الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

باب صدقة البقر السائمة
قال الشافعي رضي الله عنه: " أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن طاوس أن معاذاً أخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً ومن أربعين بقرة مسنةً (قال) وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر معاذاً أن يأخذ من ثلاثين تبيعاً ومن أربعين مسنةً نصاً (قال الشافعي) وهذا ما لا أعلم فيه بين أحدٍ من أهل العلم لقيته خلافاً وروي عن طاوس أن معاذاً كان يأخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً ومن أربعين بقرةٍ مسنة وأنه أتى بدون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئاً وقال لم أسمع فيه شيئاً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حتى ألقاه فأسأله فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أن يقدم معاذاً وَأَنَّ مُعَاذًا أُتِيَ بِوَقْصِ الْبَقَرِ فَقَالَ لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بشيء ".
قال الماوردي: أما زكاة البقر فواجبة الكتاب وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وقال تعالى: {وَفِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ للسَائِلِ} وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهَا " بِالزَّايِ معجمة فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا، فَأَوَّلُ نِصَابِهَا ثَلَاثُونَ، وَفِيهَا تَبِيعٌ، وَمَا دُونُ الثَّلَاثِينَ وَقْصٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ: فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، إِلَى عِشْرِينَ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ، فَيَكُونَ فِيهَا تَبِيعٌ، وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ نُصُبَهَا كَالْإِبِلِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شاة، وفي كل خمسة وَعِشْرِينَ بَقَرَةٌ، بَدَلًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَيَكُونَ فِيهَا بَقَرَتَانِ بَدَلًا مِنْ بِنْتَيْ لَبُونٍ، استدلالاً بخبر ومعنى.

(3/106)


فأما الخبر: فروى عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ صَدَقَاتِ الْإِبِلِ قَالَ في آخره: وكذلك البقر.
وأما المعنى: فاشتراكها فِي اسْمِ الْبَدَنَةِ وَالْأُضْحِيَةِ وَالْإِجْزَاءِ عَنْ سَبْعَةٍ تُسَاوِي حُكْمِهَا فِي نُصُبِ الزَّكَاةِ وَفَرَائِضِهَا.
وِالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ: رِوَايَةُ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَكَرَ الْفَرَائِضَ، وَقَالَ فِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَرَوَى طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَأُتِيَ بِدُونِ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَسْأَلَهُ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ مُعَاذٌ، وَأَنَّ مُعَاذًا أُتِيَ بِوَقْصِ الْبَقَرِ فَقَالَ: لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بشيء.
قال الشافعي رضي الله عنه: " الوقص ما لم يبلغ الفريضة (قال) وبهذا كله نأخذ وليس فيما بين الفريضتين شيءٌ وإذا وجبت إحدى السنين وهما في بقرةٍ أخذ الأفضل وإذا وجد إحداهما لم يكلفه الأخرى ولا يأخذ المعيب وفيها صحاح كما قلت في الإبل ".
قال الماوردي: وَالشِّنَاقُ: مَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ، وَقَدْ يَتَجَوَّزُ بِالْوَقْصِ فَيُسْتَعْمَلُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ أَيْضًا، فَإِنْ قِيلَ حديث طاوس عن معاذ مرسل، لأن طاوس وُلِدَ فِي زَمَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ لَهُ سَنَةً حِينَ مَاتَ مُعَاذٌ، وَالشَّافِعِيُّ لا يقول بالمراسيل، فكيف يحتج بها قبل الْجَوَابُ عَنْهُ، مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَطَرِيقُهُ السِّيرَةُ وَالْقَضِيَّةُ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْيَمَنِ خُصُوصًا وَفِي سَائِرِ النَّاسِ عُمُومًا وَطَاوُسٌ يَمَانِيٌّ، فَكَانَ الْأَخْذُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ اشْتِهَارِهِ لَا مِنْ طَرِيقِ إِرْسَالِهِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ بِالْمَرَاسِيلِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ مُسْنَدٌ يُعَارِضُهُ، وإن كان مرسلاً لَا يُعَارِضُهُ مُسْنَدٌ فَالْأَخْذُ بِهِ وَاجِبٌ.
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَإِنْ أَرْسَلَهُ الشَّافِعِيُّ فقد أسند له غَيْرُهُ فَكَانَ الْأَخْذُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ.

(3/107)


رَوَى الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً فَقَالُوا لَهُ فَالْأَوْقَاصُ؟ فَقَالَ لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا بِشَيْءٍ، حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ، فَرَجَعَ إِلَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ فِيهَا.
فَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ فَمَعْنَاهُ إِنْ صَحَّ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ فِي إِيجَابِ زَكَاتِهَا لَا فِي مَقَادِيرِ نُصُبِهَا، فَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْإِبِلِ فِي اشْتِرَاكِهَا فِي الْإِجْزَاءِ عَنْ سَبْعَةٍ في الضحايا فيفسر بالغنم، لأن السبعة عَنْ سَبْعَةٍ، وَيَقْتَضِي عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْعِبْرَةِ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا شَاةٌ، فَعُلِمَ بِالنَّصِّ فِي الْغَنَمِ فَسَادُ هَذَا الِاعْتِبَارِ وبطلان هذا الجمع.

فصل
: فإذا ثبت فِي ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعٌ، فَلَا شَيْءَ فيما دونه، فالتبيع ذكر وهو ما له سنة، وَسُمِّيَ تَبِيعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ عَلَى اتِّبَاعِ أُمِّهِ، فَإِنْ أَعْطَى تَبِيعَةً قُبِلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فإذا بلغتها فهي مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ وَقَدْ دَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ أَعْطَى مُسِنًّا ذَكَرًا نَظَرَ فِي بَقَرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا كُلَّهَا أو ذكوراً كلها، ففي جَوَازِ قَبُولِ الْمُسِنِّ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ لنصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْمُسِنَّةِ.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِي مُطَالَبَتِهِ بمسنة من غير ما له إضرار بِهِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ.
وَعَنْ أبي حنيفة ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ:
أَحَدُهَا: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ فِي زيادتها حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَيَكُونَ فِيهَا تَبِيعَانِ، وَبِهِ قَالَ أبو يوسف ومحمد.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَنْهُ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الْمُسِنَّةِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَيَكُونُ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ تَعَلُّقًا بِأَنَّ بِنْتَ لَبُونٍ لَمَّا لَمْ تُعَدَّ في الإبل إلا بعد فرض الحقة والجذعة

(3/108)


اقتضى أن لا يعد التَّبِيعُ فِي الْبَقَرِ إِلَّا بَعْدَ فَرْضَيْنِ، فَالْأَوَّلُ مُسِنَّةٌ، وَالثَّانِي مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ، قَالَ: وَلِأَنَّ الْوَقْصَ فِي الْبَقَرِ تِسْعٌ، وَالْفَرْضُ يَتَعَيَّنُ بِالْعَاشِرِ فِيمَا قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ، وَبَعْدَ السِّتِّينَ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْخَمْسِينَ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ: رِوَايَةُ سَلَمَةَ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا دُونَ ذَلِكَ " وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى نِصَابٍ فِي نَوْعٍ مِنَ الْحَيَوَانِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فَرْضُهَا ابْتِدَاءً إِلَّا بِسِنٍّ كَامِلٍ، كَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا يَجِبُ بها جبران كَامِلٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بِهَا الْفَرْضُ، قِيَاسًا عَلَى مَا دُونُ الْخَمْسِينَ وَفَوْقَ الْأَرْبَعِينَ، فَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِأَنَّ بِنْتَ اللَّبُونِ لَمَّا لَمْ تُعَدَّ إِلَّا بَعْدَ فَرْضَيْنِ فَكَذَلِكَ التَّبِيعُ فَيَبْطُلُ بِالشَّاةِ فِي أَوَّلِ فَرْضِ الْإِبِلِ، وَبِنْتَيْ لَبُونٍ تجب في ستة وَسَبْعِينَ، ثُمَّ يَجِبُ بَعْدَهَا حِقَّتَانِ فِي إِحْدَى وتسعين، ثم بعده بَنَاتُ اللَّبُونِ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا فَرْضٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحِقَاقُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ أَوْقَاصَ الْبَقَرِ تِسْعٌ فَبَاطِلٌ بِالْوَقْصِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.

فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُسِنَّةَ: وَهِيَ الَّتِي اسْتَوَى قَرْنَاهَا فَرِيضَةُ الْأَرْبَعِينَ إِلَى السِّتِّينَ، فَإِذَا

(3/109)


بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إِلَى سَبْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ إِلَى ثَمَانِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ إِلَى مِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعَشْرَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَعَشْرَةً فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ، يَجْتَمِعُ فِيهَا الْفَرْضَانِ جَمِيعًا كَالْمِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ كُلَّمَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ أَخَذَهُ، وَإِنِ اجْتَمَعَا كَانَ كَاجْتِمَاعِ الْفَرْضَيْنِ فِي الْإِبِلِ، فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى فِي الْإِبِلِ سَوَاءٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ الْفَرْضَانِ وَلَا أَحَدُهُمَا كُلِّفَ أَنْ يَبْتَاعَ أَحَدَهُمَا، أَوْ يَتَطَوَّعَ بِسِنٍّ هُوَ أَعْلَى مِنْهُمَا، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا صَعِدَ إِلَى السِّنِّ الْعَالِيَةِ أَنْ يُطَالَبَ بِشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا جُبْرَانًا، وَلَا لَهُ أَنْ يَنْزِلَ وَيُعْطِيَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا جُبْرَانًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِبِلِ بَعْدَ التَّوْقِيفِ، أَنَّ الْغَنَمَ لَمَّا وَجَبَتْ فِي ابْتِدَاءِ فَرْضِ الْإِبِلِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ جُبْرَانُهَا فِيمَا بَيْنَ أَسْنَانِهَا، فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَبِيعٌ فِي ثَلَاثِينَ فَأَعْطَاهُ مُسِنَّةً قُبِلَتْ، لِأَنَّهَا تُقْبَلُ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ مُسِنَّةٌ فِي أَرْبَعِينَ فَأَعْطَاهُ تَبِيعَيْنَ قبلا، لأنهما يقبلان في أكثر منها، فأما الْجَوَامِيسُ فَفِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الْبَقَرِ مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْجَوَامِيسَ ضَأْنُ البقر، فلو كان ماله جواميس وبقراً عَوَانًا ضَمَّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَأَخَذَ زَكَاةَ جميعها، كضم الضأن إِلَى الْمَعِزِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(3/110)