اللباب في الفقه الشافعي

ص -251-     كتاب المزارعة
والمزارعة: أن يعطي الأرضَ ليزرع فيها فيخصّه ببعض ما يخرج منها1، وهذا باطل2، إلا في موضعين3:
أحدهما: أن يقول: "ازرع لي سهمين من أرضي هذه ببذري على أن يكون السهم الثالث أجرتك".
والثاني: اليسير من الأرض خلال النخل والكرْم، إذا سقاها ولا يمكن سقيهما إلا بسقي البياض، فإنه يجوز ذلك.
باب المساقاة
والمساقاة: أن يعطي النخل والكرْم والمُقْل4 ببعض ما يخرج منها5، وهذا جائز إذا كان معلوما6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزاهر 305، حلية الفقهاء 149، تهذيب الأسماء 3/1/87، 133، مغني المحتاج 2/323-324.
2 هذا المذهب عند الشافعية، وجوّزها جماعة من كبارهم كابن خزيمة، وابن المنذر، والخطابي، والنووي كما هو اختياره في الروضة.
وانظر: معالم السنن 3/95، الإشراف 1/157، شرح السنة 8/254، الروضة 5/168، مغني المحتاج 2/324.
3 الأم 3/12، 13، التنبيه 122، كفاية الأخيار 1/195.
4 في (ب) (البقل)، والصحيح ما أثبته من (أ)، والمقل: ثمر شجر الدوم.
وانظر اللسان 11/628، تهذيب الأسماء 3/2/141.
5 الزاهر 305، حلية الفقهاء 148، تهذيب الأسماء 3/2/87، مغني المحتاج 2/322.
6 هذا في الأوَلين، أما المقل فالأصح فيه المنع؛ لأنه لا زكاة في ثمره.
وانظر: الأم 3/11، الروضة 5/150، عمدة السالك 131، حاشية الشرقاوي 2/81.

 

ص -252-     وهل تجوز في سائر الأشجار؟ على قولين1.
ويخالف النخل والكرم سائر الأشجار في خمس مسائل2: الخرص، والعُشر3، والمساقاة، وجواز الاستقراض، وزاد النخلُ على الكرم مسألة الإبار.
باب الإجارة
والإجارة نوعان4:
أحدهما: أن يستأجر على المدّة.
والثاني: /5 أن يستأجر على المنفعة.
ولا تصحّ الإجارة إلا بأربعة شرائط6: أن تكون المدّة معلومة، والأجرة معلومة7، وتلزم من حين العقد، وأن لا تُعلَّق على عقد آخر في أحد القولين8.
والمنافع من ضمان المكرِي سواء كان الشيء المؤاجر مقبوضا أو غير مقبوض9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أظهرهما: عدم الصحة، وهو قول الشافعي في الجديد. وانظر: مختصر المزني 223، الحلية
5/365، الروضة 5/150، مختصر قواعد العلائي 1/296.
2 التنقيح 182/ أ، تحفة الطلاب 2/81، حاشية الشرقاوي 2/81.
3 مراده عُشر الزكاة.
4 المهذب 1/394، 396، التذكرة 106، منهج الطلاب 246، الإقناع للشربيني 2/15.
5 نهاية لـ (15) من (ب).
6 التنبيه 123، الروضة 5/174، كفاية الأخيار 1/191، تحفة الطلاب 2/85-86، فتح المنان 301.
7 (والأجرة معلومة): أسقطت من (أ).
8 وهو أصحهما. حاشية الشرقاوي 2/86.
9 عمدة السالك 134، السراج الوهاج 293، فتح الوهاب 250-251.

 

ص -253-     باب العاريّة
وكل العاريّة مضمونة1، إلا ما استعاره ليرهنه فرهنه فتلف عند المرتهن ففيه قولان2.
وإذا ضمّنّاهُ العاريّة فهل نضمِّنه بأكثر ما كانت القيمة؟ على وجهين3.
وهل يضمن نقصان الاستعمال؟ على وجهين4.
باب الوديعة
والوديعة على ثلاثة أنواع5:
أحدها: أن يحصل ذلك في يده برضاه ورضا مالكه كسائر الودائع6.
والثاني: أن تحصل في يده برضاه دون رضا مالكه /7 كاللُّقطة، وكالإمام يأخذ الزكاة.
والثالث: أن تحصل في يده لا برضاه ولا برضا مالكه مثل: أن تهبّ الريح فتلقي ثوبا في بيته8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 3/250، شرح السنة 8/225.
2 أظهرهما: لا ضمان عليه. التنبيه 113، الفروق للجرجاني 187، الحلية 5/202.
3 أصحهما: يضمنها بقيمتها يوم التلف. المهذب 1/363، الغاية القصوى 1/567، مغني المحتاج 2/274.
4 الأصح – منهما -: لا يضمن. الروضة 4/432، السراج الوهاج 263.
5 التنقيح 182/ ب.
6 (كسائر الودائع) زيادة من (أ).
7 نهاية لـ (35) من (أ).
8 في تسمية النوعين الثاني والثالث وديعة تَجَوُّز، وإنما شاركا الوديعة في حكمها.
وانظر: التنقيح. الورقة السابقة.

 

ص -254-     وكل ذلك غير مضمون إلا في واحدة، وهي1: أن يستسلف الإمام الزكاة للفقراء بغير مطالبتهم، فتلف ذلك في يده، فإنه يضمن ذلك لهم.
فإن تعدّى في الوديعة ضمنها2، ولا يضمن إلا مقدار ما تعدّى فيه إلا في مسألة واحدة، وهي: أن يأخذ درهما من كيس، أو قفيزا3 من صبرة ثم يردّه إليه ولا يتميّز، فإذا تلف ضمن الكل4.
باب المضاربة
ولا تجوز المضاربة إلا في الدراهم أو الدنانير5، والربح يكون على حسب الشرط6.
فإن اشترط كلَّ الربح للعامل كان قِراضا7.
وإن اشترط كلَّ الربح لنفسه فهو إبضاع8.
ولا يجوز القراض إذا قيّده بوقت معلوم9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المجموع 6/159، الروضة 2/217.
2 الحاوي 8/361-362، كفاية الأخيار 2/8، الأشباه للسيوطي 468.
3 القفيز: مكيال سعته اثنا عشر صاعا = 26 كيلو غراما تقريبا. وانظر تحرير ألفاظ التنبيه 176، الإيضاح والتبيان وحاشيته 72، معجم لغة الفقهاء 368.
4 الأم 4/142، 144.
5 المهذب 1/385، التذكرة 105.
6 الوجيز 1/222، كفاية الأخيار 1/187.
7 يكون قِراضا فاسدا على الأص، وقيل: قراض صحيح. المنهاج 74.
8 أي: هو بضاعة، للمالك ربحها، والعامل وكيل متبرّع، غير أن الأصح فيه: أنه قراض فاسد، ويكون الربح كله لرب المال في هذه الصورة وفي التي قبلها، ويستحق العامل أجرة عمله في الأولى دون الثانية. وانظر: التنبيه 119، تحرير ألفاظ التنبيه 215، المنهاج الصفحة السابقة، عمدة السالك 131، مغني المحتاج 2/312.
9 الإقناع للشربيني 2/9، فتح المنان 296.

 

ص -255-     باب الوكالة
والوكيل يقوم مقام الموكِّل إلا في ستة مواضع1: الحدّ، والقصاص، والقبض في الصّرف، والقبض في كل ما فيه الربا، وقبض رأس مال السّلم، والوطء.
ولا تجوز الوكالة حتى يكون ما وكّله فيه معلوما2.
قال في اختلاف العراقيين3: "إن وكّله بكل قليل وكثير لم يجز".
باب الشركة
الشركة ضربان4:
أحدهما: شركة في الملك، مثل: أن يرثا5 عينا، أو يشتريا شيئا.
والثاني: الشركة بالعقد، وهي على أربعة أضرب6: شركة الأبدان، وشركة الوجوه، وشركة المفاوضة، وشركة العِنان.
وكلّها باطلة إلا شركة العِنان7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروضة 4/291، 292، كفاية الأخيار 1/175-176، الأشباه للسيوطي 463، مغني المحتاج 2/219ـ تحفة الطلاب 2/107، 108، فتح الوهاب 1/219، حاشية الجمل 3/405، فتح المنان 283، 284.
2 المهذب 1/350.
3 أي الشافعي في كتابه هذا، وهو ضمن كتاب الأم، وانظر الأم 3/237.
4 تحرير التنقيح 2/110.
5 في (أ) (يريا).
6 الحاوي 6/473، عمدة السالك 124، مغني المحتاج 2/212.
7 الأم 3/236، المهذب 1/345، المنهاج 63.

 

ص -256-     وشركة العنان1 لا تصحّ إلا2 إذا وجد فيها خمسة شرائط3: أن يكون مالهما دراهم أو دنانيرا، وأن يكونا من جنس واحد بحيث إذا اختلطا لم يتميّزا، وأن يُخلَط أحدهما بالآخر، وأن لا يشترطا الربح إلا بقدر المالين، وأن لا يشترطا الخسارة إلا على قدر المالين.
فإن اشترك ثلاثة على أن يكون البغل من واحد، والرّاوية من آخر، والسّقي من ثالث ففيه قولان4.
أحدهما: أن ذلك لصاحب الماء، وعليه كراء البغل والرّاوية.
والقول الثاني: قاله في البويطي5: ذلك بينهم على قدر كراء كل واحد منهم6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (وشركة العنان) زيادة من (أ).
2 (لا تصح إلا): أسقطت من (أ).
3 الأم 3/236، مختصر المزني 207، التنبيه 107، المهذب 1/345-346، كفاية الأخيار 1/173، فتح الوهاب 1/217.
4 الحاوي 6/481، الحلية 5/103-104، فتح العزيز 1/418، الروضة 4/282.
5 في (أ) (التوسطي)، والبويطي هو: الفقيه يوسف بن يحيى القرشي، أبو يعقوب البويطي، نسبة إلى (بويط) من صعيد مصر، وهو واحد من أكبر فقهاء الشافعية الذين صحبوا الإمام الشافعي، ولازمه كظله، وكان إماما، جليل القدر، زاهدا، فاضلا، له المختصر المعروف بـ (مختصر البويطي)، اختصره من كلام الشافعي، مات ببغداد سنة(231هـ) ترجمته في: طبقات ابن الصلاح 2/681، طبقان ابن السبكي 2/162، طبقات ابن قاضي شهبة 1/70.
6 هذا القول في مختصر البويطي 44/ ب.
وهو في الحاوي، وفتح العزيز، والروضة. الصفحات السابقة.

 

ص -257-     باب الهبة
والهبة على ضربين:
أحدهما: أن تكون بشرط العِوَض، وفيها قولان1، فإذا جوّزناها فلم يكن له الرجوع2.
والثاني: أن تكون بغير شرط، وهي على ضربين:
أحدهما:
أن يكون له فيها الرجوع، وهي: هبة الوالد لولده3، وأما هبة الوالدة والجد فعلى قولين4.
والثاني: هبة الأجنبي من الأجنبي، فلا رجوع فيها بحال إذا حصل القبض5.
باب الضمان
والضمان نوعان6: أحدهما: ضمان النفس، والثاني: ضمان المال.
فأما ضمان النفس7 فعلى نوعين: أحدهما: في الحدود، وهو باطل8،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصحهما: انها بيع وليست هبة إن كانت بعوض معلوم، وإن كانت مجهولة فباطلة.
المهذب 1/447-448، مغني المحتاج 2/405، حاشية الجمل 3/600.
2 المصادر السابقة، والحاوي 7/550.
3 مختصر المزني 524، التنبيه 138.
4 الصحيح منهما أنهما كالوالد. الحاوي 7/547، الروضة 5/379.
5 عمدة السالك 138، كفاية الأخيار 1/201.
6 تحرير التنقيح 2/119.
7 أي: ضمان البدن، ويقال: كفالة البدن.
8 مراده أن الضمان بالبدن باطل في حدود الله تعالى، كحد الخمر، والزنا، والسرقة على الصحيح من المذهب، وقيل: يصح. المهذب 1/343، مغني المحتاج 2/204.

 

ص -258-     والثاني: في غير الحدود، وهو على قولين1.
فأما ضمان المال فإنه جائز بثلاثة شرائط: أن يعلم لمن هو2 /3 وكم هو؟4 وعلى من هو؟5
وفي ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب قولان6.
وضمان الأعيان غير جائز7.
وضمان الدَّرَك8 يلزم البائع وإن لم يشترط9.ض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أظهرهما: الصحة. الحلية 5/68، المنهاج 62، عمدة السالك 123.
2 على الأصح. الروضة 4/240، كفاية الأخيار 1/171.
3 نهاية لـ (36) من (أ).
4 على القول الجديد، وعلى القديم: لا يثشتَرط. مغني المحتاج 2/202.
5 هذا أحد القولين، والأصح منهما: لا يشترط معرفة ذلك، كفاية الأخيار 1/171، مغني المحتاج 2/200.
6 الجديد منهما: عدم جوازهما. المهذب 1/340-341، الحلية 5/56.
7 في ضمان الأعيان تفصيل: فإن كانت مضمونة عليه كالمغصوبة والمستعارة صح ضمان ردّها لمالكها ممن هي في يده، وإذا ردّها برئ/ فإن تلفت لا يضمن قيمتها، وقيل: لا يصح ضمانها مطلقا.
أما الأعيان غير المضمونة كالوديعة والمال في يد الشريك والوكيل فلا يصح ضمانها؛ لأنها غير مضمونة الرّد.
وانظر: التنبيه 106، الروضة 4/255، تحفة الطلاب 2/121، فتح المنان 281.
8 ضمان الدّرَك: ضمان البائع تعويض المشتري عند فقدان الحقوق التي نقلها إليه بالبيع أو بعضها. تحرير ألفاظ التنبيه 204، تهذيب الأسماء واللغات 3/1/104، معجم لغة الفقهاء 285.
9 على الصحيح من المذهب وذلك بعد قبض الثمن. الأم 3/234، الحاوي 6/441، نهاية المحتاج 4/439.

 

ص -259-     فأما غيره إذا ضمنه فعلى قولين1، وكذلك ضمان تسليم المبيع فيف وجهان2.
باب الرّهن
ما جاز بيعه جاز رهنه من مشاعٍ وغيره3، إلا في أربع مسائل4:
المنافع، والمدبَّر على أحد القولين5، والمُعتَق بصفة6، والزرع بشرط أن يقطعه عند حلول الأجل7.
ويجوز رهن شيئين ولا يجوز بيعهما:
أحدهما: رهن المصحف من الكافر، وكذلك العبد المسلم8.
والثاني: الجارية إذا كان لها ولد صغير9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أظهرهما: يلزمه. التنقيح 184/ ب، مغني المحتاج 2/201، حاشية الشرقاوي 2/121.
2 أظهرهما: الصحة. المصادر السابقة.
3 الأم 3/152، كفاية الأخيار 1/163، السراج الوهاج 212.
4 المصادر السابقة، والإشراف 1/84، التنبيه 100، المهذب 1/308-309، فتح الوهاب 1/193، فتح المنان 268.
5 وهو أصحهما. الأم 3/162، المنهاج 54، زاد المحتاج 2/138.
6 هو الذي علّق عتقه بصفة كأول شهر كذا، ومجيء زيد ونحو ذلك. وانظر: تحفة الطلاب 2/124، حاشية الشرقاوي 2/124.
7 وقيل: يصح هذات والذي قبله. وانظر: المصادر السابقة، والحلية 4/427.
8 هذا الصحيح من المذهب. الحاوي 6/118، 177، الروضة 4/39،ـ مغني المحتاج 2/123.
9 فيصح رهنها – على المذهب – دون ولدها. انظر: المصادر السابقة.

 

ص -260-     والرهن غير مضمون إلا في ثماني مسائل1: المغصوب إذا تحوّل رهنا، والمرهون إذا تحوّل غصبا، والمرهون إذا تحوّل عارية، والعارية إذا تحولت رهنا، والمقبوض على وجه2 السَّوم إذا تحوّل رهنا، والمقبوض بالبيع الفاسد إذا تحوّل رهنا، وأن يقيله في بيع ثم يرهنه منه قبل القبض، وأن يخالعها على شيء ثم يرهنه منها قبل القبض.
باب الكتابة
وأخذ المال على العتق يقع على أربعة أوجه:
أحدها: أن يبيع عبده من نفسه فإنه يعتق3 في الحال4.
والثاني: أن يقول له عبده: "أعتقني على كذا" فيعتقه على ذلك5.
والثالث: أن يقول له إنسان: "أعتق عبدك عني على مال"، فإن فعل، كان الولاء لسائل العتق6.
والرابع: الكتابة.
ولا تصحّ الكتابة7 إلا بأربعة شرائط8:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نقله – عن المصنّف – العلائي في: المجموع المذهب 205، وابن السبكي في الأشباه 1/306، والسيوطي في الأشباه: 458.
2 (وجه): أسقط من (ب).
3 في (ب) (فيعتق).
4 الروضة 12/211.
5 فتح المنان 472.
6 الحاوي 18/90.
7 (ولا تصح الكتابة): أسقطت من (أ).
8 مختصر المزني 433، التنبيه 146، عمدة السالك 140، كفاية الأخيار 2/2/179ـ التذكرة 173، فتح الوهاب 2/243-244، غاية البيان 336.

 

ص -261-     أحدها: أن يكاتب كلّ العبد، إلا إذا كان نصفه حرّا.
والثاني: أن يكون مال الكتابة معلوما.
والثالث: أن يقول: "إذا أدّيت مال الكتابة إليَّ1 فأنت حرٌّ".
والرابع: أن لا تكون على أقل من نجمين2.
وإن قال: "كاتبتك على دينار وخدمة شهر" لم يجز لكون الدينار حالاً، وإن قال: "كاتبتك على خدمة شهر ودينار" جاز3.
ومتى أبطلنا الكتابة فإنّ العبد إذا أدّى ما كاتبه عليه عَتَق4.
وحكم الكتابة الفاسدة حكم الكتابة الصحيحة إلا في أربع مسائل5:
أحدها: أن الكتابة الفاسدة لا تلزم من جهة السيد، كما لا تلزم من جهة العبد.
والثانية: أن يردّ على العبد ما قبض ويرجع عليه بقيمته.
والثالثة: لو أدى ذلك بعد موت السيد لم يَعتِق.
والرابعة: لو حطّ السيد منه شيئا لم يَعتِق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (إليَّ) زيادة من (أ).
2 النجم: في الأصل الوقت، وكانت العرب لا تعرف الحسابل ويبنون أمورهم على طلوع النجم والمنازل، فيقول أحدهم: "إذا طلع نجم الثريا أدّيت حقك"، فسميت الأوقات نجوما، فلذلك سمي ما يدفعه المكاتب إلى السيد في الكتابة نجوما.
وانظر: المغني لابن باطيش 1/468، تهذيب الأسماء واللغات 3/2/162، المصباح تامنير 594.
3 مختصر المزني 433.
4 الروضة 12/211.
5 زاد بعضهم على هذه الأربع، وأوصلها السيوطي إلى ستين مسألة.
وانظر: الروضة 12/233-235، الأشباه للسيوطي 512-515، تحفة الطلاب 2/133، الإقناع للشربيني 2/302.

 

ص -262-     ويجب الإيتاء1 في الكتابة إلا في مسألتين2.
أحدهما: أن يُكاتبه في مرض موته، والثلث لا يحتمل أكثر من قيمته.
والثانية: أن يكاتبه على منفعة نفسه.
باب الإقرار
والإقرار على أربعة أضرب3:
أحدها: إقرار لا يصحّ بحال، مثل: إقرار المجنون، والمحجور عليه للسّفه.
والثاني: إقرار لا يقبل في حال ويقبل في ثاني حال، مثل: إقرار المحجور عليه بسبب الإفلاس.
والثالث: إقرار يصحّ في بعض4 دون البعض، مثل: إقرار الصبي يصح في التدبير والوصيّة، ولا يصح في غيرهما5، ومثل: إقرار العبد لا يصح إلا في الحدود، والقصاص، والقطع، والطلاق /6.
والرابع: الإقرار الصحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: يحط السيد عن المكاتب جزءًا من المال قبل العتق.
أحكام القرآن للشافعي 2/172، وتفسير الماوردي 4/100، الإرشاد 1/108.
2 تحرير التنقيح 2/136.
3 الأم 3/239، 240، مختصر المزني 211، 213، التنبيه 274، المنهاج 66، الأنوار 1/319-320، الأشباه للسيوطي 464.
4 في (أ) (إقرار لا يصح في شيء ويصح في غيره).
5 في (أ) (وغيره).
6 نهاية لـ (37) من (أ).

 

ص -263-     ولا يُقبل الرجوع عن الإقرار إلا في ثلاث مسائل:
أحدها:
الرِّدَّة1.
والثانية: الزنا2، وفي سائر الحدود قولان3.
والثالثة: لو قال: "وهبت هذه الدار من فلان وأقبضتها منه"، ثم قال: "ما أقبضتها منه"4.
ولا يلزم بالإقرار إلا اليقين5، إلا في مسألتين6:
أحدهما: أن يقول: "عليَّ دراهم"، فهي وازنة7.
والثانية: أن يقول: "عليَّ دراهم عددا"8، كانت وازنة، إلا أن تكون دراهم البلد عددا9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 السراج الوهاج 519، حاشية القليوبي 4/177.
2 المنهاج 132.
3 أما شرب الخمر فيقبل رجوعه بعد إقراره، وفي السرقة قولان: المذهب – منهما – قبول رجوعه، وانظر: كفاية الأخيار 1/177، مغني المحتاج 2/150.
4 جواهر العقود 1/18.
5 أي: لا يلزم الإقرار إلا بتفسير، فهاتان الصورتان المذكورتان يُلزم فيهما بشيء معيّن وإن لم يحصل منه تفسير. وانظر: مغني المحتاج 2/248، حاشية الشرقاوي 2/141.
6 مختصر المزني 212، تحرير التنقيح 2/141.
7 أي: زِنة الدراهم الشرعية، فيلزمه ثلاثة دراهم وزنها مجتمعة ستة دوانق. [الدانق = 496 غراما].
وانظر: فتح العزيز 11/133، الإيضاح والتبيان 61، حاشية الشرقاوي 2/141، معجم لغة الفقهاء 206.
8 في (أ) (عنده)، وكذا في (عددا) الآتية.
9 فيعتبر العدد هنا لتقييده بذلك.
وتنظر: فتح العزيز 11/134، الروضة 4/380، حاشية الشرقاوي 2/141.

 

ص -264-     باب الشفعة
ولا شفعة إلا في أربعة أشياء، واحد منها أصل والثلاثة تبع.
فأما الأصل فالأرض1، وأما التبع2 فالبناء، والغراس3، والطّلع قبل الإبار4.
وأما الثمار والزرع فلا يأخذها5 الشفيع بالشفعة6.
ولا شفعة إلا في الشركة7.
ولا تثبت فيما لا يحتمل القسمة كالحمام8 والرّحى9 وغير ذلك10.
باب الغصب
ومن غصب شيئا فعمل فيه عملا11 كان له إبطال عمله12 إلا في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المهذب 1/376.
2 مراده ثبوت الشفعة في الثلاثة الآتية تبعا للأرض إن بيعت هذه معها، فإن بيعت منفردة فلا شفعة.
3 التنبيه 116، عمدة السالك 130، فتح المنان 293.
4 هذا أصح الوجهين، والثاني: لا تثبت فيه الشفعة. الحاوي 7/270، مغني المحتاج 7/270.
5 في (ب) (فلا تدخلهما).
6 المهذب 1/377، إعانة الطالبين 3/109.
7 اختلاف الحديث للشافعي 158-159، مختصر المزني 219.
8 (كالحمام... ذلك) زيادة من (ب).
9 الرّحى: حجر الطاحونة.
10 هذا المذهب، وقيل: تثبت في ذلك. السراج الوهاج 275، نهاية المحتاج 5/197.
11 بأن زاد فيه أو أنقص منه.
12 أي: إن للغاصب إزالة ما أحدثه في المغصوب.

 

ص -265-     خمسة أشياء1: إذا غصب غزلا فنسجه، وإذا غصب نُقْرَة فطبعها2، وإذا غصب طينا فضربه3 لَبِنا، أو جوهر زجاج فاتخذه قدحا، أو شيئا من الذهب والفضة فاتخذه حُلِيّا.
والمعاني التي يقع بها الضمان سبعة أشياء4: الغصب، والعارية، والقبض على السَّوم /5، وعلى البيع الفاسد، والتعدي، والإتلاف، والإجارة في أحد القولين6.
باب المضمونات7
والمضمونات على خمسة أضرب8:
أحدها: ما يُضمن بمثله.
والثاني: ما يُضمن بقيمته.
والثالث: ما يُضمن بغيره.
والرابع: ما يُضمن بأكثر الأمرين.
والخامس: ما يُضمن بأقل الأمرين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جواهر العقود 1/221، تحرير التنقيح 67.
2 النّقرة: القطعة المذابة من الفضة، وطبعها: صاغها. المصباح 368، 621.
3 في (أ) (فصيّره).
4 الأشباه لابن السبكي 1/304، المنثور 2/323، جواهر العقود 1/223.
5 نهاية لـ (16) من (ب).
6 الأصح عدم الضمان. الروضة 5/226، السراج الوهاج 293.
7 في (أ): أسقطت كلمة (باب).
8 نقل هذا – عن المصنّف – العلائي في: المجموع المذهب: 290، وانظر: جواهر العقود 1/323.

 

ص -266-     فأما ما يُضمن بمثله فأربعة أشياء1: الذهب، والفضة، والمكيلات، والموزونات.
وأما ما يُضمن بقيمته فأربعة أشياء2:
أحدها: الدور والعقار.
والثاني: الحيوانات.
والثالث: السِّلع.
والرابع: المنافع.
وأما ما يضمن بغيره فأربعة أشياء3: المبيع في يد البائع، ولبن المصرّاة، والمهر في يد الزوج، وجنين الأمة.
وأما ما يُضمن بأكثر الأمرين فشيئان4:
أحدهما: أن يبيع الملتقِط اللّقطة بعد الحول فجاء صاحبها5.
والثاني: أن يأخذ بضاعة ليبيعها فيتعدّى فيها ثم باعها لم يضمن البيع في أحد القولين، ويصحّ في القول الثاني ويضمن بأكثر الأمرين من قيمته أو ثمنه6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروضة 5/18، 19، 20، مختصر قواعد العلائي 1/361، إعانة الطالبين 3/138، فتح المنان 291.
2 المنثور 2/335.
3 الأشباه لابن السبكي 1/303، الأنوار 1/334، كفاية الأخيار 2/107، جواهر العقود 1/223.
4 كذا في (ب)، وفي (أ) أخّر هذا القسم بعد القسم الآتي.
5 الصحيح من المذهب أنه يضمن مثلها أو قيمتها، وستأتي المسألة ص (281).
وانظر: الحاوي 8/8، مغني المحتاج 2/416، جواهر العقود 1/224.
6 والمذهب صحة البيع، والضمان بثمن المثل.
وانظر: جواهر العقود. الصفحة السابقة، وحاشية الشرقاوي 2/151.

 

ص -267-     وأما ما يُضمن بأقل الأمرين فأربعة أشياء1: الراهن إذا أتلف الرهن، والضامن إذا باع شيئا من المضمون له، والسيد إذا قتل2 العبد الجاني، ومهر المرأة إذا هربت وقت الهدنة إلى دار الإسلام3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المنثور 2/343، جواهر العقود 1/223-224.
2 في (أ) (أتلف).
3 المجموع المذهب: 290.