اللباب في الفقه الشافعي

ص -294-     كتاب الوقف
جامع ما يتبرع به الإنسان من ماله يقع على ستة أوجه1: الوصيّة، والهبة، والصدقة، والعُمرى، والرُّقبى، والوقف.
فأما الوقف فإنه يتمّ بثلاثة شرائط2:
أحدها: أن يكون الموقوف عليه موجودا حين الوقف.
والثاني: أن يقول بعد قوله: (صدقة) أحد الألفاظ الخمسة3: إما أن يقول: مسبّلة، أو مُحبّسة4، أو مُحرّمة، أو موقوفة، أو مؤبّدة.
والثالث: أن يُخرجه عن ملكه على أحد الوجهين، وفيه ثلاثة أقاويل5:
أحدها: يزول ملكه عنه إلى الموقوف عليه.
والثاني: يزول ملكه عنه لا إلى مالك.
والثالث: لا يزول ملكه.
باب إحياء الموات
البلاد ضربان6: بلاد كفر، وبلاد إسلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحاوي 7/475.
2 التنبيه 136، عمدة السالك 138، الإقناع للشربيني 2/27، فتح المنان 310.
3 الحاوي 7/518، جواهر العقود 1/315.
4 في (ب) (أو حبيسة).
5 أظهرها: أن الملك في رقبة الوقف ينتقل إلى الله تعالى. الحلية 6/13، الروضة 5/342، مغني المحتاج 2/389.
6 الحاوي 7/502.

 

ص -295-     فبلاد الكفر لمن غلب عليها1.
وبلاد الإسلام نوعان2: عامر، وخراب.
والخراب نوعان3:
أحدهما: ما كان عامرا فخرب فإنها لأهلها لا تُملَك بإذنهم.
والثاني: ما لم يزل خرابا فهو على نوعين4: معادن، وغير معادن.
فأما غير المعادن فهي لمن أحياها5.
وأما المعادن فعلى ضربين6: ظاهر، وباطن.
فأما الظاهر فلجميع المسلمين، فإن ضاق نُظِر: فإن جاء بعضهم أولا قُدِّم الأول7، وإن جاءوا معا قُدِّم بالقرعة8.
ولا يجوز للسلطان إقطاعه، قولا واحدا9.
وأما الباطن فنوعان10:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مغني المحتاج 2/362.
2 جواهر العقود 1/300.
3 مختصر المزني 229.
4 المصدر السابق: 230.
5 الأم 4/43، شرح السنة 8/271.
6 فتح الوهاب 1/255.
7 المهذب 1/425، الأنوار 1/408-409.
8 هذا المذهب، والقول الثاني: يُقدِّم السطان باجتهاده ويقدّم من رآه أحوج، والثالث: يقسم بينهم.
وانظر: الحلية 5/507، مغني المحتاج 2/372.
9 الحاوي 7/491.
10 المصدر السابق 7/500.

 

ص -296-     أحدهما: ما /1 عمل فيه في الجاهلية.
والثاني: ما لم يعمل فيه.
فأما الذي عمل فيه في الجاهلية فهل يجوز للسلطان إقطاعه؟ على أحد قولين2.
فإذا جوّزنا له الإقطاع فأقطعه، أو لم نجوّزه فأعمره إنسان فهل يملكه بملك الأرض إذا أحياها أم لا؟ على قولين3:
أحدهما: يملكه.
والثاني: لا يملكه، وهو أحق به ما دام يعمل فيه، فإذا قطع العمل لم يمنع عنه غيره4. وأما ما لم يعمل فيه في الجاهلية، فإن للسلطان إقطاعه، قولا واحدا5.
باب الحِمى6
الحِمى الذي لم يختلف القول فيه حِمى رسول الله صلى الله عليه وسلم7.
وفي حماية الإمام قولان8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نهاية لـ (19) من (ب).
2 أظهرهما: الجواز. الحاوي الصفحة السابقة، الروضة 5/303.
3 أصحهما: الثاني. الحاوي 7/498، المهذب 2/425.
4 الأم 4/44.
5 التنقيح 186/ ب، فتح المنان 308.
6 الحمى المكان المحرم وطؤه الذي لا يرعى عشبه ولا يُقطع.
تحرير ألفاظ التنبيه 234، المغني لابن باطيش 1/426، المصباح 153.
7 الأم 4/48، شرح السنة 8/273.
8 أي حمايته لكافة المسلمين، أو للفقراء والمساكين، وأصح القولين الجواز إذا لم يضر بالناس. الأحكام السلطانية 183، التنبيه 131، الحلية 5/513.

 

ص -297-     وكل سلطان أقطع من حماه فهو جائز ، إلا ما حماه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فمن أعمره أو أقطعه نُقِضت عمارته، وردّ الحمى إلى حاله .
وقيل في حماية الخلفاء الأربعة – رضي الله عنهم – قول آخر: أنه لا يجوز إقطاعه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  1"الأم 4/51، المهذب 1/426.
  2"مختصر المزني 230.
  3"الأحكام السلطانية 186، الحاوي 7/485.