإن اختارت المرأة المقام معه قبل انقضاء الأجل لم يسقط خيارها على المنصوص وإن جب بعض ذكره وبقى ما يمكن الجماع به فادعى أنه يمكنه الجماع وأنكرت المرأة فقد قيل القول قوله وقيل القول قولها وإن اختلفا في القدر الباقي هل يمكن الجماع به فالقول قول المرأة وإن تزوج إمرأة وشرط أنه حر فخرج عبدا فهل يصح النكاح فيه قولان أحدهما أنه باطل والثاني أنه صحيح ويثبت لها الخيار وان شرط أنها حرة فخرجت أمة وهو ممن يحل له نكاح الأمة ففيه قولان: أحدهما أنه باطل والثاني أنه صحيح وهل له الخيار فيه قولان: أصحهما أن له الخيار وقيل إن كان الزوج عبدا فلا خيار له قولا واحدا والأول أصح فإن كان قد دخل بها وقلنا أن النكاح باطل أو قلنا أنه يصح ولها الخيار فاختارت الفسخ لزمه مهر مثلها وهل يرجع به على من غره فيه قولان وإن أتت بولد لزمه قيمته يوم الوضع ويرجع بها على من غره وإن تزوج إمرأة وشرط أنها أمة فخرجت حرة أوعلى أنها كتابية فخرجت مسلمة ففيه قولان: أحدهما أن النكاح باطل والثانى أنه صحيح ولا خيار له وإن تزوج إمرأة ثم بان أنها أمة وهو ممن يحل له نكاحها أو بان أنها كتابية فقد قيل فيهما قولان: أحدهما أن له الخيار والثاني أنه لا خيار له وقيل في الأمة لا خيار له وفي الكتابية يثبت الخيار وإن تزوج عبد بأمة ثم اعتقت الأمة ثبت لها الخيار وفي وقته ثلاثة أقوال: أحدها أنه على الفور والثاني أنه إلى ثلاثة أيام والثالث إلى أن يطأها فإن أعتقت وهي في عدة من طلاق رجعي فلم تفسخ أو اختارت المقام لم يسقط خيارها فإن لم تفسخ وادعت الجهل بالعتق ومثله يجوز أن يخفي عليها قبل قولها وإن ادعت الجهل بالخيار ففيه قولان: أحدهما يقبل والثاني لايقبل وإن أعتقت فلم تفسخ حتى أعتق الزوج ففيه قولان: أحدهما يبطل

(1/163)


خيارها والثاني لا يبطل ويجوز لها الفسخ بالعتق من غير حاكم, فإن فسخت قبل الدخول سقط المهر وإن فسخت بعد الدخول بعتق بعده وجب المسمى, وإن فسخت بعد الدخول بعتق قبله سقط المسمى ووجب مهر المثل وإن طلقها الزوج قبل أن تختار الفسخ ففيه قولان أحدهما أنه يقع والثاني أنه موقوف فإن فسخت لم يقع وإن لم تفسخ تبينا أنه قد وقع.

(1/164)


باب نكاح المشرك
إذا أسلم أحد الزوجين الوثنيين, أو المجوسيين أو أسلمت المرأة والزوج يهودي أو نصراني فإن كان ذلك قبل الدخول تعجلت الفرقة وإن كان بعد الدخول, وقفت الفرقة على إنقضاء العدة فإن أسلم الاخر قبل انقضائها فهما على النكاح, وإن لم يسلم حتى انقضت العدة حكم بالفرقة من حين أسلم الأول منهما فإن وطئها في العدة ولم يسلم الثاني منهما وجب المهر فإن أسلم فالمنصوص أنه لا يجب المهر وفيه قول مخرج أنه يجب وإن أسلم الحر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه اختار أربعا منهن فإن لم يفعل أجبر على ذلك وأخذ بنفقتهن إلى أن يختار فإن طلق واحدة منهن كان ذلك اختيارا لها, وإن ظاهر منها أو آلى لم يكن اختيارا وإن وطئها فقد قيل هو اختيار, وقيل ليس باختيار وإن مات قبل أن يختار وقف ميراث أربع منهن إلى أن يصطلحن فإن أسلم وتحته أم وبنت وأسلمتا معه فإن كان قد دخل بهما انفسخ نكاحهما, وإن لم يدخل بواحدة منهما ففيه قولان: أحدهما يثبت نكاح البنت ويبطل نكاح الأم والثاني وهو الأصح أنه يختار أيتهما شاء وينفسخ نكاح الأخرى وإن دخل دون الأم ثبت نكاح البنت وانفسخ نكاح الأم وإن دخل بالأم دون البنت ففيه قولان: أحدهما ينفسخ نكاحهما وحرمتا على التأبيد والثاني يثبت نكاح الأم وينفسخ نكاح البنت, فإن أسلم وتحته أربع إماء فاسلمن معه فإن كان ممن يحل له نكاح الإماء اختار واحدة منهن وإن كان ممن لا يحل له نكاح الإماء إنفسخ نكاحهن وإن نكح حرة وإماء وأسلمت

(1/164)


الحرة معه ثبت نكاحها وانفسخ نكاح الإماء, وإن لم تسلم الحرة وأسلم الإماء وقف أمرهن على إسلام الحرة فإن أسلمت قبل انقضاء العدة لزم نكاحها وانفسخ نكاحهن, وإن لم تسلم حتى انقضت عدتها وهو ممن يحل له نكاح الإماء كان له أن يختار واحدة من الاماء, وان أسلم وتحته إماء وهو موسر فلم يسلمن حتى أعسر ثم أسلمن كان له أن يختار واحدة من الإماء, وإن أسلم عبد وعنده أربع نسوة فاسلمن معه اختار اثنتين فإن اسلم وأعتق ثم أسلمن أو أسلمن وأعتق ثم أسلم ثبت نكاح الأربع, وإن أسلم الزوجان وبينهما نكاح متعة أو نكاح شرط فيه خيار الفسخ متى شاءوا, أو شاء أحدهما لم يقرأ عليه وإن أسلما وقد تزوج في العدة أو بشرط خيار الثلث فإن أسلما قبل انقضاء العدة, أوقبل انقضاء العدة أو قبل انقضاء مدة الخيار لم يقرأ عليه, وإن أسلما بعد إنقضاء العدة أو بعد انقضاء الخيار أقرا عليه وإن قهر حربي حربية على الوطء أو طاوعته ثم أسلما فإن اعتقدا ذلك نكاحا أقرا عليه, وإن لم يعتقداه نكاحا لم يقرا عليه وإن ارتد الزوجان المسلمان أو أحدهما قبل الدخول تعجلت الفرقة, وإن كان بعد الدخول وقفت الفرقة على انقضاء العدة فإن اجتمعا على الإسلام قبل انقضائها فهما على النكاح, وإن لم يجتمعا قبل انقضاء العدة حكم بالفرقة وإن انتقل المشرك من دين إلى دين يقر أهله عليه ففيه قولان: أحدهما يقر عليه والثاني لا يقرا عليه وما الذي يقبل منه فيه قولان: أحدهما الإسلام والثاني الإسلام أو الدين الذي كان عليه.

(1/165)


باب الصداق
المستحب أن لا يعقد النكاح, إلا بصداق وما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون صداقا فإن ذكر صداقا في السر وصداقا في العلانية فالصداق ما عقد به العقد ولا يزوج ابنته الصغيرة بأقل من مهر المثل ولا ابنه الصغير بأكثر من مهر

(1/165)


المثل فإن نقص ذلك, وزاد هذا بطلت الزيادة ووجب مهر المثل ولا يتزوج السفيه بأكثر من مهر المثل فغن زاد بطلت الزيادة, ولا يتزوج العبد بأكثر من مهر المثل ومهر إمرأته في كسبه إن كان مكتسبا أو فيما في يده إن كان مأذونا له في التجارة فإن لم يكن مكتسبا, ولا مأذونا ففي ذمته إلى ان يعتق في أحد القولين او يفسخ النكاح وفي ذمة السيد في الآخر, وإن زاد على مهر المثل وجبت الزيادة في ذمته يتبع بها إذا عتق وإن تزوج بغير إذنه ووطىء ففي المهر ثلاثة أقوال: أحدهايجب حيث يجب المهر في النكاح الصحيح والثاني ان يتعلق بذمته والثالث انه يتعلق برقبته تباع فيه, ويجوز أن يكون الصداق عينا تباع ودينا يسلم فيه ومنفعة تكري ويجوز حالا ومؤجلا وما لايجوز في البيع, والإجارة من المحرم والمجهول لا يجوز في الصداق وتملك المرأة المهر بالتسمية وتملك التصرف فيه بالقبض, ويستقر بالموت أو الدخول وهل يستقر بالخلوة فيه قولان: اصحهما أنه لا يستقر, ولها أن تمنع من تسليم نفسها حتى تقبض فإن تشاحا أجبر الزوج على تسليمه إلى عدل وأجبرت المرأة على التسليم, فإذا دخل بها سلم المهر إليها وإن لم يسلم لزمه نفقتها وفيه قول آخر أنه لا يجبر واحد منهما بل أيهما بدأ بالتسليم أجبر الآخر عليه, وإن تمانعا لم تجب نفقتها فإن تبرعت وسلمت نفسها حتى وطئها سقط حقها من الإمتناع وإن هلك الصداق قبل القبض أو خرج مستحقا أو كان عبدا فخرج حرا أو وجدت به عيبا فردته رجع إلى مهر المثل في أصح القولين, وإلى قيمة العين في القول الآخر وإن وردت الفرقة من جهتها قبل الدخول بأن ارتدت او أسلمت سقط مهرها, وإن قتلت نفسها فقد قيل فيه قولان: أحدهما يسقط مهرها والثاني لا يسقط وقيل إن كانت حرة لم يسقط, وإن كانت أمة سقط وإن وردت الفرقة من جهته بأن أسلم أو ارتد أو أطلق سقط نصف المهر, وإن اشترت زوجها فقد قيل يسقط النصف, وقيل يسقط كله ومتى ثبت له الرجوع بالنصف فإن كان باقيا على جهته رجع في نصفه وإن كان فائتا أو مستحقا بدين أو شفعة رجع إلى نصف قيمته أقلما كانت من يوم العقد إلى يوم

(1/166)


القبض وإن كان زائدا زيادة منفصلة, كالولد والثمرة رجع في نصفه دون زيادته وإن كان زائدا زيادة متصلة كالسمن والتعليم فالمرأة بالخيار: بين أن ترد النصف زائدا وبين أن تدفع إليه قيمة النصف وإن كان ناقصا فالزوج بالخيار: بين أن يرجع فيه ناقصا وبين أن ياخذ نصف قيمته وإن كانت قد وهبت منه الصداق قبل الطلاق ففيه قولان: أصحهما أنه يرجع عليها بنصف بدله وإن كان دينا فابرأته منه ففيه قولان: أصحهما أنه لا يرجع عليها وإن حصلت الفرقة والصداق لم يقبض فعفا الولي عن حقها لم يصح العفو وفيه قول آخر: أنه إن كانت بكرا صغيرة, أو مجنونة فعفا الأب أو الجد عن حقها صح العفو وإن فوضت المرأة بضعها من غير بدل لم يجب لها المهر بالعقد ولها المطالبة بالفرض فإن فرض لها مهرا صار ذلك كالمسمى في العقد في جميع ما ذكرناه وإن لم يفرض حتى دخل بها وجب لها مهر المثل وإن مات أحدهما قبل الفرض ففيه قولان: أحدهما يجب لها مهر المثل والثاني لا يجب وإن طلقها قبل الفرض وجب لها متعة وإن تزوجها على مهر فاسد أو على ما يتفقان عليه في الثاني, وجب لها مهر المثل واستقر بالموت أو الدخول وسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول وإن كانا ذميين وعقدا على مهر فاسد ثم أسلما قبل التقابض سقط ذلك ووجب مهر المثل وإن أسلمه بعد التقابض برئت ذمة الزوج, وإن أسلما بعد قبض البعض برئت ذمته من المقبوض ووجب بقسط ما بقي من مهر المثل وإن أعتق أمته بشرط أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها اعتقت ولا يلزمها أن تتزوج به ويرجع عليها بقيمة رقبتها فإن تزوجته استحقت مهر المثل وإن أعتقت المرأة عبدها على أن يتزوج بها عتق, ولا يلزمه أن يتزوجها ولا ترجع عليه بالقيمة وان تزوجها استحقت عليه مهر المثل ويعتبر مهر المثل بمهر من تساويها من نساء العصبات في السن والمال والجمال والثيوبة والبكارة والبلد فإن لم يكن نساء عصبات اعتبر بمهر أقرب النساء إليها, فإن لم يكن لها أقارب من النساء اعتبر بنساء بلدها ثم بأقرب النساء شبها بها وإذا أعسر الرجل بالمهر قبل الدخول ثبت لها الفسخ وإن أعسر بعد الدخول ففيه قولان ولا يجوز الفسخ إلا بالحاكم وإن اختلفا في قبض الصداق فالقول قولها وإن اختلفا في الوطء,

(1/167)


فالقول قوله, فإن أتت بولد يلحقه إستقر المهر في أحد القولين ولم يستقر في الأخر وإن اختلفا في قدر المسمى تحالفا ويبدأ بيمين الزوج وقيل فيه ثلاثة أقوال أحدها هذا والثاني يبدأ بالمرأة والثالث بأيهما شاء الحاكم فإذا حلفا وجب مهر المثل ومن وطىء امرأة بشبهة, أو في نكاح فاسد أو أكره امرأة عل الزنا وجب عليه مهر المثل, وإن طاوعته على الزنا لم يجب لها المهر وقيل إن كانت أمة يجب والمذهب أنه لا يجب.

(1/168)


باب المتعة
إذا فوضت المرأة بضعها, وطلقت قبل الفرض والمسيس وجب لها المتعة وإن سمى لها مهر صحيح أو وجب لها مهر المثل وطلقت قبل المسيس وجب لها نصف المهر دون المتعة وإن طلقت بعد المسيس فهل لها المتعة مع المهر فيه قولان وكل فرقة وردت من جهة الزوج بإسلام أو ردة أو لعان أو خلع أو من جهة أجنبي كالرضاع فحكمه حكم الطلاق في إيجاب المتعة وكل فرقة وردت من جهة المرأة من إسلام أو ردة أو فسخ بالعيب أو بالإعسار لم يجب فيها المتعة وإن كانت أمة فباعها المولى من الزوج فانفسخ النكاح فالمذهب أنه لا متعة لها وقيل يجب وقيل إن كان السيد طلب البيع لم تجب المتعة وإن كان الزوج طلب وجب وتقدير المتعة إلى الحاكم يقدرها على حسب ما يرى على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وقيل يختلف باختلاف حال المرأة.

(1/168)


باب الوليمة والنثر
الوليمة على العرس واجبة في ظاهر النص وقيل لا تجب وهو الأصح, والسنة أن يولم بشاة, وباي شيء أولم من الطعام جاز والنثر مكروم ومن دعي إلى وليمة لزمه الإجابة وقيل هو فرض على الكفاية وقيل لا يجب ومن دعي في اليوم الثاني استحب له أن يجيب, ومن دعي في اليوم الثالث فالأولى أن لا

(1/168)


يجيب وإن دعي مسلم إلى وليمة كافر لم تلزمه الإجابة, وقيل تلزمه ومن دعي وهو صائم صوم تطوع استحب له ان يفطر, وإن كان مفطرا لزمه الأكل وقيل لا يلزمه وإن دعي إلى موضع فيه معاص من زمر او خمر ولم يقدر على إزالته فالأولى ان لا يحضر فإن حضر فالأولى ان ينصرف فإن قعد ولم يستمع واشتغل بالحديث والأكل جاز وإن حضر في موضع فيه صور حيوان فإن كان على بساط يداس او مخاد توطأ جلس وإن كان على حائط وعلى ستر معلق لم يجلس.

(1/169)


باب عشرة النساء والقسم والنشوز
يجب على كل واحد من الزوجين معاشرة صاحبه بالمعروف, وبذل ما يجب عليه من غير مطل ولا إظهار كراهية, ولا يجوز أن يجمع بين امرأتين في مسكن واحد إلا برضاهما, ويكره أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرى وله أن يمنع زوجته من الخروج من منزله فإن مات لها قريب استحب له أن ياذن لها في الخروج ولا يجب عليه أن يقسم بنسائه, فإن أراد القسم لم يبدأ بواحدة منهن إلا بقرعة ويقسم للحائض والنفساء والمريضة والرتقاء ويقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة واحدة ولا يجب عليه إذا قسم أن يطا غير أن المستحب أن يسوي بينهن في ذلك, وإن سافرت المرأة بغير إذنه سقط حقها من القسم وإن سافرت بإذنه سقط قسمها في أحد القولين دون الآخر, وإن امتنعت من السفر مع الزوج سقط حقها من القسم فإن أراد أن يسافر بامرأة لم يجز إلا بقرعة فإن سافر بواحدة بغير قرعة قضى, وإن سافر بالقرعة لم يقض وقيل إن كان في مسافة لا تقصر فيها الصلاة قضى وإن أراد الانتقال من بلد إلى بلد فسافر بواحدة وبعث البواقي مع غيره فقد قيل يقضي لهن وقيل لا يقضي ومن وهبت حقها من القسم لبعض ضرائرها برضي الزوج جاز وإن وهبت للزوج جعله لمن شاء منهن, وإن رجعت في الهبة عادت إلى الدور من يوم الرجوع وعماد القسم الليل لمن معيشته بالنهار فإن دخل بالنهار إلى غير المقسوم لها لحاجة جاز, وإن دخل لغير حاجة لم يجز فإن خالف وأقام عندها يوما أو بعض يوم لزمه قضاؤه للمقسوم لها وإن

(1/169)


دخل بالليل لم يجز إلا لضرورة فإن دخل وأطال قضي, وإن دخل وجامعها وخرج فقد قيل لا يقضي وقيل يقضي بليلة وقيل يقضي بإن يدخل في نوبة الموطوأة فيجامع كما جامعها, وإن تزوج امرأة وعنده امرأتان قد قسم لهما قطع الدور للجديدة فإن كانت بكرا أقام عندها سبعا ولا يقضي, وإن كانت ثيبا فهو بالخيار بين أن يقيم عندها سبعا ويقضي, وبين أن يقسم ثلاثا ولا يقضي ويجوز أن يخرج بالنهار لقضاء الحاجات وقضاء الحقوق وإن تزوج امرأتين وزفتا إليه مكانا واحدا أقرع بينهما لحق العقد وإن أراد سفرا فأقرع بينهن فخرج السهم لإحدى الجديدتين سافر بها ويدخل حق العقد في قسم السفر وإذا رجع قضى حق العقد للأخرى وقيل لا يقضي وإن كان له إمرأتان فقسم لإحداهما ثم طلق الأخرى قبل أن يقضي لها أثم وإن تزوجها لزمه أن يقضيها حقها ومن ملك إماء لم يلزمه أن يقسم لهن ويستحب أن لا يعضلهن وان يسوي بينهن وإذا ظهر له من المرأة امارات النشوز وعظها بالكلام فإن ظهر منها النشوز وتكرر هجرها في الفراش دون الكلام وضربها ضربا غير مبرح وإن ظهر ذلك مرة واحدة ففيه قولان: أحدهما يهجرها ولا يضربها والثاني يهجرها ويضربها وان منع الزوج حقها أسكنها الحاكم إلى جنب ثقة ينظر إليهما ويلزم الزوج الخروج من حقها وإن ادعى كل واحد منهما على صاحبه الظلم والعدوان أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم فإن بلغا إلى الشتم والضرب بعث الحاكم حرين مسلمين عدلين والأولى أن يكونا من أهلهما لينظرا في أمرهما ما فيه المصلحة من الإصلاح أو التفريق وهما وكيلان لهما في أحد القولين فلا بد من رضاهما فيوكل الزوج حكما في الطلاق وقبول العوض وتوكل المرأة حكما في بذل العوض وهو الأصح فإن غاب الزوجان حكمان من جهة الحاكم في القول الآخر فيجعل الحاكم إليهما الإصلاح والتفريق من غير رضى الزوجين أو أحدهما لم ينقطع نظرهما على القول الأول وينقطع على القول الثاني

(1/170)


باب الخلع
يصح الخلع من كل زوج بالغ عاقل ويكره الخلع إلا في حالين: أحدهما أن يخافا أو أحدهما ألا يقيما حدود الله تعالى والثاني أن يحلف بالطلاق الثلاث على فعل شيء لا بد له منه فيخالعها ثم يفعل الأمر المحلوف عليه ثم يتزوجها فلا يحنث فإن خالعها ولم يفعل المحلوف عليه وتزوجها ففيه قولان: أصحهما أنه يتخلص من الحنث1 وإن كان الزوج سفيها فخالع صح خلعه ولزم دفع المال إلى وليه وإن كان عبدا وجب دفع المال إلى مولاه إلا أن يكون ماذونا له ويصح بذل العوض في الخلع من كل زوجة جائزة التصرف في المال فإن كانت سفيهة لم يجز خلعها وإن كانت أمة فخالعت بإذن السيد لزمها المال في كسبها أو مما في يدها من مال التجارة فإن لم يكن لها كسب ولا في يدها مال للتجارة ثبت في ذمتها إلى أن تعتق وإن خالعت بغير إذنه ثبت العوض في ذمتها إلى أن تعتق وإن كانت مكاتبة فخالعت بغير إذن السيد فهي كالأمة وإن خالعت بإذنه فقد قيل هو كهبتها وفيها قولان وقيل لا يصح قولا واحدا وليس للأب والجد ولا لغيرهما من الأولياء أن يخلع امرأة الطفل ولا أن يخلع الطفلة بشيء من مالها ويصح الخلع مع الزوجة ومع الأجنبي ويصح بلفظ الطلاق وبلفظ الخلع فإن كان بلفظ الطلاق فهو طلاق وإن كان بلفظ الخلع والمفاداة والفسخ فإن نوى به الطلاق فهو طلاق وإن لم ينو به الطلاق ففيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه طلاق والثاني أنه فسخ والثالث أنه ليس بشيء ولا يصح الخلع إلا بذكر العوض فإن قال أنت طالق وعليك ألف وقع طلاق رجعي ولا شيء عليهما وإن ضمنت له الألف لم يصح الضمان وإن قال أنت طالق على ألف وقبلت بانت2 ووجب المال ويجوز على الفور وعلى
__________
1 - الحنث: التخلف في اليمين: مختار الصحاح 158.
2 - بانت: من البينونة وهي الفراق انظر مختار الصحاح 72.

(1/171)


التراخي, فإذا قال خالعتك على ألف أو أنت طالق على ألف أو إن ضمنت لي ألفا وإن أعطيتني ألفا وإذا أعطيتني ألفا فأنت طالق لم يصح حتى يوجد القبول, أو العطية عقيب الإيجاب وله أن يرجع فيه قبل القبول وإن قال متى ضمنت لي ألفا أو متى أعطيتني ألفا فأنت طالق جاز القبول في أي وقت شاءت وليس للزوج أن يرجع في ذلك وما جاز أن يكون صداقا من قليل وكثير ودين وعين ومال ومنفعة, يجوز أن يكون عوضا في الخلع وما لا يجوز أن يكون صداقا من حرام أو مجهول لا يجوز أن يكون عوضا في الخلع فإن ذكر مسمى صحيحا استحقه وبانت المرأة فإن خالعها على مال وشرط فيه الرجعة سقط المال وثبتت الرجعة في أصح القولين وفيه قول آخر أنه لا يثبت الرجعة ويسقط المسمى ويجب مهر المثل وإن ذكر بدلا فاسدا بانت ووجب مهر المثل, وإن قال أعطيتني عبدا ولم يصفه ولم يعينه فأنت طالق فاعطته عبدا بانت ولكنه لا يملكه الزوج بل يرده ويرجع بمهر المثل, وإن أعطته مكاتبا أو مغصوبا لم تطلق وإن خالعها على عبد موصوف في ذمتها فأعطته معيبا بانت وله أن يرد ويطالب بعبد سليم, وإن قال أعطيتني عبدا من صفته كذا فأنت طالق فأعطته على تلك الصفة بانت فإن كان معيبا فله أن يرده ويرجع بمهر المثل في أحد القولين وبقيمة العبد في الآخر, وإن قال أعطيتني هذا العبد فأنت طالق فأعطته وهي تملكه بانت فإن كان معيبا فله أن يرده ويرجع إلى مهر المثل في أحد القولين, وإلى قيمته في الآخر وإن أعطته وهي لا تملكه بانت وقيل لا تطلق وليس بشيء وإن خالعها على ثوب على أنه هروي فخرج مرويا بانت, وله الخيار بين الرد وبين الإمساك وإن خرج كتانا بانت ويجب رد الثوب ويرجع إلى مهر المثل في أحد القولين, وإلى قيمته في الآخر وقيل هو بالخيار بين الإمساك والرد وإن قالت طلقني ثلاثا على ألف فطلقها طلقة استحق ثلث الألف, وإن قالت طلقني طلقة فطلقها ثلاثا استحق الألف, وإن وكلت المرأة في الخلع لم يخالع الوكيل على أكثر من مهر المثل فإن قدرت له العوض فزاد عليه وجب مهر المثل في أحد القولين ويجب في الثاني أكثر

(1/172)


الأمرين من مهر المثل أو القدر المأذون فيه وإن خالع على عوض فاسد وجب مهر المثل وإن وكل الزوج في الخلع فنقص عن مهر المثل وجب مهر المثل في أحد القولين وفي القول الثاني الزوج بالخيار بين أن يقر الخلع على ما عقد وبين أن يترك العوض ويكون الطلاق رجعيأ, وإن قدر البدل فخالع بأقل منه أو على عوض فاسد لم يقع الطلاق, وإذا خالع في مرضه اعتبر ذلك من رأس المال حابى أو لم يحاب فإن خالعت في مرضها بمهر المثل إعتبر من رأس المال فإن زادت على مهر المثل أعتبرت الزيادة من الثلث وإن اختلف الزوجان في الخلع فادعاه الزوج وأنكرت المرأة بانت والقول في العوض قولها فإن قال خالعتك على ألف فقالت خالعت غيري بانت والقول في العوض قولها, وإن قال خالعتك على ألف فقالت على ألف ضمنها زيد لزمها الألف فإن قالت خالعتنى على ألف في ذمة زيد بانت وتحالفا في العوض, وقيل يلزمها مهر المثل وليس بشيء وإن اختلفا في قدر العوض أو في عينه أو تعجيله, أو تأجيله وفي عدد الطلاق الذي وقع به الخلع تحالفا ووجب مهر المثل وإن قال طلقتك بعوض, فقالت طلقتني بعد مضي الخيار بانت والقول قولها في العوض.

(1/173)


باب الطلاق
يصح الطلاق من كل زوج بالغ عاقل مختار, فأما غير الزوج فلا يصح طلاقه وكذلك الصبي لا يصح طلاقه ومن زال عقله بسبب يعذر فيه, كالمجنون والنائم والمبرسم لا يصح طلاقه ومن زال عقله بسبب لا يعذر فيه كالسكران ومن شرب ما يزيل عقله لغير حاجة وقع طلاقه وقيل فيه قولان: أشهرهما أنه يقع طلاقه وان أكره بغير حق بالتهديد بالقتل أو القطع أو الضرب المبرح لا يقع طلاقه, وإن أكره بضرب قليل أو شتم وهو من ذوي الأقدار فالمذهب أنه لا يقع طلاقه, وقيل يقع ويملك الحر ثلاث تطليقات ويملك العبد تطليقتين وله أن يطلق بنفسه وله أن يوكل فإن وكل

(1/173)


امرأة في طلاق زوجته, فقد قيل يصح وقيل لا يصح وللوكيل أن يطلق متى شاء إلى أن يعزله وإن قال لامرأته طلقي نفسك فقالت في الحال طلقت نفسي طلقت فإن أخرت ثم طلقت لم يقع إلا أن يقول طلقي متى شئت ويكره أن يطلق الرجل امرأته من غير حاجة فإن أراد الطلاق, فالأفضل أن لا يطلق أكثر من طلقة وإن أراد الثلاث فالأفضل ان يفرقها فيطلق في كل طهر طلقة فإن جمعها في طهر واحد جاز ويقع الطلاق على ثلاثة أوجه: طلاق السنة وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه وطلاق البدعة, وهو أن يطلقها في الحيض من غير عوض أو في طهر جامعها فيه من غير عوض, وطلاق لا سنة فيه ولا بدعة وهو طلاق الصغيرة والآيسة1 والتي استبان حملها وغير المدخول بها فإن كانت حاملا فحاضت على الحمل فطلقها في الحيض فالمذهب أنه ليس ببدعة, وقيل هو بدعة ولا إثم فيما ذكرناه إلا في طلاق البدعة ومن طلق للبدعة إستحب له أن يراجعها ويقع ألطلاق بالصريح والكناية فالصريح الطلاق والفراق والسراح, فإذا قال أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك أو فارقتك أو أنت مفارقة أو سرحتك أو أنت مسرحة طلقت وإن لم ينو فإن ادعى أنه أراد طلاقا من وثاق أو فراقا بالقلب أو تسريحا من اليد لم يقبل في الحكم ودين فيما بينه وبين الله عز وجل والكنايات: كقوله أنت خلية أو برية وبتة2 وبتلة وبائن وحرام وأ نت كالميتة وا عتدي واستبري وتقنعي واستتري وتجرعي وأبعدي وأغربي واذهبي والحقي بأهلك, وحبلك على غاربك وأنت واحدة وما أشبه ذلك فإن نوى بها الطلاق وقع وإن لم ينو لم يقع, وإن قال اختاري فهو كناية تفتقر إلى القبول في المجلس على المنصوص وقيل تفتقر إلى القبول في الحال فإن قالت اخترت ونويا الطلاق وقع وإن لم ينويا أو أحدهما لم يقع وإن رجع فيه قبل القبول صح الرجوع وقيل لا يصح وإن قال لها ما اخترت فقالت:
__________
1 - آيسة: من اليأس والمراد هنا بلوغ حد اليأس من الحيض: انظر لسان العرب: 6: 19.
2 - البتة: القطع انظر مختار الصحاح 39.

(1/174)


اخترت فالقول قوله, وإن قال ما نويت فقالت نويت فالقول قولها وقيل القول قوله والأول أصح وإن قال لها طلقى نفسك فقالت اخترت ونوت وقع وقيل لا يقع حتى تأتى بالصريح, وإن قال أنت الطلاق فقد قيل هو صريح وقيل هو كناية, وإن قال أنا منك طالق أو فوض إليها فقالت أنت طالق فهو كناية لا يقع إلا بالنية وإن قال كلي واشربي فقد قيل هو كناية وقيل ليس بشيء فأما إذا قال أقعدي وبارك الله عليك وما أشبه ذلك فليس بشيء نوى, أو لم ينو وإن قال أنت علي كظهر امي ونوى الطلاق لم يقع الطلاق وإن قال له رجل أطلقت امرأتك فقال نعم طلقت, وإن قال ألك زوجة فقال لا لم يكن شيئا وإن كتب بالطلاق ونوى ففيه قولان أصحهما أنه يقع وإن قال لها شعرك طالق أو يدك طالق أو بعضك طالق طلقت, وإن قال ريقك أودمك طالق لم تطلق.

(1/175)


باب عدد الطلاق والإستثناء
إذا خاطبها بلفظ من ألفاظ الطلاق ونوى به طلقتين أو ثلاثا وقع إلا قوله أنت واحدة فإنه لا يقع به أكثر من طلقة, وقيل يقع به ما نوى وإن قالت أنت طالق واحدة في اثنتين ونوى طلقة مقرونة بطلقتين طلقت ثلاثا, وإن لم ينو شيئا وهو لا يعرف الحساب وقعت طلقة وإن نوى موجبها عند أهل الحساب لم يقع إلا طلقة وقيل يقل طلقتان, وإن كان يعرف الحساب ونوى موجبها في الحساب وقعت طلقتان وإن لم تكن له نية وقعت طلقة على ظاهر النص وقيل يقع طلقتان, وان قال أنت طالق طلقة معها طلقة طلقت طلقتين وإن قال للمدخول بها أنت طالق طلقة قبلها طلقة وبعدها طلقة طلقت ثلاثا, وان قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة وادعى أنه أراد قبلها طلقة في نكاخ آخر, أو من زوج آخر فإن كان ذلك قبل منه وإن لم يكن ذلك لم يقبل, وإن قال أنت طالق هكذا وأشار بأصابعه الثلاثة وقع الثلاث وإن قال أردت بعدد الأصبعين المقبوضتين قبل,

(1/175)


وإن قال انت طالق من واحدة إلى الثلاث طلقت طلقتين, وإن قال لغير المدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت طلقة, وإن قال ذلك للمدخول بها فإن نوى العدد وقع وان نوى التأكيد لم يقع إلا طلقة وإن لم ينو شينا ففيه قولان: أصحهما أنه يقع بكل لفظة طلقة والثاني لا يقع إلا طلقة واحدة وإن أتى بثلاثة ألفاظ مثل ان يقول أنت طالق وطالق مطالق وقع بكل لفظة طلقة, وإن قال أنت طالق نصف تطليقة أو نصفي طلقة وقعت طلقة وإن قال أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة فقد قيل يقع طلقة وقيل يقع طلقتان, وان قال نصفي طلقتين طلقت طلقتين وإن قال نصف طلقتين فقد قيل طلقة وقيل طلقتين, وإن قال نصف طلقة ثلث طلقة سدس طلقه وقعت طلقة, وإن قال نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة طلقت ثلاثا وإن قال لأربع نسوة أوقعت بينكن طلقة أو طلقتين أو ثلاثا أو أربعا وقعت على كل واحدة طلقة وإن قال أوقعت بينكن خمس تطليقات وقعت على كل واحده طلقتان, وإن قال أنت طالق ملء الدنيا أو أطول الطلاق أو اعرضه طلقت طلقة إلا ان يريد به ثلاثا, وإن قال أنت طالق كل الطلاق أو أكثر الطلاق طلقت ثلاثا وإن قال أنت طالق أولا لم يقع شييء وان قال أنت طالق طلقة لاتقع عليك طلقة وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا وقع الثلاث, وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا نصف طلقة وقع الثلاث وإن قال أنت طالق وطالق وطالق إلا طلقة طلقت ثلاثا على المنصوص, وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين وقعت طلقة وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين إلا طلقة طلقت طلقتين, وإن قال أنت طالق خمسا إلا ثلاثا فقد قيل تطلق ثلاثا وقيل طلقتين وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين فقد قيل يقع ثلاثا وقيل طلقتان وقيل طلقة, وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء أبوك واحدة فقال أبوها شئت واحدة لم تطلق, وإن قال أنت طالق إن شاء الله تعالى أو أنت طالق إن لم يشأ الله لم يقع, وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله فالمذهب أنه يقع وقيل لا يقع وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات زيد أو جن لم تطلق,

(1/176)


وإن خرس فأشار لم تطلق وعندي أنه يقع في الأخرس, وان قال أنت طالق ثلاثا واستثنى بعضها بالنية لم يقبل في الحكم, وإن قال نسائي طوالق واستثنى بعضهن بالنية لم يقبل في الحكم وقيل يقبل في النساء وليس بشيء.

(1/177)


باب الشرط في الطلاق
من صح منه الطلاق صح ان يعلق الطلاق على شرط, ومن لم يصح منه الطلاق لم يصح ان يعلق الطلاق على شرط وإذا علق الطلاق على شرط وقع عند وجود الشرط, وإن قال لامرأته ولها سنة وبدعة في الطلاق أنت طالق للسنة طلقت في حال السنة وإن قال أنت طالق للبدعة, أو طلاق لحرج طلقت في حال البدعة وإن قال أنت طالق أحسن الطلاق, وأعدله وأتمه طلقت للسنة إلا أن ينوي ما فيه تغليظ عليه وإن قال أنت طالق اسمج الطلاق وأقبحه طلقت للبدعة إلا أن ينوي ما فيه تغليظ عليه, وإن قال أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت طلقتين في الحال فإذا حصلت في الحال الأخرى وقعت الثالثة فإن ادعى انه أراد طلقة في الحال وطلقتين في الثاني فالمذهب أنه يقبل, وقيل لا يقبل في الحكم وإن قال أنت طالق في كل قرء طلقت طلقة في كل طلقة فإن كانت حاملا لم تطلق في حال الحمل أكثر من طلقة حاضت على الحمل أو لم تحض وإن قال إن حضت فأنت طالق طلقت برؤية الدم, وإن قال إن حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض وتطهر فإن قالت حضت فكذبها فالقول قولها مع يمينها, وإن قال إن حضت فضرتك طالق فقالت حضت فكذبها فالقول قوله ولم تطلق الضرة, وإن قال لامرأتين إن حضتما فأنتما طالقتان لم تطلق واحدة منهما حتى تحيض فإن قالتا حضنا فصدقهما طلقتا, وإن كذبهما لم تطلق واحدة منهما وإن صدق احداهما وكذب الأخرى طلقت المكذبة ولم تطلق المصدقة وإن قال إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان لم يتعلق بهما طلاق وقيل إذا حاضتا طلقتا وإن قال لأربع نسوة أيتكن حاضت فصواحباتها طوالق,

(1/177)


فقلن حضنا, فإن صدقهن طلقت كل واحدة منهن ثلاثا وإن كذبهن لم تطلق واحدة منهن وإن صدق واحدة طلقت المكذبات طلقة طلقة ولم تطلق المصدقة وإن صدق اثنتين طلق كل واحدة من المكذبتين طلقتين وطلقت كل واحدة من المصدقتين طلقة, وإن كذب واحدة طلقت المكذبة ثلاثا وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين, وإن قال إن كنت حائلا فأنت طالق ولم يكن استبرأها قبل ذلك حرم وطؤها حتى يستبرئها بثلاثة أقراء وقيل بطهر وقيل بحيضة فإذا بان أنها حائل وقع طلقة واحتسب ما مضى من الأقراء من العدة فإن بان انها كانت حاملا حل وطؤها, وإن كان استبرأها حل وطؤها في الحال وقيل لا يحل حتى يستأنف الاستبراء, وان قال إن كنت حاملا فأنت طالق حرم وطؤها حتى يستبرئها وقيل يكره وإن قال إن كان في جوفك ذكر فانت طالق طلقة وإن كان أنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا وان قال إن كان ما في جوفك ذكرا فأنت طالق طلقة, وإن كان أنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكرا وأنثى لم تطلق, وإن قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق وهي مدخول بها طلقت طلقتين وإن كانت غير مدخول بها طلقت طلقة, وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم قال إذا طلقتك فأنت طالق فدخلت الدار وقعت طلقة, وان قال إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم قال إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار وقعت طلقتان, وإن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق وقع طلقتان وإن قال كلما وقع عليك طلاقي فانت طالق ثم قال لها أنت طالق طلقت ثلاثا, وإن قال لأربع نسوة أيتكن وقع عليها طلاقي فصواحباتها طوالق ثم قال لإحداهن أنت طالق طلقن ثلاثا ثلاثا, وإن قال إذا حلفت بطلاقك فانت طالق ثم قال لها إن خرجت من الدار أو لم تخرجي أو أن لم يكن هذا كما قلت فأنت طالق طلقت وإن قال اذا طلعت الشمس أو جاء الحاج فانت طالق لم تطلق وإن كان له عبيد ونساء فقال كلما طلقت امرأة فعبد حر وإن طلقت امرأتان فعبدان حران وإن طلقت

(1/178)


ثلاثا فثلاثة أعبد أحرار وإن طلقت أربعا فأربعة اعبد أحرار فطلق أربع نسوة عتق خمسة عشر عبدا على المذهب وقيل عشرة وقيل سبعة عشر, وإن قال متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال لها أنت طالق لم تطلق وقيل تطلق طلقة وقيل تطلق ثلاثا, وإن قال أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمان يمكنه ان يطلق فلم يطلق طلقت, وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق فالمنصوص أنها لا تطلق إلا في آخر العمر وإن قال إذا لم أطلقك فانت طالق فالمنصوص أنه إذا مضى زمان يمكنه أن يطلق فلم يطلق طلقت وقيل فيهما قولان, وإن قال أنت طالق إلى أشهر لم تطلق إلا بعد شهر فإن قال أنت طالق في شهر رمضان طلقت في أول جزء منه, وإن قال أردت به في الجزء الأخير لم يقبل في الحكم وإن قال أنت طالق في أول آخر رمضان فقد قيل في أول ليلة السادس عشر وقيل في أول اليوم الأخير من الشهر وإن قال إذا مضت سنة فأنت طالق اعتبرت سنة بالأهلة فإن كان العقد في أثناء الشهر إعتبر شهر بالعدد واعتبر الباقي بالأهلة, وإن قال أنت طالق اليوم إذا جاء غد لم تطلق, وإن قال أنت طالق قبل موتي أو قبل قدوم زيد بشهر فمات أو قدم زيد بعد شهر طلقت قبل ذلك بشهر, وإن قال أنت طالق أمس طلقت في الحال وقيل فيه قول آخر أنه لا يقع وإن قال إن طرت أو صعدت السماء فأنت طالق لم تطلق وقيل فيه قول آخر أنها تطلق وإن قال إن رأيت الهلال فأنت طالق فرآه غيرها طلقت, وإن رأته بالنهار لم تطلق وإن كتب الطلاق ونوى وكتب إذا جاءك كتابي فأنت طالق فجاءها وقد أمحى موضع الطلاق لم يقع الطلاق, وإن أمحى غير موضع الطلاق وبقي موضع الطلاق فقد قيل يقع وقيل إن كان كتب إن أتاك كتابي وقع, وإن كتب إن أتاك كتابي هذا لم يقع وإن قال إن ضربت فلانا فأنت طالق فضربه وهو ميت لم تطلق, وإن قال إن قدم فلان فأنت طالق فقدم به ميتا لم تطلق وإن حمل مكرها لم تطلق وإن أكره حتى قدم ففيه قولان, وإن قال إن خرجت إلا باذني فأنت طالق فاذن لها وهي لا تعلم فخرجت لم تطلق, وإن أذن لها مرة فخرجت بالإذن ثم خرجت بغير

(1/179)


الإذن لم تطلق, وإن قال لها كلما خرجت إلا بإذني فأنت طالق فأي مرة خرجت بغير الإذن طلقت وإن قال إن خالفت أمري فأنت طالق ثم قال لا تخرجي فخرجت لم تطلق, وإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت وإن بدأتك بالكلام فعبدي حر فكلمها لم تطلق المرأة ولم يعتق العبد, وإن قال لها وهي في ماء جار إن خرجت من هذا الماء فأنت طالق, وإن أقمت فيه فأنت طالق لم تطلق خرجت أو أقامت وإن قال إن شئت فأنت طالق فقالت في الحال شئت طلقت, وإن أخرت لم تطلق وقيل إذا وجد في المجلس طلقت, وإن قالت ان شئت لم تطلق, وإن قال من بشرني بكذا فهي طالق فأخبرته أمرأته بذلك وهي كاذبة لم تطلق وإن قال من أخبرني بقدوم فلان فهي طالق فأخبرته وهي كاذبة طلقت, وإن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمه مجنونا أو نائما لم تطلق وإن كلمه بحيث يسمع إلا انه تشاغل بشيء فلم يسمع طلقت وإن كلمه أصم فلم يسمع للصمم فقد قيل طلق وقيل لا تطلق, وإن قال إن كلمت رجلا فأنت طالق وإن كلمت طويلا فأنت طالق وان كلمت فقيها فأنت طالق فكلمت رجلا فقيها طويلا طلقت ثلاثا, وإن قال أنت طالق ان دخلت الدار بفتح الألف وهو يعرف النحو طلقت في الحال فإن قال أنت طالق لرضاء فلان طلقت في الحال, وإن قال أردت ان رضي فلان قبل منه وقيل لا يقبل وإن قال أنت طالق وقال أردت إن دخلت الدار لم يقبل في الحكم ودين فيما بينه وبين الله عز وجل, وإن قال أنت طالق إن دخلت الدار ثم قال أردت في الحال قبل منه وإن قال إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ثم قال عجلت لك ذلك لم يتعجل, وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم بانت منه ثم تزوجها فدخلت الدار ففيه ثلاثة أقوال أحدها تطلق والثاني لا تطلق والثالث إن عادت بعد الثلاث لم تطلق وإن عادت قبله طلقت والأول أصح

(1/180)


باب الشك في الطلاق وطلاق المريض
إذا شك هل طلق أم لا لم تطلق والورع أن يراجع وان شك هل طلق طلقة أو أكثر لزمه والورع إن كان عادته ان يطلق ثلاثا أن يبتدىء إيقاع الطلاق الثلاث, وإن طلق إحدى المرأتين بعينها ثم أشكلت وقف عن وطئها حتى يتذكر فإن قال هذه بل هذه طلقتا, وإن وطىء احداهما لم يتعين الطلاق في الأخرى وإذا عين وجبت العدة من حين الطلاق والنفقة عليه إلى أن يعين, وإن طلق إحداهما لا بعينها لزمه أن يعين فإن قال هذه لا بل هذه طلقت الأولى دون الثانية, فإن وطيء إحداهما تعين الطلاق في الأخرى على ظاهر المذهب وقيل لا يتعين فإذا عين وجبت العدة من حين الطلاق, وقيل من حين التعيين والأول أصح والنفقة عليه إلى أن يعين فإن ماتت المرأتان قبل التعيين وقف من مال كل واحدة نصيب الزوج وإن مات الزوج وقف لهما من ماله نصيب زوجة فإن قال الوارث أنا أعرف الزوجة فهل يرجع إليه فيه قولان وقيل يرجع في الطلاق المعين ولا يرجع في المبهم فإن ماتت إحداهما ثم مات الزوج ثم ماتت الأخرى رجع الى وارث الزوج فإن قال الأولة مطلقة والثانية زوجة قبل منه, وإن قال الأولة زوجة والثانية مطلقة فهل يقبل فيه قولان وإن قلنا لا يرجع وقف الميراث حتى يصطلحا عليه, وإن قال لزوجته وأجنبية إحداكما طالق رجع اليه فإن قال أردت الأجنبية قبل قوله وإن كان له زوجة اسمها زينب فقال زينب طالق ثم قال أردت أجنبية اسمها زينب لم يقبل في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى فإن قال يا زينب فأجابته عمرة فقال أنت طالق وقال ظننتها زينب طلقت عمرة ولا تطلق زينب, وإن قال إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق فطار ولم يعرف لم تطلق امرأته وإن قال إن كان غرابا فأنت طالق وإن لم يكن غرابا فعبدي حر وقف عن التصرف فيهما حتى يعلم فإن لم يعلم حتى مات فقد قيل يقوم الوارث مقامه, وقيل لا يقوم وهو الأصح ويقرع بين العبد والزوجة فإن خرج السهم على العبد عتق, وإن

(1/181)


خرج على الزوجة لم تطلق ولكن يملك التصرف في العبد وقيل لا يملك وإن طلق امرأته ثلاثا في المرض ومات لم ترثه في أصح القولين وترثه في الآخر وإلى متى ترث فيه ثلاثة أقوال: أحدها انها ترث أي وقت مات والثاني إن مات قبل ان تنقضي العدة ورثت وان مات بعده لم ترث: والثالث إن مات قبل ان تتزوج ورثته وإن تزوجت لم ترثه وإن سألته الطلاق الثلاث فقد قيل لا ترث, وقيل على قولين إن علق طلاقها على صفة تفوت بالموت بأن قال: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثا فمات فهل ترثه على قولين فإن علق طلاقها على صفة لابد لها منه كالصوم والصلاة فهي على قولين, وإن لاعنها في القذف لم ترث وإن قال إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق فوجدت الصفة وهو مريض لم ترث.

(1/182)


باب الرجعة
إذا طلق الحر إمرأته طلقة, أو طلقتين, أو طلق العبد طلقة بعد الدخول بغير عوض فله أن يراجعها قبل أن تنقضي العدة وله أن يطلقها ويظاهر منها ويولي منها قبل أن يراجعها وهل له أن يخالعها فيه قولان: أصحهما أن له ذلك وإن مات احدهما ورثه الاخر ولا يحل له وطؤها والإستمتاع بها قبل ان يراجعها فإن وطئها ولم يراجعها فعليه المهر, وإن وطئها ثم راجعها لزمه المهر على ظاهر النص وقيل فيه قول مخرج انه لا يلزمه, وإن كان الطلاق قبل الدخول أو بعد الدخول بعوض فلا رجعة وإن اختلفا فقال فقد أصبتك فلي الرجعة وأنكرت المرأة فالقول قولها ولا تصح الرجعة إلا بالقول وهو أن يقول راجعتها أو ارتجعتها أو رددتها فإن قال أمسكتها فقد قيل يصح وقيل لا يصح, وإن قال تزوجها أو نكحتها فقد قيل لا يصح وقيل يصح والأول أظهر ولا يصح تعليق الرجعة على شرط ولا تصح في حال الردة فإن اختلفا فقال راجعتك قبل انقضاء العدة وقالت بل انقضت

(1/182)


عدتي ثم راجعتني فإن كانت المرأة سبقت بدعوى انقضاء العدة ثم قال الرجل: كنت راجعتك فالقول قولها وإن سبق الرجل بدعوى الرجعة ثم ادعت انقضاء العدة فالقول قوله, وإن ادعيا معا فالمذهب أن القول قول المرأة وقيل يقرع بينهما, وإن طلق الحر امرأته دون الثلاث أو العبد امرأته طلقة ثم رجعت إليه برجعة أو بنكاح عادت بما بقي من عدد الطلاق, وإن طلق الحر امرأته ثلاثا أو طلق العبد امرأته طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ويطأها في الفرج وأدناه أن تغيب الحشفة في الفرج فإن كان مجبوبا وبقي من الذكر قدر الحشفة أحلها, وإن وطئها رجل بشبهة أو كانت أمة فوطئها المولى لم تحل وإن وطئها زوج في نكاح فاسد ففيه قولان: أصحهما أنها لا تحل, وإن كانت امة فملكها الزوج قبل أن تنكح زوجا غيره لم يحل له وطئها بملك اليمين وقيل يحل والأول أصح فإن طلقها ثلاثا وغاب عنها فادعت أنها تزوجت بزوج أحلها له, وإن لم يقع في قلبه صدقها كره له ان يتزوجها.

(1/183)


باب الإيلاء
كل زوج صح طلاقه وهو قادر على الوطء صح إيلاؤه وإن كان غير قادر ولمرض صح إيلاؤه وإن كان لشلل أو لجب ففيه قولان: أحدهما يصح إيلاؤه والثاني لا يصح والايلاء هو أن يحلف بالله عز وجل يمينا تمنع الجماع في الفرج أكثر من أربعة أشهر فإن حلف بغير الله عز وجل بأن قال إن وطأتك فأنت طالق ثلاثا, وإن وطأتك فعلي صوم أو صلاة أو عتاق ففيه قولان: أصحهما أنه مول والثاني أنه ليس بمول وإن حلف على ترك الجماع في الدبر أو فيما دون الفرج لم يكن موليا, وإن قال: والله لا أنيكك أولا أغيب ذكري في فرجك أو والله لا أفتضك وهي بكر فهو مول, وإن قال والله لا جامعتك أو لا وطئتك فهو مول في الحكم فإن نوى غيره دين بينه وبين الله تعالى, وإن قال والله لا باضعتك أو لا باشرتك أولا لمستك أولا قربتك

(1/183)


ففيه قولان: أحدهما أنه مول في الحكم فإن نوى غيره دين والثاني ليس بمول إلا أن ينوي الوطء وهو الأصح قال والله لا اجتمع رأسي ورأسك أو ليطولن غيبتى عنك وما اشبه فإن نوى الوطء فهو مول وإن لم ينو فليس بمول وإن حلف أن لا يستوفي الايلاج فليس بمول وان حلف على ترك الجماع أربعة أشهر لم يكن موليا وإن قال: والله لأوطئتك مدة لم يكن موليا حتي ينوي أكثر من مدة أربعة اشهر وإن قال: والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك أربعة أشهر فقد قيل هو مول وقيل: ليس بمول وهو الأصح وإن قال: والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى بن مريم أو حتى يخرج الدجال أو حتى أموت أو تموتي كان موليا وإن قال: والله لا وطئتك حتى أمرض أوحتى يموت فلان لم يكن موليا وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يكن موليا في الحال فإن وطئها وبقي من السنة أكثر من أربعة أشهر فهو مول وهكذا إن قال: إن أصبتك فوالله لا أصبتك لم يكن موليا في الحال فإذا أصابها صار موليا وفيه قول آخر إنه يكون موليا في الحال والأول أصح وإن قال والله لا أصبتك في هذا البيت لم يكن موليا وإن قال إن وطئتك فعلي صوم هذا الشهر لم يكن موليا وإن قال والله لا أصبتك إن شئت فقالت في الحال شئت صار موليا وإن أخرت لم يصر مولا وإن قال لأربع نسوة: والله أصبتكن لم يصر موليا فإن وطىء ثلاثا منهن صار موليا من الرابعة وإن قال: والله لا أصبت واحدة منكن صار موليا من كل واحدة منهن وإن قال: أردت واحدة بعينها قيل منه وإن قال والله لا آصبتك ثم قال لأخرى أشركتك معها لم يصر موليا من الثانية وإن قال إن أصبتك فأنت طالق ثم قال لأخرى أشركتك معها كان موليا من الثانية وإذا صح الايلاء ضربت له مدة أربعة أشهر فإن كان هناك عذر من جهتها كالمرض والحبس الاحرام والصوم الواجب والإعتكاف الواجب والنفاس لم تحتسب المدة فإذا زال ذلك استؤنفت المدة وإن كان حيض حسبت المدة وإن كان العذر من جهته كالحبس والمرض والصوم والإحرام,

(1/184)


والاعتكاف حسبت المدة وإن طلقها طلقة رجعية أو ارتد لم تحتسب المدة فإذا انقضت المدة وطالبت المرأة بالفيئة وقف وطولب بالفيئة وهو الجماع فإن كان فيها عذر يمنع الوطء لم يطالب وإن كان العذر فيه فاء فيئة معذور وهو أن يقول: لو قدرت لفئت فإذا زال العذر طولب بالوطء وإن انقضت المدة وهو مظاهر لم يكن له أن يطأ حتى يكفر فإن قال: أمهلوني حتى أطلب رقبة فأعتق ثم أطأ أنظر ثلاثة أيام وإن لم يكن عذر يمنع الوطء فقال أنظروني أنظر يوما أو نحوه في أحد القولين وثلاثة أيام في القول الآخر فإن جامع وأدناه أن تغيب الحشفة فقد أوفاها حقها فإن كان اليمين بالله عز وجل لزمته الكفارة في أصح القولين ولا تلزمه في الآخر وإن كان اليمين على صوم أو عتق فله أن يخرج منه بكفارة يمين وله أن يفي بما نذر وإن كان بالطلاق الثلاث طلقت ثلاثا وقيل إن كانت اليمين بالطلاق لم يجامع والمذهب الأول فإن جامع لزمه النزع فإن استدام لزمه المهر دون الحد فإن أخرج ثم عاد لزمه المهر وقيل يلزمه الحد وقيل لا يلزمه وإن لم يف طولب بالطلاق وأدناه طلقة رجعية فإن لم يطلق ففيه قولان أحدهما يجبر عليه والثانى يطلق الحاكم عليه وهو الأصح فإن راجعها وبقيت من المدة أكثر من أربعة أشهر ضربت له المدة ثم يطالب بالفيئة أو الطلاق وإن لم يراجع حتى انقضت العدة وبانت فتزوجها فهل يعود الإيلاء أم لا على الأقوال الثلاثة التي ذكرناها في كتاب الطلاق.

(1/185)


باب الظهار
من صح طلاقه صح ظهاره ومن لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره, والظهار أن يشبه امرأته بظهر أمه أو بعضو من أعضائها فيقول: أنت علي كظهر أمي أو كفرجها أو كيدها وخرج فيه قول آخر أنه لا يكون مظاهرا في غير الظهر وإن شبهها بغير أمه من ذوات المحارم كالأخت والعمة ففيه قولان:

(1/185)


أصحهما أنه مظاهر وإن شبهها بامرأة حرمت عليه بمصاهرة أو رضاع فإن كانت ممن حلت له في وقت ثم حرمت لم يكن مظاهرا وإن لم تحل له أصلا فعلى قولين وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن مظاهرا إلا بالنية وإن قال: أنت طالق كظهر أمي فقال: أردت الطلاق والظهار فإن الطلاق رجعيا صارت مطلقة ومظاهرا منها وإن كان بائنا لم يصر مظاهرا منها وإن قال: أردت بقولي أنت طالق الظهار لم يقبل منه وإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي ولم ينو شيئا فهو ظهار وإن نوى الطلاق فهو طلاق في أصح الروايتين فإن نوى به الطلاق والظهار كان طلاقا وظهارا وقيل لا يكون ظهارا وإن نوى تحريم عينها قبل وعليه كفارة يمين وقيل لا يقبل ويكون مظاهرا ويصح الظهار معجلا ومعلقا على شرط فإذا وجد صار مظاهرا وإن قال إذا تظاهرت من فلانة فأنت علي كظهر أمي وفلانة أجنبية فتزوجها وظاهر منها صار مظاهرا من الزوجة وإن قال إذا تظاهرت من فلانة الأجنبية فانت علي كظهر أمي ثم تزوجها وظاهر منها فقد قيل يصير مظاهرا من الزوجة وقيل لا يصير وهو الأصح ويصح الظهار مطلقا وموقتا في أصح القولين وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي شهرا أو يوما ومتى صح الظهار ووجد العود وجبت الكفارة والعود هو أن يمسكها بعد الظهار زمانا يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق فإذا وجد ذلك وجبت الكفارة واستقرت فإن ماتت قبل امكان الطلاق أو عقب الظهار بالطلاق لم تجب الكفارة وإن ظاهر من رجعية لم يصر بترك الطلاق عائدا فإن راجعها أو بانت ثم تزوجها وقلنا يعود الظهار فهل يكون الرجعة والنكاح عودا أم لا فيه قولان وإن ظاهر الكافر من امرأته وأسلم عقيب الظهار فقد قيل اسلامه عود وقيل ليس بعود وإن كان قذفها ثم ظاهر منها ثم لاعنها فقد قيل أنه صار عائدا وقيل لم يصر عائدا وإن بقيت من اللعان الكلمة الخامسة فظاهر منها ثم أتى بالكلمة لم يصر عائدا وإن كانت الزوجة أمة فابتاعها الزوج عقيب الظهار فقد قيل أن ذلك عود فلا يطأها بالملك حتى يكفر وقيل ليس بعود وإن ظاهر

(1/186)


منها ظهارا مؤقتا فأمسكها زمانا يمكن فيه الطلاق صار عائدا وقيل لا يصير عائدا إلا بالوطء وإن تظاهر من أربع نسوة بكلمة واحدة لزمه لكل واحدة كفارة في أصح القولين وتلزمه كفارة في القول الآخر وإن كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة وأراد الإستئناف ففيه قولان: أصحهما أنه يلزمه لكل مرة كفارة والثاني يلزمه للجميع كفارة واحدة وإذا وجبت الكفارة حرم وطؤها إلى أن يكفر وهل تحرم المباشرة بشهوة فيما دون الفرج فيه قولان: أصحهما أنه لا تحرم والكفارة أن يعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تضر بالعمل كالعمى والزمانة1 وقطع اليد أو الرجل وقطع الإبهام أو السبابة أو الوسطى وإن كانت مقطوعة الخنصر والبنصر لم يجزئه وإن قطع أحداهما أجزأه وإن كانت مقطوعة الأنملة من الإبهام لم يجزئه وإن كان من غيرها أجزأه ويجزىء العوراء والعرجاء عرجا يسيرا والأصم والأخرس إذا فهمت إشارته وإن جمع الصمم والخرس لم يجزئه ولا يجزيء المجنون المطبق ويجزيء من يجن ويفيق ولا يجزيء المريض المأيوس منه ولا النحيف الذي لا عمل فيه ولا يجزيء أم الولد ولا المكاتب ويجزيء المدبر والمعتق بصفة ولا يجزيء المغصوب وفي الغائب الذي انقطع خبره قولان وإن اشترى من يعتق عليه بالقرابة ونوى الكفارة لم يجزئه وإن اشترى عبدا بشرط العتق فأعتقه عن الكفارة لم يجزئه وإن أعتق عبدا عن الكفارة بعوض لم يجزئه وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر ونوى أجزأه وقوم عليه نصيب شريكه وإن أعتق نصف عبدين فقد قيل: يجزئه وقيل: لا يجزئه وقيل إن كان الباقي حرا أجزأه وإن كان عبدا لم يجزئه وإن كان عادما للرقبة وثمنها أو واجدا وهو محتاج إليها للخدمة أو إلى ثمنها للنفقة كفر بالصوم وإن كان واجدا لما يصرفه في العتق في بلده عاد ماله في موضعه فقد قيل يكفر بالصوم وقيل لا يكفر وإن اختلف حاله ما بين أن يجب إلى حال الأداء وكان موسرا في أحد الحالين ومعسرا في
__________
1 - الزمانة: من رجل مزمن أي متبلي بين الزمانة: مختار الصحاح 275.

(1/187)


الأخرى, اعتبر حاله عند الوجوب في أصح الأقوال ويعتبر حاله عند الأداء في الثاني ويعتبر أغلظ الحالين في الثالث وكفارة الصوم أن يصوم شهرين متتابعين بالأهلة فإن دخل فيه في أثناء الشهر لزمه شهر تام بالعدد وشهر بالهلال تم أو نقص, وإن خرج منه بما يمكن التحرز منه كالعيد وشهر رمضان بطل التتابع وإن أفطر بما لا يمكن التحرز منه كالمرض ففيه قولان وإن أفطر بالسفر فقد قيل يبطل وقيل على قولين, وإن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى زواله كفر بالطعام فيطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من قوت البلد وهو رطل وثلث فإن أخرج من دون قوت البلد من حب تجب فيه الزكاة ففيه قولان, وإن كان قوت البلد مما لا زكاة فيه فإن كان أقطا فعلى قولين وإن كان لحما أو لبنا فقد قيل لا يجوز وقيل على قولين وإن كان في موضع لا قوت فيه أخرج من قوت أقرب المواضع إليه ولا يجزيء فيه الدقيق ولا البسويق ولا الخبز ولا القيمة وإن غداهم أو أعشاهم بذلك لم يجزئه ولا يجوز دفعه إلى مكاتب ولا كافر ولا إلى من تلزمه نفقته ولا يجوز أن يدفع إلى أقل من ستين مسكينا ولا يجزيء شيء من الكفارات إلا بالنية ويكفيه في النية أن ينوي العتق أو الصوم أو الإطعام عن الكفارة وقيل يلزمه أن ينوي في الصوم التتابع في كل ليلة وقيل: في أول الصوم والصحيح أنه لا يلزمه ذلك وإن كان المظاهر عبدا كفر بالصوم وحده وإن كان كافرا كفر بالمال دون الصوم.

(1/188)


باب اللعان1
يصح اللعان من كل زوج بالغ عاقل وإذا قذف زوجته من يصح لعانه ووجب عليه الحد أو التعزيز2 وطولب به فله أن يسقطه باللعان فإن عفي عن
__________
1 - اللعان: الطرد والبعد من الخير: مختار الصحاح 599.
2 - التعزيز: التأديب ومنه التعزيز الذي هو ضرب دون الحد. مختار الصحاح: 429.

(1/188)


ذلك لم يلاعن وقيل له أن يلاعن وليس بشيء فإن لم يطالب ولم يعف فقد قيل له أن يلاعن وقيل ليس له وهو الأصح فإن قذفها بالزنا ومثلها لا توطا عزر ولم يلاعن, وإن قذفها وهي زانية عزر ولم يلاعن على ظاهر المذهب فإن قذف امرأته ولم يلاعن فحد ثم قذفها ثانيا عزر ولم يلاعن, وإن قذفها وانتفى عن ولدها لاعن وإن قذفها وانتفى عن حملها فله أن يلاعنها وله أن يؤخر إلى أن تضع, وإن انتفى عن ولدها وقال وطئك فلان بشبهة عرض الولد على القافة ولم يلاعن لنفيه, وإن قال هو من فلان وقد زنى بك وأنت مكرهة ففيه قولان أصحهما أنه يلاعن لنفيه وإن قذف زوجته بزنا أضافه إلى ما قبل النكاح ولم يكن هناك ولد لم يلاعن, وإن كان هناك ولد فقد قيل لا يلاعن وقيل يلاعن وهو الأصح وإن أبانها وقذفها بزنا أضافه إلى حال النكاح فإن لم يكن هناك ولد حد ولم يلاعن فإن كان هناك ولد منفصل لاعن لنفيه, وإن كان حملا لم ينفصل فقد قيل لا يلاعن حتى ينفصل وقيل فيه قولان وإن قذف أربع نسوة لاعن أربع مرات فإن كان بكلمة واحدة وتشاححن في البداية أقرع بينهن فإن بدأ الحاكم بلعان واحدة من غير قرعة جاز فإن وطىء امرأة في نكاح فأيد فأتت بولد وانتفى عنه لاعن واللعان أن يامره الحاكم ليقول أربع مرات أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به ويسميها إن كانت غائبة ويشير إليها إن كانت حاضرة, وقيل يجمع بين الإسم والإشارة ويقول في الخامسة وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فإن كان هناك نسب ذكره في كل مرة وإن قذفها بزناءين ذكرهما في اللعان فإذا لاعن سقط عنه الحد وانتفى عنه النسب ووجب عليها حد الزنا وبانت منه وحرمت على التابيد, وإن كان قد سمى الزاني وذكره في اللعان سقط ما وجب عليه من حده وإن لم يسمه ففيه قولان أحدهما يسقط عنه حده والثاني لا يسقط وقيل إن كان اللعان في نكاح فاسد لم تحرم على

(1/189)


أربع مرات أشهد أنه لمن الكاذبين فيما رماني به وفي الخامسة تقول, وعلى غضب الله إن كان من الصادقين فإذا لاعنت سقط عنها الحد فإن أبدل لفظ الشهادة بالحلف أو القسم فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز وإن أبدل لفظ الغضب باللعنة لم يجز وإن أبدل الزوج اللعنة بالغضب فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز وإن قدم لفظ اللعنة أو الغضب على الشهادة لم يجز وقيل يجوز والأول أصح وإن لاعنت المرأة قبل الرجل لم يعتد به والمستحب أن يتلاعنا من قيام فإذا بلغ الرجل إلى اللعنة أو بلغت المرأة إلى الغضب استحب أن يقول الحاكم أنها موجبة للعذاب وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويأمر رجلا أن يضع اليد على فمه ويأمر امرأة أن تضع اليد على فمها فإن أبيأ تركهما ويلاعن بينهما بحضرة جماعة وأقلهم أربعة ويلاعن بينهما بعد العصر فإن كان بمكة لاعن بين الركن والمقام وإن كان بالمدينة فعند منبر النبي صلى الله عليه وسلم, وإن كان ببيت المقدس فعند الصخرة وإن كان في غيرها من البلاد ففي الجوامع عند المنبر أو على المنبر وان كان أحدهما جنبا: لاعن على باب المسجد وإن كانا ذميين لاعن بينهما في المواضع التي يعظمونها وإن ترك التغليظ بالجماعة والزمان جاز وإن ترك التغليظ بالمكان ففيه قولان وإذا تلاعنا ثم قذفها أجنبي حد فإن قذفها الزوج عزر ولم يلاعن على المذهب وإن أكذب الزوج نفسه حد إن كان محصنة1 وعزر إن كانت غير محصنة ولحقه النسب وإن أكذبت المرأة نفسها حدت حد الزنا.
__________
1 - محصنة: من أحصن الرجل إذا تزوج. مختار الصحاح 140.

(1/190)


باب ما يلحق من النسب, وما لا يلحق
ومن تزوج بامرأة فأتت بولد يمكن أن يكون منه لحقه نسبه, ولا ينتفي عنه إلا بلعان وإن لم يمكن أن يكون منه بأن يكون له دون عشر سنين أو كان

(1/190)


مقطوع الذكر والانثيين جميعا, أو أتت به امرأته لدون ستة أشهر من حين العقد أو أتت به مع العلم أنه لم يجتمع معها أو أتت بولد لأكثر من أربع سنين من حين اجتمع معها انتفى عنه من غير لعان فإن وطئها ثم طلقها طلاقا رجعيا ثم أتت بولد لأكثر من أربع سنين ففيه قولان: أحدهما لا يلحقه والثاني يلحقه ولا ينتفي إلا بلعان وإن أبانها وانقضت عدتها ثم تزوجت بآخر ثم أتت بولد لستة أشهر من حين النكاح الثاني فهو للزوج الثاني وإن وطىء امرأة بشبهة فأتت بولد يمكن أن يكون منه لحقه ولا ينتفي عنه إلا بلعان ومن لحقه نسب يعلم أنه من زنا لزمه نفيه باللعان وإن رأى فيه شبها لغيره فقد قيل له نفيه باللعان وقيل ليس له ذلك ومن لحقه نسب فأخر نفيه من غير عذر وسقط نفيه وفيه قول آخر أن له نفيه إلى ثلاثة ايام وإن ادعى أنه لم يعلم بالولادة ومثله يجوز أن يخفي عليه فالقول قوله وإن قال: لم أعلم أن لي النفي, أو لم أعلم أن النفي على الفور فإن كان قريب العهد بالإسلام قبل منه وإن كان يجالس العلماء لم يقبل منه وإن كان من العامة فقد قيل يقبل وقيل لا يقبل وإن أخر النفي لعذر من مرض أو حبس, أو حفظ مال أو كان غائبا ولم يمكنه أن يسير فبعث إلى الحاكم وأعلمه أنه على النفي كان له نفيه, وإن لم ينفه ولم يشهد لم يجز له نفيه وإن كان الولد حملا فترك نفيه وقال لم أتحقق قبل قوله, وإن قال علمت ولكن قلت لعله يموت فأكفي اللعان لحقه وإن هنيء بالولد وقيل له بارك الله لك فيه أو جعل الله خلفا مباركا فأجاب بما يتضمن الإقرار بأن أمن على الدعاء وما أشبهه لزمه وإن أجاب بما لا يتضمن الإقرار بأن قال بارك الله عليك أو رزقك الله مثله أو أحسن الله جزاءك لم يلزمه وإن أتت امرأته بولدين بينهما دون ستة أشهر فأقر بأحدهما أو أخر نفيه لحقه الولدان وإن مات الولد قبل النفي جاز له نفيه بعد الموت ومن أتت أمته بولد يمكن أن يكون منه فإن لم يطأها لم يلحقه وإن وطئها لحقه ولا ينتفي عنه إلا أن يدعي الإستبراء ويخلف عليه وإن قال كنت أطأ وأعزل لحقه وإن قال كنت أطؤها دون الفرج فقيل يلحقه وقيل لا.

(1/191)


يلحق وإن وطىء أمته ثم أعتقها, واستبرأت ثم أتت بولد لستة أشهر من حين العتق لم يلحقه وقيل يلحقه وإن اشترك اثنان في وطء امرأة فأتت بولد أو انفرد به كل واحد منهما لحقه عرض على القافة فإن ألحقته بأحدهما لحقه وإن لم تكن قافة أو كانت وأشكل عليها أو ألحقته بهما أو نفته منهما ترك حتى يبلغ فينتسب إلى من يقوى في نفسه أنه أبوه ولا يقبل قولك القائف إلا أن يكون ذكرا حرا عدلا مجربا في معرفة النسب ويجوز أن يكون واحدا وقيل لا بد من اثنين.

(1/192)