اللباب في الفقه الشافعي

ص -287-     كتاب الآجال1
الأجل ضربان2: أجل مضروب بالشرع، وأجل مضروب بالعقد.
فأما الأجل المضروب بالشرع فثلاثة وعشرون نوعا3:
العدّة، والاستبراء، والهدنة، والزكاة، والجزية، والعِنَّة، واللّقطة، والرّضاع، والحمل، وخيار الشرط، وخيار المجلس، وخيار المصرّاة، وأقل الحيض، وأكثر الحيض، وأقل الطهر، وأقل النفاس، وأكثر النفاس، ومدّة مقام السفر4، ومدّة مسح المقيم، ومدّة مسح المسافر، ومدّة البلوغ، والمدّة التي تحيض لها النساء، ومدّة الإياس.
وأما الأجل المضروب بالعقد فعلى سبعة أضرب5:
أحدها: عقد، يُبطله الأجل، وهو اثنان: الصّرف، ورأس مال السّلَم.
والثاني: عقد لا يصحّ إلا بأجل، وهو: الإجارة، والكتابة.
والثالث: عقد يصحّ حالا ومؤجلا، مثل: بيوع الأعيان، وبيوع الصفات.
والرابع: عقد يصحّ بأجل مجهول، ولا يصحّ بأجل معلوم، وهو: الرهن، والقِراض، وكفالة البدن، والشركة والنكاح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مراده الأوقات والمُدَد، ومواضعها في الشريعة.
2 نقل هذين النوعين بتمامهما – عن المصنف- العلائي في: المجموع المذهب 154-157.
3 الأصول والضوابط للنووي 33، 34، 35، الأشباه والنظائر لابن الوكيل 1/303، المنثور 3/194-195، الأشباه للسيوطي 393، تحرير التنقيح 69.
4 أي: مدة الإقامة في السفر التي يجوز فيها القصر والجمع وغيرهما.
5 تحرير التنقيح 69، تحفة الطلاب 2/164، المجموع المذهب 156.

 

ص -288-     والخامس: عقد يصحّ بأجل مجهول، وبأجل معلوم، وهو اثنان: العارية، والوديعة.
والسادس: عقد يصحّ بأجل مجهول ولا يصحّ بأجل معلوم، ويسقط الأجل ويبقى العقد، وهو العُمرَى والرُّقبى.
والسابع: أجل يختص بالرجال دون النساء، وهو: أجل الجزية.
باب الحجْر
والحجْر نوعان:
أحدهما:
الحجْر في شيء خاص1، مثل: أن يرهن شيئا فلا ينفذ تصرّفه فيه، أو يُكاتب عبده فلا يتصرّف فيه، ولا يبيع عبده الآبق والمغصوب، والمبيع قبل القبض وما شابه ذلك.
والنوع الثاني: من الحجْر وهو: الحجر العام، وهو على سبعة أضرب2:
حجْر إفلاس، وحجْر سفه، وحجْر جنون، وحجْر صِغر، وحجْر رقٍّ، وحجْر مرض، وحجْر ارتداد.
فأما حجْر الإفلاس: فإنه يقع في المال وحده، ويرتفع بارتفاع الإفلاس3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما حجْر السفه: فإنه يقع في المال، والعقود، والإقرارات، فيرفع الحاكم عنه بالرُّشد4.
1 المنثور 2/30، 31، 32، فتح العزيز 10/275، الإرشاد 2/43، 44، 45، جواهر العقود 1/163.
2 الحاوي 6/342، الغاية والتقريب 31، التذكرة 92.
3 جواهر العقود 1/163.
4 الإقناع للشربيني 1/277.

 

ص -289-     وأما حجْر الجنون: فإنه يقع في كل شيء، ويرتفع بزوال الجنون1.
وأما حجْر الصِّغر: فإنه يرتفع بالبلوغ وإيناس الرّشد2.
وأما حجْر الرّق: فإنه حق للسيد3.
وأما حجْر المرض: فإنه يقع في ثلثي المال إذا أخرجهما عن ملكه بلا عِوض، وفي كل المال مع الورثة، ويرتفع بالصحة4.
وأما حجْر الارتداد: فإن عاد إلى الإسلام نفذ تصرّفه، وإلا فلا5.
واثنان منهما يحتاج6 إلى حكم الحاكم: الإفلاس، والارتداد، وثلاثة منها ترتفع بنفسها: الجنون، والصِّغر، والرِّق، وواحد يرتفع بالحاكم وهو: الولد إذا بلغ سفيها ثم صار رشيدا7.
باب الإفلاس8
وإذا حجر الحاكم على رجل لإفلاسه، فإن غرماءه على ضربين /9:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التنبيه 103، الأنوار 1/286.
2 مختصر المزني 203، الإقناع للماوردي 104-105.
3 جواهر العقود 1/163.
4 المنثور 2/29، فتح المنان 273.
5 المنثور. الصفحة السابقة.
6 أي: يحتاج رفعهما.
7 انظر: الحاوي 6/363، التنبيه 103، الروضة 4/147، جواهر العقود 1/163، الإقناع للشربيني 1/276، 277.
8 كره بعضهم أن يقال: (باب الإفلاس) – كما سماه المصنّف – قالوا: "لأن الإفلاس مستعمل في الإعسار بعد اليسار، والتفليس مستعمل في حجْر الحاكم على المديون، فهو أَلْيَق". وانظر: الحاوي 6/264، تحرير ألفاظ التنبيه 195.
9 نهاية لـ (44) من (أ).

 

ص -290-     أحدهما: ما يلزم بحق الشرع، مثل: النفقة، والسكنى، والكفن، والكفّارات1.
والثاني: ما يلزم بالمعاملة.
فأما ما يلزم بالشرع فإنه يُقدّم على سائر الديون2.
وأما ما يلزم بالمعاملة فعلى ضربين:
أحدهما:
ما يلزم بسبب الإفلاس مثل أجرة الدلاّل، والمنادي3.
والثاني: ما يلزم بغير ذلك السّبب.
فأما ما يلزم بسبب الإفلاس، فإنه يقدّم على سائر الديون اللازمة بالمعاملة4.
وأما ما يلزم بغير سبب الإفلاس فهو على ضربين5:
أحدهما: ما يلزم بعد الحجْر.
والثاني: ما كان لازما قبل الحجْر.
فأما ما يلزم بعد الحجْر بالإقرار ففيه قولان6:
أحدهما: يؤخر على سائر الديون.
والثاني: أنه وسائر الديون سواء.
وأما ما يلزم قبل الحجْر فهو على ضربين:
أحدهما
: أن يكون في يده رهن.
والثاني: أن لا يكون في يده رهن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التنبيه 151، مغني المحتاج 3/3، تحفة الطلاب 2/169.
2 المصادر السابقة.
3 فتح العزيز 10/209، الروضة 4/133.
4 انظر: المصدرين السابقين.
5 مغني المحتاج 2/149.
6 انظر: الروضة 4/132، الأنوار 1/281، مغني المحتاج 2/149.

 

ص -291-     فإن كان في يده رهن فهو أحق به1.
وإن لم يكن في يده رهن فهو على ضربين:
أحدهما: أن لا يجد عين ماله، فإنه يضرب من حقه بسهم مع الغرماء2.
والثاني: أن يجد عين ماله، فهو على خمسة أحوال3:
أحدها: أن يجد عين ماله بحالها.
والثانية: أن يجدها زائدة.
والثالثة: أن يجدها ناقصة.
والرابعة: أن يجدها زائدة من وجه وناقصة من وجه.
أن يجدها مختلطة بغيرها.
فإن وجدها بحالها فهو أحق بها من سائر الغرماء4.
وإن وجدها زائدة، فهي على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن تكون زائدة في الصّفة مثل السمن، والصحة، وارتفاع الغرر وما شابههما، فإن البائع أحق بها5.
والثاني: أن تكون الزيادة متميزة مثل الطّلع، والتمر فإنه للغرماء6.
والثالث: أن تكون الزيادة أثرا لا عينا كقِصارة الثوب وما في معناها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التنبيه 182، عمدة السالك 121.
2 الأم 3/205، الإشراف 1/140.
3 عند تفصيله الكلام فيما بعد لم يذكر الحالة الثالثة، وهي حالة النقصان، والحكم فيها: أنه إن وجدها ناقصة كأن يبيع عبدا فيجد يده مقطوعة ففي هذه الحالة له فسخ البيع، والرجوع في العبد، وإن شاء تركه للمفلس وضارب مع الغرماء بثمنه. وانظر: التنقيح 186/ أ، حاشية الشرقاوي 2/181.
4 الأم 3/203، معالم السنن 3/157، الإقناع لابن المنذر 1/274.
5 الوجيز 1/174، الأشباه والنظائر لابن الوكيل 2/256، المنهاج 58.
6 ولا شيء للبائع. الحاوي 6/279، المهذب 1/324، نهاية المحتاج 4/345.

 

ص -292-     ففيها قولان1:
أحدهما: أن الغرماء شركاء فيما زاد بالقصارة.
والثاني: أن الثوب للبائع ويعطي أجرة القصارة2.
وأما الذي هو زائد من وجه وناقص من وجه، فهو على أربعة أضرب3:
أحدها: أن تكون زيادته ونقصانه في الصفة4 فهو للبائع لا شيء له في النقصان ولا شيء عليه في الزيادة.
والثاني: أن يكون نقصانها في الصفة5 وزيادتها في الذات6 أو الأثر، فحكمها حكم ما لو وجدها غير ناقصة.
والثالث: أن تكون ناقصة في الذات زائدة في الصفة7، فإنه يأخذها ويضرب مع الغرماء بالنقصان.
والرابع: إن وجدها ناقصة في الذات وزائدة في الذات8، فلا تخلو من ثلاثة أحوال: إما أن تكون الزيادة أكثر، أو النقصان أكثر، أو هما سواء، وأيّهما كان فإنه يردّ الزيادة ويضرب بالنقصان مع الغرماء9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصحهما: الأول. الأم 3/207-208، الحاوي 6/303، مغني المحتاج 2/163.
2 وردَّ بعضهم هذا، وقالوا: لا أجرة عليه. فتح العزيز 10/271.
3 التنقيح 186/ أ، تحرير التنقيح 71، تحفة الطلاب 2/171-172.
4 كسِمَن عبد وعَرَجِه.
5 كعَرَج العبد.
6 كما لو باعه أمة فولدت.
7 كما لو باعه عبدين فمات أحدهما وسَمِن الآخر، أو باعه عبدا أميا سليما فوجده أعوَر متعلّما.
8 كما لو باعه أَمَتَين فماتت إحداهما وولدت هي أو الموجودة ولدا.
9 الحاوي 6/ 277

 

ص -293-     وإن وجدها مختلطة بغيرها، فلا تخلو من ثلاثة أحوال1: إما أن يجدها مختلطة بمثلها، أو بأجود منها، أو بأردأ منها.
فإن وجدها مختلطة بمثلها أخذ منه مثل عين مالِه2.
وإن وجدها /3 مختلطة بأردأ منها فالجواب كذلك4.
وإن وجدها مختلطة بأجود منها ففيه ثلاثة أقاويل5:
أحدها: يضرب مع الغرماء بقيمته.
والثاني: أن يكون شريكا في ذلك مثل: أن يكون زيت البائع يساوي درهما، وزيت المبتاع يساوي درهمين، كان شريكا على الثلث والثلثين.
والثالث: خرّجه ابن سُريج – رحمه الله – أنه يأخذ مثل ثلثي6 زيته7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحاوي 6/300، منهج الطلاب 50.
2 الأم 3/207، افشراف 1/140.
3 نهاية لـ (45) من (أ).
4 الحلية 4/514، السراج الوهاج 228.
5 أصحها الأول. الأم 3/207، الحلية 4/515، الروضة 4/169، مغني المحتاج 2/163.
6 في (ب) (ثلث).
7 قول ابن سريج في: فتح العزيز 10/266.