اللباب في الفقه الشافعي

ص -196-     كتاب الحج
النُّسُك نوعان1: حج، وعمرة.
فأما الحج فإنه يجب بسبعة2 شرائط3: الإسلام، والبلوغ، والحريّة، والعقل، والاستطاعة، والإمكان، والوقت4.
والحج على أربعة أضرب5: حجة الإسلام، والقضاء، والنّذر، والنفل.
ويقع فعل الحج على ثلاثة أنواع:
أحدها:
الإفراد، وهو أن يُفرد الحجّ عن العمرة6.
والثاني: التمتع، وهو على نوعين:
أحدهما: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويتمّ عمرته، ويحج من تلك السَّنة7.
والثاني: أن يحرم بالعمرة قبل أشهر الحج، ويتمّ العمرة في أشهر الحج،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فتح الوهاب 1/134، فتح المنان 229.
2 في (أ) (بسبع).
3 الغاية والتقريب 27، مناسك النووي 95، أسنى المطالب 1/44، الإقناع للشربيني 1/231-232.
4 بعد هذا زاد في نسخة (أ) (والأمن)، وهو والإمكان تتضمنهما الاستطاعة.
5 الروضة 3/13، مناسك النووي 118.
6 حلية الفقهاء 116، كفاية الأخيار 1/135، هداية السالك 2/544، المصباح المنير 467.
7 مناسك النووي 156، روض الطالب 1/463، المصباح المنير 562.

 

ص -197-     ويحج من تلك السَّنة على أحد القولين1.
وشرائط التمتع أربعة2:
الأول: أن يأتي بالحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة.
والثاني: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام، وهو أن لا يكون بينه وبين مكة3 مسافة تقصر فيها الصلاة.
والثالث: أن يحرم بالحج من جوف مكة.
والرابع: أن يتمتع بين النُّسُكين.
ويلزمه دم لتمتعه4.
والنوع الثالث من أنواع الحج: القِران، وهو على ثلاثة أضرب5:
أحدها: أن يحرم بالحج والعمرة معا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وهو القول القديم فيسمى متمتعا وإن لم يلزمه دم على الأصح، لكن الصحيح أن هذا لا يعد متمتعا.
وانظر: الحاوي 4/28-29، الحلية 3/220-221، مناسك النووي 161، حاشية الشرقاوي 1/464، فتح المنان 236.
2 الحاوي 4/49، المهذب 1/201، الوجيز 1/115، الحلية 3/220، 221، 222، مناسك النووي 159، الغاية القصوى 1/435، هداية السالك 2/523، الإرشاد 1/520.
3 هذا أحد القولين، وهو أن من مسكنه دون مسافة القصر من مكة فهو من حاضري المسجد الحرام، والقول الثاني: أن المراد بحاضري المسجد الحرام من بينه وبين المسجد أقل من مسافة القصر، وهو: [88,704 كيلا]، وصحح النووي هذا الأخير. وانظر الروضة 3/46، مطالع الدقائق 134، إعلام الساجد 62، مغني المحتاج 1/515.
4 المصادر في الحاشية قبل السابقة.
5 الروضة 3/44-45، مناسك النووي 156-157، أسنى المطالب 1/462.

 

ص -198-     والثاني: أن يحرم بالعمرة قبل أن يشتغل بشيء من أعمالها، ثم1 يُدخل عليها الحج.
والثالث: أن يحرم بالحج، ثم يُدخل عليه العمرة في أحد القولين2.
فيكون قارنا وعليه دمٌ لقِرانه3.
والحج يشتمل على ثلاثة أشياء: فرائض، وأركان، وهيئات:
باب فرائض الحج
وفرائض الحج أربعة4، اثنان منها يفوت الحج بفواتهما5، وهما: الإحرام، والوقوف.
واثنان منهما من تركهما بقي على إحرامه أبدا6:
أحدهما: الطواف للإفاضة.
والثاني: السّعي بين الصفا والمروة.
وفي الطواف7 شرطان8:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (ثم) أسقطت من (أ).
2 وهو القول القديم، والجديد: أنه لا يصح ولا يصير قارنا. وانظر: المصادر السابقة.
3 عمدة السالك 92.
4 التنبيه 80، الغاية والتقريب 27، مناسك النووي 417.
5 في (أ) (بفواتها).
6 أي: يبقى على إحرامه وإن طال الزمن فلا تحل له النساء حتى يأتي بهما. وانظر: الروضة 3/103، مناسك النووي 387، 418، الإقناع للشربيني 1/241.
7 في (أ) (وفي طواف الإفاضة شرطان، أن يكون بطهارة إلا أن يكون منكوسا) كذا.
8 القرى 264، 266، هداية السالك 2/761، 778، مغني المحتاج 1/485.

 

ص -199-     أحدهما: أن يكون بطهارة.
والآخر: أن لا يكون منكوسا.
وفيه سبع من السنن1: أن يفتتحه بالاستلام2، ويستلم في كل وتر، ويقبِّل الحجر، ويرمل في الثلاث الأول، ويمشي في الأربع، ويضطبع، وإذا دخل المسجد الحرام لا يعرِّج على شيء سوى الطواف إلا أن يجد الإمام في مكتوبة، أو يخاف فوت فرض، أو الوتر، أو ركعتي الفجر3 /4.
باب أركان الحج
وأركان الحج5 التي تجب بتركها الفدية سبعة:
أحدها:
أن يترك الإحرام في الميقات إلا ناسيا6.
والثاني: أن يدفع من عرفة قبل الغروب7 إلا أن يرجع إليها قبل الغروب8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 2/185، 186، 187، شرح السنة 7/105، 106، 113، مناسك النووي 226، 264، 265، القرى 179، 280، 283، إعلام الساجد 107، هداية السالك 2/791، مغني المحتاج 1/487، 488، فتح المنان 233.
2 في (ب) (بالإسلام).
3 الروضة 3/76، أسنى المطالب 1/476، إعلام الساجد 107-108.
4 نهاية لـ (11) من (ب).
5 كذا في النسختين (أركان الحج)، وذكر تحت هذا: واجبات الحج الواجب بترك أحدها فدية، والأصح أن يقال: (واجبات الحج)، ولعل ما أثبت خطأ من الناسخ!!.
6 الصحيح أن العامد والناسي والجاهل سواء في لزوم الدم، إلا أنه لا إثم على الأخيرين. وانظر: الروضة 3/42، مناسك النووي 143.
7 سبق الكلام على هذا، وأن فيه قولين، أصحهما، استحباب الدم. وانظر: ص (187).
8 مناسك النووي 324-325، الأنوار 1/179.

 

ص -200-     والثالث: أن يترك البيتوتة ليالي منى إلا الرعاة وأهل السِّقاية1.
والرابع: أن يترك طواف القدوم2 إلا المتمتع، ومن كان من حاضري المسجد الحرام3.
والخامس: أن يترك طواف الوداع إلا الحائض، والمكّي، وكل من أراد أن يقيم بمكّة4.
والسادس /5: من ترك ركعتي الطواف في أحد القولين6، وفيه قول آخر: أنه يقضيهما7 وإن كان في بلده.
والسابع: أن يترك الرّمي8.
باب هيئات الحج
وهيئات الحج9 التي لا يجب بتركها الفدية ستة عشر شيئا10 11:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مناسك النووي 397، 400، فتح المنان 235.
2 سبق أن طواف القدوم سنة لا دم على تاركه، وانظر ص (187)، وهداية السالك 2/755.
3 مناسك النووي 228، 229، الإرشاد 1/660، مغني المحتاج 1/484.
4 هذا أصح القولين في غير من استثناهم، والثاني: أنه سنة لا يُجبر، وانظر: مناسك النووي 445، المنهاج 43.
5 نهاية لـ (25) من (أ).
6 أظهرهما: الثاني، وأنه لا شيء عليه، وانظر: المناسك 278، الإرشاد 1/660.
7 في (أ) (يركعهما).
8 المناسك 409، الإرشاد 1/658.
9 مراده السنن التي من تركها لا شيء عليه، لكن فاتته الفضيلة.
10 شرح السنة 7/105، 138، 155، التنبيه 80، مناسك النووي 257، 259، 263، 267، 271، 288، 338، 347، أسنى المطالب 1/481، 482، 484، 490، الإقناع للشربيني 1/234، 237، 241.
11 في (ب) (خصلة).

 

 

ص -201-     التلبية، والجمع بين الصلاتين بعرفة، والجمع بين الصلاتين بمزدلفة، والرَّمَل، وشدّة السّعي بين الميلين1، وشدّة السعي في بطن المحسِّر2، والاستلام، وتقبيل الحجر، والاضطباع في الطواف، وقال في الجديد3: "لا رمَلَ إلا في طواف القدوم، فإن لم يطُف للدخول فطاف للزيارة4 رَمَل له"، والحلق5.
والغَسَلات6 المسنونة في الحج عشر7، وقد ذكرناها في باب الغسل8.
والخطب المسنونة، وهي أربع9: يوم السابع من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم النَّفر الأول والوقوف بالمشعر الحرام10، والبيتوتة بمنى آخر ليلة11، والأذكار المسنونة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هما الأخضران الذان في المسعى.
2 هو الوادي الذي بين مزدلفة ومنى، سُمِّي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل حَسَرَ فيه؛ أي أَعْيا وكَلَّ عن المسير.
وانظر مناسك النووي 335، هداية السالك 3/1075، 1076.
3 الحلية 3/285، مغني المحتاج 1/490.
4 في (ب) (طواف للزيارة) كذا.
5 هذا خلاف المذهب، وسيأتي تحقيق الكلام عليه عند ذكر المصنف له فيما بعد في: باب الإحلال. انظر ص (203).
6 في (ب) (والغسالة).
7 قوله: (في الحج... الغسل) كل هذا أسقط من (ب).
8 انظر: ص (66).
9 الوجيز 1/20، الروضة 3/93، المناسك 299.
10 مراده الجيبل الصغير بالمزدلفة.
11 مراده بيان أن من السنن: التأخّر إلى اليوم الثالث وعدم التعجل، والمبيت ليلته بمنى.

 

ص -202-     باب محظورات الحج1
ومحظورات الحج2 عشرون شيئا3: الوطء، والمباشرة بالشهوة، والإنزال، والنكاح4، والطّيب، ولبس المخيط، والعمامة، والقلنسوة5، والبُرْنُس6، والخُفّان7، والقفّازان، والاصطياد، وقتل الصيد، وأكل لحم صيْدٍ صِيدَ له، والدلالة على الصيد، والحلق، وتقليم الأظفار، وترجيل شعر الرأس واللحية، وإزالة الأذى، فإن تطيّب أو لبس ناسيا فلا شيء عليه8، فإن قتل الصيد أو حلق الشّعر ناسيا أو مغمى عليه، ففيه قولان9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: محرمات الإحرام.
2 (ومحظورات الحج) زيادة من (ب). وفي (أ) (وهي عشرون شيئا).
3 الأم 2/160، المهذب 1/207-210، الحلية 3/298-299، شرح السنة 7/237، 239، 243، الغاية والتقريب 27-28، مناسك النووي 169، 179، 189، 190، 194، 195، 201، هداية السالك 2/565، القرى 188، 189، 200، 211، 216، 217، الأنوار 1/185، 186، 187، 188، التذكرة 82-83، كفاية الأخيار 1/140، 141، 142، فتح المعين 2/316، 317، 318، غاية البيان 177-179.
4 أي: عقْده.
5 القَلَنْسُوَة: نوع من الملابس يوضع على الرأس. تحرير ألفاظ التنبيه 283.
6 البُرنُس: كل ثوب رأسه منه ملتصق به. تهذيب الأسماء 3/26.
7 في النسختين (والخفين والقفازين).
8 المهذب 1/213، مناسك النووي 187.
9 الصحيح من المذهب: أن الناسي إذا قتل صيدا وجبت عليه الفدية كالعامد، إلا أنه لا يأثم، وأما المُغمى عليه: فلا تجب عليه في الأصح.
أما الحلق: فالصحيح  - أيضا – وجوب الفدية على الناسي، وعدم وجوبها على المغمى عليه على الصحيح من المذهب، بل هي على الحالق، وقيل: على المحلوق. والله أعلم.
وانظر: الروضة 3/153، 154، المجموع 7/300، 320، 340، 341، 342، مناسك النووي 192، 194، 207، هداية السالك 2/619.

 

ص -203-     باب الإحلال1
ولا يخرج المحرم بالحج من إحرامه إلا بالإحلال2.
والإحلال يقع منه على ستة أوجه:
أحدها: الإحلال منه بعد الإتمام بأن يطوف، ويسعى، ويحلق3.
وهل الحلق4 نُسُك أم لا؟ على قولين5.
فإذا أتى باثنين من هذه الأشياء، وهي: الرمي والطواف، والحلق؛ فقد حلّ الإحلال الأول، وحلّ له كلّ شيء إلا النساء6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: الخروج من الإحرام.
2 أسنى المطالب 1/493.
3 المنهاج 391.
4 في (ب) (الإحلاق).
5 الأول: أنه نُسُك، وركن، لا يصح الحج إلا به، ولا يُجبر بدم ولا غيره، وهو الأصح عند النووي وغيره.
والثاني: أنه ليس بنُسُك، وإنما هو شيء أُبيح له بعد أن كان محرَّما كاللباس، وتقليم الأظفار، والصيد وغيرها.
وانظر الحاوي 4/189، فتح العزيز 7/374، مناسك النووي 380، الغاية القصوى 1/446، مغني المحتاج 1/505، 513.
6 مناسك النووي 391، عمدة السالك 105.

 

ص -204-     وفي النكاح1 والصيد2 قولان، فإذا أتى بالثالث؛ فقد حلّ له كلّ شيء3.
والنوع الثاني: من الإحلال: أن يحرم بالحج قبل أشهر الحج، فإنه ينقلب عمرة، ويتحلل منه بعمل العمرة4.
والثالث: أن يُحرم بالحج ويُفسد حجَّه، فإنه يتممه على الفساد، ويقضي5.
والرابع: أن يحرم بالحج ويفوته الحج، فإنه يتمم الحج إلا أنه لا يقف بعرفة، وعليه القضاء6.
والخامس: أن يشترط في أول إحرامه، إن بدا له شغل تحلّل7، فمتى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مراده عقد النكاح، لا الجماع، إذ الجماع لا يحلّ إلا بالتحللين، قولا واحدا، وأظهر القولين – في عقد النكاح عند الأكثرين فيما دون الفرج – أن ذلك كالجماع، ورجّح الشيرازي وآخرون: أن ذلك يحلّ بالتحلل الأول.
وانظر: المهذب 1/230، الحلية 3/298، الروضة 3/104.
2 أظهر القولين: أن الصيد يحل بالتحلل الأول.
الحاوي 4/189، فتح العزيز 7/385، الروضة 3/104.
3 التنبيه 78، السراج الوهاج 165.
4 هذا أحد ثلاثة أقوال، والثاني – وهو أصحها -: أنه ينعقد عمرة مجزئة عن عمرة الإسلام، وهو قول الشافعي في القديم، والثالث:  ينعقد إحرامه بهما، فإن صرفه إلى عمرة كان عمرة صحيحة، وإلا تحلل بعمل عمرة ولا يُحسب عمرة.
وانظر: الحلية 3/211، 212، فتح العزيز 7/78، المجموع 7/142، مناسك النووي 129-130.
5 المهذب 1/215، نهاية المحتاج 3/341.
6 شرح السنة 7/291، الروضة 3/182، الغاية القصوى 1/454، كفاية الأخيار 1/143.
7 في (ب) (تحجل) بالجيم.

 

ص -205-     بدا له ذلك الأمر1 تحلّل وإن كان قبل الوقوف2.
والسادس: أن يحرم بالحج، ثم يحصِره العدو، فإنه يتحلل من إحرامه بخمسة3 شرائط:
أحدها:
أن يعلم أنه إذا تحلّل تخلّص من العدو4.
والثاني: أن يخاف الفوت5.
والثالث: أن يكون الحصر عامًّا في أحد القولين6.
والرابع: أن يكون قبل دخول مكة7.
والخامس: أن لا يكون له إلا طريق واحد8.
وفي هذه المسائل الثلاث قول آخر9.
والحصر الذي يبيح التحلّل خمسة10: حصْر العدو، والوالدين، والغريم، والسيد، والزوج.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (الأمر) زيادة من (أ).
2 على القول الصحيح.
شرح السنة 7/288، الحلية 3/305، القرى 585، مغني المحتاج 1/534.
3 في (أ) (بخمس).
4 الحاوي 4/346.
5 مناسك النووي 547، روض الطالب 1/524.
6 وهو أظهرهما. الروضة 3/175، أسنى المطالب 1/524.
7 المشهور أن الشرط الأول، والثاني، والرابع لا اعتبار لها.
وانظر: المهذب 1/234، التنقيح 175/ ب، مغني المحتاج 1/533.
8 التنبيه 80، الحلية 3/306.
9 انظر: المصادر في الحاشية قبل الماضية.
10 تحرير التنقيح 1/497-498، هداية السالك 3/1281، 1296، 1298، 1301، 1305.

 

ص -206-     وهل يتحلل قبل أن ينحر، أو ينحر قبل أن يتحلل؟ فيه قولان1.
وينحر هديه /2 وسائر الدماء اللازمة له حيث أحصر3.
باب جزاء الصيد
الصيد نوعان: صيد بحر يحلّ للمحرم اصطياده4.
وصيد برٍّ، وهو على ضربين:
أحدهما: يحلّ للمحرم قتله.
والثاني: لا يحلّ.
فأما الذي يحل للمحرم قتله فعلى ضربين:
أحدهما:
يلزمه الجزاء، وهو ما يقتله لمجاعة عند الضرورة5.
والثاني: لا يلزمه الجزاء، وهو سبعة6: الحيّة وما في معناها، والحِدَأَة، والغراب، والكلب العقور، وكلّ سَبُع عادٍ، والصيد الصائل، والصيد المانع من الطريق.
وأما الذي لا يحل للمحرم قتله فنوعان7:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصحهما: النحر أولا.
الحاوي 4/354، كفاية الأخيار 1/144، مغني المحتاج 1/534.
2 نهاية لـ (26) من (أ).
3 مختصر المزني 169، مناسك النووي 548، أسنى المطالب 1/525، 531.
4 أحكام القرآن للشافعي 1/132-133، الأم 2/199، معالم التنزيل للبغوي 3/100.
5 مناسك النووي 207.
6 الأم. الصفحة السابقة، شرح السنة 7/267، 268، الروضة 3/155.
7 التنبيه 72، عمدة السالك 96.

 

ص -207-     أحدهما: ما لا يؤكل لحمه.
والثاني: ما يؤكل لحمه.
فأما الذي لا يؤكل لحمه فلا جزاء فيه إلا اثنين: اليربوع1، وما تولّد2 من حلال وحرام3.
وفي اليربوع4 قول آخر5.
وأما ما يحل6 أكله فيلزم المحرم جزاء مثله من طريق الخِلْقة إن كان له مثل، أو قيمته إن لم يكن له مثل على التخيير7، كما وردت به الآية8، وسواء قتله في الإحرام أو في الحرم9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نقل هذا البكري عن المصنّف في كتابه: الاستغناء في الفروق والاستثناء 2/593.
2 كمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي.
3 المكناسك 203، أسنى المطالب 1/513.
4 وهو جواز أكله، وهو القول المعتمد في المذهب، وفيه جَفْرَةٌ إذا قتله في المحرم.
وانظر: المجموع 9/11، القِرى لقاصد أمّ القرى 227، كفاية الأخيار 2/142.
5 (في اليربوع قول آخر): أسقط من (ب).
6 في (ب) (وأما الذي لا يحل).
7 أحكام القرآن للشافعي 1/121، 129، الأم 2/206ـ تفسير الماوردي 2/67-68، أحكام القرآن للهراسي 3/290، معالم التنزيل للبغوي 3/97ـ كفاية الأخيار 1/144.
8 يشير إلى قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} الآية (95) من سورة المائدة.
9 مختصر المزني 168، فتح المنان 250.

 

ص -208-     وأما الحمام وما في معناه1 مما يعب2 ويهدر3 ففيه شاة4، وأما ما هو أكبر من الحمام مثل دجاج الحبش والكروان وما أشبههما ففيه قولان5:
أحدهما: شاة، والآخر: قيمته.
باب فساد الحج وفواته وما يُكرَه فيه
ويقع فساد الحج بالوطء قبل الإحلال، وفيه بدنة6.
ولا تجب البدنة في الحج  إلا في شيئين:
أحدهما:
هذا7.
والثاني: إذا قتل نعامة8.
فإن وطئ بعد الفساد، أو بعد الإحلال الأول فعلى قولين9:
أحدهما: يلزمه بدنة.
والثاني: يلزمه شاة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كالقطاة والقُمري.
2 العَبَ: أن يشرب الماء دفعة واحدة من غير تنفس. الزاهر 277، المصباح 389.
3 الهدير: تغريد الطائر وترجيعه صوته ومواصلته ذلك. المغني لابن باطيش 1/276.
4 الأم 2/214، 216، فتح الوهاب 1/154.
5 والثاني منهما قول الشافعي في الحديد.
الأم 2/216، الحاوي 4/331، الحلية 3/272.
6 التنبيه 73، الوجيز 1/126، المناسك 197.
7 المصادر السابقة.
8 الأم 2/209، القرى 225.
9 أظهرهما الثاني. الحاوي 4/219، فتح العزيز 7/472، الروضة 3/139.

 

ص -209-     وأما فوات الحج فإنه يفوت بفوات الوقوف1، وهو ما بعد الزوال من يوم عرفة إلى فجر يوم النحر2، فإذا فاته تحلل وأراق دمًا3.
ويُكرَه في الحج الجدال، والصوم يوم عرفة، والنظر بشهوة4.
باب الصّرورة5
ولا يجوز أن يحج أحد على أحد، ولا أن يعتمر عنه إلا بعد أن يكون قد أدّى عن نفسه حجة الإسلام، وعمرة الإسلام، وكذلك إذا كان عليه حج نذر فإنه يقع على نذره6.
وكذلك إن حج أو اعتمر نفلا وقع عن فرضه7، إلا في مسألتين:
إحداهما: من فاته الحج تحلّل بعمرة، ولا تجزئ عن عمرة الإسلام8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 2/233، شرح السنة 7/291، المناسك 314.
2 المصادر السابقة.
3 المصادر السابقة، والتذكرة 83.
4 تفسير الماوردي 1/259، معالم التنزيل للبغوي 1/226-227، شرح السنة 6/346، مناسك النووي 319، 326، القرى 186، 405.
5 الصَّرورة: الذي لم يحج، يقال: رجل صرورة وامرأة صرورة: إذا لم يحجا، وتُكرَه التسمية بذلك لمن لم يحج، وذلك لأنه من ألفاظ الجاهلية، لكن قال النووي: " في هذا نظر". والله أعلم.
وانظر: الزاهر 275، تهذيب الأسماء واللغات 3/174، المجموع 7/119.
6 الأم 2/134، الحاوي 4/21-22، معالم السنن 1/146، شرح السنة 7/31، 32، المجموع 7/118، مناسك النووي 118-119، القرى 87-88.
7 المصادر السابقة، التنبيه 70، الروضة 3/34، مزيد النعمة 259.
8 شرح السنة 7/291، الروضة 3/182.

 

ص -210-     والثانية: أن يحرم، ونسي بماذا أحرم يتحرى في أحد القولين1، وفي القول الثاني: هو قارن، ويجزئه الحج عن حجة الإسلام2، ولا تجزئ العمرة عن عمرة الإسلام3.
باب تخصيص الحرم4
 ويتعلق بالحرم اثنا عشر حكما5: تحريم الاصطياد، وقطع الشجر، ولا يجوز نحر الهدي إلا فيه، ولو نذر المشي إليه لزمه6، ولا يدخله إلا بإحرام، ولا يتحلل إلا فيه إلا أن يكون مُحصَرا، ولو قتل فيه غُلّظَت الدية عليه7، ولو التقط فيه لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وهو قول الشافعي في القديم. الحاوي 4/85، المجموع 7/233.
2 وهو القول الجديد. مختصر المزني 162، الحاوي 4/86، الحلية 3/238، الروضة 3/62، هداية السالك 2/551-552.
3 هذا أصح الوجهين على القول بأنّ إدخال العمرة على الحج لا يجوز، والوجه الثاني: أنها تجزئه، أما القول بجواز إدخال العمرة على الحج فإنها تجزئه عن عمرة الإسلام. وانظر: المصادر السابقة، وفتح العزيز 7/225.
4 الأَوْلى أن يُقال: خصائص الحرم.
5 الأحكام السلطانية 166-167، شرح السنة 7/297، 298، 299، تهذيب الأسماء 3/83-84، مناسك النووي 461، 462، 463، الأشباه لابن الوكيل 1/290، 291، 292، إعلام الساجد 152، 154، 155، 167، 173، 175، 177، الأشباه للسيوطي 420.
6 على المذهب. وانظر: الروضة 3/322.
7 الروضة 9/25

 

ص -211-     يملكه1، ولا يدخله مشرك، ولا يُدفن فيه مشرك، ولا يُحرِم فيه بالعمرة، ولا يتمتع حاضروه فيجب عليهم الدم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا أصح قول الشافعي، والثاني: أنها كلقطة سائر البلدان، وستأتي المسألة – إن شاء الله – في باب اللقطة، ص 282.
وانظر: شرح السنة 7/299، الروضة 5/142، إعلام الساجد 152.