اللباب في الفقه الشافعي

ص -281-     كتاب اللُّقطة
اللُّقطة على ثلاثة عشر نوعا:
أحدها: أن يجدها في غير الحرم ولا يخاف فسادها، فإنه يُعرِّفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فهي له1.
وبماذا يملكها؟ على ثلاثة أقوال2:
1- بمُضيّ الحول.
2- بمُضيّ الحول واختيار التّملّك.
3- بمُضيّ الحول والتصرّف.
واللّقطة الثانية: أن يجدها3 في غير الحرم ويخاف فسادها، ففيه قولان4:
أحدهما: يأكلها ويُعرّفها سنة، فإن جاء صاحبها غرمها له.
والقول الثاني: يبيعها ويعرّفها سنة، فإن جاء صاحبها سلّم إليه الثمن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 4/68، 69، رحمة الأمة 196.
2 أظهرها الثاني، وفيه قول رابع: يملكها بمجرد النية. الحاوي 8/15، الحلية 5/529، المنهاج 83.
3 في (أ) (أن يجد شيئا).
4 المشهور: أنه مخيّر بينهما. وانظر: الأم 4/71، الإشراف 1/280، الحلية 5/537.

 

ص -282-     واللّقطة الرابعة: أن يجدها في دار الكفر فهي غنيمة، فيخمّسها ويستنفق أربعة أخماسها2 /3.
واللّقطة الخامسة: أن يجدها مع اللّقيط4 مدفونة5 تحته أو موضوعة6 بجنبه، فحكمها7 حكم النوع الأول8.
واللّقطة السادسة: أن يجدها مع اللّقيط مشدودة في طرف ثوبه، أو كانت في بعض ثيابه9، فإنها للّقيط ينفقها عليه10
واللّقطة السابعة: أن يجد دابة أو شيئا من النّعَم في العمارة، فحكمها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سبقت المسألة ص 210-211، والأظهر الثاني، وأنه لا يجوز أخذها للتمليك وإنما تؤخذ للحفظ والتعريف, وانظر: التنبيه 132، الغاية القصوى 2/665، إعلام الساجد 152، هداية السالك 2/728.
2 الروضة 5/406، حاشية الجمل 3/604.
3 نهاية لـ (42) من (أ).
4 في (أ) (لقيطه).
5 في النسختين (مدفونا).
6 في (أ) (موضوعا).
7 في (ب) (فحكمه).
8 ولا يكون ذلك المال المدفون تحت اللقيط له، وكذا المال الموضوع بقربه على الأصح، وإنما يكون لقطة. وانظر: تحفة الطلاب 2/158، مغني المحتاج 2/421.
9 (أو كانت في بعض ثيابه) زيادة من (أ).
10 كفاية الأخيار 2/7، فتح الوهاب 1/265.

 

ص -283-     حكم النوع الأول من اللقطة1.
واللّقطة الثامنة: أن يجد شيئا من الدواب والنعم في غير العمارة، وكان ذلك الحيوان ممتنعا كالإبل والبقر2 والخيل3 فليس له أخذه4.
واللّقطة التاسعة: أن يجد شيئا من الدواب والنعم في غير العمارة – وهو غير ممتنع – كالشاة والفصيل5 فإنه6 يأكلها ويضمن قيمتها لصاحبها7.
واللّقطة العاشرة: أن يجد هديًا فإنه يعرّفها، فإن خاف فوْت وقت النحر يدفع ذلك إلى السلطان حتى ينحرها، فإن نحرها بنفسه جاز ذلك8.
واللّقطة الحادية عشرة: أن يجد لقطة حربيّ في دار الإسلام، فهي غنيمة كما ذكرنا9.
واللّقطة الثانية عشرة: أن يجد لقطة إنسان وله عليه حق وهو منكر، كان له أن يخفيها ويمسكها10 بحقه11.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروضة 5/403، مغني المحتاج 2/410.
2 (والبقر) زيادة من (ب).
3 (والخيل) زيادة من (أ).
4 الأم 4/68، 71، الإشراف 1/290.
5 الفصيل: ولد الناقة.
6 في (أ) (فإنها).
7 الأم 4/68، التنبيه 133، الحلية 5/534.
8 وقيل: لا يجوز أخذه. وانظر: الروضة 5/417.
9 مغني المحتاج 2/407.
10 التنقيح 185/ أ.
11 (بحقه) زيادة من (ب).

 

ص -284-     واللّقطة الثالثة عشرة1: أن يجد لقطة مرتد، فإنه يردها على الإمام وتكون فيئا2.
باب أنواع الواجدين
والواجدون للّقطة على عشرة أنواع:
أحدها: الحر، المسلم، البالغ، العاقل3، الرشيد، فحكمه ما ذكرناه4.
والثاني: أن يكون عبدا فما أخذه من اللّقطة يكون على حكم سيده، فإن أتلفه العبد ففيه قولان5:
أحدهما: أن يكون ذلك في رقبته.
والثاني: يكون في ذمّته يتبع به إذا عتق.
والثالث: أن يجدها صبي، فإن وليّه يأخذها منه، فإن جاء صاحبها وإلا فهي للصبي6.
والرابع: أن يجدها محجور عليه للسفه فحكمه حكم الصبي7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا النوع أسقط جميعه من (ب).
2 مغني المحتاج. الصفحة السابقة.
3 (العاقل) زيادة من (ب).
4 الغاية القصوى 2/660، الروضة 5/392.
5 أظهرهما: الأول. وانظر: الأم 4/70، الحلية 2/542-543، الروضة 5/395.
6 المذهب صحة التقاط الصبي، وينتزعها الولي منه، ويعرّفها ويتملكها للصبي.
الروضة 5/401، نهاية المحتاج 5/429-430، فتح الوهاب 1/261.
7 انظر: المصادر السابقة.

 

ص -285-     والخامس: أن يجدها مرتد، فإن أسلم فحكمه حكمه حكم المسلم، وإن قتل ولم يجيء صاحبها فهي فيء1.
والسادس: أن يجدها فاسق، ففيه قولان2:
أحدهما: تُترك في يده ويُضمّ إليه غيره.
الثاني: تُترك في يده ولا يُضمّ إليه غيره إلا برضاه.
وعلى القولين جميعا إن جاء صاحبها ولا فهي له.
والسابع: أن يجدها مُكاتب، فإن عجز ولم يجئ صاحبها فهي لسيده، وإن لم يعجز فهي له3.
والثامن: أن يجدها ذِميّ فحكمه حكم المسلم4.
والتاسع: أن يجدها مسافر فإنه لا يُسافر بها، ولا يخرجها من العمارة حتى يُعرّفها سنة5.
والعاشر: أن يجدها مجنون فحكمه حكم الصبي والمحجور عليه للسفه6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المعتمد في المذهب أن لقطة المرتد تصح حال ردته، وتُنزع منه، وتوضع عند عدل، ويعرّفها المرتد مع مشرف، فإن شاء تملّكها فتكون كسائر أملاكه موقوفة، فإن عاد إلى الإسلام فهي له، وإلا ففيء.
زانظر: مغني المحتاج 2/407، حاشية الجمل 3/604، حاشية الشبراملسي 5/429.
2 أظهرهما: لا تُقر في يده؛ بل تنزع منه وتوضع عند عدل. افشراف 1/296، الروضة 5/393.
3 انظر: الأم 4/71، الحاوي 8/21، الروضة 5/398.
4 هذا المذهب، وقيل: لا يجوز له الالتقاط. التنبيه 132-133، الحاوي 8/15، الروضة 5/392.
5 تحفة الطلاب 2/160-161.
6 انظر: المصادر السابقة في حاشية النوعين الثالث والرابع من هذا الباب.

 

ص -286-     باب العُمرَى والرُّقبى /1
والعُمرَى2 نوعان3:
أحدهما: أن يقول: "داري هذه لك عمرك على أنك إن مُتَّ قبلي فهي راجعة إليَّ".
والثاني: أن يقول: "داري هذه لك، ولعقبك فإن ماتوا قبلي فهي4 راجعة إليّ".
والرُّقبى على ضربين5:
أحدهما: أن يقول: داري هذه لك، فإن مُتَّ قبلي رجعت إليَّ، وإن مُتُّ قبلك كانت لك".
والثاني: أن يقول كل واحد منهما لصاحبه: "داري هذه لك ودارك لي /6 على أنّي إن مُتُّ قبلك رجعت إليك دارك، وإن مُتَّ أنت قبلي رجعت إليّ داري"، وتقابضا على ذلك.
فالشرط في هذا كله باطل7، والعطية جائزة8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نهاية لـ (18) من (ب).
2 العُمْرى – بضم العين وسكون الميم – مأخوذة من العمر؛ لأنه يجعلها عمره، والرُّقبى – بضم الراء وسكون القاف – مأخوذ من المراقبة والرقوب، كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه.
وانظر: الزاهر 311، تحرير ألفاظ التنبيه 240، تهذيب الأسماء 3/1/124، المغني لابن باطيش 2/453.
3 الأم 4/66، الروضة 5/370، كفاية الأخيار 1/202.
4 في (أ) (رجعت إليَّ).
5 المصادر السابقة، ومغني المحتاج 2/398، فتح الوهاب 1/260.
6 نهاية لـ (43) من (أ).
7 المصادر السابقة.
8 هذا الصحيح من المذهب، وهو قول الشافعي في الجديد، وأكثر القديم، وانظر: المصادر السابقة، والحاوي 7/541، الحلية 6/63.