التنبية في الفقه الشافعي

كتاب الأيمان
باب من يصح يمينه وما يصح به اليمين
يصح اليمين من كل بالغ عاقل مختار قاصد إلى اليمين فأما الصبي فلا يصح يمينه ومن زال عقله بنوم أو مرض لا يصح يمينه, وإن زال بمحرم صحت يمينه وقيل فيه قولان ومن أكره على اليمين لم يصح يمينه ومن لم يقصد اليمين فسبق لسانه إليها أو قصد اليمين على شيء فسبقت يمينه إلى غيرها لم يصح يمينه وذلك لغو اليمين الذي لا يؤاخذ به ويصح اليمين على الماضي والمستقبل, فإن حلف على ماض وهو صادق فلا شيء عليه وإن كان كاذبا أثم وعليه الكفارة وهذه اليمين هي اليمين الغموس1, وإن حلف على مستقبل فإن كان على أمر مباح فقد قيل ان الأولى أن لا يحنث وقيل الأولى أن يحنث, وان حلف على فعل مكروه او ترك مستحب فالأولى أن يحنث ويكره ان يحلف بغير الله سبحانه فإن حلف بغيره كالنبي والكعبة لم ينعقد يمينه وإن قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني لم ينعقد يمينه ويستغفر الله تعالى ويقول لا إله إلا الله فإن حلف باسم الله تعالى لا يسمي به غيره كقوله: والله والرحمن والقدوس والمهيمن وعلام الغيوب وخالق الخلق والواحد الذي ليس كمثله شيء وما أشبهه انعقد يمينه وإن حلف باسم له يسمى به غيره مع التقييد كالرب والرحيم والقاهر والقادر ولم ينو به
__________
1 - الغموس: أي التي تغمس صاحبها بالاثم 481 من مختار الصحاح.

(1/193)


غيره انعقدت يمينه وإن نوى به غيره لم ينعقد يمينه وإن حلف بما يشترك فيه هو وغيره كالحي والموجود والغني والسميع والبصير لم ينعقد يمينه إلا أن ينوي به الله عز وجل وإن قال: والله لأفعلن كذا لم يكن يمينا إلا أن ينوي به اليمين وإن قال بالله لأفعلن كذا وأراد بالله أستعين لأفعلن كذا لم يكن يمينا وإن حلف بصفة من صفات الذات لا يحتمل غيره وهي عظمة الله وجلال الله وعزة الله وكبرياء الله وبقاء الله وكلام الله والقرآن انعقدت يمينه وإن كان يستعمل في مخلوق وهو قوله: وعلم الله وقدرة الله وحق الله ونوى بالعلم المعلوم وبالقدرة المقدور وبألحق العبادات لم تنعقد يمينه وإن لم ينو شيئا انعقدت يمينه وإن قال: لعمر الله فهو يمين إلا أن ينوي به غير اليمين على ظاهر المذهب وقيل: ليس بيمين إلا أن ينوي اليمين وإن قالت: أقسمت بالله أو أقسم بالله انعقدت يمينه وإن قال أردت بالأول الخبر عن ماض والثاني الخبر عن مستقبل قبل فيما بينه وبين الله عز وجل وهل يصدق في الحكم قيل لا يصدق وقيل إن كان في الإبلاء لا يصدق وإن كان في غيره صدق وقيل فيه قولان وإن قال: أشهد بالله فقد قيل هو يمين إلا أن ينوي بالشهادة غير القسم, وقيل ليس بيمين إلا أن ينوي به القسم, وإن قال أعزم بالله لم يكن يمينا إلا أن ينوي به اليمين وإن قال على عهد الله وميثاقه وذمته وأمانته وكفالته لا فعلت كذا فليس بيمين إلا أن ينوي به اليمين وإن قال: أسالك بالله وأقسمت عليك بالله لتفعلن كذا فليس بيمين إلا أن ينوي به اليمين, وإن حلف رجل بالله تعالى فقال آخر يميني في يمينك أو يلزمني مثل ما يلزمك لم يلزمه شيء وإن كان ذلك في الطلاق والعتاق ونوى لزمه ما لزم الحالف وإن قال: اليمين لازمة لي لم يلزمه شىء وإن قال: الطلاق والعتاق لازم لي ونواه لزمه وإن قال إيمان البيعة لازمة لي لم يلزمه إلا أن ينوي الطلاق والعتاق فيلزمه وإن قال الحلال علي حرام ولم تكن له زوجة ولا جارية لم يلزمه شيء, وإن كانت له زوجة فنوى طلاقها أو جارية فنوى عتقها وقع الطلاق والعتق وإن نوى الظهار,

(1/194)


صح الظهار في الزوجة دون الأمة, وإن نوى تحريمها لزمه بنفس اللفظ لكل واحدة منهما كفارة يمين وإن لم ينو شيئا ففيه قولان: أحدهما أنه لا يلزمه شيء والثاني أنه يلزمه كفارة يمين.

(1/195)


باب جامع الأيمان
إذا قال: والله لا سكنت دارا وهو فيها وأمكنه الخروج منها ولم يخرج حنث وإن خرج منها بنية التحول لم يحنث وإن رجع إليها لنقل القماش لم يحنث, وإن حلف لا يساكن فلانا فسكن كل واحد منهما في بيت من دار كبيرة أو خان وانفرد بباب, وغلق لم يحنث وإن حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها فلم يخرج ففيه قولان, وإن حلف لا يلبس ثوبا وهولابسه واستدام أو لا يركب دابة وهو راكبها واستدام حنث وإن حلف لا يتزوج وهو متزوج أو لا يتطيب وهو متطيب أو لا يتطهر وهو متطهر فاستدام لم يحنث, وإن حلف لا يدخل دارا فصعد سطحها لم يحنث, وقيل إن كان محجرا حنث وإن كان فيها نهر فحصل في النهر الذي فيها أو صعد شجرة يحيط بها حيطان الدار حنث وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ودخلها حنث وإن حلف لا يدخل دار فلان فدخل دار يسكنها بكراء أو عارية لم يحنث إلا أن ينوي ما يسكنها وإن حلف لا يدخل مسكن فلان فدخل ما يسكنها بإجارة أو اعارة حنث, وإن حلف لا يدخل هذه الدار فصارت عرصة1 فدخلها لم يحنث وإن أعيدت بنقضها فدخلها فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث, وإن قال لا دخلت هذه الدار من بابها فحول بابها إلى موضع آخر فقد قيل لا يحنث وهو ظاهرالنص وقيل يحنث وهو الأظهر, وإن حلف لا يدخل بيتا فدخل بيتا من شعر أو أدم حنث على ظاهر النص وقيل ان دخله حضري لم يحنث وان حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا لم يحنث, وان
__________
1 - العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء مختار الصحاح: 424.

(1/195)


حلف لا يأكل هذه الحنطة, فجعلها سويقا أو دقيقا أو خبزا فاكله لم يحنث وإن حلف لا يأكل الخبز فشرب الفتيت لم يحنث وإن حلف لا يشرب السويق فاستفه لم يحنث وإن حلف لايأكل سويقا ولايشربه فذاقه لم يحنث وإن حلف لا يذوق شيئا فمضغه, ولفظه فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث وإن حلف لا يأكل سمنا فأكله في عصيدة وهو ظاهر فيها حنث وإن أكله مع الخبز حنث على ظاهر المذهب, وقيل لا يحنث وإن حلف لا يشرب من هذا الكوز فجعل ما فيه في غيره فشربه لم يحنث, وإن حلف لا يشرب من هذا النهر فشرب ماءه في كوز حنث وإن حلف لا يأكل لحما فأكل شحما أوكلية أو ثربا1 أو كرشا أو كبدا أو طحالا أو قلبا لم يحنث وإن أكل من الشحم الذي على الظهر حنث وإن أكل الألية لم يحنث وقيل يحنث, وإن أكل السمك لم يحنث وإن حلف على الشحم فأكل سمين الظهر أو الألية لم يحنث, وإن حلف لا يأكل الرؤوس لم يحنث إلا بما يباع منفردا وهي رؤوس الابل والبقر والغنم فإن كان في بلد تباع رؤوس الصيد فيه منفردة حنث بأكلها, وان كان في بلد لا تباع فيه فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث وإن حلف لا يأكل البيض لم يحنث إلا بما يفارق بائضه فإن أكل بيض السمك والجراد لم يحنث, وإن حلف لا يأكل أدما حنث بأكل الملح واللحم وإن أكل الثمر لم يحنث وقيل يحتمل أن يحنث, وإن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا2 فأكل منصفا حنث, وإن حلف لا يأكل بسرة أو رطبة فأكل منصفا لم يحنث وإن حلف لا يأكل لبنا فأكل شيرازا3 أو دوغا4 حنث وان أكل جبنا أو لورا أو مصلا5 أو كشكا أو أقطا6 لم يحنث وإن حلف لا يأكل
__________
1 - الثرب شحم قد غثى الكرش والأمعاء رقيق مختار الصحاح: 83.
2 - البسر: أوله طلع ثم خلال بالفتح ثم بلح بفتحتين ثم بسر ثم رطب ثم تمر مختار الصحاح: 51.
3 - الشيراز: اللبن الرائب المستخرج ماؤه. انظر القاموس مادة ش. ر. ز.
4 - دوغا: والدوغ بالضم المخيض فارسي كما في القاموس في مادة د. و. غ.
5 - المصل: ماء الأقط حين يطبخ ثم يعصر فعصارة الأقط هي المصل لسان العرب 11: 262.
6 - أقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل لسان العرب 8: 257.

(1/196)


فاكهة فأكل الرطب, أو العنب أو الرمان حنث وإن حلف لا يشم الريحان فشم الضميران حنث وإن شم الورد والياسمين لم يحنث وإن حلف لا يلبس شيئا فلبس درعا أو جوشنا1 أو خفا أو نعلا حنث وقيل لا يحنث وإن حلف على رداء أنه لا يلبسه ولم يذكرالرداء في يمينه فقطعه قميصا ولبس حنث, وقيل لا يحنث وإن حلف لا يلبس حليا فلبس خاتما أو مخنقة لؤلؤ حنث, وإن من عليه رجل فحلف لا يشرب له ماء من عطش فأكل له خبزا أو لبس له ثوبا أو شرب له ماء من غير عطش لم يحنث, وإن حلف لا يلبس له ثوبا فوهبه منه أو اشتراه أو لبس ما اشترى له لم يحنث وإن حلف لا يضربها فنتف شعرها أو عضها لم يحنث, وإن حلف لا يهب له فتصدق عليه حنث وإن أعاره أو وصى له لم يحنث وإن وهب له فلم يقبل لم يحنث وإن قيل ولم يقضه لم يحنث وقيل يحنث وإن حلف لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث, وإن حلف لا يكلمه فراسله أو كاتبه أو أشار إليه لم يحنث في أصح القولين وإن قال لا صليت فاحرم بها حنث وقيل لا يحنث حتى يركع وإن حلف لا مال له وله دين فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث, وإن حلف ما له رقيق أوما له عبد وله مكاتب لم يحنث في أظهر القولين ويحنث في الآخر وإن حلف لا تسريت فقد قيل لا يحنث حتى يحصن الجارية ويطأها وينزل وقيل يحنث بالتحصين والوطء وقيل يحنث بالوطء وحده وإن قال لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فلان ولم ينو أنه يرفع إليه وهو قاض فعزل ثم رفع إليه فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث, وإن قال لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي حمل على قاضي ذلك البلد من كان, وإن حلف لا يكلم فلانا حينا أودهرا أو زمانا أو حقبا بربادني زمان, وإن حلف لا يستخدم فلانا فخدمه وهو ساكت لم يحنث وإن حلف لا يتزوج ولا
__________
1 - أي لا يقتني سرية.

(1/197)


يطلق فوكل فيه غيره حتى فعل لم يحنث وإن حلف لا يبيع أولا يضرب فوكل فيه غيره حتى فعل لم يحنث في أظهر القولين وفيه قول آخر أنه ان كان ممن لا يتولى ذلك بنفسه حنث, وإن حلف ليضربن عبده مائة سوط فشد مائة سوط وضربه ضربة واحدة وتحقق أن الكل أصابه بر, وإن لم يتحقق لم يبر والورع أن يكفر وإن حلف ليضربنه مائة ضربة فضربه بالمائة المشدودة دفعة واحدة فقد قيل يبر وقيل لا يبر, وإن حلف لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر فأكله الا تمرة ولم يعرف أنها المحلوف عليها لم يحنث والورع أن يكفر, وإن حلف لا يأكل رغيفين فأكلهما إلا لقمة لم يحنث, وإن حلف لا يأكل هذه الرمانة فأكلها إلا حبة لم يحنث وإن حلف لا يشرب ماء الكوز فشربه إلا جرعة لم يحنث, وإن حلف لا يشرب ماء النهر فشرب منه لم يحنث وقيل يحنث بشرب بعضه, وإن حلف لا يأكل مما اشتراه زيد فأكل مما اشتراه زيد وعمرو لم يحنث وإن اشترى كل واحد منهما شيئا فخلطاه فأكل منه فقد قيل لا يحنث حتى يأكل أكثر من النصف وقيل إن أكل حبة أو عشرين حبة لم يحنث, وإن أكل كفا حنث وإن حلف لا يدخل الدار فدخلها ناسيا أو جاهلا ففيه قولان وإن أدخل على ظهر إنسان باختياره حنث وإن أكره حتى دخل ففيه قولان وإن حمل مكرها لم يحنث وقيل على قولين وإن حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله في يومه حنث, وإن تلف في يومه فعلى قولين كالمكره فإن تلف من الغد وتمكن من أكله فقد قيل يحنث وقيل على قولين وهو الأشبه وإن قال لا فارقت غريمي فهرب منه لم يحنث وإن حلف فقال إن شاء الله متصلا باليمين لم يحنث, وإن جرى الإستثناء على لسانه على العادة ولم يقصد به رفع اليمين لم يصح الإستثناء, وإن عقد اليمين ثم عن له الإستثناء لم يصح الإستثناء وإن عن له الإستثناء في أثناء اليمين فقد قيل يصح وقيل لا يصح وإن قال لا سلمت على فلان فسلم على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه لا يحنث, وإن لم بنو شيئا ففيه قولان وإن قال لا دخلت على فلان فدخل على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه فقد قيل لا يحنث وقيل يحنث.

(1/198)


باب كفارة اليمين
إذاحلف وحنث لزمه الكفارة فإن كان يكفر بالصوم لم يجز حتى يحنث وإن كان يكفر بالمال فالأولى أن لا يكفر حتى يحنث فإن كفر قبل أن يحنث جاز وقيل: إن كان الحنث بمعصية لم يجز أن يكفر قبل الحنث وليس بشيء والكفارة أن يعتق رقبة أو يطعم عشرة مساكين, أو يكسوهم والخيار في ذلك إليه وإن أراد العتق أعتق رقبة كما ذكرنا في الظهار, وإن أراد الإطعام أطعم كل مسكين رطلا وثلثا كما ذكرناه في الظهار وإن أراد الكسوة دفع إلى كل مسكين ما يقع عليه اسم الكسوة من قميص أو سراويل أو منديل أو مئزر فإن أعطاهم قلنسوة فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز ولا يجوز فيه الخلق ويجوز ما غسل دفعة أو دفعتين فإن كان معسرا لا يقدر على المال كفر بالصوم وإن كان له مال غائب لم يجز أن يكفر بالصوم والصوم ثلاثة أيام والأولى أن يكون متتابعا فإن فرقها ففيه قولان: أصحهما أنه يجوز إن كان الحالف كافرا لم يجز أن يكفر بالصوم فإن كان عبدا فاذن له المولى في التكفير بالمال لم يجز له في أصح القولين ويجوز في الأخر بالإطعام والكسوة دون العتق وإن أراد أن يكفر بالصوم في وقت لا ضرر على مولاه فيه جاز وإن كان عليه فيه ضرر نظر فإن حلف بغير إذنه وحنث بغير إذنه لم يجز وإن حلف بإذنه وحنث بغير إذنه فقد قيل يجوز وقيل لا يجوز وهو الأصح فإن خالف وصام أجزأه وإن كان نصفه حرا ونصفه عبدا وله مال كفر بالطعام والكسوة وقيل هو كالعبد القن والأول أصح.

(1/199)


باب العدة
إذا طلق امرأته بعد الدخول وجبت عليها العدة وإن طلقها بعد الخلوة ففيه قولان: أصحهما أنه لا عدة عليها ومن وجبت عليها العدة وهي حامل اعتدت بوضع الحمل وأكثره أربع سنين فإن وضعت بما لا يتصور فيه خلق

(1/199)


آدمي وشهد القوابل أن ذلك خلق آدمي فقد قيل تنقضي به العدة وقيل فيه قولان وإن كانت من ذوات الأقراء اعتدت بثلاثة أطهار ومتى يحكم بانقضاء العدة قيل فيه قولان أحدهما إن كان الطلاق في طهر انقضت العدة بالطعن في الحيضة الثالثة وإن كان في الحيض انقضت العدة بالطعن في الحيضة الرابعة والقول الثاني لا تنقضي العدة حتى تحيض يوما وليلة وقيل إن حاضت للعادة انقضت العدة بالطعن في الحيض وإن حاضت لغير العادة لم تنقض حتى يمضي يوم وليلة وإن كانت ممن لا تحيض لصغر أو يأس اعتدت بثلاثة أشهر فإن انقطع دمها لغير عارض وهي ممن تحيض ففيه قولان: أحدهما تقعد إلى اليأس ثم تعتد بالشهور وفي الإياس قولان أحدهما إياس أقاربها والثاني إياس جميع النساء والقول الثاني تقعد إلى أن يعلم براءة الرحم ثم تعتد بالشهور وفي قدر ذلك قولان: أحدهما تسعة أشهر والثاني أربع سنين وإن اعتدت الصغيرة بالشهور فحاضت في أثنائها انتقلت إلى الأطهار ويحتسب بما مضى طهر وقيل لا يحتسب والأول أصح وإن كانت أمة فإن كانت حاملا فعدتها بالحمل وإن كانت من ذوات الأقراء اعتد بقرأين وإن كانت من ذوات الشهور ففيها ثلاثة أقوال: أحدها ثلاثة أشهر والثاني شهران والثالث شهر ونصف فإن أعتقت في أثناء العدة فإن كانت رجعية أتمت عدة حرة وإن كانت بائنا ففيه قولان ومن طئت بشبهة وجبت عليها عدة المطلقة ومن مات عنها زوجها وهي حامل اعتدت بالحمل وإن كانت حائلا أو حاملا يحمل ولا يجوز أن يكون منه اعتدت بأربعة أشهر وعشر وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمس ليال وإن طلق امرأته طلقة رجعية ثم توفي عنها انتقلت إلى عدة الوفاة وإن طلق إحدى امرأتيه ثلاثا بعد الدخول ومات قبل أن يتبين وجبت على كل واحدة منهما أطول العدتين من الإقراء أو الشهور ومن فقد زوجها أو انقطع عنها خبره ففيه قولان: أحدهما أنها تكون على الزوجية إلى أن تتحقق الموت وهو الأصح والثاني أنها تصبر أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة ثم تحل للأزواج في الظاهر وهل تحل في الباطن ففيه قولان ويجب الإحداد في

(1/200)


عدة المتوفى ولا يجب في عدة الرجعية والموطوأة بشبهة, وفي عدة البائن قولان: أصحهما أنه لا يجب فيها الإحداد والإحداد ان تترك الزينة فلا تلبس الحلي ولا تتطيب ولا تخضب ولا ترجل الشعر ولا تكتحل بالإثمد والصبر فإن احتاجت إليه اكتحلت بالليل وغسلت بالنهار ولا تلبس الأحمر والأزرق الصافي ولا يجوز للمبتوتة ولا للمتوفى عنها زوجها أن تخرج من المنزل لغير حاجة وإن أرادت الخروج لحاجة كشراء القطن وبيع الغزل لم يجز ذلك بالليل ويجوز للمتوفى زوجها الخروج لقضاء الحاجة بالنهار وفي المطلقة البائن قولان: أصحهما أنه يجوز وإن وجب عليها حق يختص بها وهي برزة خرجت فإذا وفت رجعت وبنت وتجب العدة في المنزل الذي وجبت فيه فإن وجبت, وهي في مسكن لها وجب لها الأجرة, وإن وجبت وهي في مسكن للزوج لم يجز ان يسكن معها إلا أن تكون في دار فيها ذو رحم محرم لها أو له ولها موضع تنفرد به ولا يجوز نقلها من المسكن الذي وجبت فيه العدة إلا لضرورة أو بذاءة1 على أحمائها فتنتقل إلى أقرب المواضع إليها وإن أمرها بالإنتقال إلى موضع آخر فانتقلت ثم طلقها قبل أن تصير إلى الثاني فقد قيل: تمضي وقيل هي بالخيار بين المجيء وبين العود فإن أذن لها في السفر فخرجت ووجبت العدة قبل أن تفارق البلد فقد قيل عليها أن تعود وقيل لها أن تمضي ولها أن تعود فإن فارقت البلد ثم وجبت العدة فلها أن تمضي في السفر ولها أن تعود وإن وصلت إلى المقصد فإن كان السفر لقضاء حاجة لم تقم بعد قضائها وإن كان لتنزه أو زيارة لم تقم أكثر من ثلاثة أيام وإن قدر لها مقام مدة ففيه قولان: أحدهما لا تقيم أكثر من ثلاثة أيام والثاني تقيم المدة التي أذن فيها فإن قضت الحاجة في المسألة الأولى وانقضت المدة في الثانية وبقي من العدة ما تعلم أنه ينقضي قبل أن تعود إلى البلد فقد قيل لا يلزمها العود وقيل يلزمها وإن أذن لها في الخروج إلى منزل أو إلى بلد لحاجة ثم اختلفا,
__________
1 - يقال بذات الرجل والموضع كرهته مختار الصحاح 45.

(1/201)


فقالت نقلتني إلى الثاني ففيه أعتد وقال ما نقلتك فالقول قول الزوج وإن مات الزوج واختلفت هي والورثة في ذلك فالقول قولها وإن أحرمت بإذنه ثم طلقها فإن كان الوقت ضيقا مضت في الحج وإن كان واسعا أتمت العدة وإن وجبت العدة ثم أحرمت أتمت العدة بكل حال, وإن تزوجت في العدة ووطئها الزوج وهي غير حامل انقطعت العدة فإذا فرق بينهما أتمت العدة من الأول ثم استقبلت العدة من الثاني وإن كانت حاملا لم تنقطع العدة فإن وضعت استقبلت العدة من الثاني, وإن وطئها الثاني وظهر بها حمل يمكن أن يكون من كل واحد منهما اعتدت به عمن يلحقه ثم تستقبل العدة من الأخر, وإن وطئها الزوج في العدة بشبهة إستانفت العدة ودخلت فيها البقية وله الرجعة فيما بقي من العدة الأولى فإن حبلت من الوطء الثاني فقد قيل تدخل فيها البقية وله الرجعة إلى أن تضع وقيل لا تدخل فتعتد بالحمل عن الوطء فإذا وضعت أكملت عدة الطلاق بالإقراء وله الرجعة في الاقراء وهل له الرجعة في الحمل قيل له الرجعة وقيل ليس له وإذا راجع المعتدة في أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول استانفت العدة في أصح القولين وبنت في القول الثاني فإن تزوج المختلعة في أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول فقد قيل تبني على العدة وقيل فيه قولان: أحدهما تبني والثاني تستأنف وإذا اختلفا في انقضاء العدة بالاقراء فادعت انقضاءها في زمان يمكن انقضاء العدة فيه فالقول قولها وإن اختلفا في اسقاط جنين تنقضى به العدة فادعت ما يمكن انقضاء العدة فالقول قولها, وإن اختلفا هل طلق قبل الولادة أو بعدها فالقول قوله وإن اختلفا هل ولدت قبل الطلاق أو بعده فالقول قولها وإن اختلفا هل انقضت عدتها بالحمل أم لا فقال الزوج لم تنقض عدتك بوضع الحمل فعليك ان تعتدي بالإقراء فقالت انقضت فالقول قول الزوج.

(1/202)


باب الاستبراء
من ملك أمة لم يطأها حتى يستبرئها فإن كانت حاملا استبرأها بوضع

(1/202)


الحمل وإن كانت حائلا تحيض إستبرأها بحيضة في أصح القولين وبطهر في القول الآخر وإن كانت ممن لا تحيض إستبرأها بثلاثة أشهر في أصح القولين وبشهر في الثاني فإن كانت مجوسية, أو مرتدة لم يصح استبراؤها حتى تسلم وإن كانت مزوجة أو معتدة لم يصح استبراؤها حتى يزول النكاح وتنقضى العدة وان ملكها بمعاوضة لم يصح الإستبراء حتى يقبضها وإن ملكها وهي زوجته حلت من غير استبراء والأولى أن لا يطأها حتى يستبرئها ومن كاتب أمته ثم رجعت إليه بالفسخ لم يطأها حتى يستبرئها وإن ارتد السيد أو ارتدت الأمة ثم عاد إلى الإسلام لم يطأها حتى يستبرئها وإن زوجها ثم طلقها الزوج لم يطأها حتى يستبرئها فإن طلقت بعد الدخول فاعتدت من الزوج فقد قيل يدخل الإستبراء في العدة وقيل لا يدخل بل يلزمه أن يستبرئها ومن لا يحل وطؤها قبل الإستبراء لم يحل التلذذ بها قبل الإستبراء إلا المسبية1 فإنه يحل التلذذ بها في غير الجماع وقيل لا يحل والأول أظهر ويحل بيع الأمة قبل الإستبراء وأما تزويجها فينظر فإن كان قد وطئها المالك أو من ملكها من جهته لم يجز تزويجها قبل الإستبراء وإن لم يكن قد وطئها جاز وإن أعتق أم ولده في حياته أو مات عنها لزمها الإستبراء فإن أعتقها أو مات عنها وهي مزوجة أو معتدة لم يلزمها الإستبراء فإن مات السيد والزوج أحدهما قبل الآخر ولم يعلم السابق منهما فإن كان بين موتهما شهران وخمس ليال فما دونها لم يلزمها الإستبراء وإن كان أكثر لزمها الاكثر من عدة الوفاة وهى أربعة أشهر وعشر أو الإستبراء ويعتبر من موت الثانى منهما ولا ترث من الزوج شيئا وإن اشترك اثنان في وطء أمة لزمها عن كل واحد منهما إستبراء.
__________
1 - المسببة: من السبي والسباء الأسر سببت العدو أسرته مختار الصحاح 385.

(1/203)


باب الرضاع
إذا ثار للمرأة لبن على ولد فارتضع منها طفل له دون الحولين خمس رضعات متفرقات صار ولدا لها وأولاده أولادها وصارت المرأة أما له وأمهاتها جداته وآباؤها اجداده واولادها إخوته واخواته وأخوتها وأخواتها أخواله وخالاته وإن كان الحمل ثابت النسب من رجل صار ولدا له وأولاده أولاده وصار الرجل ابا له وأمهاته وجداته وآباؤه أجداده وأولاده إخواته وأخواته وإخوته وأخواته أعمامه وعماته ويحرم النكاح بينهما بالرضاع كما يحرم بالنسب وتحل له الخلوة والنظر كما تحل بالنسب وان ارتضع ثم قطع باختياره من غير عارض كان ذلك رضعة وإن قطعت المرأة عليه لم يعتد بذلك رضعة وقيل يعتد به وإن ارتضع من ثدي امرأة ثم انتقل إلى ثدي امرأة اخرى فقد قيل لا يعتد بواحدة منهما وقيل يحتسب من كل واحدة منهما رضعة وإن أوجز من لبنها وأسعط خمس دفعات ثبت التحريم وإن حقن ففيه قولان, وإن حلبت لبنها كثيرا في دفعة وفرق في خمس أوان أوجر الصبي في خمس دفعات ففيه قولان: احدهما انه رضعة والثاني انه خمس رضعات وإن حلبت خمس دفعات وخلطت وأوجر الصبي في دفعة فهو رضعة وقيل: فيه قولان: وان حلبت في خمس دفعات وخلط وفرق في خمس أوان وأوجر في خمس دفعات فهو خمس رضعات وقيل على قولين وان جبن اللبن أو جعل خبز أو ماء وأطعم حرم وإن وقعت قطرة في حب ماء فسقي الصبي بعضه لم يحرم, وإن شرب وتقيا قبل ان يحصل في جوفه لم يحرم وإن ارتضع من امرأة ميتة لم يحرم وإن حلب منها في حياتها ثم أسقى الصبي بعد موتها حرم وان ثار لها لبن من وطء من غير حمل ففيه قولان: أحدهما يحرم والثاني لا يحرم وإن كان لها لبن من زوج فتزوجت بآخر وحبلت منه وزاد لبنها وأرضعت صبيا ففيه قولان: أحدهما انه ابن الأول والثانى انه ابنهما وإن انقطع اللبن من الأول ثم حبلت الثاني ونزل اللبن وأرضت صبيا ففيه

(1/204)


ثلاثة أقوال: أحدها أنه ابن الأول والثاني أنه ابن الثاني والثالث أنه ابنهما وإن وطىء رجلان امرأة فأتت بولد وأرضعت طفلا بلبنها فمن ثبت منهما نسب المولود منه صار الصبي ولدا له فإن مات المولود ولم يثبت نسبه ففي الرضيع قولان: أحدهما أنه ابنهما والثاني انه لا يكون ابن واحد منهما وهل للرضيع ان ينتسب الى احدهما ففيه قولان: أحدهما ينتسب والثانى لا ينتسب فإن أراد ان يتزوج ببنت احدهما فقد قيل لا يحل وقيل يحل ان يتزوج ببنت كل واحد منهما على الإنفراد ولا يجمع بينهما وان كان لرجل خمس أمهات أولاد فارتضع صبي من كل واحدة منهن رضعة صار ابنا له في ظاهر المذهب وقيل لا يصير وليس بشيء وان كان له إمرأتان صغيرتان فأرضعت امرأة احداهما بعد الأخرى ففيه قولان احدهما ينفسخ نكاحهما والثانى ينفسخ نكاح الثانية ومن أفسد على الزوج نكاح امرأة بالرضاع لزمه نصف مهر مثلها على المنصوص وفيه قول آخر أنه يلزمه مهر مثلها.

(1/205)